قال الله تعالى: { ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون }. قال ابن جرير: يقول تعالى ذكره: ولقد سبق منا القول لرسلنا إنهم لهم المنصورون: أي مضى بهذا منا القضاء والحكم في أمّ الكتاب، وهو أنهم لهم النُّصرة والغَلبة بالحجج.وعن قتادة( وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ ) حتى بلغ:( لَهُمُ الْغَالِبُونَ ) قال: سبق هذا من الله لهم أن ينصرهم.وعن السديّ،في قوله(إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ) يقول: بالحجج.وكان بعض أهل العربية يتأوّل ذلك: ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين بالسعادة. وذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله:"ولقد سبقت كلمتنا على عبادنا المرسلين" فجعلت على مكان اللام، فكأن المعنى: حقت عليهم ولهم، كما قيل: على مُلك سليمان، وفي مُلك سليمان، إذ كان معنى ذلك واحدا.وقوله( وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ) يقول: وإن حزبنا وأهل ولايتنا لهم الغالبون، يقول: لهم الظفر والفلاح على أهل الكفر بنا، والخلاف علينا.أهـ من تفسير ابن جرير.قال أبو عبدالله: تكاد المحنة تكون من الظواهر الملازمة للأنبياء والأولياء قديمًا وحديثًا؛ فالإسلام دعوة إلى التوحيد وإلى ترك ما عليه الجاهلية في كل صورها وأشكالها، وهذه الخاصة التي يمتاز بها الإسلام، جعلت السلفية أكثر تعرضًا للمحن، وبالتالي جعلت المحنة لديها ذات مفهوم خاص لا يشاركها فيه سواها من الحركات الحزبية والسياسية.والمحنة تربية وتمحيص: فإنها من أهم عوامل التكوين والاختيار في الإسلام
وقد لا يكون للتكوين النظري قدرًا ومنزلة ما لم تشترك فيه عوامل الشدة والبلاء.فالبصبر واليقين تنال الإمامة في الدين، ولا يمكن المرء حتى يبتلى، قال تعالى: ( وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا وكانوا بآياتنا يوقنون ). والإيمان نفسه بحاجة إلى المحنة؛ لسبر غوره و إدراك مداه، فالإيمان القوي الراسخ هو الذي يصمد في ساعة العسرة . أما الإيمان السقيم العليل فسرعان ما تكشفه المحن وتصدعه، ولذا قال الله تعالى: (أحسب الناس أن يتركوا أن يقول آمنا وهم لا يفتنون ) وقال:( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ ءَامَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ(10) وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ(11)) { [سورة العنكبوت] .صور من محن الأولين :قضت سنة الله .. أن يكون الحق في صراع أبدي مع الباطل، قال تعالى: ( وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا(19) ) [سورة الجن] ... ( يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ(8) ) [سورة الصف] . ومنذ وجد الخير ووجد الشر، والصراع عنيف بينهما، والحقيقة التي تتكرر باستمرار هي أن الحق دائمًا في انتصار، وأن الباطل دائمًا في اندثار :( وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ(171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ(172) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ(173) ) [سورة الصافات].ولله در ابن القيم القائل: فالحقُ منصورٌ وممتحن فلا تعجب فهذي سنة الرحمنفالمحنة في حياة أولي العزم من الرسل فقد قال الذين كفروا من قوم نوح له:
( لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين)، وكذلك قوم إبراهيم: ( قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين)، وكذلك قوم موسى، فإنه ابتلى وأوذي منهم كثيرًا فصبر:
فمن ذلك: (فقالوا أرنا الله جهرة )، و( اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون )،
و( قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا )، و( اجعل لنا إلهًا كما لهم آلهة )، وكذلك قوم عيسى أردوا قتله وصلبه فجعل الله مكرهم عليهم:( ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين )، ولذا قال الله لخير البرية نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: ( فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل )، فهو إمام الصابرين، قد ابتلى من قومه كثيرًا فصبر صبرًا جميلا صلى الله عليه وسلم.فلابد من المحن والابتلاء للتمحيص والتمكين وهذا في الدنيا وفي الآخرة نعيم مقيم والنظر إلى وجه بنا الكريم. هذا، والناظر في الأحوال التي تمر بها الأمة الإسلامية يجد البلاء والمحن من كل حدب وصول، وقليل ممن يتبصر، فالحمد لله على طائفة تتعلم الكتاب والسنة على منهج سلف الأمة، وقد جمع الله لها بين العلم والجهاد. فلو أن المسلمين أخذوا بكافة الاحتياطات في تأمين جبهتهم الداخلية، ومحاولة الدفاع عن الإسلام والمسلمين من كيد الأحزاب الزاحف لما استطاعوا إلا بتوفيق من الله جل وعلا ، إلا أن سنة الله الماضية لا نصر إلا بعد شدة، ولا منحة إلا بعد محنة، وكلما اقترب النصر زاد البلاء والامتحان، وقد ازدادت محنة المسلمين في هذا العصر وبخاصة على أهل السنة وبخاصة أهل دماج لأنها في معقل الروافض قاتلهم الله
وقد فعلوا أمورًا:أولاً: فرض الحصار وتشديده على دماج، وتخاذل من له قوة وقدرة على دفع ذلك عنهم.ثم زادت جيوش الحوثة في تشديد الحصار على دماج بعد انضمام بعض المرتزقة إليها، واشتد الكرب على أهل دماج، وتأزم الموقف، وقد بين الله عز وجل هذا من قبل في القرآن الكريم عن حالة الحرج والتدهور التي أصابت المسلمين يوم الخندق ووصف ما وصل إليه المسلمون من جزع وخوف، وفزع في تلك المحنة الرهيبة أصدق وصف، حيث قال تعالى: ( إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيدًا ) [الأحزاب: 10،11]. وكان ظن المسلمين بالله قويًا، وقد سجله القرآن الكريم بقوله تعالى: ( وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا ) [الأحزاب: 22].وتزايدت محاولات الحوثيين لاقتحام دار الحديث، وأصبحت جنود إبليس تطوف بأعداد كبيرة كل ليلة حول الدار حتى الصباح.فما كان من العالم الرباني ذاك المجاهد المحنك ــــــ ولما لا وهو قد تربى على علامة رباني وقل ما شئت من الخير، ولا نزكيه على الله ـــــــ أن يدعو إلى الجهاد بعد أن صبر صبرًا جميلا، صبر على الحصار ومنع الغذاء والدواء، فإن هذا لهو البلاء، وصبر من معه، فكانت عاقبتهم حميدة، ( فاصبر إن العاقبة للمتقين) ( فاصبر إن
وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون )، فقامت فئة سنية تناضل عن السنة،
ولا غرو فقد أخذوا العلم والعمل عن الذي أخذ عن شيخه العلم والعمل بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقاموا قومة رجل واحد لا تفرق بل وفاقًا واتفاقًا والحمد لله فهم رجال ـــــ أرجوا ــــــ صدقوا في الدفاع عن الحق.واللهِ إن اللسان والبنان والبيان ليعجزوا عن وصف حقيقة ما وقع من الحق وبطل ما كان يصنعه الحوثيون، فإنهم مفسدون، وإن الله لا يصلح عمل المفسدين، ( فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين )، ( ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجههم وأدبارهم ....) الآيةثم جاء الله بجنودٍ لا قبل للحوثيين بها وأخرجوهم أذلة وهم صاغرون وهذا من فضل الله.انظروا كيف كذبوا على أنفسهم فإنهم هم الذين قالوا سنقضي على دماج في ساعات قليلة وستفنى عما قليل، فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب، وأصبحوا يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فالحمد لله رب العالمين.وبعد ما كبتوا جاء يهرعون طالبين الصلح بزعمهم وهم كذبة خونة فجرة، يخادعون الله والذين ءامنوا وما يخادعون إلا أنفسهم وما يشعرون.ثانيا: عقد الشيخ يحيى صلحًا صرفًا الحصار مما يدل على رسوخ علمه وواسع خبرته رجاحة عقله. لأن هدف أولئك الرئيسي، لم يكن قتل الطلاب في دماج فحسب، وإنما كان هدفهم هدفًا عقائديًّا وسياسيًّا يتوقف تحقيقه والوصول إليه على هدم الكيان الإسلامي من الأساس.كما أن من أبرز ما في هذه المفاوضات الموافقة منهج النبوة في التحرك لفك الأزمات عند استحكامها وتأزمها، لتكون لأجيال المجتمع المسلم درسًا تربويًّا من دروس التربية المنهجية عند اشتداد البلاء.فلله دره من عالم محنك مجاهد رباني.
