فهذه ترجمة لأحد الشهداء فيما نحسبهم والله حسيبهم ممن قتل في جبهة كتاف ألا وهو الشيخ عبدالرب بن صالح الحميقاني البيضاني رحمه الله أسميتها
العقيق اليماني في ترجمة الشيخ أبي الحسن عبدالرب بن صالح الحميقاني
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ربي لا شريك له تقدست أسماؤه وتعالت ذاته، أشكره سبحانه وتعالى ولا أكفره وأخاصم وأهجر من يتركه، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة وأدى الأمانة وجاهد في الله حق جاهده حتى أتاه اليقين من ربه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
ثم أما بعد:
فإن الله سبحانه وتعالى يخلق ما يشاء ويختار ما يشاء، ويصطفي من يشاء وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة، فلقد اصطفى الله عزوجل واختار نخبة من أهل السنة ممن شارك في حرب الرافضة الأشرار عندما حاصروا دار العلم والسنة دار الحديث بدماج حرسها الله، وكان ممن اختارهم الله واصفاهم فيما نحسبه والله حسيبه أخونا الشيخ عبدالرب بن صالح الحميقاني رحمه الله رحمة الأبرار، قال تعالى: (ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين).
فأحببت في هذه الوريقات أن أذكر شيئا من ترجمته والذي حملني على ذلك أمور: منها
أولا: الأخوة في الله التي كانت بيننا وجمعتنا في دار الحديث السلفية بمسجد علي بن أبي طالب بالبيضاء منذ نزل هذا المركز المبارك بعدما كادت تعشش فيه حزبية ابني مرعي فالله الحمد لله على فضله وإحسانه.
ثانيا: برا ووفاءا بالأخ الشيخ أبي الحسن عبدالرب بن صالح رحمه الله فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "خير الأصحاب عند الله تعالى خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله تعالى خيرهم لجاره، رواه الترمذي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وصححه العلامة الألباني رحمه الله في الصحيحة (103).
فانطلاقا من هذا الحديث وغيره أحببت أن أذكر نبذة من سيرة أخي المبارك الشيخ عبدالرب الحميقاني رحمه الله الذي وافته المنية وهو في أرض البطولة والكرامة أرض كتاف، ونحسب أن الله عزوجل قد أختاره شهيدا والله حسيبه ، ولا يخفى ما أكرم الله عزوجل به الشهداء الذين يقاتلون في سبيله من أجل إعلاء كلمته قال الله تعالى:( وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ سورة البقرة(154).
قال العلامة السعدي رحمه الله: وفي هذه الآية أعظم حث على الجهاد في سبيل الله، وملازمة الصبر عليه، فلو شعر العباد بما للمقتولين في سبيل الله من الثواب لم يتخلف عنه أحد، ولكن عدم العلم اليقيني التام، هو الذي فتر العزائم، وزاد نوم النائم، وأفات الأجور العظيمة والغنائم، لم لا يكون كذلك ...فوالله لو كان للإنسان ألف نفس، تذهب نفسا فنفسا في سبيل الله، لم يكن عظيما في جانب هذا الأجر العظيم، ولهذا لا يتمنى الشهداء بعدما عاينوا من ثواب الله وحسن جزائه إلا أن يردوا إلى الدنيا، حتى يقتلوا في سبيله مرة بعد مرة.
وقال تعالى :(وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171).
قال السعدي رحمه الله: وفي هذه الآيات إثبات نعيم البرزخ، وأن الشهداء في أعلى مكان عند ربهم، وفيه تلاقي أرواح أهل الخير، وزيارة بعضهم بعضا، وتبشير بعضهم بعضا.
وقال ابن كثير رحمه الله : يخبر تعالى عن الشهداء بأنهم وإن قُتلوا في هذه الدار فإن أرواحهم حية مرزوقة في دار القرار .
وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال : سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية فقال : أرواحهم في جوف طير خضر ، لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت ، ثم تأوي إلى تلك القناديل ، فاطلع إليهم ربهم إطلاعة ، ثم قال : هل تشتهون شيئاً ؟ فقالوا : أي شيء نشتهي و نحن نسرح من الجنة حيث شئنا !؟ ففعل ذلك بهم ثلاث مرات ، فلما رأوا أنهم لن يُتركوا من أن يُسألوا ، قالوا : يا رب ، نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نُقتل في سبيك مرة أخرى .. فلما رأى أن ليس لهم حاجة تُركوا رواه مسلم.
وقال تعالى: { إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } .
وقال تعالى: (وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (4) سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (5) وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ سورة محمد (6). وقد تواترت الأحاديث الكثيرة المتكاثرة التي تبين وتدل على فضل الشهادة في سبيل الله فمن فضائل الشهادة في سبيل الله أنها سبب لمغفرة الذنوب
وذلك لما رواه مسلم عَنْ أَبِى قَتَادَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَامَ فِيهِمْ فَذَكَرَ لَهُمْ:« أَنَّ الْجِهَادَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَالإِيمَانَ بِاللَّهِ أَفْضَلُ الأَعْمَالِ ». فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ تُكَفَّرُ عَنِّى خَطَايَاىَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ-صلى الله عليه وسلم- « نَعَمْ إِنْ قُتِلْتَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَأَنْتَ صَابِرٌ مُحْتَسِبٌ مُقْبِلٌ غَيْرُ مُدْبِرٍ ». ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- « كَيْفَ قُلْتَ». قَالَ أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَتُكَفَّرُ عَنِّى خَطَايَاىَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-« نَعَمْ وَأَنْتَصَابِرٌ مُحْتَسِبٌ مُقْبِلٌ غَيْرُ مُدْبِرٍ إِلاَّ الدَّيْنَ فَإِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْه السَّلاَمُ قَالَ لِى ذَلِكَ".
وفي مسلم أيضا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قَالَ« يُغْفَرُلِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إِلاَّ الدَّيْنَ".
ومن فضائل الشادة في سبيل الله أن دار الشهداء في الجنة أحسن الدور وذلك لما في الصحيحينوعَنْ سَمُرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ على آله وَسَلَّمَ "رَأَيْتُ اللَّيْلَةَرَجُلَيْنِ أَتَيَانِي فَصَعِدَا بِي الشَّجَرَةَ فَأَدْخَلَانِي دَارًا هِيَ أَحْسَنُ وَأَفْضَلُ لَمْ أَرَ قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهَا قَالَا أَمَّا هَذِهِ الدَّارُ فَدَارُالشُّهَدَاءِ" . فأنت تأمل أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى الجنة وما فيها ... ولكن عندما رأى دار الشهداء قال : لم أرى قط أحسن ولا أفضل منها .
ومن فضائل الشهداء ماجاء:
عن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للشهيد عند الله ست خصال: يغفر له في أول دفعة ويرى مقعده من الجنة ويجار من عذاب القبر ويأمن من الفزع الأكبر ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها ويزوج اثنتين وسبعين من الحور العين ويشفع في سبعين من أقاربه . رواه ابن ماجه والترمذي وصححه العلامة الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب (2/67).
وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل حديث قبله ومتنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن للشهيد عند الله سبع خصال أن يغفر له في أول دفعة من دمه ويرى مقعده من الجنة ويحلى حلة الإيمان ويجار من عذاب القبر ويأمن من الفزع الأكبر ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها ويزوج ثنتين وسبعين زوجة من الحور العين ويشفع في سبعين إنسانا من أقاربه . رواه أحمد والطبراني وصححه العلامة الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب (2/67).
إلى غير ذلك من الأحاديث الدالة على فضل الشهادة في سبيل الله.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : وهو يتكلم عن فضائل الجهاد في سبيل الله.... ولم يرد في ثواب الأعمال وفضلها ، مثل ما ورد فيه ، فهو ظاهر عند الاعتبار ، فإن نفع الجهاد عام لفاعله ولغيره في الدين والدنيا ، ومشتمل على جميع أنواع العبادات الباطنة والظاهرة ، فإنه مشتمل من محبة الله - تعالى ، والإخلاص له ، والتوكل عليه ، وتسليم النفس والمال له ، والصبر والزهد ، وذكر الله وسائر أنواع الأعمال ، على ما لا يشتمل عليه عمل آخر ، والقائم به من الشخص والأمة بين إحدى الحسنيين دائما ، إما النصر والظفر ، وإما الشهادة والجنة ، ثم إن الخلق لا بد لهم من محيا وممات ، ففيه استعمال محياهم ومماتهم في غاية سعادتهم في الدنيا والآخرة ، وفي تركه ذهاب السعادتين أو نقصهما ، فإن من الناس من يرغب في الأعمال الشديدة في الدين أو الدنيا ، مع قلة منفعتها ، فالجهاد أنفع فيهما من كل عمل شديد ، وقد يرغب في ترقية نفسه حتى يصادفه الموت ، فموت الشهيد أيسر من كل ميتة ، وهي أفضل الميتات " السياسة الشرعية (159).
