نصيحة وفضيحة
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى أما بعد
فإن الفتن تسفر عن معادن الرجال بحيث يظهر فيها الجيد من الزيف، و يظهر فيها الصادق من الكاذب، قال -عز وجل-:
{أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}
وقد أتى على الناس زمان في بلاد الحرمين لبس فيه بعضهم غير لبسهم، وتزيوا بغير زيهم، فادعوا السلفية كذبًا وزورًا، ففضحتهم صحائف الامتحان، إذ ابتلاهم الله بحرب الخليج، حيث اعتدى صَدَّام حسين -حاكم العراق- الأثيم على بلاد الكويت، فجوَّز أهل العلم على إثر ذلك الاستعانة بالكفار، كالأمريكان وغيرهم لضرورة دفع ذاك الصائل الباغي المعتدي، فما كان من أدعياء السلفية، الذين بهم من النفاق ما بهم، والذين لا يكاد يخلو منهم زمان ولا مكان -طهر الله الأرض منهم- ما كان منهم إلا أن انبروا للطعن في أهل العلم، الذين جوزوا الاستعانة بكتابي كافر لصد بغي بعثي كافر، هو أشد كفرًا منه، مع أنه لو اعتدى مسلم!! على مال مسلم!! لجاز للمعتدى عليه أن يستعين -ولو بمشرك- لدفع ذاك الصائل المعتدي، فكيف إذا كان الصائل المعتدي جيشًا كثيفًا جرارًا، وكان صائلاً على الدين والعرض والنفس والعقل والمال، وعلى دولة بأسرها، بل أخافَ منطقة الخليج كلها، وهدد أمنها؟!
حقاً! صدق ربنا إذ قال: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ}
وقد أبان أهل العلم عن عوار هؤلاء الجهلة الأدعياء الكذبة، الذين هم -في الحقيقة- عون لأعداء الإسلام على أهل الإسلام، شعروا أم لم يشعروا، وما أشبه الليلة بالبارحة!! فقد فضح الله -عز وجل- في حرب الرافضة لأهل السنة بشمال اليمن، فضح أقوامًا ادعوا السلفية، وهم لا لأهل السنة نصروا، ولا للرافضة كسروا، وقد تمسحوا زمانًا طويلاً بالشيخ ربيع -حفظه الله- وبأمثاله من أهل العلم، فابتلاهم الله بفتنة الرافضة هذه لتنتصب حقائق أشخاصهم بين يدي العميان الذين يتحسسون مواقع أقدامهم، وليتجلى للمخدوعين بهم ولغيرهم كذبهم ونفاقهم في تمسحهم بالشيخ ربيع وبغيره من أهل العلم، وليعلم القاصي والداني وكل من له عقل أن القوم جهلة كذبة، بهم من النفاق ما بهم، لم لا؟! والشيخ ربيع وأمثاله من أهل العلم الذين أفتوا بجهاد الرافضة، وبأن جهاد أهل السنة لهم، جهاد شرعي صحيح، في واد، وهؤلاء الكذبة المتخاذلون عن الجهاد الـمُخَذلون عنه في واد آخر، فبدا بذلك الصبح لذي عينين، وبدا أن هؤلاء القوم ليسوا عند الشيخ ربيع ولا عند غيره من أهل العلم، وإذا لم يستجب هؤلاء لداعي الجهاد ضد الرافضة الذين هم أخطر وأضر على الإسلام من اليهود والنصارى، مع وجوبه عليهم و على القادرين من أهل اليمن ولو في الجملة، فلأي داع غير داعي الجهاد يستجيبون؟!، وإذا كانوا غير ممتثلين فتوى أهل العلم في وجوب جهاد هؤلاء الرافضة، فلأي فتوى لهم يمتثلون؟!
وبأي علم لهم يأخذون؟! ومَنْ مِمَّنْ سواهم يوقرون ويحترمون؟! وقد قيل:
جزى الله الشدائد كل خير *** عرفت بها عدوي من صديقي
وإذا كان الله -عز وجل- قد ذكر تأليف القلوب أكثر من مرة، في موضع واحد من كتابه في سورة الأنفال في سياق آيات الجهاد حيث قال:
{هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}
فمتى تتألف قلوب هؤلاء القاعدين عن الجهاد ضد الرافضة؟!
