بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ الحمدَ لله نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه ، من يهدِه اللهُ فلا مُضلَّ له، ومن يُضلِلْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له ، وأنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما كثيرا
أما بعد:
فهذه مقالة متواضعة مختصرة أسبر فيها أحوال كثير من الناس ممن كان لهم رأي أو اهتمام لما جرى من الحرب على دماج وأهلها ثم إني جعلتها على طبقات والطبقات الى أقسام وكل بما يقتضيه المقام وقد اعتراني عند كتابتها ما اعترى كل من كتب شيئا في الطبقات من تجاذب للطبقات طلبا للاختصار ولهذا قال إمام المؤرخين وأشهر من كتب في الطبقات المختلفة أحمد بن عثمان الذهبي السلفي رحمه الله تعالى في كتابه تذكرة أو طبقات الحفاظ عند ترجمة أبي الاحوص سلام الحنفي الحافظ رحمه الله (ولا بد في كل طبقة من مجاذبة الطبقتين وإلا فلو بولغ في تقسيم الطبقات لجاءت كل طبقة ثلاث طبقات وأكثر) انتهى .
وقد كتبتها ارتجالا منتفع ، بأسلوبٍ سهل ممتنع ، يراه القارئ الملتمع ، ولا يمله من يستمع ، أرجوا به ذخرا إذ نجتمع .
فتارة أصرِّح بالاسم ، وتارة أكني وأُنمِي ، وتارة أُغَمِّي وأرمي ، وكل بما يقتضيه سهمي ، مُعرِضا عن مدحي وذمي .
فأقول مستعينا بالله متوكلا عليه :
طبقة المناصرين :
هم رأس الطبقات ، ومفخرة الورقات ، لله درُّهم وعلى الله أجرهم ، تجمعهم النية الصادقة في دفع الظلم عن إخوانهم ، والسعي الصادق في الذود عن حرمات أحبابهم ، مترجمين ذلك بالأفعال ، وذلك من بداية الأمر حتى نهاية القتال وهم على أقسام :
الأولى : مناصرون ملبون :
هم قوم لبَّوا النداء فما قرَّت رواحلهم حتى ألبَّوا بجحفل البغي والعدوان ، هم قوم نهضوا لنصرة الدين والدفع عن المسلمين استجابة لأمر الله الواحد الديان ، هم الرجال فأنعم بهم من فتية آمنوا بربهم كرام شجعان ، أنفسهم لله رخيصة و مواقفهم في الحرب صريحة ، أذاقوا العدو الويلات وجرعوه كأس المرارات ، بطولاتهم عبق تسطرها الأقلام رسما ، فيحسبها القارئ وهما و حلما ، وهي والله حقيقة وجزما .
وخلاصة أمرهم أنهم انتشروا في جبهات القتال انتشار الأسود ، فأصابوا العدو بالجزع والهلع وأنواع الرعود ، وضربوا عليه حصارا خانقا محكم الأقفال والسدود ، فلما استحكم الأبطال شرعوا في السجال وحسبك من معركة أبطالها من ذكرنا و أرذالها قرود ، فهي والله آية لكل محب أو حقود ، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات رب الكرم والجود .
رأسها قادة لحفظ الدين تعتبر ، و قلبها فرسان لعزة دينها تصطبر ، منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر
كناصر بن عبادة وأبي إسحاق الشبامي وأبي الحارث وأبي محمد وأبي عبدالله وأبي الخطاب وأبي حاتم وأبي عمار وأبي تراب وأبي مسلم وأبي عبدالرحمن وابن فاروق وابن ناصر وابن جميل وأبي الفداء وغيرهم كثير والحصر عسير .
