إقامة الدليل
على بطلان قول حلف التخذيل
كتبه:أبو عمرو عبد الكريم الحجوري
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
إن الحمد لله نحمده, ونستعينه, ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾[النساء: 1].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾[آل عمران: 102].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾[الأحزاب: 70-71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
فإن الله تعالى ابتلى أنبياءه وأولياءه بأعدائه, قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا ﴾ [الفرقان : 31].
وقال جل في علاه: ﴿ولنبْلُونَّكُمْ بِشيْءٍ مِن الْخوْفِ والْجُوعِ ونقْصٍ مِن الْأمْوالِ والْأنْفُسِ والثّمراتِ وبشِّرِ الصّابِرِين * الّذِين إِذا أصابتْهُمْ مُصِيبةٌ قالُوا إِنّا للهِ وإِنّا إِليْهِ راجِعُون * أُولئِك عليْهِمْ صلواتٌ مِنْ ربِّهِمْ ورحْمةٌ وأُولئِك هُمُ الْمُهْتدُون﴾[البقرة: 155-157].
وقال تعالى: ﴿لتُبْلوُنّ فِي أمْوالِكُمْ وأنْفُسِكُمْ ولتسْمعُنّ مِن الّذِين أُوتُوا الْكِتاب مِنْ قبْلِكُمْ ومِن الّذِين أشْركُوا أذىً كثِيراً وإِنْ تصْبِرُوا وتتّقُوا فإِنّ ذلِك مِنْ عزْمِ الْأُمُورِ﴾[آل عمران:186].
وقال الله تعالى: ﴿ولقدْ صدقكُمُ اللهُ وعْدهُ إِذْ تحُسُّونهُمْ بِإِذْنِهِ حتّى إِذا فشِلْتُمْ وتنازعْتُمْ فِي الْأمْرِ وعصيْتُمْ مِنْ بعْدِ ما أراكُمْ ما تُحِبُّون مِنْكُمْ منْ يُرِيدُ الدُّنْيا ومِنْكُمْ منْ يُرِيدُ الْآخِرة ثُمّ صرفكُمْ عنْهُمْ لِيبْتلِيكُمْ ولقدْ عفا عنْكُمْ واللهُ ذُو فضْلٍ على الْمُؤْمِنِين﴾[آل عمران:152].
وقال الله سبحانه وتعالى: ﴿ثُمّ أنْزل عليْكُمْ مِنْ بعْدِ الْغمِّ أمنةً نُعاساً يغْشى طائِفةً مِنْكُمْ وطائِفةٌ قدْ أهمّتْهُمْ أنْفُسُهُمْ يظُنُّون بِاللهِ غيْر الْحقِّ ظنّ الْجاهِلِيّةِ يقُولُون هلْ لنا مِن الْأمْرِ مِنْ شيْءٍ قُلْ إِنّ الْأمْر كُلّهُ للهِ يُخْفُون فِي أنْفُسِهِمْ ما لا يُبْدُون لك يقُولُون لوْ كان لنا مِن الْأمْرِ شيْءٌ ما قُتِلْنا هاهُنا قُلْ لوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لبرز الّذِين كُتِب عليْهِمُ الْقتْلُ إِلى مضاجِعِهِمْ ولِيبْتلِي اللهُ ما فِي صُدُورِكُمْ ولِيُمحِّص ما فِي قُلُوبِكُمْ واللهُ علِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ﴾[آل عمران:154].
وقال الله جل في علاه: ﴿وهُو الّذِي جعلكُمْ خلائِف الْأرْضِ ورفع بعْضكُمْ فوْق بعْضٍ درجاتٍ لِيبْلُوكُمْ فِي ما آتاكُمْ إِنَّ ربَّك سرِيعُ الْعِقابِ وإِنّهُ لغفُورٌ رحِيمٌ﴾ [الأنعام:165].
وقال الله تعالى: ﴿هلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لمْ يكُنْ شيْئاً مذْكُوراً * إِنّا خلقْنا الْأِنْسان مِنْ نُطْفةٍ أمْشاجٍ نبْتلِيهِ فجعلْناهُ سمِيعاً بصِيراً﴾[الإنسان: 1-2].
وقال جل في علاه: ﴿ولنبْلُونّكُمْ حتّى نَعْلم الْمُجاهِدِين مِنْكُمْ والصّابِرِين ونبْلُو أخْباركُمْ﴾ [محمد:31].
وقال جل وعلا: ﴿وهُو الّذِي خلق السّماواتِ والْأرْض فِي سِتّةِ أيّامٍ وكان عرْشُهُ على الْماءِ لِيبْلُوكُمْ أيُّكُمْ أحْسنُ عملاً ولئِنْ قُلْت إِنّكُمْ مبْعُوثُون مِنْ بعْدِ الْموْتِ ليقُولنّ الّذِين كفرُوا إِنْ هذا إِلّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾[هود:7].
وقال الله جل في علاه: ﴿كُلُّ نفْسٍ ذائِقةُ الْموْتِ ونبْلُوكُمْ بِالشّرِّ والْخيْرِ فِتْنةً وإِليْنا تُرْجعُون﴾[الأنبياء:35]. وقال تعالى: ﴿الم * أحسِب النّاسُ أنْ يُتْركُوا أنْ يقُولُوا آمنّا وهُمْ لا يُفْتنُون * ولقدْ فتنّا الّذِين مِنْ قبْلِهِمْ فليعْلمنّ اللهُ الّذِين صدقُوا وليعْلمنّ الْكاذِبِين﴾ [العنكبوت:1-3].
وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، قال: قلت: يا رسول الله، أي الناس أشد بلاء؟ قال: «الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل من الناس، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه، وإن كان في دينه رقة، خفف عنه، وما يزال البلاء بالعبد حتى يمشي على ظهر الأرض ليس عليه خطيئة».رواه أحمد (1/172)، والترمذي (2398)، وابن ماجه برقم (4023) وهو حسن، وحسنه شيخنا مقبل رحمه الله في الصحيح المسند (1/320).
ورواه ابن ماجه برقم (4024): عنْ أبِي سعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قال: دخلْتُ على النّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ وهُو يُوعكُ، فوضعْتُ يدِي عليْهِ، فوجدْتُ حرّهُ بيْن يديّ، فوْق اللِّحافِ، فقُلْتُ: يا رسُول اللهِ، ما أشدّها عليْك؟ قال: »إِنّا كذلِك يُضعّفُ لنا الْبلاءُ، ويُضعّفُ لنا الْأجْرُ«، قُلْتُ: يا رسُول اللهِ أيُّ النّاسِ أشدُّ بلاءً؟ قال: الْأنْبِياءُ، قُلْتُ: يا رسُول اللهِ ثُمّ منْ؟ قال: »ثُمّ الصّالِحُون إِنْ كان أحدُهُمْ ليُبْتلى بِالْفقْرِ حتّى ما يجِدُ أحدُهُمْ إِلّا الْعباءة يُحوِّيها، وإِنْ كان أحدُهُمْ ليفْرحُ بِالْبلاءِ، كما يفْرحُ أحدُكُمْ بِالرّخاءِ«.هذا حديث حسن، وحسنه شيخنا رحمه الله في الصحيح المسند (1/345-346)، وجاء عن فاطمة عمة أبي عبيد، وأخت حذيفة عند أحمد (6/369).فبالجملة الحديث صحيح.
وفي صحيح البخاري برقم (5644) ومسلم (2809): عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الَلهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ:« مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ الْخَامَةِ مِنَ الزَّرْعِ, مِنْ حَيْثُ أَتَتْهَا الرِّيحُ كَفَأَتْهَا, فَإِذَا اعْتَدَلَتْ تَكَفَّأُ بِالْبَلَاءِ, وَالْفَاجِرُ كَالْأَرْزَةِ صَمَّاءَ مُعْتَدِلَةً حَتَّى يَقْصِمَهَا الَلهُ إِذَا شَاءَ».ورواه البخاري برقم (5643) ومسلم برقم (2810) هن كعب بن مالك.
وفي صحيح البخاري برقم (5647) ومسلم (2571): عنْ عبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ رضِي اللهُ عنْهُ، أتيْتُ النّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ فِي مرضِهِ، وهُو يُوعكُ وعْكًا شدِيدًا، وقُلْتُ: إِنّك لتُوعكُ وعْكًا شدِيدًا، قُلْتُ: إِنّ ذاك بِأنّ لك أجْريْنِ، قال: «أجلْ ما مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أذًى؛ إِلّا حاتَّ اللهُ عنْهُ خطاياهُ كما تحاتُّ ورقُ الشّجرِ».
وفي صحيح مسلم برقم (2999): عنْ صُهيْبٍ رضِي اللهُ عنْهُ ، قال: قال رسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «عجبًا لِأمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنّ أمْرهُ كُلّهُ خيْرٌ، وليْس ذاك لِأحدٍ إِلّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أصابتْهُ سرّاءُ شكر؛ فكان خيْرًا لهُ، وإِنْ أصابتْهُ ضرّاءُ؛ صبر فكان خيْرًا لهُ», وقال الله تعالى: ﴿ما يُقالُ لك إِلّا ما قدْ قِيل لِلرُّسُلِ مِنْ قبْلِك إِنّ ربّك لذُو مغْفِرةٍ وذُو عِقابٍ ألِيمٍ﴾ [فصلت:43].
ولما كان كل أحد معرض للابتلاء, لاسيما أشرف الخلق, وأفضلهم؛ الأنبياء والرسل, وصفوة الخلق بعدهم؛ الدعاة الصادقون إلى الله؛ المخلصون المتبعون, فهم أشد بلاء – كما تقدم دليل ذلك- وقد ابتلى الله أهل السنة بالرافضة قديمًا وحديثًا, وكان بغيهم على أهل السنة ما علمه القاصي والداني في حروب واعتداءات كثيرة , كان أشهرها حصارهم الغاشم الظالم في آخر عام (1432-1433هـ) وقتلهم وبغيهم على طلاب وسكان دماج الذي استمر قرابة سبعين يومًا.وهاهم هذه الأيام يعودون لنفس العمل من فرض الحصار والعدوان ابتداء من (3 ذي الحجة 1434هـ) ولا يزال إلى يومنا هذا مستمرًا!
وقوف المسلمين
وقد وقف كثير من المسلمين ضد هذا العدوان فالمقاتل بنفسه وهذا بماله وحتى مبتدعة المسلمين كان أكثرهم لهم موقف مشرف أقل شيء بالاستنكار (وهو الإنكار بالقلب واللسان), وهذا كثير لست بصدد سرد ذلك.
أهل التخذيل في كل زمان
ولكن ابتلى الله الأمة بصنف من المسلمين, هم وإن كانوا في أنفسهم ليسوا كأولئك-وإن كان يوجد في الزمان من هو شر منهم-, إلا أن من أقصدهم ضررهم على المسلمين أكثر لاغترار من يغتر بهم, قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا الَلهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا * وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا * وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا * وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللهِ مَسْئُولًا * قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا * قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا * قَدْ يَعْلَمُ الَلهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا * أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ الَلهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرًا * يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا﴾ [الأحزاب : 12 - 20].
عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ الَلهُ عَنْهُ، يَقُولُ: لَمَّا خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أُحُدٍ رَجَعَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَتْ فِرْقَةٌ: نَقْتُلُهُمْ، وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: لاَ نَقْتُلُهُمْ، فَنَزَلَتْ ﴿فَمَا لَكُمْ فِي المُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ﴾ [النساء: 88]. رواه البخاري برقم (1884)ومسلم برقم (2776).
وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ الَلهُ عَنْهُ، قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِينَا: ﴿إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلاَ﴾ [آل عمران: 122] بَنِي سَلِمَةَ، وَبَنِي حَارِثَةَ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّهَا لَمْ تَنْزِلْ، وَاللهُ يَقُولُ: ﴿وَاللهُ وَلِيُّهُمَا﴾ [آل عمران: 122]. رواه البخاري برقم (4051)ومسلم برقم (2505).
فنزه الله الصحابة الكرام عن الفشل والتخذيل وأوقع الله فيه المنافقين ومن تشبه بهم!!
ولقد كان نصيب الأسد في التخذيل والتخويف للمسلمين في الحصار والبغي الماضي لمحمد الإمام (ومعه شلة قليلة), وهاهم اليوم يعودون لنفس التخذيل بإخراج فتوى تخدم الحوثي الظالم: هذا نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمد عبده ورسوله . أما بعد:
فإن دعوة أهل السنة والجماعة رحمة للناس ، قال تعالى : ﴿وما أرسلنٰك إلا رحمة للعٰلمين﴾ وأهل السنة تبعاً لنبيّهم صلى الله عليه وآله وصحبه وسلّم ، فأهل السنة يوطّنون أنفسهم في دعوتهم على الرحمة بالناس ، ويوصون جميع المسلمين بذلك ، قال الله تعالى :﴿وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة﴾ ، وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم : «الراحمون يرحمهم الرحمن» .ويحذرون من مخالفة ذلك ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : «من لا يَرحم الناس لا يرحمه الله», فهم دعاة إلى توحيد الله لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، ودعاة إلى وحدة الصف وجمع الكلمة على الكتاب والسنة. ويحذرون من التفرّق والاختلاف والعداوة والشحناء بين المسلمين .
ومما عرفت به دعوة أهل السنة على مرّ العصور تحذيرهم من الفتن وأهلها ، وإراقة الدماء والاعتداء على الأموال والأعراض ، الموجودة عند كثير من طوائف الضلال . ومع هذا السير المبارك الرشيد ، فإنه يحصل لها ما بين الحين والآخر ابتلاء من قبل أهل الأهواء والضلال ، فيواجهون ذلك بالصبر والحكمة ، ويعالجون كل قضيّة بحسبها، بما تقتضيه الأدلة من الكتاب والسنة ، ولا يجيزون الظلم ولو ظُلموا ، ويحذرون المسلمين جميعًا من الظلم لقول الله تعالى : ﴿ولا يجرمنّكم شنآن قوم على ألّا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إنّ الله خبير بما تعملون﴾, وقوله في الحديث القدسي : «يا عبادي إني حرّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرّماً فلا تظالموا», ومع ذلك فمن اعتدى على مسلم في عرضه أو نفسه أو ماله فقد أذن الله له أن يدفع الضرّ عن نفسه بما يستطيع ، قال تعالى: ﴿والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون﴾, وقال تعالى :﴿فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أنّ الله مع المتقين﴾ وغير ذلك من الأدلّة .ألا وإنّ من الاعتداءات المتكررة ، ما هو حاصل من الحوثي وأتباعه على أهل السنة بدمّاج ، ظلماً وبغياً وعدواناً ، فاضطرّ أهل السنة بالدفاع عن أنفسهم وأهليهم وأموالهم ، وهم يعتبرون في ذلك مجاهدين في سبيل الله ، وهذا يسميه أهل العلم بجهاد الدفع المأذون به شرعاً ، ومَن قُتل منهم رجونا له الشهادة ، لقولالنبي صلى الله عليه وسلم : «من قتل دون ماله فهو شهيد ، ومن قتل دون دمه فهو شهيد ، ومن قتل دون عرضه فهو شهيد».
ونحن ندعوا الدولة وفقها الله لكل خير بالقيام بما أوجبه الله عليها بنصرة المظلوم ودفع هذا الظلم والأخذ على يد الظالم ، وأن تحلّ هذه القضية حلاً تعصم به الدماء والأموال والأعراض ، وتؤمن به السبل .
ونهيب بالعلماء ومشايخ القبائل وأعيان الناس الخيّرين الصالحين ، أن يقفوا مع الدولة لتحقيق ذلك .
ونناشد الجميع بالله أن يعجّلوا بذلك ، حيث وإخواننا في دمّاج قد مسّهم الضرّ .
فذلك ندعوا الدولة والعلماء ومشايخ القبائل وأعيان الناس الخيّرين ، إلى أن يتعاونوا في إخماد كل فتنة في جميع المحافظات ، ليعمّ الأمن والاستقرار جميع اليمنيين في ربوع اليمن ، لقول الله تعالى : ﴿وتعاونوا على البرّ والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوٰن واتقوا الله إن الله شديد العقاب﴾ فإنّ الأمن والاستقرار من أعظم مقاصد الشريعة .
وليس من الحلول لهذه الفتنة ما دعى إليه الشيخ يحيى بن علي الحجوري أهل السنة في جميع المدن والقرى اليمنية بقوله : من وجد حوثياً فليقتله أو يأسره أو يأخذه. اهـ، لما في ذلك من المفاسد العامّة والخاصّة ، ولكن من استطاع أن يذهب إلى دمّاج لدفع الظلم عن إخوانه فليفعل .وندعو جميع أهل السنة في المدن والقرى اليمنية من طلاب العلم وغيرهم إلى الاستمرار على طلب العلم والدعوة إلى الله ، والرجوع إلى أهل العلم ، والبعد عن الفتن ، والمحافظة على دعوة أهل السنة والجماعة كلٌ بحسبه، ﴿ولينصرنّ اللهُ من ينصره إنّ الله لقويّ عزيز ﴾, وأن يدعو لإخوانه في دمّاج أن يعجّل الله لهم الفرج ، وأن يكشف ما بهم من ضرّ .
نسأل الله أن يدفع عنّا وعن إخواننا في دمّاج وعن جميع المسلمين في كل مكان ، ظلم الظالمين ، وكيد الكائدين ، وتربّص المتربّصين ، وأن يوحّد صفوف المسلمين ، ويجمع كلمتهم على الكتاب والسنة وسلامٌ على المرسلين ، والحمد لله ربّ العالمين ، ولا حول ولا قوة إلا باللهالعليّ العظيم.,
مكة15/12/1434.
كتبه المشايخ الفضلاء:
محمد بن عبدالوهاب الوصابي,
محمد بن عبدالله الإمام,
محمد بن صالح الصوملي,
عبدالله بن عثمان الذماري,
عبدالعزيز بن يحيى البرعي,
قرأها واطّلع عليها الإمام العلامة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله. اهـ
إلزام يفهمه كل عاقل
ولما حام الحوثي حول مركز محمد الإمام (ولا أقول هجم الحوثي على محمد الإمام) جعل يصيح ويستنفر الناس ويتصل ليافع هلموا ... هلموا, ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [المطففيين:1-6].
وجوب نصرة المظلوم
قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾[الأنفال: 72].
وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ الَلهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا», قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا، فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا؟ قَالَ: «تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ». رواه البخاري برقم (2444), ورواه مسلم برقم (2584) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه.
قال ابن القيم في الفروسية (ص 74) : فجهاد الدّفع يَقْصِدهُ كل أحد وَلَا يرغب عَنهُ إِلَّا الجبان المذموم شرعًا وعقلا, وَجِهَاد الطّلب الْخَالِص لله يَقْصِدهُ سَادَات الْمُؤمنِينَ وَأما الْجِهَاد الَّذِي يكون فِيهِ طَالبا مَطْلُوبا فَهَذَا يَقْصِدهُ خِيَار النَّاس لإعلاء كلمة الله وَدينه ويقصده أوساطهم للدَّفْع ولمحبة الظفر. اهـ
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في مجموع الفتاوى (19/56):وَالصَّائِلُ الْمُعْتَدِي يَسْتَحِقُّ دَفْعُهُ سَوَاءٌ كَانَ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» فَإِذَا كَانَ الْمَظْلُومُ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ عَنْ مَالِ الْمَظْلُومِ وَلَوْ بِقَتْلِ الصَّائِلِ الْعَادِي فَكَيْفَ لَا يَدْفَعُ عَنْ عَقْلِهِ وَبَدَنِهِ وَحُرْمَتِهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يُفْسِدُ عَقْلَهُ وَيُعَاقِبُهُ فِي بَدَنِهِ وَقَدْ يَفْعَلُ مَعَهُ فَاحِشَةَ إنْسِيٍّ بِإِنْسِيِّ وَإِنْ لَمْ يَنْدَفِعْ إلَّا بِالْقَتْلِ جَازَ قَتْلُهُ.
وَأَمَّا إسْلَامُ صَاحِبِهِ وَالتَّخَلِّي عَنْهُ فَهُوَ مِثْلُ إسْلَامِ أَمْثَالِهِ مِنْ الْمَظْلُومِينَ وَهَذَا فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يُسْلِمُهُ وَلَا يَظْلِمُهُ» فَإِنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ ذَلِكَ أَوْ هُوَ مَشْغُولٌ بِمَا هُوَ أَوْجَبُ مِنْهُ أَوْ قَامَ بِهِ غَيْرُهُ لَمْ يَجِبْ وَإِنْ كَانَ قَادِرًا وَقَدْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ وَلَا يَشْغَلُهُ عَمَّا هُوَ أَوْجَبُ مِنْهُ وَجَبَ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا قَوْلُ السَّائِلِ: هَلْ هَذَا مَشْرُوعٌ؟ فَهَذَا مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ وَهُوَ مِنْ أَعْمَالِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ؛ فَإِنَّهُ مَا زَالَ الْأَنْبِيَاءُ وَالصَّالِحُونَ يَدْفَعُونَ الشَّيَاطِينَ عَنْ بَنِي آدَمَ بِمَا أَمَرَ اللهُ بِهِ وَرَسُولُهُ كَمَا كَانَ الْمَسِيحُ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَكَمَا كَانَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ ذَلِك... إلى أن قال: وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْ ذَلِكَ لِكَوْنِ مِثْلِهِ لَمْ يَقَعْ عِنْدَ الْأَنْبِيَاءِ؛ لِكَوْنِ الشَّيَاطِينِ لَمْ تَكُنْ تَقْدِرُ أَنْ تَفْعَلَ ذَلِكَ عِنْدَ الْأَنْبِيَاءِ وَفَعَلَتْ ذَلِكَ عِنْدَنَا فَقَدْ أَمَرَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ نَصْرِ الْمَظْلُومِ وَالتَّنْفِيسِ عَنْ الْمَكْرُوبِ وَنَفْعِ الْمُسْلِمِ بِمَا يَتَنَاوَلُ ذَلِكَ.
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ حَدِيثُ الَّذِينَ رَقُوا بِالْفَاتِحَةِ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَا أَدْرَاك أَنَّهَا رُقْيَةٌ؟» وَأَذِنَ لَهُمْ فِي أَخْذِ الْجُعْلِ عَلَى شِفَاءِ اللَّدِيغِ بِالرُّقْيَةِ, وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلشَّيْطَانِ الَّذِي أَرَادَ قَطْعَ صَلَاتِهِ: «أَعُوذُ بِاَللهِ مِنْك أَلْعَنُك بِلَعْنَةِ اللهِ التَّامَّةِ» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ, وَهَذَا كَدَفْعِ ظَالِمِي الْإِنْسِ مِنَ الْكُفَّارِ وَالْفُجَّارِ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ وَإِنْ كَانُوا لَمْ يَرَوْا التَّرْكَ وَلَمْ يَكُونُوا يَرْمُونَ بِالْقِسِيِّ الْفَارِسِيَّةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي قِتَالٍ. اهـ
ما عند الرافضة الحوثيين من الكفريات
الأولى: عقيدتهم في رب العالمين شركية:
يجيزون لأوليائهم أمورًا من خصائص الربوبية؛ فيعتقدون فيهم جلب النفع ودفع الضر؛ فإذا مرض المريض قالوا: اذهب للسيد أو للشريف, وربنا سبحانه يقول: ﴿وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ﴾[الشعراء:80].ويطوفون بالقبور ويتوسلون بأتربة الموتى, وحالهم كما وصفهم الإمام محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني رحمه الله:
أعادوا بها معنى سواع ومثله ... يغوثٌ وودٌ ليس ذلك من ودي
وقد هتفوا عند الشدائد باسمها ... كما يهتف المضطر بالصمد الفرد
وكم نحروا في سوحها من نحيرة ... أهلت لغير الله جهلًا على عمد
وكم طائف حول القبور مقبِّلًا .... وملتمس الأركان منهن بالأيدي!!