وفي هذه الترجمة كما رأيت فإني ذاكر لك سيرة بطل من أبطال محافظة البيضاء، وشجاعاا من شجعانها، الذي افتقده أهل السنة في هذه امحافظة البيضاء خصوصا وفي اليمن عموما،، هذا البطل وهذا المجاهد المقدام/ هو الشيخ عبدالرب بن صالح الحميقاني رحمه الله. وسأتناول شيئا من سيرته وأخلاقه وثباته وجهاده مستعينا بعد الله عزوجل بالإفادة بشيء من سيرته من بعض أقاربه، ولم يتيسر لي أن أنقل كل شيء من سيرته من بعض أصحابه لضيق الوقت، ولكن كما يقال ما لم يدرك كله لا يترك جله. وقد أسميت هذه الترجمة (العقيق اليماني في ترجمة الشيخ أبي الحسن عبدالرب بن صالح البيضاني الحميقاني
أولا:اسمه وكنيته ومولده :
هو أبو الحسن الشيخ عبدالرب بن صالح ابن عبدالرب بن صالح بن محسن الحميقاني، ولد في قرية ذم خشب ،مديرية الزاهر آل حميقان ،له خمسة من الأولاد وهم الحسن وهو أكبرهم ثم عبدالقادر ثم عبد القوي ثم أبو بكر ثم عمر ومن البنات واحدة واسمها جهاد ولدت عقب مقتله رحمة الله تغاشاه وأسأل الله أن ينبت أبنائه جميعا نباتا حسنا وأن يخلف عليهم بالخير في الدنيا والآخرة وأن يسهل أمورهم وأن يصلح أحوالهم
ثانيا:نشأته:
نشأ أبو الحسن في كنف جده ووالديه الذين اجتهدوا في تعليمه وتربيته التربية الدينية ؛فنشأ محافظا على الصلاة مقيما لشرع الله منذ صغره مقبلا على طلب العلم راغبا في ذلك فحفظ جل القرآن وكان خطيب المسجد في قريته آنذاك، فهو على حصيلة طيبة من حيث العلم إن شاء الله.
ثالثاً:رحلته في طلب العلم:
رحل أبو الحسن إلى دار الحديث السلفية بدماج لطلب العلم الشرعي فنهل من ذلك المكان ما يسر الله له ثم عاد إلى قريته معلما وداعيا إلى الله في قريته و في القرى المجاورة لقريته لا يكل ولا يمل في نشر الخير والدعوة الى الله ، محاربا البدعة وأهلها . آخذا بأيدي الشباب إلى حفظ القرآن وطلب العلم الشرعي وأنا واحد ممن كنت منهم وبعد عدة سنوات رحل أبو الحسن إلى محافظة البيضاء فأقام مع إخوانه من أهل السنة في محافظة البيضاء بواجبهم نحو الدعوة إلى الله وكان رحمه الله مكرسا جل جهده في الدعوة إلى الله وترغيب الناس بهذا المنهج ( اتباع سنة النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم حذو القذة بالقذة) (فيما نحسبه والله حسيبه) فصبر على ذلك حتى حقق الله له أمنيته ورأى من إقبال الناس على السنة ما سر خاطره وأثلج صدره
أما بالنسبة لتعامله مع الناس واختلاطه بهم وأنا واحد من أولئك الناس فقد كان سموحا لين الجانب مبتهجا في وجه من يخاطبه فرحمه الله رحمة الأبرار وأسكنه فسيح جناته.
أفادني بكتابة هذه الأسطر ابن عمه وصهره/ أبي معاذ محمد ابن حسن بن عبدالرب الحميقاني حفظه الله.
وقال أخوه الحمدي بن صالح الحميقاني حفظه الله مبينا شيئا من سيرته:
قال: تربى منذ صغره على حسن الخلق فكان وهو في صغره محافظا على الصلاة وملتزما بها على الدوام رباه عليها والده الله أسأل الله أن يعطيهما العافية والصحة، وهكذا جده الشيخ عبدالرب بن صالح بن محسن أسأل الله أن يرحمه و أن يسكنه جناته فهو ترعرع على يديه.
وقد كان رحمه الله القائم في المسجد وهو مازال يدرس في الابتدائيه وكان مثلا عظيما في الأخلاق الطيبة فيما نحسبه والله حسيبه.
ورغم صغر سنه آنذاك إلا أنه كان يحب الخير لكل الناس ويدعوهم إليه
وكان رحمه الله خطيب المسجد وهو ما زال يدرس أيضا في الابتدائية و كان لا يمل وكان يحب فعل الخير فكان يدعو الناس إلى تعليم أبنائهم القرآن الكريم .
فأنشأ حلقات في المسجد لتعليم القرآن الكريم والسنة النبوية ، وكان يكافئ من يحفظ شيئا من القرآن من أجل تشجيعه
فشب رحمه الله على هذا وكان رحمه الله يزور المناطق القريبه والبعيدة ليلقي فيها الخطب والمحاضرات ولا يضيع وقته إلا بالنصح ودعوة الناس إلى فعل الخير فعرفه الناس وأحبوه، وكان يستغل وقته فيما ينفعه في موعظة للناس ، فالحمد لله أحبه الناس في كل المناطق لأنهم ما عرفوا فيه إلا الخير والاستقامة.
فكان رحمه الله سموح ويدفع بالناس إلى التسامح والمحبة وكان له دور كبير في حل الخلافات بين الناس وبعد ما انتقل من قريته ذمخشب إلى محافظة البيضاء لم يثنه أو يشغله أي شي عن قول الحق والدعوة الى الكتاب والسنة وكان من المثابرين في فعل كل ما هو يرضي الله ورسوله فيما نحسبه والله حسيبه وإن شاء الله أن هذا كله في ميزان حسناته .
وكان رحمه الله همه الدفاع عن كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
حتى استشهد وهو يجاهد الزنادقة والملحدين الفجرة وسبابة أصحاب رسول الله من الروافض الطغاة عليهم لعنة الله في أرض كتاف ليلة السبت فرحمه الله رحمة واسعة.
اللهم اغفر له وارحمه وجعله مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
وكتبه/ الحمدي بن صالح الحميقاني .
رابعاً صفاته:
اجتمعت فيه كثيرا من الصفات الطيبة فقد كان رحمه الله متحليًا بالصدق، والأمانة، والعفة، والصيانة، وكان كريمًا شجاعًا، وفيًا، سمحًا، صبورًا، غيورًا، باذلًا للنصيحة، آمرًا بالمعروف ناهيًا عن المنكر، محبًا للإصلاح بين الناس متحليًا بمكارم الأخلاق فيما نحسبه والله حسيبه .
قال صهره وابن عمه محمد بن عبدالله الحميقاني حفظه الله في بيان شيء من سيرته رحمه الله:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي خلق كل شيء فقدره تقديراً وصلى الله على سيدنا محمد الذي أرسل للعالمين نذيراً وعلى آله وصحبه الذين رضي عنهم وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ... ثم أما بعد :
فإني أكتب هذه السطور عن رجل من رجال الدين ومن الصالحين أحسبه كذلك والله حسيبه ألا وهو الأخ والصديق والرفيق أبو الحسن/ عبدالرب بن صالح بن عبدالرب الحميقاني رحمه الله تعالى رحمة الأبرار وأدخله فسيح الجنات مع النبي المختار وآله الأطهار فقد كان تقياً ورعاً فيما أحسبه والله حسيبه، بشوش الوجه رحيماً كريماً وكان منذ صغر سنه وهو يرعى الغنم في عمر العاشرة وهو يؤذن بالمسجد ويؤذن على رؤوس الجبال وكان لا يسب ولا يشتم بل إنه كان لا يخالط الرعاة الذين يسبون ويشتمون وكان يبادر إلى الصلاة في الجماعة ويبارز أهل البدع بأسلوبه الخاص المقنع وكان له الفضل بعد الله سبحانه في تغيير كافة مناطق الناصفة بآل حميقان من الصوفية إلى السنة، فقد بدأ يدعو إلى الله في جميع هذه القرى مبتدئاً بقريته ذمخشب بآل حميقان ثم جذب الشباب حتى أصبح كل من في القرية سنياً بفضل الله . وكثف جهوده في الدعوة حتى عمت السنة أرجاء الناصفة وهناك الكثير من طلبة العلم الذين جذبهم إلى دماج وأصبحوا حفاظاً لكتاب الله وعادوا دعاة في مناطقهم إلى الله عزوجل، ثم انتقل إلى مدينة البيضاء وقد كان قبلها خطيباً وإماماً لمسجد في قريته (ذمخشب) بالناصفة وكان رحمه الله تعالى يكثر من مجالسة الصالحين و كثيراً ما يصلح بين الناس في قضاياهم وقد كان له قبولاً عجيباً عند كل من عرفه وهو ابن عمي الأكبر وقد صحبته كثيراً وما عهدته إلا تواقاً للجهاد منذ صغره فقد قلت له: يا عبد الرب وأين الجهاد في بلادنا فقال :ما أدراك يا محمد أن ييسر الله لنا الجهاد قريباً وقد كان من أوائل المناصرين للشيخ/ مقبل رحمه الله في بلادنا خاصة حيث كان يجمع الشباب ويذهب بهم إلى محاضراته واذكر مرة أنه جمعنا في ثلاث سيارات وذهب بنا إلى السوادية لحضور محاضرة الشيخ/ مقبل رحمه الله عند الشيخ المطري وكان دائماً ما يطلب مني إذا جلست معه أن أراجع له القرآن وكان ممن يقضي حوائج الناس سراً وبدون أن يذكر هذا وقد كتبت عنه قصيدتان رحمه الله في اليوم الذي استشهد فيه . انتهى قلت سيأتي ذكر القصائد إن شاء الله في آخر الرسالة.
