عزاءٌ في شيخنا المجاهد السلفي
سعيد بن دعاس اليافعي
بمراجعة الشيخين الفاضلين:
أبي عمرو عبد الكريم بن أحمد الحجوري العمري
وأبي محمد عبد الحميد بن يحيى الحجوري الزعكري
حفظهما الله ورعاهما
كتبه:
أبو فيروز عبد الرحمن بن سوكايا
الإندونيسي عفا الله عنه
بدار الحديث بدماج
اليمن حرسها الله
مقدمة المؤلف
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم أجمعين، أما بعد:
فإن الله خلق الدنيا وذرأ فيها عباده الإنس والجن، وزيّنها لهم مع تحذيرهم منها، ليبلوهم أيهم أحسن عملا. قال تعالى: ﴿اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ الله وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾ [الحديد/20].
وقال تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ﴾ [الملك: 2].
وقال رسوله صلى الله عليه وسلم: «إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء». (أخرجه مسلم (7124) عن أبي سعيد الخدرى رضي الله عنه ).
فمن وفقه الله لمعرفة حقيقة الحياة الدنيا علم أنها ليست دار الاستقرار فسار عليها سير الغريب، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن عمر رضي الله عنهما: «كن في الدنيا كأنك غريب، أو عابر سبيل».
وكان ابن عمر يقول إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح ، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك. (أخرجه البخاري (6416)).
وأنشد الإمام النووي رحمه الله:
إن لـله عبـادا فـطـنا طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا
نظروا فيها فلما علموا أنها ليسـت لحـي وطـنا
جعلوها لجة واتخذوا صالح الأعمال فيها سفنا
("رياض الصالحين"/ص 9).
وأما من اغتر بالحياة الدنيا وزينتها واقتصرت عيناه عليها، فاستحبّها، وآثرها على الآخرة، خسر الدارين. قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ﴾ [محمد/12].
وقال جل ذكره: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [هود: 15، 16]
وقال سبحانه: ﴿يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ( ) وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ الله وَغَرَّكُمْ بِالله الْغَرُورُ * فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ [الحديد/14، 15].
وممن وفقه الله على معرفة الحق والعمل به إلى الممات –نحسبه كذلك والله حسيبه، ولا نزكي على الله أحدا- هو شيخنا العالم المجاهد المحقق السلفي أبو حاتم سعيد بن دعاس المشوشي اليافعي رحمه الله.
وقد وصل إلينا خبر مقتله ليلة الخميس 5 شوال 1433 هـ على أيدي الحوثيين الرافضة الكفرة الزنادقة في أرض "حاشد" ، أيام الحروب بين المسلمين وبين هؤلاء الروافض الكافرين المجرمين. وهذه الواقعة تعتبر مصيبة عظيمة على أهل السنة والجماعة، ولا سيما من عاشره من العلماء وطلاب العلم بدار الحديث بدماج. فأحب أن أعزّي المسلمين والسلفيين في هذا العالم المحقق البطل رحمه الله، وأذكر بعض محاسنه وما بذله للإسلام والمسلمين، وثناء العلماء عليه، على حسب ما علمت.
وأشكر للشيخين الفاضلين أبي عمرو عبد الكريم بن أحمد الحجوري العمري، وأبي محمد عبد الحميد بن يحيى الحجوري الزعكري -حفظهما الله ورعاهما-على بذلهما الجهد في مراجعة هذه الرسالة المتواضعة، فجزاهما الله خيرا الجزاء.
ثم أشكر لأخينا الفاضل أبي يوسف رضوان الأمبوني الإندنيسي حفظه الله على تعاونه، فجزاه الله خيرا الجزاء.
وإلى الموضوع –بالله التوفيق-:
الباب الأول: الجهاد بالعلم والدعوة والردود على المبطلين
إن الله تعالى أقام هذا الدين بالجهادين: الجهاد بالقلم واللسان، وهو جهاد العلم والدعوة والرد على المبطلين، والثاني هو الجهاد بالسيف والسنان، وهو جهاد الكفار والزنادقة.
قال الإمام ابن عثيمين رحمه الله: فإن دين الله - عز وجل - إنما قام بأمرين: أحدهما: العلم والبرهان، والثاني: القتال والسنان، فلا بد من هذين الأمرين، ولا يمكن أن يقوم دين الله ويظهر إلا بهما جميعًا، والأول منهما مقدّم على الثاني، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يُغِير على قوم حتى تبلغهم الدعوة إلى الله - عز وجل - فيكون العلم قد سبق القتال اهـ. ("كتاب العلم" /الفصل الثاني/ص 13/دار الثريا للنشر).
وأفضل نوعي الجهاد هو الجهاد بالعلم والبرهان، لإنقاذ الناس من الغفلة والجهل والخسران في الدارين، ولحماية الدين من الأفكار الباطلة المهلكة. قال الإمام السعدي رحمه الله: فإن طلب العلم الشرعي من الجهاد في سبيل الله، بل هو أحد نَوْعَي الجهاد، الذي لا يقوم به إلا خواص الخلق، وهو الجهاد بالقول واللسان، للكفار والمنافقين، والجهاد على تعليم أمور الدين، وعلى رد نزاع المخالفين للحق، ولو كانوا من المسلمين اهـ. ("تيسير الكريم الرحمن"/ص763/دار إحياء التراث العربي).
