إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ترجمة مختصرة لشيخنا المجاهد كمال العدني رحمه الله

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ترجمة مختصرة لشيخنا المجاهد كمال العدني رحمه الله

    عزاءٌ في شيخنا المجاهد السلفي
    كمال بن ثابت العدني
    رحمه الله تعالى



    كتبه:
    أبو فيروز عبد الرحمن بن سوكايا
    الإندونيسي عفا الله عنه

    بدار الحديث بدماج اليمن حرسها الله

    ijk
    مقدمة المؤلف

    الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم أجمعين، أما بعد:
    فقد بشرنا الله في فجر يوم الأحد بقتل ثمانية حوثياً في أمام قرية "الوطن"، وزيادة صرع الاثنين منهم في قرية "النقوع" في طيلة هذا اليوم –والحمد لله والمنة-. قال الله تعالى: ﴿قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ * وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 14، 15].
    وفي آخر هذا اليوم يوم الأحد 15 ذي الحجة 1434 هـ تفاجأنا بمجيء نعي في شيخنا الفاضل المجاهد المناضل أبي عبد الله كمال بن ثابت العدني رحمه الله، حيث رمت الحوثة الخبثاء حراس السنة في مترس "مشادر" دماج بمدفع "بي عشرة" فأدى به إلى مقتل شيخنا الفاضل المجاهد المناضل أبي عبد الله كمال بن ثابت العدني وأخينا المجاهد أبي أمان أحمد النجار رحمهما الله، نسأل الله أن يتقبل منهما وممن سبقهما من المسلمين والسلفيين أجمعين.
    فأقول في هذه المناسبة –بالله التوفيق-:
    قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ الله أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ * وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾ [البقرة: 154 - 157].
    ففي هذه الآيات كنوز الدروس والعبر، منها: أن الحياة الدنيا لا تدوم بل لا بد من الموت. قال الله تعالى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾ [آل عمران: 185].
    فمن أطيب الموت موت من يقتل في سبيل الله، والأدلة على ذلك كثيرة معروفة. وفضائله مستفيضة مشهورة. عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول : لقيني رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال لي: «يا جابر ما لي أراك منكسرا ؟» قلت: يا رسول الله استشهد أبي قتل يوم أحد وترك عيالا ودينا. قال: «أفلا أبشرك بما لقي الله به أباك ؟» قال: قلت: بلى يا رسول الله. قال: «ما كلم الله أحدا قط إلا من وراء حجاب، وأحيا أباك فكلمه كفاحاً فقال: يا عبدي تمن علي أعطك. قال: يا رب تحييني فأقتل فيك ثانية. قال الرب عز و جل: إنه قد سبق مني أنهم إليها لا يرجعون. قال: وأنزلت هذه الآية: ﴿ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا﴾ الآية . (أخرجه الترمذي (3010) /حسن).
    فطوبى للشهداء في سبيل الله. فعن مسروق، قال: سألنا عبد الله عن هذه الآية: ﴿ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون﴾ [آل عمران: 169] قال: أما إنا قد سألنا عن ذلك، فقال: «أرواحهم في جوف طير خضر، لها قناديل معلقة بالعرش، تسرح من الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل، فاطلع إليهم ربهم اطلاعة، فقال: هل تشتهون شيئا؟ قالوا: أي شيء نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا، ففعل ذلك بهم ثلاث مرات، فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا، قالوا: يا رب، نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى، فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا». (أخرجه مسلم (1887)).
    وأعظم القتل القتل على أيدي الخوارج. فعن أبي غالب رحمه الله يقول: لَمَّا أُتِىَ بِرُءُوسِ الأَزَارِقَةِ فَنُصِبَتْ عَلَى دَرَجِ دِمَشْقَ جَاءَ أَبُو أُمَامَةَ فَلَمَّا رَآهُمْ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ فَقَالَ: «كِلاَبُ النَّارِ - ثَلاَثَ مَرَّاتٍ - هَؤُلاَءِ شَرُّ قَتْلَى قُتِلُوا تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ وَخَيْرُ قَتْلَى قُتِلُوا تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ هَؤُلاَءِ». قَالَ: فَقُلْتُ: فَمَا شَأْنُكَ دَمَعَتْ عَيْنَاكَ؟ قَالَ: رَحْمَةً لَهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الإِسْلاَمِ. قَالَ: قُلْنَا: أَبِرَأْيِكَ قُلْتَ هَؤُلاَءِ كِلاَبُ النَّارِ، أَوْ شَىْءٌ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: إِنِّي لَجَرِيءٌ بَلْ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- غَيْرَ مَرَّةٍ وَلاَ ثِنْتَيْنِ وَلاَ ثَلاَثٍ. قَالَ: فَعَدَّ مِرَاراً. (أخرجه الإمام أحمد ((22314)/الرسالة) وصححه الإمام الوادعي رحمه الله في "الصحيح المسند" رقم (482) /دار الآثار).
    والرافضة أقبح من الخوارج.
    قال شيخ الإسلام رحمه الله في الممتنعين عن شرائع الإسلام: فإن كانوا طائفة ممتنعة وجب قتالهم كما يقاتل المرتدون، كما قاتل الصديق والصحابة أصحاب مسيلمة الكذاب. وإذا كانوا في قرى المسلمين فرقوا وأسكنوا بين المسلمين بعد التوبة، وألزموا بشرائع الإسلام التي تجب على المسلمين. وليس هذا مختصا بغالية الرافضة بل من غلا في أحد من المشايخ وقال : إنه يرزقه، أو يسقط عنه الصلاة، أو أن شيخه أفضل من النبي، أو أنه مستغن عن شريعة النبي صلى الله عليه وسلم، وإن له إلى الله طريقا غير شريعة النبي صلى الله عليه وسلم، أو أن أحدا من المشايخ يكون مع النبي صلى الله عليه وسلم كما كان الخضر مع موسى. وكل هؤلاء كفار يجب قتالهم بإجماع المسلمين، وقتل الواحد المقدور عليه منهم. وأما الواحد المقدور عليه من الخوارج والرافضة فقد روي عنهما - أعني عمر وعليا - قتلهما أيضا. والفقهاء وإن تنازعوا في قتل الواحد المقدور عليه من هؤلاء فلم يتنازعوا في وجوب قتلهم إذا كانوا ممتنعين. فإن القتال أوسع من القتل كما يقاتل الصائلون العداة والمعتدون البغاة، وإن كان أحدهم إذا قدر عليه لم يعاقب إلا بما أمر الله ورسوله به. وهذه النصوص المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الخوارج قد أدخل فيها العلماء لفظا أو معنى من كان في معناهم من أهل الأهواء الخارجين عن شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وجماعة المسلمين ؛ بل بعض هؤلاء شرّ من الخوارج الحرورية ؛ مثل الخرمية والقرامطة والنصيرية وكل من اعتقد في بشر أنه إله أو في غير الأنبياء أنه نبي وقاتل على ذلك المسلمين : فهو شر من الخوارج الحرورية. والنبي صلى الله عليه وسلم إنما ذكر الخوارج الحرورية لأنهم أول صنف من أهل البدع خرجوا بعده؛ بل أولهم خرج في حياته. ("مجموع الفتاوى"/28/ص 475-476).

