تويت
حقيقة زيارة مكنون وبيان ما يحصل فيها
حقيقة زيارة مكنون وبيان ما يحصل فيها
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيد ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارا به وتوحيدا، وأشهد أن محمد عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما مزيدا أما بعد ..
فإن الله أمر عباده بطاعته وطاعة رسوله قال تعالى: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ} [آل عمران: 32]، وقال جل في علاه: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [النور: 54]، و نادى الله تعالى المطيعين باسم الإيمان قال جل وعز : {ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33]، ونهانا الله عن التولي والإعراض عما نسمعه من كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ} [الأنفال: 20]، وحذرنا الله تعالى من الإعراض، وأن من أعرض عن كلام الله وكلام رسوله – صلى الله عليه وسلم - يتسلط عليه الشيطان فيكون له قرينا - وبئس القرين - ، ويكون سببا في إغوائه وصده عن سبيل الله وهو يحسب أنه من المهتدين، قال الله تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (37)} [الزخرف: 36، 37].
فإن مما أنعم الله تعالى على عباده عامة وعلى أهل مدينتنا – الحامي - خاصة، نعمة الخير والهدى وانتشار السنة، فبعد أن خَيَّم الجهلُ وضرب بأطنابه حِقبَةً من الزمن، وجد الشيطان مستنقعا لنشر البدع والشرك والمخالفات والعياذ بالله، وكما قيل :
خلا لك الجو فبيضي واصفري *** ونقري ما شئت أن تنقري
ولكن الله لطف وأنعم على أهل بلدتنا بنعمة الخير ونشر السنة {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ }، فأخرجهم من ظلمة البدع وعياهم الشرك، إلى نور السنة، وهذا من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون ولكن أكثر الناس لا يشكرون، فَتَبَصَّروا وعَلِموا من أمور دينهم ما جهلوه طَوَال حياتهم، وأَحَبُّوا هذا الخيرَ وأَحَبُّوا أهلَه {ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا} [النساء: 70]، لأنّ الخيرَ له محبةٌ في قلوب أهله بفطرتهم، وعرف الناسُ أنهم كانوا على غير السبيل، وبعد هذا الخير وانتشاره، وذهاب الباطل واضمحلاله، نَقَمَ أعداءُ الخيرِ منه ومن أهله، فحاولوا إعادة تلك الطقوس البدعية وتلك العادات الشركية باسم (العادات والتقاليد) – زعموا – وما ذلك إلا إحياءً لباطلهم المدفون، فكل ما جدده الناس اليوم، وأحدثوه، من أخلاقِ الجاهليةِ المذمومة، وسماتِها، وأعرافِها وتقاليدِها، وآثارِها، ونحو ذلك، ونشره بين المسلمين، تحت شعارات الأصالة، والوطنية، وإحياء التراث، والتغني بالأمجاد، والفخر بالآثار، ونحو ذلك من الشعارات التي لا مستند لها من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. كل هذا يدخل في النهي عن سنن الجاهلية المذمومة شرعًا، وإن ألبسوه لباس التقدم والمدنية.
وأي جاهلية من أن يتمسح الناس بأتربة الموتى كما تمسح الجاهليون بأتربة قبورهم وأصنامهم.
وبعد هذه المقدمة ، فإني ذاكرٌ في هذه الأسطر بعض ما يحصل من المخالفات فيما يسمى بـ(زيارة مَكْنُون) فأسأل الله أن يعيننا على قَصْدِنا، ومقصودُنا هو النصحُ والتوجيهُ بالأدلة الشرعية من كتاب ربنا تبارك وتعالى وسنة نبينا – عليه الصلاة والسلام - وأقوالِ أهل العلم.