وينذِرون لـ:﴿أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ﴾[النحل:21]
الثانية: تجويزهم واستعماله للسحر:
قال الله تعالى: ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾[البقرة:102].
وقد وجدوا أناسًا كثيرين منهم معهم طلاسم وأسحار في سائر حروب الحوثي, وقد نشرت الدولة في حروبها معهم ذلك ووجد في مقاتليهم, وهو شيء لا يُنكر.
ورسول الله - يقول: «من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم». رواه البزار كما في كشف الأستار برقم(3045) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما وهو حسن, وله طرق يصح بها.
الثالثة: عقيدتهم في صفات رب العالمين جهيمة:
فلا يسلكون فيها مسلك الأنبياء والرسل والصحابة وأئمة الهدى, فلا يعتقون في الله تبارك وتعالى ما وصف به نفسه, أو وصفه به أعلم الخلق به (وهو رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-) بل يعتقون في الله عز وجل ما يعتقده أهل التحريف الذين نزه الله نفسه عن فعلهم, قال الله جل في علاه: ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون َ * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾[الصافات:180-182], فلا يثبتون لله ما أثبته لنفسه, أو أثبته له رسوله-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كما يليق به سبحانه وتعالى من غير تمثيل, ولا تجسيم ولا تعطيل؛ بل يحرفونه بأذواق أهل الاعتزال.
وأضرب لك مثالًا واحدًا في علو الله تبارك وتعالى؛ فيعتقدون في الله أنه في كل مكان, وهي نفس عقيدة ملاحدة الجهمية والمعتزلة.وتفاصيل ذلك مبسوط في كتب العقيدة.
الرابعة: عقيدتهم في أشرف الخلق النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:
هي عقيدة مؤسسهم عبدالله بن سبأ اليهودي, فلا يذكرون رسول الله عُشْرَ ما يذكرون علي بن أبي طالب رضي الله عنه, فأكثر حديثهم عن الإمام علي رضي الله عنه, يقولون: قال الإمام علي عليه السلام, قال الإمام علي عليه السلام, ولا يذكرون خيرة الأنام محمد عليه أزكى الصلاة وأتم والسلام, إلا قليلًا وأغلبه بغير سند صحيح ولا روَاية قوية, وما ثبت عنه فبفهم سقيم وذوق عقيم.
قال شاعرهم الهبل في ديوانه (ص131)طبعة الدار اليمنية:
أنا ناصح لك إن قبلت نصيحتي ... خلِ الضلال وخذ بحجزة حيدرا
من لم يكن يأتي الصراط لدى القضاء ... بجوازه من حيدر لن يعبرا
وانظر كتاب الإمام علي عليه السلام منتهى الكمال البشري عقد فيه فصلًا بعنوان: «علي وعلم الغيب»(ص134) طبعة مؤسسة الأعلمي للمطبوعات, لـ«عباس بن علي الموسوي» , ادعى فيه أن عليًا رضي الله عنه يعلم الغيب!!قال الله تعالى: ﴿فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ﴾[يونس:20].
وقال الله تبارك وتعالى: ﴿قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ﴾[النمل:65]. وقال الله سبحانه وتعالى: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً﴾[الجـن:26].
وقال الله جل في علاه مخاطبًا نبيه وأشرف خلقه : ﴿قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾[الأعراف:188]. قال شيخ الإسلام في منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية(7/314):ولكن الرافضة من أجهل الناس بالمعقول والمنقول.
الخامسة: عقيدتهم في ملائكة الرحمن الكرام:
يقولون: جبريل خان الرسالة!! كما قالت اليهود في جبريل ذلك عدونا من الملائكة,
ففي صحيح البخاري برقم (3329) عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ, قَالَ: بَلَغَ عَبْدَ اللهِ بْنَ سَلَامٍ مَقْدَمُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ؛ فَأَتَاهُ, فَقَالَ: إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ ثَلَاثٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا نَبِيٌّ, قَالَ: مَا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ, وَمَا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ؟ وَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ يَنْزِعُ الْوَلَدُ إِلَى أَبِيهِ؟ وَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ يَنْزِعُ إِلَى أَخْوَالِهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «خَبَّرَنِي بِهِنَّ آنِفًا جِبْرِيلُ». قَالَ: فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: ذَاكَ عَدُوُّ الْيَهُودِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ فَنَارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ, وَأَمَّا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَزِيَادَةُ كَبِدِ حُوتٍ, وَأَمَّا الشَّبَهُ فِي الْوَلَدِ فَإِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَشِيَ الْمَرْأَةَ فَسَبَقَهَا مَاؤُهُ كَانَ الشَّبَهُ لَهُ, وَإِذَا سَبَقَ مَاؤُهَا كَانَ الشَّبَهُ لَهَا». قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ الْيَهُودَ قَوْمٌ بُهُتٌ؛ إِنْ عَلِمُوا بِإِسْلَامِي قَبْلَ أَنْ تَسْأَلَهُمْ بَهَتُونِي عِنْدَكَ, فَجَاءَتِ الْيَهُودُ, وَدَخَلَ عَبْدُ اللهِ الْبَيْتَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّ رَجُلٍ فِيكُمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ؟» قَالُوا: أَعْلَمُنَا, وَابْنُ أَعْلَمِنَا, وَأَخْيَرُنَا, وَابْنُ أَخْيَرِنَا, فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ عَبْدُ اللهِ؟» قَالُوا: أَعَاذَهُ اللهُ مِنْ ذَلِكَ, فَخَرَجَ عَبْدُ اللهِ إِلَيْهِمْ, فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ, فَقَالُوا شَرُّنَا, وَابْنُ شَرِّنَا, وَوَقَعُوا فِيهِ.هذا, والملائكة طائعون لله عز وجل؛ لا يعصونه طرفة عين, قال الله تعالى: ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ﴾[الأنبياء:26-27], ويقول الله تعالى: ﴿لا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾[التحريم:6].
السادسة: عقيدتهم في القرآن أنه محرف وداسوه الحوثيون بأقدامهم:
عقيدة الشيعة الاثنى عشرية في القرآن هي عقيدة الزنادقة الملحدين،, فهم يقولون: إن هذا القرآن محرف, وفيه كلام محذوف, وآية في سورة ألم نشرح وهي (وجعلنا عليًا صهرك) حذفت من المصحف.
ومما يدل على سخافة عقولهم أن سورة الانشراح مكية, وتزويج علي بفاطمة رضي الله عنهما كان في المدينة, وسأرفق (صورة سورة الولاية) التي تدعيها الشيعة إن شاء الله في آخر الرسالة.ويدل لذلك مصحف فاطمة المكذوب, وقد صرح أئمتهم بذلك: كالقمي, والكاشاني, ومحمد باقر المجلسي, والفيد, والعاملي, والخرساني, والبحراني, والطبرسي, والخوئي, والكليني, والعياشي, والصفار, وغيرهم. راجع كتاب «الشيعة الاثنا عشرية وتحريف القرآن» و«من عقائد الشيعة».بل داسوه بأقدامه في صعدة وفي حجور ونفى عنهم الإمام ذلك بما لم ينفوه عن أنفسهم علمناه.
السابعة: طعنهم في الصحابة الكرام:
تتهم الرافضة الصحابة بأنهم غاصبون لحق علي رضي الله عنه وهي الخلافة،, فيكفرون جميع الصحابة إلا عليًا, وعمارًا, والمقداد بن الأسود وأبا ذر الغفاري وسلمان الفارسي.
انظر رجال الكشي (ص6).وهذا مؤاده الطعن في رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ لأن هؤلاء هم أصحابه, وجلساؤه, ومات رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وهو عنهم راضٍ,.
وقد روى الترمذي برقم (2378) عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ, أن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قال: «الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ». حديث حسن.وَعَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالسَّوْءِ، كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً. وَنَافِخُ الْكِيرِ، إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً».رواه البخاري برقم (5534) ومسلم (2628).
بل مؤداه ولازمه الطعن في علي رضي الله عنه-نفسه- واتهامه بالجبن؛ فإنه لو كان الحق في الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعلي وهو يسكت, ولا يتكلم حتى كلمة واحدة, ولا يطالب بحقه فهو جبان على حد زعمهم, وهيهات!! ياجهلة الروافض! علي رضي الله عنه كان شجاعًا, مقدامًا, بطلًا, ليثًا, ولقد صدق الإمام الشعبي رحمه الله إذ يقول: لو كانت الشيعة من الطير لكانت رخماً, ولو كانت من البهائم لكانت حمرًا.
رواه عبد الله بن أحمد في السنة(2/549برقم 1276) بسند حسن.
الثامنة: طعنهم في عِرْضِ رسولنا المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم:
فهم يطعنون في عرض رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ في أم المؤمنين, فيبهتون أم المؤمنين عائشة بالزنا بعد أن برأها الله في ثلاثة عشر آية في القرآن الكريم – والعجيب أنهم يقرأونها-, قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ الآيات [النور:11-26].
وقال الله تعالى:﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفاً كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً﴾[الأحزاب: 6].وأحدهم يقول: عائشة ليست بأمي. نعم ليست أمك؛ لأنك لست مؤمنًا, ورسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليس هو أبوك على هذا, أما نحن فنقول لعائشة فديناك يا أماه بأعراضنا وآبائنا. وقد أجمع العلماء على تكفير من اتهم أم المؤمنين الطاهرة العفيفة عائشة بنت أبي بكر الصديق بالزنا بعدما برأها الله تعالى منه في كتابه الكريم.
التاسعة: استحلالهم الدماء المحرمة:
وذلك أن من عقيدة الرافضة استباحة دماء غير الرافضة بل ير ونه قربة-زعموا- ولذلك فسر كثير من أهل العلم قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ الَلهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾[النساء : 93], بأن المراد المستحل يكفر فلذا هو مخلد في النار.
قتال المحاربين أينما وُجدوا عند اشتداد أذاهم
قال الله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ *وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ * فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ للهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ [البقرة : 190-193].
وقال الله جل في علاه: ﴿وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا * إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ الَلهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ الَلهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا﴾[النساء : 89 - 91].
وقال الله تعالى: ﴿سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا﴾[النساء : 91].
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ الَلهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ، فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللهَ وَرَسُولَهُ» ، فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» ، قَالَ: فَأْذَنْ لِي أَنْ أَقُولَ شَيْئًا، قَالَ: «قُلْ» ، فَأَتَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ سَأَلَنَا صَدَقَةً، وَإِنَّهُ قَدْ عَنَّانَا وَإِنِّي قَدْ أَتَيْتُكَ أَسْتَسْلِفُكَ، قَالَ: وَأَيْضًا وَاللهِ لَتَمَلُّنَّهُ، قَالَ: إِنَّا قَدِ اتَّبَعْنَاهُ، فَلاَ نُحِبُّ أَنْ نَدَعَهُ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى أَيِّ شَيْءٍ يَصِيرُ شَأْنُهُ، وَقَدْ أَرَدْنَا أَنْ تُسْلِفَنَا وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ - وحَدَّثَنَا عَمْرٌو غَيْرَ مَرَّةٍ فَلَمْ يَذْكُرْ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ أَوْ: فَقُلْتُ لَهُ: فِيهِ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ؟ فَقَالَ: أُرَى فِيهِ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ - فَقَالَ: نَعَمِ، ارْهَنُونِي، قَالُوا: أَيَّ شَيْءٍ تُرِيدُ؟ قَالَ: ارْهَنُونِي نِسَاءَكُمْ، قَالُوا: كَيْفَ نَرْهَنُكَ نِسَاءَنَا وَأَنْتَ أَجْمَلُ العَرَبِ، قَالَ: فَارْهَنُونِي أَبْنَاءَكُمْ، قَالُوا: كَيْفَ نَرْهَنُكَ أَبْنَاءَنَا، فَيُسَبُّ أَحَدُهُمْ، فَيُقَالُ: رُهِنَ بِوَسْقٍ أَوْ وَسْقَيْنِ، هَذَا عَارٌ عَلَيْنَا، وَلَكِنَّا نَرْهَنُكَ اللَّأْمَةَ - قَالَ سُفْيَانُ: يَعْنِي السِّلاَحَ - فَوَاعَدَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ، فَجَاءَهُ لَيْلًا وَمَعَهُ أَبُو نَائِلَةَ، وَهُوَ أَخُو كَعْبٍ مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الحِصْنِ، فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: أَيْنَ تَخْرُجُ هَذِهِ السَّاعَةَ؟ فَقَالَ إِنَّمَا هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، وَأَخِي أَبُو نَائِلَةَ، وَقَالَ غَيْرُ عَمْرٍو، قَالَتْ: أَسْمَعُ صَوْتًا كَأَنَّهُ يَقْطُرُ مِنْهُ الدَّمُ، قَالَ: إِنَّمَا هُوَ أَخِي مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَرَضِيعِي أَبُو نَائِلَةَ إِنَّ الكَرِيمَ لَوْ دُعِيَ إِلَى طَعْنَةٍ بِلَيْلٍ لَأَجَابَ، قَالَ: وَيُدْخِلُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ مَعَهُ رَجُلَيْنِ - قِيلَ لِسُفْيَانَ: سَمَّاهُمْ عَمْرٌو؟ قَالَ: سَمَّى بَعْضَهُمْ - قَالَ عَمْرٌو: جَاءَ مَعَهُ بِرَجُلَيْنِ، وَقَالَ: غَيْرُ عَمْرٍو: أَبُو عَبْسِ بْنُ جَبْرٍ، وَالحَارِثُ بْنُ أَوْسٍ، وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ، قَالَ عَمْرٌو: جَاءَ مَعَهُ بِرَجُلَيْنِ، فَقَالَ: إِذَا مَا جَاءَ فَإِنِّي قَائِلٌ بِشَعَرِهِ فَأَشَمُّهُ، فَإِذَا رَأَيْتُمُونِي اسْتَمْكَنْتُ مِنْ رَأْسِهِ، فَدُونَكُمْ فَاضْرِبُوهُ، وَقَالَ مَرَّةً: ثُمَّ أُشِمُّكُمْ، فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ مُتَوَشِّحًا وَهُوَ يَنْفَحُ مِنْهُ رِيحُ الطِّيبِ، فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ كَاليَوْمِ رِيحًا، أَيْ أَطْيَبَ، وَقَالَ غَيْرُ عَمْرٍو: قَالَ: عِنْدِي أَعْطَرُ نِسَاءِ العَرَبِ وَأَكْمَلُ العَرَبِ، قَالَ عَمْرٌو: فَقَالَ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَشُمَّ رَأْسَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَشَمَّهُ ثُمَّ أَشَمَّ أَصْحَابَهُ، ثُمَّ قَالَ: أَتَأْذَنُ لِي؟ قَالَ: نعَمْ، فَلَمَّا اسْتَمْكَنَ مِنْهُ، قَالَ: دُونَكُمْ، فَقَتَلُوهُ، ثُمَّ أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرُوهُ. رواه البخاري برقم (4037)ومسلم برقم (1801).
وبوب عليه البخاري في صحيحه: باب الفتك بأهل الحرب, قال الحافظ في الفتح (6/160) أي جواز قتل الحربي سرًا. اهـ
وَعَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ الَلهُ عَنْهُمَا، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَبِي رَافِعٍ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَتِيكٍ، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ عُتْبَةَ، فِي نَاسٍ مَعَهُمْ، فَانْطَلَقُوا حَتَّى دَنَوْا مِنَ الحِصْنِ, فَقَالَ لَهُمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَتِيكٍ: امْكُثُوا أَنْتُمْ حَتَّى أَنْطَلِقَ أَنَا فَأَنْظُرَ، قَالَ: فَتَلَطَّفْتُ أَنْ أَدْخُلَ الحِصْنَ، فَفَقَدُوا حِمَارًا لَهُمْ، قَالَ: فَخَرَجُوا بِقَبَسٍ يَطْلُبُونَهُ، قَالَ: فَخَشِيتُ أَنْ أُعْرَفَ، قَالَ: فَغَطَّيْتُ رَأْسِي وَجَلَسْتُ كَأَنِّي أَقْضِي حَاجَةً، ثُمَّ نَادَى صَاحِبُ البَابِ، مَنْ أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ فَلْيَدْخُلْ قَبْلَ أَنْ أُغْلِقَهُ، فَدَخَلْتُ ثُمَّ اخْتَبَأْتُ فِي مَرْبِطِ حِمَارٍ عِنْدَ بَابِ الحِصْنِ، فَتَعَشَّوْا عِنْدَ أَبِي رَافِعٍ، وَتَحَدَّثُوا حَتَّى ذَهَبَتْ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى بُيُوتِهِمْ، فَلَمَّا هَدَأَتِ الأَصْوَاتُ، وَلاَ أَسْمَعُ حَرَكَةً خَرَجْتُ، قَالَ: وَرَأَيْتُ صَاحِبَ البَابِ، حَيْثُ وَضَعَ مِفْتَاحَ الحِصْنِ فِي كَوَّةٍ، فَأَخَذْتُهُ فَفَتَحْتُ بِهِ بَابَ الحِصْنِ، قَالَ: قُلْتُ: إِنْ نَذِرَ بِي القَوْمُ انْطَلَقْتُ عَلَى مَهَلٍ، ثُمَّ عَمَدْتُ إِلَى أَبْوَابِ بُيُوتِهِمْ، فَغَلَّقْتُهَا عَلَيْهِمْ مِنْ ظَاهِرٍ، ثُمَّ صَعِدْتُ إِلَى أَبِي رَافِعٍ فِي سُلَّمٍ، فَإِذَا البَيْتُ مُظْلِمٌ، قَدْ طَفِئَ سِرَاجُهُ، فَلَمْ أَدْرِ أَيْنَ الرَّجُلُ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا رَافِعٍ قَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: فَعَمَدْتُ نَحْوَ الصَّوْتِ فَأَضْرِبُهُ وَصَاحَ، فَلَمْ تُغْنِ شَيْئًا، قَالَ: ثُمَّ جِئْتُ كَأَنِّي أُغِيثُهُ، فَقُلْتُ: مَا لَكَ يَا أَبَا رَافِعٍ؟ وَغَيَّرْتُ صَوْتِي، فَقَالَ: أَلاَ أُعْجِبُكَ لِأُمِّكَ الوَيْلُ، دَخَلَ عَلَيَّ رَجُلٌ فَضَرَبَنِي بِالسَّيْفِ، قَالَ: فَعَمَدْتُ لَهُ أَيْضًا فَأَضْرِبُهُ أُخْرَى، فَلَمْ تُغْنِ شَيْئًا، فَصَاحَ وَقَامَ أَهْلُهُ، قَالَ: ثُمَّ جِئْتُ وَغَيَّرْتُ صَوْتِي كَهَيْئَةِ المُغِيثِ فَإِذَا هُوَ مُسْتَلْقٍ عَلَى ظَهْرِهِ، فَأَضَعُ السَّيْفَ فِي بَطْنِهِ ثُمَّ أَنْكَفِئُ عَلَيْهِ حَتَّى سَمِعْتُ صَوْتَ العَظْمِ ثُمَّ خَرَجْتُ دَهِشًا حَتَّى أَتَيْتُ السُّلَّمَ، أُرِيدُ أَنْ أَنْزِلَ فَأَسْقُطُ مِنْهُ، فَانْخَلَعَتْ رِجْلِي فَعَصَبْتُهَا، ثُمَّ أَتَيْتُ أَصْحَابِي أَحْجُلُ، فَقُلْتُ: انْطَلِقُوا فَبَشِّرُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنِّي لاَ أَبْرَحُ حَتَّى أَسْمَعَ النَّاعِيَةَ، فَلَمَّا كَانَ فِي وَجْهِ الصُّبْحِ صَعِدَ النَّاعِيَةُ، فَقَالَ: أَنْعَى أَبَا رَافِعٍ، قَالَ: فَقُمْتُ أَمْشِي مَا بِي قَلَبَةٌ، فَأَدْرَكْتُ أَصْحَابِي قَبْلَ أَنْ يَأْتُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَشَّرْتُهُ. رواه البخاري برقم (4040).قال القسطلاني في إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (10/ 68)
وقد اتفق على جواز دفع الصائل ولو أتى على نفس المدفوع وهو بغير السبب المذكور معصية فهذا يلتحق به مع ثبوت النص فيه وأجابوا عن الحديث بأنه ورد على سبيل التغليظ والإرهاق وهل يشترط الإنذار قبل الرمي؟ الأصح عند الشافعية لا.
وفي حكم التطلع من خلل الباب النظر من كوة من الدار، وكذا من وقف في الشارع فنظر إلى حريم غيره ولو رماه بحجر ثقيل أو سهم مثلاً تعلق به القصاص، وفي وجه لا ضمان مطلقًا ولو لم يندفع إلا بذلك جاز. اهـ
قال شيخ الإسلام كما في المستدرك على مجموع فتاوى ابن تيمية (3/ 167): وأما قتال الدفع فهو أشد أنواع دفع الصائل عن الحرمة والدين فواجب إجماعًا.
فالعدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا لا شيء أوجب بعد الإيمان من دفعه، فلا يشترط له شرط، بل يدفع بحسب الإمكان، وقد نص على ذلك العلماء أصحابنا وغيرهم، فيجب التفريق بين دفع الصائل الظالم الكافر وبين طلبه في بلاده.