    الباب الأول: جهود الشيخ المجاهد كمال العدني في نصرة الحق وثناء العلماء عليه رحمه الله

    إن لشيخنا المجاهد أبي عبد الله كمال بن ثابت العدني رحمه الله جهود كبيرة في التحقيقات المهمة، ونصرة الحق وأهله والرد على أهل الباطل والانحراف، وتوجيهات نافعة للمسلمين، وغير ذلك من العلوم النافعة فلا بد من تعريفها. فهذه بعض ما عثرنا على رسائله وتقويم العلماء عليها وثناؤهم عليه:
    1. تحقيق كتاب الرسالة للإمام الشافعي. (ط. دار الآثار)
    تقديم فضيلة الشيخ يحيى بن علي الحجوري حفظه الله: ... ولقد قام بخدمته فضيلة الشيخ أحمد بن شاكر رحمه الله، وفاته من خدمة هذا الكتاب المفيد ما يحتاج إلى عظيم من المزيد، فقام بذلك أخونا الفاضل السلفي الباحث الجاد أحد طلبة علم الحديث الأمجاد كمال بن ثابت العدني حفظه الله فاعتنى بتحقيق الكتاب عناية فائقة، وعلق عليه بتعاليق علمية رائقة فجزاه الله خيرا ونفع به كثيرا.
    1. فوائد زاد المعاد لابن القيم. (ط. دار الإمام أحمد)
    تقديم فضيلة الشيخ يحيى بن علي الحجوري حفظه الله: ... فقد كان أخونا الشيخ كمال بن ثابت العدني حفظه الله في خلال قراءتنا لكتاب "زاد المعاد" لابن القيم رحمه الله يُعلِم على بعض الفوائد المهمة التي تمر بنا في طيات هذا السفر المبارك. فلما انتهينا من قراءة الكتاب المذكور جمع النظير منها إلى نظيره ورتبها ترتيبا حسنا كما أبانه في أول هذا الجزء محيلا كل فائدة إلى رقم جزئها وصفحتها، فصار هذا الجزء خلاصة مهمات فوائد هذا البحر الخضم –"زاد المعاد" لابن القيم رحمه الله-، ... إلخ.
    3- تحقيق وتعليق على كتاب السنة للإمام ابن ماجه. (ط. دار الإمام أحمد)
    تقديم فضيلة الشيخ يحيى بن علي الحجوري حفظه الله: ... فقد طالعت ما بذله أخونا الداعي إلى الله الباحث المفيد أبو عبد الله كمال بن ثابت العدني –نفعه الله ونفع به- من تحقيق على مقدمة سنن ابن ماجه ؛ فرأيته حققها تحقيقا طيبا، مقتبسا من طريق أهل الشأن في الحكم على تلك الأحاديث والآثار بما يستحقه،... إلخ.
    4- النبراس على شرح الواسطية للهراس. (ط. دار الآثار)
    تقديم فضيلة الشيخ يحيى بن علي الحجوري حفظه الله: ... فقد تصفحت ما علق أخونا الفاضل المفيد الشيخ كمال بن ثابت العدني من الشرح المسمى بـ: "النبراس على شرح الواسطية للهراس"، فرأيته شرحا مفيدا مأخوذا من كتب عديدة كما هي مثبتة بأرقامها تحت كل فائدة يفيدها من تلك المصادر مما يزيد الواسطية مع شرحها جمالا ونفعا. فجزى الله خيرا أخانا الشيخ كمال بن ثابت العدني على تدريسها وتدوينها لينتفع لها كثير من طلبة العلم إن شاء الله، وبالله التوفيق.
    5- الثوابت المنهجية أجاب عنها الشيخ العلامة المحدث أبو عبد الرحمن يحيى بن علي الحجوري. (ط. دار الكتاب والسنة)
    6- نصائح العلماء للعلماء في آداب طلب العلم. (ط. دار عباد الرحمن)
    تقديم فضيلة الشيخ يحيى بن علي الحجوري حفظه الله: ... فقد قرأت أكثر ما جمعه أخونا الشيخ كمال العدني حفظه الله في هذه الرسالة المسماه "نصائح العلماء للعلماء" فرأيتها رسالة جميلة مفيدة حشد فيها أخونا الشيخ كمال أفاده الله، فوائد جمة أخرجها من بطون الكتب فجزاه الله خيرا ودفع عنا وعنه كل سوء ومكروه.