وقال ولده الأكبر الحسن بن عبدالرب رحمه الله:
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله .
ثم أما بعد :
فقد كان والدي أبو الحسن رحمه الله يحثني على حفظ القرآن ومراجعته ويقول: يا بني لا تهمل القرآن فلعل الله أن يتوجنا بتاج يوم القيامة بفضل الله ثم بفضلك فلا تحرمنا هذا الخير.
وكان يقول لي: سبح مائة مرة فلعل الله أن يغفر لك خطاياك وأكثر من قراءة سورة الإخلاص فإنها تعدل ثلث القرآن .
وكان رحمه الله يقول: عسى الله أن ييسر لنا الجهاد في اليمن نسأل الله الشهادة وأخبرني أنه كان عمره سبع سنين وهو مؤذن فبلغ العاشرة فكان الإمام والخطيب .
وكان رحمه الله يحب امتثال الأحاديث .
مثل حديث يوم الجمعة فكان يمشي ولا يركب ويغتسل ويذهب إلى المسجد مبكراً .
فهذا ما عندي من سيرة والدي رحمه الله رحمة الأبرار
وكتبه : أبو عبدالرب الحسن بن عبدالرب الحميقاني حفظه الله.
وتقول زوجته الصالحة الفاضلة أم الحسن وفقها الله:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه ثم أما بعد :
فهذه نبذة مختصرة من حياة أبي الحسن رحمه الله تعالى فقد كان رحمه الله على أخلاق وآداب عالية وكان يحب فعل الخيرات مثل قيام الليل فقد كان يقوم من الليل ما شاء الله حتى إذا أذن المؤذن صلى ركعتين ثم ذهب يصلي الفجر ثم يأتي ويسأل هل صلينا الفجرأم لا ويذكرنا بأذكار الصباح وكان ينصحنا في الإخلاص في العلم واحتساب الأجر من الله تعالى وكان رحمه الله تعالى دائماً يعيننا في فعل الخير حتى وهو في جبهة كتاف فكان يأمرنا بحفظ القرآن ومراجعته وكان صدوقاً أميناً في معاملاته رحيم في أهله براً بوالديه وصلاً برحمه كثير التسبيح وكثير قراءة القرآن وكان يكثر من صيام الاثنين والخميس وكان يحثنا على طلب العلم ويقول: اغتنموا الوقت وكان رحمه الله يكره خروجنا إلا إلى المسجد وكان يتمنا الشهادة في سبيل الله ويقول لا بد من الموت ولكن نسأل الله حسن الختام ولقد أراد الله له الخير فأعطاه ما تمناه نسأل الله أن يتقبله شهيدا وأن يرفع درجته في عليين وأن يجمعنا به في الجنة إنه جواد كريم انتهى كلامها وفقها الله.
خامسا:ثباته وبغضه للحزبية وبالأخص الحزبية الجديدة حزبية عبدالرحمن بن مرعي ومن تعصب له:
وكان هذا مما رأيناه منه ولمسناه وسمعناه هو الثبات منه في هذا الفتنة الحاصلة في دعوة أهل السنة وله مواقف يشكر عليها منها:
أولا: أنه كانت له أرض في الفيوش مع صاحبه ورفيقه أبي مصعب أحمد بن عبدالرب العقيلي وفقه الله فقاما ببيعهما لما سمعا من فتنة عبدالرحمن في دار الحديث بدماج، فجزاهما الله خيرا على ذلك ونعما ما فعل.
وكان يقول لي عن بعض أصحاب الحزب الجديد ومنهم صالح الغشامي مثل هؤلاء نكسر روؤسهم بالثلج أي أننا لا نستقبلهم عندنا في مركز علي بن أبي طالب.
ثالثا: قد جمع هو وإخوانه بعض المخالفات التي حصلت من المتعصب صالح الغشامي وتم نصحه في بيت أخينا محمد الباركي جزاه الله خيرا. فهذا الجمع منه كان لقصد النصيحة وبيان خطأ المخالف عملا بقول النبي صلى الله عليه و سلم الدين النصيحة قلنا: لمن ؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. أخرجه مسلم من حديث أبي رقية تميم الداري رضي الله عنه.
ومما يدل على ثباته ما سيأتي من وصيته إن شاء الله أنه أوصى رحمه الله بنصرة جبهة كتاف، كما أوصى إخوانه في البيضاء بنصرة الحق ونصرة دار الحديث بدماج فهذا يدل على نيته الطيبة جزاه الله خيرا.
وقد نقل أخونا محمد بن علي المظفري وفقه الله كلاما طيبا في ذلك أحببت أن أذكره هنا قال: كنت أتكلم مرة في الفتنة الحاصلة بين أهل السنة والجماعة فقلت له: لو انحاز المشايخ إلى عبدالرحمن العدني فكيف سيكون موقفكم؟ قال: إذا أتونا بالدليل اتبعانهم. انتهى
قال أبو عبدالرحمن الحبيشي أيده الله: وهذا كلام طيب وهؤلاء أعني المشايخ لا دليل لهم على ما يقولونه إلا الهوى واتعصب الأعمى ولهذا أفتى شيخنا يحيى سلمه الله مؤخرا بعد صبر طويل عليهم بهجرهم ونعم ما قال.
سادسا:رغبتة في إكمال حفظ القرآن:
قال أخونا محمد بن علي المظفري وفقه الله: كنت أتكلم أنا والأخ عبدالرب رحمه الله حول حفظ القرآن، فقلت له: على سبيل المزاح أنت عندك بيت،ونحن ما عندنا فقال لي: وأنت معك القرآن فقلت له: هل أنت مستعد أن تعطيني بيتك مقابل حفظ القرآن؟
فقال: نعم. وكان يقولها بصدق رحمه الله. انتهى كلام أخينا محمد وفقه الله.
سابعا: عنايتة بمركز علي بن أبي طالب:
منذ أسست دار الحديث السلفية بالبيضاء مسجد علي بن أبي طالب كان أبو الحسن رحمه الله محبا لها ومهتما بشؤونها وقائما بما يحتاجه طلابها كل هذا منه محبة للسنة وحرصا عليها وقد كان رحمه الله وأسكنه فسيح جناته يقوم بالاهتمام بمركز علي بن أبي طالب حتى إن المركز كان تحت نظره لثقته وأمانته فيما نحسبه والله حسيبه ولا نزكي على الله أحدا، وكان حريصا على الإتيان بما يحتاجه المركز، وكان كريما يستتقبل الضيوف فاتحا بيته لإخوانه مستقبلا لهم عملا بقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وإذا كانت المحاضرة عندنا في مركز علي بن أبي طالب يوم الجمعة، يقوم بالحراسة والانتباه لسيارات الوافدين لسماع المحاضرة فجزاه الله خيرا على ذلك ورفع دجته في المهديين.
ثامنا:حجه:
الحج من أفضل الأعمال وأقرب القربات والأدلة على فضله كثيرة من كتاب ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد من الله علي الشيخ أبي الحسن عبدالرب بن صالح رحمه الله بعدد من الحجات ذكر بعض أقاربه أنها بلغت تسع حجات وقيل أكثر من ذلك،
وأما العمرة فقد ذكر عنه رحمه الله أن اعتمر سبع عمر أسأل الله أن يتقبلها منه وأن يغفر له وأن يجعلها في ميزان حسناته إنه ولي ذلك والقادر عليه.