والجهاد منه ما هو باليد، ومنه ما هو بالقلب، والدعوة والحجة، واللسان، والرأي، والتدبير، والصناعة، فيجب بغاية ما يمكنه.ويجب على القعدة لعذر أن يخلفوا الغزاة في أهليهم وأموالهم، قال المروذي: سئل أبو عبد الله عن الغزو في شدة البرد في مثل الكانونين فيتخوف الرجل إن خرج في ذلك الوقت أن يفرط في الصلاة فيرى له أن يغزو أو يقعد، قال: لا يقعد، الغزو خير له وأفضل، فقد قال الإمام أحمد بالخروج مع خشيته تضييع الفرض، لأن هذا مشكوك فيه، أو لأنه إذا أخر الصلاة بعض الأوقات عن وقتها كان ما يحصل له من فضل الغزو مربيا على ما فاته.وكثيرا ما يكون ثواب بعض المستحبات أو واجبات الكفاية أعظم من ثواب واجب، كما لو تصدق بألف درهم وزكى بدرهم.اهـ
ليس قتل هؤلاء مخصوصًا بولي الأمر عند تركه ما أوجبه الله عليه
وهذا عند عدم قيام ولي الأمر بما أوجب الله عليه, وأدلة ذلك كثيرة, عَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَمَرْوَانَ، يُصَدِّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدِيثَ صَاحِبِهِ، قَالاَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ الحُدَيْبِيَةِ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ خَالِدَ بْنَ الوَلِيدِ بِالْغَمِيمِ فِي خَيْلٍ لِقُرَيْشٍ طَلِيعَةٌ، فَخُذُوا ذَاتَ اليَمِينِ» ...الحَدِيثَ بِطُولِهِ وَفِيهِ: فَجَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ: هَاتِ اكْتُبْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابًا فَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الكَاتِبَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» ، قَالَ سُهَيْلٌ: أَمَّا الرَّحْمَنُ، فَوَاللهِ مَا أَدْرِي مَا هُوَ وَلَكِنِ اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ كَمَا كُنْتَ تَكْتُبُ، فَقَالَ المُسْلِمُونَ: وَاللهِ لاَ نَكْتُبُهَا إِلَّا بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ» ثُمَّ قَالَ: «هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ» ، فَقَالَ سُهَيْلٌ: وَاللهِ لَوْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ مَا صَدَدْنَاكَ عَنِ البَيْتِ، وَلاَ قَاتَلْنَاكَ، وَلَكِنِ اكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَاللهِ إِنِّي لَرَسُولُ اللهِ، وَإِنْ كَذَّبْتُمُونِي، اكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ» - قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ: «لاَ يَسْأَلُونِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللهِ إِلَّا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا» - فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَى أَنْ تُخَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ البَيْتِ، فَنَطُوفَ بِهِ» ، فَقَالَ سُهَيْلٌ [ص:196]: وَاللهِ لاَ تَتَحَدَّثُ العَرَبُ أَنَّا أُخِذْنَا ضُغْطَةً، وَلَكِنْ ذَلِكَ مِنَ العَامِ المُقْبِلِ، فَكَتَبَ، فَقَالَ سُهَيْلٌ: وَعَلَى أَنَّهُ لاَ يَأْتِيكَ مِنَّا رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ إِلَّا رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا، قَالَ المُسْلِمُونَ: سُبْحَانَ اللهِ، كَيْفَ يُرَدُّ إِلَى المُشْرِكِينَ وَقَدْ جَاءَ مُسْلِمًا؟ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ دَخَلَ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو يَرْسُفُ فِي قُيُودِهِ، وَقَدْ خَرَجَ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ حَتَّى رَمَى بِنَفْسِهِ بَيْنَ أَظْهُرِ المُسْلِمِينَ، فَقَالَ سُهَيْلٌ: هَذَا يَا مُحَمَّدُ أَوَّلُ مَا أُقَاضِيكَ عَلَيْهِ أَنْ تَرُدَّهُ إِلَيَّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّا لَمْ نَقْضِ الكِتَابَ بَعْدُ» ، قَالَ: فَوَاللهِ إِذًا لَمْ أُصَالِحْكَ عَلَى شَيْءٍ أَبَدًا، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَأَجِزْهُ لِي» ، قَالَ: مَا أَنَا بِمُجِيزِهِ لَكَ، قَالَ: «بَلَى فَافْعَلْ» ، قَالَ: مَا أَنَا بِفَاعِلٍ، قَالَ مِكْرَزٌ: بَلْ قَدْ أَجَزْنَاهُ لَكَ، قَالَ أَبُو جَنْدَلٍ: أَيْ مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ، أُرَدُّ إِلَى المُشْرِكِينَ وَقَدْ جِئْتُ مُسْلِمًا، أَلاَ تَرَوْنَ مَا قَدْ لَقِيتُ؟ وَكَانَ قَدْ عُذِّبَ عَذَابًا شَدِيدًا فِي اللهِ، قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ: فَأَتَيْتُ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: أَلَسْتَ نَبِيَّ اللهِ حَقًّا، قَالَ: «بَلَى» ، قُلْتُ: أَلَسْنَا عَلَى الحَقِّ، وَعَدُوُّنَا عَلَى البَاطِلِ، قَالَ: «بَلَى» ، قُلْتُ: فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذًا؟ قَالَ: «إِنِّي رَسُولُ اللهِ، وَلَسْتُ أَعْصِيهِ، وَهُوَ نَاصِرِي» ، قُلْتُ: أَوَلَيْسَ كُنْتَ تُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي البَيْتَ فَنَطُوفُ بِهِ؟ قَالَ: «بَلَى، فَأَخْبَرْتُكَ أَنَّا نَأْتِيهِ العَامَ» ، قَالَ: قُلْتُ: لاَ، قَالَ: «فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَّوِّفٌ بِهِ» ، قَالَ: فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ: يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَيْسَ هَذَا نَبِيَّ اللهِ حَقًّا؟ قَالَ: بَلَى، قُلْتُ: أَلَسْنَا عَلَى الحَقِّ وَعَدُوُّنَا عَلَى البَاطِلِ؟ قَالَ: بَلَى، قُلْتُ: فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذًا؟ قَالَ: أَيُّهَا الرَّجُلُ إِنَّهُ لَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَيْسَ يَعْصِي رَبَّهُ، وَهُوَ نَاصِرُهُ، فَاسْتَمْسِكْ بِغَرْزِهِ، فَوَاللهِ إِنَّهُ عَلَى الحَقِّ، قُلْتُ: أَلَيْسَ كَانَ يُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي البَيْتَ وَنَطُوفُ بِهِ؟ قَالَ: بَلَى، أَفَأَخْبَرَكَ أَنَّكَ تَأْتِيهِ العَامَ؟ قُلْتُ: لاَ، قَالَ: فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَّوِّفٌ بِهِ، - قَالَ الزُّهْرِيُّ: قَالَ عُمَرُ -: فَعَمِلْتُ لِذَلِكَ أَعْمَالًا، قَالَ: فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قَضِيَّةِ الكِتَابِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: «قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا» ، قَالَ: فَوَاللهِ مَا قَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ حَتَّى قَالَ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِيَ مِنَ النَّاسِ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، أَتُحِبُّ ذَلِكَ، اخْرُجْ ثُمَّ لاَ تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ كَلِمَةً، حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ، وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ، فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ نَحَرَ بُدْنَهُ، وَدَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَامُوا، فَنَحَرُوا وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا، ثُمَّ جَاءَهُ نِسْوَةٌ مُؤْمِنَاتٌ فَأَنْزَلَ الَلهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ المُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ﴾ [الممتحنة: 10] حَتَّى بَلَغَ بِعِصَمِ الكَوَافِرِ فَطَلَّقَ عُمَرُ يَوْمَئِذٍ امْرَأَتَيْنِ، كَانَتَا لَهُ فِي الشِّرْكِ فَتَزَوَّجَ إِحْدَاهُمَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَالأُخْرَى صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ، ثُمَّ رَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى المَدِينَةِ، فَجَاءَهُ أَبُو بَصِيرٍ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَهُوَ مُسْلِمٌ، فَأَرْسَلُوا فِي طَلَبِهِ رَجُلَيْنِ، فَقَالُوا: العَهْدَ الَّذِي جَعَلْتَ لَنَا، فَدَفَعَهُ إِلَى الرَّجُلَيْنِ، فَخَرَجَا بِهِ حَتَّى بَلَغَا ذَا الحُلَيْفَةِ، فَنَزَلُوا يَأْكُلُونَ مِنْ تَمْرٍ لَهُمْ، فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ: وَاللهِ إِنِّي لَأَرَى سَيْفَكَ هَذَا يَا فُلاَنُ جَيِّدًا، فَاسْتَلَّهُ الآخَرُ، فَقَالَ: أَجَلْ، وَاللهِ إِنَّهُ لَجَيِّدٌ، لَقَدْ جَرَّبْتُ بِهِ، ثُمَّ جَرَّبْتُ، فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ: أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْهِ، فَأَمْكَنَهُ مِنْهُ، فَضَرَبَهُ حَتَّى بَرَدَ، وَفَرَّ الآخَرُ حَتَّى أَتَى المَدِينَةَ، فَدَخَلَ المَسْجِدَ يَعْدُو، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَآهُ: «لَقَدْ رَأَى هَذَا ذُعْرًا» فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قُتِلَ وَاللهِ صَاحِبِي وَإِنِّي لَمَقْتُولٌ، فَجَاءَ أَبُو بَصِيرٍ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، قَدْ وَاللهِ أَوْفَى الَلهُ ذِمَّتَكَ، قَدْ رَدَدْتَنِي إِلَيْهِمْ، ثُمَّ أَنْجَانِي الَلهُ مِنْهُمْ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَيْلُ أُمِّهِ مِسْعَرَ حَرْبٍ، لَوْ كَانَ لَهُ أَحَدٌ» فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ عَرَفَ أَنَّهُ سَيَرُدُّهُ إِلَيْهِمْ، فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى سِيفَ البَحْرِ قَالَ: وَيَنْفَلِتُ مِنْهُمْ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلٍ، فَلَحِقَ بِأَبِي بَصِيرٍ، فَجَعَلَ لاَ يَخْرُجُ مِنْ قُرَيْشٍ رَجُلٌ قَدْ أَسْلَمَ إِلَّا لَحِقَ بِأَبِي بَصِيرٍ، حَتَّى اجْتَمَعَتْ مِنْهُمْ عِصَابَةٌ، فَوَاللهِ مَا يَسْمَعُونَ بِعِيرٍ خَرَجَتْ لِقُرَيْشٍ إِلَى الشَّأْمِ إِلَّا اعْتَرَضُوا لَهَا، فَقَتَلُوهُمْ وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ، فَأَرْسَلَتْ قُرَيْشٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُنَاشِدُهُ بِاللهِ وَالرَّحِمِ، لَمَّا أَرْسَلَ، فَمَنْ أَتَاهُ فَهُوَ آمِنٌ، فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ، فَأَنْزَلَ الَلهُ تَعَالَى: ﴿وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ﴾ حَتَّى بَلَغَ ﴿الحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الجَاهِلِيَّةِ﴾ [الفتح:24- 26]
وَكَانَتْ حَمِيَّتُهُمْ أَنَّهُمْ لَمْ يُقِرُّوا أَنَّهُ نَبِيُّ اللهِ، وَلَمْ يُقِرُّوا بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَحَالُوا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ البَيْتِ. رواه البخاري برقم (2731).
قال الحافظ في فتح الباري (5/351):وَفِي قِصَّةِ أَبِي بَصِيرٍ مِنَ الْفَوَائِدِ جَوَازُ قَتْلِ الْمُشْرِكِ الْمُعْتَدِي غِيلَةً, وَلَا يُعَدُّ مَا وَقَعَ مِنْ أَبِي بَصِيرٍ غَدْرًا لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي جُمْلَةِ مَنْ دَخَلَ فِي الْمُعَاقَدَةِ الَّتِي بَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى الَلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ قُرَيْشٍ لِأَنَّهُ إِذْ ذَاكَ كَانَ مَحْبُوسًا بِمَكَّةَ لَكِنَّهُ لَمَّا خَشِيَ أَنَّ الْمُشْرِكَ يُعِيدُهُ إِلَى الْمُشْرِكِينَ دَرَأَ عَنْ نَفْسِهِ بِقَتْلِهِ وَدَافَعَ عَنْ دِينِهِ بِذَلِكَ وَلَمْ يُنْكِرِ النَّبِيُّ قَوْلَهُ ذَلِكَ وَفِيهِ أَنَّ مَنْ فَعَلَ مِثْلَ فِعْلِ أَبِي بَصِيرٍ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ قَوَدٌ وَلَا دِيَة. وَقد وَقع عِنْد بن إِسْحَاقَ أَنَّ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو لَمَّا بَلَغَهُ قَتْلُ الْعَامِرِيِّ طَالَبَ بِدِيَتِهِ لِأَنَّهُ مِنْ رَهْطِهِ فَقَالَ لَهُ أَبُو سُفْيَانَ لَيْسَ عَلَى مُحَمَّدٍ مُطَالَبَةٌ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ وَفَّى بِمَا عَلَيْهِ وَأَسْلَمَهُ لِرَسُولِكُمْ وَلَمْ يَقْتُلْهُ بِأَمْرِهِ وَلَا عَلَى آلِ أَبِي بَصِيرٍ أَيْضًا شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى دِينِهِمْ وَفِيهِ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرُدُّ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَنْ جَاءَ مِنْهُمْ إِلَّا بِطَلَبٍ مِنْهُمْ لِأَنَّهُمْ لَمَّا طَلَبُوا أَبَا بَصِيرٍ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَسْلَمَهُ لَهُمْ وَلَمَّا حَضَرَ إِلَيْهِ ثَانِيًا لَمْ يُرْسِلْهُ لَهُمْ بَلْ لَوْ أَرْسَلُوا إِلَيْهِ وَهُوَ عِنْدَهُ لَأَرْسَلَهُ فَلَمَّا خَشِيَ أَبُو بَصِيرٍ مِنْ ذَلِكَ نَجَا بِنَفْسِهِ. اهـ
المعاقبة بالمثل
قال الله تعالى: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ﴾[النحل : 126].
وقال تعالى: ﴿وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ﴾[البقرة : 191].
قال شيخ الإسلام في دقائق التفسير (2 /39-40): وَهَذَا كُله إِذا قدر عَلَيْهِ فَأَما إِذا طَلَبهمْ السُّلْطَان أَو نُوَّابِهِ لإِقَامَة الْحَد بِلَا عدوان فامتنعوا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يجب على الْمُسلمين قِتَالهمْ بِاتِّفَاق الْعلمَاء حَتَّى يقدر عَلَيْهِم كُلِّهم.
وَمَتى لم ينقادوا إِلَّا بِقِتَال يُفْضِي إِلَى قَتلهمْ كلهم قوتلوا وَإِن أفْضى إِلَى ذَلِك سَوَاء كَانُوا قد قتلوا أَو لم يقتلُوا وَيقْتلُونَ فِي الْقِتَال كَيْفَمَا أمكن فِي الْعُنُق وَغَيره.
وَيُقَاتل من قَاتل مَعَهم مِمَّن يحميهم ويعينهم فَهَذَا قتال وَذَاكَ إِقَامَة حد وقتال هَؤُلَاءِ أوكد من قتال الطوائف الممتنعة عَن شرائع الْإِسْلَام فَإِن هَؤُلَاءِ قد تحزبوا لفساد النُّفُوس وَالْأَمْوَال وهلاك الْحَرْث والنسل لَيْسَ مقصودهم إِقَامَة دين وَلَا ملك وَهَؤُلَاء كالمحاربين الَّذين يأوون إِلَى حصن أَو مغارة أَو رَأس جبل أَو بطن وَاد وَنَحْو ذَلِك يقطعون الطَّرِيق على من مر بهم وَإِذا جَاءَهُم جند ولي الْأَمر يطلبهم للدخول فِي طَاعَة الْمُسلمين وَالْجَمَاعَة لإِقَامَة الْحُدُود قاتلوهم ودفعوهم مثل الْأَعْرَاب الَّذين يقطعون الطَّرِيق على الْحَاج أَو غَيره من الطرقات أَو الجبلية الَّذين يعتصمون برؤوس الْجبَال أَو المغارات لقطع الطَّرِيق وكالأحلاف الَّذين تحالفوا لقطع الطَّرِيق بَين الشَّام وَالْعراق ويسمون ذَلِك النهيضة فَإِنَّهُم يُقَاتلُون كَمَا ذَكرْنَاهُ وَلَكِن قِتَالهمْ لَيْسَ بِمَنْزِلَة قتال الْكفَّار إِذا لم يَكُونُوا كفَّارًا وَلَا تُؤْخَذ أَمْوَالهم إِلَّا أَن يَكُونُوا أخذُوا أَمْوَال النَّاس بِغَيْر حق فَإِن عَلَيْهِم ضَمَانهَا فَيُؤْخَذ مِنْهُم بِقدر مَا أخذُوا وَإِن لم نعلم عين الْآخِذ وَكَذَلِكَ لَو علم عينه فَإِن الردء والمباشر سَوَاء كَمَا قُلْنَاهُ لَكِن إِذا عرف عينه كَانَ قَرَار الضَّمَان عَلَيْهِ وَيرد مَا يُؤْخَذ مِنْهُ على أَرْبَاب الْأَمْوَال فَإِن تعذر الرَّد عَلَيْهِم كَانَ لمصَالح الْمُسلمين من رزق الطَّائِفَة الْمُقَاتلَة لَهُم وَغير ذَلِك بل الْمَقْصُود من قِتَالهمْ التَّمَكُّن مِنْهُم لإِقَامَة الْحُدُود ومنعهم من الْفساد فَإِذا جرح الرجل مِنْهُم جُرحًا مُثْخَنًا لم يُجهز عَلَيْهِ حَتَّى يَمُوت إِلَّا أَن يَمُوت يكون قد وَجب عَلَيْهِ الْقَتْل وَإِذا هرب وكفانا شَره لم نتبعه إِلَّا أَن يكون عَلَيْهِ حد أَو نَخَاف عاقبته وَمن أسر مِنْهُم أقيم عَلَيْهِ الْحَد الَّذِي يُقَام عَلَى غَيرِهِ. وَمنَ الْفُقَهَاء مَنْ يُشَدِّدُ فيهم حَتَّى يرى غنيمَة أَمْوَالهم وتخميسها وَأَكْثَرهم يأبون ذَلِك.
فَأَما إِذا تحيزوا إِلَى مملكة طَائِفَة خَارِجَة عَن شَرِيعَة الْإِسْلَام وأعانوهم على الْمُسلمين قوتلوا كقتالهم وَأما من كَانَ لَا يقطع الطَّرِيق وَلكنه يَأْخُذ خفارة أَو ضريبة من أَبنَاء السَّبِيل على الرؤوس وَالدَّوَاب والأحمال وَنَحْو ذَلِك فَهَذَا مكاس عَلَيْهِ عُقُوبَة المكاسين وَقد اخْتلف الْفُقَهَاء جَوَاز قَتله وَلَيْسَ هُوَ من قطاع الطَّرِيق فَإِن الطَّرِيق لَا يَنْقَطِع بِهِ مَعَ أَنه أَشد النَّاس عذَابا يَوْم الْقِيَامَة حَتَّى قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الغامدية لقد تابت تَوْبَة لَو تابها صَاحب مكس لغفر لَهُ.
وَيجوز للمظلومين الَّذين ترَاد أَمْوَالهم قتل الْمُحَاربين بِإِجْمَاع الْمُسلمين وَلَا يجب أَن يبْذل لَهُم من المَال لَا قَلِيل وَلَا كثير إِذا أمكن قِتَالهمْ فَإِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قتل دون مَاله فَهُوَ شَهِيد وَمن قتل دون دَمه فَهُوَ شَهِيد وَمن قتل دون دينه فَهُوَ شَهِيد وَمن قتل دون حرمته فَهُوَ شَهِيد.
وَهَذَا الَّذِي يُسَمِّيه الْفُقَهَاء الصَّائِل وَهُوَ الظَّالِم بِلَا تَأْوِيل وَلَا ولَايَة فَإِذا كَانَ مَطْلُوبه المَال جَازَ مَنعه بِمَا يُمكن فَإِذا لم ينْدَفع إِلَّا بِالْقِتَالِ قوتل وَإِن ترك الْقِتَال وَأَعْطَاهُمْ شَيْئا من المَال جَازَ, وَأما إِذا كَانَ مَطْلُوبه الْحُرْمَة مثل أَن يطْلب الزِّنَا بمحارم الْإِنْسَان أَو يطْلب من الْمَرْأَة أَو الصَّبِي الْمَمْلُوك أَو غَيره الفجوربه فَإِنَّهُ يجب عَلَيْهِ أَن يدْفع نَفسه بِمَا يُمكن وَلَو بِالْقِتَالِ وَلَا يجوز التَّمْكِين مِنْهُ بِحَال بِخِلَاف المَال فَإِنَّهُ يجوز التَّمْكِين مِنْهُ لِأَن بذل المَال جَائِز وبذل الْفُجُور بِالنَّفسِ أَو بِالْحُرْمَةِ غير جَائِز. اهـ.وقال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (28/305) :وَوَلِيُّ الْأَمْرِ إذَا تَرَكَ إنْكَارَ الْمُنْكَرَاتِ وَإِقَامَةَ الْحُدُودِ عَلَيْهَا بِمَالِ يَأْخُذُهُ: كَانَ بِمَنْزِلَةِ مُقَدِّمِ الْحَرَامِيَّةِ الَّذِي يُقَاسِمُ الْمُحَارِبِينَ عَلَى الْأَخِيذَةِ وَبِمَنْزِلَةِ الْقَوَّادِ الَّذِي يَأْخُذُ مَا يَأْخُذُهُ؛ لِيَجْمَعَ بَيْنَ اثْنَيْنِ عَلَى فَاحِشَةٍ.وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ أَعْمَى كَانَتْ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ تَشْتُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَقَعُ فِيهِ، فَيَنْهَاهَا، فَلَا تَنْتَهِي، وَيَزْجُرُهَا فَلَا تَنْزَجِرُ، قَالَ: فَلَمَّا كَانَتْ ذَاتَ لَيْلَةٍ، جَعَلَتْ تَقَعُ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَشْتُمُهُ، فَأَخَذَ الْمِغْوَلَ فَوَضَعَهُ فِي بَطْنِهَا، وَاتَّكَأَ عَلَيْهَا فَقَتَلَهَا، فَوَقَعَ بَيْنَ رِجْلَيْهَا طِفْلٌ، فَلَطَّخَتْ مَا هُنَاكَ بِالدَّمِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَمَعَ النَّاسَ فَقَالَ: «أَنْشُدُ اللهَ رَجُلًا فَعَلَ مَا فَعَلَ لِي عَلَيْهِ حَقٌّ إِلَّا قَامَ» ، فَقَامَ الْأَعْمَى يَتَخَطَّى النَّاسَ وَهُوَ يَتَزَلْزَلُ حَتَّى قَعَدَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَا صَاحِبُهَا، كَانَتْ تَشْتُمُكَ، وَتَقَعُ فِيكَ، فَأَنْهَاهَا فَلَا تَنْتَهِي، وَأَزْجُرُهَا، فَلَا تَنْزَجِرُ، وَلِي مِنْهَا ابْنَانِ مِثْلُ اللُّؤْلُؤَتَيْنِ، وَكَانَتْ بِي رَفِيقَةً، فَلَمَّا كَانَ الْبَارِحَةَ جَعَلَتْ تَشْتُمُكَ، وَتَقَعُ فِيكَ، فَأَخَذْتُ الْمِغْوَلَ فَوَضَعْتُهُ فِي بَطْنِهَا، وَاتَّكَأْتُ عَلَيْهَا حَتَّى قَتَلْتُهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا اشْهَدُوا أَنَّ دَمَهَا هَدَرٌ». رواه أبو داود وهو في الصحيح المسند لشيخنا مقبل رحمه الله.قال شيخنا مقبل رحمه الله في إجابة السائل(ص299-300):إن كان المسئولون يقيمون حدود الله, ولا يصلح المجتمع إلا إقامة حدود الله فعليه أن يرفع أمره ويشهد عليه ويرفع أمره إلى المسئولين فهذا أمر يتحتم عليهم... إلى أن قال: أما القتل فإن كنت آمناً من أن تحدث فتنة, ومن أن تُؤذى أو تقتل به فلك أن تغتاله, وإلا فالفرد ليس له أن يقيم الحدود, وليس له أن يقتص لنفسه ليس له أن يفعل هذا, وول وكلت للناس انتشرت الفتن, لكن مثل هذا الشيوعي الملحد الذي أصبح يسب الله فأعتقد أنه يجوز أن يغتال والله المستعان. اهـ
فكأن الشيخ رحمه الله يقول في حالة أن ولي الأمر لا يقيم الحد, وفي حالة الاضطرار يجوز, وهذا مقصد شيخنا يحيى حفظه الله أنه إذا اشتد الضغط على أهل السنة فلهم أن يأسروا ومن وجدوا من الحوثيين المعروفين بعقيدة الحوثي الكفرية... إلخ.