    8- تحقيق على متن الورقات. (ط. دار الآثار)
    8- قطفات في شرح الورقات. (ط. دار الإمام أحمد)
    تقديم فضيلة الشيخ يحيى بن علي الحجوري حفظه الله: ... فقد تصفحت ما جمعه أخونا الشيخ كمال العدني حفظه الله من شرحه على متن الورقات للجويني رحمه الله فرأيته شرحا مفيدا، شأن أخينا الشيخ كمال في شروحه المقتبسة من كتب أهل الشأن. فجزاه الله خيرا ونفع به ودفع عنا وعنه كل سوء ومكروه.
    9- التعاليق العلى على القواعد المثلى. (ط. دار الآثار)
    تقديم فضيلة الشيخ يحيى بن علي الحجوري حفظه الله: ... فقد طالعت ما وضعه أخونا الفاضل ذو العقيدة السديدة والأخلاق الحميدة الباحث السلفي المفيد كمال العدني حفظه الله في حاشيته: "التعاليق العلى على القواعد المثلى" للعلامة الشهير والمصلح الكبير محمد بن صالح العثيمين رحمه الله، فرأيت أخانا كمالا أتى على الكتاب المذكور بخدمة موفقة وفوائد عن علماء الشأن ثابتة موثقة زادت من جمال الكتاب. فجزى الله أخانا كمالا العدني خيرا ونفع به.
    10- طلب العلم وبرّ الوالدين. (ط. دار الآثار)
    تقديم فضيلة الشيخ يحيى بن علي الحجوري حفظه الله: ... شكر الله لأخينا كمال بن ثابت العدني على ما قام به من جمع هذه الرسالة الصغيرة في حجمها المفيدة في معناها، ومدلولها المسماه "طلب العلم وبرّ الوالدين"، وبالله التوفيق.
    وتقديم الشيخ الفاضل أبي الفداء عبد الرقيب الإبي حفظه الله: ... الحمد لله الذي وفق أخانا في الله كمال بن ثابت العدني في جمعه لهذه الرسالة لما تحمل في طياتها أمرا في غاية من الأهمية ومن الدين بمكان، ألا وهو الحث على طلب العلم الشرعي الذي طالما غفل عنه أكثر المسلمين، ... إلخ.
    11- البيان في عدم ثبوت اسم المحسن لله عز وجل الموصوف بالإحسان. (ط. مجالس الهدى)
    تقديم فضيلة الشيخ يحيى بن علي الحجوري حفظه الله: ... فقد قرأت ما كتبه أخونا الفاضل كمال بن ثابت العدني حفظه الله على حديث تضمن إثبات اسم المحسن لله عز وجل عن ثلاثة من الصحابة رضوان الله عليهم ... –إلى قوله:- كما أبانه أخونا كمال العدني جزاه الله خيرا ونفع به المسلمين.
    12- الإنذار باللعن والنار لمن أتى النساء في الأدبار. (ط. دار الإمام أحمد)
    تقديم فضيلة الشيخ يحيى بن علي الحجوري حفظه الله: ... فقد قرأت أكثر هذه الراسلة التي بعنوان "الإنذار باللعن والنار لمن أتى النساء في الأدبار" لأخينا الشيخ كمال بن ثابت العدني حفظه الله فرأيته أقامها على أسلوب الغيورين الناصحين المحذرين للأمة مما يشين من اغتر ببعض الآثار المختلقة الضعيفة، والأقوال الشاذة في هذه المسألة أو غيرها، فيقع فيما يغضب رب العالمين؛ فكان الواجب على المسلم تحري الصواب والحذر مما يجلب سوء العقاب، وجزى الله أخانا الشيخ كمالا على ما جمعه من نصح في هذا الباب، وبالله التوفيق وإليه المرجع والمآب.
    13- بيان وحقائق لما عليه فتنة عبد الرحمن.
    14- التعميد والتدعيم نصيحة مؤدبة موجهة إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب الوصابي-.
    15- جناية محمد بن عبد الوهاب الوصابي على الأصول السلفية.
    16- التحقيق والتعليق على كتاب الاجتهاد في حكم الجهاد لابن كثير.

