حكم زيارة قبر نبي الله هود وما يدور حوله من منكرات
يقول في حضرموت يذهب الناس في وقت محدود من كل سنة إلى زيارة أحد القبور يقولون إنه قبر النبي هود، الكائن في شعب هود، وهناك تتم الصلاة وتتم الزيارة والقراءة والبيع والشراء، فما حقيقة ذلك؟ وهل قبر النبي هود هناك أم لا؟
لا شك أنه هود - عليه الصلاة والسلام- كان في الأحقاف، وكان منزلهم هناك بعثه الله إلى قومه هناك، ولكن لا يعلم قبره ولا يدرى عنه، وليس هناك ما يدل على وجوده هناك فالذين يقصدون قبراً هناك ليس معهم حجة على أنه قبر هود، ولا يحفظ قبر معلوم للأنبياء سوى قبر نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - فهو المحفوظ في المدينة، وهكذا قبر إبراهيم في المغارة في الشام في المحلة المعروفة هناك من دون أن يعلم عينه، لكنه موجود في المغارة المعروفة هناك في الخليل، وأما بقية الأنبياء فلا تعلم قبورهم ، لا هود ولا صالح ، ولا نوح ولا غيرهم ، كلهم لا تعلم قبورهم، فمن زعم أن قبر هود في بقعةٍ معينة هناك وأشار إليه بأنه هذا المحل المعين فليس معه حجة ، وليس معه دليل ، فقبور الأنبياء لا تعرف ، ما عدا قبر نبينا - صلى الله عليه وسلم- وقبر إبراهيم - عليه الصلاة والسلام-. ثم لو فرضنا أنه صحيح ، وأنه قبر هود فإنه لا يجوز شد الرحال إليه والسلام عليه ، أو الصلاة عنده، أو غير ذلك ، لكن لو مر إنسان به وهو يعلم أنه قبره وسلم عليه فلا بأس، كما لو سلم على نبينا محمد - عليه الصلاة والسلام-، أما أن يزار بشد الرحال فلا ، قال النبي عليه الصلاة والسلام : (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى). فلا يشد الرحل لقبر أي أحد، لا قبر هود ولا غيره، ثم لو فرض أنه مر عليه وزاره فليس له أن يصلي عند القبر، الصلاة لا تجوز عند القبور، الرسول - صلى الله عليه وسلم- نهى عن ذلك قال : (ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك). فالصلاة عند القبر اتخاذاً له مسجد، فلا يجوز الصلاة عند القبور، ولا اتخاذها مساجد ، لو فرضنا أنه علم أنه قبر هود أو غيره فلا يجوز للمسلمين أن يشدوا الرحال من أجل زيارة القبور ، لا قبر هود ولا غيره ، ولا للمسلمين أيضاً أن يصلوا عند القبور، ولا أن يتخذوا عليها مساجد؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم- زجر عن ذلك فقال: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد). قالت عائشة - رضي الله عنها-: (يحذر ما صنعوا). وقال أيضاً - عليه الصلاة والسلام-: (ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك). فصرح - صلى الله عليه وسلم- أنه ينهى عن اتخاذ القبور مساجد، والصلاة عندها اتخاذٌ لها مساجد، فلا يجوز لأي مسلم أن يفعل ذلك ، فلا يشد الرحل إلى القبر ، أي قبرٍ كان ، ولا يصلي عنده ، أما إذا مرَّ عليه أو صار في البلد وزاره للسلام على القبور فهذا سنة ، النبي - صلى الله عليه وسلم- قال : (زوروا القبور فإنها تذكركم بالآخرة). لكن من دون شد رحل، ومن دون أن تتخذ مساجد، ويصلى عندها، أو تتخذ محل للقراءة والدعاء ، لا ، يزورها ويسلم على المقبورين ويدعو لهم وينصرف، كان النبي - صلى الله عليه وسلم- يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا : السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ، نسأل الله لنا ولكم العافية. وفي لفظٍ : يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين. هذه السنة أن تزار القبور من دون شد رحل، ويدعى لهم ويسلم عليهم ، يسلم عليهم ويدعى لهم بالمغفرة والرحمة، ولك معهم ، وفي زيارة القبور ذكرى وعبرة ، فإن الزائر يتذكر الموت وما بعد الموت ويعتبر ويدعوه هذا إلى إعداد العدة ، والتأهب للآخرة ، أما اتخاذها مساجد أو اتخاذها محلا ًللدعاء والقراءة فلا ، هذا لا يجوز ، وليست محلاً للدعاء ولا القراءة ولا الصلاة، ولكن