بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فلقد فقدنا في هذا اليوم رجلًا قل الرجال من أمثاله في البذل والعطاء والجود بالنفس والمال والولد إنه ذلك الرجل البطل المغوار الذي لطالما جرع قروداً من الحوثيين المرارات فهو الذي شهدت له بعض قمم الجبال ورؤوسها أروع البطولات والشجاعة والإقدام أتدرون كيف كانت القصة في رحلته للقاء الله؟ قصة قصيرة لكنها عجيبة، وهو خارج من أرض كتاف يوم الثلاثاء 7/صفر/1435هـ مسافراً وعندما وصل إلى مكان منه تماماً يخرج ويفارق محيط الجبهة كان يتحدث مع أخٍ عن أمور بخصوص الجبهة مما تحتاجها الجبهة، فيما يظهر من محيا كلامه قمة الاهتمام والحرص الشديد بأمور الجهاد في سبيل الله، مع أنه سيسافر، إلا أن سفره ما كان لترك الجهاد وإنما لتهيئ بعض الأمور ثم يعود
لكنها والله الهمة التي حدت به إلى الانشغال بأمور الآخرة عن الدنيا الله أكبر هنيئاً له قول النبي - صلى الله عليه وسلم – (ومن كانت الآخرة نيته جمع الله له أمره وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة)
رواه أحمد وابن ماجه عن زيد بن ثابت رضي الله عنه. الحديث صحيح وهو في الصحيح المسند.
ثم بعد أن رحل من ذلك المكان مواصلاً رحلته، ما درى بعض الإخوة إلا وهو راجع من طريق رحلته إلى الجبهة فقيل له مالك رجعت فتبين من كلامه أنه لم تطب نفسه أن تترك ذروة سنام الإسلام ألا وهو التقرب إلى الله بالجهاد في سبيل الله جل وعلا.
الله أكبر، إنها والله الهمة العالية، قال بعض البلغاء: (علوّ الهمّة، بذر النّعم).
وقال بعض الحكماء: (الهمّة راية الجدّ).
إذَا أَعْطَشَتْك أَكُفُّ اللِّئَامِ ... كَفَتْك الْقَنَاعَةُ شِبَعًا وَرِيَّا
فَكُنْ رَجُلًا رِجْلُهُ فِي الثَّرَى ... وَهَامَةُ هِمَّتِهِ فِي الثُّرَيَّا
جاء في الصحيح المسند لشيخنا الوادعي رحمه الله وصححه : من روية الترمذي رحمه الله: أنه قال حدثنا أحمد بن منيع وعلي بن حجر المعنى واحد قالا حدثنا إسمعيل بن إبراهيم عن أيوب عن أبي المليح بن أسامة عن أبي عزة قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قضى الله لعبد أن يموت بأرض جعل له إليها حاجة أو قال بها حاجة.
أتدرون ما الحاجة التي رجع من أجلها إنها والله فيما نحسبه حب الجهاد في سبيل الله لنصرته أو الشهادة فإنه كان يظهر من كلامه، وأعماله، واهتمامه، الرغبة في ذلك فمن أكبر القرائن في ذلك قراءته في باب فضل الشهادة، كما أخبرني بذلك بعض من وجده يقرأ في ذلك، ورجوعه من طريق رحلته إلى ساحات الشرف وميادين البطولة ومظان الشهادة، وإذا به يعود إلى موقعه فيلقى فيها ربه وهو مقبل غير مدبر، وعلى هذا فنرجو أن يكون ممن اصطفاه الله واتخذه من الشهداء قال الله تعالى: (ويتخذ منكم شهداء).
ولا يخفى أن أبا الفلاح كان مدرسة في الاهتمام بالدعوة إلى الله جل وعلا فقد أنشأ في دار الحديث بدماج حرسها الله، مكتبة نفع الله بها لاسيما في طباعة بحوث بعض إخوانه من الباحثين ونشر بعض المباحث المهمة التي تكاد تكون نادرة التحصيل إضافة إلى أنه كان سخياً بماله في باب الدعوة إلى الله لاسيما في باب الجهاد في سبيل الله فكم كان يشجع إخوانه المجاهدين في شراء بعض الأمور لهم فمن آخر ما كان من ذلك أنه في رجوعه هذا إلى موقعه اشترى لأصحابه بعض الزبيب والمكسرات.