وقال شيخنا مقبل رحمه الله في فتوى في وحدة المسلمين مع الكفار(ص53):فعليهم أن يتقوا الله سبحانه وتعالى, وأن يحرصوا إن استطاعوا أن يرهبوا ذلك الحزب الخبيث كما كان يرهبهم, فقد صبروا على شيء يعلمه الله. اهـ
وقال رحمه الله في السيوف الباترة(ص190):وأكثر الناس جاهلون لدجل الشيوعية, وعلى كل فالذي يتقدم مع صفوف الشيوعية هو حلال الدم يجوز قتله, ثم إن كان مسلمًا موحدًا جاهلًا لحقيقة الشيوعية فهو إلى الله إن شاء عذبه بقدر ذنبه, وإن شاء عفا عنه. اهـ
ثم اعلم أن فتوى الشيخ حفظه الله وسدد خطاه ليست لكل حوثي إنما لرؤوس الحوثيين, وهو من يُسمى عند العلماء: بـ«الصائل», ودفع الصائل متفق عليه بين العلماء.ومع ذلك هي جارية مجرى التهديد لهم إن لم ينكفوا, وعند حصول الضرر الكثير على أهل السنة, وهذا الذي فهمه منها عموم أهل السنة: دعاة وعلماء ومشايخ, وطلبة علم؛ لكن انظر أين ذهب فهم هؤلاء لقصد الوقيعة!!ثم المراد الذين يقاتلون في دماج من الحوثيين هم سائر بلاد اليمن فأراد الشيخ حفظه الله إيقافهم, ولذلك فقد جعل الله فيها البركة فقد كانت ردعًا للعدو؛ فقد هزت أركانه, ووقفت طغيانه, وصدق الله إذ يقول:﴿ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ﴾ [العنكبوت : 43].ولا تضرون إلا أنفسكم-بإذن الله- والله غالب على أمره.
قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (28/499-500) :فَأَمَّا قَتْلُ الْوَاحِدِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ مِنْ الْخَوَارِجِ؛ كَالحَرُورِيةِ وَالرَّافِضَةِ وَنَحْوِهِمْ, فَهَذَا فِيهِ قَوْلَانِ لِلْفُقَهَاءِ: هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَد. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ قَتْلُ الْوَاحِدِ مِنْهُمْ؛ كَالدَّاعِيَةِ إلَى مَذْهَبِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّنْ فِيهِ فَسَادٌ. فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ» وَقَالَ: «لَئِنْ أَدْرَكْتهمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ» وَقَالَ عُمَرُ لِصَبِيغِ بْنِ عِسْلٍ: لَوْ وَجَدْتُك مَحْلُوقًا لَضَرَبْت الَّذِي فِيهِ عَيْنَاك. وَلِأَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ طَلَبَ أَنْ يَقْتُلَ عَبْدَ اللهِ بْنَ سَبَأٍ أَوَّلَ الرَّافِضَةِ حَتَّى هَرَبَ مِنْهُ. وَلِأَنَّ هَؤُلَاءِ مِنْ أَعْظَمِ الْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ. فَإِذَا لَمْ يَنْدَفِعْ فَسَادُهُمْ إلَّا بِالْقَتْلِ قُتِلُوا وَلَا يَجِبُ قَتْلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إذَا لَمْ يَظْهَرْ هَذَا الْقَوْلُ أَوْ كَانَ فِي قَتْلِهِ مَفْسَدَةٌ رَاجِحَةٌ. وَلِهَذَا تَرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتْلَ ذَلِكَ الْخَارِجِيِّ ابْتِدَاءً لِئَلَّا يَتَحَدَّثَ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ " وَلَمْ يَكُنْ إذْ ذَاكَ فِيهِ فَسَادٌ عَامٌّ؛ وَلِهَذَا تَرَكَ عَلِيٌّ قَتْلَهُمْ أَوَّلَ مَا ظَهَرُوا لِأَنَّهُمْ كَانُوا خَلْقًا كَثِيرًا وَكَانُوا دَاخِلِينَ فِي الطَّاعَةِ وَالْجَمَاعَةِ ظَاهِرًا لَمْ يُحَارِبُوا أَهْلَ الْجَمَاعَةِ وَلَمْ يَكُنْ يَتَبَيَّنْ لَهُ أَنَّهُمْ هُمْ. اهـ.وقال شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى (3 / 554): فَإِنَّ قِتَالَ الْمُعْتَدِينَ الصَّائِلِينَ ثَابِتٌ بِالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ، وَهَؤُلَاءِ مُعْتَدُونَ صَائِلُونَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي أَنْفُسِهِمْ، وَأَمْوَالِهِمْ، وَحُرَمِهِمْ، وَدِينِهِمْ، وَكُلٌّ مِنْ هَذِهِ يُبِيحُ قِتَالَ الصَّائِلِ عَلَيْهَا، وَمَنْ قُتِلَ دُونَهَا فَهُوَ شَهِيدٌ، فَكَيْفَ بِمَنْ قَاتَلَ عَلَيْهَا كُلَّهَا وَهُمْ مِنْ شَرِّ الْبُغَاةِ الْمُتَأَوِّلِينَ الظَّالِمِينَ... اهـ
وقال شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى لابن تيمية (5/530):وَمِنْ التَّعْزِيرِ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ وَالشَّافِعِيُّ: نَفْيُ الْمُخَنَّثِ، وَحَلَقَ عُمَرُ رَأْسَ نَصْرِ بْنِ حَجَّاجٍ وَنَفَاهُ لَمَّا اُفْتُتِنَ بِهِ النِّسَاءُ، فَكَذَا مَنْ اُفْتُتِنَ بِهِ الرِّجَالُ مِنَ الْمُرْدَانِ وَلَا يُقَدَّرُ التَّعْزِيرُ، بَلْ بِمَا يَرْدَعُ الْمُعَزَّرَ، وَقَدْ يَكُونُ بِالْعَمَلِ وَالنَّيْلِ مِنْ عِرْضِهِ مِثْلُ أَنْ يُقَالَ لَهُ: يَا ظَالِمُ يَا مُعْتَدِي وَبِإِقَامَتِهِ مِنَ الْمَجْلِسِ، وَاَلَّذِينَ قَدَّرُوا التَّعْزِيرَ مِنْ أَصْحَابِنَا إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا كَانَ تَعْزِيرًا عَلَى مَا مَضَى مِنْ فِعْلٍ أَوْ تَرْكٍ فَإِنْ كَانَ تَعْزِيرًا لِأَجْلِ تَرْكِ مَا هُوَ فَاعِلٌ لَهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَتْلِ الْمُرْتَدِّ وَالْحَرْبِيِّ, وَقِتَالِ الْبَاغِي وَالْعَادِي وَهَذَا التَّعْزِيرُ لَيْسَ يُقَدَّرُ بَلْ يَنْتَهِي إلَى الْقَتْلِ، كَمَا فِي الصَّائِلِ لِأَخْذِ الْمَالِ يَجُوزُ أَنْ يُمْنَعَ مِنْ الْأَخْذِ وَلَوْ بِالْقَتْلِ وَعَلَى هَذَا فَإِذَا كَانَ الْمَقْصُودُ دَفْعَ الْفَسَادِ وَلَمْ يَنْدَفِعْ إلَّا بِالْقَتْلِ قُتِلَ.وَحِينَئِذٍ فَمَنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ فِعْلُ الْفَسَادِ وَلَمْ يَرْتَدِعْ بِالْحُدُودِ الْمُقَدَّرَةِ بَلْ اسْتَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ الْفَسَادِ فَهُوَ كَالصَّائِلِ الَّذِي لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِالْقَتْلِ فَيُقْتَلُ قِيلَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُخَرَّجَ شَارِبُ الْخَمْرِ فِي الرَّابِعَةِ عَلَى هَذَا، وَيُقْتَلُ الْجَاسُوسُ الَّذِي يُكَرِّرُ التَّجَسُّسَ وَقَدْ ذَكَرَ شَيْئًا مِنْ هَذَا الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَإِلَيْهِ يَرْجِعُ قَوْلُ ابْنِ عَقِيلٍ وَهُوَ أَصْلٌ عَظِيمٌ فِي صَلَاحِ النَّاسِ.
وَكَذَلِكَ تَارِكُ الْوَاجِبِ فَلَا يَزَالُ يُعَاقَبُ حَتَّى يَفْعَلَهُ، وَمَنْ قَفَزَ إلَى بِلَادِ الْعَدُوِّ أَوْ لَمْ يَنْدَفِعْ ضَرَرُهُ إلَّا بِقَتْلِهِ قُتِلَ وَالتَّعْزِيرُ بِالْمَالِ سَائِغٌ إتْلَافًا وَأَخْذًا وَهُوَ جَارٍ عَلَى أَصْلِ أَحْمَدَ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْتَلِفْ أَصْحَابُهُ أَنَّ الْعُقُوبَاتِ فِي الْأَمْوَالِ غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ كُلُّهَا وَقَوْلُ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيَّ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ مَالِ الْمُعَزَّرِ فَإِشَارَةٌ مِنْهُ إلَى مَا يَفْعَلُهُ الْوُلَاةُ الظَّلَمَةُ.
جواز الاستعانة بالكافر عند العجز فضلًا عن المسلم
قال الله تعالى: ﴿ لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ الَلهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ﴾ [آل عمران : 28].
وفي صحيح البخاري برقم(3905) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ:... فَبَيْنَمَا نَحْنُ يَوْمًا جُلُوسٌ فِي بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، قَالَ قَائِلٌ لِأَبِي بَكْرٍ: هَذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَقَنِّعًا، فِي سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينَا فِيهَا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِدَاءٌ لَهُ أَبِي وَأُمِّي، وَاللهِ مَا جَاءَ بِهِ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ إِلَّا أَمْرٌ، قَالَتْ: فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَأْذَنَ، فَأُذِنَ لَهُ فَدَخَلَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ: «أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ» .
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّمَا هُمْ أَهْلُكَ، بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «فَإِنِّي قَدْ أُذِنَ لِي فِي الخُرُوجِ» فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: الصَّحَابَةُ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَعَمْ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَخُذْ - بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ - إِحْدَى رَاحِلَتَيَّ هَاتَيْنِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بِالثَّمَنِ» .
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَجَهَّزْنَاهُمَا أَحَثَّ الجِهَازِ، وَصَنَعْنَا لَهُمَا سُفْرَةً فِي جِرَابٍ، فَقَطَعَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ قِطْعَةً مِنْ نِطَاقِهَا، فَرَبَطَتْ بِهِ عَلَى فَمِ الجِرَابِ، فَبِذَلِكَ سُمِّيَتْ ذَاتَ النِّطَاقَيْنِ قَالَتْ: ثُمَّ لَحِقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ بِغَارٍ فِي جَبَلِ ثَوْرٍ، فَكَمَنَا فِيهِ ثَلاَثَ لَيَالٍ، يَبِيتُ عِنْدَهُمَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، وَهُوَ غُلاَمٌ شَابٌّ، ثَقِفٌ لَقِنٌ، فَيُدْلِجُ مِنْ عِنْدِهِمَا بِسَحَرٍ، فَيُصْبِحُ مَعَ قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ كَبَائِتٍ، فَلاَ يَسْمَعُ أَمْرًا، يُكْتَادَانِ بِهِ إِلَّا وَعَاهُ، حَتَّى يَأْتِيَهُمَا بِخَبَرِ ذَلِكَ حِينَ يَخْتَلِطُ الظَّلاَمُ، وَيَرْعَى عَلَيْهِمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ، مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ مِنْحَةً مِنْ غَنَمٍ، فَيُرِيحُهَا عَلَيْهِمَا حِينَ تَذْهَبُ سَاعَةٌ مِنَ العِشَاءِ، فَيَبِيتَانِ فِي رِسْلٍ، وَهُوَ لَبَنُ مِنْحَتِهِمَا وَرَضِيفِهِمَا، حَتَّى يَنْعِقَ بِهَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ بِغَلَسٍ، يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ تِلْكَ اللَّيَالِي الثَّلاَثِ، وَاسْتَأْجَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مِنْ بَنِي الدِّيلِ، وَهُوَ مِنْ بَنِي عَبْدِ بْنِ عَدِيٍّ، هَادِيَا خِرِّيتًا، وَالخِرِّيتُ المَاهِرُ بِالهِدَايَةِ، قَدْ غَمَسَ حِلْفًا فِي آلِ العَاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِيِّ، وَهُوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، فَأَمِنَاهُ فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا، وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلاَثِ لَيَالٍ، بِرَاحِلَتَيْهِمَا صُبْحَ ثَلاَثٍ، وَانْطَلَقَ مَعَهُمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ، وَالدَّلِيلُ، فَأَخَذَ بِهِمْ طَرِيقَ السَّوَاحِلِ.
وقد كان أبو طالب يناصر الرسول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-, وأبو طالب كان على الكفر ومات عليه.
وقد هاجر الصحابة الكرام إلى أرض النجاشي قبل إسلامه, وهي ديار نصارى, وقصة هجرتهم في الصحيحين عن أسماء بنت عميس, وفي مسند أحمد عن أم سلمة وهي حسنة.
وأدلة ذلك كثيرة.
وقد أفتى علماء الإسلام كالباز وغيره بجواز استعانة المملكة العربية السعودية ودول الخليج بأمريكا وحلف دول الغرب (الكفار), ضد طُغيان صدام وقد كانت طائرات دول الغرب تقلع من ديار المسلمين كتركيا, ومن البحر الأبيض المتوسط وغيرها, وتضرب على العراق!! ولا شك أنها ضربت قوة العراق وأصابت أبرياء من أطفال ونساء وشيوخ ورجال, ولكن حالهم كما جاء في حديث الصعب بن جثامة رضي الله عنه، قال: مر بي النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بالأبواء، أو بودان، وسئل عن أهل الدار يبيتون من المشركين، فيصاب من نسائهم وذراريهم قال: «هم منهم».رواه البخاري برقم (3012)ومسلم برقم (1745).
وهذا حالة من لا يصل للعدو إلا بذلك إي للاضطرار, لما رواه البخاري برقم (3015) ومسلم برقم (1744) عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: وجدت امرأة مقتولة في بعض مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان.فيا لله العجب كيف جوزتم الاستعانة بالمشرك عند الحاجة- وهو الحق- ومنعتم علينا الاستعانة بإخون لنا من خيار المسلمين وقد بلغنا شدة الاضطرار, وتخذلونهم اللهم احكم بيننا وبينهم!.
تناقض واضح!
من التناقض الواضح الفاضح قولهم: ولكن من استطاع أن يذهب إلى دمَّاج لدفع الظلم عن إخوانه فليفعل، وندعو جميع أهل السنة في المدن والقرى اليمنية من طلاب العلم وغيرهم إلى الاستمرار على طلب العلم والدعوة إلى الله ، والرجوع إلى أهل العلم ، والبعد عن الفتن ، والمحافظة على دعوة أهل السنة والجماعة كلٌ بحسبه. اهـ
أقول: كيف يذهب إلى دماج وهي محاصرة لا داخل ولا خارج!!؟؟ سيقتل أو يؤسر قبل وصوله صعدة!! ما أدري أجهل هذا أم ماذا؟!
ألقاه في اليمّ مكتوفا وقال له *** إياك إياك أن تبتل بالماء.
ومع هذا بعدها بسطر واحد مع علمهم أنه لا يمكن لهم الوصول إلى دماج لم تطب أنفسهم بها؛ قالوا: وندعو جميع أهل السنة في المدن والقرى اليمنية من طلاب العلم وغيرهم إلى الاستمرار على طلب العلم... إلخ.
اللهم لا تكلنا إلى هؤلاء المخذلين, واجعل لنا لطفًا من عندك.
نصيحة للإمام الوادعي رحمه الله
قال شيخنا مقبل رحمه الله في الإلحاد الخميني في أرض الحرمين (ص207) الطبعة الثالثة دار الآثار: وإذا أردت أن تتأكد أنهم دعاة شرك وضلال، ومدافعون عن الشرك راجعت كتاب الرافضي الأثيم محسن الأمين العاملي ذلك الكتاب الزائغ هو كتاب كشف الارتياب في اتباع محمد بن عبدالوهاب, لا جزى الله خيرًا من استورده إلى اليمن من ذوي الجشع الذين ليس هم إلا بيع الكتاب والتجارة في المكتبات، والله المستعان . اهـ
ألم يقل شيخنا مقبل رحمه الله في الإلحاد الخميني في أرض الحرمين (ص54) ط الآثار: بل قد انتهى ببعضهم الحال إلى أنه لا يفرق بين المسلم وبين الشيوعي الكافر، والمسئول عن هؤلاء هم علماء السنة وإذا لم يبينوا للناس السنة من البدعة والهدى من الضلال فمن يبين ذلك، ومما ينبغي أن يعلم أن الرافضة لو تمكنت من أهل السنة لا مكنهم الله من ذلك لاستحلوا منهم ما لا يستحله اليهود والنصارى، ومن شك في كلامي قرأ تاريخ الرافضة. ألم يقل شيخنا مقبل رحمه الله في الإلحاد الخميني (ص191) ط الآثار: واعلموا أن كل من كفر هذه الكفرات الفاحشة ممن ينتمي إلى الإسلام فإنما عنصرهم الشيعة والصوفية، فإن من الصوفية من يقول: إن من عرف الله تعالى سقطت عنه الشرائع، وزاد بعضهم واتصل بالله تعالى وبلغنا أن بنيسابور اليوم في عصرنا هذا رجل يكنى أبا سعيد أبا الخير هكذا معًا من الصوفية مرة يلبس الصوف، ومرة يلبس الحرير المحرم على الرجال، ومرة يصلي في اليوم ألف ركعة، ومرة لا يصلى لا فريضة ولا نافلة، وهذا كفر محض ونعوذ بالله من الضلال.اهـ
أليس اتهام أم المؤمنين بالفاحشة بعد أن برأها الله كفرًا بالإجماع يا محمد الإمام والروافض-هؤلاء- يتهمونها به!!؟
وقد قال شيخنا مقبل رحمه الله في الإلحاد الخميني (ص210) ط الآثار: ومن مشابهتهم اليهود أن اليهود رموا مريم عليها السلام بالفاحشة والرافضة رمت عائشة رضي الله عنها بالفاحشة.وهذا يعتبر كفرًا لأنه تكذيب للقرآن، وأيضًا نقيصة للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقد نزهه الله عنها.فالحقيقة أنك لا سلكت مسلك الشيخ مقبل رحمه الله, ولا سلكت مسلك أئمة الإسلام الذين أجمعوا على كفر الرافضة!
وقال شيخنا مقبل رحمه الله كما في التاج المكلل(ص31): من لعن أبا بكر وعمر وعثمان فهو كافر, وقد ذكر عبد الله بن أحمد في السنة عن جمع من العلماء تكفير الرافضة دون تفصيل, ومن كان مقلدًا يلتحق بمن يكفر, وأمره إلى الله إن عذره بجهله. اهـ
قال شيخنا مقبل رحمه الله كما في سيرته بصوته: وأذكر لهم مواقف أسأل الله أن يثيبهم عليها ويجزيهم خيراً :
1- مضاربه شديد في جامع الهادي ، لصدي عن الدعوة فيه ، فقام معي رجال القبائل من وادعة وغيرهم حتى أنقذني الله على أيديهم وكان والشيعة يردون القضاء عليَّ ، وكان ذلك في زمن الرئيس ( إبراهيم الحمدي) وأهل الشر من شيوعيين وشيعة رافعون رءوسهم ، فسجنونا مع بعض الطرف الآخر قدر أحدعشرا يوماً في رمضان فكان يزورني في السجن في بعض الليالي قدر خمسين شاباً، ويدخل إلى المسئولين في بعض الليالي قدر مائه وخمسين رجلاً من وادعة حتى أزعجوا المسئولين ، وأخرجونا من السجن ، والحمدلله.
2- ومنها أن أعداء الدعوة ربما يأتون بالسلاح إلى دماج فيطردهم أهل دَمَّاجَ وهم صاغرون . اهـ
نصيحة الشيخ مقبل رحمه الله لأهل السنة بمؤازرة إخوانهم
ولما حصل بعض الاعتداء على مفرق حبيش من بعض الجهات حيث رموا عليهم, قال شيخنا مقبل رحمه الله: ينبغي لإخواننا أهل إب سواء كانوا في دار الحديث بدماج أو دار الحديث بمأرب أو دار الحديث بمعبر أو بغيرها أن يؤازروا أخاهم عبدالعزيز، أما عبدالعزيز فلو هو ألف عبدالعزيز ما كفى، فالناس يطلبونه من أماكن شتى أن يأتي إليهم ولكنه قد عزم على البقاء في مفرق حبيش، ولن يزعزعه أولئك، وله إخوان في الله يحبونه ويطلبون منا أن نأذن لهم بالذهاب، فقلنا اتصلوا به والله المستعان، على أن الحكومة ما قامت بواجبها، لو كان هذا المركز بينه وبين إب ستين كيلومترًا بالشعوب ممكن أن يقال...، أما بجانب المركز! ثم بعد ذلك يتفرجون، سيقال...(7)، ثم أخبرني الشيخ الفاضل أنّهم بعد وقفوا وقوفًا طيبًا يشكرون عليه. اهـ من تحفة المجيب (ص362).
فأرجو أن تنفعكم هذه النصيحة-ولطالما تذرعتم بمحبتكم للشيخ رحمه الله والاحتجاج بكلامه-.
كتبه
أبو عمرو عبد الكريم بن أحمد الحجوري
بدار الحديث السلفية بدماج حرسها الله ورد كيد الكائدين بها في نحورهم,
بتاريخ 17/12/1434,
والله الهادي إلى سواء السبيل.
