تويت
::الرباط الرباط يا أهل الرباط:: لأبي عبد الله أبي بكر بن ماهر بن جمعة المصري -حفظه الله-
الرباط الرباط يا أهل الرباط
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، الصادق الوعد الأمين، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليمًا، ورضي الله عن الصحب أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن رافضة صعدة -قبحهم الله- أهل حرب من سنين، وليست حربهم وليدة اليوم، وهم قوم لا يردعهم إلا السيف، خاصة أنهم مُخْلِفوا الوعود، وناكثوا العهود، وناقضوا العقود، وإذا كان المنافق المُسِر بنفاقه يُكف عنه السيف، فإن الرافضة منافقون زنادقة معلنون بزندقتهم ونفاقهم، فهم في الوقت الذي يظهرون فيه الإسلام، ينقضونه بالرفض والكفر المحض، فهؤلاء لا يكف عنهم خاصة أنهم طير طارئ على اليمن، ونبْت خبيث، يجب أن يجتث ويقتلع من جذوره قبل أن يستفحل شره ويعظم ضرره على البلاد اليمنية، والحرب بين أهل السنة والرافضة هي أشرف الحروب الموجودة الآن على ظهر الأرض، فكم من خارجي محارب اليوم من أجل دنياه!!
وكم في حروب الخوارج من قتلى!!
أفلا يكون أهل السنة أولى بالتضحية والجهاد من أجل الدين وإعلاء كلمة الله وجعل كلمة المنافقين الزنادقة السفلى ؟!
هذا، وقد رغبت إلى أخينا أسامة بن محمد -حفظه الله- في جمع ما يتعلق بالرباط من سير أعلام النبلاء، للحافظ الذهبي -رحمه الله- بواسطة الحاسوب لخبرته بذلك، فجمع -جزاه الله خيرًا- شيئًا كثيرًا، اختصرته، واقتصرت منه على ما يناسب المقام، وقد علقت على بعض المواضع منه بما يتمم الفائدة، قاصدا بذلك شحذ همم إخواننا المرابطين في كتاف ودماج أو غيرهما، مذكرًا إياهم بسيرة بعض سلفهم في باب الرباط، والذكرى تنفع المؤمنين، فالله الله في ما أحرزتموه -معشر المجاهدين- من نصر وتقدم وحوز لكثير من مواقع الرافضة وأسلحتهم، فإن غاية أماني القوم الآن هي أن تبرحوا من أماكنكم،وتعودوا أدراجكم إلى بلادكم، بحيث تخلو لهم تلك المواضع، ويتترسوا فيها، أو غير ذلك مما يتمنون، فحولوا -حفظكم الله- بين الرافضة وبين ما يشتهون.
هذا، وإن الرافضة لو تمكنوا من إقامة دولة خاصة بهم بصعدة وما حولها لهددت أمن اليمن وبلاد الخليج، ولزحفت منها إلى غيرها، بمساعدة أمهم إيران لهم، وهذا يوجب على اليمنيين قبل غيرهم الحيلولة بين الرافضة وبين تحقيق ذلك المطمع، وذلك بالأخذ بجميع الأسباب الممكنة التي تَحُول دون ذلك، ومن تلك الأسباب المرابطة بالثغور، واتخاذ المواقع الحصينة، كما أنه يوجب على من يلي اليمن من البلاد أن يعينوا المجاهدين والمرابطين باليمن بما يحتاجون إليه من الأرزاق والسلاح والعتاد لصد عدوان الرافضة ودحرهم.
هذا، وإن الرباط مأمور به في كتاب الله في قوله -تعالى-:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}([1]).
أما فضل الرباط ففيه أحاديث كثيرة قد تضمنت التراجم المذكورة بعضها، فإلى تلك التراجم -وفقنا الله وإياكم- لأسباب مراضيه.
1- أبو عبيدة بن الجراح -رضي الله عنه-:
وَقَالَ ابْنُ المُبَارَكِ فِي (الجِهَادِ) لَهُ: عَنْ هِشَامِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
بَلَغَ عُمَرَ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ حُصِرَ بِالشَّامِ، وَنَالَ مِنْهُ العَدُوُّ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ:
أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ مَا نَزَلَ بِعَبْدٍ مُؤْمِنٍ شِدَّةٌ، إِلاَّ جَعَلَ اللهُ بَعْدَهَا فَرَجًا، وَإِنَّهُ لاَ يَغْلِبُ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ:
{يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا} الآيَةَ [آلُ عِمْرَانَ: 200].
قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو عُبَيْدَةَ:
أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللهَ يَقُوْلُ: {أَنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} إِلَى قَوْلِهِ: {مَتَاعُ الغُرُوْرِ} [الحَدِيْدُ: 20].
قَالَ: فَخَرَجَ عُمَرُ بِكِتَابِهِ، فَقَرَأَهُ عَلَى المِنْبَرِ، فَقَالَ:
يَا أَهْلَ المَدِيْنَةِ! إِنَّمَا يُعَرِّضُ بِكُم أَبُو عُبَيْدَةَ أَوْ بِي، ارْغَبُوا فِي الجِهَادِ.