تاسعا:جهاده:
الجهاد في سبيل الله عزوجل من أفضل الأعمال ومن أقرب القربات قال الله عزوجل:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ سورة الصف(13) سورة الصف
ولما حاصر الروافض الأشرار قبحهم الله وأخزاهم دار الحديث السلفية بدماج كانت عند أبي الحسن الشيخ عبدالرب رحمه الله الحرقة والنهمة والشوق للجهاد في سبيل الله، بل وكان يتمنى الشهادة كما تقدم من كلام أبناء عمه وزوجته، فبعد أداء فريضة الحج لعام 1433هـ ودع أهله وأولاده وأقاربه، وانطلق مودعا لمحافظة البيضاء ثم أنطلق إلى أرض البطولة والشهادة والكرامة أرض كتاف، مبتغيا للشهادة فيما نحسبه والله حسيبه، ولم يبال بفتاوى المخذلين عن الجهاد في سبيل الله، فبينما هو مع الأخ في مترسه إذ جاءته رصاصة من قناصة الحوثة أخزاهم الله فتوفي في ليلة السبت لعام/ 1433هـ فرحمه الله رحمة واسعة
ولما بلغنا خبر وفاته عن طريق أخينا المبارك ناصر الزجى سلمه الله ليلة السبت بعد محاضرة أخينا الشيخ حسين الحطيبي في مركز علي بن أبي طالب فحزنا لذلك وأصابنا من الهم والغم ما الله به عليم، ولكن لا نقول إلا ما يرضي ربنا إنا لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى فنعم الأخ كان هو صدقا ووفاءا وأخلاقا وسماحة وبذلا وعطاءا وجهادا،.
ونحسب أن أخانا الشيخ أبا الحسن رحمه الله أن الله قد هيأه لعمل صالح قبل وفاته فحج واعتمر وجهاد ثم ختم له بالشهادة في سبيل الله عزوجل .
وعن عمرو بن الحمق رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أحب الله عبدا عسله، قالوا: ما عسله يا رسول الله؟ قال: يوفق له عملا صالحا بين يدي أجله حتى يرضى عنه جيرانه أو قال من حوله. رواه ابن حبان في صحيحه والحاكم والبيهقي وصححه العلامة الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب (3/169).
وهنا فائدة أنقلها عن أخينا المبارك محمد بن علي المظفري وفقه الله: قال:بعد أن قتل أخونا الشيخ عبدالرب رحمه الله، ونسأل الله أن يتقبله شهيدا، وهذا ظننا بالله، فاتصل علي الأخ عارف وكنت في وائلة، يسليني في المصاب العظيم لأهل السنة في البيضاء خاصة ولأهل السنة في اليمن عامة، فقال: إنه اتصل الأخ عبدالرب رحمه الله، قبل نصف ساعة من موته وكان عارف آنذاك مصابا إثر الحادث الذي أصيب به أثناء نقل صهره المقتول من كتاف، فقال عن الشيخ عبدالرب رحمه الله: أنه اتصل به وبيده عصير فقال الشيخ عبدالرب رحمه الله: قبل مقتله:أتدري ما الذي بيدي الآن عصير من نوع كذا، فقال عارف: نشربه إن شاء الله في دماج.
فقال أخونا الشيخ عبدالرب رحمه الله: فإن لم نشربه ففي الجنة إن شاء الله ثم بعد نصف ساعة جاء خبر مقتله رحمه الله، رحمة واسعة وجميع إخواننا الذين قدموا أرواحهم رخيصة في سبيل نصرة هذا الدين ونصرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم انتهى
عاشرا: وصية الشيخ عبدالرب بن صالح الحميقاني رحمه الله:
قال فيها وهو في أرض البطولة والكرامة والشهادة في أرض كتاف
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين القائل في كتابه الكريم:( وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } [لقمان: 34].)
والصلاة والسلام على خير البرية وسيد البشرية سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه وهداه إلى يوم الدين، القائل عليه الصلاة والسلام : إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ وَيُقَالُ لَهُ اكْتُبْ عَمَلَهُ وَرِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ.
ثم أما بعد: فهذه وصيتي والتي أوصي بها أولا أهلي وأقاربي بأن يتقوا الله،وهي وصية الله للأولين والآخرين، والمحافظة على شعائر الدين وبالأخص الصلاة
ثانيا: أنه إذا قدر لي بالوفاة فإني أبرأ إلى الله تعالى من أي عمل يقام بعدي يخالف كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبرأ مما برأ الله ورسوله منه من الصالقة والحالقة والشاقة، وكل ما ينافي التوحيد والتوكل والصبر والاحتساب والدعاء، وإذا كانت وفاتي في أرض الجهاد فأرجو أن يكون دفني مع إخواني، السابقين في أرض الجهاد وأوصي أقاربي بعدم القيام بأي معزى مما يخالف شرع الله أو فيه مشقة على الناس.
ثم أوصى رحمه الله تعالى بقضاء ديونه
وصيته لأهل السنة في محافظة البيضاء
قال رحمه الله في الوصية السابقة: بالنسبة للإخوة أهل السنة باليضاء أوصيهم بالتمسك بالكتاب والسنة،على فهم سلف الأمة كما أوصيهم بأن لا يتهاونوا في نصرة الحق ونصرة إخوانهم في ميدان الجهاد، فإنها لا تموت نفس حتى تستوفي أجلها ورزقها، وكذلك نصرة إخوانهم في دماج الخير والسنة، وأن لا ينسونا من صالح دعائهم ويسامحونا فيما كان بيننا وبينهم لعل عندنا لأحد منهم مظلمة لم ندر بها أو نعلمها هذا ما أوصي به ولا يسعنا إلا نقول اللهم : أحيني ما كانت الحياة خير لي وأمتني إذا كان الموت خير لي. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وكتبه/ أبو الحسن عبدالرب بن صالح الحميقاني/ يوم الجمعة قبل غروب الشمس /28/ من شهر صفر/ 1433هـ 19/1/2012م/ في كتاف
الحادي عشر ما قيل من الرثاء فيه بعد مقتله رحمه الله رحمة الأبرار وأسكنه فسيح الجنات:
قال فيه صهره محمد بن عبدالله الحميقاني عندما بلغه خبر وفاته،
القصيدة الأولى وهي بتاريخ 24/2/2012م .
:
وقلت في القصيدة الأخرى
هذا ما تيسر لي ذكره من ترجمة الأخ العزيز السلفي الثبت الشيخ أبي الحسن عبدالرب بن صالح الحميقاني رحمه الله رحمة الأبرار.
وفي الأخير فإني أشكر كل من تعاون معي في بيان شيء من ترجمته وأخص منهم : بالذكر الأخ محمد بن الحسن الحميقاني والأخ محمد بن عبدالله الحميقاني والأخ الحمدي بن صالح الحميقاني والأخ الحسن بن الشيخ عبدالرب الحميقاني والأخ علي بن ناصر الطالبي
وأعتذر لبعض الأخوة ممن لم يتيسر لي أن أنقل كلامهم في بيان سيرة الشيخ عبدالرب رحمه الله، لضيق الوقت ولعل الله أن ييسر لي بنقل كلامهم في وقت آخر إن شاء الله.
وكتبه: أبو عبدالرحمن ردمان بن أحمد بن علي الحبيشي
في دار الحديث السلفية بالبيضاء/ مسجد علي بن أبي طالب/ الموافق/ 17/ من شهر شعبان/1434هـ الأربعاء قبيل صلاة المغرب ولله الحمد والمنة وأسأله الثبات على الكتاب والسنة.
العقيق اليماني في ترجمة الشيخ أبي الحسن عبدالرب بن صالح الحميقاني
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ربي لا شريك له تقدست أسماؤه وتعالت ذاته، أشكره سبحانه وتعالى ولا أكفره وأخاصم وأهجر من يتركه، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة وأدى الأمانة وجاهد في الله حق جاهده حتى أتاه اليقين من ربه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
ثم أما بعد:
فإن الله سبحانه وتعالى يخلق ما يشاء ويختار ما يشاء، ويصطفي من يشاء وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة، فلقد اصطفى الله عزوجل واختار نخبة من أهل السنة ممن شارك في حرب الرافضة الأشرار عندما حاصروا دار العلم والسنة دار الحديث بدماج حرسها الله، وكان ممن اختارهم الله واصفاهم فيما نحسبه والله حسيبه أخونا الشيخ عبدالرب بن صالح الحميقاني رحمه الله رحمة الأبرار، قال تعالى: (ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين).
فأحببت في هذه الوريقات أن أذكر شيئا من ترجمته والذي حملني على ذلك أمور: منها
أولا: الأخوة في الله التي كانت بيننا وجمعتنا في دار الحديث السلفية بمسجد علي بن أبي طالب بالبيضاء منذ نزل هذا المركز المبارك بعدما كادت تعشش فيه حزبية ابني مرعي فالله الحمد لله على فضله وإحسانه.