قال قتادة رحمه الله في قوله تعالى : (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)
(نَهَى الْمُسْلِمُونَ عَنْ أَهْلِ ميثاقهم فو الله لأَخُوكَ الْمُسْلِمُ أَعْظَمُ عَلَيْكَ -أي في النصرة- حُرْمَةً وَحَقًّا )
وقال بعض المفسرين تحت الآية السابقة ما حاصله : ( أي طلبوا أن تنصروهم لأجل الدين، أي لرد الفتنة عنهم في دينهم إذ حاول المشركون إرجاعهم إلى دين الشرك وجب نصرهم؛ لأنّ نصرهم للدّين ليس من الولاية لهم بل هو من الولاية للدين ونصرِه، وذلك واجب عليهم سواء استنصرهم الناس أم لم يستنصروهم إذا توفّر داعي القتال، فجعل الله استنصار المسلمين الذين لم يهاجروا من جملة دواعي الجهاد.
و{عليكم النصر} من صيغ الوجوب، أي: فواجب عليكم نصرهم، وقدم الخبر وهو {عليكم} للاهتمام به . انتهى) انظر التحرير والتنوير وغيره
الثانية : مناصرون محرِّضون :
وخلاصة أمرهم أنهم أقوام من بداية أمرهم قاموا بفريضة التحريض على القتال ، وانبروا لتبصير الناس بأحوال الحصر والسجال ، واجتهدوا في جمع أسباب إمداد الجبهات بالرجال ، فهم ظهرها وعليهم ثقلها وبهم قوامها ومنهم مددها بعد الله ربها ، وهم بين مكثر و مستكثر فمنهم من ضرب الفيافي والقفار ومنهم من جمع الحوادث و الأخبار ومنهم من كتب الرسائل والأسفار ، كل ذلك نصرة لدين الله الواحد القهار ، ويدخل فيهم من أقام على الجرحى يعانيهم أو سعى لفكاك الأسرى يواسيهم ، ونحو ذلك من الفضائل العظمى والمناقب الحسنى ، رأسها أهل العلم بطلابهم ، وفرعها أهل الغيرة بأنواعهم ، من كافة الناس بأصقاعهم .
قال السعدي رحمه الله تحت قوله تعالى
(فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلا ).
هذه الحالة أفضل أحوال العبد، أن يجتهد في نفسه على امتثال أمر الله من الجهاد وغيره، ويحرض غيره عليه، وقد يعدم في العبد الأمران أو أحدهما فلهذا قال لرسوله: { فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلا نَفْسَكَ } أي: ليس لك قدرة على غير نفسك، فلن تكلف بفعل غيرك. { وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ } على القتال، وهذا يشمل كل أمر يحصل به نشاط المؤمنين وقوة قلوبهم، من تقويتهم والإخبار بضعف الأعداء وفشلهم، وبما أُعد للمقاتلين من الثواب، وما على المتخلفين من العقاب، فهذا وأمثاله كله يدخل في التحريض على القتال.
الثالثة : مناصرون معذورون :
هم أقوام من خيرة الرجال ، قضى بهم مقدر الأقدار ، أن حبستهم النوائب والأعذار ، كوجود ما ذكره الله تعالى من الإضرار ، أو القيام على الرعية التي لا بد لها منهم أو الإعسار، أو فقد أسباب إجابة الداعي بسبب الفقر والإقتار ، ونحو ذلك من الأسباب و الأعذار ، التي عذرهم فيها أصحاب الشأن في الدار.
فهؤلاء وإن كانوا قعدة ، فهم في حكم المناصرة ، كما هو معروف من الأدلة الواضحة علما أن حقيقة حالهم ومقالهم من أول الامر يُنطق ،ا لو استطعنا لخرجنا معكم ولكن قضاء الله أحكم وأمر الله أوثق .