وممن وُفّق لسلوك هذا الجهاد الأعظم هو شيخنا العالم السلفي أبو حاتم سعيد بن دعاس المشوشي اليافعي رحمه الله، حيث صبر على طلب العلم بدار الحديث حتى أثمر، ثم بذل جهده في تدريس الطلاب، ودعا الناس إلى الله على بصيرة، وصنف كتبا في النفاح عن هذا الدين والرد على أعداء السنة.
فمن تصانيف الشيخ سعيد بن دعاس اليافعي رحمه الله نثرا:
1- إنباء الفضلاء بزيف دعوى خلو اليمن من العلماء بعد موت الإمام الوادعي رحمه الله
2- التحذير من الغلو وأهله
3- تنزيه السلفية مما في كتاب الإبانة للشيخ محمد الإمام من شبهات وقواعد خلفية
4- دار الحديث بدماج وحرب الرافضة في ثورتهم السادسة
(كتبه هو مع أبي طارق زياد بن علي الليثي الردفاني حفظه الله)
5- صيحة إنذار بالقطع للكافر المعين إذا مات على كفره المتيقن بالنار
6- موصل الطلاب إلى مراتب الأكابر والطريق المثلى في تلقي علوم السنة والكتاب
7- وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على كل قادر باليد واللسان والقلب
8- توضيح الخلاف المنهجي في فتنة الحزب الجديد
9- رفع الملامة عمن نسب التفويض في معاني الصفات إلى الإمام ابن قدامة
10- البرهان المنقول على ما خالفه عبد الرحمن العدني وحزبه من الأصول
11- كشف شبهات فركوس في الاختلاط
12- تمادي فركوس في مخالفة الحق والبرهان المنقول والمحسوس
13- عبث فركوس بقواعد الاستدلال وثوابت المنهج المحروس
14- تحذير المسلمين من إقامة دولة مدنية وعواقب تولية الكافرين
15- مختصر البيان الموضح لحزبية العدني عبد الرحمن ومن تبعه على الفتنة والعدوان
(ألفه هو وجمع من المشايخ وكبار الطلاب)
16- لفت نظر الأجلة إلى المعنى الصحيح لاجتناب الفتن المضلة
17- كَشفُ أسرَارِ الحُوثيِّين ونُهوضُ حميَّةِ المُسلمِين
18- تَجريد الاتباعِ وخطر ترك الحق لآراء الخلق وما يسمَّى بالإشراك في الرسالة
19- كشف إرجاء محمد الإمام في تبرئة زنادقة الرافضة من الكفر
20- الرد على الطبعة الثانية من كتاب (الإبانة) للإمام وإصراره على أخطائه
21- ثبوت قاعدة من علم حجة على من لم يعلم في كل زمان ومكان
22- بيان تمويه الشيخ محمد بن عبد الوهاب الوصابي هداه الله
ومن أشعاره:
1- بأس الحرب وعزّ دار الحديث بدماج
2- رِسَــــالَةٌ إِلَى أَدْعِيَاءِ السَّلَفِيَّةِ
وبقيت تصانيفه –أكثر من عشرين رسالة، منها الردود على بعض أهل الأهواء- لم تذكر هنا لضيق الوقت وقلة معرفتي.
آخر رسالة من الشيخ سعيد بن دعاس رحمه الله
قال الأخ الفاضل أبو الخطاب فؤاد السنحاني حفظه الله: وهذه آخر رسالة من الشيخ سعيد بن دعاس رحمه الله كان قد أرسلها قبل يوم من وفاته لإخينا الفاضل صالح البدوي، وقد كنت التقيت بالأخ صالح في مسجد السنة بسعوان أثناء الصلاة على جنازة الشيخ سعيد رحمه الله:
ليت بعض من يعدّ نفسه طالب علم، ويزدري غيره، وهو خير منه يستفيد من درر كلامك، وحكم مقالك، وحسن أخلاقك. ولو أنصف من نفسه لتربع بين يديك ينهل من عذب موردك، ولكن بعض الناس اتخذ طلب العلم تجمّلا وفخرا ودعاوى، وليس هو في الواقع من أهله. أسأل الله أن يرفع قدرك فأهل الصدق والوفاء والحلم من أمثالك قليل.
المشوشي.
(نقلته من "شبكة العلوم السلفية").
قلت –وفقني الله-:
فأرجو الله سبحانه وتعالى أن يرفع درجته ويعظم أجره. وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: إن درجة الصديقية والربانية ووراثة النبوة وخلافة الرسالة هي أفضل درجات الأمة. ولو لم يكن من فضلها وشرفها إلا أن كل من علم بتعليمهم وإرشادهم أو علم غيره شيئا من ذلك كان له مثل أجره ما دام ذلك جاريا في الأمة على آباد الدهور. ("طريق الهجرتين"/ ص 519).