أقول: متى تتألف قلوبهم مع أهل السنة، إذا لم تتألف اليوم في ظل هذه المحنة، التي يُعرف بمثلها عدالة الرجل عموماً، وعدالته الباطنة خصوصًا؟!
ووالله لو كان حصار الرافضة لدار الحديث السلفية بدماج الذي دام نحوًا من سبعين يومًا، لو كان واقعًا على كلب، لوجب التعاون على رفعه، فكيف إذا كان واقعًا على طلبة علم سلفيين، أهل حديث وسنة مسالمين؟!
ووالله لو كان المحاصَر كلبًا عقورًا أو حيةً أو عقربًا لما جاز تعذيبها بطول حصارها -مع أنه يجوز قتلها شرعًا- ولوجب إحسان قتلتها لحديث شداد بن أوس في صحيح مسلم عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته» فكيف إذا كان المحاصَر سنيًا سلفيًا، معصوم الدم والعرض والمال؟! وكان المحاصِر له أشد ضررًا على الإسلام وأهله من اليهود والنصارى؟! وكان أكفر من اليهود والنصارى، وكان أغدر من اليهود والنصارى؟!
ووالله لو كان يحيى الحجوري وطلبة العلم بدماج يهودًا أو نصارى، وكانوا واقفين حائط صد لبغي الرافضة على المجتمع اليمني، لكانوا مشكورين باعتبار ذاك الصد، ولما جاز الإعانة عليهم في هذا الحال -وشأنهم ما ذكر- وقد قال -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي في صحيح البخاري عن أبي هريرة: «وإن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر» فكيف إذا كان هؤلاء الذين هم خصوم الرافضة أتقياء بررة؟! فيما نحسبهم، والله حسيبهم ولا نزكي على الله أحدًا
وإذا كان الله -عز وجل- قد سمى غَلَبَ الروم للفرس بعد غَلَبَ الفرس للروم نصرًا يفرح به يومئذ المؤمنون، فكيف بحال إيمان من لم يفرح بانتصار أهل السنة على الرافضة الملاعين، و هو في الوقت نفسه يخذَّل عن نصرة أهل السنة؟! وإليك آيات سورة الروم:
{الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ * يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ}
وكيف بحال المخذلين أو المتخاذلين أو المفرطين في نصرة المجاهدين بجبهة وائلة وحجور أو غيرهما خصوصًا المنتسبين إلى السنة، وإن أمثال هؤلاء ليزدادون بتخاذلهم وتخذيلهم عن الجهاد ضد الرافضة سقوطًا وسفولاً وذلاً، ولا يزداد أهل السنة المجاهدين للرافضة إلا عزًا ومنَعة ورفعة، ولله الحمد، وقد قال الله في شأن أمثال هؤلاء المتولين: {وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ}
وقال بعد ذكر عدد من الأنبياء في سورة الأنعام: {أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَـؤُلاء فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ}
وقد أخبرنا الشيخ عبد الرقيب الكوكباني -حفظه الله- أن فارس مناع محافظ صعدة وصف هؤلاء المشايخ المتخاذلين بأنهم حكماء، ووصف الشيخ يحيى حيث أفتى بجهاد الرافضة بأنه متهور .
قلت: وهذا تثبيط منه لهم، ومثل هذا المكر ليس بمستغرب من أولياء الرافضة الحوثة، وإنما المستغرب هو تخاذل هؤلاء المنتسبين إلى مذهب السلف عن نصرة إخوانهم في جبهات الجهاد، على الوجه المطلوب، وليس قصدنا هاهنا الأسى والبكاء على المتخاذلين عن الجهاد، المتولين عنه، والمخذلين عنه فقد قال الله في المنافقين:
{وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَـكِن كَرِهَ اللّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ * لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ * لَقَدِ ابْتَغَوُاْ الْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ وَقَلَّبُواْ لَكَ الأُمُورَ حَتَّى جَاء الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ}
وإنما قصدنا النصيحة لأهل العلم والإيمان، أن يأخذوا على أيدي أمثال هؤلاء الظالمين المتخاذلين، المخذلين، وأن يهجروهم، وينكلوا بهم، ويعاملوهم المعاملة الشرعية اللائقة بهم، فليسوا أغلى عندنا ولا أعز علينا من كعب بن مالك وصاحبيه، فقد هجرهم النبي وأصحابه نحوًا من خمسين ليلة، فلم يسلموا عليهم، ولم يردوا عليهم سلامًا، حينما تخلفوا عن غزوة تبوك بلا عذر، مع أنهم كانوا ثلاثة فحسب، ومع أنهم قد صدقوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم يعتذروا له بالكذب كالمنافقين، فكيف إذا كان هؤلاء المتخاذلون المخذلون اليوم كثيرين؟ وكيف إذا كان الجهاد في اليمن لا يزال يحتاج إلى المال والرجال، كما حدثني بذلك أخونا الفاضل خالد بن محمد الغرباني الهاشمي عبر الماسنجر . !