2- قِصَّةُ سَلْمَانَ الفَارِسِيِّ
قَالَ الحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ ابْنُ عَسَاكِرَ: هُوَ سَلْمَانُ ابْنُ الإِسْلاَمِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الفَارِسِيُّ، سَابِقُ الفُرْسِ إِلَى الإِسْلاَمِ.
...
قال الذهبي: وَكَانَ لَبِيْبًا، حَازِمًا، مِنْ عُقَلاَءِ الرِّجَالِ، وَعُبَّادِهِم، وَنُبَلاَئِهِم.
قَالَ يَحْيَى بنُ حَمْزَةَ القَاضِي: عَنْ عُرْوَةَ بنِ رُوَيْمٍ، عَنِ القَاسِمِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَهُ، قَالَ:
زَارَنَا سَلْمَانُ الفَارِسِيُّ، فَصَلَّى الإِمَامُ الظُّهْرَ، ثُمَّ خَرَجَ وَخَرَجَ النَّاسُ، يَتَلَقَّوْنَهُ كَمَا يُتَلَقَّى الخَلِيْفَةُ، فَلَقِيْنَاهُ وَقَدْ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ العَصْرَ، وَهُوَ يَمْشِي، فَوَقَفْنَا نُسَلِّمُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَبْقَ فِيْنَا شَرِيْفٌ إِلاَّ عَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْزِلَ بِهِ.
فَقَالَ: جَعَلْتُ عَلَى نَفْسِي مَرَّتِي هَذِهِ أَنْ أَنْزِلَ عَلَى بَشِيْرِ بنِ سَعْدٍ.
فَلَمَّا قَدِمَ، سَأَلَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، فَقَالُوا: هُوَ مُرَابِطٌ.
فَقَالَ: أَيْنَ مُرَابَطُكُم؟
قَالُوا: بَيْرُوْتُ.
فَتَوَجَّهَ قِبَلَهُ.
قَالَ: فَقَالَ سَلْمَانُ: يَا أَهْلَ بَيْرُوْتَ! أَلاَ أُحَدِّثُكُم حَدِيْثًا يُذْهِبُ اللهُ بِهِ عَنْكُمْ عَرَضَ الرِّبَاطِ؟
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ:
(رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، كَصِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ، وَمَنْ مَاتَ مُرَابِطًا أُجِيْرَ مِنْ فِتْنَةِ القَبْرِ، وَجَرَى لَهُ صَالِحُ عَمَلِهِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ)([2]).
3- حَنَشُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ حَنْظَلَةَ النَّسَائِيُّ
أَبُو رِشْدِيْنَ النَّسَائِيُّ، الصَّنْعَانِيُّ.
...
نَزَلَ إِفْرِيْقِيَةَ مُرَابطًا، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ مائَةٍ.
4- الأَعْرَجُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ هُرْمُزَ المَدَنِيُّ
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الحُجَّةُ، المُقْرِئُ، أَبُو دَاوُدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ هُرْمُزَ المَدَنِيُّ، الأَعْرَجُ، مَوْلَى مُحَمَّدِ بنِ رَبِيْعَةَ بنِ الحَارِثِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ بنِ هَاشِمٍ.
...
اتَّفَقَ أَنَّ الأَعْرَجَ سَافَرَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ إِلَى مِصْرَ، وَمَاتَ مُرَابِطًا بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ.
5- عُلَيُّ بنُ رَبَاحِ بنِ قَصِيْرٍ اللَّخْمِيُّ
ابْنِ قَشِيْبِ بنِ يَيْنَعَ اللَّخْمِيُّ، الإِمَامُ، الثِّقَةُ، أَبُو مُوْسَى اللَّخْمِيُّ، المِصْرِيُّ.
...
قَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: قِيْلَ: إِنَّهُ وُلِدَ عَامَ اليَرْمُوْكِ.
قَالَ: وَذَهَبَتْ عَيْنُهُ يَوْم غَزْوَةِ ذَاتِ الصَّوَارِي فِي البَحْرِ مَعَ الأَمِيْرِ عَبْدِ اللهِ بنِ سَعْدِ بنِ أَبِي سَرْحٍ، فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ.
وَكَانَتْ لَهُ مَنْزِلَةٌ مِنَ الأَمِيْرِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ مَرْوَانَ، وَهُوَ الَّذِي زَفَّ بِنْتَهُ أُمَّ البَنِيْنَ إِلَى الشَّامِ حَتَّى عَمِلَ عُرْسَهَا عَلَى الوَلِيْدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ، ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ العَزِيْزِ تَغَيَّرَ عَلَيْهِ، فَأَغْزَاهُ إِلَى إِفْرِيْقِيَةَ، فَلَمْ يَزَلْ مُرَابِطًا بِهَا إِلَى أَنْ مَاتَ.