ونسأل الله أن يجعل قلم شيخنا سعيد بن دعاس السيال من جنس أكابر الأقلام. قال الإمام ابن القيم رحمه الله: القلم الثاني عشر: القلم الجامع، وهو قلم الرد على المبطلين، ورفع سنة المحقين، وكشف أباطيل المبطلين على اختلاف أنواعها وأجناسها، وبيان تناقضهم وتهافتهم وخروجهم عن الحق ودخولهم في الباطل. وهذا القلم في الأفلاك نظير الملوك في الأنام، وأصحابُه أهل الحجة الناصرون لما جاءت به الرسل المحاربون لأعدائهم، وهم الداعون إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة المجادلون لمن خرج عن سبيله بأنواع الجدال. وأصحاب هذا القلم حرب لكل مبطل وعدوّ لكل مخالف للرسل. فهم في شأن وغيرهم من أصحاب الأقلام في شأن اهـ. ("التبيان في أقسام القرآن" /ص 198/مكتبة أولاد الشيخ للتراث).
ونسأل الله أن يرفع درجته في الدارين كما أنه سلك هذا الجهاد الأعظم الأنفع. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ومثل أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة أو العبادات المخالفة للكتاب والسنة، فإن بيان حالهم وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين، حتى قيل لأحمد بن حنبل: (الرجل يصوم، ويصلى، ويعتكف أحبّ إليك أو يتكلم فى أهل البدع؟) فقال: (إذا قام، وصلى، واعتكف فإنما هو لنفسه، وإذا تكلم فى أهل البدع، فإنما هو للمسلمين، هذا أفضل)، فبيّن أن نفع هذا عام للمسلمين فى دينهم من جنس الجهاد فى سبيل الله، إذ تطهير سبيل الله، ودينه، ومنهاجه، وشرعته، ودفع بغي هؤلاء وعدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين، ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين، وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب، فإن هؤلاء إذا استولوا لم يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إلا تبعاً، وأما أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداء اهـ. ("مجموع الفتاوى"/28 /ص 231-232/ط. مكتبة ابن تيمية).
وقال أيضاً شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: فالراد على أهل البدع مجاهد، حتى كان يحيى بن يحيى يقول: (الذبّ عن السنة أفضل من الجهاد) اهـ. ("مجموع الفتاوى"/4 /ص 13/ط. مكتبة ابن تيمية).
وقال الإمام محمد بن يحيى الذهلي رحمه الله: سمعت يحيى بن معين يقول: (الذبّ عن السنة أفضل من الجهاد في سبيل الله). فقلت ليحيى: (الرجل ينفق ماله، ويتعب نفسه، ويجاهد، فهذا أفضل منه !؟) قال: (نعم، بكثير) اهـ ("سير أعلام النبلاء" /10 / ص 518/ط. مؤسسة الرسالة).
تنبيه: أدخل الإمام الذهبي رحمه الله هذا الأثر في ترجمة يحيى بن يحيى رحمه الله، والله أعلم.
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله في بعض المبتدعة: فكشف عورات هؤلاء وبيان فضائحهم وفساد قواعدهم من أفضل الجهاد في سبيل الله، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لحسان بن ثابت رضي الله عنه: «إن روح القدس معك ما دمت تنافح عن رسوله»، وقال: «أهجهم أو هاجهم وجبريل معك»، وقال: «اللهم أيده بروح القدس ما دام ينافح عن رسولك»، وقال عن هجائه لهم: «والذي نفسي بيده لهو أشد فيهم من النبل» وكيف لا يكون بيان ذلك من الجهاد في سبيل الله؟ اهـ ("الصواعق المرسلة" /1/ ص114/الفصل العاشر: في أن التأويل شر من التعطيل/ط. مكتبة الرشد).
وقال الإمام الوادعي رحمه الله: فإن من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن الدعوة إلى الله، بل ومن الجهاد في سبيل الله بيان عقيدة أهل السنة والجماعة والذّب عنها، وكشف عوار أهل البدع والملحدين والتحذير منهم، كما قال ربنا عز وجل في كتابه الكريم: ﴿بل نقذف بالحقّ على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق﴾.
وجزى الله أهل السنة خيرًا فهم من زمن قديم يتصدون لأهل البدع، حتى فضّل بعضهم الرّدّ على أهل البدع على الجهاد في سبيل الله اهـ. (مقدمة"ردود أهل العلم"/للإمام الوادعي رحمه الله/ص5-6/ط. دار الآثار).
وقال فضيلة الشيخ أحمد بن يحيى النجمي رحمه الله: وقد حكى شيخ الإسلام الإجماع على ذلك: أن من ردّ على أصحاب البدع قاصداً بذلك الذود عن الدين، وتنقيته مما ليس منه أن ذلك يعد جهادا في سبيل الله، وحماية لشرعه، ... إلخ ("الرد المحبر" ص138 للشيخ أحمد النجمي رحمه الله/ط. دار المنهاج).
