بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده لا شريك له والصلاة والسلام على أشرف الخلق نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد
إسهاما ولو بالقليل في هذه الشبكة السلفية المباركة،فهذه سلسلة تفريغ
دروس كتاب ( الحطة في ذكر الصحاح الستة )
للعلامة المجاهد يحي بن علي الحجوري
ـ حفظه الله تعالى ـ،
للعلامة المجاهد يحي بن علي الحجوري
ـ حفظه الله تعالى ـ،
ومن باب قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " الدال على الخير كفاعله " أشكر الأخ الفاضل علي بن رشيد العفري على إرشاده أن يكون التفريع من الأول، لكي يكون هذا العمل الطيب أحسن فجزاه الله خيرا على توجيهه.
و سأقوم بوضعها على شكل سلسلة في كل سلسلة درسين أو ثلاثة حسب التيسر، وأسال الله ربي النفع و الإخلاص في القول والعمل.
تفريغ لمقدمة الكتاب :
الدرس الأول:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ,وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد: فهذا كتاب الحطة في ذكر الصحاح الستة للعلامة أبي الطيب السيد الصديق حسان خان القنوجي ـ رحمه الله ـ عالم متبحر في فنون كثيرة ، ومذكور في ترجمته كتبه، ومن شأنه أنه يُترجم لنفسه في أواخر كتبه، كما صنع في هذا الكتاب فإنه ترجم لنفسه هو، وإذا أراد أحد أن يأخذ ترجمته فيأخذ من كلامه فإنه أدرى بما قال وهو عدل في القول في نفسه وفي غيره ، وربما ذكر من فضل الله ـ تعالى ـ عليه وبالغ في ذلك كما في آخر الكتاب ،فله في الفقه كتب ، وهو يعتني أو يستفد كثيرا من كتب الشوكاني، وله في العقيدة : قطف الثمر في عقيدة أهل الأثر فهو كتاب جيّد، والخطأ لا يسلم منه من لم يعصمه الله ـ سبحانه وتعالى ـ وله تفسير وله أحكام القرآن ، والحاصل كتبه كثيرة تُقرأ لمن يُحب أن يعرفها.
وقد كان في أوائل أمره تأثر ببعض ما يقوله أهل الكلام في الصفات وبعض أقوال الأشاعرة ونحو ذلك، فا اطلع على ذلك علامة من نجد وهو حمد بن عتيق ـ عليه رحمة الله ـ وعرف ما في كتب هذا الرجل من العلم إلا أنها فيها دَخلٌ مما يحتاج إلى عناية وتصفية في جانب الصفات ومن جانب تجنب علم الكلام ، وكاتبه برسالة وضُعت ضمن رسالة الصديق حسن خان في أولها ، السيد حمد بن عتيق رسالة جيدة فيها تلطف وفيها نصح ، وفيها ثناء وفيها كذلك كلام تقف عليه ترى أنه أثر في الصديق أثرا بليغا وأرسل له كتاب نونية ابن القيم وبعض الكتب يعني من هذا الباب استفد منها الصديق رحمه الله عليه استفادة جيدة وكان أثر تلك الاستفادة في قطف الثمر .
وكتابه هذا الحطة في ذِكرالصحاح الستة ليس مجرد ذكر لكن عبارة عن ترجمة لهذه الكتب الستة التي سمّاها الصحاح تجوزا، ولنا تنبيه فيها فيما يتعلق بكلمة الصحاح، والمقصود بالصحاح الستة المذكورة في هذا:
- صحيح البخاري.
- وصحيح مسلم.
- وسنن أبي داود .
- وسنن الترمذي .
- وسنن النسائي.
- وسنن ابن ماجة.