6- القَاسِمُ بنُ مُخَيْمِرَةَ الهَمْدَانِيُّ
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، الحَافِظُ، أَبُو عُرْوَةَ الهَمْدَانِيُّ، الكُوْفِيُّ، نَزِيْلُ دِمَشْقَ.
...
قَالَ الأَوْزَاعِيُّ:كَانَ القَاسِمُ يَقْدَمُ عَلَيْنَا مُرَابِطًا.
7- الأَوْزَاعِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَمْرِو بنِ يُحْمَدَ
شَيْخُ الإِسْلاَمِ، وَعَالِمُ أَهْلِ الشَّامِ، أَبُو عَمْرٍو الأَوْزَاعِيُّ.
كَانَ يَسْكُنُ بِمَحَلَّةِ الأَوْزَاعِ، وَهِيَ العُقَيْبَةُ الصَّغِيْرَةُ، ظَاهِرَ بَابِ الفَرَادِيْسِ بِدِمَشْقَ، ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى بَيْرُوْتَ مُرَابِطًا بِهَا إِلَى أَنْ مَاتَ.
8- سُفْيَانُ بنُ سَعِيْدِ بنِ مَسْرُوْقٍ الثَّوْرِيُّ
ابْنِ حَبِيْبِ بنِ رَافِعِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مَوْهِبَةَ بنِ أُبَيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُنْقِذِ بنِ نَصْرِ بنِ الحَارِثِ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ عَامِرِ بنِ مِلْكَانَ بنِ ثَوْرِ بنِ عَبْدِ مَنَاةَ بنِ أُدِّ بنِ طَابِخَةَ بنِ إِلْيَاسَ بنِ مُضَرَ بنِ نِزَارِ بنِ مَعَدِّ بنِ عَدْنَانَ.
وَكَذَا نَسَبَهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ خَلَفٍ التَّيْمِيِّ، غَيْرَ أَنَّهُ أَسقَطَ مِنْهُ مُنْقِذًا، وَالحَارِثَ، وَزَادَ بَعْدَ مَسْرُوْقٍ حَمْزَةَ، وَالبَاقِي سَوَاءٌ.
...
وَعَنِ الفِرْيَابِيِّ، قَالَ: أَتَى سُفْيَانُ بَيْتَ المَقْدِسِ، فَأَقَامَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، وَرَابَطَ بِعَسْقَلاَنَ أَرْبَعِيْنَ يَوْمًا، وَصَحِبتُهُ إِلَى مَكَّةَ.
9- عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ بنِ أَبِي إِسْحَاقَ عَمْرِو بنِ عَبْدِ اللهِ الهَمْدَانِيُّ
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، الحَافِظُ، الحُجَّةُ، أَبُو عَمْرٍو، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الهَمْدَانِيُّ، السَّبِيْعِيُّ، الكُوْفِيُّ، المُرَابِطُ بِثَغْرِ الحَدَثِ، أَخُو الحَافِظِ إِسْرَائِيْلَ.
10- مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ مَعْدَانَ الأَصْبَهَانِيُّ
الزَّاهِدُ، العَابِدُ، القُدْوَةُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الأَصْبَهَانِيُّ، عَرُوْسُ الزُّهَّادِ.
...
قَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: مَا رَأَيْتُ خَيْرًا مِنْهُ، فَذُكِرَ لَهُ الثَّوْرِيُّ، فَقَالَ: هَذَا شَيْءٌ، وَهَذَا شَيْءٌ.
وَكَانَ لاَ يَضَعُ جَنْبَهُ، وَقَدْ رَابَطَ.
11- يُوْسُفُ بنُ أَسْبَاطٍ
الزَّاهِدُ، مِنْ سَادَاتِ المَشَايِخِ، لَهُ مَوَاعِظُ وَحِكَمٌ.
...
نَزَلَ الثُّغُوْرَ مُرَابِطًا.
12- حَجَّاجُ بنُ مُحَمَّدٍ أَبُو مُحَمَّدٍ المَصِّيْصِيُّ
الإِمَامُ، الحُجَّةُ، الحَافِظُ، أَبُو مُحَمَّدٍ المَصِّيْصِيُّ، الأَعْوَرُ، مَوْلَى سُلَيْمَانَ بنِ مُجَالِدٍ، تَرْمِذِيُّ الأَصْلِ، سَكَنَ بَغْدَادَ، ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى المَصِّيْصَةِ، وَرَابَطَ بِهَا.
13- عَلِيُّ بنُ بَكَّارٍ أَبُو الحَسَنِ البَصْرِيُّ
الإِمَامُ، الرَّبَّانِيُّ، العَابِدُ، أَبُو الحَسَنِ البَصْرِيُّ، الزَّاهِدُ، نَزِيْلُ المَصِّيْصَةِ، وَمُرِيْدُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَدْهَمَ.
...