إضافة إلى أنه كان على ثقة وتوكل على الله فقبل مقتله بلحظات كان يقول لأحد المجاهدين وهو ينصحه لا تخف فما هو لك من الله سيأتيك فما إن انتهى من هذه الكلمات إلا وأيادي الغدر والبغي الحوثية تتناوله رحمه الله رحمةً واسعة.
ثم اعلموا أن أكثر ما حدا بي للكتابة عن هذا البطل الهمام أني ذهبت لأراه وأستودعه بآخر النظرات مني له في الدنيا، وعندما دخلت من باب المكان الذي هو فيه وقبل أن أراه والله شممت رائحةً طيبةً جداً فاشتقت للقائه أكثر فما إن كشفت عن وجهه وإذا بي أرى وجهه ذلك الوجه الذي يتلألأ بالنور والبياض فوضعت يدي على رأسه ومسحت جبينه وكأنه يعرق فما وجدت نفسي إلا أن دنوت برأسي وقبلته على جبينه قبلتين خرجت من أعماق قلبي، والأمر الذي ملأ قلبي دهشةً وغرابة أني رأيته قبل أيام بصورة يعلوها التعب والسهر وكأن وجهه محترق من كثرة الرباط في الشمس والبرد والريح وهو على ثغر أمام العدو لكني عندما رأيته الآن قبل كتابتي هذه رأيته بوجهٍ وضيء أبيض جميل وكأنه نائم يعلوه السرور والراحة حتى والله شككت هل غسل وجهه أحد، لكنها والله الكرامة فيما نحسبها. فهنيئاً لك يا أبا الفلاح وأسأل الله أن يتقبلك من الشهداء وأن يلحقنا بك من الشهداء في جنات عدن ( مع النبيين والصديقين والشهداء والصلحين وحسن أولئك رفيقا).
وصلى الله وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه في دار الحديث بوائلة حرسها الله
أبو بلال
مصطفى بن محمد بن علي النعمي
(غفر الله له)
ليلة الجمعة 10/صفر/1435هـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فلقد فقدنا في هذا اليوم رجلًا قل الرجال من أمثاله في البذل والعطاء والجود بالنفس والمال والولد إنه ذلك الرجل البطل المغوار الذي لطالما جرع قروداً من الحوثيين المرارات فهو الذي شهدت له بعض قمم الجبال ورؤوسها أروع البطولات والشجاعة والإقدام أتدرون كيف كانت القصة في رحلته للقاء الله؟ قصة قصيرة لكنها عجيبة، وهو خارج من أرض كتاف يوم الثلاثاء 7/صفر/1435هـ مسافراً وعندما وصل إلى مكان منه تماماً يخرج ويفارق محيط الجبهة كان يتحدث مع أخٍ عن أمور بخصوص الجبهة مما تحتاجها الجبهة، فيما يظهر من محيا كلامه قمة الاهتمام والحرص الشديد بأمور الجهاد في سبيل الله، مع أنه سيسافر، إلا أن سفره ما كان لترك الجهاد وإنما لتهيئ بعض الأمور ثم يعود
لكنها والله الهمة التي حدت به إلى الانشغال بأمور الآخرة عن الدنيا الله أكبر هنيئاً له قول النبي - صلى الله عليه وسلم – (ومن كانت الآخرة نيته جمع الله له أمره وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة)
رواه أحمد وابن ماجه عن زيد بن ثابت رضي الله عنه. الحديث صحيح وهو في الصحيح المسند.
ثم بعد أن رحل من ذلك المكان مواصلاً رحلته، ما درى بعض الإخوة إلا وهو راجع من طريق رحلته إلى الجبهة فقيل له مالك رجعت فتبين من كلامه أنه لم تطب نفسه أن تترك ذروة سنام الإسلام ألا وهو التقرب إلى الله بالجهاد في سبيل الله جل وعلا.
الله أكبر، إنها والله الهمة العالية، قال بعض البلغاء: (علوّ الهمّة، بذر النّعم).
وقال بعض الحكماء: (الهمّة راية الجدّ).