- أضاف إلى ذلك مسند أحمد وموطأ مالك،وهذه أمهات تسمى أمهات هذه الستة تسمى أمهات إذا أضيف إليها ما ذُكر مسند أحمد وكذا موطأ مالك فإن هذه أصول الإسلام لا يَندُّ ويَشْرُد عن هذه الكتب المذكورة من الصحاح إلا اليسير،لا يعني ماذا ما احتوته هذه الكتب؟
احتوت على جل صحاح السنة، جل صحاح السنة ، ومنهم من اعتبر الصحيحين مستوعبين لصحاح السنة وهذا منتقد، ولكن يعني القول الصحيح أن الصحيحين وما زاد على الصحيحين في السنن الأربع ومسند أحمد وموطأ مالك اشتملت على جلّ الصحاح لا يَنُدُّ عن ذلك إلا اليسير، لا نعني على أنها ليس هناك صحاح في خارج هذه الكتب ، لكن نعني على أنها اشتملت على معظم السنة الصحيحة ، وهنيئًا لمن اعتنى بهذه الكتب عناية طيبة فائقة ، سواء بدراستها وبتراجمها وبفهمها ولمّا كان هذا الكتاب له عناية بهذه الكتب احتجنا لدراسته ولقراءته والاستفادة منه ، شأننا طلاب علم نُحب الاستفادة ، ونحب الإطلاع ونحب يعني ماذا نفع أنفسنا وغيرنا بما قد ييسره الله ـ سبحانه وتعالى ـ ، والكتاب نستفيد منه ولله الحمد من قديم ، وهو أصل في باب الحطة يعني من حيث كثير من الأمور والمسائل ، ولم يقتصر على ما تقدم من تراجم هذه الكتب بل أتى بمقدمة هائلة ، مقدمة هائلة ما توصل إلى تراجم الكتب الستة إلا بما سيمر بنا إن شاء الله من الكتاب في ثنياه متأخرا، وأمّا في أوائله و يعني ماذا فكتاب شامل لفوائد كثيرة فهو كتاب تراجم ، وانظر فهرسه وكم من التراجم للرجال فيه، وهو كتاب أيضا معرفة كتب وما تنطوي عليه تلك الكتب ، وانظر فهرسه أيضا وربما فات في بعض مسائله فاتنا أو فات بعض مسائلهالشيء الذي يحتاج إلى التدارك عسى أن يحصل تداركه فيما يأتي، وهو كتاب يعني حثّ على العلم، وهو كتاب مصطلح في بعض المسائل في كتب يعني تعريفات للمصطلح مصطلح الحديث وعلومه الحديث ، يعتبر مضاف إلى كتب الحديث وإلى كتب التراجم ,وإلى ما تقدم ذكره .
والحاصل أنه جهد طيب جهد .... يحتاج له البادي ( أي الطالب ) ولا يستغني عنه من هو فوقه.
في بداية الأمر أردت أن أقرأ على إخواني وفقهم الله هذا الكتاب ورأيت الكتاب يحتاج إلى خدمة، نقرأ المقدمة عسى أن يكون فيها خير هي مختصرة.
بسم الله الرحمن الرحيم أما ترجمة الصديق الذي يريد أن يقرأها يعني لمن يُحب أن يقرأها فهيا في آخر الكتاب ـ وإن شاء الله ـ سنمرّ عليها في آخر الكتاب.
الحمد لله على نعمه التي لا تحصى وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الفضل والشكر على ما أولى وما أعطى، وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى.