قُلْتُ –القائل الذهبي-: وَكَانَ فَارِسًا، مُرَابِطًا، مُجَاهِدًا، كَثِيْرَ الغَزْوِ، فَرُوِيَ([3]) عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ:
وَاقَعْنَا العَدُوَّ، فَانْهَزَمَ المُسْلِمُوْنَ، وَقَصَّرَ بِي فَرَسِي، فَقُلْتُ: إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُوْنَ.
فَقَالَ الفَرَسُ: نَعَمْ، إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُوْنَ، حَيْثُ تَتَّكِلُ عَلَى فُلاَنَةَ فِي عَلَفِي، فَضَمِنْتُ أَنْ لاَ يَلِيَهُ غَيْرِي.
14- مُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرِ بنِ أَبِي عَطَاءٍ الصَّنْعَانِيُّ
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، أَبُو يُوْسُفَ الصَّنْعَانِيُّ، ثُمَّ المَصِّيْصِيُّ.
...
وَذَكَرَ هِبَةُ اللهِ بنُ الأَكْفَانِيِّ: أَنَّهُ مِنْ مَصِّيْصَةِ دِمَشْقَ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، فَإِنَّهُ كَانَ مُرَابِطًا بِثَغرِ الشَّامِ.
15- ابْنُ الطَّبَّاعِ مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى بنِ نَجِيْحٍ
الحَافِظُ الكَبِيْرُ، الثِّقَةُ، أَبُو جَعْفَرٍ ابْنُ الطَّبَّاعِ البَغْدَادِيُّ، أَخُو الحَافِظِ الإِمَامِ إِسْحَاقَ بنِ عِيْسَى، وَيُوْسُفَ بنِ عِيْسَى.
تَحَوَّلَ إِلَى الشَّامِ، وَرَابَطَ بِأَذَنَةَ مِنْ بِلاَدِ الثُّغُوْرِ.
16- إِبْرَاهِيْمُ بنُ مَهْدِيٍّ المَصِّيْصِيُّ
بَغْدَادِيٌّ، صَاحِبُ حَدِيْثٍ، مُرَابِطٌ.
17- أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ أَبُو عَبْدِ اللهِ
هُوَ: الإِمَامُ حَقًّا، وَشَيْخُ الإِسْلاَمِ صِدْقًا، أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَنْبَلِ ... الذُّهْلِيُّ، الشَّيْبَانِيُّ، المَرْوَزِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، أَحَدُ الأَئِمَّةِ الأَعْلاَمِ.
...
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مَحْمُوْدِ بنِ الفَرَجِ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ أَحْمَدَ يَقُوْلُ:
خَرَجَ أَبِي إِلَى طَرَسُوْسَ، وَرَابَطَ بِهَا، وَغزَا.
ثُمَّ قَالَ أَبِي: رَأَيْتُ العِلْمَ بِهَا يَمُوْتُ.
وَعَنْ أَحْمَدَ، أَنَّه قَالَ لِرَجُلٍ: عَلَيْك بِالثَّغْرِ، عَلَيْك بِقَزْوِيْنَ، وَكَانَتْ ثَغْرًا.
18- الجَوْهَرِيُّ إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعِيْدٍ البَغْدَادِيُّ
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، صَاحِبُ (المُسْنَدِ) الأَكْبَرِ، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعِيْدٍ البَغْدَادِيُّ، الجَوْهَرِيُّ، وَأَصْلُهُ مِنْ طَبَرِسْتَانَ.
...
وَتُوُفِّيَ: مُرَابِطًا، بِعَيْنِ زَرْبَةَ.
19- عَلِيُّ بنُ حَرْبِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الطَّائِيُّ
أَخُوْهُ: المُحَدِّثُ الثِّقَةُ العَابِدُ المُجَاهِدُ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ حَرْبٍ الطَّائِيُّ
قَالَ يَزِيْدُ الأَزْدِيُّ فِي (تَارِيْخِهِ): كَانَ وَرِعًا، فَاضِلاً، رَابَطَ بِأَذنَةَ، وَبِهَا تُوُفِّيَ.
20- زُهَيْرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ قُمَيْرِ بنِ شُعْبَةَ المَرْوَزِيُّ
الإِمَامُ، الرَّبَّانِيُّ، المُحَدِّثُ، الثَّبْتُ، أَبُو مُحَمَّدٍ - وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ - المَرْوَزِيُّ، نَزِيْلُ بَغْدَادَ.
...
انْتَقَلَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ عَنْ بَغْدَادَ إِلَى طَرَسُوْسَ، فَرَابطَ بِهَا إِلَى أَنْ مَاتَ.
21- البَلاَذُرِيُّ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى بنِ جَابِرٍ
العَلاَّمَةُ، الأَدِيْبُ، المُصَنِّفُ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى بنِ جَابِرٍ البَغْدَادِيُّ، البَلاَذُرِيُّ، الكَاتِبُ، صَاحِبُ (التَّارِيْخِ الكَبِيْرِ).