قال القرطبي رحمه الله تحت قوله تعالى (غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ)
قَالَ الْعُلَمَاءُ: أَهْلُ الضَّرَرِ هُمْ أَهْلُ الْأَعْذَارِ إِذْ قَدْ أَضَرَّتْ بِهِمْ حَتَّى مَنَعَتْهُمُ الْجِهَادَ. وَصَحَّ وَثَبَتَ فِي الْخَبَرِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ- وَقَدْ قَفَلَ مِنْ بَعْضِ غَزَوَاتِهِ: (إِنَّ بِالْمَدِينَةِ رِجَالًا مَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا وَلَا سِرْتُمْ مَسِيرًا إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ أُولَئِكَ قَوْمٌ حَبَسَهُمُ الْعُذْر). فَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ صَاحِبَ الْعُذْرِ يُعْطَى أَجْرُ الْغَازِي . انتهى
الرابعة : مناصرون قعدة :
ومنهم صنف هم أدنى منهم حالا ، وأقل ثوابا ، قوم لهم مناصرة ومنافحة وعاطفة ، ولكن استأخروا من غير عذر ينظر ، ولا بتأويل يُنصَر ، فمنهم من قال قد اكتفت الرجال في الجبهات ، ومنهم قال لست أهلا للقتال والمهمَّات ، فأخاف أن أنصر فأَزيدُ الويلات ، ونحو ذلك من الكلام والمجازفات ، وحاصلهم أنهم اجتمعوا مع أصحاب الباب من بادئ الحادثة ، في أصل النصرة والدفاع والمنافحة ، وافترقوا بأن كان في وسعهم فعل أكثر من ما ذكروا في شأنهم و ركَّةُ أعذارهم واضحة . والله المستعان.
والخلاصة فيهم أنهم على نصرتهم من أول الأمر يُشكرون ، و بنفاحهم عن أهل الدار يُذكرون ، ولإتيانهم بتلك الأعذار يُزجرون ، ولقعودهم عن الجهاد يُنصحون ، ثم أسال الله بعد ذلك أن يعذروا .
تنبيه :
ومن جملة من يدخل في المناصرين و المناصرات ، أناس هم من مختلف الممالك والمقاطعات ، أفتوا أو كتبوا أو أعانوا ولو ببعض الكلمات ، ولكن من بداية الحرب و الأحداث والمؤامرات ، من غير تعريض أو قدح أو تقلبات .
وهم كثير من المشايخ والدعاة والناشطين والإعلاميين ، من مختلف الفئات والأجناس والبلدان والميادين ، بل وفيهم من هو عندنا صاحب دخن وهوى ولين، ولكن غلبوا في وقت الحرب الحق على الهوى ، والمصلحة على النوى ، فشكر الله سعيهم وأصلح الله حالهم ، ووفقنا الله وإياهم لما يحب ويرضى ، فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله المولى .
· طبقة المتقلبة :
وهم أقوم من فئات مختلفة ونحل مضطربة ، يصعب حصرها وفي التحديد وضعها ، جمعتهم التقلبات والحيرة فتارة بالنصر والتأييد وتارة بالخذلان والتقعيد ، وأخرى بالسكون في مقام الحركة والتشديد .
وخلاصة أمرهم أنهم قد امتعضوا من الدار وأهلها سابقا ، فلما جاءت الحرب كان أكثرهم لما جرى من شأنه حانقا ، فأكثرهم في بادئ الأمر آثروا السكوت ، ظنا منهم أنه حدث يأتي ويفوت ، فلما اِشتد الكرب وزاد الضرب وقرعت بطبولها الحرب بدأ النوح و الشجب .
فتفاوتوا في الدفع و الانتصار ، والخذلان والانكسار ، وإيثار الخلاف الحاصل ، عن مجاراة الخُلَّصِ الأفاضل ، فمنهم من ابتكر حلولا وسِّدت أكفانا ، من مهدها ناقضت واقعاً وعرفانا ، فاجتمع لهم تثليث العنقاء والغيلان ، ومنهم من غَلَى وصعَّد ، وقَنَّنَ في النصرة وقعَّد ، فأتوا بقول غريب أوحد ، ما سبقهم عليه رجل آمن أو كافر ألحد ، إلا أن يكون ممن ذكرنا أعتى و أبلد.