أما بعد فإن دراسة كتب السنة من خير ما يعتني به أولي العلم والنهى، وذروتها الصحيحين والسنن الأربعة وموطأ مالك ومسند أحمد، التي تضمن كتاب الحطة لصديق حسن خان ـ رحمه الله ـ ترجمتها وبيان عظيم نفعها ،إضافة إلى قواعد وفوائد علمية متنوعة مهمة جدا لمن له عناية بعلم السنة لا يستغني عنها ، فلمّا رأيتها ( أي الحطة) بهذه المثابة النافعة والصناعة الرائعة عزمت على قرأتها على إخواني الدعاة إلى الله ـ عز وجل ـ في درسنا بين مغرب وعشاء غير أنه قد يعرض فيها ما يحتاج إلى إيضاح أو مُصحّف أو خطأ يحتاج إلى إصلاح ، فكان من المهم العناية بذلك لتتميم الفائدة وتقريب المائدة وقد قرب إعلان فتح درسها وزمن ذلك في بلاد اليمن عموما وفي كثير من بلدان المسلمين فتن مزعجة بهرجها ومرجها ولبسها، ولا شك أن خدمة مثل هذا الكتاب لهذا العالم المفضال يحتاج إلى وقت ـ هناك كلمة كانت تضاف يحتاج إلى وقت ـــ مع ما نحن فيه من ضيق الوقت وكثرة الأعمال إضافة إلى ما طرأ بسبب ما تقدم ذكره من التفكير وشغل البال لذلك لا أستطيع خدمة الكتاب خدمة طيبة تقرب للكمال ــ أي في وقت قصيرـ فيسر الله أن تشاركنا فيه أنا وابن أخي الولد حسين بن أحمد بن علي الحجوري ـ حفظه الله ـ فأعانني على تحقيقه بعد عون الله ـ عز وجل ـ وتوفيقه ، فكان الكتاب على هذه الخدمة المُيسرة ، وما حصل من قصور فيه وفي غيره من الأعمال فنسأل الله ـ عز وجل ـ العفو والمغفرة ، هذا وإني لم أُعرِّج على ترجمة مؤلفه لأنه قد ترجم لنفسه في آخر هذا الكتاب بما يُغني عن التكرار في هذا المكان ، ولا يتطلب على ما ذكره عن نفسه كبير بيان ، ونسأل المولى الكريم عز وجل أن يدفع عنا الفتن وأن يتوفانا على التمسك بالسنة وصريح الإيمان.
قال ـ رحمه الله ـ في خطبة كتابه :" محمدلا لله الذي جعل أهل الحديث أهل النبي ــ قوله محمدلا هذا من النحت ،الحمدلة الحسبلة ، الحمدلة (أي الحمد لله ) ، الحسبلة (حسبي الله)، الحوقلة ( لا حول ولا قوة إلا بالله ) نعم يسمونه نحتا ــــ
"محمدلا لله الَّذِي جعل أهل الحَدِيث أهل النَّبِي ــــ أهل الحديث المعني بهم هنا أهل القرآن والسنة العاملون بهما وهم خيرة الأمة ، وقد أخرج البخاري في حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إِنَّ آلَ أَبِي فُلَانٍ لَيْسُوا بِأَوْلِيَاءَ لِي إِنَّمَا وَلِيِّيَ اللَّهُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِين ".
والله ـ عز وجل ـ يقول:{ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ }[الأحزاب : 6] الآية.
وهكذا في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" يُؤْتَى بِالْقُرْآنِ وَأَهْلِهِ الَّذِينَ كَانُوا يَعْمَلُونَ بِهِ تَقْدمُه الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ تَحاجَان عن صَاحِبهما " .
فأهل القرآن هم أهل السنة أهل الكتاب والسنة فهم العاملون بذلك كما نص في الحديث عليه، أهل الله وخاصته هم أهل القرآن على ما دلّ عليه الحديث الآخر .
" خَالِصَة من دون النَّاس فِي أعين البصراء ــــ فهو يسجع بغير تكلف،والسجع بغير تكلف لا محظور فيه، لا محظور فيه، وإنما المحظور في السجع المُتكلَّف وعلى ذلك يُحمل نهي النبي صلى الله عليه وسلم في قوله "سَجْعٌ كَسَجْعِ الكهان " حين جاء ذاك الرجل ــ قال يا رسول الله كيف نأتي مَنْ لَا شَرِبَ وَ لَا أَكَلْ وَلَا نطق ولا استهل َ فَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلَّ ".
قال النبي صلى الله عليه وسلم " سجع كسجع الكهان ".وأمّا بغير تكلُّف فجائز عند أهل العلم كما يقال :
في زخرف القول تزيين لباطله*** والحق قد يعتريه سوء تعبير
تقول ذا مجاج النحل تمدحه**** وإن تشاء قلت ذا قيء الزنابير
مدح وذم ما جاوزت وصفهما ***
إلى آخرها، والحق قد يعتريه سوء تعبير .