    وغيرها من الرسائل النافعة والمباحث المفيدة. واشتغل رحمه الله بما عينه شيخنا العلامة يحيى الحجوري حفظه الله من المشاركة في التحقيق والتخريج على كتاب عظيم "فتح الباري" لابن حجر رحمه الله، وذلك يدل على قوة علمه.
    وضحى بنفسه وماله مع شيخنا يحيى الحجوري وجميع أهل دماج حفظهم الله في صد فتنة الروافض الحوثيين الزنادقة الكفار، الذين حاولوا القضاء على المسلمين في دماج، في ثورتهم السادسة في تاريخ 3 رمضان 1430 هـ إلى 28 صفر 1431 هـ.
    ثم صمد شيخنا يحيى الحجوري وجميع أهل دماج حفظهم الله لما حصرتهم الحوثيون قبل شهر رمضان 1432 هـ مرحلة بعد مرحلة حتى بدءوا إطلاق الرصاص في تاريخ 7 ذي الحجة 1432 هـ فيزداد شدة حتى ينتهي في 1 صفر 1433 هـ. وهذه الحرب السابعة كانت أشد وأكثر ضحايا من السادسة. فثبت جنود الرحمن أمام جنود الشيطان وكأنهم يقولون: نحن الجبال إذا لم تبق الأجبال.
    ثم جاء الحصار مرة أخرى في أواخر شهر ذي القعدة 1434هـ إلى الآن بأعظم مكر ومكيدة تحير به كثير من عقول الناس وتزعزع به كثير من رؤساء المجتمع لهول شأن من دفع تلك الحوثة الكفرة. قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: 175]. وقال سبحانه: ﴿وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46) فَلَا تَحْسَبَنَّ الله مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ الله عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ﴾ [إبراهيم: 46، 47].
    ولقد صبر الشيخ كمال مع شيخنا يحيى الحجوري وجميع مشابخ دار الحديث بدماج والطلاب الأبرار وجميع موطني دماج –حفظهم الله- على هذه المحن كلها –بتوفيق الله وحده- وعسى الله أن يجعلهم من زمرة المفلحين: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا الله عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا * لِيَجْزِيَ الله الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ الله كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [الأحزاب/23، 24].
    وما كان لنفس إلا أن تموت إلا بإذن الله كتاباً مؤجلاً، وموت شخص سني في سبيل الله حال كونه أسداً شجعان هو موت مغبوط منه، فكأنه يقول حرام بن ملحان رضي الله عنه لما كان في سبيل الله فأتاه رجل من خلفه فطعنه حتى أنفذه بالرمح: الله أكبر فزت ورب الكعبة. (أخرجه البخاري (4091) ومسلم (677)).
    فيا أعداء الله، نقول لكم كما أمرنا ربنا جل ذكره: ﴿قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ﴾ [التوبة: 52].
    والشيخ كمال العدني رحمه الله ذو غيرة قوية على دينه، كما عرف ذلك في رسائله وأقواله ونصائحه، نحسبه كذلك والله حسيبه ولا نزكي على الله أحداً. والغيرة الشرعية هي أصل الجهاد في سبيل الله. قال الإمام ابن القيم رحمه الله: وهذه الغيرة هي أصل الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهي الحاملة على ذلك. فإن خلت من القلب لم يجاهد ولم يأمر بالمعروف ولم ينه عن المنكر فإنه إنما يأتي بذلك غيرة منه لربه ولذلك جعل الله سبحانه وتعالى علامة محبته ومحبوبيته الجهاد فقال الله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم﴾. ("روضة المحبين"/ص 274).
    فكما أن الجهاد في سبيل الله سبب الرفعة والشرف أرجو الله أن يجعل شيخنا كمالاً العدني رحمه الله من أهل الشرف والرفعة.
    قال الإمام ابن القيم رحمه الله: وأشرف الناس وأعلاهم قدر وهمة أشدهم غيرة على نفسه وخاصته وعموم الناس. ولهذا كان النبي أغير الخلق على الأمة والله سبحانه أشد غيرة منه كما ثبت في "الصحيح" عنه أنه قال: «أتعجبون من غيرة سعد لأنا أغير منه والله أغير مني» وفي "الصحيح" أيضا عنه أنه قال في خطبة الكسوف: «يا أمة محمد ما أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته» وفي "الصحيح" أيضا عنه أنه قال: «لا أحد أغير من الله من أجل ذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا أحد أحب اليه العذر من الله من أجل ذلك أرسل الرسل مبشرين ومنذرين ولا أحد أحب اليه المدح من الله من أجل ذلك أثنى على نفسه»، فجمع في هذا الحديث بين الغيرة التي أصلها كراهة القبائح وبنضها وبين محبة العذر الذي يوجب كمال العدل والرحمة والإحسان، والله سبحانه مع شدة غيرته يحب إن يعتذر إليه عبده ويقبل عذر من اعتذر إليه، وأنه لايؤاخذ عبده بارتكاب ما يغار من ارتكابه حتى يعذر إليهم، ولأجل ذلك أرسل رسله وأنزل كتبه إعذارا وإنذارا، وهذا غاية المجد والإحسان ونهاية الكمال، فإن كثيرا ممن تشتد غيرته من المخلوقين تحمله شدة الغيرة على سرعة الإيقاع والعقوبة من غير إعذار منه ومن غير قبول العذر ممن اعتذر إليه، بل قد يكون له في نفس الأمر عذر ولا تدعه شدة الغيرة أن يقبل عذره. وكثير ممن تقبل المعاذير يحمله على قبولها قلة الغيرة حتى يتوسع في طريق المعاذير ويرى عذرا ما ليس بعذر حتى يعذر كثير منهم بالعذر. وكل منهما غير ممدوح على الإطلاق.
    (انتهى من "الجواب الكافي"/ص 106-108/دار ابن الجوزي).
    ولا شك أن الإنسان يصيب ويخطئ ويعلم ويجهل، وكل شخص يؤخذ من قوله ويترك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن ليس ذلك سبباً للطعن في الشيخ كمال العدني رحمه الله، وكان يجتهد في معرفة الحق وتحري الصواب ويقبل النصيحة الحقة. قال الإمام الذهبي رحمه الله: وما من شرط العالم أنه لا يخطئ. ("سير أعلام النبلاء"/19/ص339).