وقال فضيلة الشيخ ربيع المدخلي حفظه الله في شأن السلف: فهموا منها المواقف السليمة والصحيحة من أهل البدع والضلال، ودَوَّنوا ذلك في كتبهم، وقالوا: (إن المبتدع لا غيبة له، وأنه يجب التحذير منه، وأن محاربة أهل البدع جهاد، وهو أفضل من الضرب بالسيوف) اهـ. ("الموقف الصحيح" ص23/للشيخ ربيع المدخلي حفظه الله/دار الإمام أحمد).
وقال أيضا حفظه الله: ... وأن الرد على أهل البدع والتحذير منهم جهاد في سبيل الله اهـ. ("نقد الرجال" /للشيخ ربيع المدخلي حفظه الله /ص137/ دار المنهاج).
وقال شيخنا المحدث الناصح الأمين يحيى بن علي الحجوري حفظه الله في شأن جهاد الكفار والمنافقين وغيرهم: ما أشبه المجاهد بلسانه بالمجاهد بسنانه، بل المجاهد بلسانه أشدّ اهـ (سجلتْ في 27 جمادى الأولى 1430 هـ).
الباب الثاني: جهاد الشيخ سعيد بن دعاس رحمه الله للكفار الرافضة
قد ثبت أن الرافضة كفار مرتدون أهل حرب، وهم مع ذلك بغاة، فقتالهم شرعي، وجهادهم جهاد في سبيل الله. وقد أمر الله تعالى بقتال البغاة، فقال: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ الله فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ الله يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الحجرات/9].
وأمر بقتال المشركين حتى لا تكون فتنة، فقال: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ * وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لله فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ الله بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ الله مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِير﴾ [الأنفال/38-40]
وأمرنا بقتال الكفار والمنافقين، فقال: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ [التوبة: 73]
والرافضة مرتدون كافرون بغاة منافقون، فقتالهم مشروع، وجهادهم جهاد في سبيل الله، بالأدلة السابقة. وقتال المارقين مشروع، كما في حديث أبي سعيد رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن من ضئضئ هذا، أو: في عقب هذا قوما يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية، يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان، لئن أنا أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد». (أخرجه البخاري (3344) ومسلم (1064)).
قال الإمام النووي رحمه الله: قوله صلى الله عليه وسلم «لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد» أي قتلا عاما مستأصلا كما قال تعالى: ﴿فهل ترى لهم من باقية﴾، وفيه الحث على قتالهم، وفضيلة لعلي رضي الله عنه في قتالهم. ("شرح النووي على مسلم"/7/ ص162).
وقال شيخ الإسلام رحمه الله في الممتنعين عن شرائع الإسلام: فإن كانوا طائفة ممتنعة وجب قتالهم كما يقاتل المرتدون، كما قاتل الصديق والصحابة أصحاب مسيلمة الكذاب. وإذا كانوا في قرى المسلمين فرقوا وأسكنوا بين المسلمين بعد التوبة، وألزموا بشرائع الإسلام التي تجب على المسلمين. وليس هذا مختصا بغالية الرافضة بل من غلا في أحد من المشايخ وقال : إنه يرزقه، أو يسقط عنه الصلاة، أو أن شيخه أفضل من النبي، أو أنه مستغن عن شريعة النبي صلى الله عليه وسلم، وإن له إلى الله طريقا غير شريعة النبي صلى الله عليه وسلم، أو أن أحدا من المشايخ يكون مع النبي صلى الله عليه وسلم كما كان الخضر مع موسى. وكل هؤلاء كفار يجب قتالهم بإجماع المسلمين، وقتل الواحد المقدور عليه منهم. وأما الواحد المقدور عليه من الخوارج والرافضة فقد روي عنهما - أعني عمر وعليا - قتلهما أيضا. والفقهاء وإن تنازعوا في قتل الواحد المقدور عليه من هؤلاء فلم يتنازعوا في وجوب قتلهم إذا كانوا ممتنعين. فإن القتال أوسع من القتل كما يقاتل الصائلون العداة والمعتدون البغاة، وإن كان أحدهم إذا قدر عليه لم يعاقب إلا بما أمر الله ورسوله به. وهذه النصوص المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الخوارج قد أدخل فيها العلماء لفظا أو معنى من كان في معناهم من أهل الأهواء الخارجين عن شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وجماعة المسلمين ؛ بل بعض هؤلاء شرّ من الخوارج الحرورية ؛ مثل الخرمية والقرامطة والنصيرية وكل من اعتقد في بشر أنه إله أو في غير الأنبياء أنه نبي وقاتل على ذلك المسلمين : فهو شر من الخوارج الحرورية . والنبي صلى الله عليه وسلم إنما ذكر الخوارج الحرورية لأنهم أول صنف من أهل البدع خرجوا بعده ؛ بل أولهم خرج في حياته . ("مجموع الفتاوى"/28/ص 475-476).
