تويت
(( مُرتَوى الخِلال في ترجمة مُرتَضى أبي بِلال )) بقلم الشيخ المجاهد عبده بن حسين العدني اليافعي ـ حفظه الله ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
مُرتَوى الخِلال في ترجمة مُرتَضى أبي بِلال
بقلم الشيخ الفاضل المجاهد
عبده بن حسين العدني اليافعي ـــ حفظه الله تعالى ـــ
______________________________
بأي مباني الألفاظ والمعاني سأترجم لرفيق دعوتي وخلاني،ذي الهمم العوالي وصاحب المكانة الرفيعة والمعالي،أم بأي صفات وخِلال سأصفه،فقد عزت رتبته فهو عندنا الغالي،وذاع صيته حتى عرفه الأعادي والقاصي والداني،إنه الشيخ الذي شيخه المشايخ،والمجاهد الذي شاهده المرابط المقاتل،جاهد بنفسه وماله وولده ذي الشوامخ،إنه مرتضى المكنى بأبي بلال العدني،الذي عرفته مساجدنا وكأنه صوت بلال بن رباح في أذاّنه،وأبصرته ميادين الوغى كخالد بن الوليد في صهواته،وتحفظه السطور في كتبه ومخطوطاته،كأنه الذهبي في سير أعلام نبلائه،وتشهد له الضيوف في كرمه وكراماته،مشابها حاتم الطائي بلا جاهليته،فعدن دون فيها إخاء،وصبر زرع فيها مركزاٍ،وكتاف جند إليها جيشاٍ،وحجور لا تنسى له تفقدا،ودعوته بلغت المدن والقرى،وإني بهذه الترجمة الموجزة له إنما أُعرّف معروفاً وعلما،وأصف داعية ومعلماًومجاهدا،ولكن ترجم قلمي كما ترجمت سالف الأقلام،ولأجل أخفف بفقده غربة الأيام والآلام،وذكرت له خلالاً حتى لا يقال ضاع الوفاء بين الأنام،ورويت ظلالاً حتى بانت أغصانها بأعذب الكلام،ولعله يكتب لنا فيها حسنات عن هذا الكتاب يوم التلاق والقيام، فهلم العناوين تلك الخلال والظلال وهي على النحو الاّتي :
1- اسمه ومولده ووفاته: هو مرتضى بن محمد بن سالم بن أبوبكر التوي العدني الحضرمي،ولد في مدينة خورمكسر بمدينة عدن وذلك بتاريخ 7- 8-1974م إذ لم يُؤرخ حينها بالهجري،وأما وفاته فكان صباح يوم الاثنين 11شوال1436ه-الموافق 27-7-2015م،الساعة التاسعة صباحا تقريبا.
2-مكان طلبه للعلم وشيوخه: درس في دماج على يد الشيخ مقبل لمدة خمس سنوات،ودرَس مع الشيخ يحيى عند شيخهما عبدا لمصور:الأصول من علم الأصول،ودرس كتاب البيوع عند ابن عثيمين في الحرم المكيودرس دروساً متفرقة على يد الشيخ ابن باز سنة 1994م،وسيأتي ذكر من شيّخه ومن أثنى عليه.
3-سبب التكني بأبي بلال: لأن مرتضى كان يقول:ما اخترت بلالاً إلا لأنه كان عبداً حبشياً إلا أن الإسلام رفعه،لذا فإن قدر الإنسان ليس بالشرف والمال بل بالدين.
4-أولاده وحملهم الرسالة: درس في دماج على يد شيخه الأول:مقبل بن هادي وناهيك به،حتى سمّى أحد أبنائه به:مقبلا؛ ليقبل على الحق، واّخر محمدا – وهو أكبر أبنائه –ليحمد،وثالث وهو:حارثً؛أصدق الأسماء،؛ليصدق،وله من البنات ثلاث جعلهن الله مناراً وكمريم صلاحاً ومسرة وسروراً.
وكان حريصاً على مرافقة أبنائه له في أسفاره الكثيرة وفي جهاده،ألا فاحملوا يا أبناء مرتضى راّية الحق التي سار عليها أبوكم وحافظوا على مركزأبيكم فذلكأعظم بر ؛فبروا أبائكم،فهذا هو الظن بكم بارك الله فيكم.
5-جهوده الدعوية والعلمية: من دماج نهل من علومها وفي زوجه بثها وزرعها وفي دروسه في صبر رتبها وفي مخطوطات سلفه دونها ؛فنبغت زوجه بفضل الله ثم به بحثا وتعليماً وتأليفاًوإرشاداً،وقد اشتركا في الحياة سويا وكذا في تحقيق وتخريج كتاب:(مسند الفردوس)معاً،وسترد له الجميل بنشر ما حقق وما أخرج وعلق من مخطوطات وكذا شروحات ؛لتُرى أسطر مرتضى وإن كان لم يعد يُرى،وما أعظمها من سطور وفاء،ولقد كان لزوجه معيناً في توصيلها لقرى ومدن لتعليم ومحاضرة النساء؛فستصله بإيصال علمه وما كتب إلى الورى.وقد جعل في مركزه محاضرة شهرية ثم كل شهرين يحاضر فيها أبرز طلبة العلم من كل اليمن،وكان يجول اليمن حيناً لوحده وحيناً برفقتنا أنا ونافع العمودي أوأحدنا ليحاضر و نحاضر سويا،وجعل من سيارته ناقلة لنا للمحاضرات والرحلات والزيارات واللقاءات ونقل الدعاة.وكانت دروسه بصبر كالآتي :ففي الصباح درسا في كتابي التوحيد وعمدة الأحكام وفي الظهر تفسير السعدي،وفي العصر صحيح البخاري وثلاث رسائل للإمام أحمد ونزهة النظر،وفي المغرب صحيح مسلم مع أخلاق العلماء حينا وحينا شرح الورقات،وبعد أذّاّن العشاء الأدب المفرد،وبعد طعام العشاء طريقة البحث.
6- رُقي حديثه وحسن توجيهه: أمتاز مرتضى برُقي الحديث بأروع الألفاظ حتى أن السامع إن كان معانداً صار مقتنعاً وإن كان أعرابياً صار متأدباً وإن هو من طلابه أو إخوانه كان له محباً وإن كانت زوجه كان مترفقا،وإن كان طفلاً صيره شاباً كبيراً ؛فهو كثير المداعبة بأجمل كلمة كا ( ياشيبة) (انا أصغركم سناً )وإن راّني اّكل لحماً قال:(فيه نقرس و يأكل لحماً )أو رأى نافع العمودي يأكل رُزاً أو حلوى قال:( فيه سكر ويأكل هذا ليخفّض السكر) وإن رأى بخيلاً أو حريصاً قال:( أنا الحضرمي ولا أنت).
7-من اخلاقه وسلوكه: كتبت زوجُه تقول:(عشت معه عشرين سنة والله ما سمعته يوماً يدندن أو يغني بشيء من الأغاني الحرام...وما سمعناه يوماً سب أو شتم كما يشتم البعض بقول كلمة:يا حمار يا كلب..وغيرها من الألفاظ التي قد يسب بها بعض الناس وقت الغضب،إلا قوله يا عبيط إن غضب على أولاده،وما رأيناه والله نظر الى النساء ولا اختلس النظر إليهن ..كان شديد الثقة بربه سبحانه حتى كان إذا شكونا إليه قلة ذات اليد يقول: أنفق يأتي كالرزق،وكان يقول:هل يعجز ربنا أن يمطر علينا في الحوش من السماء ذهبا؟فنقول:لا،فيقول:أنا واثق بربي أنه سيرزقني؛فانفقِ يأتيك الرزق،ويستدل بحديث اللهم اّت منفقاً خلفاً).
8- الزامه المخالف باحترامه: المخالف لمرتضى إما مبتدع وسفيه؛فهذا كان يعرف جلادة مرتضى فيحترمه ولا يجرؤ عليه،وإما أن يكون المخالف له بعض أهل السنة فهؤلاء إن هجروه سلّم عليهم وإن أعرضوا عنه طرق بابهم وكسب ود بعضهم وأخجلهم . وبلغ في عدله مع على حذيفي وهانئ بن بريك في بداية أمرهما ونحن حاضرون أن قال للشيخ يحيى:(هذان سلفيان لا تحكم عليهما بل احكم علينا وإنما انصحهما وعالج مرضهما)أما بعد أن نتن مرضهما فكان عليهما سيفاً بتاراً.
9- معرفته برؤوس كل فتنة: فقد نجاه الله من كل فتنة وكان ضدها وفوق ذلك وقف في بداية بعض الفتن لمؤسسيها ورؤوسها كفتنة الحزب الجديد،فقد كان أسها ورأسها هو:هانئ بن بريك وعلي حذيفي الشرفي وعرفات البرمكي فوقف لهم ناصحاً وموبخا وكنت وإياه سويا في المعاناة منهم،لكننا لهم صددنا وأفحمنا،وأذكر في ذلك قصة إفحامي ومرتضى لهانئ بن بريك قبل فتنة عبدالرحمن مرعي ،إذ بعد أن كشفنا كذبه ومراوغته وأمام صاحبه عبد الرؤوف العدني ؛صاح هانئ وقال مستصغراً نفسه:(أنا صغير وجديد على الدعوة وسأعتزل)؛بعد سهام الحجج على دجله،ولكنه بقي لم يعتزل،وإنما للحق اعتزل وللحزب الجديد أنشأ واختزل،حتى فرّخ مع البرامكة في الداخل والخارج الحزب الجديد المضلل،ثم للفيوش اعتزل وترك المرعي في البلل؛ ليكوّن حزباً منشقاً فيه الخلل .
10- نبوغ ذكائه وإتقانه القيادة: كان ذكيا في معرفة الأحدان والرجال واختيار الأنسب لفظا ومعنى وطريقا،وكان قائدا محنكاً صلباً حتى عرف الحوثة والخونة ذلك فاختاروا قتله دون بقية الرجال.
11- صَبِر كانت مركزه: جعل من صَبِر مركزاً وفتح فيها دروساً وهيأ لطلابها فيها مطعماً ومأوى،وجلب المشايخ والدعاة إليها منابراً،ولما نزح وهُجر أهل دماج فتح عمارته لهم شققا،وقدم لهم قوتاً وكذا مالا شهرياً معيناً.فصبراً صَبِر صبراً،وصبراً عدن ويمن عموما،وصبراًدعاة وشيوخاً،وصبراً لأهله وولده وصبراً لنا وإخوانه رفيقاً ومؤنسا،وصبراً لمخطوطات كان يهتم بها ويخرجها ويحقق بعضا .
12- مؤلفاته المطبوعة وغيرها: له من تأليفه ما له،رغم انشغاله بالدعوة ورغم أنه كان لا يهتم بكتاباته ويهتم بكتابات غيره،إذ قال لي مرة وقد أبطأت بنشر كتاب لي:(أنت متلي لا تبالي بنشر ما تكتب كذا أنا أهتم بنشر ما كتب غيري) لا سيما زوجه ومع قلة تأليفه فقد طبع له أربعة كتب وهي:
1- تيسير رب البرية في شرح المنظومة البيقونية،تقديم الشيخ يحيى والشيخ سليم الهلالي
2- تحقيقه لمخطوط(الغنية في مسألة الرؤية) لابن حجر،تقديم الشيخ يحيى
3- تحقيقه لمخطوط(تنبيه الولاة والحُكام على أحكام شاتمي خير الأنام أو أحد صحابته الكرام)لابن عابدين،تقديم الشيخ يحيى
4- تحقيقه كتاب الرباعي لابي محمد الأزدي ت409 هـ تقديم الشيخ يحيى .
وأما مالم يُطبع فهي:
5- تحقيق مشترك مع أم بلال وتخريج لمسند الفردوس لأبي منصورشهردارالديلمي في قرابة اثني عشرمجلداً.
6- شرح ميسر على كتاب عمدة الأحكام.
7- تحقيقه وشرح ميسر لكتاب (أخلاق العلماء )للآجري.
8- تعليقات على كتاب الأدب المفرد للبخاري.
9- تعليقات على كتاب السنة لابن أبي عاصم .
10- تعليقات على مختصر الشريعة للآجري
11- تعليقات على كتاب الباعث الحثيث
12- التعليقات الجلية شرح ألفاظ الواسطية
13- تعليقات على كتاب التوحيد للإمام المجدد .
14- تعليقات على كتاب الأصول الثلاثة للإمام المجدد .
15- تعليقات على كتاب كشف الشبهات للإمام المجدد .
16- تعليقات على كتاب القواعد الأربع للإمام المجدد .
17- تعليقات على كتاب الأصوال من علم الأصول لابن عثيمين .
18- له كتاب أسماه وضع الثمر على نزهة النظر للحافظ ابن حجر
19- المنار على حديث كل مسكر وفتار،وهي رسالة جاهزة للطبع،وهي من أوائل ما ألّف وهو في العشرين من عمره.
13- تشييخ العلماء لمرتضى:
1- شيّخه وأجازه العلامة يحيى بن عثمان المدرس عظيم أبادي
(المدرس في مسجد ومعهد الحرم المكي )
2- ما كتبه العلامة أحمد النجمي في مقدمته على كتاب الصيام لأم بلال:(...فقد مر علي الشيخ أبو بلال العدني..)
3- وماكتبه الشيخ يحيى على كتاب(تيسيررب البرية)بقوله:(..فقد تصفحت ما جمعه أخونا الفاضل الشيخ أبو بلال مرتضى..)...
14- ثناء الشيوخ وطلاب العلم عليه:
1- قال الشيخ يحيى في ثنائه على شروحات مرتضى :(..فرأيته شرحها شرحا طيبا..)(..حققها أخونا الفاضل الداعي إلى الله مرتضى العدني وحلاها بحواشي مفيدة..)
2- وقال الشيخ سليم الهلالي عن كتاب مرتضى :(جامعا نافعا حوى جملاً مفيدة في مصطلح الحديث..)
3- وقال الشيخ حسن بن قاسم:(فقد بلغنا مقتل أخينا البطل الشيخ أبي بلال مرتضى...وأما أخلاقه فأخلاقه طيبة لينة وإن بدا فيه شدةفلمصلحة راّها يقتضيه المقام اجتهد فيها..)
4- وقال فيه الشيخ أبو عمارالعدني بخط يده:(أخي الشيخ أبو بلال العدني ممن عرفته حريصا على نشر السنة وتطبيقها،غيورا على دين الله،سباقاً للدفاع عن حياض دين الله،فهو-ولا أزكيه على الله-ممن كان له دور بارز في قتال الحوثيين في(كتاف)،واختمهاوختامه مسك،ببذل نفسه في سبيل الله..)
5- وكتب عنه رفيقه نافع العمودي:(إن من ؟أعظم الأشياء التي تأثرنا بها تأثراً عظيماً في ظل حربنا مع الحوثة في عدن وفي غيرها من المناطقفقد الأحبة الآجلة،منهم الشيخ أبو بلال مرتضى العدني..وكان مسجده وبيته مأوى لأهل السنة من عدن ومن خارج عدن..)
6- وقال عنه الشيخ عبدالرزاق النهمي بخط يده:(..وكان رحمه الله خدوماً لإخوانه ناصحاً لهم..وقد رأيت عنده من الفهم والإدراك مما يجعل من يجالسه يستفيد منه..)
15- مكتبة مرتضى العامرة: جمَع الكتب سنوات حتى تُعد مكتبته من أكبر المكتبات،بل ندر أن يوجد طالب علم متمكن يمتلك مثلها،هذا في الكتب المطبوعة ناهيك عن اهتمامه-كما مضى-بالمخطوطات نشراً وتحقيقا،فهنيئاً لك مرتضى بعد موتك علميُنتفع به في الورى.
16- لقاء بعد فراق أعقبه وداع: بعد خروجي من الأسر؛راّني أخي مرتضى عن بُعد ورأيته،فناداني فأجبته،وفتح يديه وذراعيه ليحضنني،وسجدت في الشارع قبل حضنه سجدة شكر ثم فتحتُ يدي وذراعي لأحضنه كذلك،وكانت دموع وأحضان اللقاء بعد فراق،ولمنكن نعلم لا أنا ولا هو أنها أيضاً اّخر لقاء واّخر أحضان بيننا في الدنيا إذ نتيجة لانشغالاتنا بالحرب لم نلتق، فقُتلبعدها في صبر – رحمه الله تعالى-.
17- اختيار الله له الشهادة وفي صبِر: قيل له يوماً وقد خرج في سَحَر:خذ مسدساً أو سلاحاً فقال:(أنا طريقي في النهاية وما أقوم به من تجهيز لكتاف هو القتل)؛فقُتل في سبيل الله وفي مكان مركزه ومكان تجهيز كتاف بعد أن دخله الحوثة ،ليدخله منتصراً ثم شهيداً،فكانت الحسنيين معاً ،وعلى يد حوثة وخونة اجتمعا،فهنيئاً لك الشهادة مرتضى.
18- مقتله حزن وثلمة في الدعوة: لما قُتل أسرعت ومعي نعال مرتفع؛ لأخبر صاحبه بمقتله؛فسقطت فأُصبت برجلي فكأن بموته ألمي وذهاب بعض عضدي وجسدي.
كان المبتدع يعلم أننا صفاً واحداً حتى المخالف منا إن رمى مرتضى بشر نسبه لنا جميعاً .
مات مرتضى فبأي صفحات نثر سأنشر حروفها،وبأي بحور شعر سأروي قوافيها، أم بأي رثاء سأظفر بمعانيها ؟ مَن إذا حزنت سأُريه دموعا،ومَن إذا تواصلت كان واصلاً، وإن انشغلت كان متفقداً،أم مَن لصبِر وعدن إذا جاء ضيوفهما،ومن لأُسر في عمارته يرعاها ؟؟إنّ فقده ولّد فراغاً وثلمة في دعوتنا .
مات مرتضى..نعم،ولكن ذكره سيبقى فينا،وابتسامته ستُرى في شفائفنا،وكيف يموت من هو عند ربه حيا ومركزه قائما ومكتبته وكتبه لنا معلما؟ كيف يموت مرتضى وقد خلّف ولداً يحملون اسمه زمنا،وستبقى دماج صبر تحفظه،ودماج صعدة تنحته،وكتاف وائلة تمجده،وحجور حجة تذكره،وجبهات عدن ضد الحوثة ترفعه.
قال الشيخ يحيى حفظه الله في مرتضى رحمه الله قبل مقتله وهو خائف عليه:( فإن فقدكم خسارة أو ثلمة في الإسلام )
19- ما قيل في رثاء مرتضى:حزن لمقتله طلاب العلم والدعاة والمجاهدون وغيرهم وحزنت أسر كان يعولهم ، فما قيل فيه مما لم يكتب أكثر مما قد كُتب.
وقد رُثي شعراً،فقيل:
رحم الرحيم أبا بلال المرتضى ليث الرجال
رحم الإله مجاهداً ومعلماً زين الفعال
قد كنت فينا فارساً صهواته أعلى التلال
حتى أُصبت بقنص من في الغدر قد صار مثال
بل كان فقدك ثلمة في الصف ما هل الهلال
ولقد سألت شهادةً يوم الكريهة والنزال
فثبتّ في ساح الوغى في وجه زنديق وغال
ورثاه شاعر اّخر فقال :
كان التواضع للإخوان سيمته وحبه في نفوس الصالحين نما
له تأليف تنبي عن مكانته وذاك عند رجال الدين قد علما
عاش الكريم تقياً عابداً ورعاً وبالشهادة نرجوا الله قد ختما
فهذه ختام خلال مرتضى التي تحت ظلالها وأنهارها ارتوينا ومن بستانها وأزهارها تمتعنا،جعل اللهُ مرتضى في ظلال بساتين جنات أنهريرتوي،وشفّعه الله فينا وفي سبعين من أهل التّوي،فمثله لا نقول لمن بعده:نعزي بل نهنئ،ولكن نقول:(إنا لله وإنا إليه راجعون)اللهم اّجرنا في مصيبتا واخلف لنا خيراً منها.
وكتبه /عبده بن حسين العدني اليافعي
مُرتَوى الخِلال في ترجمة مُرتَضى أبي بِلال
بقلم الشيخ الفاضل المجاهد
عبده بن حسين العدني اليافعي ـــ حفظه الله تعالى ـــ
______________________________
بأي مباني الألفاظ والمعاني سأترجم لرفيق دعوتي وخلاني،ذي الهمم العوالي وصاحب المكانة الرفيعة والمعالي،أم بأي صفات وخِلال سأصفه،فقد عزت رتبته فهو عندنا الغالي،وذاع صيته حتى عرفه الأعادي والقاصي والداني،إنه الشيخ الذي شيخه المشايخ،والمجاهد الذي شاهده المرابط المقاتل،جاهد بنفسه وماله وولده ذي الشوامخ،إنه مرتضى المكنى بأبي بلال العدني،الذي عرفته مساجدنا وكأنه صوت بلال بن رباح في أذاّنه،وأبصرته ميادين الوغى كخالد بن الوليد في صهواته،وتحفظه السطور في كتبه ومخطوطاته،كأنه الذهبي في سير أعلام نبلائه،وتشهد له الضيوف في كرمه وكراماته،مشابها حاتم الطائي بلا جاهليته،فعدن دون فيها إخاء،وصبر زرع فيها مركزاٍ،وكتاف جند إليها جيشاٍ،وحجور لا تنسى له تفقدا،ودعوته بلغت المدن والقرى،وإني بهذه الترجمة الموجزة له إنما أُعرّف معروفاً وعلما،وأصف داعية ومعلماًومجاهدا،ولكن ترجم قلمي كما ترجمت سالف الأقلام،ولأجل أخفف بفقده غربة الأيام والآلام،وذكرت له خلالاً حتى لا يقال ضاع الوفاء بين الأنام،ورويت ظلالاً حتى بانت أغصانها بأعذب الكلام،ولعله يكتب لنا فيها حسنات عن هذا الكتاب يوم التلاق والقيام، فهلم العناوين تلك الخلال والظلال وهي على النحو الاّتي :
1- اسمه ومولده ووفاته: هو مرتضى بن محمد بن سالم بن أبوبكر التوي العدني الحضرمي،ولد في مدينة خورمكسر بمدينة عدن وذلك بتاريخ 7- 8-1974م إذ لم يُؤرخ حينها بالهجري،وأما وفاته فكان صباح يوم الاثنين 11شوال1436ه-الموافق 27-7-2015م،الساعة التاسعة صباحا تقريبا.
2-مكان طلبه للعلم وشيوخه: درس في دماج على يد الشيخ مقبل لمدة خمس سنوات،ودرَس مع الشيخ يحيى عند شيخهما عبدا لمصور:الأصول من علم الأصول،ودرس كتاب البيوع عند ابن عثيمين في الحرم المكيودرس دروساً متفرقة على يد الشيخ ابن باز سنة 1994م،وسيأتي ذكر من شيّخه ومن أثنى عليه.
3-سبب التكني بأبي بلال: لأن مرتضى كان يقول:ما اخترت بلالاً إلا لأنه كان عبداً حبشياً إلا أن الإسلام رفعه،لذا فإن قدر الإنسان ليس بالشرف والمال بل بالدين.
4-أولاده وحملهم الرسالة: درس في دماج على يد شيخه الأول:مقبل بن هادي وناهيك به،حتى سمّى أحد أبنائه به:مقبلا؛ ليقبل على الحق، واّخر محمدا – وهو أكبر أبنائه –ليحمد،وثالث وهو:حارثً؛أصدق الأسماء،؛ليصدق،وله من البنات ثلاث جعلهن الله مناراً وكمريم صلاحاً ومسرة وسروراً.
وكان حريصاً على مرافقة أبنائه له في أسفاره الكثيرة وفي جهاده،ألا فاحملوا يا أبناء مرتضى راّية الحق التي سار عليها أبوكم وحافظوا على مركزأبيكم فذلكأعظم بر ؛فبروا أبائكم،فهذا هو الظن بكم بارك الله فيكم.
5-جهوده الدعوية والعلمية: من دماج نهل من علومها وفي زوجه بثها وزرعها وفي دروسه في صبر رتبها وفي مخطوطات سلفه دونها ؛فنبغت زوجه بفضل الله ثم به بحثا وتعليماً وتأليفاًوإرشاداً،وقد اشتركا في الحياة سويا وكذا في تحقيق وتخريج كتاب:(مسند الفردوس)معاً،وسترد له الجميل بنشر ما حقق وما أخرج وعلق من مخطوطات وكذا شروحات ؛لتُرى أسطر مرتضى وإن كان لم يعد يُرى،وما أعظمها من سطور وفاء،ولقد كان لزوجه معيناً في توصيلها لقرى ومدن لتعليم ومحاضرة النساء؛فستصله بإيصال علمه وما كتب إلى الورى.وقد جعل في مركزه محاضرة شهرية ثم كل شهرين يحاضر فيها أبرز طلبة العلم من كل اليمن،وكان يجول اليمن حيناً لوحده وحيناً برفقتنا أنا ونافع العمودي أوأحدنا ليحاضر و نحاضر سويا،وجعل من سيارته ناقلة لنا للمحاضرات والرحلات والزيارات واللقاءات ونقل الدعاة.وكانت دروسه بصبر كالآتي :ففي الصباح درسا في كتابي التوحيد وعمدة الأحكام وفي الظهر تفسير السعدي،وفي العصر صحيح البخاري وثلاث رسائل للإمام أحمد ونزهة النظر،وفي المغرب صحيح مسلم مع أخلاق العلماء حينا وحينا شرح الورقات،وبعد أذّاّن العشاء الأدب المفرد،وبعد طعام العشاء طريقة البحث.