بعد هذا ننصح لأهل العلم في بلاد الحرمين وغيرها الذين أفتوا بالجهاد ضد الرافضة باليمن أن يعاملوا أمثال هؤلاء المتخاذلين المخذلين عن الجهاد المعاملة الشرعية، وأن يبينوا للناس حقيقة هؤلاء القوم، إلى غير ذلك مما أخذه الله على أهل العلم من البيان، وعدم الكتمان، حذرًا من الوعيد المترتب على ترك ذلك، وحذرًا من عموم العقوبة الواردة في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه» الحديث في المسند، من حديث الصِّدِّيق، وهو صحيح.
وليت شعري ماذا كان يقال، لو كان هذا التخاذل والتخذيل -لو كانت القضية معكوسة- واقعَين من الشيخ يحيى وطلبة العلم بدار الحديث السلفية بدماج تجاه هؤلاء المشايخ باليمن؟!
وفقنا الله وإياكم للعمل بقوله -تعالى-: {وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ}
والحمد لله رب العالمين.
تم الفراغ منه في ليلة الأحد الموافق العشرين من شهر
ربيع الأول لسنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة وألف
من الهجرة النبوية على صاحبها
الصلاةوالسلام
وكتب
أبو بكر بن ماهر بن عطية بن جمعة المصري
أبو عبدالله
فإن الفتن تسفر عن معادن الرجال بحيث يظهر فيها الجيد من الزيف، و يظهر فيها الصادق من الكاذب، قال -عز وجل-:
{أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}
وقد أتى على الناس زمان في بلاد الحرمين لبس فيه بعضهم غير لبسهم، وتزيوا بغير زيهم، فادعوا السلفية كذبًا وزورًا، ففضحتهم صحائف الامتحان، إذ ابتلاهم الله بحرب الخليج، حيث اعتدى صَدَّام حسين -حاكم العراق- الأثيم على بلاد الكويت، فجوَّز أهل العلم على إثر ذلك الاستعانة بالكفار، كالأمريكان وغيرهم لضرورة دفع ذاك الصائل الباغي المعتدي، فما كان من أدعياء السلفية، الذين بهم من النفاق ما بهم، والذين لا يكاد يخلو منهم زمان ولا مكان -طهر الله الأرض منهم- ما كان منهم إلا أن انبروا للطعن في أهل العلم، الذين جوزوا الاستعانة بكتابي كافر لصد بغي بعثي كافر، هو أشد كفرًا منه، مع أنه لو اعتدى مسلم!! على مال مسلم!! لجاز للمعتدى عليه أن يستعين -ولو بمشرك- لدفع ذاك الصائل المعتدي، فكيف إذا كان الصائل المعتدي جيشًا كثيفًا جرارًا، وكان صائلاً على الدين والعرض والنفس والعقل والمال، وعلى دولة بأسرها، بل أخافَ منطقة الخليج كلها، وهدد أمنها؟!