    الباب الثاني: علاج حرارة المصيبة

    لا بد من الموت، ولكن الله اختار لبعض أوليائه موتا في بعض الحالات ليرفعهم بذلك إلى درجات عالية أعدها لهم. عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «بينما رجل يمشى بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخره فشكر الله له فغفر له». وقال: «الشهداء خمسة المطعون، والمبطون، والغرق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله عز وجل». (أخرجه البخاري (652) ومسلم (5049)).
    قال الإمام ابن القيم رحمه الله: وإن أغرق أولياءه وأهل طاعته فهو سبب من الأسباب التي نصبها لموتهم، وتخليصهم من الدنيا، والوصول إلى دار كرامته ومحلّ قربه، ولا بد من موت على كل حال، فاختار لهم أكمل الموتتين وأنفعهما لهم في معادهم ليوصلهم إلى درجات عالية لا تنال إلا بتلك الأسباب التي نصبها الله موصلها كإيصال سائر الأسباب إلى مسبباتها. ("مفتاح دار السعادة"/2/ص 80).
    ولا شك أن القلب يحزن والعين تدمع بهذا الفراق، ولا نقول إلا بما يرضي ربنا عز وجل. عن أنس رضي الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضى ربنا وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون». (أخرجه البخاري (1303) ومسلم (2315)).
    ثم إن هذه المصيبة لها حرارة يحتاج العبد إلى علاجها. قال الإمام ابن القيم رحمه الله: فصل في هديه صلى الله عليه و سلم في علاج حر المصيبة وحزنها. قال تعالى : ﴿وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون﴾ [البقرة : 155]. وفي المسند عنه صلى الله عليه و سلم أنه قال: «ما من أحد تصيبه مصيبة فيقول : إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها إلا أجاره الله في مصيبته وأخلف له خيرا منها».
    وهذه الكلمة من أبلغ علاج المصاب وأنفعه له في عاجلته وآجلته فإنها تتضمن أصلين عظيمين إذا تحقق العبد بمعرفتهما تسلى عن مصيبته
    أحدهما : أن العبد وأهله وماله ملك لله عز و جل حقيقة وقد جعله عند العبد عارية فإذا أخذه منه فهو كالمعير يأخذ متاعه من المستعير. وأيضا فإنه محفوف بعدمين : عدم قبله وعدم بعده وملك العبد له متعة معارة في زمن يسير. وأيضا فإنه ليس الذي أوجده عن عدمه حتى يكون ملكه حقيقة ولا هو الذي يحفظه من الآفات بعد وجوده ولا يبقي عليه وجوده، فليس له فيه تأثير ولا ملك حقيقي. وأيضا فإنه متصرف فيه بالأمر تصرف العبد المأمور المنهي لا تصرف الملاك، ولهذا لا يباح له من التصرفات فيه إلا ما وافق أمر مالكه الحقيقي.
    والثاني : أن مصير العبد ومرجعه إلى الله مولاه الحق ولا بد أن يخلف الدنيا وراء ظهره ويجيء ربه فرداً كما خلقه أول مرة بلا أهل ولا مال ولا عشيرة ولكن بالحسنات والسيئات فإذا كانت هذه بداية العبد وما خوله ونهايته فكيف يفرح بموجود أو يأسى على مفقود ففكره في مبدئه ومعاده من أعظم علاج هذا الداء ومن علاجه أن يعلم علم اليقين أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه قال تعالى : ﴿ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير * لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور﴾ [ الحديد : 22 ]
    ومن علاجه أن ينظر إلى ما أصيب به فيجد ربه قد أبقى عليه مثله أو أفضل منه وادخر له - إن صبر ورضي - ما هو أعظم من فوات تلك المصيبة بأضعاف مضاعفة وأنه لو شاء لجعلها أعظم مما هي
    ومن علاجه أن يطفئ نار مصيبته ببرد التأسي بأهل المصائب وليعلم أنه في كل واد بنو سعد ولينظر يمنة فهل يرى إلا محنة ؟ ثم ليعطف يسرة فهل يرى إلا حسرة ؟ وأنه لو فتش العالم لم ير فيهم إلا مبتلى إما بفوات محبوب أو حصول مكروه وأن شرور الدنيا أحلام نوم أو كظل زائل إن أضحكت قليلا أبكت كثيرا وإن سرت يوما ساءت دهرا وإن متعت قليلا منعت طويلا وما ملأت دارا خيرة إلا ملأتها عبرة ولا سرته بيوم سرور إلا خبأت له يوم شرور قال ابن مسعود - رضي الله عنه - : لكل فرحة ترحة وما ملئ بيت فرحا إلا ملئ ترحا وقال ابن سيرين : ما كان ضحك قط إلا كان من بعده بكاء .