فالله أسأل وهو العليم الخبير ، الإعانة والسداد في التقسيم والتحبير :
الأولى متقلبة لينة :
وهم قوم يميلون للنصر و التأييد ، ولكن حرموا فيها كمال الأجر والتسديد ، فتارة يجرون السكوت في محل الكلام ، وتارة يسكتون عن من يقدرون من القوم اللئام ،وتارة يكتبون أو يأتون ببعض الكلام ، وهم في ذلك كله متتبعين الأخبار متمنيين الانتصار ، وكان الظن في هؤلاء ومن بعدهم أن يقيموا الأرض نصرا وأن ويقعدونها تجييشا ، ولكن الحظوظ فعلت ، بمن حولهم فمنهم دخلت ، فياليت شعري ... إن كان حقاً فهبوا وإن كان ضِدَّا فردوا .
وأفضل ما أصفهم به هو (إخواننا أبطئوا علينا فإلى الله المشتكى)
الثانية متقلبة عجزة :
حينا ينصرون وحينا يعرِّضون ، حينا يسكتون وحينا يخترعون ، أتوا بالعجائب وسطروا الغرائب ، يعجز اللسان على التوصيف ، والقلب على التأليف ، حيروا أنفسهم كما حيروا غيرهم .
فترى أحوالهم مختلفة تختلف باختلاف الأوقات ، وهذا الاختلاف هو من حيث ماهية الحرب وليس من حيث أصل الأزمات ، وهذا في الأغلب الأعم فإذا اشتدت الحروب نصروا ، وإذا ظهر الأبطال سكتوا وإذا انتٌقِدوا عرَّضوا ، وإذا سُئِلوا اخترعوا ، فتارة الجهاد على التخيير ، وتارة الشدة والنفير ، وتارة السكوت والتسيير ، وأصل المسألة واحدة ما اختلفت لا في الأمر الأول ولا في الأمر الأخير .
فمنهم لجنة مشيخة الإبانة ومن هو مثلهم على تلك الحالة .
ومشايخ الإبانة تختلف أحوالهم وتأتلف أقوالهم وهذا عجب بيِّن إذ أن من عرف أحوالهم يعلم يقينا أن فيهم القريب اللين وفيهم البعيد البين ولكن أقوالهم دائما وخاصة في بيانتهم تتفق ، مع أن أفعالهم في بعض الأحيان تفترق .
مثال صغير للفهم والتقريب :
وذلك في حادثة مقتل ابن شيخنا الحبيب ، منهم من اتصل يعزي في الوقت القريب ، ومنهم من تأخر قليلا ثم اتصل على نحو غريب ، ومنهم من أعرض حتى لحظة الكتابة ولعله من موته في شك مريب ، وهذا ناتج من مبدأ التأثير على بعضهم البعض فهم طبقات فمنهم من يؤثر أكثر من غيره على الآخرين وهكذا فتجد أعراض التأثير واضحة في البيانات الجماعية والفردية منتفية في كثير من أفعالهم ففعل هذا يناقض هذا وهذا أحد أهم أسباب الحيرة التي ابتلي بها مقلديهم .
أصلح الله الأحوال والله المستعان.
الثالثة متقلبة خبيثة :
وهم مثال حي لانتكاس الخير والفضائل ، وانتحار الغيرة والشمائل ، تلبسوا بالحيرة ، فلم تسبغ السريرة
ظاهرهم الحيرة والتلفيق ، وباطنهم الخذيلة والتفريق ، ولهم بدع من القول نهيق :
فمنهم من قال ينصارون مناصرة المسلمين ، وهو غير نصرة عامة السلفيين ، ومنهم من قال بل أرفع من ذلك بقليل بل كمناصرة أهل السنة عموما وليس كخاصة السلفيين ، ومنهم من قال يناصرون مناصرة الظالم المظلوم مع المظلومين ، ومنهم ومنهم...وكلها خبط وخلط وعجين .
وأرذل الخبثاء جميعا هو أحمق التفريق فقوله في غاية الجهل السحيق .
