نُبذة يسيرة فِي حِرْص العُلماء عَلى أوْقَاتهم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا أله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وعلى آله وسلم وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ.
فهذه نبذة يسيرة عن حرص العلماء على أوقاتهم ذكرها الشيخ الفاضل عبد الحميد الحجوري - حفظه الله ورعاه - في كتابه الماتع "الوسائل الجلية في نصرة الدعوة السلفية" فأحببت أن أرفعها إلى إخواني في الله لتعم الفائدة وترغيباً على حرص الأوقات وترهيباً عن ضياعه وإلى قول الشيخ:
ومن الأمثلة على حرص العلماء على أوقاتهم شيخنا وعالمنا أبو عبد الرحمن يحيى بن علي بن أحمد بن يعقوب الحجوري حفظه الله ورعاه، وسدد على الخير خطاه.
فقد دخل دماج ملتمسًا للعلم النافع متتلمذًا على يد الإمام أبي عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله، ورفع درجته في المهديين في حوالي سنة 1406هـ
فتتلمذ وتفقه وكان حريصًا على الوقت غاية الحرص، حتى أنه ربما كان لا ينام من الليل إلا قليلًا، ربما وهو جالس وأخرى وهو متكئ، ففي حدود عشر من السنين، إلا وهو نائبًا لشيخنا مقبل الوادعي رحمه الله على كرسيه، يدرس ويفيد ويفتي ويصنف، حتى أننا لازمناه في المكتبة أيامًا قبل أن تكون له مكتبة خاصة به، وكان يدخلها من الصباح إلى الظهر، ومن بعد درس الظهر إلى العصر، يؤذن علينا المؤذن ونحن في الطريق إلى بيته في المزرعة لتناول طعام الغداء، ثم بعد ذلك يرجع إلى المسجد للصلاة، وبعد الصلاة الدرس حيث كان يُدَّرس في غياب الشيخ جميع الدروس العامة، ثم يرجع إلى المكتبة إلى صلاة المغرب، ثم درس ما بين العشائين، ثم بعد ذلك يرجع المكتبة إلى بعد منتصف الليل، ونادرًا ما كنا نرجع البيت قبل منتصف الليل، ثم مع ذلك قسطه من قيام الليل، ويصلي بنا الفجر في المزرعة، ثم يقرأ ورده من القرآن إلى طلوع الشمس، ثم درس الطحاوية، وهكذا كانت أيامه وما زالت حتى بعد وفات شيخنا مقبل رحمه الله، ووصيته له بإلا يٌنزل من على الكرسي، وأن لا يرضى له ببديل وسماه الناصح الأمين.
ففي كتابتي لهذه اللمحة عن حياته حفظه الله، وهو ما زال على ذلك علمًا وتعليمًا ودعوة حتى في جلوسه مع الضيوف حفظه الله، يحرص كل الحرص أن يقضي الوقت في الدعوة إلى الله عز وجل، أو أجوبة للأسئلة وغير ذلك، فنفع الله وسدده وأيده فله الحمد والمنة.
ومما يدل على حرصه على الوقت حفظه الله عز وجل أنه جاءه رد من أحمد بن نصر الله على كتاب شيخنا الجليل أبي عبد الرحمن الوادعي «الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين«، وفي الكتاب جهل وجور وطعن وغرور، فما كان منه إلا أن بدأ في الرد عليه من أول يوم وصل يده وكان قبل صلاة الجمعة في الخامس عشر من ذي الحجة، فانتهى من الرد حفظه الله في غضون شهر، وكان يسمر مع الكتاب إلى الساعة الثالثة بعد منتصف الليل، ثم بعد صلاة الفجر مراجعة للقرآن، ثم درس الزاد بعد الشروق، فنسأل الله السداد والتوفيق والرشاد لنا وله.
وهذا العالم النبيل رفع الله قدره بسبب حرصه على الخير والسنة، فهو ناصح للحاكم والمحكوم، وللطالب والعامي، ومع كثرة مبغضيه من المبطلين وأفراخهم، وكثر خاذليه من حاسدين واضرابهم، فإن الله مسدده وناصره، فله الحمد والمنة على كل حال، فكم من محدثات دحرها حفظه الله، منها فتنة أبي الحسن مصطفى بن إسماعيل الماربي المصري، فقد بين عوارها وأوضح شناها وأطفأ نارها من أول مهدها حين أخرج هذا بيان للناس، ومن قبله قيامه بالرد على كلمة أبي الحسن في دار الحديث بدماج، حين جاء معزيًا يدعي أنه آخذ بزمام الدعوة ومنافح عنها، فقام الشيخ وألقى كلمات على مسامح الحاضرين كانت كالدامغه على ذلك الضليل أعني أبا الحسن.
