الدرس 12:
و
قال أبو الطيب ـ رحمه الله ـ :
" فَائِدَة أُخْرَى شَرَائِط تَحْصِيل الْعلم كَثِيرَة وَمِنْهَا مَا نُقل عَن سُقراط" ـــ في حاشية الأصل زيادة تُضاف إن شاء الله عند الطبع.... الطبعة الحجرية نعم ـــ " وَمِنْهَا مَا نقل عَن سقراط وَهُوَ قَوْله: يَنْبَغِي أَن يكون الطَّالِب شَابًّا فارغ الْقلب " ـــ يعني هذه تُعِينه كلما كان أنشط وقلبه أفرغ للعلم كان إليه أدفع تعينه ـــ " غير متلفت إِلَى الدُّنْيَا" ــ شَابًّا فارغ الْقلب غير مشغول بالدنيا غير متلفت إليها ـــ " صَحِيح المزاج " ــ يعني ما عنده أمراض وأخلاط تُتعبه ــ " محبًا للْعلم بِحَيْثُ لَا يخْتَار على الْعلم شَيْئا" ــ يعني هذا حب شريف ــ " من الْأَشْيَاء مصدوقًَا منصفًا بالطبع " ــ أي ملازم للصدق والإنصاف ــ" متدينًا " ـــ أي له عبادة وإقبال على الله ـ عز وجل ـ ــ " أَمِينًا عَالما بالوظائف الشَّرْعِيَّة "ــ أي من أذكار وما إلى ذلك مما يتعلق بالمسائل الفقهية وأمور الدين ــ " والأعمال الدِّينِيَّة غير مُخلّ بِوَاجِب فِيهَا وَيُحرِّم على نَفسه مَا يَحرُم فِي مِلَّة نبيه ويوافق الْجُمْهُور فِي محَاسِن الرسوم وشرائف الْعَادَات "ــ وهذا مُتعقَّب، موافقة الجمهور يعني موافق للحق، الجمهور نعم يوافقهم إذا كان الصواب معهم، وغالب الأدلة يأخذون بها، الأصل أنهم يأخذون بالأدلة جمهور الأئمة لا سيما أهل الفقه ، وهذا يقصد به الأكثرية ــ " وَلَا يكون فظًا سيء الْخلق" ــ والحقيقة كل ما ذكره هنا في موضعه ـــ " وَيرْحَم مَن دونه فِي الْمرتبَة وَلَا يكون أكولا وَلَا مُتهتِّكا" ــ وهذا لا يعني أنه لا يأكل حتى يشبع ولكن يعني أنه لا يكون همه البضخ والتفكر في المأكولات همه البطنة، أما أنه يحتاج أن يأكل حتى يشبع لا محظور، " لا أجد له مسلكًا " ، {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} [الأعراف :32].
"وَلاَ يكون مُتهتِّكا" ـــ يعني ماجنًا من حيث الضحك والمزاح، وكذلك التهتُّك وعدم الصيانة ــــ " وَلَا جَامعا لِلْمَالِ إِلَّا بِقدر الْحَاجة" ــــ أمّا إذا شُغل بالمال صَرفه عن العلم ــــ " فَإِن الِاشْتِغَال بِطَلَب أَسبَاب الْمَعيشَة مَانع عَن التَّعَلُّم انْتهى " ــــ كل ما ذَكره في هذا الموضع على ما فيه سقراط ما علينا منه لكن هي عبارة عن حِكم ، وجاء عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كلمة الحكمة ضالة الحكيم" وساقها ثم ساق بعد ذلك هذه الأقوال، ربما يتكلم بها من ليس لها بأهل ثم تقع إلى أهلها، وهو أحق بها من الذي قالها ، طيِّب هذه الأشياء يُضاف إليها الذكاء والحرص وربما يتداخل معها والاجتهاد، ذكاء وحرص واجتهاد والبلغة، سيأتي ـ ذكاء وحرص واجتهادة وصحبة أستاذ ـ أي ما يكون بينك وبين أستاذك نُفرة، وملازمة الأستاذ حتى تأخذ ما عنده مما ترى أنه قد أخذت ما عنده و لك أن تنصرف مع احترام وتقدير هكذا فليكن، أما المهاترات بينك وبينه هذا لا يصلح، ــ وصحبة أستاذ وطول زمن.ــــــ
