شكر وبيان لما تضمنه منشور المشايخ من إدانة للحوثي بالبغي والعدوان
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، أما بعد:
بيان المشايخ في عدوان الرافضة على دار الحديث بدماج، بيان طيب يشكرون عليه، غير كلمتين في البيان وهي قولهم: (وليس من الحلول ما دعا إليه الشيخ يحيى بن علي الحجوري أهل السنة في جميع القرى والمدن اليمنية بقوله: من وجد حوثياً فليقتله، أو يأسره، أو يأخذه) وقولهم: (ولكن من استطاع أن يذهب إلى دماج لدفع الظلم عن إخوانه فليفعل).
وإيضاحاً لما دعونا إليه أننا ما قلنا ذلك إلا لما وصلنا أن زعيم الحوثيين يقول: (أن دماج خنجر في ظهري) وجمع قادته ويقول: (نريد لدماج حاسمة) ومن المعلوم أن الحوثي مجرم؛ لا يردعه دين، ولا خوف من الله، ولا ورع ولكن كما قيل:
ومن الناس شرير ولكن إذا عرف العقوبة قل شره
وللإجرام تحسبه شديداً ضعيف الرأي يجهل ما يضره
ونحن مظلومون، والحوثي يكرر اعتداءاته علينا وانتهاكاته للجرائم معنا من قتل، ونهب، وإذلال، فالناس قد يعيشون آمنين في واشنطن، ولا يعيشون آمنين في صعدة؛ كما هو معلوم من شدة بغيه وإجرامه.
وأقرب مثال على ذلك؛ ما صنعه في مدينة باقم شمال صعدة؛ حيث هجم بقوته الثقيلة والخفيفة عليهم، وأخرجهم ثكالى، وهدم مساجدهم، واستحل أموالهم، حتى حلي النساء، وصنع بهم من الكوارث الإنسانية ما لم يصنعه صدام حسين في الكويت، وكرر ذلك قبل أيام مع أهل السنة في منبه، وشرد قبائل صعدة الشرفاء ممن يخالفه فرداً فردا، فيشد الخناق بأسلحته حتى يتمنى أحدهم الخروج سالماً بنفسه.
هذا الذي جعلنا ندعو إلى ما دعونا إليه؛ دفعا عن دعوتنا، وأنفسنا استناداً إلى قول الله تعالى ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ * فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ [البقرة: 190-192].
وقوله تعالى: ﴿فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا * سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا﴾ [النساء:90-91].
قال ابن جرير رحمه الله في بيان قوله تعالى: ﴿حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ﴾ حيث أصبتم مَقاتلهم وأمكنكم قتلهم.
وأما قول: (من استطاع أن يذهب إلى دماج لدفع الظلم عن إخوانه فليفعل).
فهذا في الظرف الحالي إحالة إلى محال؛ لأن الحوثي محاصر لدماج؛ فلا يستطاع الوصول إلينا مهما بلغ بنا الأمر، مما اضطر إخواننا في قبيلتي حاشد ووائلة وغيرها شكر الله لهم أن يحاصروه لفك حصاره، ويأسروه كما أسر إخوانهم؛ وهذا مما دل عليه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا قَدَّسَ اللَّهُ أُمَّةً لا يَؤخَذ لضَعِيفُهَا حَقَّهُ مِنْ شَدِيدِهَا».
والحاصل أنه لا ينبغي لأحد خالف نهج الحوثي أن يأمن مكره، وأن من جامله الحوثي اليوم على حساب غيره فلن يجامله غداً.
ويكون تخاذل المسلمين أمام عدوانه عليهم قطعة قطعة، كما في المثل: (إنَّمَا أُكِلْت يوم أُكِلَ الثَّوْرُ الأَبْيَضُ).
هذا للإيضاح مع البشرى لمن يراه أننا بحمد الله في نصر عزيز من ربنا سبحانه، وعزة نلمس فيها مدلول قول الله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [المنافقون:8] وقوله: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ﴾ [الحج:60].
وأمر المؤمن على كل حال خير له كما قال صلى الله عليه وسلم: «عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إلا لِلْمُؤْمِنِ إن أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا له وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا له» أخرجه مسلم من حديث صهيب رضي الله عنه. وبالله التوفيق: