بسم الله الرحمن الرحيم
(المسك الأذفر في ترجمة أخينا البطل عبدالرحمن باغزال أبي المنذر)
(رحمه الله وتقبله في الشهداء عنده)
(المسك الأذفر في ترجمة أخينا البطل عبدالرحمن باغزال أبي المنذر)
(رحمه الله وتقبله في الشهداء عنده)
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه الغرالميامين الذين جاهدوا في سبيل الله حق جهاده بأموالهم وأنفسهم؛ لتكون كلمة الله هي العليا وليكون الدين كله لله قال تعالى: (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين (190) واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين (191) فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم (192) وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين (193) وقال تعالى: (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم) (111)
أما بعد: فهذه نبذة مختصرة عن أخينا الفاضل البطل المغوار والداعي الوقور أبي المنذر:
عبد الرحمن بن كرامة بن حيمد باغزال رحمه الله تعالى وتقبله في الشهداء!
ولد بحضرموت مدينة تريم منطقة دمون سنة2/ 9/1401هـ الموافق
3/ 7/1981مـ ودرس بها حتى وصل إلى الصف الثالث الثانوي ولكنه لم يكمله ؛ إذ أنه حضرالدورة العلمية الأولى في مسجد السنة بتريم والتي أقامها أخونا المفضال الشيخ أبو حمزة حسن باشعيب ــ حفظه الله ــ وكان لها بالغ الأثر في تحبيب العلم الشرعي لديه فرحل بعدها مباشرة إلى دار الحديث بدماج الخير قلعة العلم السلفية العامرة بعلوم القرآن والسنة ــ حفظها الله من كل سوء ومكروه ــ لطلب العلم والفقه في دين الله (عزوجل) وكان هذا في أواخر حياة الإمام المجدد العلامة الشيخ مقبل بن هادي الوادعي مؤسس دار الحديث بدماج وهذه الرحلة في طلب العلم النافع هي من توفيق الله لأخينا أبي المنذر (رحمه الله) وعلامة من علامات إرادة الخير له من الله عزوجل؛ فقد ثبت عن معاوية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يرد الله به خيرا يفقه في الدين "متفق عليه.
وقد جدَّ في طلب العلم حتى منَّ الله عليه بحفظ كتاب الله عز وجل وحفظ خير كثير من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان (رحمه الله) إذا تكلم أو وعظ أوذكَّر لا تسمع في كلامه إلا آية أو حديثا أو أثراً من آثار سلفنا الصالح رضوان الله عليهم أجمعين!
قال عنه شيخه العلامة يحيى بن علي الحجوري ــ حفظه الله ــ في الطبقات: "عبد الرحمن بن كرامة باغزال الحضرمي حافظ للقرآن ويحفظ في رياض الصالحين."
وأفادني الأخ الفاضل إبراهيم بشير (حفظه الله) وهو من زملائه في الطلب: أنه ــ رحمه الله ــ يحفظ صحيح الإمام مسلم و كذلك بلوغ المرام من أدلة الأحكام"
وقال عن اجتهاده وزهده: كان رحمه الله مجتهدا اجتهادا بليغا واجتهادا لا نظير له فكان يجلس دائما في دروس الشيخ يحيى (حفظه الله) في المقدمة في الصفوف الأول وكان حريصا على الإنصات وتقييد الفوائد والمسائل وكان حريصا على اغتنام الوقت في الخير والدروس والمذاكرة وإذا رأى تفريطا من أحد الأخوة نصحه باستغلال الوقت في طلب العلم.
وكان كان زاهداً في الدنيا متواضعا في لباسه وهيئته ومشيته وقعوده، حتى أنه جلس فترة بلا جوال فقلنا له لو اشتريت جوالا ينفعك في الاتصال!
فيقول: أخشى أن يشغلني عن طلب العلم أو أخشى أن تفتح علي الدنيا، ثم بعد ذلك اشترى جوالا متواضعا جدا جدا !! أهـ
وقال عنه أخوه أبوعمر (حفظه الله تعالى):
" كان إذا نزل إلى حضرموت من دماج تجده مكبا على كتاب الله تعالى وبجانبه كتب الحديث كرياض الصالحين والصحيحين وبلوغ المرام وغيرها، وكان همه الأكبر تعليم الناس أمر دينهم وإذا قيل له كم راتبك؟ قال: العلم أرفع من المال، وكنت أرجع إليه في أمر ديني وكان يحدثني بالأحاديث في البيت وفي الطريق وكان يجلس مع الوالدة ويعلمها "أهـ
أما أخلاقه فقد كان ذا أخلاق كريمة وشمائل حميدة جم التواضع كثير الصمت تعلوه السكينة وتزينه التؤدة والحلم وكان محبا للخير حريصا على تحصيله نفع الله تعالى به في بلده وفي القرى التي نزل فيها داعيا ومعلما وكان زاهداً في دنياه عفيفا واصلا لأرحامه صبورا يشهد له بذلك كل من عاشره و جالسه رحمه الله!
ومما كتبه أخونا الفاضل إبراهيم بشير عن دعوته:"فقد نفع الله به كثيرا من الناس؛ فخرج دعوة إلى وادي (عدم) واستفاد منه الناس ولله الحمد، وهكذا خرج دعوة إلى وادي (سعف) بالبادية في المهرة في منطقة (قطر) وهكذا خرج دعوة إلى (الحزم) في المدهر بالقطن، وكان رحمه الله غيورا على السنة يدافع عنها بكل ما يستطيع لا تأخذه في الله لومة لائم" أهـ
ولما فتحت جبهة حلف النصرة بعد نداء الشيخ العلامة يحيى بن على الحجوري (حفظه الله) بإعلان الجهاد ضد الحوثيين لفك الحصار الأول الذي فرضه أولئك الرافضة الزنادقة على دماج كان أخونا أبو المنذر (رحمه الله) من أوائل من لبوا نداء الجهاد فكان آية في الشجاعة مقداما حريصا على كل خير يعمل ليلا ونهارا بجد مع إخوانه في بناء المتارس بلا كلل، فرابط في (كتاف) طلبا للشهادة في سبيل الله تعالى ولكن الله سلمه حتى قال لأخينا وابن خاله أبي بلال أيوب بادباه ما يدل على حبه للشهادة في سبيل الله عزوجل وطلبه الحثيث لها فرحمه الله وبلغه منازل الشهداء !
وكل من رآه (رحمه الله) وخالطه رأى علامات الإخلاص عليه بادية في فعله وقوله نحسبه كذلك والله حسيب الجميع!
ولما قام الحوثة الفجرة بحصارهم الغاشم الأخيرعلى دماج بغية إطفاء ذلك النور والخير العظيم الذي انتشر في أرجاء المعمورة بفضل الله (عزوجل) من تلك الدار العامرة ــ كان أخونا عبد الرحمن (رحمه الله) موجودا في دماج يطلب العلم كغيره من طلاب العلم ويرابط في المتارس أمام ذلك العدو الحوثي الخبيث الكافر الذي لا يمتري في كفره أحد ممن له أدنى مسكة عقل فلعمري إن كفر (الرافضة) أشهر من كفر إبليس، وبغضهم وتكفيرهم للصحابة - رضي الله عنهم - لا يخفيه تدليس ولا تلبيس.
وقد اتصل عليه بعض إخواننا وأقاربه يسأله عن حاله وحال إخوانه قبيل استشهاده بأيام فبعد أن سلم عليه أعطاني الهاتف فكلمته وسلمت عليه ودعوت لهم بالثبات والنصر فما سمعت منه إلا كلاما يثلج الصدور وثباتا عظيما فلله دره وعليه أجره !
وقد قتل رحمه الله مقبلا غير مدبر في معركة (المسادير) مع ثلة من أخوانه بعد أن أبلى بلاء حسناً وكانت يوم الجمعة 28/12/1434هـ فنسأل الله أن يرحمه ويتقبله في الشهداء إنه سميع قريب مجيب الدعاء!
وكم كان ــ رحمه الله ــ يحب أن يموت في دماج حتى قال لبعض إخواننا:"دماج أرض الطلب والوفاة إن شاء الله "
فكان الأمر كما قال رحمه الله ونحسب أنه ممن صدق مع الله فصدقه الله فيا لها من كرامة لك يا بن كرامة!
وإنا على فراق أبي المنذر وإخوانه لمحزونون فإن العين تدمع والقلب يحزن ولكن لا نقول إلا ما يرضي ربنا سبحانه وتعالى!!
ونسأله تعالى بمنه وكرمه أن يتقبله في الشهداء وأن يلهم أهله وذويه الصبر والاحتساب وأن يأجرنا في مصابنا هذا وأن يخلف علينا بخير!
وإنَّ مما يعزينا فيه وفي إخوانه الأبطال الذين قتلوا في جهاد اولئك الروافض الأنجاس الكفار الفجار؛ ما ذكره الله تعالى ذكره في كتابه وما جاء في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم من الفضائل العظيمة والكرامات المنيفة للشهداء الذين قدموا أرواحهم ومهجهم وأموالهم في سبيل الله؛ انتصاراً لدين الحق قال تعالى: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون (169) فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون (170) يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين (171)
وعن أنس - رضي الله عنه -: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -
قَالَ: ((مَا أَحَدٌ يَدْخُلُ الجَنَّةَ يُحِبُّ أنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا وَلَهُ مَا عَلَى الأرْضِ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ الشَّهِيدُ، يَتَمَنَّى أنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا، فَيُقْتَلَ عَشْرَ مَرَّاتٍ؛ لِمَا يَرَى مِنَ الكَرَامَةِ)).
وفي رواية: ((لِمَا يَرَى مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ)) متفقٌ عَلَيْهِ.
و الآيات والأحاديث في فضل الشهادة في سبيل الله تعالى كثيرة ومعلومة. ومما قلتُ في الدرة الحضرمية:
فَلِلهِ أرَْضٌ لِلْخَليقةِ قَدْ رَوَتْ ... كَرَامَاتِ صِدْقٍ يا لهَا مِنْ بَشَائِرِ
فَمَنْ مَاتَ مِنهُم نالَ عِزَّاً وسُؤْدَدَاً ... وزُوِّجَ بالحُورِ الحِسَانِِ الطَّواهرِ
وشُفِّعَ في سَبْعِينَ مِنْ أهلِ بيتهِِ ... وأُلبِسَ تاجاً من خِيَار الأَسَاوِرِ
وكمْ مِنْ كَرَامَاتٍ أُعِدَّتْ ِلمثلِهِمْ ... وكَمْ من أُجُورٍ سُطُِّرتْ في الدَّفَاتِرِ
فَفِي مِثْلِ هَذَا يَبْذُلُ المرْءُ نَفْسَهُ ... ومَا هُوَ في هَذَا ـ ورَبِّيْ ـ ِبخَاسِرِ
فَقَدْ وَعَدَ الرَّحمنُ مَنْ بَاعَ نَفْسَهُ ... ِبجنَّاتٍ عَدْنٍ رَائِعَاتِ الْمَيَاثِرِ
وحسبه وإخوانه شرفا أنهم قتلوا دفاعا عن دينهم وعقيدتهم ودفاعا عن أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وزوجاته الطاهرات، ودفاعا عن أنفسهم وأموالهم وأعراضهم!
وقد رُئِيَتْ لأخينا أبي المنذرـ رحمه الله تعالى ــ رؤى خيرٍ ومنامات صدق، حدثني بها بعض إخواني وهم خمسة واتفقت كلها أنهم رأوه على حال طيبة يشع وجهه نوراً وهو يقول:" أنا لم أمت يا فلان أنا حي أرزق "!!
وقد رزقهُ الله تعالى ولدينِ: أحدهما سماه (المنذر) وبه يكنى، والآخر سمَّاه (مجاهدا) نسأل الله الحفيظ بمنه وكرمه أن يحفظهما وأن يخلفه خيرا فيهما !
وأخيراً أقول معترفا بالعجز والتقصير: هذا ما يسر الله لي كتابته عن إخينا أبي المنذر رحمه الله وتقبله في الشهداء عنده ــ مما أعرفه عنه شخصيا ومما أخبرني به بعض إخوانه وزملائه، ومحبيه، ومن كان من إخواننا الفضلاء لديه زيادة علم ومعرفة على ما كتب فليتحفنا به أو يعلقه تحت هذه الترجمة المباركة براً بأخينا (رحمة الله عليه) وعرفاناً لجهوده المباركة في الدعوة إلى الله؛ ولتكون هذه الترجمة نبراساً على الطريق والمنهج القويم لنا جميعاً وصلى الله و سلم على نبينا محمد و على آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين!
كتبه / أبو عبدالرحمن عمر بن أحمد صبيح
بتاريخ:25/محرم 1435هـ
أما بعد: فهذه نبذة مختصرة عن أخينا الفاضل البطل المغوار والداعي الوقور أبي المنذر:
عبد الرحمن بن كرامة بن حيمد باغزال رحمه الله تعالى وتقبله في الشهداء!
ولد بحضرموت مدينة تريم منطقة دمون سنة2/ 9/1401هـ الموافق
3/ 7/1981مـ ودرس بها حتى وصل إلى الصف الثالث الثانوي ولكنه لم يكمله ؛ إذ أنه حضرالدورة العلمية الأولى في مسجد السنة بتريم والتي أقامها أخونا المفضال الشيخ أبو حمزة حسن باشعيب ــ حفظه الله ــ وكان لها بالغ الأثر في تحبيب العلم الشرعي لديه فرحل بعدها مباشرة إلى دار الحديث بدماج الخير قلعة العلم السلفية العامرة بعلوم القرآن والسنة ــ حفظها الله من كل سوء ومكروه ــ لطلب العلم والفقه في دين الله (عزوجل) وكان هذا في أواخر حياة الإمام المجدد العلامة الشيخ مقبل بن هادي الوادعي مؤسس دار الحديث بدماج وهذه الرحلة في طلب العلم النافع هي من توفيق الله لأخينا أبي المنذر (رحمه الله) وعلامة من علامات إرادة الخير له من الله عزوجل؛ فقد ثبت عن معاوية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يرد الله به خيرا يفقه في الدين "متفق عليه.
وقد جدَّ في طلب العلم حتى منَّ الله عليه بحفظ كتاب الله عز وجل وحفظ خير كثير من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان (رحمه الله) إذا تكلم أو وعظ أوذكَّر لا تسمع في كلامه إلا آية أو حديثا أو أثراً من آثار سلفنا الصالح رضوان الله عليهم أجمعين!
قال عنه شيخه العلامة يحيى بن علي الحجوري ــ حفظه الله ــ في الطبقات: "عبد الرحمن بن كرامة باغزال الحضرمي حافظ للقرآن ويحفظ في رياض الصالحين."
وأفادني الأخ الفاضل إبراهيم بشير (حفظه الله) وهو من زملائه في الطلب: أنه ــ رحمه الله ــ يحفظ صحيح الإمام مسلم و كذلك بلوغ المرام من أدلة الأحكام"
وقال عن اجتهاده وزهده: كان رحمه الله مجتهدا اجتهادا بليغا واجتهادا لا نظير له فكان يجلس دائما في دروس الشيخ يحيى (حفظه الله) في المقدمة في الصفوف الأول وكان حريصا على الإنصات وتقييد الفوائد والمسائل وكان حريصا على اغتنام الوقت في الخير والدروس والمذاكرة وإذا رأى تفريطا من أحد الأخوة نصحه باستغلال الوقت في طلب العلم.
وكان كان زاهداً في الدنيا متواضعا في لباسه وهيئته ومشيته وقعوده، حتى أنه جلس فترة بلا جوال فقلنا له لو اشتريت جوالا ينفعك في الاتصال!
فيقول: أخشى أن يشغلني عن طلب العلم أو أخشى أن تفتح علي الدنيا، ثم بعد ذلك اشترى جوالا متواضعا جدا جدا !! أهـ
وقال عنه أخوه أبوعمر (حفظه الله تعالى):
" كان إذا نزل إلى حضرموت من دماج تجده مكبا على كتاب الله تعالى وبجانبه كتب الحديث كرياض الصالحين والصحيحين وبلوغ المرام وغيرها، وكان همه الأكبر تعليم الناس أمر دينهم وإذا قيل له كم راتبك؟ قال: العلم أرفع من المال، وكنت أرجع إليه في أمر ديني وكان يحدثني بالأحاديث في البيت وفي الطريق وكان يجلس مع الوالدة ويعلمها "أهـ
أما أخلاقه فقد كان ذا أخلاق كريمة وشمائل حميدة جم التواضع كثير الصمت تعلوه السكينة وتزينه التؤدة والحلم وكان محبا للخير حريصا على تحصيله نفع الله تعالى به في بلده وفي القرى التي نزل فيها داعيا ومعلما وكان زاهداً في دنياه عفيفا واصلا لأرحامه صبورا يشهد له بذلك كل من عاشره و جالسه رحمه الله!