والله يقول: { وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا }[ النساء:63]ـــــ
" محمدلا لله الَّذِي جعل أهل الحَدِيث أهل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " ــــ المعيب في هذه النسخة دِقّة خطها فإنك تقرأ تحتاج إلى نظارة ولكن نصبر إن شاء الله ، وإلا فخطها دقيق والله المستعان وطباعتها أيضا ما هي بجيّدة ،إلا أنه هذه كنسخة لماذا للقراءة ، وإن شاء الله تطبع بطبعة جيِّدة على مستواها يعني من حيث نفعها وكما ترى أنها رُوجعت على مخطوطة جيّدة ولله الحمد، نسخة حُجَريَّة يعني من زمن المؤلف ــــ
" خَالِصَة من دون النَّاس فِي أعين البصراء بل صَحبه الَّذين صحبوا أنفاسه القدسية طول الاناء وَإِن لم يصحبوا نَفسه الزكية كصحبة الرُّحَمَاء " ــــــ ثبت في مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ( وَدِدْتُ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا )الحديث إلى آخره دليل على المسالة ـــــ "فيا لَهُم من كرام أخلصهم الله بخالصة ذكرى الدَّار واصطفاهم لنصرة دينه وَحفظ شَرِيعَته وَتحمل عُلُوم نبيه الْمُخْتَار وناهيك بهَا من علياء ومصليا وَمُسلمًا على سيدنَا ومولانا مُحَمَّد الْمَبْعُوث بمزيد الاصطفاء إِلَى الْأمة الأمية" ـــ وشرح الحمد وشرح الثناء متكرر عند الناس وفي كتب كثيرة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ـــ "إِلَى الْأمة الأمية العرباء الناهض بأعباء الرسَالَة " ــ (إننا أمة أميّة لا نحسب ولا نكتب الشهر هكذا وهكذا ) ـــــ ـ والدهر فِيهِ السَّرَّاء وَالضَّرَّاء المعيي بآيَات كِتَابه مصاقع الفصحاء " ــ ما معنى مصاقع جمع مَصقع، والمُصقِع العالي الصوت أو البليغ كما في القاموس ـــــ " والمفحم ببينات خطابه بواقع البلغاء غاية الإفحام والإعياء الراقي ليلة الأسراء فوق السماء مرقى ما ترقى رقية الأنبياء فأكرم به من سماء ما طاولتها سماء وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين السعداء سلالة معشر الحنفاء الكبراء وقدوة أهل التقوى والمغفرة بغير مراء الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا فيا للفخر والبأواء " ـــ ..... البأواء بمعنى الفخر ، البأو بمعنى الفخر ــــ وعَلى أَصْحَابه حماة حمى السّنة السّنيَّة البازغة الغراء وكماة" ــــ جمع كمي وهو الشجاع قال ابن القيم في زاد المعاد الشجاع لا يقال له كَمي إلا إذا كان شاكي السلاح وإلا فهو بطل هكذا قال ابن القيم ـــ " وكماة حلبة الْملَّة الحنيفية السمحة السهلة الْبَيْضَاء وأتباعهم من أهل الحَدِيث وَحَملَة الْعلم ونقلة الرِّوَايَة ورواة الدِّرَايَة جزاهم الله أحسن الْجَزَاء مَا سح قطر الوطفاء على الرياض الْغناء " ــ وحتى الوطفاء هذه يعني كلمات تحتاج إلى معرفة، إلى هنا وفقكم الله .اهـ
الدرس الثاني :
أخ يقول...: ... الحطة هل هي من الإحاطة ؟
لا، الحطّة يعني( وقولوا حطة) كما ذكره ابن كثير أي تخلّصوا مما أنتم فيه و بمعنى من الذنوب، توبوا إلى الله ، فكأنه يقول الحطّة أي التي أرجوا أنها يحطّ الله بها من ذنوبي بذكر الصحاح الستة والعناية بها، فإن العناية بالعلم مما يرفع الله به الدرجات ، ويكفر به الخطايا
{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}[ المجادلة :11].