حقاً! صدق ربنا إذ قال: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ}
وقد أبان أهل العلم عن عوار هؤلاء الجهلة الأدعياء الكذبة، الذين هم -في الحقيقة- عون لأعداء الإسلام على أهل الإسلام، شعروا أم لم يشعروا، وما أشبه الليلة بالبارحة!! فقد فضح الله -عز وجل- في حرب الرافضة لأهل السنة بشمال اليمن، فضح أقوامًا ادعوا السلفية، وهم لا لأهل السنة نصروا، ولا للرافضة كسروا، وقد تمسحوا زمانًا طويلاً بالشيخ ربيع -حفظه الله- وبأمثاله من أهل العلم، فابتلاهم الله بفتنة الرافضة هذه لتنتصب حقائق أشخاصهم بين يدي العميان الذين يتحسسون مواقع أقدامهم، وليتجلى للمخدوعين بهم ولغيرهم كذبهم ونفاقهم في تمسحهم بالشيخ ربيع وبغيره من أهل العلم، وليعلم القاصي والداني وكل من له عقل أن القوم جهلة كذبة، بهم من النفاق ما بهم، لم لا؟! والشيخ ربيع وأمثاله من أهل العلم الذين أفتوا بجهاد الرافضة، وبأن جهاد أهل السنة لهم، جهاد شرعي صحيح، في واد، وهؤلاء الكذبة المتخاذلون عن الجهاد الـمُخَذلون عنه في واد آخر، فبدا بذلك الصبح لذي عينين، وبدا أن هؤلاء القوم ليسوا عند الشيخ ربيع ولا عند غيره من أهل العلم، وإذا لم يستجب هؤلاء لداعي الجهاد ضد الرافضة الذين هم أخطر وأضر على الإسلام من اليهود والنصارى، مع وجوبه عليهم و على القادرين من أهل اليمن ولو في الجملة، فلأي داع غير داعي الجهاد يستجيبون؟!، وإذا كانوا غير ممتثلين فتوى أهل العلم في وجوب جهاد هؤلاء الرافضة، فلأي فتوى لهم يمتثلون؟!
وبأي علم لهم يأخذون؟! ومَنْ مِمَّنْ سواهم يوقرون ويحترمون؟! وقد قيل:
جزى الله الشدائد كل خير *** عرفت بها عدوي من صديقي
وإذا كان الله -عز وجل- قد ذكر تأليف القلوب أكثر من مرة، في موضع واحد من كتابه في سورة الأنفال في سياق آيات الجهاد حيث قال:
{هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}
فمتى تتألف قلوب هؤلاء القاعدين عن الجهاد ضد الرافضة؟!
أقول: متى تتألف قلوبهم مع أهل السنة، إذا لم تتألف اليوم في ظل هذه المحنة، التي يُعرف بمثلها عدالة الرجل عموماً، وعدالته الباطنة خصوصًا؟!
ووالله لو كان حصار الرافضة لدار الحديث السلفية بدماج الذي دام نحوًا من سبعين يومًا، لو كان واقعًا على كلب، لوجب التعاون على رفعه، فكيف إذا كان واقعًا على طلبة علم سلفيين، أهل حديث وسنة مسالمين؟!
ووالله لو كان المحاصَر كلبًا عقورًا أو حيةً أو عقربًا لما جاز تعذيبها بطول حصارها -مع أنه يجوز قتلها شرعًا- ولوجب إحسان قتلتها لحديث شداد بن أوس في صحيح مسلم عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته» فكيف إذا كان المحاصَر سنيًا سلفيًا، معصوم الدم والعرض والمال؟! وكان المحاصِر له أشد ضررًا على الإسلام وأهله من اليهود والنصارى؟! وكان أكفر من اليهود والنصارى، وكان أغدر من اليهود والنصارى؟!