وكتبه
محبكم في الله
مجدي سلطان
وقد لا يكون للتكوين النظري قدرًا ومنزلة ما لم تشترك فيه عوامل الشدة والبلاء.فالبصبر واليقين تنال الإمامة في الدين، ولا يمكن المرء حتى يبتلى، قال تعالى: ( وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا وكانوا بآياتنا يوقنون ). والإيمان نفسه بحاجة إلى المحنة؛ لسبر غوره و إدراك مداه، فالإيمان القوي الراسخ هو الذي يصمد في ساعة العسرة . أما الإيمان السقيم العليل فسرعان ما تكشفه المحن وتصدعه، ولذا قال الله تعالى: (أحسب الناس أن يتركوا أن يقول آمنا وهم لا يفتنون ) وقال:( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ ءَامَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ(10) وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ(11)) { [سورة العنكبوت] .صور من محن الأولين :قضت سنة الله .. أن يكون الحق في صراع أبدي مع الباطل، قال تعالى: ( وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا(19) ) [سورة الجن] ... ( يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ(8) ) [سورة الصف] . ومنذ وجد الخير ووجد الشر، والصراع عنيف بينهما، والحقيقة التي تتكرر باستمرار هي أن الحق دائمًا في انتصار، وأن الباطل دائمًا في اندثار :( وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ(171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ(172) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ(173) ) [سورة الصافات].ولله در ابن القيم القائل: فالحقُ منصورٌ وممتحن فلا تعجب فهذي سنة الرحمنفالمحنة في حياة أولي العزم من الرسل فقد قال الذين كفروا من قوم نوح له:
( لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين)، وكذلك قوم إبراهيم: ( قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين)، وكذلك قوم موسى، فإنه ابتلى وأوذي منهم كثيرًا فصبر:
فمن ذلك: (فقالوا أرنا الله جهرة )، و( اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون )،
و( قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا )، و( اجعل لنا إلهًا كما لهم آلهة )، وكذلك قوم عيسى أردوا قتله وصلبه فجعل الله مكرهم عليهم:( ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين )، ولذا قال الله لخير البرية نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: ( فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل )، فهو إمام الصابرين، قد ابتلى من قومه كثيرًا فصبر صبرًا جميلا صلى الله عليه وسلم.فلابد من المحن والابتلاء للتمحيص والتمكين وهذا في الدنيا وفي الآخرة نعيم مقيم والنظر إلى وجه بنا الكريم. هذا، والناظر في الأحوال التي تمر بها الأمة الإسلامية يجد البلاء والمحن من كل حدب وصول، وقليل ممن يتبصر، فالحمد لله على طائفة تتعلم الكتاب والسنة على منهج سلف الأمة، وقد جمع الله لها بين العلم والجهاد. فلو أن المسلمين أخذوا بكافة الاحتياطات في تأمين جبهتهم الداخلية، ومحاولة الدفاع عن الإسلام والمسلمين من كيد الأحزاب الزاحف لما استطاعوا إلا بتوفيق من الله جل وعلا ، إلا أن سنة الله الماضية لا نصر إلا بعد شدة، ولا منحة إلا بعد محنة، وكلما اقترب النصر زاد البلاء والامتحان، وقد ازدادت محنة المسلمين في هذا العصر وبخاصة على أهل السنة وبخاصة أهل دماج لأنها في معقل الروافض قاتلهم الله
وقد فعلوا أمورًا:أولاً: فرض الحصار وتشديده على دماج، وتخاذل من له قوة وقدرة على دفع ذلك عنهم.ثم زادت جيوش الحوثة في تشديد الحصار على دماج بعد انضمام بعض المرتزقة إليها، واشتد الكرب على أهل دماج، وتأزم الموقف، وقد بين الله عز وجل هذا من قبل في القرآن الكريم عن حالة الحرج والتدهور التي أصابت المسلمين يوم الخندق ووصف ما وصل إليه المسلمون من جزع وخوف، وفزع في تلك المحنة الرهيبة أصدق وصف، حيث قال تعالى: ( إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيدًا ) [الأحزاب: 10،11]. وكان ظن المسلمين بالله قويًا، وقد سجله القرآن الكريم بقوله تعالى: ( وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا ) [الأحزاب: 22].وتزايدت محاولات الحوثيين لاقتحام دار الحديث، وأصبحت جنود إبليس تطوف بأعداد كبيرة كل ليلة حول الدار حتى الصباح.فما كان من العالم الرباني ذاك المجاهد المحنك ــــــ ولما لا وهو قد تربى على علامة رباني وقل ما شئت من الخير، ولا نزكيه على الله ـــــــ أن يدعو إلى الجهاد بعد أن صبر صبرًا جميلا، صبر على الحصار ومنع الغذاء والدواء، فإن هذا لهو البلاء، وصبر من معه، فكانت عاقبتهم حميدة، ( فاصبر إن العاقبة للمتقين) ( فاصبر إن
وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون )، فقامت فئة سنية تناضل عن السنة،
ولا غرو فقد أخذوا العلم والعمل عن الذي أخذ عن شيخه العلم والعمل بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقاموا قومة رجل واحد لا تفرق بل وفاقًا واتفاقًا والحمد لله فهم رجال ـــــ أرجوا ــــــ صدقوا في الدفاع عن الحق.واللهِ إن اللسان والبنان والبيان ليعجزوا عن وصف حقيقة ما وقع من الحق وبطل ما كان يصنعه الحوثيون، فإنهم مفسدون، وإن الله لا يصلح عمل المفسدين، ( فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين )، ( ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجههم وأدبارهم ....) الآيةثم جاء الله بجنودٍ لا قبل للحوثيين بها وأخرجوهم أذلة وهم صاغرون وهذا من فضل الله.انظروا كيف كذبوا على أنفسهم فإنهم هم الذين قالوا سنقضي على دماج في ساعات قليلة وستفنى عما قليل، فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب، وأصبحوا يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فالحمد لله رب العالمين.وبعد ما كبتوا جاء يهرعون طالبين الصلح بزعمهم وهم كذبة خونة فجرة، يخادعون الله والذين ءامنوا وما يخادعون إلا أنفسهم وما يشعرون.ثانيا: عقد الشيخ يحيى صلحًا صرفًا الحصار مما يدل على رسوخ علمه وواسع خبرته رجاحة عقله. لأن هدف أولئك الرئيسي، لم يكن قتل الطلاب في دماج فحسب، وإنما كان هدفهم هدفًا عقائديًّا وسياسيًّا يتوقف تحقيقه والوصول إليه على هدم الكيان الإسلامي من الأساس.كما أن من أبرز ما في هذه المفاوضات الموافقة منهج النبوة في التحرك لفك الأزمات عند استحكامها وتأزمها، لتكون لأجيال المجتمع المسلم درسًا تربويًّا من دروس التربية المنهجية عند اشتداد البلاء.فلله دره من عالم محنك مجاهد رباني.
وكتبه
محبكم في الله
مجدي سلطان
تعليق