وقال رحمه الله: والرافضة جهمية قدرية وفيهم من الكذب والبدع والافتراء على الله ورسوله أعظم مما في الخوارج المارقين الذين قاتلهم أمير المؤمنين علي وسائر الصحابة بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل فيهم من الردة عن شرائع الدين أعظم مما في مانعي الزكاة الذين قاتلهم أبو بكر الصديق والصحابة .-إلى قوله:- فكانوا أعظم مروقا عن الدين من أولئك المارقين بكثير كثير . وقد أجمع المسلمون على وجوب قتال الخوارج والروافض ونحوهم إذا فارقوا جماعة المسلمين. ("مجموع الفتاوى"/28/ص 528-529).
وقد جدّ شيخنا يحيى الحجوري حفظه الله مع شيخنا سعيد بن دعاس رحمه الله وجميع أهل الدار في دفع بغي الرافضة عن المسلمين. وقد جاءت فتنة الروافض الحوثييين الزنادقة الكفار، فحاولوا القضاء على جميع طلاب دار الحديث بدماج حفظهم الله، في ثورتهم السادسة في تاريخ 3 رمضان 1430 هـ إلى 28 صفر 1431 هـ. فصبر الشيخ سعيد رحمه الله مع جميع أهل الدار وأهل دماج على عدوان هؤلاء الأنجاس بكل بسالة.
ثم حاولت الروافض مرة أخرى بالحصار على دماج قبل شهر رمضان 1432 هـ مرحلة بعد مرحلة حتى بدءوا إطلاق الرصاص في تاريخ 7 ذي الحجة 1432 هـ فيزداد شدة حتى ينتهي في 1 صفر 1433 هـ. وهذه الحرب السابعة كانت أشد وأكثر ضحايا من السادسة.
وقاتلهم الشيخ سعيد بن دعاس رحمه الله مع جيش وائلة في كتاف.
فنرجو الله تعالى أن يعظم أجر شيخنا سعيد رحمه الله بهذا الجهاد، لأن في جهاد هؤلاء المارقين أجورا عظيمة. فعن علي رضي الله عنه قال: إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأن أخر من السماء أحب إلي من أن أكذب عليه. وإذا حدثتكم فيما بيني وبينكم فإن الحرب خدعة. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة». (أخرجه البخاري (3611) ومسلم (1066)).
وفي رواية: «لو يعلم الجيش الذي يصيبونهم ما قضي لهم على لسان نبيهم صلى الله عليه و سلم لاتكلوا عن العمل». (أخرجه مسلم (1066)).
وجاء أيضا عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مرفوعا. (أخرجه ابن أبي شيبة في مسنده برقم (175)، حديث حسن).
ثم بعد قضية حصار دماج وجهاد كتاف منّ الله عز وجل على الشيخ سعيد رحمه الله بازدياد في نشر العلم والدعوة بالخطابة والكتابة والردود على أهل الباطل، حتى أشعل الروافض نار الفتن في أرض "حاشد" فحصل القتل والقتال، إلى أن قُتل الشيخ سعيد بن دعاس اليافعي وأخوه عبد الحميد رحمهما الله على أيديهم بتاريخ 4 شوال 1433 هـ، فنسأل الله أن يجعلهما وأمثالهما شهداء في سبيله، ويجعلهم من خير القتلى تحت أديم السماء.
فعن أبي غالب رحمه الله يقول: لَمَّا أُتِىَ بِرُءُوسِ الأَزَارِقَةِ فَنُصِبَتْ عَلَى دَرَجِ دِمَشْقَ جَاءَ أَبُو أُمَامَةَ فَلَمَّا رَآهُمْ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ فَقَالَ: «كِلاَبُ النَّارِ - ثَلاَثَ مَرَّاتٍ - هَؤُلاَءِ شَرُّ قَتْلَى قُتِلُوا تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ وَخَيْرُ قَتْلَى قُتِلُوا تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ هَؤُلاَءِ». قَالَ: فَقُلْتُ: فَمَا شَأْنُكَ دَمَعَتْ عَيْنَاكَ؟ قَالَ: رَحْمَةً لَهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الإِسْلاَمِ. قَالَ: قُلْنَا: أَبِرَأْيِكَ قُلْتَ هَؤُلاَءِ كِلاَبُ النَّارِ، أَوْ شَىْءٌ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: إِنِّي لَجَرِيءٌ بَلْ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- غَيْرَ مَرَّةٍ وَلاَ ثِنْتَيْنِ وَلاَ ثَلاَثٍ. قَالَ: فَعَدَّ مِرَاراً. (أخرجه الإمام أحمد ((22314)/الرسالة) وصححه الإمام الوادعي رحمه الله في "الصحيح المسند" رقم (482) /دار الآثار).
فطوبى للشهداء في سبيل الله. فعن مسروق، قال: سألنا عبد الله عن هذه الآية: ﴿ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون﴾ [آل عمران: 169] قال: أما إنا قد سألنا عن ذلك، فقال: «أرواحهم في جوف طير خضر، لها قناديل معلقة بالعرش، تسرح من الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل، فاطلع إليهم ربهم اطلاعة، فقال: هل تشتهون شيئا؟ قالوا: أي شيء نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا، ففعل ذلك بهم ثلاث مرات، فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا، قالوا: يا رب، نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى، فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا». (أخرجه مسلم (1887)).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من مكلوم يكلم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة وكلمه يدمى، اللون لون دم، والريح ريح مسك». (أخرجه البخاري (5533)).