...
وَقَدْ رَبَطَ([4]) فِي البِيْمَارِسْتَانَ، وَفِيْهِ مَاتَ.
22- بَقِيُّ بنُ مَخْلَدِ بنِ يَزِيْدَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْدَلُسِيُّ
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْدَلُسِيُّ، القُرْطُبِيُّ، الحَافِظُ، صَاحِبُ (التَّفْسِيْرِ) وَ(المُسْنَدِ) اللَّذَيْنِ لاَ نَظِيْرَ لَهُمَا.
...
وَكَانَ يُصَلِّي بِالنَّهَارِ مائَةِ رَكْعَةٍ، وَيَصُوْمُ الدَّهْرَ.
وَكَانَ كَثِيْرَ الجِهَادِ، فَاضِلاً، يُذْكَرُ عَنْهُ أَنَّهُ رَابَطَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ غَزْوَةً.
23- الفِرْيَابِيُّ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ المُسْتَفَاضِ
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثَّبْتُ، شَيْخُ الوَقْتِ، أَبُو بَكْرٍ الفِرْيَابِيُّ، القَاضِي.
فصل:
وَفِي العُلَمَاءِ جَمَاعَةٌ، اسْمُهُم:جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَقَدْ مَرَّ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ، وَأَجَلُّهُم:
...
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ نُوْحٍ:يَرْوِي عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى بنِ الطَّبَّاعِ، ثِقَةٌ كَبِيْرٌ، نَزَلَ مُرَابِطًا بِأَذَنَةَ.
24- المَنْبَجِيُّ أَبُو بَكْرٍ عُمَرُ بنُ سَعِيْدِ بنِ أَحْمَدَ
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، القُدْوَةُ، العَابِدُ، أَبُو بَكْرٍ، عُمَرُ بنُ سَعِيْدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ سَعْدِ بنِ سِنَان الطَّائِيّ المَنْبِجِيّ.
...
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ:كَانَ قَدْ صَام النَّهَار وَقَامَ اللَّيْل ثَمَانِيْنَ سَنَةً، غَازيًا مرَابطًا - رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ - .
25- الفَرَبْرِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ مَطَرٍ([5])
المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، العَالِمُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ مَطَرِ بنِ صَالِحِ بنِ بِشْرٍ الفِرَبْرِيُّ، رَاوِي(الجَامِعِ الصَّحِيْحِ)عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ البُخَارِيِّ، سَمِعَهُ مِنْهُ بِفَرَبْرَ مَرَّتينِ.
وَسَمِعَ أَيْضًا مِنْ عَلِيِّ بنِ خَشْرَمَ لَمَّا قَدِمَ فِرَبر مُرَابطًا.
26- ابْنُ أَبِي عُثْمَانَ مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، القُدْوَةُ، الزَّاهِدُ، الأَدِيْبُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ ابنُ الإِمَامِ الزَّاهِدِ أَبِي عُثْمَانَ سَعِيْدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ النَّيْسَابُوْرِيُّ، الحِيْرِيُّ.
... وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الغزَاة فِي سَبِيْل الله وَيرَابط بطَرَسُوْس.
27- الزَّيْديُّ أَبُو أَحْمَدَ حَامِدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ
الإِمَامُ، الحَافِظُ، النَّاقِد، المُجَوِّدُ، أَبُو أَحْمَدَ حَامِدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ المَرْوَزِيُّ، المَشْهُورُ بِالزَّيْديِّ؛لِكَوْنِهِ اعتنَى بجمع أَحَادِيْث زَيْد بنِ أَبِي أُنَيْسَة.
سكن طَرَسُوْس مُرَابطًا.
28- ابْنُ القَاصِّ أَحْمَدُ بنُ أَبِي أَحْمَدَ الطَّبَرِيُّ
الإِمَامُ، الفَقِيْه، شَيْخُ الشَّافِعِيَّة، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ أَبِي أَحْمَدَ الطَّبَرِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ الشَّافِعِيُّ ابْنُ القَاصّ تِلْمِيْذُ أَبِي العَبَّاسِ بن سُرَيْج.
....
وَتُوُفِّيَ مُرَابطًا بِطَرَسُوْس.
29- حُسَيْنَكَ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ التَّمِيْمِيُّ
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الأَنْبَلُ، القُدْوَةُ، أَبُو أَحْمَدَ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى التَّمِيْمِيُّ النَّيْسَابُوْرِيُّ حُسَيْنَكُ، وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا:ابْنُ مُنَيْنَةَ.
...
أَخْرَجَ مَرَّةً عَشْرَةً مِنَ الغُزَاةِ بآلَتِهِم عِوَضًا عَنْ نَفْسِهِ، وَرَابَطَ غَيْرَ مَرَّةٍ.