على بطلان قول حلف التخذيل
كتبه:أبو عمرو عبد الكريم الحجوري
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
إن الحمد لله نحمده, ونستعينه, ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾[النساء: 1].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾[آل عمران: 102].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾[الأحزاب: 70-71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
فإن الله تعالى ابتلى أنبياءه وأولياءه بأعدائه, قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا ﴾ [الفرقان : 31].
وقال جل في علاه: ﴿ولنبْلُونَّكُمْ بِشيْءٍ مِن الْخوْفِ والْجُوعِ ونقْصٍ مِن الْأمْوالِ والْأنْفُسِ والثّمراتِ وبشِّرِ الصّابِرِين * الّذِين إِذا أصابتْهُمْ مُصِيبةٌ قالُوا إِنّا للهِ وإِنّا إِليْهِ راجِعُون * أُولئِك عليْهِمْ صلواتٌ مِنْ ربِّهِمْ ورحْمةٌ وأُولئِك هُمُ الْمُهْتدُون﴾[البقرة: 155-157].
وقال تعالى: ﴿لتُبْلوُنّ فِي أمْوالِكُمْ وأنْفُسِكُمْ ولتسْمعُنّ مِن الّذِين أُوتُوا الْكِتاب مِنْ قبْلِكُمْ ومِن الّذِين أشْركُوا أذىً كثِيراً وإِنْ تصْبِرُوا وتتّقُوا فإِنّ ذلِك مِنْ عزْمِ الْأُمُورِ﴾[آل عمران:186].
وقال الله تعالى: ﴿ولقدْ صدقكُمُ اللهُ وعْدهُ إِذْ تحُسُّونهُمْ بِإِذْنِهِ حتّى إِذا فشِلْتُمْ وتنازعْتُمْ فِي الْأمْرِ وعصيْتُمْ مِنْ بعْدِ ما أراكُمْ ما تُحِبُّون مِنْكُمْ منْ يُرِيدُ الدُّنْيا ومِنْكُمْ منْ يُرِيدُ الْآخِرة ثُمّ صرفكُمْ عنْهُمْ لِيبْتلِيكُمْ ولقدْ عفا عنْكُمْ واللهُ ذُو فضْلٍ على الْمُؤْمِنِين﴾[آل عمران:152].
وقال الله سبحانه وتعالى: ﴿ثُمّ أنْزل عليْكُمْ مِنْ بعْدِ الْغمِّ أمنةً نُعاساً يغْشى طائِفةً مِنْكُمْ وطائِفةٌ قدْ أهمّتْهُمْ أنْفُسُهُمْ يظُنُّون بِاللهِ غيْر الْحقِّ ظنّ الْجاهِلِيّةِ يقُولُون هلْ لنا مِن الْأمْرِ مِنْ شيْءٍ قُلْ إِنّ الْأمْر كُلّهُ للهِ يُخْفُون فِي أنْفُسِهِمْ ما لا يُبْدُون لك يقُولُون لوْ كان لنا مِن الْأمْرِ شيْءٌ ما قُتِلْنا هاهُنا قُلْ لوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لبرز الّذِين كُتِب عليْهِمُ الْقتْلُ إِلى مضاجِعِهِمْ ولِيبْتلِي اللهُ ما فِي صُدُورِكُمْ ولِيُمحِّص ما فِي قُلُوبِكُمْ واللهُ علِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ﴾[آل عمران:154].
وقال الله جل في علاه: ﴿وهُو الّذِي جعلكُمْ خلائِف الْأرْضِ ورفع بعْضكُمْ فوْق بعْضٍ درجاتٍ لِيبْلُوكُمْ فِي ما آتاكُمْ إِنَّ ربَّك سرِيعُ الْعِقابِ وإِنّهُ لغفُورٌ رحِيمٌ﴾ [الأنعام:165].
وقال الله تعالى: ﴿هلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لمْ يكُنْ شيْئاً مذْكُوراً * إِنّا خلقْنا الْأِنْسان مِنْ نُطْفةٍ أمْشاجٍ نبْتلِيهِ فجعلْناهُ سمِيعاً بصِيراً﴾[الإنسان: 1-2].
وقال جل في علاه: ﴿ولنبْلُونّكُمْ حتّى نَعْلم الْمُجاهِدِين مِنْكُمْ والصّابِرِين ونبْلُو أخْباركُمْ﴾ [محمد:31].
وقال جل وعلا: ﴿وهُو الّذِي خلق السّماواتِ والْأرْض فِي سِتّةِ أيّامٍ وكان عرْشُهُ على الْماءِ لِيبْلُوكُمْ أيُّكُمْ أحْسنُ عملاً ولئِنْ قُلْت إِنّكُمْ مبْعُوثُون مِنْ بعْدِ الْموْتِ ليقُولنّ الّذِين كفرُوا إِنْ هذا إِلّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾[هود:7].
وقال الله جل في علاه: ﴿كُلُّ نفْسٍ ذائِقةُ الْموْتِ ونبْلُوكُمْ بِالشّرِّ والْخيْرِ فِتْنةً وإِليْنا تُرْجعُون﴾[الأنبياء:35]. وقال تعالى: ﴿الم * أحسِب النّاسُ أنْ يُتْركُوا أنْ يقُولُوا آمنّا وهُمْ لا يُفْتنُون * ولقدْ فتنّا الّذِين مِنْ قبْلِهِمْ فليعْلمنّ اللهُ الّذِين صدقُوا وليعْلمنّ الْكاذِبِين﴾ [العنكبوت:1-3].
وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، قال: قلت: يا رسول الله، أي الناس أشد بلاء؟ قال: «الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل من الناس، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه، وإن كان في دينه رقة، خفف عنه، وما يزال البلاء بالعبد حتى يمشي على ظهر الأرض ليس عليه خطيئة».رواه أحمد (1/172)، والترمذي (2398)، وابن ماجه برقم (4023) وهو حسن، وحسنه شيخنا مقبل رحمه الله في الصحيح المسند (1/320).
ورواه ابن ماجه برقم (4024): عنْ أبِي سعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قال: دخلْتُ على النّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ وهُو يُوعكُ، فوضعْتُ يدِي عليْهِ، فوجدْتُ حرّهُ بيْن يديّ، فوْق اللِّحافِ، فقُلْتُ: يا رسُول اللهِ، ما أشدّها عليْك؟ قال: »إِنّا كذلِك يُضعّفُ لنا الْبلاءُ، ويُضعّفُ لنا الْأجْرُ«، قُلْتُ: يا رسُول اللهِ أيُّ النّاسِ أشدُّ بلاءً؟ قال: الْأنْبِياءُ، قُلْتُ: يا رسُول اللهِ ثُمّ منْ؟ قال: »ثُمّ الصّالِحُون إِنْ كان أحدُهُمْ ليُبْتلى بِالْفقْرِ حتّى ما يجِدُ أحدُهُمْ إِلّا الْعباءة يُحوِّيها، وإِنْ كان أحدُهُمْ ليفْرحُ بِالْبلاءِ، كما يفْرحُ أحدُكُمْ بِالرّخاءِ«.هذا حديث حسن، وحسنه شيخنا رحمه الله في الصحيح المسند (1/345-346)، وجاء عن فاطمة عمة أبي عبيد، وأخت حذيفة عند أحمد (6/369).فبالجملة الحديث صحيح.
وفي صحيح البخاري برقم (5644) ومسلم (2809): عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الَلهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ:« مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ الْخَامَةِ مِنَ الزَّرْعِ, مِنْ حَيْثُ أَتَتْهَا الرِّيحُ كَفَأَتْهَا, فَإِذَا اعْتَدَلَتْ تَكَفَّأُ بِالْبَلَاءِ, وَالْفَاجِرُ كَالْأَرْزَةِ صَمَّاءَ مُعْتَدِلَةً حَتَّى يَقْصِمَهَا الَلهُ إِذَا شَاءَ».ورواه البخاري برقم (5643) ومسلم برقم (2810) هن كعب بن مالك.
وفي صحيح البخاري برقم (5647) ومسلم (2571): عنْ عبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ رضِي اللهُ عنْهُ، أتيْتُ النّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ فِي مرضِهِ، وهُو يُوعكُ وعْكًا شدِيدًا، وقُلْتُ: إِنّك لتُوعكُ وعْكًا شدِيدًا، قُلْتُ: إِنّ ذاك بِأنّ لك أجْريْنِ، قال: «أجلْ ما مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أذًى؛ إِلّا حاتَّ اللهُ عنْهُ خطاياهُ كما تحاتُّ ورقُ الشّجرِ».
وفي صحيح مسلم برقم (2999): عنْ صُهيْبٍ رضِي اللهُ عنْهُ ، قال: قال رسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «عجبًا لِأمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنّ أمْرهُ كُلّهُ خيْرٌ، وليْس ذاك لِأحدٍ إِلّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أصابتْهُ سرّاءُ شكر؛ فكان خيْرًا لهُ، وإِنْ أصابتْهُ ضرّاءُ؛ صبر فكان خيْرًا لهُ», وقال الله تعالى: ﴿ما يُقالُ لك إِلّا ما قدْ قِيل لِلرُّسُلِ مِنْ قبْلِك إِنّ ربّك لذُو مغْفِرةٍ وذُو عِقابٍ ألِيمٍ﴾ [فصلت:43].
ولما كان كل أحد معرض للابتلاء, لاسيما أشرف الخلق, وأفضلهم؛ الأنبياء والرسل, وصفوة الخلق بعدهم؛ الدعاة الصادقون إلى الله؛ المخلصون المتبعون, فهم أشد بلاء – كما تقدم دليل ذلك- وقد ابتلى الله أهل السنة بالرافضة قديمًا وحديثًا, وكان بغيهم على أهل السنة ما علمه القاصي والداني في حروب واعتداءات كثيرة , كان أشهرها حصارهم الغاشم الظالم في آخر عام (1432-1433هـ) وقتلهم وبغيهم على طلاب وسكان دماج الذي استمر قرابة سبعين يومًا.وهاهم هذه الأيام يعودون لنفس العمل من فرض الحصار والعدوان ابتداء من (3 ذي الحجة 1434هـ) ولا يزال إلى يومنا هذا مستمرًا!
وقوف المسلمين
وقد وقف كثير من المسلمين ضد هذا العدوان فالمقاتل بنفسه وهذا بماله وحتى مبتدعة المسلمين كان أكثرهم لهم موقف مشرف أقل شيء بالاستنكار (وهو الإنكار بالقلب واللسان), وهذا كثير لست بصدد سرد ذلك.
أهل التخذيل في كل زمان
ولكن ابتلى الله الأمة بصنف من المسلمين, هم وإن كانوا في أنفسهم ليسوا كأولئك-وإن كان يوجد في الزمان من هو شر منهم-, إلا أن من أقصدهم ضررهم على المسلمين أكثر لاغترار من يغتر بهم, قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا الَلهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا * وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا * وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا * وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللهِ مَسْئُولًا * قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا * قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا * قَدْ يَعْلَمُ الَلهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا * أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ الَلهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرًا * يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا﴾ [الأحزاب : 12 - 20].
عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ الَلهُ عَنْهُ، يَقُولُ: لَمَّا خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أُحُدٍ رَجَعَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَتْ فِرْقَةٌ: نَقْتُلُهُمْ، وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: لاَ نَقْتُلُهُمْ، فَنَزَلَتْ ﴿فَمَا لَكُمْ فِي المُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ﴾ [النساء: 88]. رواه البخاري برقم (1884)ومسلم برقم (2776).
وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ الَلهُ عَنْهُ، قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِينَا: ﴿إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلاَ﴾ [آل عمران: 122] بَنِي سَلِمَةَ، وَبَنِي حَارِثَةَ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّهَا لَمْ تَنْزِلْ، وَاللهُ يَقُولُ: ﴿وَاللهُ وَلِيُّهُمَا﴾ [آل عمران: 122]. رواه البخاري برقم (4051)ومسلم برقم (2505).
فنزه الله الصحابة الكرام عن الفشل والتخذيل وأوقع الله فيه المنافقين ومن تشبه بهم!!
ولقد كان نصيب الأسد في التخذيل والتخويف للمسلمين في الحصار والبغي الماضي لمحمد الإمام (ومعه شلة قليلة), وهاهم اليوم يعودون لنفس التخذيل بإخراج فتوى تخدم الحوثي الظالم: هذا نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمد عبده ورسوله . أما بعد:
فإن دعوة أهل السنة والجماعة رحمة للناس ، قال تعالى : ﴿وما أرسلنٰك إلا رحمة للعٰلمين﴾ وأهل السنة تبعاً لنبيّهم صلى الله عليه وآله وصحبه وسلّم ، فأهل السنة يوطّنون أنفسهم في دعوتهم على الرحمة بالناس ، ويوصون جميع المسلمين بذلك ، قال الله تعالى :﴿وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة﴾ ، وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم : «الراحمون يرحمهم الرحمن» .ويحذرون من مخالفة ذلك ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : «من لا يَرحم الناس لا يرحمه الله», فهم دعاة إلى توحيد الله لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، ودعاة إلى وحدة الصف وجمع الكلمة على الكتاب والسنة. ويحذرون من التفرّق والاختلاف والعداوة والشحناء بين المسلمين .
ومما عرفت به دعوة أهل السنة على مرّ العصور تحذيرهم من الفتن وأهلها ، وإراقة الدماء والاعتداء على الأموال والأعراض ، الموجودة عند كثير من طوائف الضلال . ومع هذا السير المبارك الرشيد ، فإنه يحصل لها ما بين الحين والآخر ابتلاء من قبل أهل الأهواء والضلال ، فيواجهون ذلك بالصبر والحكمة ، ويعالجون كل قضيّة بحسبها، بما تقتضيه الأدلة من الكتاب والسنة ، ولا يجيزون الظلم ولو ظُلموا ، ويحذرون المسلمين جميعًا من الظلم لقول الله تعالى : ﴿ولا يجرمنّكم شنآن قوم على ألّا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إنّ الله خبير بما تعملون﴾, وقوله في الحديث القدسي : «يا عبادي إني حرّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرّماً فلا تظالموا», ومع ذلك فمن اعتدى على مسلم في عرضه أو نفسه أو ماله فقد أذن الله له أن يدفع الضرّ عن نفسه بما يستطيع ، قال تعالى: ﴿والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون﴾, وقال تعالى :﴿فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أنّ الله مع المتقين﴾ وغير ذلك من الأدلّة .ألا وإنّ من الاعتداءات المتكررة ، ما هو حاصل من الحوثي وأتباعه على أهل السنة بدمّاج ، ظلماً وبغياً وعدواناً ، فاضطرّ أهل السنة بالدفاع عن أنفسهم وأهليهم وأموالهم ، وهم يعتبرون في ذلك مجاهدين في سبيل الله ، وهذا يسميه أهل العلم بجهاد الدفع المأذون به شرعاً ، ومَن قُتل منهم رجونا له الشهادة ، لقولالنبي صلى الله عليه وسلم : «من قتل دون ماله فهو شهيد ، ومن قتل دون دمه فهو شهيد ، ومن قتل دون عرضه فهو شهيد».
ونحن ندعوا الدولة وفقها الله لكل خير بالقيام بما أوجبه الله عليها بنصرة المظلوم ودفع هذا الظلم والأخذ على يد الظالم ، وأن تحلّ هذه القضية حلاً تعصم به الدماء والأموال والأعراض ، وتؤمن به السبل .
ونهيب بالعلماء ومشايخ القبائل وأعيان الناس الخيّرين الصالحين ، أن يقفوا مع الدولة لتحقيق ذلك .
ونناشد الجميع بالله أن يعجّلوا بذلك ، حيث وإخواننا في دمّاج قد مسّهم الضرّ .
فذلك ندعوا الدولة والعلماء ومشايخ القبائل وأعيان الناس الخيّرين ، إلى أن يتعاونوا في إخماد كل فتنة في جميع المحافظات ، ليعمّ الأمن والاستقرار جميع اليمنيين في ربوع اليمن ، لقول الله تعالى : ﴿وتعاونوا على البرّ والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوٰن واتقوا الله إن الله شديد العقاب﴾ فإنّ الأمن والاستقرار من أعظم مقاصد الشريعة .
وليس من الحلول لهذه الفتنة ما دعى إليه الشيخ يحيى بن علي الحجوري أهل السنة في جميع المدن والقرى اليمنية بقوله : من وجد حوثياً فليقتله أو يأسره أو يأخذه. اهـ، لما في ذلك من المفاسد العامّة والخاصّة ، ولكن من استطاع أن يذهب إلى دمّاج لدفع الظلم عن إخوانه فليفعل .وندعو جميع أهل السنة في المدن والقرى اليمنية من طلاب العلم وغيرهم إلى الاستمرار على طلب العلم والدعوة إلى الله ، والرجوع إلى أهل العلم ، والبعد عن الفتن ، والمحافظة على دعوة أهل السنة والجماعة كلٌ بحسبه، ﴿ولينصرنّ اللهُ من ينصره إنّ الله لقويّ عزيز ﴾, وأن يدعو لإخوانه في دمّاج أن يعجّل الله لهم الفرج ، وأن يكشف ما بهم من ضرّ .
نسأل الله أن يدفع عنّا وعن إخواننا في دمّاج وعن جميع المسلمين في كل مكان ، ظلم الظالمين ، وكيد الكائدين ، وتربّص المتربّصين ، وأن يوحّد صفوف المسلمين ، ويجمع كلمتهم على الكتاب والسنة وسلامٌ على المرسلين ، والحمد لله ربّ العالمين ، ولا حول ولا قوة إلا باللهالعليّ العظيم.,
مكة15/12/1434.
كتبه المشايخ الفضلاء:
محمد بن عبدالوهاب الوصابي,
محمد بن عبدالله الإمام,
محمد بن صالح الصوملي,
عبدالله بن عثمان الذماري,
عبدالعزيز بن يحيى البرعي,
قرأها واطّلع عليها الإمام العلامة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله. اهـ
إلزام يفهمه كل عاقل
ولما حام الحوثي حول مركز محمد الإمام (ولا أقول هجم الحوثي على محمد الإمام) جعل يصيح ويستنفر الناس ويتصل ليافع هلموا ... هلموا, ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [المطففيين:1-6].
وجوب نصرة المظلوم
قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾[الأنفال: 72].
وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ الَلهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا», قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا، فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا؟ قَالَ: «تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ». رواه البخاري برقم (2444), ورواه مسلم برقم (2584) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه.
قال ابن القيم في الفروسية (ص 74) : فجهاد الدّفع يَقْصِدهُ كل أحد وَلَا يرغب عَنهُ إِلَّا الجبان المذموم شرعًا وعقلا, وَجِهَاد الطّلب الْخَالِص لله يَقْصِدهُ سَادَات الْمُؤمنِينَ وَأما الْجِهَاد الَّذِي يكون فِيهِ طَالبا مَطْلُوبا فَهَذَا يَقْصِدهُ خِيَار النَّاس لإعلاء كلمة الله وَدينه ويقصده أوساطهم للدَّفْع ولمحبة الظفر. اهـ
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في مجموع الفتاوى (19/56):وَالصَّائِلُ الْمُعْتَدِي يَسْتَحِقُّ دَفْعُهُ سَوَاءٌ كَانَ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» فَإِذَا كَانَ الْمَظْلُومُ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ عَنْ مَالِ الْمَظْلُومِ وَلَوْ بِقَتْلِ الصَّائِلِ الْعَادِي فَكَيْفَ لَا يَدْفَعُ عَنْ عَقْلِهِ وَبَدَنِهِ وَحُرْمَتِهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يُفْسِدُ عَقْلَهُ وَيُعَاقِبُهُ فِي بَدَنِهِ وَقَدْ يَفْعَلُ مَعَهُ فَاحِشَةَ إنْسِيٍّ بِإِنْسِيِّ وَإِنْ لَمْ يَنْدَفِعْ إلَّا بِالْقَتْلِ جَازَ قَتْلُهُ.
وَأَمَّا إسْلَامُ صَاحِبِهِ وَالتَّخَلِّي عَنْهُ فَهُوَ مِثْلُ إسْلَامِ أَمْثَالِهِ مِنْ الْمَظْلُومِينَ وَهَذَا فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يُسْلِمُهُ وَلَا يَظْلِمُهُ» فَإِنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ ذَلِكَ أَوْ هُوَ مَشْغُولٌ بِمَا هُوَ أَوْجَبُ مِنْهُ أَوْ قَامَ بِهِ غَيْرُهُ لَمْ يَجِبْ وَإِنْ كَانَ قَادِرًا وَقَدْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ وَلَا يَشْغَلُهُ عَمَّا هُوَ أَوْجَبُ مِنْهُ وَجَبَ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا قَوْلُ السَّائِلِ: هَلْ هَذَا مَشْرُوعٌ؟ فَهَذَا مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ وَهُوَ مِنْ أَعْمَالِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ؛ فَإِنَّهُ مَا زَالَ الْأَنْبِيَاءُ وَالصَّالِحُونَ يَدْفَعُونَ الشَّيَاطِينَ عَنْ بَنِي آدَمَ بِمَا أَمَرَ اللهُ بِهِ وَرَسُولُهُ كَمَا كَانَ الْمَسِيحُ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَكَمَا كَانَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ ذَلِك... إلى أن قال: وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْ ذَلِكَ لِكَوْنِ مِثْلِهِ لَمْ يَقَعْ عِنْدَ الْأَنْبِيَاءِ؛ لِكَوْنِ الشَّيَاطِينِ لَمْ تَكُنْ تَقْدِرُ أَنْ تَفْعَلَ ذَلِكَ عِنْدَ الْأَنْبِيَاءِ وَفَعَلَتْ ذَلِكَ عِنْدَنَا فَقَدْ أَمَرَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ نَصْرِ الْمَظْلُومِ وَالتَّنْفِيسِ عَنْ الْمَكْرُوبِ وَنَفْعِ الْمُسْلِمِ بِمَا يَتَنَاوَلُ ذَلِكَ.
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ حَدِيثُ الَّذِينَ رَقُوا بِالْفَاتِحَةِ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَا أَدْرَاك أَنَّهَا رُقْيَةٌ؟» وَأَذِنَ لَهُمْ فِي أَخْذِ الْجُعْلِ عَلَى شِفَاءِ اللَّدِيغِ بِالرُّقْيَةِ, وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلشَّيْطَانِ الَّذِي أَرَادَ قَطْعَ صَلَاتِهِ: «أَعُوذُ بِاَللهِ مِنْك أَلْعَنُك بِلَعْنَةِ اللهِ التَّامَّةِ» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ, وَهَذَا كَدَفْعِ ظَالِمِي الْإِنْسِ مِنَ الْكُفَّارِ وَالْفُجَّارِ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ وَإِنْ كَانُوا لَمْ يَرَوْا التَّرْكَ وَلَمْ يَكُونُوا يَرْمُونَ بِالْقِسِيِّ الْفَارِسِيَّةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي قِتَالٍ. اهـ
ما عند الرافضة الحوثيين من الكفريات
الأولى: عقيدتهم في رب العالمين شركية:
يجيزون لأوليائهم أمورًا من خصائص الربوبية؛ فيعتقدون فيهم جلب النفع ودفع الضر؛ فإذا مرض المريض قالوا: اذهب للسيد أو للشريف, وربنا سبحانه يقول: ﴿وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ﴾[الشعراء:80].ويطوفون بالقبور ويتوسلون بأتربة الموتى, وحالهم كما وصفهم الإمام محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني رحمه الله:
أعادوا بها معنى سواع ومثله ... يغوثٌ وودٌ ليس ذلك من ودي
وقد هتفوا عند الشدائد باسمها ... كما يهتف المضطر بالصمد الفرد
وكم نحروا في سوحها من نحيرة ... أهلت لغير الله جهلًا على عمد
وكم طائف حول القبور مقبِّلًا .... وملتمس الأركان منهن بالأيدي!!