ووالله لو كان يحيى الحجوري وطلبة العلم بدماج يهودًا أو نصارى، وكانوا واقفين حائط صد لبغي الرافضة على المجتمع اليمني، لكانوا مشكورين باعتبار ذاك الصد، ولما جاز الإعانة عليهم في هذا الحال -وشأنهم ما ذكر- وقد قال -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي في صحيح البخاري عن أبي هريرة: «وإن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر» فكيف إذا كان هؤلاء الذين هم خصوم الرافضة أتقياء بررة؟! فيما نحسبهم، والله حسيبهم ولا نزكي على الله أحدًا
وإذا كان الله -عز وجل- قد سمى غَلَبَ الروم للفرس بعد غَلَبَ الفرس للروم نصرًا يفرح به يومئذ المؤمنون، فكيف بحال إيمان من لم يفرح بانتصار أهل السنة على الرافضة الملاعين، و هو في الوقت نفسه يخذَّل عن نصرة أهل السنة؟! وإليك آيات سورة الروم:
{الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ * يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ}
وكيف بحال المخذلين أو المتخاذلين أو المفرطين في نصرة المجاهدين بجبهة وائلة وحجور أو غيرهما خصوصًا المنتسبين إلى السنة، وإن أمثال هؤلاء ليزدادون بتخاذلهم وتخذيلهم عن الجهاد ضد الرافضة سقوطًا وسفولاً وذلاً، ولا يزداد أهل السنة المجاهدين للرافضة إلا عزًا ومنَعة ورفعة، ولله الحمد، وقد قال الله في شأن أمثال هؤلاء المتولين: {وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ}
وقال بعد ذكر عدد من الأنبياء في سورة الأنعام: {أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَـؤُلاء فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ}
وقد أخبرنا الشيخ عبد الرقيب الكوكباني -حفظه الله- أن فارس مناع محافظ صعدة وصف هؤلاء المشايخ المتخاذلين بأنهم حكماء، ووصف الشيخ يحيى حيث أفتى بجهاد الرافضة بأنه متهور .
قلت: وهذا تثبيط منه لهم، ومثل هذا المكر ليس بمستغرب من أولياء الرافضة الحوثة، وإنما المستغرب هو تخاذل هؤلاء المنتسبين إلى مذهب السلف عن نصرة إخوانهم في جبهات الجهاد، على الوجه المطلوب، وليس قصدنا هاهنا الأسى والبكاء على المتخاذلين عن الجهاد، المتولين عنه، والمخذلين عنه فقد قال الله في المنافقين:
{وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَـكِن كَرِهَ اللّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ * لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ * لَقَدِ ابْتَغَوُاْ الْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ وَقَلَّبُواْ لَكَ الأُمُورَ حَتَّى جَاء الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ}
وإنما قصدنا النصيحة لأهل العلم والإيمان، أن يأخذوا على أيدي أمثال هؤلاء الظالمين المتخاذلين، المخذلين، وأن يهجروهم، وينكلوا بهم، ويعاملوهم المعاملة الشرعية اللائقة بهم، فليسوا أغلى عندنا ولا أعز علينا من كعب بن مالك وصاحبيه، فقد هجرهم النبي وأصحابه نحوًا من خمسين ليلة، فلم يسلموا عليهم، ولم يردوا عليهم سلامًا، حينما تخلفوا عن غزوة تبوك بلا عذر، مع أنهم كانوا ثلاثة فحسب، ومع أنهم قد صدقوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم يعتذروا له بالكذب كالمنافقين، فكيف إذا كان هؤلاء المتخاذلون المخذلون اليوم كثيرين؟ وكيف إذا كان الجهاد في اليمن لا يزال يحتاج إلى المال والرجال، كما حدثني بذلك أخونا الفاضل خالد بن محمد الغرباني الهاشمي عبر الماسنجر . !
بعد هذا ننصح لأهل العلم في بلاد الحرمين وغيرها الذين أفتوا بالجهاد ضد الرافضة باليمن أن يعاملوا أمثال هؤلاء المتخاذلين المخذلين عن الجهاد المعاملة الشرعية، وأن يبينوا للناس حقيقة هؤلاء القوم، إلى غير ذلك مما أخذه الله على أهل العلم من البيان، وعدم الكتمان، حذرًا من الوعيد المترتب على ترك ذلك، وحذرًا من عموم العقوبة الواردة في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه» الحديث في المسند، من حديث الصِّدِّيق، وهو صحيح.
وليت شعري ماذا كان يقال، لو كان هذا التخاذل والتخذيل -لو كانت القضية معكوسة- واقعَين من الشيخ يحيى وطلبة العلم بدار الحديث السلفية بدماج تجاه هؤلاء المشايخ باليمن؟!
وفقنا الله وإياكم للعمل بقوله -تعالى-: {وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ}
والحمد لله رب العالمين.
تم الفراغ منه في ليلة الأحد الموافق العشرين من شهر
ربيع الأول لسنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة وألف
من الهجرة النبوية على صاحبها
الصلاةوالسلام
وكتب
أبو بكر بن ماهر بن عطية بن جمعة المصري
أبو عبدالله
تعليق