6- رُقي حديثه وحسن توجيهه: أمتاز مرتضى برُقي الحديث بأروع الألفاظ حتى أن السامع إن كان معانداً صار مقتنعاً وإن كان أعرابياً صار متأدباً وإن هو من طلابه أو إخوانه كان له محباً وإن كانت زوجه كان مترفقا،وإن كان طفلاً صيره شاباً كبيراً ؛فهو كثير المداعبة بأجمل كلمة كا ( ياشيبة) (انا أصغركم سناً )وإن راّني اّكل لحماً قال:(فيه نقرس و يأكل لحماً )أو رأى نافع العمودي يأكل رُزاً أو حلوى قال:( فيه سكر ويأكل هذا ليخفّض السكر) وإن رأى بخيلاً أو حريصاً قال:( أنا الحضرمي ولا أنت).
7-من اخلاقه وسلوكه: كتبت زوجُه تقول:(عشت معه عشرين سنة والله ما سمعته يوماً يدندن أو يغني بشيء من الأغاني الحرام...وما سمعناه يوماً سب أو شتم كما يشتم البعض بقول كلمة:يا حمار يا كلب..وغيرها من الألفاظ التي قد يسب بها بعض الناس وقت الغضب،إلا قوله يا عبيط إن غضب على أولاده،وما رأيناه والله نظر الى النساء ولا اختلس النظر إليهن ..كان شديد الثقة بربه سبحانه حتى كان إذا شكونا إليه قلة ذات اليد يقول: أنفق يأتي كالرزق،وكان يقول:هل يعجز ربنا أن يمطر علينا في الحوش من السماء ذهبا؟فنقول:لا،فيقول:أنا واثق بربي أنه سيرزقني؛فانفقِ يأتيك الرزق،ويستدل بحديث اللهم اّت منفقاً خلفاً).
8- الزامه المخالف باحترامه: المخالف لمرتضى إما مبتدع وسفيه؛فهذا كان يعرف جلادة مرتضى فيحترمه ولا يجرؤ عليه،وإما أن يكون المخالف له بعض أهل السنة فهؤلاء إن هجروه سلّم عليهم وإن أعرضوا عنه طرق بابهم وكسب ود بعضهم وأخجلهم . وبلغ في عدله مع على حذيفي وهانئ بن بريك في بداية أمرهما ونحن حاضرون أن قال للشيخ يحيى:(هذان سلفيان لا تحكم عليهما بل احكم علينا وإنما انصحهما وعالج مرضهما)أما بعد أن نتن مرضهما فكان عليهما سيفاً بتاراً.
9- معرفته برؤوس كل فتنة: فقد نجاه الله من كل فتنة وكان ضدها وفوق ذلك وقف في بداية بعض الفتن لمؤسسيها ورؤوسها كفتنة الحزب الجديد،فقد كان أسها ورأسها هو:هانئ بن بريك وعلي حذيفي الشرفي وعرفات البرمكي فوقف لهم ناصحاً وموبخا وكنت وإياه سويا في المعاناة منهم،لكننا لهم صددنا وأفحمنا،وأذكر في ذلك قصة إفحامي ومرتضى لهانئ بن بريك قبل فتنة عبدالرحمن مرعي ،إذ بعد أن كشفنا كذبه ومراوغته وأمام صاحبه عبد الرؤوف العدني ؛صاح هانئ وقال مستصغراً نفسه:(أنا صغير وجديد على الدعوة وسأعتزل)؛بعد سهام الحجج على دجله،ولكنه بقي لم يعتزل،وإنما للحق اعتزل وللحزب الجديد أنشأ واختزل،حتى فرّخ مع البرامكة في الداخل والخارج الحزب الجديد المضلل،ثم للفيوش اعتزل وترك المرعي في البلل؛ ليكوّن حزباً منشقاً فيه الخلل .
10- نبوغ ذكائه وإتقانه القيادة: كان ذكيا في معرفة الأحدان والرجال واختيار الأنسب لفظا ومعنى وطريقا،وكان قائدا محنكاً صلباً حتى عرف الحوثة والخونة ذلك فاختاروا قتله دون بقية الرجال.
11- صَبِر كانت مركزه: جعل من صَبِر مركزاً وفتح فيها دروساً وهيأ لطلابها فيها مطعماً ومأوى،وجلب المشايخ والدعاة إليها منابراً،ولما نزح وهُجر أهل دماج فتح عمارته لهم شققا،وقدم لهم قوتاً وكذا مالا شهرياً معيناً.فصبراً صَبِر صبراً،وصبراً عدن ويمن عموما،وصبراًدعاة وشيوخاً،وصبراً لأهله وولده وصبراً لنا وإخوانه رفيقاً ومؤنسا،وصبراً لمخطوطات كان يهتم بها ويخرجها ويحقق بعضا .
12- مؤلفاته المطبوعة وغيرها: له من تأليفه ما له،رغم انشغاله بالدعوة ورغم أنه كان لا يهتم بكتاباته ويهتم بكتابات غيره،إذ قال لي مرة وقد أبطأت بنشر كتاب لي:(أنت متلي لا تبالي بنشر ما تكتب كذا أنا أهتم بنشر ما كتب غيري) لا سيما زوجه ومع قلة تأليفه فقد طبع له أربعة كتب وهي:
1- تيسير رب البرية في شرح المنظومة البيقونية،تقديم الشيخ يحيى والشيخ سليم الهلالي
2- تحقيقه لمخطوط(الغنية في مسألة الرؤية) لابن حجر،تقديم الشيخ يحيى
3- تحقيقه لمخطوط(تنبيه الولاة والحُكام على أحكام شاتمي خير الأنام أو أحد صحابته الكرام)لابن عابدين،تقديم الشيخ يحيى
4- تحقيقه كتاب الرباعي لابي محمد الأزدي ت409 هـ تقديم الشيخ يحيى .
وأما مالم يُطبع فهي:
5- تحقيق مشترك مع أم بلال وتخريج لمسند الفردوس لأبي منصورشهردارالديلمي في قرابة اثني عشرمجلداً.
6- شرح ميسر على كتاب عمدة الأحكام.
7- تحقيقه وشرح ميسر لكتاب (أخلاق العلماء )للآجري.
8- تعليقات على كتاب الأدب المفرد للبخاري.
9- تعليقات على كتاب السنة لابن أبي عاصم .
10- تعليقات على مختصر الشريعة للآجري
11- تعليقات على كتاب الباعث الحثيث
12- التعليقات الجلية شرح ألفاظ الواسطية
13- تعليقات على كتاب التوحيد للإمام المجدد .
14- تعليقات على كتاب الأصول الثلاثة للإمام المجدد .
15- تعليقات على كتاب كشف الشبهات للإمام المجدد .
16- تعليقات على كتاب القواعد الأربع للإمام المجدد .
17- تعليقات على كتاب الأصوال من علم الأصول لابن عثيمين .
18- له كتاب أسماه وضع الثمر على نزهة النظر للحافظ ابن حجر
19- المنار على حديث كل مسكر وفتار،وهي رسالة جاهزة للطبع،وهي من أوائل ما ألّف وهو في العشرين من عمره.
13- تشييخ العلماء لمرتضى:
1- شيّخه وأجازه العلامة يحيى بن عثمان المدرس عظيم أبادي
(المدرس في مسجد ومعهد الحرم المكي )
2- ما كتبه العلامة أحمد النجمي في مقدمته على كتاب الصيام لأم بلال:(...فقد مر علي الشيخ أبو بلال العدني..)
3- وماكتبه الشيخ يحيى على كتاب(تيسيررب البرية)بقوله:(..فقد تصفحت ما جمعه أخونا الفاضل الشيخ أبو بلال مرتضى..)...
14- ثناء الشيوخ وطلاب العلم عليه:
1- قال الشيخ يحيى في ثنائه على شروحات مرتضى :(..فرأيته شرحها شرحا طيبا..)(..حققها أخونا الفاضل الداعي إلى الله مرتضى العدني وحلاها بحواشي مفيدة..)
2- وقال الشيخ سليم الهلالي عن كتاب مرتضى :(جامعا نافعا حوى جملاً مفيدة في مصطلح الحديث..)
3- وقال الشيخ حسن بن قاسم:(فقد بلغنا مقتل أخينا البطل الشيخ أبي بلال مرتضى...وأما أخلاقه فأخلاقه طيبة لينة وإن بدا فيه شدةفلمصلحة راّها يقتضيه المقام اجتهد فيها..)
4- وقال فيه الشيخ أبو عمارالعدني بخط يده:(أخي الشيخ أبو بلال العدني ممن عرفته حريصا على نشر السنة وتطبيقها،غيورا على دين الله،سباقاً للدفاع عن حياض دين الله،فهو-ولا أزكيه على الله-ممن كان له دور بارز في قتال الحوثيين في(كتاف)،واختمهاوختامه مسك،ببذل نفسه في سبيل الله..)
5- وكتب عنه رفيقه نافع العمودي:(إن من ؟أعظم الأشياء التي تأثرنا بها تأثراً عظيماً في ظل حربنا مع الحوثة في عدن وفي غيرها من المناطقفقد الأحبة الآجلة،منهم الشيخ أبو بلال مرتضى العدني..وكان مسجده وبيته مأوى لأهل السنة من عدن ومن خارج عدن..)