ومما كتبه أخونا الفاضل إبراهيم بشير عن دعوته:"فقد نفع الله به كثيرا من الناس؛ فخرج دعوة إلى وادي (عدم) واستفاد منه الناس ولله الحمد، وهكذا خرج دعوة إلى وادي (سعف) بالبادية في المهرة في منطقة (قطر) وهكذا خرج دعوة إلى (الحزم) في المدهر بالقطن، وكان رحمه الله غيورا على السنة يدافع عنها بكل ما يستطيع لا تأخذه في الله لومة لائم" أهـ
ولما فتحت جبهة حلف النصرة بعد نداء الشيخ العلامة يحيى بن على الحجوري (حفظه الله) بإعلان الجهاد ضد الحوثيين لفك الحصار الأول الذي فرضه أولئك الرافضة الزنادقة على دماج كان أخونا أبو المنذر (رحمه الله) من أوائل من لبوا نداء الجهاد فكان آية في الشجاعة مقداما حريصا على كل خير يعمل ليلا ونهارا بجد مع إخوانه في بناء المتارس بلا كلل، فرابط في (كتاف) طلبا للشهادة في سبيل الله تعالى ولكن الله سلمه حتى قال لأخينا وابن خاله أبي بلال أيوب بادباه ما يدل على حبه للشهادة في سبيل الله عزوجل وطلبه الحثيث لها فرحمه الله وبلغه منازل الشهداء !
وكل من رآه (رحمه الله) وخالطه رأى علامات الإخلاص عليه بادية في فعله وقوله نحسبه كذلك والله حسيب الجميع!
ولما قام الحوثة الفجرة بحصارهم الغاشم الأخيرعلى دماج بغية إطفاء ذلك النور والخير العظيم الذي انتشر في أرجاء المعمورة بفضل الله (عزوجل) من تلك الدار العامرة ــ كان أخونا عبد الرحمن (رحمه الله) موجودا في دماج يطلب العلم كغيره من طلاب العلم ويرابط في المتارس أمام ذلك العدو الحوثي الخبيث الكافر الذي لا يمتري في كفره أحد ممن له أدنى مسكة عقل فلعمري إن كفر (الرافضة) أشهر من كفر إبليس، وبغضهم وتكفيرهم للصحابة - رضي الله عنهم - لا يخفيه تدليس ولا تلبيس.
وقد اتصل عليه بعض إخواننا وأقاربه يسأله عن حاله وحال إخوانه قبيل استشهاده بأيام فبعد أن سلم عليه أعطاني الهاتف فكلمته وسلمت عليه ودعوت لهم بالثبات والنصر فما سمعت منه إلا كلاما يثلج الصدور وثباتا عظيما فلله دره وعليه أجره !
وقد قتل رحمه الله مقبلا غير مدبر في معركة (المسادير) مع ثلة من أخوانه بعد أن أبلى بلاء حسناً وكانت يوم الجمعة 28/12/1434هـ فنسأل الله أن يرحمه ويتقبله في الشهداء إنه سميع قريب مجيب الدعاء!
وكم كان ــ رحمه الله ــ يحب أن يموت في دماج حتى قال لبعض إخواننا:"دماج أرض الطلب والوفاة إن شاء الله "
فكان الأمر كما قال رحمه الله ونحسب أنه ممن صدق مع الله فصدقه الله فيا لها من كرامة لك يا بن كرامة!
وإنا على فراق أبي المنذر وإخوانه لمحزونون فإن العين تدمع والقلب يحزن ولكن لا نقول إلا ما يرضي ربنا سبحانه وتعالى!!
ونسأله تعالى بمنه وكرمه أن يتقبله في الشهداء وأن يلهم أهله وذويه الصبر والاحتساب وأن يأجرنا في مصابنا هذا وأن يخلف علينا بخير!