وينذِرون لـ:﴿أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ﴾[النحل:21]
الثانية: تجويزهم واستعماله للسحر:
قال الله تعالى: ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾[البقرة:102].
وقد وجدوا أناسًا كثيرين منهم معهم طلاسم وأسحار في سائر حروب الحوثي, وقد نشرت الدولة في حروبها معهم ذلك ووجد في مقاتليهم, وهو شيء لا يُنكر.
ورسول الله - يقول: «من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم». رواه البزار كما في كشف الأستار برقم(3045) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما وهو حسن, وله طرق يصح بها.
الثالثة: عقيدتهم في صفات رب العالمين جهيمة:
فلا يسلكون فيها مسلك الأنبياء والرسل والصحابة وأئمة الهدى, فلا يعتقون في الله تبارك وتعالى ما وصف به نفسه, أو وصفه به أعلم الخلق به (وهو رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-) بل يعتقون في الله عز وجل ما يعتقده أهل التحريف الذين نزه الله نفسه عن فعلهم, قال الله جل في علاه: ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون َ * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾[الصافات:180-182], فلا يثبتون لله ما أثبته لنفسه, أو أثبته له رسوله-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كما يليق به سبحانه وتعالى من غير تمثيل, ولا تجسيم ولا تعطيل؛ بل يحرفونه بأذواق أهل الاعتزال.
وأضرب لك مثالًا واحدًا في علو الله تبارك وتعالى؛ فيعتقدون في الله أنه في كل مكان, وهي نفس عقيدة ملاحدة الجهمية والمعتزلة.وتفاصيل ذلك مبسوط في كتب العقيدة.
الرابعة: عقيدتهم في أشرف الخلق النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:
هي عقيدة مؤسسهم عبدالله بن سبأ اليهودي, فلا يذكرون رسول الله عُشْرَ ما يذكرون علي بن أبي طالب رضي الله عنه, فأكثر حديثهم عن الإمام علي رضي الله عنه, يقولون: قال الإمام علي عليه السلام, قال الإمام علي عليه السلام, ولا يذكرون خيرة الأنام محمد عليه أزكى الصلاة وأتم والسلام, إلا قليلًا وأغلبه بغير سند صحيح ولا روَاية قوية, وما ثبت عنه فبفهم سقيم وذوق عقيم.
قال شاعرهم الهبل في ديوانه (ص131)طبعة الدار اليمنية:
أنا ناصح لك إن قبلت نصيحتي ... خلِ الضلال وخذ بحجزة حيدرا
من لم يكن يأتي الصراط لدى القضاء ... بجوازه من حيدر لن يعبرا
وانظر كتاب الإمام علي عليه السلام منتهى الكمال البشري عقد فيه فصلًا بعنوان: «علي وعلم الغيب»(ص134) طبعة مؤسسة الأعلمي للمطبوعات, لـ«عباس بن علي الموسوي» , ادعى فيه أن عليًا رضي الله عنه يعلم الغيب!!قال الله تعالى: ﴿فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ﴾[يونس:20].
وقال الله تبارك وتعالى: ﴿قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ﴾[النمل:65]. وقال الله سبحانه وتعالى: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً﴾[الجـن:26].
وقال الله جل في علاه مخاطبًا نبيه وأشرف خلقه : ﴿قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾[الأعراف:188]. قال شيخ الإسلام في منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية(7/314):ولكن الرافضة من أجهل الناس بالمعقول والمنقول.
الخامسة: عقيدتهم في ملائكة الرحمن الكرام:
يقولون: جبريل خان الرسالة!! كما قالت اليهود في جبريل ذلك عدونا من الملائكة,
ففي صحيح البخاري برقم (3329) عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ, قَالَ: بَلَغَ عَبْدَ اللهِ بْنَ سَلَامٍ مَقْدَمُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ؛ فَأَتَاهُ, فَقَالَ: إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ ثَلَاثٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا نَبِيٌّ, قَالَ: مَا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ, وَمَا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ؟ وَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ يَنْزِعُ الْوَلَدُ إِلَى أَبِيهِ؟ وَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ يَنْزِعُ إِلَى أَخْوَالِهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «خَبَّرَنِي بِهِنَّ آنِفًا جِبْرِيلُ». قَالَ: فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: ذَاكَ عَدُوُّ الْيَهُودِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ فَنَارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ, وَأَمَّا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَزِيَادَةُ كَبِدِ حُوتٍ, وَأَمَّا الشَّبَهُ فِي الْوَلَدِ فَإِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَشِيَ الْمَرْأَةَ فَسَبَقَهَا مَاؤُهُ كَانَ الشَّبَهُ لَهُ, وَإِذَا سَبَقَ مَاؤُهَا كَانَ الشَّبَهُ لَهَا». قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ الْيَهُودَ قَوْمٌ بُهُتٌ؛ إِنْ عَلِمُوا بِإِسْلَامِي قَبْلَ أَنْ تَسْأَلَهُمْ بَهَتُونِي عِنْدَكَ, فَجَاءَتِ الْيَهُودُ, وَدَخَلَ عَبْدُ اللهِ الْبَيْتَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّ رَجُلٍ فِيكُمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ؟» قَالُوا: أَعْلَمُنَا, وَابْنُ أَعْلَمِنَا, وَأَخْيَرُنَا, وَابْنُ أَخْيَرِنَا, فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ عَبْدُ اللهِ؟» قَالُوا: أَعَاذَهُ اللهُ مِنْ ذَلِكَ, فَخَرَجَ عَبْدُ اللهِ إِلَيْهِمْ, فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ, فَقَالُوا شَرُّنَا, وَابْنُ شَرِّنَا, وَوَقَعُوا فِيهِ.هذا, والملائكة طائعون لله عز وجل؛ لا يعصونه طرفة عين, قال الله تعالى: ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ﴾[الأنبياء:26-27], ويقول الله تعالى: ﴿لا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾[التحريم:6].
السادسة: عقيدتهم في القرآن أنه محرف وداسوه الحوثيون بأقدامهم:
عقيدة الشيعة الاثنى عشرية في القرآن هي عقيدة الزنادقة الملحدين،, فهم يقولون: إن هذا القرآن محرف, وفيه كلام محذوف, وآية في سورة ألم نشرح وهي (وجعلنا عليًا صهرك) حذفت من المصحف.
ومما يدل على سخافة عقولهم أن سورة الانشراح مكية, وتزويج علي بفاطمة رضي الله عنهما كان في المدينة, وسأرفق (صورة سورة الولاية) التي تدعيها الشيعة إن شاء الله في آخر الرسالة.ويدل لذلك مصحف فاطمة المكذوب, وقد صرح أئمتهم بذلك: كالقمي, والكاشاني, ومحمد باقر المجلسي, والفيد, والعاملي, والخرساني, والبحراني, والطبرسي, والخوئي, والكليني, والعياشي, والصفار, وغيرهم. راجع كتاب «الشيعة الاثنا عشرية وتحريف القرآن» و«من عقائد الشيعة».بل داسوه بأقدامه في صعدة وفي حجور ونفى عنهم الإمام ذلك بما لم ينفوه عن أنفسهم علمناه.
السابعة: طعنهم في الصحابة الكرام:
تتهم الرافضة الصحابة بأنهم غاصبون لحق علي رضي الله عنه وهي الخلافة،, فيكفرون جميع الصحابة إلا عليًا, وعمارًا, والمقداد بن الأسود وأبا ذر الغفاري وسلمان الفارسي.
انظر رجال الكشي (ص6).وهذا مؤاده الطعن في رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ لأن هؤلاء هم أصحابه, وجلساؤه, ومات رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وهو عنهم راضٍ,.
وقد روى الترمذي برقم (2378) عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ, أن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قال: «الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ». حديث حسن.وَعَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالسَّوْءِ، كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً. وَنَافِخُ الْكِيرِ، إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً».رواه البخاري برقم (5534) ومسلم (2628).
بل مؤداه ولازمه الطعن في علي رضي الله عنه-نفسه- واتهامه بالجبن؛ فإنه لو كان الحق في الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعلي وهو يسكت, ولا يتكلم حتى كلمة واحدة, ولا يطالب بحقه فهو جبان على حد زعمهم, وهيهات!! ياجهلة الروافض! علي رضي الله عنه كان شجاعًا, مقدامًا, بطلًا, ليثًا, ولقد صدق الإمام الشعبي رحمه الله إذ يقول: لو كانت الشيعة من الطير لكانت رخماً, ولو كانت من البهائم لكانت حمرًا.
رواه عبد الله بن أحمد في السنة(2/549برقم 1276) بسند حسن.
الثامنة: طعنهم في عِرْضِ رسولنا المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم:
فهم يطعنون في عرض رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ في أم المؤمنين, فيبهتون أم المؤمنين عائشة بالزنا بعد أن برأها الله في ثلاثة عشر آية في القرآن الكريم – والعجيب أنهم يقرأونها-, قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ الآيات [النور:11-26].
وقال الله تعالى:﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفاً كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً﴾[الأحزاب: 6].وأحدهم يقول: عائشة ليست بأمي. نعم ليست أمك؛ لأنك لست مؤمنًا, ورسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليس هو أبوك على هذا, أما نحن فنقول لعائشة فديناك يا أماه بأعراضنا وآبائنا. وقد أجمع العلماء على تكفير من اتهم أم المؤمنين الطاهرة العفيفة عائشة بنت أبي بكر الصديق بالزنا بعدما برأها الله تعالى منه في كتابه الكريم.
التاسعة: استحلالهم الدماء المحرمة:
وذلك أن من عقيدة الرافضة استباحة دماء غير الرافضة بل ير ونه قربة-زعموا- ولذلك فسر كثير من أهل العلم قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ الَلهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾[النساء : 93], بأن المراد المستحل يكفر فلذا هو مخلد في النار.
قتال المحاربين أينما وُجدوا عند اشتداد أذاهم
قال الله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ *وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ * فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ للهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ [البقرة : 190-193].
وقال الله جل في علاه: ﴿وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا * إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ الَلهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ الَلهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا﴾[النساء : 89 - 91].
وقال الله تعالى: ﴿سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا﴾[النساء : 91].
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ الَلهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ، فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللهَ وَرَسُولَهُ» ، فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» ، قَالَ: فَأْذَنْ لِي أَنْ أَقُولَ شَيْئًا، قَالَ: «قُلْ» ، فَأَتَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ سَأَلَنَا صَدَقَةً، وَإِنَّهُ قَدْ عَنَّانَا وَإِنِّي قَدْ أَتَيْتُكَ أَسْتَسْلِفُكَ، قَالَ: وَأَيْضًا وَاللهِ لَتَمَلُّنَّهُ، قَالَ: إِنَّا قَدِ اتَّبَعْنَاهُ، فَلاَ نُحِبُّ أَنْ نَدَعَهُ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى أَيِّ شَيْءٍ يَصِيرُ شَأْنُهُ، وَقَدْ أَرَدْنَا أَنْ تُسْلِفَنَا وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ - وحَدَّثَنَا عَمْرٌو غَيْرَ مَرَّةٍ فَلَمْ يَذْكُرْ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ أَوْ: فَقُلْتُ لَهُ: فِيهِ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ؟ فَقَالَ: أُرَى فِيهِ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ - فَقَالَ: نَعَمِ، ارْهَنُونِي، قَالُوا: أَيَّ شَيْءٍ تُرِيدُ؟ قَالَ: ارْهَنُونِي نِسَاءَكُمْ، قَالُوا: كَيْفَ نَرْهَنُكَ نِسَاءَنَا وَأَنْتَ أَجْمَلُ العَرَبِ، قَالَ: فَارْهَنُونِي أَبْنَاءَكُمْ، قَالُوا: كَيْفَ نَرْهَنُكَ أَبْنَاءَنَا، فَيُسَبُّ أَحَدُهُمْ، فَيُقَالُ: رُهِنَ بِوَسْقٍ أَوْ وَسْقَيْنِ، هَذَا عَارٌ عَلَيْنَا، وَلَكِنَّا نَرْهَنُكَ اللَّأْمَةَ - قَالَ سُفْيَانُ: يَعْنِي السِّلاَحَ - فَوَاعَدَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ، فَجَاءَهُ لَيْلًا وَمَعَهُ أَبُو نَائِلَةَ، وَهُوَ أَخُو كَعْبٍ مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الحِصْنِ، فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: أَيْنَ تَخْرُجُ هَذِهِ السَّاعَةَ؟ فَقَالَ إِنَّمَا هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، وَأَخِي أَبُو نَائِلَةَ، وَقَالَ غَيْرُ عَمْرٍو، قَالَتْ: أَسْمَعُ صَوْتًا كَأَنَّهُ يَقْطُرُ مِنْهُ الدَّمُ، قَالَ: إِنَّمَا هُوَ أَخِي مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَرَضِيعِي أَبُو نَائِلَةَ إِنَّ الكَرِيمَ لَوْ دُعِيَ إِلَى طَعْنَةٍ بِلَيْلٍ لَأَجَابَ، قَالَ: وَيُدْخِلُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ مَعَهُ رَجُلَيْنِ - قِيلَ لِسُفْيَانَ: سَمَّاهُمْ عَمْرٌو؟ قَالَ: سَمَّى بَعْضَهُمْ - قَالَ عَمْرٌو: جَاءَ مَعَهُ بِرَجُلَيْنِ، وَقَالَ: غَيْرُ عَمْرٍو: أَبُو عَبْسِ بْنُ جَبْرٍ، وَالحَارِثُ بْنُ أَوْسٍ، وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ، قَالَ عَمْرٌو: جَاءَ مَعَهُ بِرَجُلَيْنِ، فَقَالَ: إِذَا مَا جَاءَ فَإِنِّي قَائِلٌ بِشَعَرِهِ فَأَشَمُّهُ، فَإِذَا رَأَيْتُمُونِي اسْتَمْكَنْتُ مِنْ رَأْسِهِ، فَدُونَكُمْ فَاضْرِبُوهُ، وَقَالَ مَرَّةً: ثُمَّ أُشِمُّكُمْ، فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ مُتَوَشِّحًا وَهُوَ يَنْفَحُ مِنْهُ رِيحُ الطِّيبِ، فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ كَاليَوْمِ رِيحًا، أَيْ أَطْيَبَ، وَقَالَ غَيْرُ عَمْرٍو: قَالَ: عِنْدِي أَعْطَرُ نِسَاءِ العَرَبِ وَأَكْمَلُ العَرَبِ، قَالَ عَمْرٌو: فَقَالَ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَشُمَّ رَأْسَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَشَمَّهُ ثُمَّ أَشَمَّ أَصْحَابَهُ، ثُمَّ قَالَ: أَتَأْذَنُ لِي؟ قَالَ: نعَمْ، فَلَمَّا اسْتَمْكَنَ مِنْهُ، قَالَ: دُونَكُمْ، فَقَتَلُوهُ، ثُمَّ أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرُوهُ. رواه البخاري برقم (4037)ومسلم برقم (1801).
وبوب عليه البخاري في صحيحه: باب الفتك بأهل الحرب, قال الحافظ في الفتح (6/160) أي جواز قتل الحربي سرًا. اهـ
وَعَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ الَلهُ عَنْهُمَا، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَبِي رَافِعٍ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَتِيكٍ، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ عُتْبَةَ، فِي نَاسٍ مَعَهُمْ، فَانْطَلَقُوا حَتَّى دَنَوْا مِنَ الحِصْنِ, فَقَالَ لَهُمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَتِيكٍ: امْكُثُوا أَنْتُمْ حَتَّى أَنْطَلِقَ أَنَا فَأَنْظُرَ، قَالَ: فَتَلَطَّفْتُ أَنْ أَدْخُلَ الحِصْنَ، فَفَقَدُوا حِمَارًا لَهُمْ، قَالَ: فَخَرَجُوا بِقَبَسٍ يَطْلُبُونَهُ، قَالَ: فَخَشِيتُ أَنْ أُعْرَفَ، قَالَ: فَغَطَّيْتُ رَأْسِي وَجَلَسْتُ كَأَنِّي أَقْضِي حَاجَةً، ثُمَّ نَادَى صَاحِبُ البَابِ، مَنْ أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ فَلْيَدْخُلْ قَبْلَ أَنْ أُغْلِقَهُ، فَدَخَلْتُ ثُمَّ اخْتَبَأْتُ فِي مَرْبِطِ حِمَارٍ عِنْدَ بَابِ الحِصْنِ، فَتَعَشَّوْا عِنْدَ أَبِي رَافِعٍ، وَتَحَدَّثُوا حَتَّى ذَهَبَتْ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى بُيُوتِهِمْ، فَلَمَّا هَدَأَتِ الأَصْوَاتُ، وَلاَ أَسْمَعُ حَرَكَةً خَرَجْتُ، قَالَ: وَرَأَيْتُ صَاحِبَ البَابِ، حَيْثُ وَضَعَ مِفْتَاحَ الحِصْنِ فِي كَوَّةٍ، فَأَخَذْتُهُ فَفَتَحْتُ بِهِ بَابَ الحِصْنِ، قَالَ: قُلْتُ: إِنْ نَذِرَ بِي القَوْمُ انْطَلَقْتُ عَلَى مَهَلٍ، ثُمَّ عَمَدْتُ إِلَى أَبْوَابِ بُيُوتِهِمْ، فَغَلَّقْتُهَا عَلَيْهِمْ مِنْ ظَاهِرٍ، ثُمَّ صَعِدْتُ إِلَى أَبِي رَافِعٍ فِي سُلَّمٍ، فَإِذَا البَيْتُ مُظْلِمٌ، قَدْ طَفِئَ سِرَاجُهُ، فَلَمْ أَدْرِ أَيْنَ الرَّجُلُ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا رَافِعٍ قَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: فَعَمَدْتُ نَحْوَ الصَّوْتِ فَأَضْرِبُهُ وَصَاحَ، فَلَمْ تُغْنِ شَيْئًا، قَالَ: ثُمَّ جِئْتُ كَأَنِّي أُغِيثُهُ، فَقُلْتُ: مَا لَكَ يَا أَبَا رَافِعٍ؟ وَغَيَّرْتُ صَوْتِي، فَقَالَ: أَلاَ أُعْجِبُكَ لِأُمِّكَ الوَيْلُ، دَخَلَ عَلَيَّ رَجُلٌ فَضَرَبَنِي بِالسَّيْفِ، قَالَ: فَعَمَدْتُ لَهُ أَيْضًا فَأَضْرِبُهُ أُخْرَى، فَلَمْ تُغْنِ شَيْئًا، فَصَاحَ وَقَامَ أَهْلُهُ، قَالَ: ثُمَّ جِئْتُ وَغَيَّرْتُ صَوْتِي كَهَيْئَةِ المُغِيثِ فَإِذَا هُوَ مُسْتَلْقٍ عَلَى ظَهْرِهِ، فَأَضَعُ السَّيْفَ فِي بَطْنِهِ ثُمَّ أَنْكَفِئُ عَلَيْهِ حَتَّى سَمِعْتُ صَوْتَ العَظْمِ ثُمَّ خَرَجْتُ دَهِشًا حَتَّى أَتَيْتُ السُّلَّمَ، أُرِيدُ أَنْ أَنْزِلَ فَأَسْقُطُ مِنْهُ، فَانْخَلَعَتْ رِجْلِي فَعَصَبْتُهَا، ثُمَّ أَتَيْتُ أَصْحَابِي أَحْجُلُ، فَقُلْتُ: انْطَلِقُوا فَبَشِّرُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنِّي لاَ أَبْرَحُ حَتَّى أَسْمَعَ النَّاعِيَةَ، فَلَمَّا كَانَ فِي وَجْهِ الصُّبْحِ صَعِدَ النَّاعِيَةُ، فَقَالَ: أَنْعَى أَبَا رَافِعٍ، قَالَ: فَقُمْتُ أَمْشِي مَا بِي قَلَبَةٌ، فَأَدْرَكْتُ أَصْحَابِي قَبْلَ أَنْ يَأْتُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَشَّرْتُهُ. رواه البخاري برقم (4040).قال القسطلاني في إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (10/ 68)
وقد اتفق على جواز دفع الصائل ولو أتى على نفس المدفوع وهو بغير السبب المذكور معصية فهذا يلتحق به مع ثبوت النص فيه وأجابوا عن الحديث بأنه ورد على سبيل التغليظ والإرهاق وهل يشترط الإنذار قبل الرمي؟ الأصح عند الشافعية لا.
وفي حكم التطلع من خلل الباب النظر من كوة من الدار، وكذا من وقف في الشارع فنظر إلى حريم غيره ولو رماه بحجر ثقيل أو سهم مثلاً تعلق به القصاص، وفي وجه لا ضمان مطلقًا ولو لم يندفع إلا بذلك جاز. اهـ
قال شيخ الإسلام كما في المستدرك على مجموع فتاوى ابن تيمية (3/ 167): وأما قتال الدفع فهو أشد أنواع دفع الصائل عن الحرمة والدين فواجب إجماعًا.
فالعدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا لا شيء أوجب بعد الإيمان من دفعه، فلا يشترط له شرط، بل يدفع بحسب الإمكان، وقد نص على ذلك العلماء أصحابنا وغيرهم، فيجب التفريق بين دفع الصائل الظالم الكافر وبين طلبه في بلاده.