إذَا أَعْطَشَتْك أَكُفُّ اللِّئَامِ ... كَفَتْك الْقَنَاعَةُ شِبَعًا وَرِيَّا
فَكُنْ رَجُلًا رِجْلُهُ فِي الثَّرَى ... وَهَامَةُ هِمَّتِهِ فِي الثُّرَيَّا
جاء في الصحيح المسند لشيخنا الوادعي رحمه الله وصححه : من روية الترمذي رحمه الله: أنه قال حدثنا أحمد بن منيع وعلي بن حجر المعنى واحد قالا حدثنا إسمعيل بن إبراهيم عن أيوب عن أبي المليح بن أسامة عن أبي عزة قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قضى الله لعبد أن يموت بأرض جعل له إليها حاجة أو قال بها حاجة.
أتدرون ما الحاجة التي رجع من أجلها إنها والله فيما نحسبه حب الجهاد في سبيل الله لنصرته أو الشهادة فإنه كان يظهر من كلامه، وأعماله، واهتمامه، الرغبة في ذلك فمن أكبر القرائن في ذلك قراءته في باب فضل الشهادة، كما أخبرني بذلك بعض من وجده يقرأ في ذلك، ورجوعه من طريق رحلته إلى ساحات الشرف وميادين البطولة ومظان الشهادة، وإذا به يعود إلى موقعه فيلقى فيها ربه وهو مقبل غير مدبر، وعلى هذا فنرجو أن يكون ممن اصطفاه الله واتخذه من الشهداء قال الله تعالى: (ويتخذ منكم شهداء).
ولا يخفى أن أبا الفلاح كان مدرسة في الاهتمام بالدعوة إلى الله جل وعلا فقد أنشأ في دار الحديث بدماج حرسها الله، مكتبة نفع الله بها لاسيما في طباعة بحوث بعض إخوانه من الباحثين ونشر بعض المباحث المهمة التي تكاد تكون نادرة التحصيل إضافة إلى أنه كان سخياً بماله في باب الدعوة إلى الله لاسيما في باب الجهاد في سبيل الله فكم كان يشجع إخوانه المجاهدين في شراء بعض الأمور لهم فمن آخر ما كان من ذلك أنه في رجوعه هذا إلى موقعه اشترى لأصحابه بعض الزبيب والمكسرات.
إضافة إلى أنه كان على ثقة وتوكل على الله فقبل مقتله بلحظات كان يقول لأحد المجاهدين وهو ينصحه لا تخف فما هو لك من الله سيأتيك فما إن انتهى من هذه الكلمات إلا وأيادي الغدر والبغي الحوثية تتناوله رحمه الله رحمةً واسعة.
ثم اعلموا أن أكثر ما حدا بي للكتابة عن هذا البطل الهمام أني ذهبت لأراه وأستودعه بآخر النظرات مني له في الدنيا، وعندما دخلت من باب المكان الذي هو فيه وقبل أن أراه والله شممت رائحةً طيبةً جداً فاشتقت للقائه أكثر فما إن كشفت عن وجهه وإذا بي أرى وجهه ذلك الوجه الذي يتلألأ بالنور والبياض فوضعت يدي على رأسه ومسحت جبينه وكأنه يعرق فما وجدت نفسي إلا أن دنوت برأسي وقبلته على جبينه قبلتين خرجت من أعماق قلبي، والأمر الذي ملأ قلبي دهشةً وغرابة أني رأيته قبل أيام بصورة يعلوها التعب والسهر وكأن وجهه محترق من كثرة الرباط في الشمس والبرد والريح وهو على ثغر أمام العدو لكني عندما رأيته الآن قبل كتابتي هذه رأيته بوجهٍ وضيء أبيض جميل وكأنه نائم يعلوه السرور والراحة حتى والله شككت هل غسل وجهه أحد، لكنها والله الكرامة فيما نحسبها. فهنيئاً لك يا أبا الفلاح وأسأل الله أن يتقبلك من الشهداء وأن يلحقنا بك من الشهداء في جنات عدن ( مع النبيين والصديقين والشهداء والصلحين وحسن أولئك رفيقا).
وصلى الله وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه في دار الحديث بوائلة حرسها الله
أبو بلال
مصطفى بن محمد بن علي النعمي
(غفر الله له)
ليلة الجمعة 10/صفر/1435هـ
تعليق