وإنَّ مما يعزينا فيه وفي إخوانه الأبطال الذين قتلوا في جهاد اولئك الروافض الأنجاس الكفار الفجار؛ ما ذكره الله تعالى ذكره في كتابه وما جاء في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم من الفضائل العظيمة والكرامات المنيفة للشهداء الذين قدموا أرواحهم ومهجهم وأموالهم في سبيل الله؛ انتصاراً لدين الحق قال تعالى: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون (169) فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون (170) يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين (171)
وعن أنس - رضي الله عنه -: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -
قَالَ: ((مَا أَحَدٌ يَدْخُلُ الجَنَّةَ يُحِبُّ أنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا وَلَهُ مَا عَلَى الأرْضِ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ الشَّهِيدُ، يَتَمَنَّى أنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا، فَيُقْتَلَ عَشْرَ مَرَّاتٍ؛ لِمَا يَرَى مِنَ الكَرَامَةِ)).
وفي رواية: ((لِمَا يَرَى مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ)) متفقٌ عَلَيْهِ.
و الآيات والأحاديث في فضل الشهادة في سبيل الله تعالى كثيرة ومعلومة. ومما قلتُ في الدرة الحضرمية:
فَلِلهِ أرَْضٌ لِلْخَليقةِ قَدْ رَوَتْ ... كَرَامَاتِ صِدْقٍ يا لهَا مِنْ بَشَائِرِ
فَمَنْ مَاتَ مِنهُم نالَ عِزَّاً وسُؤْدَدَاً ... وزُوِّجَ بالحُورِ الحِسَانِِ الطَّواهرِ
وشُفِّعَ في سَبْعِينَ مِنْ أهلِ بيتهِِ ... وأُلبِسَ تاجاً من خِيَار الأَسَاوِرِ
وكمْ مِنْ كَرَامَاتٍ أُعِدَّتْ ِلمثلِهِمْ ... وكَمْ من أُجُورٍ سُطُِّرتْ في الدَّفَاتِرِ
فَفِي مِثْلِ هَذَا يَبْذُلُ المرْءُ نَفْسَهُ ... ومَا هُوَ في هَذَا ـ ورَبِّيْ ـ ِبخَاسِرِ
فَقَدْ وَعَدَ الرَّحمنُ مَنْ بَاعَ نَفْسَهُ ... ِبجنَّاتٍ عَدْنٍ رَائِعَاتِ الْمَيَاثِرِ
وحسبه وإخوانه شرفا أنهم قتلوا دفاعا عن دينهم وعقيدتهم ودفاعا عن أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وزوجاته الطاهرات، ودفاعا عن أنفسهم وأموالهم وأعراضهم!
وقد رُئِيَتْ لأخينا أبي المنذرـ رحمه الله تعالى ــ رؤى خيرٍ ومنامات صدق، حدثني بها بعض إخواني وهم خمسة واتفقت كلها أنهم رأوه على حال طيبة يشع وجهه نوراً وهو يقول:" أنا لم أمت يا فلان أنا حي أرزق "!!
وقد رزقهُ الله تعالى ولدينِ: أحدهما سماه (المنذر) وبه يكنى، والآخر سمَّاه (مجاهدا) نسأل الله الحفيظ بمنه وكرمه أن يحفظهما وأن يخلفه خيرا فيهما !
وأخيراً أقول معترفا بالعجز والتقصير: هذا ما يسر الله لي كتابته عن إخينا أبي المنذر رحمه الله وتقبله في الشهداء عنده ــ مما أعرفه عنه شخصيا ومما أخبرني به بعض إخوانه وزملائه، ومحبيه، ومن كان من إخواننا الفضلاء لديه زيادة علم ومعرفة على ما كتب فليتحفنا به أو يعلقه تحت هذه الترجمة المباركة براً بأخينا (رحمة الله عليه) وعرفاناً لجهوده المباركة في الدعوة إلى الله؛ ولتكون هذه الترجمة نبراساً على الطريق والمنهج القويم لنا جميعاً وصلى الله و سلم على نبينا محمد و على آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين!
كتبه / أبو عبدالرحمن عمر بن أحمد صبيح
بتاريخ:25/محرم 1435هـ
تعليق