30- سُلَيْمُ بنُ أَيُّوْبَ بنِ سُلَيْمٍ أَبُو الفَتْحِ الرَّازِيُّ
الإِمَامُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو الفَتْحِ الرَّازِيُّ، الشَّافِعِيُّ.
...
وَسَكَنَ الشَّامَ مُرَابِطًا، نَاشِرًا لِلْعِلْمِ احْتِسَابًا.
31- الكَامِلُ، مُحَمَّدُ ابْنُ المَلِكِ العَادِلِ بنِ أَيُّوْبَ
السُّلْطَانُ الكَبِيْرُ، المَلِكُ الكَامِلُ، نَاصِرُ الدُّنْيَا وَالدِّيْنِ، أَبُو المَعَالِي، وَأَبُو المُظَفَّرِ مُحَمَّدُ ابْنُ المَلِكِ العَادِلِ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَيُّوْبَ صَاحِب مِصْرَ وَالشَّامِ وَمَيَّافَارِقِيْنَ وَآمد وَخِلاَط وَالحِجَازَ وَاليَمَن وَغَيْر ذَلِكَ.
وُلِدَ: فِي سَنَةِ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، فَهُوَ مِنْ أَقرَان أَخويه المُعَظَّم وَالأَشْرَف، وَكَانَ أَجلّ الثَّلاَثَة، وَأَرْفَعهم رُتْبَة.
...
وَتملّك الدِّيَار المِصْرِيَّة أَرْبَعِيْنَ سَنَةً، شطرهَا فِي أَيَّامِ وَالِده، وَكَانَ عَاقِلاً، مَهِيْبًا، كَبِيْرَ القَدْرِ.
...
قَالَ ابْنُ الأَثِيْرِ: لَمَّا أَخذَتِ الفِرَنْجُ برجُ السِّلْسِلَةِ، عَمِلَ الكَامِلُ عَلَى النِّيلِ جِسْرًا عَظِيْمًا، فَالتحَمَ القِتَالُ حَتَّى قطعَتْهُ الفِرَنْجُ، فَعمدَ الكَامِلُ إِلَى عِدَّةِ مَرَاكِبَ، وَملأَهَا حجَارَةً وَغَرَّقَهَا فِي المَاءِ ليمنَعَ مَرْكَبًا مِنْ سُلُوْكٍ، فَحَفَرَتِ الفِرَنْجُ خَلِيْجًا وَأَخَّرُوهُ، وَأَدخلُوا مَرَاكِبَهُم مِنْهُ، حَتَّى دَخَلُوا بُورَةً، وَحَاذَوُا الكَامِلَ، وَقَاتَلُوْهُ مَرَّاتٍ فِي المَاءِ، وَلَمْ يَتغَيَّرْ عَنْ أَهْلِ دِمْيَاطَ شَيْءٌ، لأَنَّ المِيْرَةَ وَاصِلَةٌ إِلَيْهِم، وَمَاتَ العَادلُ، فَهَمَّ جَمَاعَةٌ بِتَملِيكِ الفَائِزِ بِمِصْرَ، فَبَادرَ الكَامِلُ وَأَصْبَحَ الجَيْشُ فِي خَبْطَةٍ، وَقَدْ فَقَدُوا الكَامِلَ، فَشدَّتِ الفِرَنْجُ عَلَى دِمْيَاطَ، وَأَخَذُوا بَرَّهَا بِلاَ كُلْفَةٍ، وَلَوْلاَ لُطْفُ اللهِ وَقُدومُ المُعَظَّم بَعْدَ يَوْمَيْنِ لَرَاحتْ مِصْرُ، فَفَرحَ بِهِ الكَامِلُ، وَبعثَوا عِمَادَ الدِّيْنِ أَحْمَدَ بنَ المَشْطُوْبِ الَّذِي سَعَى لِلْفَائِزِ إِلَى الشَّامِ، وَتَمَادَى حِصَارُ الفِرَنْجِ لدِمْيَاطَ، وَصَبَرَ أَهْلُهَا صَبْرًا عَظِيْمًا، وَقُتِلَ مِنْهُم خلقٌ، وَقَلُّوا وَجَاعُوا، فَسلَّمُوهَا بِالأَمَانِ، فَحَصَّنَهَا العَدُوُّ، وَأَشرفَ النَّاسُ عَلَى خِطَّةٍ صَعْبَةٍ، وَهَمَّ أَهْلُ مِصْرَ بِالجلاَءِ، وَأُخِذَتْ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ، وَدَامَ الكَامِلُ مُرَابِطًا إِلَى سَنَةِ ثَمَانِي عَشْرَةَ، وَأَقْبَلَ الأَشْرَفُ مُنْجِدًا لأَخِيهِ، وَقَوِيَ المُسْلِمُوْنَ، وَحَاربُوا الفِرَنْجَ مَرَّاتٍ، وَتَرَدَّدَتِ الرُّسُلُ فِي هُدنَةٍ، وَبَذَلُوا لِلْفرنجِ القُدْسَ وَعَسْقَلاَنَ وَقِلاَعًا سِوَى الكَرَكِ، فَأَبَوْا، وَطَلَبُوا ثَلاَثَ مائَةِ أَلْفِ دِيْنَارٍ عِوَضًا عَنْ تَخرِيبِ سُورِ القُدْسِ، فَاضطرَّ المُسْلِمُوْنَ إِلَى حَرْبِهِم([6]).