ثانيا: برا ووفاءا بالأخ الشيخ أبي الحسن عبدالرب بن صالح رحمه الله فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "خير الأصحاب عند الله تعالى خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله تعالى خيرهم لجاره، رواه الترمذي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وصححه العلامة الألباني رحمه الله في الصحيحة (103).
فانطلاقا من هذا الحديث وغيره أحببت أن أذكر نبذة من سيرة أخي المبارك الشيخ عبدالرب الحميقاني رحمه الله الذي وافته المنية وهو في أرض البطولة والكرامة أرض كتاف، ونحسب أن الله عزوجل قد أختاره شهيدا والله حسيبه ، ولا يخفى ما أكرم الله عزوجل به الشهداء الذين يقاتلون في سبيله من أجل إعلاء كلمته قال الله تعالى:( وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ سورة البقرة(154).
قال العلامة السعدي رحمه الله: وفي هذه الآية أعظم حث على الجهاد في سبيل الله، وملازمة الصبر عليه، فلو شعر العباد بما للمقتولين في سبيل الله من الثواب لم يتخلف عنه أحد، ولكن عدم العلم اليقيني التام، هو الذي فتر العزائم، وزاد نوم النائم، وأفات الأجور العظيمة والغنائم، لم لا يكون كذلك ...فوالله لو كان للإنسان ألف نفس، تذهب نفسا فنفسا في سبيل الله، لم يكن عظيما في جانب هذا الأجر العظيم، ولهذا لا يتمنى الشهداء بعدما عاينوا من ثواب الله وحسن جزائه إلا أن يردوا إلى الدنيا، حتى يقتلوا في سبيله مرة بعد مرة.
وقال تعالى :(وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171).
قال السعدي رحمه الله: وفي هذه الآيات إثبات نعيم البرزخ، وأن الشهداء في أعلى مكان عند ربهم، وفيه تلاقي أرواح أهل الخير، وزيارة بعضهم بعضا، وتبشير بعضهم بعضا.
وقال ابن كثير رحمه الله : يخبر تعالى عن الشهداء بأنهم وإن قُتلوا في هذه الدار فإن أرواحهم حية مرزوقة في دار القرار .
وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال : سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية فقال : أرواحهم في جوف طير خضر ، لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت ، ثم تأوي إلى تلك القناديل ، فاطلع إليهم ربهم إطلاعة ، ثم قال : هل تشتهون شيئاً ؟ فقالوا : أي شيء نشتهي و نحن نسرح من الجنة حيث شئنا !؟ ففعل ذلك بهم ثلاث مرات ، فلما رأوا أنهم لن يُتركوا من أن يُسألوا ، قالوا : يا رب ، نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نُقتل في سبيك مرة أخرى .. فلما رأى أن ليس لهم حاجة تُركوا رواه مسلم.
وقال تعالى: { إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } .
وقال تعالى: (وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (4) سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (5) وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ سورة محمد (6). وقد تواترت الأحاديث الكثيرة المتكاثرة التي تبين وتدل على فضل الشهادة في سبيل الله فمن فضائل الشهادة في سبيل الله أنها سبب لمغفرة الذنوب
وذلك لما رواه مسلم عَنْ أَبِى قَتَادَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَامَ فِيهِمْ فَذَكَرَ لَهُمْ:« أَنَّ الْجِهَادَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَالإِيمَانَ بِاللَّهِ أَفْضَلُ الأَعْمَالِ ». فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ تُكَفَّرُ عَنِّى خَطَايَاىَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ-صلى الله عليه وسلم- « نَعَمْ إِنْ قُتِلْتَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَأَنْتَ صَابِرٌ مُحْتَسِبٌ مُقْبِلٌ غَيْرُ مُدْبِرٍ ». ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- « كَيْفَ قُلْتَ». قَالَ أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَتُكَفَّرُ عَنِّى خَطَايَاىَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-« نَعَمْ وَأَنْتَصَابِرٌ مُحْتَسِبٌ مُقْبِلٌ غَيْرُ مُدْبِرٍ إِلاَّ الدَّيْنَ فَإِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْه السَّلاَمُ قَالَ لِى ذَلِكَ".
وفي مسلم أيضا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قَالَ« يُغْفَرُلِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إِلاَّ الدَّيْنَ".
ومن فضائل الشادة في سبيل الله أن دار الشهداء في الجنة أحسن الدور وذلك لما في الصحيحينوعَنْ سَمُرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ على آله وَسَلَّمَ "رَأَيْتُ اللَّيْلَةَرَجُلَيْنِ أَتَيَانِي فَصَعِدَا بِي الشَّجَرَةَ فَأَدْخَلَانِي دَارًا هِيَ أَحْسَنُ وَأَفْضَلُ لَمْ أَرَ قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهَا قَالَا أَمَّا هَذِهِ الدَّارُ فَدَارُالشُّهَدَاءِ" . فأنت تأمل أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى الجنة وما فيها ... ولكن عندما رأى دار الشهداء قال : لم أرى قط أحسن ولا أفضل منها .
ومن فضائل الشهداء ماجاء:
عن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للشهيد عند الله ست خصال: يغفر له في أول دفعة ويرى مقعده من الجنة ويجار من عذاب القبر ويأمن من الفزع الأكبر ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها ويزوج اثنتين وسبعين من الحور العين ويشفع في سبعين من أقاربه . رواه ابن ماجه والترمذي وصححه العلامة الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب (2/67).
وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل حديث قبله ومتنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن للشهيد عند الله سبع خصال أن يغفر له في أول دفعة من دمه ويرى مقعده من الجنة ويحلى حلة الإيمان ويجار من عذاب القبر ويأمن من الفزع الأكبر ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها ويزوج ثنتين وسبعين زوجة من الحور العين ويشفع في سبعين إنسانا من أقاربه . رواه أحمد والطبراني وصححه العلامة الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب (2/67).
إلى غير ذلك من الأحاديث الدالة على فضل الشهادة في سبيل الله.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : وهو يتكلم عن فضائل الجهاد في سبيل الله.... ولم يرد في ثواب الأعمال وفضلها ، مثل ما ورد فيه ، فهو ظاهر عند الاعتبار ، فإن نفع الجهاد عام لفاعله ولغيره في الدين والدنيا ، ومشتمل على جميع أنواع العبادات الباطنة والظاهرة ، فإنه مشتمل من محبة الله - تعالى ، والإخلاص له ، والتوكل عليه ، وتسليم النفس والمال له ، والصبر والزهد ، وذكر الله وسائر أنواع الأعمال ، على ما لا يشتمل عليه عمل آخر ، والقائم به من الشخص والأمة بين إحدى الحسنيين دائما ، إما النصر والظفر ، وإما الشهادة والجنة ، ثم إن الخلق لا بد لهم من محيا وممات ، ففيه استعمال محياهم ومماتهم في غاية سعادتهم في الدنيا والآخرة ، وفي تركه ذهاب السعادتين أو نقصهما ، فإن من الناس من يرغب في الأعمال الشديدة في الدين أو الدنيا ، مع قلة منفعتها ، فالجهاد أنفع فيهما من كل عمل شديد ، وقد يرغب في ترقية نفسه حتى يصادفه الموت ، فموت الشهيد أيسر من كل ميتة ، وهي أفضل الميتات " السياسة الشرعية (159).
وفي هذه الترجمة كما رأيت فإني ذاكر لك سيرة بطل من أبطال محافظة البيضاء، وشجاعاا من شجعانها، الذي افتقده أهل السنة في هذه امحافظة البيضاء خصوصا وفي اليمن عموما،، هذا البطل وهذا المجاهد المقدام/ هو الشيخ عبدالرب بن صالح الحميقاني رحمه الله. وسأتناول شيئا من سيرته وأخلاقه وثباته وجهاده مستعينا بعد الله عزوجل بالإفادة بشيء من سيرته من بعض أقاربه، ولم يتيسر لي أن أنقل كل شيء من سيرته من بعض أصحابه لضيق الوقت، ولكن كما يقال ما لم يدرك كله لا يترك جله. وقد أسميت هذه الترجمة (العقيق اليماني في ترجمة الشيخ أبي الحسن عبدالرب بن صالح البيضاني الحميقاني
أولا:اسمه وكنيته ومولده :
هو أبو الحسن الشيخ عبدالرب بن صالح ابن عبدالرب بن صالح بن محسن الحميقاني، ولد في قرية ذم خشب ،مديرية الزاهر آل حميقان ،له خمسة من الأولاد وهم الحسن وهو أكبرهم ثم عبدالقادر ثم عبد القوي ثم أبو بكر ثم عمر ومن البنات واحدة واسمها جهاد ولدت عقب مقتله رحمة الله تغاشاه وأسأل الله أن ينبت أبنائه جميعا نباتا حسنا وأن يخلف عليهم بالخير في الدنيا والآخرة وأن يسهل أمورهم وأن يصلح أحوالهم
ثانيا:نشأته:
نشأ أبو الحسن في كنف جده ووالديه الذين اجتهدوا في تعليمه وتربيته التربية الدينية ؛فنشأ محافظا على الصلاة مقيما لشرع الله منذ صغره مقبلا على طلب العلم راغبا في ذلك فحفظ جل القرآن وكان خطيب المسجد في قريته آنذاك، فهو على حصيلة طيبة من حيث العلم إن شاء الله.