فالعناية بالعلم يحطّ الله به الذنوب، وربما يكون المقصود كالجِلسة (أي الحطّة ) وَضع هذا الكتاب لهذا المعنى كالجِلسة ،حُطّت وطُرحت في ذكر الصحاح الستة، ومن لازِم هذا المعنى الذي هو الحطّة أنه يرجوا ثواب ذلك، فأهل الخير إذا ألّفوا أهل الهدى يرجون ثواب ذلك وأن تُحط ذنوبهم بالأعمال الصالحة .
حِطَّةٌ: أي تحطُّ عنه خطاياه وذنوبه هذا في النهاية لابن الأثير، جاء حديث " مَنْ ابْتَلَاهُ اللَّهُ بِبَلَاءٍ فِي جَسَدِهِ فَهُوَ لَهُ حِطَّةٌ" . أي تُحطُّ عنه خطاياه وذنوبه و هي فِعلة من حطّ الشيء يحطّه إذا أنزله وألقاه، ومنها الحديث في ذكر حطّة بني إسرائيل وهو قوله تعالى { وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ }[ البقرة :58].أي قولوا حُطْ عنّا ذنوبنا أي توبوا، استغفروا، وارتفعت على معنى مسألتنا حطّة أو أمرنا حطّة، وفيه "جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غصن شجرة يابسة فقال بيده فحطّ ورقها ـ أي نثرها ـ"،ومنه حديث عمر "إذا حططتم الرحال فشدو السروج ـ أي إذا قضيتم الحج وحططتم رجالكم عن الإبل ـ وهي الاكوار والمتاع ـ فشدو السروج على الخيل للغزو .
قال ـ رحمه الله ـ " وبعد فلما من الله تعالى علي وله الحمد والمنّة بتحصيل الكتب الستة في الحديث وقراءتها وأحسن إلي وله العز والبقاء بتكميل تلك الصحف العلية وروايتها انبعثت داعية الشوق مني إلى العثور على تأليف مفرد في هذا الباب مشتمل على ما لا بد من تعلمه لطالب السنة والكتاب ـــ وكأنه أراد أن ما جمعه من هنا مما هو من المهمات التي يحتاج إليها طالب علم الحديث ـــ فلم أحظ بمؤلَف فيه خبرا ولم أجد له في الرسائل المتداولة أثرا ــ يعني ما رأى مؤلَفا مستقلا في ترجمة الكتب الستة مع مقدمة تعتني بما يتعلق بها نعم ، سبقه ابن الأثير ، وسبق ابن الأثير أيضا قبله من اعتنى بالكتب الستة وبالأخص يعني ببعضها، بعضها ما ذكروها عناية طيبة، لكن ما كان في جزء مستقل هذا قوله، هذا يريد أن يكون في جزء مستقل مع زوائد وفوائد على ما ذُكر هنا ،ـــ وَإِن كَانَ ذَلِك فِي الْكتاب مسطورا وَفِي تضاعيف طَبَقَات الْفَنّ مَذْكُورا فخطر ببالي أَن أجمع فِي ذَلِك رِسَالَة بالخصوص مُشْتَمِلَة على ذكر الصِّحَاح السِّتَّة وتراجم مؤلفيها وَمَا يتَّصل بهَا من نفائس فَوَائِد هَذَا الْعلم الْمَنْصُوص يَسْتَعِين بهَا الطَّالِب الْمُبْتَدِئ وَلَا يَسْتَغْنِي عَنْهَا الرَّاغِب المنتهي وَذَلِكَ لِأَن كتب الحَدِيث وَإِن كَانَت فِي نَفسهَا كَثِيرَة ولدى أهل الْعلم شهيرة لَكِن الطَّبَقَة الْعليا مِنْهَا هِيَ الصِّحَاح السِّتَّة الَّتِي خصت بمزيد الصِّحَّة والشهرة وَالْقَبُول وتلقتها الْأمة المرحومة جَمِيعًا من السّلف وَالْخلف تلقيا لَا يحول وَلَا يَزُول واعتنى بروايتها عِصَابَة أهل الحَدِيث عناية تَامَّة وأذعن لضبطها ونشرها فِي كل عصر خاصتهم والعامة ــ وبالأخص صحيح البخاري ومسلم والعناية بالسنن دون صحيح الصحيحين ــ وأذعن لضبطها ونشرها فِي كل عصر