وعن سمرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «رأيت الليلة رجلين أتياني، فصعدا بي الشجرة فأدخلاني دارا هي أحسن وأفضل، لم أر قط أحسن منها، قالا: أما هذه الدار فدار الشهداء». (أخرجه البخاري (2791)).
الباب الثالث: ثناء العلماء وعزاؤهم في الشيخ المجاهد سعيد بن دعاس رحمه الله تعالى
الفصل الأول: تعزية شيخنا العلامة يحيى بن علي الحجوري حفظه الله وثناءه على الشيخ سعيد بن دعاس رحمه الله
وقد أثنى شيخنا العلامة يحيى بن علي الحجوري حفظه الله على كتب الشيخ سعيد رحمه الله لقوة علمه وعظم توفيق الله عليه. فمن ذلك –أختار بعضها-:
قال شيخنا يحيى حفظه الله: قرأتُ هذهِ الرِّسالةِ التِي بعنوان "كشفُ أسرارِ الحُوثيِّين ونهوضُ حَميَّةِ المُسلِمينَ"، لأخِينَا الشيخ سعيد بنِ دعَّاس اليَافِعيِّ –حفظه ا لله-، فرأيتُهَا رسالةً مُهمَّةً في بابِهَا، جمعَ فِيهَا الشيخ سعيد كَثيراً ممَّا تفرَّقَ منَ الحَقائقِ الموثَّقةِ في غيرِهَا من بَيانِ زَندَقةِ الحوثيِّينَ ومكرِهم بِدينِ ربِّ العَالمين وعبادِه المؤمنينَ، مَع بيانِ خَطإِ مَن زعمَ أنَّهُ اجتَهدَ فِي عَدمِ القولِ بكفرِ من ثبتَ كفرُه من الرَّافِضةِ، وليسَ بَصيرَاً في الاجتِهادِ، ولا حَالفَهُ في نقلٍ وفَهمِ كلامِ بعضِ الأئمَّةِ عَينُ السَّدادِ، فَجزَى اللهُ أخَانَا الشيخ سعيد بن دعَّاس خَيراً، ونفعَ بهِ وبِبحوثِه مَن شاءَ من ا لعِبادِ. (مقدمة كتاب "كشفُ أسرارِ الحُوثيِّين ونهوضُ حَميَّةِ المُسلِمينَ").
وقال حفظه الله: فقد قرأت رسالة "تنزيه السلفية مما في كتاب الإبانة للشيخ محمد الإمام من شبهات وقواعد خلفية" لأخينا اليافعي الشيخ سعيد بن دعاس، فرأيته قد نقض تلك القواعد من الأساس وبين خطأها بيانا نرجو أن يزيل الشبهات والالتباس وينفع به كاتبه والمنصوح به وغيرهما ممن أراد الله نفعه به من الناس، والله الموفق. (مقدمة كتاب "تنزيه السلفية مما في كتاب الإبانة للشيخ محمد الإمام من شبهات وقواعد خلفية").
وقال حفظه الله: فقد رأيت رسالة "درء البلاء بكشف ما تضمنته فتاوى الشيخ فركوس من الشبه في إباحة اختلاط الرجال بالنساء" التي ناقش فيها الشيخ سعيد بن دعاس اليافعي فتوى للشيخ محمد بن علي فركوس وفق الله الجميع لما يحبه ويرضى، فرأيته ناقشه نقاشا علميا رصينا بين فيه زلقاته في تلك الفتوى المذكورة التي نشرت حاملة تفصيلا في الدراسة الاختلاطية غير صحيح، فكان ما أبانه أخونا الشيخ سعيد على تلك الفتوى ردا للحكم في هذه المسألة المهمة إلى مجراه والأصل إلى معناه، فجزاه الله خيرا. (مقدمة كتاب "درء البلاء ").
وقال حفظه الله: ولقد قرأت هذه الرسالة المسماة "المحرر في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" لأخينا الفاضل الداعي إلى الله الغيور سعيد بن دعاس اليافعي وفقه الله، فرأيته حرر ما في طياتها تحريرا سديدا معتمدا على صحاح الأدلة وأقوال علماء الملة بما يغنيك أيها القارئ إن شاء الله عن كثير من الأقوال والمؤلفات في هذه المسألة بالذات حقا إنها أحسن ما قد اطلعت عليه في تغيير المنكر والأمر بالمعروف في حدود ما يستطيع العبد المسلم ، فجزى الله أخانا أبا حاتم سعيد بن دعاس خيرا ونفع به. (مقدمة كتاب "المحرر في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر").
وقد غير رحمه الله عنوان الكتاب إلى: "وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، كما نبهه في حاشية الكتاب.