ثالثاً:رحلته في طلب العلم:
رحل أبو الحسن إلى دار الحديث السلفية بدماج لطلب العلم الشرعي فنهل من ذلك المكان ما يسر الله له ثم عاد إلى قريته معلما وداعيا إلى الله في قريته و في القرى المجاورة لقريته لا يكل ولا يمل في نشر الخير والدعوة الى الله ، محاربا البدعة وأهلها . آخذا بأيدي الشباب إلى حفظ القرآن وطلب العلم الشرعي وأنا واحد ممن كنت منهم وبعد عدة سنوات رحل أبو الحسن إلى محافظة البيضاء فأقام مع إخوانه من أهل السنة في محافظة البيضاء بواجبهم نحو الدعوة إلى الله وكان رحمه الله مكرسا جل جهده في الدعوة إلى الله وترغيب الناس بهذا المنهج ( اتباع سنة النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم حذو القذة بالقذة) (فيما نحسبه والله حسيبه) فصبر على ذلك حتى حقق الله له أمنيته ورأى من إقبال الناس على السنة ما سر خاطره وأثلج صدره
أما بالنسبة لتعامله مع الناس واختلاطه بهم وأنا واحد من أولئك الناس فقد كان سموحا لين الجانب مبتهجا في وجه من يخاطبه فرحمه الله رحمة الأبرار وأسكنه فسيح جناته.
أفادني بكتابة هذه الأسطر ابن عمه وصهره/ أبي معاذ محمد ابن حسن بن عبدالرب الحميقاني حفظه الله.
وقال أخوه الحمدي بن صالح الحميقاني حفظه الله مبينا شيئا من سيرته:
قال: تربى منذ صغره على حسن الخلق فكان وهو في صغره محافظا على الصلاة وملتزما بها على الدوام رباه عليها والده الله أسأل الله أن يعطيهما العافية والصحة، وهكذا جده الشيخ عبدالرب بن صالح بن محسن أسأل الله أن يرحمه و أن يسكنه جناته فهو ترعرع على يديه.
وقد كان رحمه الله القائم في المسجد وهو مازال يدرس في الابتدائيه وكان مثلا عظيما في الأخلاق الطيبة فيما نحسبه والله حسيبه.
ورغم صغر سنه آنذاك إلا أنه كان يحب الخير لكل الناس ويدعوهم إليه
وكان رحمه الله خطيب المسجد وهو ما زال يدرس أيضا في الابتدائية و كان لا يمل وكان يحب فعل الخير فكان يدعو الناس إلى تعليم أبنائهم القرآن الكريم .
فأنشأ حلقات في المسجد لتعليم القرآن الكريم والسنة النبوية ، وكان يكافئ من يحفظ شيئا من القرآن من أجل تشجيعه
فشب رحمه الله على هذا وكان رحمه الله يزور المناطق القريبه والبعيدة ليلقي فيها الخطب والمحاضرات ولا يضيع وقته إلا بالنصح ودعوة الناس إلى فعل الخير فعرفه الناس وأحبوه، وكان يستغل وقته فيما ينفعه في موعظة للناس ، فالحمد لله أحبه الناس في كل المناطق لأنهم ما عرفوا فيه إلا الخير والاستقامة.
فكان رحمه الله سموح ويدفع بالناس إلى التسامح والمحبة وكان له دور كبير في حل الخلافات بين الناس وبعد ما انتقل من قريته ذمخشب إلى محافظة البيضاء لم يثنه أو يشغله أي شي عن قول الحق والدعوة الى الكتاب والسنة وكان من المثابرين في فعل كل ما هو يرضي الله ورسوله فيما نحسبه والله حسيبه وإن شاء الله أن هذا كله في ميزان حسناته .
وكان رحمه الله همه الدفاع عن كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
حتى استشهد وهو يجاهد الزنادقة والملحدين الفجرة وسبابة أصحاب رسول الله من الروافض الطغاة عليهم لعنة الله في أرض كتاف ليلة السبت فرحمه الله رحمة واسعة.
اللهم اغفر له وارحمه وجعله مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
وكتبه/ الحمدي بن صالح الحميقاني .
رابعاً صفاته:
اجتمعت فيه كثيرا من الصفات الطيبة فقد كان رحمه الله متحليًا بالصدق، والأمانة، والعفة، والصيانة، وكان كريمًا شجاعًا، وفيًا، سمحًا، صبورًا، غيورًا، باذلًا للنصيحة، آمرًا بالمعروف ناهيًا عن المنكر، محبًا للإصلاح بين الناس متحليًا بمكارم الأخلاق فيما نحسبه والله حسيبه .
قال صهره وابن عمه محمد بن عبدالله الحميقاني حفظه الله في بيان شيء من سيرته رحمه الله:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي خلق كل شيء فقدره تقديراً وصلى الله على سيدنا محمد الذي أرسل للعالمين نذيراً وعلى آله وصحبه الذين رضي عنهم وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ... ثم أما بعد :
فإني أكتب هذه السطور عن رجل من رجال الدين ومن الصالحين أحسبه كذلك والله حسيبه ألا وهو الأخ والصديق والرفيق أبو الحسن/ عبدالرب بن صالح بن عبدالرب الحميقاني رحمه الله تعالى رحمة الأبرار وأدخله فسيح الجنات مع النبي المختار وآله الأطهار فقد كان تقياً ورعاً فيما أحسبه والله حسيبه، بشوش الوجه رحيماً كريماً وكان منذ صغر سنه وهو يرعى الغنم في عمر العاشرة وهو يؤذن بالمسجد ويؤذن على رؤوس الجبال وكان لا يسب ولا يشتم بل إنه كان لا يخالط الرعاة الذين يسبون ويشتمون وكان يبادر إلى الصلاة في الجماعة ويبارز أهل البدع بأسلوبه الخاص المقنع وكان له الفضل بعد الله سبحانه في تغيير كافة مناطق الناصفة بآل حميقان من الصوفية إلى السنة، فقد بدأ يدعو إلى الله في جميع هذه القرى مبتدئاً بقريته ذمخشب بآل حميقان ثم جذب الشباب حتى أصبح كل من في القرية سنياً بفضل الله . وكثف جهوده في الدعوة حتى عمت السنة أرجاء الناصفة وهناك الكثير من طلبة العلم الذين جذبهم إلى دماج وأصبحوا حفاظاً لكتاب الله وعادوا دعاة في مناطقهم إلى الله عزوجل، ثم انتقل إلى مدينة البيضاء وقد كان قبلها خطيباً وإماماً لمسجد في قريته (ذمخشب) بالناصفة وكان رحمه الله تعالى يكثر من مجالسة الصالحين و كثيراً ما يصلح بين الناس في قضاياهم وقد كان له قبولاً عجيباً عند كل من عرفه وهو ابن عمي الأكبر وقد صحبته كثيراً وما عهدته إلا تواقاً للجهاد منذ صغره فقد قلت له: يا عبد الرب وأين الجهاد في بلادنا فقال :ما أدراك يا محمد أن ييسر الله لنا الجهاد قريباً وقد كان من أوائل المناصرين للشيخ/ مقبل رحمه الله في بلادنا خاصة حيث كان يجمع الشباب ويذهب بهم إلى محاضراته واذكر مرة أنه جمعنا في ثلاث سيارات وذهب بنا إلى السوادية لحضور محاضرة الشيخ/ مقبل رحمه الله عند الشيخ المطري وكان دائماً ما يطلب مني إذا جلست معه أن أراجع له القرآن وكان ممن يقضي حوائج الناس سراً وبدون أن يذكر هذا وقد كتبت عنه قصيدتان رحمه الله في اليوم الذي استشهد فيه . انتهى قلت سيأتي ذكر القصائد إن شاء الله في آخر الرسالة.
وقال ولده الأكبر الحسن بن عبدالرب رحمه الله:
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله .
ثم أما بعد :
فقد كان والدي أبو الحسن رحمه الله يحثني على حفظ القرآن ومراجعته ويقول: يا بني لا تهمل القرآن فلعل الله أن يتوجنا بتاج يوم القيامة بفضل الله ثم بفضلك فلا تحرمنا هذا الخير.