خاصتهم والعامة بل عَلَيْهَا اقتصروا فِي قِرَاءَة كتب الحَدِيث وتدريسه وَبهَا اكتفوا فِي تَحْصِيل سَنَد هَذَا الْعلم وتأسيسه فاستخرت الله تَعَالَى ــ وهذا فيه أن الإنسان إذا أراد أن يَقدُم على بحث يستخر الله يعني فائدة فقط شأن الصالحين يستخرون الله في الأمور التي تحتاج إلى الاستخارة فيهاــ فِي تحريرها واستقدرته فِي تسطيرها وَجئْت بهَا فِي أقل زمَان على قدر وابتدرت لنيل الْمعَانِي ونظم الدُّرَر الْغرَر بَعْدَمَا التقطتها من الزبر الحوافل ــ ، الزبر جمع مَزْبُور وهو كتاب وحَفل يحفُل حفولا اجتمع ، ومنه الحفل الجمع ، احتفلوا اجتمعوا حوافل مُجتمِعات أي الكتب المزبورة المكتوبة المجتمعةــ من الحوافل الكبارـ طيّب ـ من الزبر الحوافل الكبار روما لاقتناص الأوابد ــ رَوْمًا قال الرَوْمُ طلب هو الشيء رامه طلبه كما في مختار الصحاح. ــ لاقتناص الأوابد ــ جمع أَبِدة وهي الداهية تبقى على الأبْدِ، المقصود هنا الفائدة ــ وغب ما اقتطفتها من نفائس الرسائل والأسفار ضبطا لبعض الشوارد راجيا بأن ينتفع بها الصالحون الراغبون في علم الحديث وأهله ــ والزيادة من السجع مُتعب ما ينبغي الزيادة فيه، الإكثار منه ما ينبغي الإكثار في السجع ـــ السائرون المارون بحزنه وسهله سيما الولد الأحب الأعز الأقرب ــ يُثني على ولده ــ فلذة كبدي المعنى وثمرة فؤادي المضنى السيد نور الحسن طيب ــ هو أبو الطيب وولده طيب، جاء في التعليق على النسخة في الأصل وُلد يوم الأربعاء 21من شهر رجب سنة 1278هـ وذاك يوم ولد فيه يونس بن مثى النبي صلى الله عليه وسلم ، وكانت فيه غزوة الأحزاب هذا من كلام ترجمة أبي هلال .
قلت: أما قوله ولد فيه يونس بن مثى فيه نظر لعدم الدليل في إثبات تحديد ولادته،
وأما أنه فيه الأحزاب فنعم قال ـــ " بارك الله في علمه وعمره ونهيه وأمره لا انتظاما في سلك المؤلفين وانصباغا بصبغ المصنفين ومن أين لي ذلك والبضاعة من هذا العلم قدر منزور ــ مَنْزُور يعني نزر نزر يسير مُقلَّل ــ قدر منزور والمتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور هذا وقد سميتها بالحط ة في ذكر الصحاح الستة ــ تسميتها كلها بالصحاح منتقد كما في اختصار علوم الحديث للحافظ ابن كثير ـ رحمه الله ـ وهكذا قول الحافظ أبي طاهر السلفي في الأصول الخمسة يعني البخاري ومسلم وسنن أبي داود والترمذي والنسائي أنه أُتِّفق على صحتها علماء ، أو اتفق على صحتها علماء المشرق والمغرب ....، وقد أنكره ابن الصلاح وغيره، ولا يقال هذا من باب التغليب كالقمرين والعمرين لأن الصحيحين إنما هما ثلث السنة الستة والأربعة الباقية يقال عنها سنن ـــ وضمنتها فاتحة وخمسة أبواب وخاتمة أعاذنا الله ومحصليها عن النار الحاطمة فخذها إليك رسالة مفصلة شذورها وعقائلها للمشغوف بإحيائها ودونك مقالة مشروحة أبوابها وفصولها للمستضيء بأضوائها فإنها أولى ما يحفظه قراء الصحاح الستة وطلبة علم الحديث وأحق ما يحصله أهل السنة الطاهرة وخدامها في القديم والحديث ـــ إلى هنا اهـ.