وتصدى لفتنة الغلاة مثل فتنة صالح البكري، وأحمد الشيباني، وفالح الحربي، فاركسهم الله عز وجل على يديه، وأهانهم وبين ضلالهم وعوارهم.
وكذلك كم تصدى للممييعين للدعوة المتقاربين مع أهل الباطل مع ما له حفظه الله من النصح والتوجيه والتواليف النافعة منها «أحكام الجمعة«، و«أحكام المسافرين«، و«أحكام التيمم«، و«فتح الوهاب في حكم البصاق، و«المحراب«، و«الرياض المستطابة في معرفة مفاريد الصحابة«، وكذلك «إتحاف الكرام بأحكام الزكاة والحج والصيام« وغيرها، ومن الردود «الصبح الشارق لبيان ضلالات عبد المجيد الزنداني في توحيد الخالق«، «رد على عمرو خالد«، «رد على بن حفيظ«، «رد على الجفري«، و«أضرار الحزبية«، وغيرها كثير ومن التحقيقات: تحقيق «السنن الصغرى والكبرى« للبيهقي، تحقيق «إصلاح المجتمع«، تحقيق مقدمة والجزاء الثاني من «فتح الباري«، تحقيق «أخلاق العلماء« للآجري، تحقيق «مقدمة سنن الدارمي«، تحقيق وشرح «المنتقى« لابن الجارود وغيرها حتى أنها في هذه الأيام تقارب ثمانين مؤلفًا.
ويا لله العجب حين تحضر دروس هذا العالم الجليل وخطبه، وتجد قوة الاستدلال والاستنباط تعرف قوة هذا الرجل وطول باعه في العلم ونشر الخير، وإن مما ساعده على نشر هذه الدعوة والخير هو غيرته وشجاعته، فالغيرة مع الشجاعة من الأسباب العظيمة لنصر الدعوات كما سيأتي بيانه إن شاء الله. اهـ المراد
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا أله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وعلى آله وسلم وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ.
فهذه نبذة يسيرة عن حرص العلماء على أوقاتهم ذكرها الشيخ الفاضل عبد الحميد الحجوري - حفظه الله ورعاه - في كتابه الماتع "الوسائل الجلية في نصرة الدعوة السلفية" فأحببت أن أرفعها إلى إخواني في الله لتعم الفائدة وترغيباً على حرص الأوقات وترهيباً عن ضياعه وإلى قول الشيخ:
ومن الأمثلة على حرص العلماء على أوقاتهم شيخنا وعالمنا أبو عبد الرحمن يحيى بن علي بن أحمد بن يعقوب الحجوري حفظه الله ورعاه، وسدد على الخير خطاه.
فقد دخل دماج ملتمسًا للعلم النافع متتلمذًا على يد الإمام أبي عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله، ورفع درجته في المهديين في حوالي سنة 1406هـ
فتتلمذ وتفقه وكان حريصًا على الوقت غاية الحرص، حتى أنه ربما كان لا ينام من الليل إلا قليلًا، ربما وهو جالس وأخرى وهو متكئ، ففي حدود عشر من السنين، إلا وهو نائبًا لشيخنا مقبل الوادعي رحمه الله على كرسيه، يدرس ويفيد ويفتي ويصنف، حتى أننا لازمناه في المكتبة أيامًا قبل أن تكون له مكتبة خاصة به، وكان يدخلها من الصباح إلى الظهر، ومن بعد درس الظهر إلى العصر، يؤذن علينا المؤذن ونحن في الطريق إلى بيته في المزرعة لتناول طعام الغداء، ثم بعد ذلك يرجع إلى المسجد للصلاة، وبعد الصلاة الدرس حيث كان يُدَّرس في غياب الشيخ جميع الدروس العامة، ثم يرجع إلى المكتبة إلى صلاة المغرب، ثم درس ما بين العشائين، ثم بعد ذلك يرجع المكتبة إلى بعد منتصف الليل، ونادرًا ما كنا نرجع البيت قبل منتصف الليل، ثم مع ذلك قسطه من قيام الليل، ويصلي بنا الفجر في المزرعة، ثم يقرأ ورده من القرآن إلى طلوع الشمس، ثم درس الطحاوية، وهكذا كانت أيامه وما زالت حتى بعد وفات شيخنا مقبل رحمه الله، ووصيته له بإلا يٌنزل من على الكرسي، وأن لا يرضى له ببديل وسماه الناصح الأمين.