وقال حفظه الله: فقد طالعت ما جمعه أخونا الشيخ سعيد بن دعاس اليافعي حفظه الله في هذه الرسالة المسماة "موصل الطلاب إلى مراتب الأكابر والطريق المثلى في تلقي علوم السنة والكتاب" فرأيته وفق، جزاه الله خيرا في توجيهاته لإخوانه طلاب العلم في التدرج في طلب العلم بما يرجى لمن سلك ذلك السبيل بعد ما يعلمه الله عز وجل من صدق الطالب إخلاصه مع ملازمة التقوى وصدق اللجوء إلى الله عز وجل وحب الحق والغيرة عليه وتجنب الهوى ومطامع الدنيا، يرجى لمن سلك ذلك ألا يحرمه الله عز وجل من الوصول إلى رتبة المجددين لهذا الدين من أئمة السلف الصالحين، ... إلخ. (مقدمة كتاب "موصل الطلاب إلى مراتب الأكابر والطريق المثلى في تلقي علوم السنة والكتاب").
وقال حفظه الله: فقد اطلعت على رسالة مسماة: "صيحة الإنذار بالقطع للكافر المعين إذا مات على كفره المتيقن بالنار" لأخينا الفاضل الثبت الناصح والشاعر البارع المنافح عن الدعوة السلفية وأهلها سعيد بن دعاس اليافعي حفظه الله، فرأيتها مفيدة قد دعمها بالأدلة من كتاب الله وسنة رسوله وأقوال أهل العلم مع ملازمة الاختصار، ... إلخ. (مقدمة كتاب "صيحة الإنذار بالقطع للكافر المعين إذا مات على كفره المتيقن بالنار").
وقد أثنى عليه شيخنا حفظه الله حيث قال في تقديمه على هذا كتاب "التحذير من الغلو وأهله" : وما نهى الله عز وجل عن ذلك –يعني عن الغلو والتقصير- إلا لعلمه بأن ما خالف الحق من الإفراط والتفريط، كائن في عباده، وهذان مرضان خطيران، قلّ أن يخلو منها زمان أو مكان، ومما حصل في هذه الأزمنة، ما اقترف الحزبيون، وفي الطرف الآخر فرقة أخرى يقال لهم: الحداديون، من الغلو في أقوام وأمور، والتفريط في أمور أخرى –إلى قوله:- وكان من ذروة من وفقه الله لبغض ذلك الفكر المنحرف والتحذير من أهله بشعره ونثره ولسانه وقلمه هو أخونا الفاضل الداعي إلى الله أبو حاتم سعيد بن دعاس اليافعي حفظه الله ونفع به، فكتب في هذه الرسالة ورسالة أخرى صغيرة قبلها مضمونها الرد على هذا الفكر المغالي وأمثاله. (تقديمه على كتاب "التحذير من الغلو وأهله"/للشيخ سعيد دعاس اليافعي/ص5-6/دار الكتاب والسنة).
ولما وصل إلى الشيخ يحيى بن علي الحجوري حفظه الله خبر مقتل الشيخ سعيد بن دعاس رحمه الله، عزّانا فيه فقال:
بسم الله الرحمن الرحيم
أخونا الشيخ سعيد بن دعاس قُتل البارحة على أيدي فجرة الحوثيين فادعوا له بالرحمة والمغفرة
نسأل الله عز وجل أن يرفع درجته في المهديّين وأن يخلفه في أهله بخير، وأن يصلح أولاده.
هو ممن أُبلي في نصرة السنة بلاء حسناً.
وكتبه يُعتنى بها إن شاء الله وطباعتها، سواء المطبوعة أو غير المطبوعة، فإنها كتب علم، ما أقوى الحجج التي فيها، كتاباته كتابات عالم، ولا يقنع بالضعف في كتاباته، بل لا بد أن يبحث الكتاب حتى يكون مقنعاً، فعظم الله أجر السلفية والسلفيين فيه، وهو إن شاء الله من الشهداء فيما نحسبه.
(5 شوال 1433 هـ).
الفصل الثاني: تعزية شيخنا الفاضل أبي محمد عبد الحميد بن يحيى الزعكري الحجوري حفظه الله
قال شيخنا الفاضل عبد الحميد بن يحيى الزعكري الحجوري حفظه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله القائل : ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ [العنكبوت: 57] ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال له الله : ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ﴾ [الزمر : 30]... أما بعد :
فقد بلغنا مساء يومنا هذا الأربعاء الرابع من شهر شوال 1433هـ ، خبر مقتل أخينا الداعي إلى الله الشيخ سعيد بن دعاس المشوشي اليافعي وأخيه عبد الحميد ، على أيدي الرافضة الحوثيين في "قَفْلَة عُذَر" من بلاد حاشد بمحافظة عمران ، أسأل الله أن يرحمهما ويتقبلهما في الشهداء ، كما أسأله جل وعلا أن يجعلهما في عليين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا
وإني بهذا المُصاب الجلل أعزي عائلة أخي الشيخ سعيد بن دعاس اليافعي رحمه الله ، وأعزي شيخي يحيى بن علي الحجوري حفظه الله ، وأعزي جميع السلفيين داخل اليمن وخارجه ، وأقول لهم جميعًا: " إنَّ للهِ مَا أَخَذَ، وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمَّى، فَلْتَصْبِرْوا وَلْتَحْتَسِبْوا ".