    وقالت هند بنت النعمان : لقد رأيتنا ونحن من أعز الناس وأشدهم ملكا ثم لم تغب الشمس حتى رأيتنا ونحن أقل الناس وأنه حق على الله ألا يملأ دارا خيرة إلا ملأها عبرة
    وسألها رجل أن تحدثه عن أمرها فقالت : أصبحنا ذا صباح وما في العرب أحد إلا يرجونا ثم أمسينا وما في العرب أحد إلا يرحمنا
    وبكت أختها حرقة بنت النعمان يوما وهي في عزها فقيل لها : ما يبكيك لعل أحدا آذاك ؟ قالت : لا ولكن رأيت غضارة في أهلي وقلما امتلأت دار سرورا إلا امتلأت حزنا
    قال إسحاق بن طلحة : دخلت عليها يوما فقلت لها : كيف رأيت عبرات الملوك ؟ فقالت : ما نحن فيه اليوم خير مما كنا فيه الأمس إنا نجد في الكتب أنه ليس من أهل بيت يعيشون في خيرة إلا سيعقبون بعدها عبرة وأن الدهر لم يظهر لقوم بيوم يحبونه إلا بطن لهم بيوم يكرهونه ثم قالت :
    ( فبينا نسوس الناس والأمر أمرنا ... إذا نحن فيهم سوقة نتنصف )
    ( فأف لدنيا لا يدوم نعيمها ... تقلب تارات بنا وتصرف )
    ومن علاجها أن يعلم أن الجزع لا يردها بل يضاعفها وهو في الحقيقة من تزايد المرض
    ومن علاجها أن يعلم أن فوت ثواب الصبر والتسليم وهو الصلاة والرحمة والهداية التي ضمنها الله على الصبر والاسترجاع أعظم من المصيبة في الحقيقة
    ومن علاجها أن يعلم أن الجزع يشمت عدوه ويسوء صديقه ويغضب ربه ويسر شيطانه ويحبط أجره ويضعف نفسه وإذا صبر واحتسب أنضى شيطانه ورده خاسئا وأرضى ربه وسر صديقه وساء عدوه وحمل عن إخوانه وعزاهم هو قبل أن يعزوه فهذا هو الثبات والكمال الأعظم لا لطم الخدود وشق الجيوب والدعاء بالويل والثبور والسخط على المقدور .
    ومن علاجها : أن يعلم أن ما يعقبه الصبر والإحتساب من اللذة والمسرة أضعاف ما كان يحصل له ببقاء ما أصيب به لو بقي عليه ويكفيه من ذلك بيت الحمد الذي يبنى له في الجنة على حمده لربه واسترجاعه فلينظر : أي المصيبتين أعظم ؟ : مصيبة العاجلة أو مصيبة فوات بيت الحمد في جنة الخلد وفي الترمذي مرفوعا : «يود ناس يوم القيامة أن جلودهم كانت تقرض بالمقاريض في الدنيا لما يرون من ثواب أهل البلاء»
    وقال بعض السلف : لو لا مصائب الدنيا لوردنا القيام مفاليس .
    ومن علاجها : أن يروح قلبه بروح رجاء الخلف من الله فإنه من كل شئ عوض إلا الله فما منه عوض كما قيل :
    ( من كل شئ إذا ضيعته عوض ... وما من الله إن ضيعته عوض )
    ومن علاجها : أن يعلم أن حظه من المصيبة ما تحدثه له فمن رضي فله الرضى ومن سخط فله السخط فحظك منها ما أحدثته لك فاختر خير الحظوظ أو شرها فإن أحدثت له سخطا وكفرا كتب في ديوان الهالكين وإن أحدثت له جزعا وتفريطا في ترك واجب أو فعل محرم كتب في ديوان المفرطين وإن أحدثت له شكاية وعدم صبر كتب في ديوان المغبونين وإن أحدثت له اعتراضا على الله وقدحا في حكمته فقد قرع باب الزندقة أو ولجه وإن أحدثت له صبرا وثباتا لله كتب في ديوان الصابرين وإن أحدثت له الرضى عن الله كتب في ديوان الراضين وإن أحدثت له الحمد والشكر كتب في ديوان الشاكرين وكان تحت لواء الحمد مع الحمادين وإن أحدثت له محبة واشتياقا إلى لقاء ربه كتب في ديوان المحبين المخلصين
    وفي مسند الإمام أحمد والترمذي من حديث محمود بن لبيد يرفعه : «إن الله إذا أحب قوما ابتلاهم فمن رضي فله الرضى ومن سخط فله السخط» زاد أحمد : «ومن جزع فله الجزع»
    ومن علاجها : أن يعلم أنه وإن بلغ في الجزع غايته فآخر أمره إلى صبر الاضطرار وهو غير محمود ولا مثاب قال بعض الحكماء : العاقل يفعل في أول يوم من المصيبة ما يفعله الجاهل بعد أيام ومن لم يصبر صبر الكرام سلا سلو البهائم وفي الصحيح مرفوعا : «الصبر عند الصدمة الأولى» وقال الأشعث بن قيس: إنك إن صبرت إيمانا واحتسابا وإلا سلوت سلو البهائم .