يسلم عليهم ويدعو لهم، ..... السلام ويكفي ذلك كما علمنا الرسول - صلى الله عليه وسلم- وبين لنا وحذرنا من خلاف ذلك ، فشد الرحال للقبور منكر ولا يجوز، وهكذا الصلاة عندها واتخاذها مساجد ، والبناء عليها واتخاذ القباب عليها ، كل هذا منكر. ولا ينبغي لك - أيها السائل ولا لغيرك- أن يغتر بالناس ، فإن أكثر الناس اليوم ليس عندهم بصيرة، وإنما تحكمهم العادات وما ورثوه عن الآباء والأجداد، فاتخاذ المساجد على القبور اليوم في بعض الدول الإسلامية، واتخاذ القباب عليها كله منكر ، كله من وسائل الشرك ، النبي - صلى الله عليه وسلم- نهى عن هذا ، قال : (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد). يحذرنا من أعمالهم. وكذلك نهى عن تجصيص القبور، والقعود عليها، والبناء عليها ، فلا يجوز أن تجصص، ولا أن يبنى عليها قبة ولا غيرها ، ولا يتخذ عليها مسجد؛ لأن هذا كله مصادم لما جاء عنه - عليه الصلاة والسلام- ، ولأنه أيضاً وسيلة من وسائل الشرك والغلو في القبور ، فالواجب على رؤساء الدول الإسلامية ، الواجب عليهم أن يزيلوا ما على القبور من أبنية ، من قباب ، ومساجد، وأن تكون القبور بارزة ليس عليها قبة، وليس عليها مسجد، هذا هو الواجب في جميع الدول الإسلامية، الواجب عليهم جميعاً أن يبرزوا القبور، وأن يزيلوا ما عليها من مساجد، وقباب، وأبنية طاعةً للرسول - صلى الله عليه وسلم-، وامتثالاً لأمره، وعملاً بشرعه - عليه الصلاة والسلام-. وأيضاً في ذلك سد ذرائع الشرك وحصر موادها ؛ لأن الناس إذا رأوا قبراً مشيداً معظماً بالقباب والبناء والفُرش غلت فيه العامة، وظنت أنه ينفع ويضر، وأنه يستجيب الداعي، وأنه يشفي المريض، وأنه يتوسط بينهم وبين الله، فيقع الشرك بالله - نعوذ بالله-؛ كما قد وقع لعباد القبور في الزمن الأول ، فإنهم عظموا القبور، وزعموا أن أهلها شفعاء عند الله، فدعوهم، واستغاثوا بهم، وهذا هو الشرك الأكبر - نسأل اله العافية-، وهذا الواقع اليوم في كثيرٍ من البلاد ، واقع فيها هذا الغلو في القبور كما يقع في مصر عند قبر البدوي والحسين وغيرهما ، وكما قد يقع في الشام عند قبر ابن عربي وغيره ، وكما قد يقع في العراق عند قبر موسى كاظم وأبي حنيفة وغيرهما ، وكما قد يقع عند بعض الجهال في قبر النبي - صلى الله عليه وسلم- في المدينة –عليه الصلاة والسلام- بعض الجهال من الحجاج والزوار قد يقع منهم الشرك عند قبر النبي - صلى الله عليه وسلم- فيقول : يا رسول الله اشفي مريضي، انصرني ، المدد المدد، اشفع لي ، وهذا لا يجوز لا مع النبي ولا مع غيره من الأموات - عليه الصلاة والسلام-، وإنما هذا في حياته، في حياته يقال له: اشفع لنا يا رسول الله ، يعني ادع لنا، وهكذا يوم القيامة إذا قام الناس من قبورهم، يأتيه المؤمنون ويسألونه أن يشفع لهم إلى الله ، حتى يحكم بينهم ، وحتى يدخلوا الجنة ، أما بعد الموت، وقبل البعث في حياة البرزخ فلا، لا يطلب منه الشفاعة، ولا يجوز أن يطلب منه المدد، ولا غوث، ولا نصر على الأعداء ؛ لأن هذا بيد الله - سبحانه وتعالى- ليس بيد الأنبياء ولا غيرهم، بل النصر والشفاء للمرضى والغوث والمدد كله بيد الله - سبحانه وتعالى-. وهكذا قد يقع من بعض الجهلة عند قبر خديجة في ........ في مكة المكرمة إلا إذا لوحظوا ، وجهوا ، وبُين لهم ما يجب عليهم. فأنت - أيها السائل- ينبغي لك أن تحذر هذه المسائل وأن تكون على بينة ، وأن تعلم أن القبور ، لا قبور هود ولا غيره لا يجوز أن تتخذ معابد ، مصلى، مساجد ، لا، ولا أن تدعى مع الله ، ولا أن يستغاث بأهلها ، ولا أن يطاف بقبورهم ، ولا أن يبنى عليها قبة، ولا أن تفرش، ولا أن تطيب ، كل هذا لا يجوز ؛ لأنه من وسائل الشرك ، والدعاء للميت ، دعاء الميت ، وطلب الغوث منه، والمدد، وشفاء المريض، هذا كله شرك بالله - عز وجل-.
من هنا
موقع الشيخ رحمه الله تعالى