والجهاد منه ما هو باليد، ومنه ما هو بالقلب، والدعوة والحجة، واللسان، والرأي، والتدبير، والصناعة، فيجب بغاية ما يمكنه.ويجب على القعدة لعذر أن يخلفوا الغزاة في أهليهم وأموالهم، قال المروذي: سئل أبو عبد الله عن الغزو في شدة البرد في مثل الكانونين فيتخوف الرجل إن خرج في ذلك الوقت أن يفرط في الصلاة فيرى له أن يغزو أو يقعد، قال: لا يقعد، الغزو خير له وأفضل، فقد قال الإمام أحمد بالخروج مع خشيته تضييع الفرض، لأن هذا مشكوك فيه، أو لأنه إذا أخر الصلاة بعض الأوقات عن وقتها كان ما يحصل له من فضل الغزو مربيا على ما فاته.وكثيرا ما يكون ثواب بعض المستحبات أو واجبات الكفاية أعظم من ثواب واجب، كما لو تصدق بألف درهم وزكى بدرهم.اهـ
ليس قتل هؤلاء مخصوصًا بولي الأمر عند تركه ما أوجبه الله عليه
وهذا عند عدم قيام ولي الأمر بما أوجب الله عليه, وأدلة ذلك كثيرة, عَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَمَرْوَانَ، يُصَدِّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدِيثَ صَاحِبِهِ، قَالاَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ الحُدَيْبِيَةِ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ خَالِدَ بْنَ الوَلِيدِ بِالْغَمِيمِ فِي خَيْلٍ لِقُرَيْشٍ طَلِيعَةٌ، فَخُذُوا ذَاتَ اليَمِينِ» ...الحَدِيثَ بِطُولِهِ وَفِيهِ: فَجَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ: هَاتِ اكْتُبْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابًا فَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الكَاتِبَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» ، قَالَ سُهَيْلٌ: أَمَّا الرَّحْمَنُ، فَوَاللهِ مَا أَدْرِي مَا هُوَ وَلَكِنِ اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ كَمَا كُنْتَ تَكْتُبُ، فَقَالَ المُسْلِمُونَ: وَاللهِ لاَ نَكْتُبُهَا إِلَّا بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ» ثُمَّ قَالَ: «هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ» ، فَقَالَ سُهَيْلٌ: وَاللهِ لَوْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ مَا صَدَدْنَاكَ عَنِ البَيْتِ، وَلاَ قَاتَلْنَاكَ، وَلَكِنِ اكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَاللهِ إِنِّي لَرَسُولُ اللهِ، وَإِنْ كَذَّبْتُمُونِي، اكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ» - قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ: «لاَ يَسْأَلُونِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللهِ إِلَّا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا» - فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَى أَنْ تُخَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ البَيْتِ، فَنَطُوفَ بِهِ» ، فَقَالَ سُهَيْلٌ [ص:196]: وَاللهِ لاَ تَتَحَدَّثُ العَرَبُ أَنَّا أُخِذْنَا ضُغْطَةً، وَلَكِنْ ذَلِكَ مِنَ العَامِ المُقْبِلِ، فَكَتَبَ، فَقَالَ سُهَيْلٌ: وَعَلَى أَنَّهُ لاَ يَأْتِيكَ مِنَّا رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ إِلَّا رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا، قَالَ المُسْلِمُونَ: سُبْحَانَ اللهِ، كَيْفَ يُرَدُّ إِلَى المُشْرِكِينَ وَقَدْ جَاءَ مُسْلِمًا؟ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ دَخَلَ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو يَرْسُفُ فِي قُيُودِهِ، وَقَدْ خَرَجَ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ حَتَّى رَمَى بِنَفْسِهِ بَيْنَ أَظْهُرِ المُسْلِمِينَ، فَقَالَ سُهَيْلٌ: هَذَا يَا مُحَمَّدُ أَوَّلُ مَا أُقَاضِيكَ عَلَيْهِ أَنْ تَرُدَّهُ إِلَيَّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّا لَمْ نَقْضِ الكِتَابَ بَعْدُ» ، قَالَ: فَوَاللهِ إِذًا لَمْ أُصَالِحْكَ عَلَى شَيْءٍ أَبَدًا، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَأَجِزْهُ لِي» ، قَالَ: مَا أَنَا بِمُجِيزِهِ لَكَ، قَالَ: «بَلَى فَافْعَلْ» ، قَالَ: مَا أَنَا بِفَاعِلٍ، قَالَ مِكْرَزٌ: بَلْ قَدْ أَجَزْنَاهُ لَكَ، قَالَ أَبُو جَنْدَلٍ: أَيْ مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ، أُرَدُّ إِلَى المُشْرِكِينَ وَقَدْ جِئْتُ مُسْلِمًا، أَلاَ تَرَوْنَ مَا قَدْ لَقِيتُ؟ وَكَانَ قَدْ عُذِّبَ عَذَابًا شَدِيدًا فِي اللهِ، قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ: فَأَتَيْتُ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: أَلَسْتَ نَبِيَّ اللهِ حَقًّا، قَالَ: «بَلَى» ، قُلْتُ: أَلَسْنَا عَلَى الحَقِّ، وَعَدُوُّنَا عَلَى البَاطِلِ، قَالَ: «بَلَى» ، قُلْتُ: فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذًا؟ قَالَ: «إِنِّي رَسُولُ اللهِ، وَلَسْتُ أَعْصِيهِ، وَهُوَ نَاصِرِي» ، قُلْتُ: أَوَلَيْسَ كُنْتَ تُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي البَيْتَ فَنَطُوفُ بِهِ؟ قَالَ: «بَلَى، فَأَخْبَرْتُكَ أَنَّا نَأْتِيهِ العَامَ» ، قَالَ: قُلْتُ: لاَ، قَالَ: «فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَّوِّفٌ بِهِ» ، قَالَ: فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ: يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَيْسَ هَذَا نَبِيَّ اللهِ حَقًّا؟ قَالَ: بَلَى، قُلْتُ: أَلَسْنَا عَلَى الحَقِّ وَعَدُوُّنَا عَلَى البَاطِلِ؟ قَالَ: بَلَى، قُلْتُ: فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذًا؟ قَالَ: أَيُّهَا الرَّجُلُ إِنَّهُ لَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَيْسَ يَعْصِي رَبَّهُ، وَهُوَ نَاصِرُهُ، فَاسْتَمْسِكْ بِغَرْزِهِ، فَوَاللهِ إِنَّهُ عَلَى الحَقِّ، قُلْتُ: أَلَيْسَ كَانَ يُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي البَيْتَ وَنَطُوفُ بِهِ؟ قَالَ: بَلَى، أَفَأَخْبَرَكَ أَنَّكَ تَأْتِيهِ العَامَ؟ قُلْتُ: لاَ، قَالَ: فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَّوِّفٌ بِهِ، - قَالَ الزُّهْرِيُّ: قَالَ عُمَرُ -: فَعَمِلْتُ لِذَلِكَ أَعْمَالًا، قَالَ: فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قَضِيَّةِ الكِتَابِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: «قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا» ، قَالَ: فَوَاللهِ مَا قَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ حَتَّى قَالَ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِيَ مِنَ النَّاسِ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، أَتُحِبُّ ذَلِكَ، اخْرُجْ ثُمَّ لاَ تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ كَلِمَةً، حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ، وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ، فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ نَحَرَ بُدْنَهُ، وَدَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَامُوا، فَنَحَرُوا وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا، ثُمَّ جَاءَهُ نِسْوَةٌ مُؤْمِنَاتٌ فَأَنْزَلَ الَلهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ المُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ﴾ [الممتحنة: 10] حَتَّى بَلَغَ بِعِصَمِ الكَوَافِرِ فَطَلَّقَ عُمَرُ يَوْمَئِذٍ امْرَأَتَيْنِ، كَانَتَا لَهُ فِي الشِّرْكِ فَتَزَوَّجَ إِحْدَاهُمَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَالأُخْرَى صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ، ثُمَّ رَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى المَدِينَةِ، فَجَاءَهُ أَبُو بَصِيرٍ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَهُوَ مُسْلِمٌ، فَأَرْسَلُوا فِي طَلَبِهِ رَجُلَيْنِ، فَقَالُوا: العَهْدَ الَّذِي جَعَلْتَ لَنَا، فَدَفَعَهُ إِلَى الرَّجُلَيْنِ، فَخَرَجَا بِهِ حَتَّى بَلَغَا ذَا الحُلَيْفَةِ، فَنَزَلُوا يَأْكُلُونَ مِنْ تَمْرٍ لَهُمْ، فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ: وَاللهِ إِنِّي لَأَرَى سَيْفَكَ هَذَا يَا فُلاَنُ جَيِّدًا، فَاسْتَلَّهُ الآخَرُ، فَقَالَ: أَجَلْ، وَاللهِ إِنَّهُ لَجَيِّدٌ، لَقَدْ جَرَّبْتُ بِهِ، ثُمَّ جَرَّبْتُ، فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ: أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْهِ، فَأَمْكَنَهُ مِنْهُ، فَضَرَبَهُ حَتَّى بَرَدَ، وَفَرَّ الآخَرُ حَتَّى أَتَى المَدِينَةَ، فَدَخَلَ المَسْجِدَ يَعْدُو، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَآهُ: «لَقَدْ رَأَى هَذَا ذُعْرًا» فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قُتِلَ وَاللهِ صَاحِبِي وَإِنِّي لَمَقْتُولٌ، فَجَاءَ أَبُو بَصِيرٍ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، قَدْ وَاللهِ أَوْفَى الَلهُ ذِمَّتَكَ، قَدْ رَدَدْتَنِي إِلَيْهِمْ، ثُمَّ أَنْجَانِي الَلهُ مِنْهُمْ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَيْلُ أُمِّهِ مِسْعَرَ حَرْبٍ، لَوْ كَانَ لَهُ أَحَدٌ» فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ عَرَفَ أَنَّهُ سَيَرُدُّهُ إِلَيْهِمْ، فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى سِيفَ البَحْرِ قَالَ: وَيَنْفَلِتُ مِنْهُمْ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلٍ، فَلَحِقَ بِأَبِي بَصِيرٍ، فَجَعَلَ لاَ يَخْرُجُ مِنْ قُرَيْشٍ رَجُلٌ قَدْ أَسْلَمَ إِلَّا لَحِقَ بِأَبِي بَصِيرٍ، حَتَّى اجْتَمَعَتْ مِنْهُمْ عِصَابَةٌ، فَوَاللهِ مَا يَسْمَعُونَ بِعِيرٍ خَرَجَتْ لِقُرَيْشٍ إِلَى الشَّأْمِ إِلَّا اعْتَرَضُوا لَهَا، فَقَتَلُوهُمْ وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ، فَأَرْسَلَتْ قُرَيْشٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُنَاشِدُهُ بِاللهِ وَالرَّحِمِ، لَمَّا أَرْسَلَ، فَمَنْ أَتَاهُ فَهُوَ آمِنٌ، فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ، فَأَنْزَلَ الَلهُ تَعَالَى: ﴿وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ﴾ حَتَّى بَلَغَ ﴿الحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الجَاهِلِيَّةِ﴾ [الفتح:24- 26]
وَكَانَتْ حَمِيَّتُهُمْ أَنَّهُمْ لَمْ يُقِرُّوا أَنَّهُ نَبِيُّ اللهِ، وَلَمْ يُقِرُّوا بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَحَالُوا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ البَيْتِ. رواه البخاري برقم (2731).
قال الحافظ في فتح الباري (5/351):وَفِي قِصَّةِ أَبِي بَصِيرٍ مِنَ الْفَوَائِدِ جَوَازُ قَتْلِ الْمُشْرِكِ الْمُعْتَدِي غِيلَةً, وَلَا يُعَدُّ مَا وَقَعَ مِنْ أَبِي بَصِيرٍ غَدْرًا لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي جُمْلَةِ مَنْ دَخَلَ فِي الْمُعَاقَدَةِ الَّتِي بَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى الَلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ قُرَيْشٍ لِأَنَّهُ إِذْ ذَاكَ كَانَ مَحْبُوسًا بِمَكَّةَ لَكِنَّهُ لَمَّا خَشِيَ أَنَّ الْمُشْرِكَ يُعِيدُهُ إِلَى الْمُشْرِكِينَ دَرَأَ عَنْ نَفْسِهِ بِقَتْلِهِ وَدَافَعَ عَنْ دِينِهِ بِذَلِكَ وَلَمْ يُنْكِرِ النَّبِيُّ قَوْلَهُ ذَلِكَ وَفِيهِ أَنَّ مَنْ فَعَلَ مِثْلَ فِعْلِ أَبِي بَصِيرٍ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ قَوَدٌ وَلَا دِيَة. وَقد وَقع عِنْد بن إِسْحَاقَ أَنَّ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو لَمَّا بَلَغَهُ قَتْلُ الْعَامِرِيِّ طَالَبَ بِدِيَتِهِ لِأَنَّهُ مِنْ رَهْطِهِ فَقَالَ لَهُ أَبُو سُفْيَانَ لَيْسَ عَلَى مُحَمَّدٍ مُطَالَبَةٌ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ وَفَّى بِمَا عَلَيْهِ وَأَسْلَمَهُ لِرَسُولِكُمْ وَلَمْ يَقْتُلْهُ بِأَمْرِهِ وَلَا عَلَى آلِ أَبِي بَصِيرٍ أَيْضًا شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى دِينِهِمْ وَفِيهِ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرُدُّ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَنْ جَاءَ مِنْهُمْ إِلَّا بِطَلَبٍ مِنْهُمْ لِأَنَّهُمْ لَمَّا طَلَبُوا أَبَا بَصِيرٍ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَسْلَمَهُ لَهُمْ وَلَمَّا حَضَرَ إِلَيْهِ ثَانِيًا لَمْ يُرْسِلْهُ لَهُمْ بَلْ لَوْ أَرْسَلُوا إِلَيْهِ وَهُوَ عِنْدَهُ لَأَرْسَلَهُ فَلَمَّا خَشِيَ أَبُو بَصِيرٍ مِنْ ذَلِكَ نَجَا بِنَفْسِهِ. اهـ
المعاقبة بالمثل
قال الله تعالى: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ﴾[النحل : 126].
وقال تعالى: ﴿وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ﴾[البقرة : 191].
قال شيخ الإسلام في دقائق التفسير (2 /39-40): وَهَذَا كُله إِذا قدر عَلَيْهِ فَأَما إِذا طَلَبهمْ السُّلْطَان أَو نُوَّابِهِ لإِقَامَة الْحَد بِلَا عدوان فامتنعوا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يجب على الْمُسلمين قِتَالهمْ بِاتِّفَاق الْعلمَاء حَتَّى يقدر عَلَيْهِم كُلِّهم.
وَمَتى لم ينقادوا إِلَّا بِقِتَال يُفْضِي إِلَى قَتلهمْ كلهم قوتلوا وَإِن أفْضى إِلَى ذَلِك سَوَاء كَانُوا قد قتلوا أَو لم يقتلُوا وَيقْتلُونَ فِي الْقِتَال كَيْفَمَا أمكن فِي الْعُنُق وَغَيره.
وَيُقَاتل من قَاتل مَعَهم مِمَّن يحميهم ويعينهم فَهَذَا قتال وَذَاكَ إِقَامَة حد وقتال هَؤُلَاءِ أوكد من قتال الطوائف الممتنعة عَن شرائع الْإِسْلَام فَإِن هَؤُلَاءِ قد تحزبوا لفساد النُّفُوس وَالْأَمْوَال وهلاك الْحَرْث والنسل لَيْسَ مقصودهم إِقَامَة دين وَلَا ملك وَهَؤُلَاء كالمحاربين الَّذين يأوون إِلَى حصن أَو مغارة أَو رَأس جبل أَو بطن وَاد وَنَحْو ذَلِك يقطعون الطَّرِيق على من مر بهم وَإِذا جَاءَهُم جند ولي الْأَمر يطلبهم للدخول فِي طَاعَة الْمُسلمين وَالْجَمَاعَة لإِقَامَة الْحُدُود قاتلوهم ودفعوهم مثل الْأَعْرَاب الَّذين يقطعون الطَّرِيق على الْحَاج أَو غَيره من الطرقات أَو الجبلية الَّذين يعتصمون برؤوس الْجبَال أَو المغارات لقطع الطَّرِيق وكالأحلاف الَّذين تحالفوا لقطع الطَّرِيق بَين الشَّام وَالْعراق ويسمون ذَلِك النهيضة فَإِنَّهُم يُقَاتلُون كَمَا ذَكرْنَاهُ وَلَكِن قِتَالهمْ لَيْسَ بِمَنْزِلَة قتال الْكفَّار إِذا لم يَكُونُوا كفَّارًا وَلَا تُؤْخَذ أَمْوَالهم إِلَّا أَن يَكُونُوا أخذُوا أَمْوَال النَّاس بِغَيْر حق فَإِن عَلَيْهِم ضَمَانهَا فَيُؤْخَذ مِنْهُم بِقدر مَا أخذُوا وَإِن لم نعلم عين الْآخِذ وَكَذَلِكَ لَو علم عينه فَإِن الردء والمباشر سَوَاء كَمَا قُلْنَاهُ لَكِن إِذا عرف عينه كَانَ قَرَار الضَّمَان عَلَيْهِ وَيرد مَا يُؤْخَذ مِنْهُ على أَرْبَاب الْأَمْوَال فَإِن تعذر الرَّد عَلَيْهِم كَانَ لمصَالح الْمُسلمين من رزق الطَّائِفَة الْمُقَاتلَة لَهُم وَغير ذَلِك بل الْمَقْصُود من قِتَالهمْ التَّمَكُّن مِنْهُم لإِقَامَة الْحُدُود ومنعهم من الْفساد فَإِذا جرح الرجل مِنْهُم جُرحًا مُثْخَنًا لم يُجهز عَلَيْهِ حَتَّى يَمُوت إِلَّا أَن يَمُوت يكون قد وَجب عَلَيْهِ الْقَتْل وَإِذا هرب وكفانا شَره لم نتبعه إِلَّا أَن يكون عَلَيْهِ حد أَو نَخَاف عاقبته وَمن أسر مِنْهُم أقيم عَلَيْهِ الْحَد الَّذِي يُقَام عَلَى غَيرِهِ. وَمنَ الْفُقَهَاء مَنْ يُشَدِّدُ فيهم حَتَّى يرى غنيمَة أَمْوَالهم وتخميسها وَأَكْثَرهم يأبون ذَلِك.
فَأَما إِذا تحيزوا إِلَى مملكة طَائِفَة خَارِجَة عَن شَرِيعَة الْإِسْلَام وأعانوهم على الْمُسلمين قوتلوا كقتالهم وَأما من كَانَ لَا يقطع الطَّرِيق وَلكنه يَأْخُذ خفارة أَو ضريبة من أَبنَاء السَّبِيل على الرؤوس وَالدَّوَاب والأحمال وَنَحْو ذَلِك فَهَذَا مكاس عَلَيْهِ عُقُوبَة المكاسين وَقد اخْتلف الْفُقَهَاء جَوَاز قَتله وَلَيْسَ هُوَ من قطاع الطَّرِيق فَإِن الطَّرِيق لَا يَنْقَطِع بِهِ مَعَ أَنه أَشد النَّاس عذَابا يَوْم الْقِيَامَة حَتَّى قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الغامدية لقد تابت تَوْبَة لَو تابها صَاحب مكس لغفر لَهُ.
وَيجوز للمظلومين الَّذين ترَاد أَمْوَالهم قتل الْمُحَاربين بِإِجْمَاع الْمُسلمين وَلَا يجب أَن يبْذل لَهُم من المَال لَا قَلِيل وَلَا كثير إِذا أمكن قِتَالهمْ فَإِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قتل دون مَاله فَهُوَ شَهِيد وَمن قتل دون دَمه فَهُوَ شَهِيد وَمن قتل دون دينه فَهُوَ شَهِيد وَمن قتل دون حرمته فَهُوَ شَهِيد.
وَهَذَا الَّذِي يُسَمِّيه الْفُقَهَاء الصَّائِل وَهُوَ الظَّالِم بِلَا تَأْوِيل وَلَا ولَايَة فَإِذا كَانَ مَطْلُوبه المَال جَازَ مَنعه بِمَا يُمكن فَإِذا لم ينْدَفع إِلَّا بِالْقِتَالِ قوتل وَإِن ترك الْقِتَال وَأَعْطَاهُمْ شَيْئا من المَال جَازَ, وَأما إِذا كَانَ مَطْلُوبه الْحُرْمَة مثل أَن يطْلب الزِّنَا بمحارم الْإِنْسَان أَو يطْلب من الْمَرْأَة أَو الصَّبِي الْمَمْلُوك أَو غَيره الفجوربه فَإِنَّهُ يجب عَلَيْهِ أَن يدْفع نَفسه بِمَا يُمكن وَلَو بِالْقِتَالِ وَلَا يجوز التَّمْكِين مِنْهُ بِحَال بِخِلَاف المَال فَإِنَّهُ يجوز التَّمْكِين مِنْهُ لِأَن بذل المَال جَائِز وبذل الْفُجُور بِالنَّفسِ أَو بِالْحُرْمَةِ غير جَائِز. اهـ.وقال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (28/305) :وَوَلِيُّ الْأَمْرِ إذَا تَرَكَ إنْكَارَ الْمُنْكَرَاتِ وَإِقَامَةَ الْحُدُودِ عَلَيْهَا بِمَالِ يَأْخُذُهُ: كَانَ بِمَنْزِلَةِ مُقَدِّمِ الْحَرَامِيَّةِ الَّذِي يُقَاسِمُ الْمُحَارِبِينَ عَلَى الْأَخِيذَةِ وَبِمَنْزِلَةِ الْقَوَّادِ الَّذِي يَأْخُذُ مَا يَأْخُذُهُ؛ لِيَجْمَعَ بَيْنَ اثْنَيْنِ عَلَى فَاحِشَةٍ.وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ أَعْمَى كَانَتْ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ تَشْتُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَقَعُ فِيهِ، فَيَنْهَاهَا، فَلَا تَنْتَهِي، وَيَزْجُرُهَا فَلَا تَنْزَجِرُ، قَالَ: فَلَمَّا كَانَتْ ذَاتَ لَيْلَةٍ، جَعَلَتْ تَقَعُ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَشْتُمُهُ، فَأَخَذَ الْمِغْوَلَ فَوَضَعَهُ فِي بَطْنِهَا، وَاتَّكَأَ عَلَيْهَا فَقَتَلَهَا، فَوَقَعَ بَيْنَ رِجْلَيْهَا طِفْلٌ، فَلَطَّخَتْ مَا هُنَاكَ بِالدَّمِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَمَعَ النَّاسَ فَقَالَ: «أَنْشُدُ اللهَ رَجُلًا فَعَلَ مَا فَعَلَ لِي عَلَيْهِ حَقٌّ إِلَّا قَامَ» ، فَقَامَ الْأَعْمَى يَتَخَطَّى النَّاسَ وَهُوَ يَتَزَلْزَلُ حَتَّى قَعَدَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَا صَاحِبُهَا، كَانَتْ تَشْتُمُكَ، وَتَقَعُ فِيكَ، فَأَنْهَاهَا فَلَا تَنْتَهِي، وَأَزْجُرُهَا، فَلَا تَنْزَجِرُ، وَلِي مِنْهَا ابْنَانِ مِثْلُ اللُّؤْلُؤَتَيْنِ، وَكَانَتْ بِي رَفِيقَةً، فَلَمَّا كَانَ الْبَارِحَةَ جَعَلَتْ تَشْتُمُكَ، وَتَقَعُ فِيكَ، فَأَخَذْتُ الْمِغْوَلَ فَوَضَعْتُهُ فِي بَطْنِهَا، وَاتَّكَأْتُ عَلَيْهَا حَتَّى قَتَلْتُهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا اشْهَدُوا أَنَّ دَمَهَا هَدَرٌ». رواه أبو داود وهو في الصحيح المسند لشيخنا مقبل رحمه الله.قال شيخنا مقبل رحمه الله في إجابة السائل(ص299-300):إن كان المسئولون يقيمون حدود الله, ولا يصلح المجتمع إلا إقامة حدود الله فعليه أن يرفع أمره ويشهد عليه ويرفع أمره إلى المسئولين فهذا أمر يتحتم عليهم... إلى أن قال: أما القتل فإن كنت آمناً من أن تحدث فتنة, ومن أن تُؤذى أو تقتل به فلك أن تغتاله, وإلا فالفرد ليس له أن يقيم الحدود, وليس له أن يقتص لنفسه ليس له أن يفعل هذا, وول وكلت للناس انتشرت الفتن, لكن مثل هذا الشيوعي الملحد الذي أصبح يسب الله فأعتقد أنه يجوز أن يغتال والله المستعان. اهـ
فكأن الشيخ رحمه الله يقول في حالة أن ولي الأمر لا يقيم الحد, وفي حالة الاضطرار يجوز, وهذا مقصد شيخنا يحيى حفظه الله أنه إذا اشتد الضغط على أهل السنة فلهم أن يأسروا ومن وجدوا من الحوثيين المعروفين بعقيدة الحوثي الكفرية... إلخ.