ففي كتابتي لهذه اللمحة عن حياته حفظه الله، وهو ما زال على ذلك علمًا وتعليمًا ودعوة حتى في جلوسه مع الضيوف حفظه الله، يحرص كل الحرص أن يقضي الوقت في الدعوة إلى الله عز وجل، أو أجوبة للأسئلة وغير ذلك، فنفع الله وسدده وأيده فله الحمد والمنة.
ومما يدل على حرصه على الوقت حفظه الله عز وجل أنه جاءه رد من أحمد بن نصر الله على كتاب شيخنا الجليل أبي عبد الرحمن الوادعي «الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين«، وفي الكتاب جهل وجور وطعن وغرور، فما كان منه إلا أن بدأ في الرد عليه من أول يوم وصل يده وكان قبل صلاة الجمعة في الخامس عشر من ذي الحجة، فانتهى من الرد حفظه الله في غضون شهر، وكان يسمر مع الكتاب إلى الساعة الثالثة بعد منتصف الليل، ثم بعد صلاة الفجر مراجعة للقرآن، ثم درس الزاد بعد الشروق، فنسأل الله السداد والتوفيق والرشاد لنا وله.
وهذا العالم النبيل رفع الله قدره بسبب حرصه على الخير والسنة، فهو ناصح للحاكم والمحكوم، وللطالب والعامي، ومع كثرة مبغضيه من المبطلين وأفراخهم، وكثر خاذليه من حاسدين واضرابهم، فإن الله مسدده وناصره، فله الحمد والمنة على كل حال، فكم من محدثات دحرها حفظه الله، منها فتنة أبي الحسن مصطفى بن إسماعيل الماربي المصري، فقد بين عوارها وأوضح شناها وأطفأ نارها من أول مهدها حين أخرج هذا بيان للناس، ومن قبله قيامه بالرد على كلمة أبي الحسن في دار الحديث بدماج، حين جاء معزيًا يدعي أنه آخذ بزمام الدعوة ومنافح عنها، فقام الشيخ وألقى كلمات على مسامح الحاضرين كانت كالدامغه على ذلك الضليل أعني أبا الحسن.
وتصدى لفتنة الغلاة مثل فتنة صالح البكري، وأحمد الشيباني، وفالح الحربي، فاركسهم الله عز وجل على يديه، وأهانهم وبين ضلالهم وعوارهم.
وكذلك كم تصدى للممييعين للدعوة المتقاربين مع أهل الباطل مع ما له حفظه الله من النصح والتوجيه والتواليف النافعة منها «أحكام الجمعة«، و«أحكام المسافرين«، و«أحكام التيمم«، و«فتح الوهاب في حكم البصاق، و«المحراب«، و«الرياض المستطابة في معرفة مفاريد الصحابة«، وكذلك «إتحاف الكرام بأحكام الزكاة والحج والصيام« وغيرها، ومن الردود «الصبح الشارق لبيان ضلالات عبد المجيد الزنداني في توحيد الخالق«، «رد على عمرو خالد«، «رد على بن حفيظ«، «رد على الجفري«، و«أضرار الحزبية«، وغيرها كثير ومن التحقيقات: تحقيق «السنن الصغرى والكبرى« للبيهقي، تحقيق «إصلاح المجتمع«، تحقيق مقدمة والجزاء الثاني من «فتح الباري«، تحقيق «أخلاق العلماء« للآجري، تحقيق «مقدمة سنن الدارمي«، تحقيق وشرح «المنتقى« لابن الجارود وغيرها حتى أنها في هذه الأيام تقارب ثمانين مؤلفًا.
ويا لله العجب حين تحضر دروس هذا العالم الجليل وخطبه، وتجد قوة الاستدلال والاستنباط تعرف قوة هذا الرجل وطول باعه في العلم ونشر الخير، وإن مما ساعده على نشر هذه الدعوة والخير هو غيرته وشجاعته، فالغيرة مع الشجاعة من الأسباب العظيمة لنصر الدعوات كما سيأتي بيانه إن شاء الله. اهـ المراد
تعليق