    ومن علاجها : أن يعلم أن أنفع الأدوية له موافقة ربه وإلهه فيما أحبه ورضيه له وأن خاصية المحبة وسرها موافقة المحبوب فمن ادعى محبة محبوب ثم سخط ما يحبه وأحب ما يسخطه فقد شهد على نفسه بكذبه وتمقت إلى محبوبه. وقال أبو الدرداء : أن الله إذا قضى قضاء أحب أن يرضى به. وكان عمران بن حصين يقول في علته : أحبه إلي أحبه إليه. وكذلك قال أبو العالية .
    وهذا دواء وعلاج، لا يعمل إلا مع المحبين، ولا يمكن كل أحد أن يتعالج به.
    ومن علاجها : أن يوازن بين أعظم اللذتين والمتعتين وأدومهما : لذة تمتعه بما أصيب به ولذة تمتعه بثواب الله له فإن ظهر له الرجحان فآثر الراجح فليحمد الله على توفيقه وإن آثر المرجوح من كل وجه فليعلم أن مصيبته في عقله وقلبه ودينه أعظم من مصيبته التي أصيب بها في دنياه.
    ومن علاجها أن يعلم أن الذي ابتلاه بها أحكم الحاكمين وأرحم الراحمين وأنه سبحانه لم يرسل إليه البلاء ليهلكه به ولا ليعذبه به ولا ليجتاحه وإنما افتقده به ليمتحن صبره ورضاه عنه وإيمانه وليسمع تضرعه وابتهاله وليراه طريحا ببابه لائذا بجنابه مكسور القلب بين يديه رافعا قصص الشكوى إليه.
    قال الشيخ عبد القادر : يا بني ! إن المصيبة ما جاءت لتهلكك وإنما جاءت لتمتحن صبرك وإيمانك يا بني ! القدر سبع والسبع لا يأكل الميتة .
    والمقصود : أن المصيبة كير العبد الذي يسبك به حاصله فإما أن يخرج ذهبا أحمر وإما أن يخرج خبثا كله كما قيل :
    ( سبكناه ونحسبه لجينا ... فأبدى الكير عن خبث الحديد )
    فإن لم ينفعه هذا الكير في الدنيا فبين يديه الكير الأعظم فإذا علم العبد أن إدخاله كير الدنيا ومسبكها خير له من ذلك الكير والمسبك وأنه لا بد من أحد الكيرين فليعلم قدر نعمة الله عليه في الكير العاجل.
    ومن علاجها : أن يعلم أنه لو لا محن الدنيا ومصائبها لأصاب العبد - من أدواء الكبر والعجب والفرعنة وقسوة القلب - ما هو سبب هلاكه عاجلا وآجلا فمن رحمة أرحم الراحمين أن يتفقده في الأحيان بأنواع من أدوية المصائب تكون حمية له من هذه الأدواء وحفظا لصحة عبوديته واستفراغا للمواد الفاسدة الرديئة المهلكة منه فسبحان من يرحم ببلائه ويبتلي بنعمائه كما قيل :
    ( قد ينعم بالبلوى وإن عظمت ... ويبتلي الله بعض القوم بالنعم )
    فلو لا أنه - سبحانه - يداوي عباده بأدوية المحن والإبتلاء لطغوا وبغوا وعتوا والله - سبحانه - إذا أراد بعبد خيرا سقاه دواء من الابتلاء والامتحان على قدر حاله يستفرغ به من الأدواء المهلكة حتى إذا هذبه ونقاه وصفاه أهله لأشرف مراتب الدنيا وهي عبوديته وأرفع ثواب الآخرة وهو رؤيته وقربه.
    ومن علاجها : أن يعلم أن مرارة الدنيا هي بعينها حلاوة الآخرة يقلبها الله سبحانه كذلك وحلاوة الدنيا بعينها مرارة الآخرة ولأن ينتقل من مرارة منقطعة إلى حلاوة دائمة خير له من عكس ذلك فإن خفي عليك هذا فانظر إلى قول الصادق المصدوق : «حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات».
    وفي هذا المقام تفاوتت عقول الخلائق وظهرت حقائق الرجال فأكثرهم آثر الحلاوة المنقطعة على الحلاوة الدائمة التي لا تزول ولم يحتمل مرارة ساعة لحلاوة الأبد ولا ذل ساعة لعز الأبد ولا محنة ساعة لعافية الأبد فإن الحاضر عنده شهادة والمنتظر غيب والإيمان ضعيف وسلطان الشهوة حاكم فتولد من ذلك إيثار العاجلة ورفض الآخرة وهذا حال النظر الواقع على ظواهر الأمور وأوائلها ومبادئها وأما النظر الثاقب الذي يخرق حجب العاجلة ويجاوزه إلى العواقب والغايات فله شأن آخر .
    فادع نفسك إلى ما أعد الله لأوليائه وأهل طاعته من النعيم المقيم والسعادة الأبدية والفوز الأكبر وما أعد لأهل البطالة والإضاعة من الخزي والعقاب والحسرات الدائمة ثم اختر أي القسمين أليق بك وكل يعمل على شاكلته وكل أحد يصبو إلى ما يناسبه وما هو الأولى به ولا تستطل هذا العلاج فشدة الحاجة إليه من الطبيب والعليل دعت إلى بسطه وبالله التوفيق .
    (انتهى من "زاد المعاد" /4 /ص173/ط. الرسالة).
    وصلت إلى هذا السطر قبل نصف الليل بساعة، والرافضة في جبل صمع يشغلون محاضرة شيطانهم ثم عقبوه بأغانيهم بصوت كبير يملأ وادي دماج. قاتلهم الله.