ثم إن مثل هذا الداعي إلى الله الذي قد ألّف وصَنّف ونافح عن منهج أهل السنة والجماعة وسبيل السلف رضوان الله عليهم ، نرجو له الخير في الدنيا والآخرة ، وليُعلم أن هذا الصنيع من الرافضة الحوثيين ليس بمستغرب فهم أهل الغدر والخيانة وقطع الطرق ، وكل صفة شر ومهانة من الشرك فما دونه فيهم ، لكن "طُوبَى لِمَنْ قَتَلَهُمْ وَقَتَلُوهُ" ، ومع ذلك قال تعالى : ﴿وَلا تَحْسَبَنَّ الله غَافِلا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾ [إبراهيم : 42] .
والحمدلله رب العالمين.
(5 شوال 1433 هـ).
الفصل الثالث: عزاء الشيخ أبي بكر بن ماهر بن عطية المصري حفظه الله
قال الشيخ الفاضل أبو بكر بن ماهر المصري حفظه الله:
إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكلٌ عنده بأجل مسمَّى، فليصبر أهل السنة، وليحتسبوا. اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلفنا خيرًا منها. وإن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا لفراق الشيخ لمحزونون، وإنا لله وإنا إليه راجعون. وما علمنا الشيخ -رحمه الله- إلا رافعًا للواء السنة ومذهب السلف الصالح، ودافعًا للباطل ومنكسًا لراية أهله، نسأل الله أن يرحمه، وأن يعفو عنه، وأن يسكنه الفردوس الأعلى بمنه وكرمه. ونبشر الرافضة بعذاب أليم -إن شاء الله- مصداقًا لقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾
الفصل الرابع: ثناء وتعزية شيخنا الفاضل أبي عمرو الحجوري حفظه الله
قال شيخنا الفاضل أبي عمرو الحجوري حفظه الله على كتاب "موصل الطلاب إلى مراتب الأكابر والطريق المثلى في تلقي علوم السنة والكتاب" للشيخ سعيد رحمه الله: لعل هذا المؤلف يكون أحسن ما كتب في هذا الباب، جزى الله مؤلفه خيرا، فيوصى باستفادة منه. وهذا باب يكثر السؤال عنه.
كتبه أبو عمرو الحجوري.
وقد كتب لي شيخنا الفاضل أبي عمرو الحجوري حفظه الله تعزيته في شيخنا المجاهد سعيد بن دعاس رحمه الله فقال:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أما بعد:
فإن مقتل الشيخ سعيد دعاس رحمه الله يعتبر وصمة عار في وجوه الرافضة الحوثيين من ضمن الخزايا التي يشهد التاريخ عليهم بمثلها من قتل الأبرياء والصلحاء والدعاة إلى الله وغيرها من فسادهم وشرهم. والشيخ سعيد رحمه الله ممن عرف بالتمكن في علوم شتى من علوم الشريعة والنصح وإنكار المنكر. ولقد ترافقنا نحن وإياه في رحلات دعوية عديدة، منها رحلة بدأت من صنعاء، ثم ذمار، وتعز، والضالع ونحوها وانتهت إلى عدن، ورحلة إلى بلاد حجور.
وهو داع سلفي ثبت خبير بشبهات أهل الباطل وواعظ بصير. أسأل الله تعالى أن يرحمه ويغفر له ويكتب له الشهادة. فنقول لأنفسنا وشيخنا وسائر أهل السنة: اللهم أجرنا في مصيبتنا هذه واخلف لنا خيرا منها.
والحمد لله رب العالمين.
كتبه أبو عمرو الحجوري.
هذا آخر ما سطرت في تعزية الشيخ أبي حاتم سعيد بن دعاس اليافعي رحمه الله، والله تعالى أعلم بالصواب، والحمد لله رب العالمين.
دماج، 10 شوال 1433هـ
فهرس الرسالة
Table of Contents
مقدمة المؤلف 2
الباب الأول: الجهاد بالعلم والدعوة والردور على المبطلين 5
فمن تصانيف الشيخ سعيد بن دعاس اليافعي رحمه الله نثرا: 5
ومن أشعاره: 6
آخر رسالة من الشيخ سعيد بن دعاس رحمه الله 7
الباب الثاني: جهاد الشيخ سعيد بن دعاس رحمه الله للكفار الرافضة 10
الباب الثالث: ثناء العلماء وعزاؤهم في الشيخ المجاهد سعيد بن دعاس رحمه الله تعالى 14
الفصل الأول: تعزية شيخنا العلامة يحيى بن علي الحجوري حفظه الله وثناءه على الشيخ سعيد بن دعاس رحمه الله 14
الفصل الثاني: تعزية شيخنا الفاضل أبي محمد عبد الحميد بن يحيى الزعكري الحجوري حفظه الله 16
الفصل الثالث: عزاء الشيخ أبي بكر بن ماهر بن عطية المصري حفظه الله 17
الفصل الرابع: ثناء وتعزية شيخنا الفاضل أبي عمرو الحجوري حفظه الله 18
فهرس الرسالة 20
تعليق