فمما يحصل فيها:
- العِدَّة : ويحصل فيه ما يعلمه القاصي والداني والصغير والكبير من الغناء والرقص ما يسمى (الرقص الشعبي)، ومن ضرب الطبول وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم – (إن الله حرم على أمتي الخمر و الميسر و المزر و الكوبة و القنين و زادني صلاة) عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه عند أحمد وغيره ويصححه العلامة الألباني في الصحيحة برقم (1708) وفي غير الصحيحة، والكوبة: هي الطبل، قال المارودي الشافعي (ت450) في " الحاوي في فقه الشافعي " (17/ 191): "وَأَمَّا الْمَلَاهِي فَعَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ : حَرَامٍ ، وَمَكْرُوهٍ ، وَحَلَالٍ . فَأَمَّا الْحَرَامُ من الملاهي : فَالْعُودُ ، وَالطُّنْبُورُ ، وَالْمِعْزَفَةُ ، وَالطَّبْلُ ، وَالْمِزْمَارُ ، وَمَا أَلْهَى بِصَوْتٍ مُطْرِبٍ إِذَا انْفَرَدَ . وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى أُمَّتِي الْخَمْرَ ، وَالْمَيْسِرَ ، وَالْمِزْرَ ، وَالْكُوبَةَ ، وَالْمَزَامِيرَ ، وَالْقِنِّينَ " . فَالْمَيْسِرُ : الْقِمَارُ ، وَالْمِزْرُ : نَبِيذُ الذُّرَةِ ، وَالْكُوبَةُ : الطَّبْلُ ، وَالْقِنِّينُ : الْبُرْبُطُ ، وَلِأَنَّهَا تُلْهِي عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَنِ الصَّلَاةِ كَالشَّرَابِ"، فانظروا إلى حُكْمِ هذا الإمام في الطَبْلِ بأنه حرام.
- ما يحصل فيها من الزيارة االبدعية حول القبر الذي في تلك البقعة، وهو قبر بُنِيَت عليه غرفة، يدخلُها الناس طابورا واحدا لأنه لا يَسَع إلا طابورا واحدا، ويتمسحون ويتبركون ثم يخرجون، قال الإمام النووي رحمه الله كما في "المجموع شرح المهذب (8/ 275)": "لَا يَجُوزُ أَنْ يُطَافَ بِقَبْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُكْرَهُ إلْصَاقُ الظُّهْرِ وَالْبَطْنِ بِجِدَارِ الْقَبْرِ قَالَهُ أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَلِيمِيُّ وَغَيْرُهُ قَالُوا وَيُكْرَهُ مَسْحُهُ بِالْيَدِ وَتَقْبِيلُهُ بَلْ الْأَدَبُ أَنْ يَبْعُدَ مِنْهُ كَمَا يَبْعُدُ مِنْهُ لَوْ حَضَرَهُ فِي حَيَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي قَالَهُ الْعُلَمَاءُ وَأَطْبَقُوا عَلَيْهِ وَلَا يُغْتَرُّ بِمُخَالَفَةِ كَثِيرِينَ مِنْ الْعَوَامّ وَفِعْلِهِمْ ذَلِكَ"، فإذا كان هذا بقبر النبي عليه الصلاة والسلام فمن دونه من باب أولى !! .
- ما يحصل فيها من اختلاط الرجال بالنساء، وحدِّث عما يحصل من جرّاء ذلك من الفساد ما الله به عليم، ويعلم ذلك من حضر مثل هذه الزيارات، وما ذلك إلا أنه يحضرها أناسٌ كُثُر من مناطق متعددة بل ومن أماكن بعيدة ،كما أُخْبِرنا أنه يحضرها أناسٌ من عدن، وتُفَرَّغ لهم البيوت، ومن كان له أهل ينزل عليهم ضيفا، فإذا أختلط الرجال بالنساء فلا تَسَلْ عما يحصل من الفساد والخَنَا – والله المستعان - .
- ضياع الأوقات، حيث أنهم يبدؤون بعد صلاة الفجر حتى طلوع الشمس ولعلهم يستريحون قليلا، ثم يواصلون ، وليس عندهم ليل ولا نهار، فهم يصلون الليل بالنهار، كل ذلك يلعبون ما يسمى عندنا بـ(العدة).
- وربما حملهم الباطل على الاعتداء على الغير، فربما حصل قتال بينهم وبين المناطق المجاورة كما حصل ذلك.
هذا ما يحصل في هذه الزيارة، وما خفي كان أعظم وأَمَر، فالداعي إليها هو داعٍ إلى الخنا والفساد والدَبور والشرك والبدع - وإلى الله المشتكى - ، فهذه نصيحة لمن أراد نشر مثل هذا الباطل بين أوساطنا، وهذا بيان لمن لم يعرف هذه الزيارة ما يحصل فيها، {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} ، والحمد لله رب العالمين.