وخلاصته أن لا بد أن تُفَرَّق المناصرة فتعطى لقوم وتحبس عن آخرين ... فهو شرهم إذ منع بعض المظلومين بخلاف من قبله من الجاهلين ، ففرق بين متفق ، فلا بشرع يلتحق ، ولا لعقل يعتنق .
رأسها قوم حنقا ، وفرعها قوم حمقى .
فمن رؤوسها العتيبي أحمق التفريق وهو متزلف غير حكيم ، سفيه عن الفضل عقيم ، وصل من شره، أن نوصح من غيره ، ممن هو كمثله ، بأن يخفف من غيه ، كتأجيله المقالة ، لإحراجها العصابة .
وهذا كاف لإبراز المثال والقيد ، والباقي عليهم قس كزيد أو عبيد ، و وأذنابهم جماعة من جهال أثوار ، مثل أولئك المقلدة في بلاد الكفار ، أصحاب المكتبة الخلفية وأتباعهم الفجار ، كأبي خديجة وهو جاهل معشعش في بلد الكفار رفعه جهال مثله و لهم خزايا ورزايا شرعية وعرفية يندى لها الجبين ، يسترونها بتزلفهم لعبيد واصحابه الباقين .
·طبقة الواقفة :
الخلاصة فيهم انهم أقوام يجمعهم الجهل بأحكام الشرائع والعمى عن إدراك الحقائق فهم متقلبون بين الجهل البسيط المطبق والجهل المركب المغلق .وهم أقسام فمنهم:
الأولى الواقفة البسيطة :
وهم الأكثر لا كثرهم الله سمعوا فصمتوا ، ورأوا فأعرضوا ، خشية الوقيعة زعموا ، فلا للباطل خذلوا ، ولا للحق نصروا ، ولا للمعرفة التي افترضها الله عليهم تجشموا ، رأسها كثير من عامة الناس والله المستعان.
الثانية الواقفة الوقحة :
قوم أرذال أغلق عليهم الجهل المركب فهم لا يعرفون ويعرفون او لا يعرفون انهم لا يعرفون فتكلموا بالباطل لجهلهم فساووا بين الظالم والمظلوم والباغي والمبغى عليه والمجرم والبريء بحجة الإنصاف والعدل زعموا ورؤوس هذه الطبقة أشهر من أن يذكروا وأظهر من أن يعلموا فقد ملئوا السهل والجبل .
الثالثة الواقفة المتخيلة :
وهم قوم أغرموا بنظرية المؤامرة ، وبسبل المغالطة ، فحملوا الأحداث مالا تحتمل فمثلا منهم من قال هي حرب بالوكالة ومنهم من قال هي ترمومتر لصراع خارجي ومنهم من قال بل هي الخطط الشيطانية للجارة السعودية ومنهم من قال بل هي الكراسي والحرص على المناصب وأقوالهم لا تحصى ولا تعد تجمع بين الخيال والخبث والوقاحة ...
تنبَّه :
ولا يعارض هذا ما استقر عندنا من الحقائق انه بالإضافة الى انها حرب كفر وإيمان و حقيقة وبهتان بأن هناك أجندة خبيثة خارجية جعلت المعتدي المارق يتجاسر على وقعته وينجوا بفعلته وانما المقصود هو خيال التعميم ووقاحة التوصيف وخبث المراد .
· طبقة المارقة
قوم عرفناهم من أهل الزيغ والنفاق و الخذيلة ، معرضون عن الكتاب والسنة و الفضيلة ، ساعون للفرقة والبدعة و الرذيلة ، وليهم الدنيا وامامهم الهوى ، عموا عن الحق والدين والهدى ، فاصبحوا وقد طمس الله قلوبهم فلا يميزون الحق من الضلالة ، ولا تأتي محنة على الأمة وخاصة أهل الصلاح منهم أهل السنة الا كان لهم فيها ابشع المقالة ، وأردأ الحالة ، فقاؤوا فيها قيحا ، وطاروا بها فرحا ، دينهم الرزية و منهجهم الخذيلة .