وقال شيخنا مقبل رحمه الله في فتوى في وحدة المسلمين مع الكفار(ص53):فعليهم أن يتقوا الله سبحانه وتعالى, وأن يحرصوا إن استطاعوا أن يرهبوا ذلك الحزب الخبيث كما كان يرهبهم, فقد صبروا على شيء يعلمه الله. اهـ
وقال رحمه الله في السيوف الباترة(ص190):وأكثر الناس جاهلون لدجل الشيوعية, وعلى كل فالذي يتقدم مع صفوف الشيوعية هو حلال الدم يجوز قتله, ثم إن كان مسلمًا موحدًا جاهلًا لحقيقة الشيوعية فهو إلى الله إن شاء عذبه بقدر ذنبه, وإن شاء عفا عنه. اهـ
ثم اعلم أن فتوى الشيخ حفظه الله وسدد خطاه ليست لكل حوثي إنما لرؤوس الحوثيين, وهو من يُسمى عند العلماء: بـ«الصائل», ودفع الصائل متفق عليه بين العلماء.ومع ذلك هي جارية مجرى التهديد لهم إن لم ينكفوا, وعند حصول الضرر الكثير على أهل السنة, وهذا الذي فهمه منها عموم أهل السنة: دعاة وعلماء ومشايخ, وطلبة علم؛ لكن انظر أين ذهب فهم هؤلاء لقصد الوقيعة!!ثم المراد الذين يقاتلون في دماج من الحوثيين هم سائر بلاد اليمن فأراد الشيخ حفظه الله إيقافهم, ولذلك فقد جعل الله فيها البركة فقد كانت ردعًا للعدو؛ فقد هزت أركانه, ووقفت طغيانه, وصدق الله إذ يقول:﴿ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ﴾ [العنكبوت : 43].ولا تضرون إلا أنفسكم-بإذن الله- والله غالب على أمره.
قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (28/499-500) :فَأَمَّا قَتْلُ الْوَاحِدِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ مِنْ الْخَوَارِجِ؛ كَالحَرُورِيةِ وَالرَّافِضَةِ وَنَحْوِهِمْ, فَهَذَا فِيهِ قَوْلَانِ لِلْفُقَهَاءِ: هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَد. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ قَتْلُ الْوَاحِدِ مِنْهُمْ؛ كَالدَّاعِيَةِ إلَى مَذْهَبِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّنْ فِيهِ فَسَادٌ. فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ» وَقَالَ: «لَئِنْ أَدْرَكْتهمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ» وَقَالَ عُمَرُ لِصَبِيغِ بْنِ عِسْلٍ: لَوْ وَجَدْتُك مَحْلُوقًا لَضَرَبْت الَّذِي فِيهِ عَيْنَاك. وَلِأَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ طَلَبَ أَنْ يَقْتُلَ عَبْدَ اللهِ بْنَ سَبَأٍ أَوَّلَ الرَّافِضَةِ حَتَّى هَرَبَ مِنْهُ. وَلِأَنَّ هَؤُلَاءِ مِنْ أَعْظَمِ الْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ. فَإِذَا لَمْ يَنْدَفِعْ فَسَادُهُمْ إلَّا بِالْقَتْلِ قُتِلُوا وَلَا يَجِبُ قَتْلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إذَا لَمْ يَظْهَرْ هَذَا الْقَوْلُ أَوْ كَانَ فِي قَتْلِهِ مَفْسَدَةٌ رَاجِحَةٌ. وَلِهَذَا تَرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتْلَ ذَلِكَ الْخَارِجِيِّ ابْتِدَاءً لِئَلَّا يَتَحَدَّثَ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ " وَلَمْ يَكُنْ إذْ ذَاكَ فِيهِ فَسَادٌ عَامٌّ؛ وَلِهَذَا تَرَكَ عَلِيٌّ قَتْلَهُمْ أَوَّلَ مَا ظَهَرُوا لِأَنَّهُمْ كَانُوا خَلْقًا كَثِيرًا وَكَانُوا دَاخِلِينَ فِي الطَّاعَةِ وَالْجَمَاعَةِ ظَاهِرًا لَمْ يُحَارِبُوا أَهْلَ الْجَمَاعَةِ وَلَمْ يَكُنْ يَتَبَيَّنْ لَهُ أَنَّهُمْ هُمْ. اهـ.وقال شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى (3 / 554): فَإِنَّ قِتَالَ الْمُعْتَدِينَ الصَّائِلِينَ ثَابِتٌ بِالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ، وَهَؤُلَاءِ مُعْتَدُونَ صَائِلُونَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي أَنْفُسِهِمْ، وَأَمْوَالِهِمْ، وَحُرَمِهِمْ، وَدِينِهِمْ، وَكُلٌّ مِنْ هَذِهِ يُبِيحُ قِتَالَ الصَّائِلِ عَلَيْهَا، وَمَنْ قُتِلَ دُونَهَا فَهُوَ شَهِيدٌ، فَكَيْفَ بِمَنْ قَاتَلَ عَلَيْهَا كُلَّهَا وَهُمْ مِنْ شَرِّ الْبُغَاةِ الْمُتَأَوِّلِينَ الظَّالِمِينَ... اهـ
وقال شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى لابن تيمية (5/530):وَمِنْ التَّعْزِيرِ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ وَالشَّافِعِيُّ: نَفْيُ الْمُخَنَّثِ، وَحَلَقَ عُمَرُ رَأْسَ نَصْرِ بْنِ حَجَّاجٍ وَنَفَاهُ لَمَّا اُفْتُتِنَ بِهِ النِّسَاءُ، فَكَذَا مَنْ اُفْتُتِنَ بِهِ الرِّجَالُ مِنَ الْمُرْدَانِ وَلَا يُقَدَّرُ التَّعْزِيرُ، بَلْ بِمَا يَرْدَعُ الْمُعَزَّرَ، وَقَدْ يَكُونُ بِالْعَمَلِ وَالنَّيْلِ مِنْ عِرْضِهِ مِثْلُ أَنْ يُقَالَ لَهُ: يَا ظَالِمُ يَا مُعْتَدِي وَبِإِقَامَتِهِ مِنَ الْمَجْلِسِ، وَاَلَّذِينَ قَدَّرُوا التَّعْزِيرَ مِنْ أَصْحَابِنَا إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا كَانَ تَعْزِيرًا عَلَى مَا مَضَى مِنْ فِعْلٍ أَوْ تَرْكٍ فَإِنْ كَانَ تَعْزِيرًا لِأَجْلِ تَرْكِ مَا هُوَ فَاعِلٌ لَهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَتْلِ الْمُرْتَدِّ وَالْحَرْبِيِّ, وَقِتَالِ الْبَاغِي وَالْعَادِي وَهَذَا التَّعْزِيرُ لَيْسَ يُقَدَّرُ بَلْ يَنْتَهِي إلَى الْقَتْلِ، كَمَا فِي الصَّائِلِ لِأَخْذِ الْمَالِ يَجُوزُ أَنْ يُمْنَعَ مِنْ الْأَخْذِ وَلَوْ بِالْقَتْلِ وَعَلَى هَذَا فَإِذَا كَانَ الْمَقْصُودُ دَفْعَ الْفَسَادِ وَلَمْ يَنْدَفِعْ إلَّا بِالْقَتْلِ قُتِلَ.وَحِينَئِذٍ فَمَنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ فِعْلُ الْفَسَادِ وَلَمْ يَرْتَدِعْ بِالْحُدُودِ الْمُقَدَّرَةِ بَلْ اسْتَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ الْفَسَادِ فَهُوَ كَالصَّائِلِ الَّذِي لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِالْقَتْلِ فَيُقْتَلُ قِيلَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُخَرَّجَ شَارِبُ الْخَمْرِ فِي الرَّابِعَةِ عَلَى هَذَا، وَيُقْتَلُ الْجَاسُوسُ الَّذِي يُكَرِّرُ التَّجَسُّسَ وَقَدْ ذَكَرَ شَيْئًا مِنْ هَذَا الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَإِلَيْهِ يَرْجِعُ قَوْلُ ابْنِ عَقِيلٍ وَهُوَ أَصْلٌ عَظِيمٌ فِي صَلَاحِ النَّاسِ.
وَكَذَلِكَ تَارِكُ الْوَاجِبِ فَلَا يَزَالُ يُعَاقَبُ حَتَّى يَفْعَلَهُ، وَمَنْ قَفَزَ إلَى بِلَادِ الْعَدُوِّ أَوْ لَمْ يَنْدَفِعْ ضَرَرُهُ إلَّا بِقَتْلِهِ قُتِلَ وَالتَّعْزِيرُ بِالْمَالِ سَائِغٌ إتْلَافًا وَأَخْذًا وَهُوَ جَارٍ عَلَى أَصْلِ أَحْمَدَ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْتَلِفْ أَصْحَابُهُ أَنَّ الْعُقُوبَاتِ فِي الْأَمْوَالِ غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ كُلُّهَا وَقَوْلُ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيَّ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ مَالِ الْمُعَزَّرِ فَإِشَارَةٌ مِنْهُ إلَى مَا يَفْعَلُهُ الْوُلَاةُ الظَّلَمَةُ.
جواز الاستعانة بالكافر عند العجز فضلًا عن المسلم
قال الله تعالى: ﴿ لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ الَلهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ﴾ [آل عمران : 28].
وفي صحيح البخاري برقم(3905) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ:... فَبَيْنَمَا نَحْنُ يَوْمًا جُلُوسٌ فِي بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، قَالَ قَائِلٌ لِأَبِي بَكْرٍ: هَذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَقَنِّعًا، فِي سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينَا فِيهَا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِدَاءٌ لَهُ أَبِي وَأُمِّي، وَاللهِ مَا جَاءَ بِهِ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ إِلَّا أَمْرٌ، قَالَتْ: فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَأْذَنَ، فَأُذِنَ لَهُ فَدَخَلَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ: «أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ» .
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّمَا هُمْ أَهْلُكَ، بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «فَإِنِّي قَدْ أُذِنَ لِي فِي الخُرُوجِ» فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: الصَّحَابَةُ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَعَمْ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَخُذْ - بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ - إِحْدَى رَاحِلَتَيَّ هَاتَيْنِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بِالثَّمَنِ» .
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَجَهَّزْنَاهُمَا أَحَثَّ الجِهَازِ، وَصَنَعْنَا لَهُمَا سُفْرَةً فِي جِرَابٍ، فَقَطَعَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ قِطْعَةً مِنْ نِطَاقِهَا، فَرَبَطَتْ بِهِ عَلَى فَمِ الجِرَابِ، فَبِذَلِكَ سُمِّيَتْ ذَاتَ النِّطَاقَيْنِ قَالَتْ: ثُمَّ لَحِقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ بِغَارٍ فِي جَبَلِ ثَوْرٍ، فَكَمَنَا فِيهِ ثَلاَثَ لَيَالٍ، يَبِيتُ عِنْدَهُمَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، وَهُوَ غُلاَمٌ شَابٌّ، ثَقِفٌ لَقِنٌ، فَيُدْلِجُ مِنْ عِنْدِهِمَا بِسَحَرٍ، فَيُصْبِحُ مَعَ قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ كَبَائِتٍ، فَلاَ يَسْمَعُ أَمْرًا، يُكْتَادَانِ بِهِ إِلَّا وَعَاهُ، حَتَّى يَأْتِيَهُمَا بِخَبَرِ ذَلِكَ حِينَ يَخْتَلِطُ الظَّلاَمُ، وَيَرْعَى عَلَيْهِمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ، مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ مِنْحَةً مِنْ غَنَمٍ، فَيُرِيحُهَا عَلَيْهِمَا حِينَ تَذْهَبُ سَاعَةٌ مِنَ العِشَاءِ، فَيَبِيتَانِ فِي رِسْلٍ، وَهُوَ لَبَنُ مِنْحَتِهِمَا وَرَضِيفِهِمَا، حَتَّى يَنْعِقَ بِهَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ بِغَلَسٍ، يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ تِلْكَ اللَّيَالِي الثَّلاَثِ، وَاسْتَأْجَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مِنْ بَنِي الدِّيلِ، وَهُوَ مِنْ بَنِي عَبْدِ بْنِ عَدِيٍّ، هَادِيَا خِرِّيتًا، وَالخِرِّيتُ المَاهِرُ بِالهِدَايَةِ، قَدْ غَمَسَ حِلْفًا فِي آلِ العَاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِيِّ، وَهُوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، فَأَمِنَاهُ فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا، وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلاَثِ لَيَالٍ، بِرَاحِلَتَيْهِمَا صُبْحَ ثَلاَثٍ، وَانْطَلَقَ مَعَهُمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ، وَالدَّلِيلُ، فَأَخَذَ بِهِمْ طَرِيقَ السَّوَاحِلِ.
وقد كان أبو طالب يناصر الرسول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-, وأبو طالب كان على الكفر ومات عليه.
وقد هاجر الصحابة الكرام إلى أرض النجاشي قبل إسلامه, وهي ديار نصارى, وقصة هجرتهم في الصحيحين عن أسماء بنت عميس, وفي مسند أحمد عن أم سلمة وهي حسنة.
وأدلة ذلك كثيرة.
وقد أفتى علماء الإسلام كالباز وغيره بجواز استعانة المملكة العربية السعودية ودول الخليج بأمريكا وحلف دول الغرب (الكفار), ضد طُغيان صدام وقد كانت طائرات دول الغرب تقلع من ديار المسلمين كتركيا, ومن البحر الأبيض المتوسط وغيرها, وتضرب على العراق!! ولا شك أنها ضربت قوة العراق وأصابت أبرياء من أطفال ونساء وشيوخ ورجال, ولكن حالهم كما جاء في حديث الصعب بن جثامة رضي الله عنه، قال: مر بي النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بالأبواء، أو بودان، وسئل عن أهل الدار يبيتون من المشركين، فيصاب من نسائهم وذراريهم قال: «هم منهم».رواه البخاري برقم (3012)ومسلم برقم (1745).
وهذا حالة من لا يصل للعدو إلا بذلك إي للاضطرار, لما رواه البخاري برقم (3015) ومسلم برقم (1744) عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: وجدت امرأة مقتولة في بعض مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان.فيا لله العجب كيف جوزتم الاستعانة بالمشرك عند الحاجة- وهو الحق- ومنعتم علينا الاستعانة بإخون لنا من خيار المسلمين وقد بلغنا شدة الاضطرار, وتخذلونهم اللهم احكم بيننا وبينهم!.
تناقض واضح!
من التناقض الواضح الفاضح قولهم: ولكن من استطاع أن يذهب إلى دمَّاج لدفع الظلم عن إخوانه فليفعل، وندعو جميع أهل السنة في المدن والقرى اليمنية من طلاب العلم وغيرهم إلى الاستمرار على طلب العلم والدعوة إلى الله ، والرجوع إلى أهل العلم ، والبعد عن الفتن ، والمحافظة على دعوة أهل السنة والجماعة كلٌ بحسبه. اهـ
أقول: كيف يذهب إلى دماج وهي محاصرة لا داخل ولا خارج!!؟؟ سيقتل أو يؤسر قبل وصوله صعدة!! ما أدري أجهل هذا أم ماذا؟!
ألقاه في اليمّ مكتوفا وقال له *** إياك إياك أن تبتل بالماء.
ومع هذا بعدها بسطر واحد مع علمهم أنه لا يمكن لهم الوصول إلى دماج لم تطب أنفسهم بها؛ قالوا: وندعو جميع أهل السنة في المدن والقرى اليمنية من طلاب العلم وغيرهم إلى الاستمرار على طلب العلم... إلخ.
اللهم لا تكلنا إلى هؤلاء المخذلين, واجعل لنا لطفًا من عندك.
نصيحة للإمام الوادعي رحمه الله
قال شيخنا مقبل رحمه الله في الإلحاد الخميني في أرض الحرمين (ص207) الطبعة الثالثة دار الآثار: وإذا أردت أن تتأكد أنهم دعاة شرك وضلال، ومدافعون عن الشرك راجعت كتاب الرافضي الأثيم محسن الأمين العاملي ذلك الكتاب الزائغ هو كتاب كشف الارتياب في اتباع محمد بن عبدالوهاب, لا جزى الله خيرًا من استورده إلى اليمن من ذوي الجشع الذين ليس هم إلا بيع الكتاب والتجارة في المكتبات، والله المستعان . اهـ
ألم يقل شيخنا مقبل رحمه الله في الإلحاد الخميني في أرض الحرمين (ص54) ط الآثار: بل قد انتهى ببعضهم الحال إلى أنه لا يفرق بين المسلم وبين الشيوعي الكافر، والمسئول عن هؤلاء هم علماء السنة وإذا لم يبينوا للناس السنة من البدعة والهدى من الضلال فمن يبين ذلك، ومما ينبغي أن يعلم أن الرافضة لو تمكنت من أهل السنة لا مكنهم الله من ذلك لاستحلوا منهم ما لا يستحله اليهود والنصارى، ومن شك في كلامي قرأ تاريخ الرافضة. ألم يقل شيخنا مقبل رحمه الله في الإلحاد الخميني (ص191) ط الآثار: واعلموا أن كل من كفر هذه الكفرات الفاحشة ممن ينتمي إلى الإسلام فإنما عنصرهم الشيعة والصوفية، فإن من الصوفية من يقول: إن من عرف الله تعالى سقطت عنه الشرائع، وزاد بعضهم واتصل بالله تعالى وبلغنا أن بنيسابور اليوم في عصرنا هذا رجل يكنى أبا سعيد أبا الخير هكذا معًا من الصوفية مرة يلبس الصوف، ومرة يلبس الحرير المحرم على الرجال، ومرة يصلي في اليوم ألف ركعة، ومرة لا يصلى لا فريضة ولا نافلة، وهذا كفر محض ونعوذ بالله من الضلال.اهـ
أليس اتهام أم المؤمنين بالفاحشة بعد أن برأها الله كفرًا بالإجماع يا محمد الإمام والروافض-هؤلاء- يتهمونها به!!؟
وقد قال شيخنا مقبل رحمه الله في الإلحاد الخميني (ص210) ط الآثار: ومن مشابهتهم اليهود أن اليهود رموا مريم عليها السلام بالفاحشة والرافضة رمت عائشة رضي الله عنها بالفاحشة.وهذا يعتبر كفرًا لأنه تكذيب للقرآن، وأيضًا نقيصة للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقد نزهه الله عنها.فالحقيقة أنك لا سلكت مسلك الشيخ مقبل رحمه الله, ولا سلكت مسلك أئمة الإسلام الذين أجمعوا على كفر الرافضة!
وقال شيخنا مقبل رحمه الله كما في التاج المكلل(ص31): من لعن أبا بكر وعمر وعثمان فهو كافر, وقد ذكر عبد الله بن أحمد في السنة عن جمع من العلماء تكفير الرافضة دون تفصيل, ومن كان مقلدًا يلتحق بمن يكفر, وأمره إلى الله إن عذره بجهله. اهـ
قال شيخنا مقبل رحمه الله كما في سيرته بصوته: وأذكر لهم مواقف أسأل الله أن يثيبهم عليها ويجزيهم خيراً :
1- مضاربه شديد في جامع الهادي ، لصدي عن الدعوة فيه ، فقام معي رجال القبائل من وادعة وغيرهم حتى أنقذني الله على أيديهم وكان والشيعة يردون القضاء عليَّ ، وكان ذلك في زمن الرئيس ( إبراهيم الحمدي) وأهل الشر من شيوعيين وشيعة رافعون رءوسهم ، فسجنونا مع بعض الطرف الآخر قدر أحدعشرا يوماً في رمضان فكان يزورني في السجن في بعض الليالي قدر خمسين شاباً، ويدخل إلى المسئولين في بعض الليالي قدر مائه وخمسين رجلاً من وادعة حتى أزعجوا المسئولين ، وأخرجونا من السجن ، والحمدلله.
2- ومنها أن أعداء الدعوة ربما يأتون بالسلاح إلى دماج فيطردهم أهل دَمَّاجَ وهم صاغرون . اهـ
نصيحة الشيخ مقبل رحمه الله لأهل السنة بمؤازرة إخوانهم
ولما حصل بعض الاعتداء على مفرق حبيش من بعض الجهات حيث رموا عليهم, قال شيخنا مقبل رحمه الله: ينبغي لإخواننا أهل إب سواء كانوا في دار الحديث بدماج أو دار الحديث بمأرب أو دار الحديث بمعبر أو بغيرها أن يؤازروا أخاهم عبدالعزيز، أما عبدالعزيز فلو هو ألف عبدالعزيز ما كفى، فالناس يطلبونه من أماكن شتى أن يأتي إليهم ولكنه قد عزم على البقاء في مفرق حبيش، ولن يزعزعه أولئك، وله إخوان في الله يحبونه ويطلبون منا أن نأذن لهم بالذهاب، فقلنا اتصلوا به والله المستعان، على أن الحكومة ما قامت بواجبها، لو كان هذا المركز بينه وبين إب ستين كيلومترًا بالشعوب ممكن أن يقال...، أما بجانب المركز! ثم بعد ذلك يتفرجون، سيقال...(7)، ثم أخبرني الشيخ الفاضل أنّهم بعد وقفوا وقوفًا طيبًا يشكرون عليه. اهـ من تحفة المجيب (ص362).
فأرجو أن تنفعكم هذه النصيحة-ولطالما تذرعتم بمحبتكم للشيخ رحمه الله والاحتجاج بكلامه-.
كتبه
أبو عمرو عبد الكريم بن أحمد الحجوري
بدار الحديث السلفية بدماج حرسها الله ورد كيد الكائدين بها في نحورهم,
بتاريخ 17/12/1434,
والله الهادي إلى سواء السبيل.
تعليق