6- وقال عنه الشيخ عبدالرزاق النهمي بخط يده:(..وكان رحمه الله خدوماً لإخوانه ناصحاً لهم..وقد رأيت عنده من الفهم والإدراك مما يجعل من يجالسه يستفيد منه..)
15- مكتبة مرتضى العامرة: جمَع الكتب سنوات حتى تُعد مكتبته من أكبر المكتبات،بل ندر أن يوجد طالب علم متمكن يمتلك مثلها،هذا في الكتب المطبوعة ناهيك عن اهتمامه-كما مضى-بالمخطوطات نشراً وتحقيقا،فهنيئاً لك مرتضى بعد موتك علميُنتفع به في الورى.
16- لقاء بعد فراق أعقبه وداع: بعد خروجي من الأسر؛راّني أخي مرتضى عن بُعد ورأيته،فناداني فأجبته،وفتح يديه وذراعيه ليحضنني،وسجدت في الشارع قبل حضنه سجدة شكر ثم فتحتُ يدي وذراعي لأحضنه كذلك،وكانت دموع وأحضان اللقاء بعد فراق،ولمنكن نعلم لا أنا ولا هو أنها أيضاً اّخر لقاء واّخر أحضان بيننا في الدنيا إذ نتيجة لانشغالاتنا بالحرب لم نلتق، فقُتلبعدها في صبر – رحمه الله تعالى-.
17- اختيار الله له الشهادة وفي صبِر: قيل له يوماً وقد خرج في سَحَر:خذ مسدساً أو سلاحاً فقال:(أنا طريقي في النهاية وما أقوم به من تجهيز لكتاف هو القتل)؛فقُتل في سبيل الله وفي مكان مركزه ومكان تجهيز كتاف بعد أن دخله الحوثة ،ليدخله منتصراً ثم شهيداً،فكانت الحسنيين معاً ،وعلى يد حوثة وخونة اجتمعا،فهنيئاً لك الشهادة مرتضى.
18- مقتله حزن وثلمة في الدعوة: لما قُتل أسرعت ومعي نعال مرتفع؛ لأخبر صاحبه بمقتله؛فسقطت فأُصبت برجلي فكأن بموته ألمي وذهاب بعض عضدي وجسدي.
كان المبتدع يعلم أننا صفاً واحداً حتى المخالف منا إن رمى مرتضى بشر نسبه لنا جميعاً .
مات مرتضى فبأي صفحات نثر سأنشر حروفها،وبأي بحور شعر سأروي قوافيها، أم بأي رثاء سأظفر بمعانيها ؟ مَن إذا حزنت سأُريه دموعا،ومَن إذا تواصلت كان واصلاً، وإن انشغلت كان متفقداً،أم مَن لصبِر وعدن إذا جاء ضيوفهما،ومن لأُسر في عمارته يرعاها ؟؟إنّ فقده ولّد فراغاً وثلمة في دعوتنا .
مات مرتضى..نعم،ولكن ذكره سيبقى فينا،وابتسامته ستُرى في شفائفنا،وكيف يموت من هو عند ربه حيا ومركزه قائما ومكتبته وكتبه لنا معلما؟ كيف يموت مرتضى وقد خلّف ولداً يحملون اسمه زمنا،وستبقى دماج صبر تحفظه،ودماج صعدة تنحته،وكتاف وائلة تمجده،وحجور حجة تذكره،وجبهات عدن ضد الحوثة ترفعه.
قال الشيخ يحيى حفظه الله في مرتضى رحمه الله قبل مقتله وهو خائف عليه:( فإن فقدكم خسارة أو ثلمة في الإسلام )
19- ما قيل في رثاء مرتضى:حزن لمقتله طلاب العلم والدعاة والمجاهدون وغيرهم وحزنت أسر كان يعولهم ، فما قيل فيه مما لم يكتب أكثر مما قد كُتب.
وقد رُثي شعراً،فقيل:
رحم الرحيم أبا بلال المرتضى ليث الرجال
رحم الإله مجاهداً ومعلماً زين الفعال
قد كنت فينا فارساً صهواته أعلى التلال
حتى أُصبت بقنص من في الغدر قد صار مثال
بل كان فقدك ثلمة في الصف ما هل الهلال
ولقد سألت شهادةً يوم الكريهة والنزال
فثبتّ في ساح الوغى في وجه زنديق وغال
ورثاه شاعر اّخر فقال :
كان التواضع للإخوان سيمته وحبه في نفوس الصالحين نما
له تأليف تنبي عن مكانته وذاك عند رجال الدين قد علما
عاش الكريم تقياً عابداً ورعاً وبالشهادة نرجوا الله قد ختما
فهذه ختام خلال مرتضى التي تحت ظلالها وأنهارها ارتوينا ومن بستانها وأزهارها تمتعنا،جعل اللهُ مرتضى في ظلال بساتين جنات أنهريرتوي،وشفّعه الله فينا وفي سبعين من أهل التّوي،فمثله لا نقول لمن بعده:نعزي بل نهنئ،ولكن نقول:(إنا لله وإنا إليه راجعون)اللهم اّجرنا في مصيبتا واخلف لنا خيراً منها.
وكتبه /عبده بن حسين العدني اليافعي
تعليق