" وَمِنْهَا تَزْكِيَة الطَّالِب عَن الْأَخْلَاق الرَّديئَة "ــــ يتجنبه ويترفعه، بدون كبر ولا تعالي ولكن صيانة من العفة شأن صيانة تشمل العفة ، تشمل كذلك أيضا الخلق الحسن والكرم وما إلى ذلك مما يستطيعه ــــ " وَمِنْهَا الْإِخْلَاص فِي مقاسات هَذَا المسلك وَقطع الطَمع عَن قبُول أحد وتقليل الْعَوَائِق حَتَّى الْأَهْل وَالْأَوْلَاد والوطن فَإِنَّهَا صارفة شاغلة "ـــــ وهذا لا يَمنع الزواج الشرعي، قطع الطمع نعم عن قبول أحد؛ يعني لا يكون عبارة أن يترأس لك قوم يُشغل بهم كأنك تترأس العلم ، يعني ما أنت مشغول بمشيخة ولا مشغول بمندرة أنك تكون شيخ قبيلة تحكم وتقضي والجلوس و ما إلى ذلك وهاك تسرّح بنادقة وتصرحوا البنادق وأنت تسوي العدالة هذه فتنة، ولا أنت مشغول كذلك أن تكون وزيرًا ولا محافظًا ولا حتى رئيس دولة، كل أحد له شأنه، إذا شُغلت بغير العلم ضاع عنك العلم ـــــ " وَمِنْهَا الْإِخْلَاص فِي مقاسات هَذَا المسلك وَقطع الطمع عَن قبُول أحد وتقليل الْعَوَائِق حَتَّى الْأَهْل وَالْأَوْلَاد والوطن فَإِنَّهَا صارفة شاغلة {مَا جعل الله لرجل من قلبين فِي جَوْفه} وَترك الكسل وإيثار السهر فِي اللَّيَالِي والعزم والثبات على التَّعَلُّم إِلَى آخر الْعُمر "ــــــ هذه نَصائح ذَهبية بل أغْلى صحيح يعني حِكم ممن جاءت لكن هذا شيء لا شك فيه أنها من أسباب الحصول على العلم ــــ " كَمَا قيل الطّلب من المهد إِلَى اللَّحْد وَقَالَ تَعَالَى لرَسُوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ {وَقل رب زِدْنِي علما} " ـــــ هذا وهو أعلم الخلق بالله ـ عز وجل ـ أعلم الخلق على الإطلاق ـــــ" وَقَالَ {وَفَوق كل ذِي علم عليم} فَإِن مَرَاتِب الْكَمَال مُتَفَاوِتَة وَهِي فِي حد ذَاتهَا كَثِيرَة
وَمِنْهَا :اخْتِيَار معلم نَاصح نقي الْحسب كَبِير السّنن أَمِين متدين لَا يلابس الدُّنْيَا " ــــــ اختيار "معلم نقي الحسب"ــــ يعني من حيث لا يعني على أنه لكن من حيث الصيانة "كبير السن " للتجارب وللمعرفة وللعلم الذي قد تحصَّل عليه "أمين متدين " يُعرف عنه الدين يُعرف منه الأمانة، "لَا يلابس الدُّنْيَا" أي ليس مشغولا بها يأخذ منها بلغته ــــ" بِحَيْثُ تشغله عَن دينه ويسافر فِي طلب الْأُسْتَاذ إِلَى أقْصَى الْبِلَاد وَيُقَال أول مَا يُذكر من الْمَرْء أستاذه فَإِن كَانَ جَلِيلًا جلّ قدره " ــــ يعني على حسب، هذا لو قيل مثلا هذا الرجل من طلاب القرضاوي تُحبه أو تَكرهُه؟! ينزل من