وكان يقول لي: سبح مائة مرة فلعل الله أن يغفر لك خطاياك وأكثر من قراءة سورة الإخلاص فإنها تعدل ثلث القرآن .
وكان رحمه الله يقول: عسى الله أن ييسر لنا الجهاد في اليمن نسأل الله الشهادة وأخبرني أنه كان عمره سبع سنين وهو مؤذن فبلغ العاشرة فكان الإمام والخطيب .
وكان رحمه الله يحب امتثال الأحاديث .
مثل حديث يوم الجمعة فكان يمشي ولا يركب ويغتسل ويذهب إلى المسجد مبكراً .
فهذا ما عندي من سيرة والدي رحمه الله رحمة الأبرار
وكتبه : أبو عبدالرب الحسن بن عبدالرب الحميقاني حفظه الله.
وتقول زوجته الصالحة الفاضلة أم الحسن وفقها الله:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه ثم أما بعد :
فهذه نبذة مختصرة من حياة أبي الحسن رحمه الله تعالى فقد كان رحمه الله على أخلاق وآداب عالية وكان يحب فعل الخيرات مثل قيام الليل فقد كان يقوم من الليل ما شاء الله حتى إذا أذن المؤذن صلى ركعتين ثم ذهب يصلي الفجر ثم يأتي ويسأل هل صلينا الفجرأم لا ويذكرنا بأذكار الصباح وكان ينصحنا في الإخلاص في العلم واحتساب الأجر من الله تعالى وكان رحمه الله تعالى دائماً يعيننا في فعل الخير حتى وهو في جبهة كتاف فكان يأمرنا بحفظ القرآن ومراجعته وكان صدوقاً أميناً في معاملاته رحيم في أهله براً بوالديه وصلاً برحمه كثير التسبيح وكثير قراءة القرآن وكان يكثر من صيام الاثنين والخميس وكان يحثنا على طلب العلم ويقول: اغتنموا الوقت وكان رحمه الله يكره خروجنا إلا إلى المسجد وكان يتمنا الشهادة في سبيل الله ويقول لا بد من الموت ولكن نسأل الله حسن الختام ولقد أراد الله له الخير فأعطاه ما تمناه نسأل الله أن يتقبله شهيدا وأن يرفع درجته في عليين وأن يجمعنا به في الجنة إنه جواد كريم انتهى كلامها وفقها الله.
خامسا:ثباته وبغضه للحزبية وبالأخص الحزبية الجديدة حزبية عبدالرحمن بن مرعي ومن تعصب له:
وكان هذا مما رأيناه منه ولمسناه وسمعناه هو الثبات منه في هذا الفتنة الحاصلة في دعوة أهل السنة وله مواقف يشكر عليها منها:
أولا: أنه كانت له أرض في الفيوش مع صاحبه ورفيقه أبي مصعب أحمد بن عبدالرب العقيلي وفقه الله فقاما ببيعهما لما سمعا من فتنة عبدالرحمن في دار الحديث بدماج، فجزاهما الله خيرا على ذلك ونعما ما فعل.
وكان يقول لي عن بعض أصحاب الحزب الجديد ومنهم صالح الغشامي مثل هؤلاء نكسر روؤسهم بالثلج أي أننا لا نستقبلهم عندنا في مركز علي بن أبي طالب.
ثالثا: قد جمع هو وإخوانه بعض المخالفات التي حصلت من المتعصب صالح الغشامي وتم نصحه في بيت أخينا محمد الباركي جزاه الله خيرا. فهذا الجمع منه كان لقصد النصيحة وبيان خطأ المخالف عملا بقول النبي صلى الله عليه و سلم الدين النصيحة قلنا: لمن ؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. أخرجه مسلم من حديث أبي رقية تميم الداري رضي الله عنه.
ومما يدل على ثباته ما سيأتي من وصيته إن شاء الله أنه أوصى رحمه الله بنصرة جبهة كتاف، كما أوصى إخوانه في البيضاء بنصرة الحق ونصرة دار الحديث بدماج فهذا يدل على نيته الطيبة جزاه الله خيرا.
وقد نقل أخونا محمد بن علي المظفري وفقه الله كلاما طيبا في ذلك أحببت أن أذكره هنا قال: كنت أتكلم مرة في الفتنة الحاصلة بين أهل السنة والجماعة فقلت له: لو انحاز المشايخ إلى عبدالرحمن العدني فكيف سيكون موقفكم؟ قال: إذا أتونا بالدليل اتبعانهم. انتهى
قال أبو عبدالرحمن الحبيشي أيده الله: وهذا كلام طيب وهؤلاء أعني المشايخ لا دليل لهم على ما يقولونه إلا الهوى واتعصب الأعمى ولهذا أفتى شيخنا يحيى سلمه الله مؤخرا بعد صبر طويل عليهم بهجرهم ونعم ما قال.
سادسا:رغبتة في إكمال حفظ القرآن:
قال أخونا محمد بن علي المظفري وفقه الله: كنت أتكلم أنا والأخ عبدالرب رحمه الله حول حفظ القرآن، فقلت له: على سبيل المزاح أنت عندك بيت،ونحن ما عندنا فقال لي: وأنت معك القرآن فقلت له: هل أنت مستعد أن تعطيني بيتك مقابل حفظ القرآن؟
فقال: نعم. وكان يقولها بصدق رحمه الله. انتهى كلام أخينا محمد وفقه الله.
سابعا: عنايتة بمركز علي بن أبي طالب:
منذ أسست دار الحديث السلفية بالبيضاء مسجد علي بن أبي طالب كان أبو الحسن رحمه الله محبا لها ومهتما بشؤونها وقائما بما يحتاجه طلابها كل هذا منه محبة للسنة وحرصا عليها وقد كان رحمه الله وأسكنه فسيح جناته يقوم بالاهتمام بمركز علي بن أبي طالب حتى إن المركز كان تحت نظره لثقته وأمانته فيما نحسبه والله حسيبه ولا نزكي على الله أحدا، وكان حريصا على الإتيان بما يحتاجه المركز، وكان كريما يستتقبل الضيوف فاتحا بيته لإخوانه مستقبلا لهم عملا بقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وإذا كانت المحاضرة عندنا في مركز علي بن أبي طالب يوم الجمعة، يقوم بالحراسة والانتباه لسيارات الوافدين لسماع المحاضرة فجزاه الله خيرا على ذلك ورفع دجته في المهديين.
ثامنا:حجه:
الحج من أفضل الأعمال وأقرب القربات والأدلة على فضله كثيرة من كتاب ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد من الله علي الشيخ أبي الحسن عبدالرب بن صالح رحمه الله بعدد من الحجات ذكر بعض أقاربه أنها بلغت تسع حجات وقيل أكثر من ذلك،
وأما العمرة فقد ذكر عنه رحمه الله أن اعتمر سبع عمر أسأل الله أن يتقبلها منه وأن يغفر له وأن يجعلها في ميزان حسناته إنه ولي ذلك والقادر عليه.
تاسعا:جهاده:
الجهاد في سبيل الله عزوجل من أفضل الأعمال ومن أقرب القربات قال الله عزوجل:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ سورة الصف(13) سورة الصف
ولما حاصر الروافض الأشرار قبحهم الله وأخزاهم دار الحديث السلفية بدماج كانت عند أبي الحسن الشيخ عبدالرب رحمه الله الحرقة والنهمة والشوق للجهاد في سبيل الله، بل وكان يتمنى الشهادة كما تقدم من كلام أبناء عمه وزوجته، فبعد أداء فريضة الحج لعام 1433هـ ودع أهله وأولاده وأقاربه، وانطلق مودعا لمحافظة البيضاء ثم أنطلق إلى أرض البطولة والشهادة والكرامة أرض كتاف، مبتغيا للشهادة فيما نحسبه والله حسيبه، ولم يبال بفتاوى المخذلين عن الجهاد في سبيل الله، فبينما هو مع الأخ في مترسه إذ جاءته رصاصة من قناصة الحوثة أخزاهم الله فتوفي في ليلة السبت لعام/ 1433هـ فرحمه الله رحمة واسعة
ولما بلغنا خبر وفاته عن طريق أخينا المبارك ناصر الزجى سلمه الله ليلة السبت بعد محاضرة أخينا الشيخ حسين الحطيبي في مركز علي بن أبي طالب فحزنا لذلك وأصابنا من الهم والغم ما الله به عليم، ولكن لا نقول إلا ما يرضي ربنا إنا لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى فنعم الأخ كان هو صدقا ووفاءا وأخلاقا وسماحة وبذلا وعطاءا وجهادا،.
ونحسب أن أخانا الشيخ أبا الحسن رحمه الله أن الله قد هيأه لعمل صالح قبل وفاته فحج واعتمر وجهاد ثم ختم له بالشهادة في سبيل الله عزوجل .