الدرس الثالث:
قال القنوجي ـ رحمه الله ـ:" فقد استيقظت لها والناس نيام ووردت ماءها وهم صيام ــــ الله يرحمه لعل مقصوده هذا الجمع المتعلق بالأصول الستة على هذا التصور على هذا يعني نعم على هذه الصورة ، أما على أطلاقها فغير صحيح فقد اعتنى بها من قبله من أهل العلم من يصعب هنا حصره وهذا تعريفة يسيرة على هذا القول، أقول : الصديق هذا ـ رحمه الله ـ يكثر من السجع بما يعني ، يكثر من السجع مُمل ويفوت جمال الكلام السجع الذي في حدود قد ربما يجعل للكلام جمالا ، والسجع الذي فيه بكثرة يفوت جمال الكلام وقوة الكلام وجزالة الكلام ، فإن الكلام الجَزْل ما هو لابد أن يكون هو يعني السجع بالسجع هذا شيء ، الشيء الثاني أنه إذا تكلم سيأتي بمقدمة بنفسها ربما يسلك مسلك السيوطي ، يسلك مسلك السيوطي ـ رحمه الله ـ في الثناء على نفسه وفي كذلك ومن هذه الكلمة ــــــ وأنا العبد الفقير إلى الله الغني به عمن سواه الشاكر على ما وأهاليها ومحصل فنون الحديث ومتطفل مُواليها ـ أو مَواليها ـ راجي رحمة الرحيم الرحمن دائم الفكر متواصل الأحزان عبد ربه الباري وابن عبده النور الساري أبو الطيب علي بن حسن بن علي بن لطف الله الحسيني المدعو بصديق حسن القنوجي البخاري خصه الله تعالى بالاستفادة والإفادة ــــ هنا يدعو لنفسه ـــ وجعله من الذين لهم الحسنى وزيادة وستر عيوبه بكرمه الضافي ولم يكدر عليه ما منحه من مشرع عطائه النميرــــ النمير هو الماء العذب الصافي ــــ من مشرع عطائه النمير الصافي والمرجو ممن حباه الله تعالى بشيمه الفتوة ـــ بشيمة الفتوة أي أكرمه بالفتوة ، ليس معناه أنه أضاف الشيم إلى الله ولكن إلى نفسه ، شيمة الفتوة ـــ وألبسه حلة المروة أن يسامح إن رأى قد زل ـــ طيب سأعيد الكلام ــ والمرجو ممن حباه الله تعالى بشيمة الفتوة ــ أو بشيمه ــ وألبسه حلة المروة ــ من الناس يرجو من الناس ممن قرأ كتابه ووجد زللا أو خطلا أن يسامح ــ إن رأى قد زل القلم أو دحض القدم فمن ديدن الحر العفو وللخرق الرفو ــ ومعنى الرفو رفا الشيء والرفاء الالتحام والاتفاق ، ورفوه إصلاحه ، ومن ديدن الحر الإصلاح ، وكذلك أيضا سد الخلل ، نظير قول الحريري:
وأن تجد عيبا فسد الخلل*** جلَّ من لا عيب له وعلا ـــ
"والله ولي التوفيق والإجابة وبيده الهداية والإصابة ـ سبحانه انتهت مقدمته وسيدخل في فضل العلم إن شاء الله تعالى إلى هنا وفقكم الله .اهـ
********************************
ملاحظة : النقط(....) عبارة عن كلام غيرمسموع أو غير مفهوم لدي المرجو من الإخوة المراجعة مع سماع الصوتي .
فرغه راجي رحمة الغفور
أبو عبد الرحمن إبراهيم أوموسي
غفر الله له ولوالديه
26صفر1433هـ
المغرب الأقصى
أبو عبد الرحمن إبراهيم أوموسي
غفر الله له ولوالديه
26صفر1433هـ
المغرب الأقصى
تعليق