عينك، لكن هذا الرجل من طلاب الإمام فلان ، العالم فلان ابن باز ، الألباني ، العثيمين ، الوادعي ، فلان من الأئمة الذين عُرف دينهم أئمة الدين، بقد ما يَزكُو الإنسان في دينه يُفتخر بالانتساب إليه، فتجد من ليس من أهل الانتساب إليهم ينتسب إليه وإن لم يجد إلا جلسة يحاول أن ينتسب إليه ؛أنا من طلاب فلان، من أجل دينه وعلمه وورعه وما مكَّنه الله ـ عز وجل ـ من الخير المحتاج إليه عند الأمة، وتجد بعض من يتتلمذ على بعض الضائعين أو بعض المبتدعة يُحاول أن يَتملَّص من ذلك التتلمذ أنا ما جلست عنده إلا جلسة أنا ما أخذت عنه إلا كذا يَتخلص من ذلك التتلمذ الذي هو يُعتبر شؤمًا عليه، ومَردُّ ذلك إلى تقوى الله ـ سبحانه وتعالى ـ فمن حقق تقوى الله وأحبه الله ـ سبحانه وتعالى ـ أحبه عباده ووَضَع له القُبول في الأرض بقدر علمه ودينه {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا}[ الأنعام :132]، فليس هو بالذكاء ولا أنك أخبط فلان حتى أنك إذا خبطت فلان تَركه الناس وأخذوا بك هذا ما هو بصحيح، ولا أنك أيضا يعني خالي الساحة تصفو لك ولا هذا ولا ذاك، وإنّما شيء بقدر التقوى لله ـ سبحانه وتعالى ـ وملازمة السنة والتوحيد والهدي النبوي والاستقامة على ذلك وكثرة ذكره وشكره .
وتَأمَّلوا في أناسٍ مَضوا على الهدى؛ كابن المبارك وسفيان الثوري ، وأمثال هؤلاء وإن لم يكونوا معصومين لكن كان خيرهم أكثر من شرهم ، ولا تزال تَراجمهم مُشرقة نيِّرة ومن دُونَهم أيضا.
والزمخشري وأمثال هؤلاء من المعتزلة من حيث الذكاء أعطوا ذكاء إلا أن العلم الذي عندهم، والضَلال أعني الذي عندهم نكبهم.
فالسنة السنة، والعلم العلم، والتقوى التقوى والتوحيد، ولا عليك بعد إقامة دينك بمن قال فيك أو لم يَقل فيك فإن الأمر لله ـ سبحانه وتعالى ـ من قبل ومن بعد ــــ
" وَيُقَال أول مَا يُذكر من الْمَرْء أستاذه فَإِن كَانَ جَلِيلًا جلّ قدره وَإِذا وُجد يُلقي إِلَيْهِ زِمَام أمره ويذعن لنصحه إذعان الْمَرِيض للطبيب" ـــ هذا فيه شيء من المبالغة، نعم" ُيلقي إِلَيْهِ زِمَام أمره" نعم النصح مقبول من المُعلم والإجلال للمعلم بقدر ما هو فيه أقصد ماذا من الخير والعلم إجلالا شرعيًا، تبجيلا شرعيا هذا لابد منه شرعا، والتفريط فيه تفريط في شيء مُهم، و احترام الطالب الجاد المؤدَّب أمر مُهم، وفي جامع بيان العلم ما يُدرك هذا كلَّه سنمرُّ عليه ويُبيِّن هذا بفضل الله ، وفي كتاب تذكرة السامع والمتكلم أيضا من هذا خير كثير ، والكتب التي تعني بهذا ومنها هذا الجزء، نحن نريد أن نُنبِّه على مسالة وهي: أنه ليس كالميت بين يدي مُغسِّله ولكن كالمريض الذي يطلب العلاج، قوله ــ " إذعان الْمَرِيض للطبيب "ــــ العالم مُعلم وعنده ما ينفع الطالب ، والطالب ما جاء عند العالم إلا ليدفع هذا الجهل عنه فهو يتعالج من مرض عنده، قد يأتي هذا الجاهل هذا الذي هو عنده أمراض عنده أمراض مثلا ، تلطخات بما عنده من البلد، من الجهل مما قد سمعه من فلان ، من خطيب، من واعظ، من مُدرِّس، من كذا،جاء لُيزيل هذا الشيء هذا لا يُنتقد أن يحصل منه شيء مما يُنبه عليه ويُوجه عليه حتى يَستقيم حاله، وحتى يَصلح حاله، وحتى أيضًا يعني ما جاء إلا لهذا المعنى، فهو كمريض جاء يتعالج، المريض يذهب يقول أنا عندي مرض كيت وكيت وكيت أريد يعني عرض عليك هذه الأمور وأن تنظر ولذلك يَصرف لها الدواء فهذا لا يُنتقد، إنما المُنتقَد هو أن لا يكون كالميت بين يدي مُغسِّله مُقلد لكل ما هبّ ودبّ، لا لا تقليد وإنما على بصيرة ونور، واحترام وتقدير، والتماس الدليل، وتعاون على البر والتقوى، وغير ذلك مما ينفع الله به الإسلام والمسلمين.
فلا جفاء حتى يكون مُدرِّسك عندك لاشيء صحيح يا إخوان، هذه عبارة عن مناقشة للجميع مُدرِّ سك لا يكون ولا أيضا تقليد وتعظيم وتبجيل حتى ترتكب مع ذلك ما حرم الله وتترك يعني الأمر الشرعي إلى التعصب الذميم والتقليد الأعمى لذلك الشخص وعلى هذا المعنى يقول بعضهم :
فلا جفاء حتى يكون مُدرِّسك عندك لاشيء صحيح يا إخوان، هذه عبارة عن مناقشة للجميع مُدرِّ سك لا يكون ولا أيضا تقليد وتعظيم وتبجيل حتى ترتكب مع ذلك ما حرم الله وتترك يعني الأمر الشرعي إلى التعصب الذميم والتقليد الأعمى لذلك الشخص وعلى هذا المعنى يقول بعضهم :
قم للمعلِّم وفِّه التبجيلا ***كاد المعلم أن يكون رسولا
يعني يُلزمه بأمر غير شرعي إجلالا للمدرِّس الذي الله أعلم بحاله .ــ
" وَإِذا وُجد ـــ أي المعلم المقصود ـــ يُلقى إِلَيْهِ زِمَام أمره " ــ في حدود الأمر الشرعي ــ " ويذعن لنصحه إذعان الْمَرِيض للطبيب
وَمِنْهَا أَن يَأْتِي على مَا قَرَأَهُ مستوعبا لمسائله من مباديه إِلَى نهايته بتفهيم واستثبات بالحجج وَأَن يقْصد فِيهِ الْكتب الجيدة المستندة وَأَن لَا يعْتَقد فِي علم أَنه حصل مِنْهُ على مِقْدَار لَا يُمكن الزِّيَادَة عَلَيْهِ فَإِن هَذَا طيش يُوجب الحرمان"ــ نسأل الله العافية يُنتبه لهذه الفائدة، يعني قوله أنه مع تمكُّنه وإطلاعه وأنه وأنه خلاص يعني قد بلغ الذروة، هو والله يموت وهو بحاجة إلى بعض المسائل من المسائل قد تكون من الصغار يحتاجها.
ما حوى العلم جميعا أحد لا ولو مارسه ألف سنة
إنما العلم كبحر زاخر فاتخذ من كل شيء أحسنه
إلى هنا بارك الله فيكم. اهـ
فرغه راجي رحمة الغفور
أبو عبد الرحمن إبراهيم أوموسي
غفر الله له ولوالديه
4 ربيع الأول 1433هـ
أكادير المغرب الأقصى
أبو عبد الرحمن إبراهيم أوموسي
غفر الله له ولوالديه
4 ربيع الأول 1433هـ
أكادير المغرب الأقصى