و مذهبهم الانتهازية و ستارهم التقية رأسها جماعة من المبتدعة الضلال وفرعها أذنابهم من السياسيين الأنذال فعلى سبيل المثال :
المحطوري وهو ضليل رافضي يتستر بستار الزيدية فاحش الكذب طبعه الجبن فجمع أردى صفات المبتدعة (الكذب المبين والجبن المهين) مكث أيام الحرب زمانا لا يخرج من بيته خوفا على نفسه ولكن يتكلم من وراء جدر فجل المقابلات معه تلك الأيام كانت في بيته
ومن كلامه ( السلفيون يقولون إنهم يذبحون ويقتلون ويفعل بهم أشد ما يفعل بالفلسطينيين من طرف اليهود لكن الوفد الصحفي الذي زار المنطقة - وهو من شخصيات مرموقة وشجاعة لا تهاب في قول الحق أحداً ومعروف بحيادها- قالوا لا صحة لما ينشر في الإعلام من ضجيج بشأن دماج من قتل وذبح وإن ما يجري هو أن الحوثيين يمنعون دخول الأسلحة ودخول السلفيين للقتال.. والسلفيون للأسف - ولا سيما أصحاب دماج ومعبر- أكذب من سجاح وأبي ثمامة الذي هو مسيلمة هؤلاء لا يصدقون بأني اتصلت بالسيد الحوثي وقلت له: اتقِ الله ولا تظلم فقال: بإمكاني اقتحامهم في ساعتين وإنما منعني الذي تقول أن نقتل طفل أو امرأة أو بريء! ) ... والمحطوري له مخازي كثيرة يصعب حصرها تناقض الدين والفطرة السليمة بل تخالف العرف و الفضيلة وقد جُمع شيء كثير منها في كتاب (البيان الجوهري عن حقيقة مرتضى المحطوري) راجعه غير مأمور.
الجفري وهو مبتدع غالي صاحب شركيات وانحرافات ومجازفات تبين ضعفه العلمي وهزله الفكري حتى في المذهب الذي ينتسب اليه بل له نقولات سامجة و كذبات مفضوحة هذا مع حبه المشهور للشهرة والترف والظهور - قصم الله ظهره - كشيخه الضال عمر بن حفيظ حيث قال (هي والعياذ بالله فتنة تتصل بالصراع الداخلي بين المتنافسين على حكم اليمن، ثم دخلت فيها التوازنات السياسية الإقليمية بين دول المنطقة، وليس للإسلام فيها ناقة ولا جمل، فلا هي نصرة لآل البيت عليهم السلام ولا للصحابة وأمهات المؤمنين رضي الله عنهم أجمعين.....فلا يجوز الحشد لها ولا الارتحال إليها، ولا إمدادها بالمال والسلاح، وقتلاها ليسوا بشهداء..) وقد رُدَّ عليه وانظر كاتب شيخنا فيه وكتاب الى أين أيها الجفري (وهذا الكتاب لم يعطه حقه الا ان له جمع طيب) وغير ذلك وكل ذلك بلا إلزام ، وغير هؤلاء كثير و المقصود هو مطلق الترجمة والتمثيل لها لا أكثر .
الخاتمة :
وأختم ما تقدم بكلام عجيب لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في وضع مشابه لما حصل لنا وما ابتلينا به فتفكر فيه يا أخي القارئ وستراه كأنه يتكلم معك عن ما جرى ولا يحتاج الى تعليق .
كتب شيخ الإسلام أحمد ابن تيمية - قدس الله روحه - لما قدم العدو من التتار سنة تسع وتسعين وستمائة إلى حلب وانصرف عسكر مصر وبقي عسكر الشام .