    الباب الثالث: رثاء من شيخنا الفاضل أبي محمد عبد الحميد الحجوري الزعكري حفظه الله

    هذا رثاء من شيخنا الفاضل أبي محمد عبد الحميد الحجوري الزعكري حفظه الله:
    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ... أما بعد :
    يقول الله عز وجل في كتابه الكريم : ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾، ويقول سبحانه وتعالى : ﴿لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ﴾، ويقول: ﴿وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَاباً مُؤَجَّلاً﴾، وفي الحديث عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ الله تَعَالَى فَرَغَ إِلَى كُلِّ عَبْدٍ مِنْ خَلْقِهِ مِنْ خَمْسٍ مِنْ أَجَلِهِ وَمِنْ عَمَلِهِ وَمِنْ رِزْقِهِ وَمِنْ أَثَرِهِ وَمِنْ مَضْجَعِهِ» ..
    فمن هذا الباب إنني لأعزي نفسي وشيخي وجميع أهل السنة في الداخل والخارج بوفاة أخينا الشيخ الجليل الذي جاهد ببنانه ولسانه وسنانه حتى قتل شهيدًا فيما نحسبه والله حسيبه يوم الأحد الخامس عشر من ذي الحجة الحرام 1434 للهجرة ، ألا وهو أخونا أبو عبدالله كمال بن ثابت العدني الذي نفع الله به ..
    وإنها والله لموتة كريمة حين يقتل الإنسان على السنة وحال الرباط والجهاد للزنادقة الكافرين ، وفي حديث : "خَيْرُ قَتْلَى مَنْ قَتَلُوهُ " ، ثم في الرباط وفي الحديث الذي أخرجه مسلم عَنْ سَلْمَانَ رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ وَإِنْ مَاتَ جَرَى عَلَيْهِ عَمَلُهُ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُهُ وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ وَأَمِنَ الْفَتَّانَ ) رواه مسلم (1913) ، وأيضاً ممن له علم ينتفع به ففي حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، عند مسلم أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ " ..
    فرحمه الله رحمة الأبرار وأسكنه فسيح جناته وغفر له زلته ورفع له درجته ...
    ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، وإنا لله وإنااليه راجعون.
    وكتب /
    أبو محمد عبد الحميد الحجوري.
    دار الحديث بدمَّاج
    15 من ذي الحجة 1434هـ .

    فبهذا انتهيت من هذا الجهد المتواضع في إبلاغ عزاء في شيخنا كمال العدني والأخ أحمد النجار ومن قبلهم من مستشهدي هذه المعارك –نحسبهم كذلك وهو حسيبهم-.
    والله تعالى أعلم، والحمد لله رب العالمين.
    دماج 16ذو الحجة 1434 هـ.

  • #2
    جزاك الله خيرا آخي عبدالرحمن على هذه الترجمة المختصرة
    ورحم الله أخي الشيخ كمال وتقبله الله في الشهداء

    تعليق


    • #3
      بارك الله فيك اخي عبد الرحمن الجاوي الإندونيسي
      على هذه الترجمه للشيخ المجاهد الشهيد فيما نحسبه والله حسيبه
      كمال ابن ثابت العدني رحمه الله رحمه الابرار واسكنه الفردوس الاعلى

      تعليق


      • #4
        رحم الله الشيخ كمالا وأسكنه فسيح جناته وألحقنا به، كمال لم يمت في قلوبنا وعقولنا، كمال ترك ما تنتفع به الأمة إلى يوم القيامة بإذن الله، وخير دليل على ذلك أن رسائله وصلت من أرض اليمن ومن منطقة دماج ومن دار الحديث الأبية إلى بلاد المغرب الأقصى وكم كنا نتلذذ بقراءة كتاباته وخاصة ردوده القوية على الحزبيين، فنسأل الله في علاه أن يتقبله من الشهداء

        تعليق


        • #5
          جز الله خيراً أخي أبو فيروز ورحم الله شيخنا كمال بن ثابت العدني وأسكنه فسيح جناته ونسأل الله أن ينتقم من الرافضة الزنادقة الملاعين

          تعليق


          • #6
            رحمه الله تعالى رحمة واسعة

            تعليق


            • #7
              رحمهم الله جميعا رحمة واسعة
              أسأل الله العظيم ان يتقبلهم في الشهداء.......

              تعليق


              • #8
                كلمة لابد منها

                رحم الله شيخنا المبارك كمال بن ثابت العدني ذلك الرجل المتواضع الشهم الذي عرف بشجاعته وصلابته في الحق ونسأل الله أن يتقبله في الشهداء !
                وقد عرفته مدينة تريم ــ عندما نزل إليها دعوة في مسجد السنة ــ بصدعه بالحق ونسفه للباطل وأهله فلله دره وعلى الله أجره !!
                وما أتينا إلى دار الحديث بدماج الخير زيارة إلا رحَّب بإخوانه ترحيبا حارا فلا تزال كلماته ترنُ في أذني فأسأل الله الكريم أن يبلغه الفردوس الأعلى هو وإخوانه الميامين الذين جادوا بمهجهم وباعوها لله عز وجل نحسبهم كذلك والله حسيب الجميع !!

                التعديل الأخير تم بواسطة عمر بن أحمد صبيح; الساعة 28-10-2013, 08:41 PM.

                تعليق


                • #9
                  إن لله وإن إليه راجعون رحمك الله واسكنك الفردوس الأعلى

                  تعليق

                  يعمل...
                  X