وعن عمرو بن الحمق رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أحب الله عبدا عسله، قالوا: ما عسله يا رسول الله؟ قال: يوفق له عملا صالحا بين يدي أجله حتى يرضى عنه جيرانه أو قال من حوله. رواه ابن حبان في صحيحه والحاكم والبيهقي وصححه العلامة الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب (3/169).
وهنا فائدة أنقلها عن أخينا المبارك محمد بن علي المظفري وفقه الله: قال:بعد أن قتل أخونا الشيخ عبدالرب رحمه الله، ونسأل الله أن يتقبله شهيدا، وهذا ظننا بالله، فاتصل علي الأخ عارف وكنت في وائلة، يسليني في المصاب العظيم لأهل السنة في البيضاء خاصة ولأهل السنة في اليمن عامة، فقال: إنه اتصل الأخ عبدالرب رحمه الله، قبل نصف ساعة من موته وكان عارف آنذاك مصابا إثر الحادث الذي أصيب به أثناء نقل صهره المقتول من كتاف، فقال عن الشيخ عبدالرب رحمه الله: أنه اتصل به وبيده عصير فقال الشيخ عبدالرب رحمه الله: قبل مقتله:أتدري ما الذي بيدي الآن عصير من نوع كذا، فقال عارف: نشربه إن شاء الله في دماج.
فقال أخونا الشيخ عبدالرب رحمه الله: فإن لم نشربه ففي الجنة إن شاء الله ثم بعد نصف ساعة جاء خبر مقتله رحمه الله، رحمة واسعة وجميع إخواننا الذين قدموا أرواحهم رخيصة في سبيل نصرة هذا الدين ونصرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم انتهى
عاشرا: وصية الشيخ عبدالرب بن صالح الحميقاني رحمه الله:
قال فيها وهو في أرض البطولة والكرامة والشهادة في أرض كتاف
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين القائل في كتابه الكريم:( وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } [لقمان: 34].)
والصلاة والسلام على خير البرية وسيد البشرية سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه وهداه إلى يوم الدين، القائل عليه الصلاة والسلام : إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ وَيُقَالُ لَهُ اكْتُبْ عَمَلَهُ وَرِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ.
ثم أما بعد: فهذه وصيتي والتي أوصي بها أولا أهلي وأقاربي بأن يتقوا الله،وهي وصية الله للأولين والآخرين، والمحافظة على شعائر الدين وبالأخص الصلاة
ثانيا: أنه إذا قدر لي بالوفاة فإني أبرأ إلى الله تعالى من أي عمل يقام بعدي يخالف كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبرأ مما برأ الله ورسوله منه من الصالقة والحالقة والشاقة، وكل ما ينافي التوحيد والتوكل والصبر والاحتساب والدعاء، وإذا كانت وفاتي في أرض الجهاد فأرجو أن يكون دفني مع إخواني، السابقين في أرض الجهاد وأوصي أقاربي بعدم القيام بأي معزى مما يخالف شرع الله أو فيه مشقة على الناس.
ثم أوصى رحمه الله تعالى بقضاء ديونه
وصيته لأهل السنة في محافظة البيضاء
قال رحمه الله في الوصية السابقة: بالنسبة للإخوة أهل السنة باليضاء أوصيهم بالتمسك بالكتاب والسنة،على فهم سلف الأمة كما أوصيهم بأن لا يتهاونوا في نصرة الحق ونصرة إخوانهم في ميدان الجهاد، فإنها لا تموت نفس حتى تستوفي أجلها ورزقها، وكذلك نصرة إخوانهم في دماج الخير والسنة، وأن لا ينسونا من صالح دعائهم ويسامحونا فيما كان بيننا وبينهم لعل عندنا لأحد منهم مظلمة لم ندر بها أو نعلمها هذا ما أوصي به ولا يسعنا إلا نقول اللهم : أحيني ما كانت الحياة خير لي وأمتني إذا كان الموت خير لي. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وكتبه/ أبو الحسن عبدالرب بن صالح الحميقاني/ يوم الجمعة قبل غروب الشمس /28/ من شهر صفر/ 1433هـ 19/1/2012م/ في كتاف
الحادي عشر ما قيل من الرثاء فيه بعد مقتله رحمه الله رحمة الأبرار وأسكنه فسيح الجنات:
قال فيه صهره محمد بن عبدالله الحميقاني عندما بلغه خبر وفاته،
القصيدة الأولى وهي بتاريخ 24/2/2012م .
:
حمدتك خالقي رب البرايا وتلحقها صلاة الله تغشى وآل طيبين وتابعيهم وبعد فإن في نفسي شجون على فرقي أخ في الله شهم فطوبى يا أخي في الله طوبى وما أنا بالذي يبكي شهيداً فصبراً طيباً صبراً جميلاً فكم ناصحتنا في الله دوماً لك الدعوات منا كل وقت جزاك الله عنا كل خير بذلك النفس للمولى تعالى فأبشر يا شهيد فأنت حي ومكرمه تنال فلا سؤال وتاج للكرامة قد لبست فمن دار لحقت بخير دار أبا حسن ربحت فنم هنيئاً صلاة الله ما لاحت شموس |
|
كثيراً طيباً ملا البلاد محمد خير داع للرشاد بإحسان إلى يوم المعاد كثيرات وآلام شداد بأرض كتاف في وادي الجهاد قدمت على الإله بخير زاد ينال الأمن في يوم التناد فدوما سوف يتقى في الفؤاد وكنت على سبيل من سداد وحين كل ما نادى المنادي وما سارت جموع بالبوادي وروح فارقت ذلك الجساد بجنات النعيم وأنت غاد ولا قبر يضم على انفراد وعممت الوقار على العباد بقرب الله قد نلت المراد فتى الدنيا تعبت من السهاد على المختار أحمد خير هادي |
وقلت في القصيدة الأخرى
بدأت برب العرش من خلق الأولى وكم من شديد عاش في المجد والعلى لنا أخوة في الله صعب فراقهم وجادوا بأرواح فلله درهم هي الجنة المأوى المقامة دارهم ولي منهم أخ صديق قرب أبو الحسن المقدام ذاك هو الذي لقد عاش فينا واعظاً لأولى النهى فطوبى لعبد عاش دوماً على الهدى بمقعد صدق عند رب مقدر ويأمن أهوال القيامة كلها وبيت بتحت العرش تسكن روحه يحلى بتاج للوقار ونوره ويغفر ذنب عند أول قطره يزوج بالحور الحسان كأنها وسبعون من أهل يشفع فيهم يعز علينا يا ابن عمي فراقكم سألت إله العرش يجعمني بكم وصلى إله العالمين على الذي |
|
لتاعبر فيهم إلى الموت تنتمي تغشته في العقبى فلول التندم غزو في سبيل الله دون تجهم وأرواحهم في جنة الله تنعم وهم في نعيم دايم ليس يعدم عزيز على قلبي مصان مكرم عنيت صبيح الوجه شبلاً وضرغم وفارق في أرض الجهاد المعظم وما مات بل حي هناك ويكرم كذا جاء في التنزيل يا ذاك فافهم ومن ضمت القبر الهولة يسلم ويحضى من الفردوس جزءً ومقسم يفوق ضياء الشمس والكل يعلم بدم يفوح المسك ريحاً معم تداوي جروح القتل من قبل يقدم إذا النار في القيامة تضرم ولكن أمر الله وعد محتم على سرر موضونة يوم مأتمي هدى يهدي القرآن عرباً وأعجم |
هذا ما تيسر لي ذكره من ترجمة الأخ العزيز السلفي الثبت الشيخ أبي الحسن عبدالرب بن صالح الحميقاني رحمه الله رحمة الأبرار.
وفي الأخير فإني أشكر كل من تعاون معي في بيان شيء من ترجمته وأخص منهم : بالذكر الأخ محمد بن الحسن الحميقاني والأخ محمد بن عبدالله الحميقاني والأخ الحمدي بن صالح الحميقاني والأخ الحسن بن الشيخ عبدالرب الحميقاني والأخ علي بن ناصر الطالبي
وأعتذر لبعض الأخوة ممن لم يتيسر لي أن أنقل كلامهم في بيان سيرة الشيخ عبدالرب رحمه الله، لضيق الوقت ولعل الله أن ييسر لي بنقل كلامهم في وقت آخر إن شاء الله.
وكتبه: أبو عبدالرحمن ردمان بن أحمد بن علي الحبيشي
في دار الحديث السلفية بالبيضاء/ مسجد علي بن أبي طالب/ الموافق/ 17/ من شهر شعبان/1434هـ الأربعاء قبيل صلاة المغرب ولله الحمد والمنة وأسأله الثبات على الكتاب والسنة.
تعليق