بسم الله الرحمن الرحيم إلى من يصل إليه من المؤمنين والمسلمين..}.ثم أخذ يبين أن قتال التتر في ذلك الوقت مفترض لأنهم جمعوا بين الفساد والظلم والبغي على المسلمين وهجموا عليهم في ديارهم ونكثوا العهود واستحلوا الدماء والأعراض وأن منهم الكافر وفيهم المرتد وغير ذلك .. وكل هذا كان ردا على من نكص عن قتالهم بحجة أن فيهم مسلمين وغيرها من الأعذار { ... إلى أن قال
فهذه الفتنة قد تفرق الناس فيها ثلاث فرق : الطائفة المنصورة وهم المجاهدون لهؤلاء القوم المفسدين . والطائفة المخالفة وهم هؤلاء القوم ومن تحيز إليهم من خبالة المنتسبين إلى الإسلام . والطائفة المخذلة وهم القاعدون عن جهادهم ; وإن كانوا صحيحي الإسلام . فلينظر الرجل أيكون من الطائفة المنصورة أم من الخاذلة أم من المخالفة ؟ فما بقي قسم رابع ...
ثم قال
واعلموا - أصلحكم الله - أن النصرة للمؤمنين والعاقبة للمتقين وأن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون . وهؤلاء القوم مقهورون مقموعون . والله سبحانه وتعالى ناصرنا عليهم ومنتقم لنا منهم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . فأبشروا بنصر الله تعالى وبحسن عاقبته { ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين } وهذا أمر قد تيقناه وتحققناه والحمد لله رب العالمين....
إلى أن قال
واعلموا - أصلحكم الله - أن من أعظم النعم على من أراد الله به خيرا أن أحياه إلى هذا الوقت الذي يجدد الله فيه الدين ويحيي فيه شعار المسلمين وأحوال المؤمنين والمجاهدين حتى يكون شبيها بالسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار . فمن قام في هذا الوقت بذلك كان من التابعين لهم بإحسان الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم . فينبغي للمؤمنين أن يشكروا الله تعالى على هذه المحنة التي حقيقتها منحة كريمة من الله وهذه الفتنة التي في باطنها نعمة جسيمة حتى والله لو كان السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار - كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم - حاضرين في هذا الزمان لكان من أفضل أعمالهم جهاد هؤلاء القوم المجرمين .
واعلموا - أصلحكم الله - أن من أعظم النعم على من أراد الله به خيرا أن أحياه إلى هذا الوقت الذي يجدد الله فيه الدين ويحيي فيه شعار المسلمين وأحوال المؤمنين والمجاهدين حتى يكون شبيها بالسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار . فمن قام في هذا الوقت بذلك كان من التابعين لهم بإحسان الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم . فينبغي للمؤمنين أن يشكروا الله تعالى على هذه المحنة التي حقيقتها منحة كريمة من الله وهذه الفتنة التي في باطنها نعمة جسيمة حتى والله لو كان السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار - كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم - حاضرين في هذا الزمان لكان من أفضل أعمالهم جهاد هؤلاء القوم المجرمين .
ولا يفوت مثل هذه الغزاة إلا من خسرت تجارته وسفه نفسه وحرم حظا عظيما من الدنيا والآخرة إلا أن يكون ممن عذر الله تعالى كالمريض والفقير والأعمى وغيرهم وإلا فمن كان له مال وهو عاجز ببدنه فليغز بماله . ففي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { من جهز غازيا فقد غزا ومن خلفه في أهله بخير فقد غزا } ...إلى أن قال
فالله الله . عليكم بالجماعة والائتلاف على طاعة الله ورسوله والجهاد في سبيله يجمع الله قلوبكم ويكفر عنكم سيئاتكم ويحصل لكم خير الدنيا والآخرة . أعاننا الله وإياكم على طاعته وعبادته وصرف عنا وعنكم سبيل معصيته وآتانا وإياكم في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ووقانا عذاب النار وجعلنا وإياكم ممن رضي الله عنه وأعد له جنات النعيم إنه على كل شيء قدير وهو حسبنا ونعم الوكيل . والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله وصحبه وسلم . انتهى كلامه
وكتبه أبوالعطاء أحمد بن عمر باناجة الدوعني الحضرمي
بدار الحديث بماليزيا
والله الموفق
بدار الحديث بماليزيا
والله الموفق
تعليق