...
قَالَ ابْنُ وَاصِلٍ: اسْتَوْزَر صَفِيّ الدِّيْنِ أَوَّلاً، فَلَمَّا مَاتَ، لَمْ يَسْتَوْزِر أَحَدًا، كَانَ يَتولَّى الأُمُوْر بِنَفْسِهِ، وَكَانَ مَهِيْبًا، حَازِمًا، مدبّرًا، عَمَرت مِصْر فِي أَيَّامِهِ، وَكَانَ عِنْدَهُ مَسَائِل مِنَ الفِقْه وَالنَّحْو يُوردهَا، فَمَنْ أَجَابَ فِيْهَا، حظِي عِنْدَهُ، وَجَاءته خلع السّلطنَة عَلَى يَد السُّهْرَوَرْدِيّ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّ مائَةٍ، وَالتقليد بِمِصْرَ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُوْدًا، وَهِيَ: جُبَّة وَاسِعَة الكُم بِطرز ذهب، وَعِمَامَة، وَطوق وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ، وَمِنْ همّته أَنَّ الفِرَنْج لَمَّا أَخذُوا دِمْيَاط، أَنشَأَ عَلَى برِيْد مِنْهَا مدينَة المَنْصُوْرَة، وَاسْتوطنهَا مُرَابِطًا حَتَّى نصره الله، فَإِنَّ الفِرَنْج طمعُوا فِي أَخْذِ مِصْر، وَعَسْكَرُوا بِقُرْبِ المَنْصُوْرَة، وَالْتَحَمَ القِتَال أَيَّامًا، وَأَلحّ الكَامِل عَلَى إِخْوَته بِالمجِيْء، فَجَاءهُ أَخوَاهُ الأَشْرَف وَالمُعَظَّم فِي جَيْش لجب، وَهَيْئَة تَامَّة، فَقوِي الإِسْلاَم، وَضَعفت نُفُوْس الفِرَنْج، وَرسلهُم تَتردد، وَبَذَلَ لَهُم الكَامِل قَبْل مجِيْء النّجدَة القُدْس وَطبرِيَّة وَعَسْقَلاَن وَجبلَة وَاللاَّذِقِيَّة وَأَشيَاء عَلَى أَنْ يَردّوا لَهُ دِمْيَاط، فَأَبَوا، وَطَلَبُوا مَعَ ذَلِكَ ثَلاَث مائَة أَلْف دِيْنَار ليعمرُوا بِهَا أَسوَار القُدْس، وَطَلَبُوا الكَرَك، فَاتّفقَ أَن جَمَاعَة مِنَ المُسْلِمِيْنَ، فَجّرُوا مِنَ النِّيل ثلمَة عَلَى مَنْزِلَة العَدُوّ، فَأحَاط بِهِم النِّيل فِي هيجَانه، وَلاَ خِبرَة لَهُم بِالنِّيل، فَحَال بَيْنهُم وَبَيْنَ دِمْيَاط، وَانقطعت المِيْرَة عَنْهُم، وَجَاعُوا وَذلوا، فَأَرْسَلُوا فِي طَلَبِ الأَمَان عَلَى تَسْلِيم دِمْيَاط، وَعَقدَ هدنَة، فَأُجيبُوا، فَسلمُوا دِمْيَاط بَعْد اسْتَقرَارهم بِهَا ثَلاَث سِنِيْنَ -فَللّه الحمد -.
32- المَلِكُ الصَّالِحُ، أَبُو الفُتُوْحِ أَيُّوْبُ ابنُ الكَامِلِ ابْنِ العَادِلِ
السُّلْطَانُ الكَبِيْرُ، المَلِكُ الصَّالِحُ، نَجْمُ الدِّيْنِ، أَبُو الفُتُوْحِ أَيُّوْبُ ابْنُ السُّلْطَانِ المَلِكِ الكَامِلِ مُحَمَّدِ ابْنِ العَادِلِ.
...
وَقِيْلَ: كَانَ فَصِيْحًا، حَسَنَ المُحَاوَرَةِ، عَظِيْمَ السَّطوَةِ، تَعَلَّلَ، وَوقَعَتِ الآكلَةُ فِي فَخِذِه، ثُمَّ اعتَرَاهُ إِسهَالٌ؛ فَتُوُفِّيَ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، بقَصْرِ المَنْصُوْرَة، مُرَابِطًا، فَأَخفَوْا مَوْتَه، وَأَنَّهُ عَليلٌ حَتَّى أَقدمُوا ابْنَه المَلِكَ المُعَظَّمَ تُوْرَانْشَاهَ مِنْ حِصْنِ كَيْفَا، ثُمَّ نُقلَ، فَدُفِنَ بِتُربَتِهِ بِالقَاهِرَةِ.
وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم تسليمًا
تم الفراغ منه في ليلة الثلاثاء الموافق التاسع من شهر صفر
لسنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة وألف من الهجرة
النبوية على صاحبها الصلاة
والسلام
وكتب
أبو بكر بن ماهر بن جمعة المصري
أبو عبدالله
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، الصادق الوعد الأمين، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليمًا، ورضي الله عن الصحب أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن رافضة صعدة -قبحهم الله- أهل حرب من سنين، وليست حربهم وليدة اليوم، وهم قوم لا يردعهم إلا السيف، خاصة أنهم مُخْلِفوا الوعود، وناكثوا العهود، وناقضوا العقود، وإذا كان المنافق المُسِر بنفاقه يُكف عنه السيف، فإن الرافضة منافقون زنادقة معلنون بزندقتهم ونفاقهم، فهم في الوقت الذي يظهرون فيه الإسلام، ينقضونه بالرفض والكفر المحض، فهؤلاء لا يكف عنهم خاصة أنهم طير طارئ على اليمن، ونبْت خبيث، يجب أن يجتث ويقتلع من جذوره قبل أن يستفحل شره ويعظم ضرره على البلاد اليمنية، والحرب بين أهل السنة والرافضة هي أشرف الحروب الموجودة الآن على ظهر الأرض، فكم من خارجي محارب اليوم من أجل دنياه!!
وكم في حروب الخوارج من قتلى!!
أفلا يكون أهل السنة أولى بالتضحية والجهاد من أجل الدين وإعلاء كلمة الله وجعل كلمة المنافقين الزنادقة السفلى ؟!
هذا، وقد رغبت إلى أخينا أسامة بن محمد -حفظه الله- في جمع ما يتعلق بالرباط من سير أعلام النبلاء، للحافظ الذهبي -رحمه الله- بواسطة الحاسوب لخبرته بذلك، فجمع -جزاه الله خيرًا- شيئًا كثيرًا، اختصرته، واقتصرت منه على ما يناسب المقام، وقد علقت على بعض المواضع منه بما يتمم الفائدة، قاصدا بذلك شحذ همم إخواننا المرابطين في كتاف ودماج أو غيرهما، مذكرًا إياهم بسيرة بعض سلفهم في باب الرباط، والذكرى تنفع المؤمنين، فالله الله في ما أحرزتموه -معشر المجاهدين- من نصر وتقدم وحوز لكثير من مواقع الرافضة وأسلحتهم، فإن غاية أماني القوم الآن هي أن تبرحوا من أماكنكم،وتعودوا أدراجكم إلى بلادكم، بحيث تخلو لهم تلك المواضع، ويتترسوا فيها، أو غير ذلك مما يتمنون، فحولوا -حفظكم الله- بين الرافضة وبين ما يشتهون.
هذا، وإن الرافضة لو تمكنوا من إقامة دولة خاصة بهم بصعدة وما حولها لهددت أمن اليمن وبلاد الخليج، ولزحفت منها إلى غيرها، بمساعدة أمهم إيران لهم، وهذا يوجب على اليمنيين قبل غيرهم الحيلولة بين الرافضة وبين تحقيق ذلك المطمع، وذلك بالأخذ بجميع الأسباب الممكنة التي تَحُول دون ذلك، ومن تلك الأسباب المرابطة بالثغور، واتخاذ المواقع الحصينة، كما أنه يوجب على من يلي اليمن من البلاد أن يعينوا المجاهدين والمرابطين باليمن بما يحتاجون إليه من الأرزاق والسلاح والعتاد لصد عدوان الرافضة ودحرهم.
هذا، وإن الرباط مأمور به في كتاب الله في قوله -تعالى-:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}([1]).
أما فضل الرباط ففيه أحاديث كثيرة قد تضمنت التراجم المذكورة بعضها، فإلى تلك التراجم -وفقنا الله وإياكم- لأسباب مراضيه.
1- أبو عبيدة بن الجراح -رضي الله عنه-:
وَقَالَ ابْنُ المُبَارَكِ فِي (الجِهَادِ) لَهُ: عَنْ هِشَامِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
بَلَغَ عُمَرَ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ حُصِرَ بِالشَّامِ، وَنَالَ مِنْهُ العَدُوُّ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ:
أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ مَا نَزَلَ بِعَبْدٍ مُؤْمِنٍ شِدَّةٌ، إِلاَّ جَعَلَ اللهُ بَعْدَهَا فَرَجًا، وَإِنَّهُ لاَ يَغْلِبُ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ:
{يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا} الآيَةَ [آلُ عِمْرَانَ: 200].
قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو عُبَيْدَةَ:
أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللهَ يَقُوْلُ: {أَنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} إِلَى قَوْلِهِ: {مَتَاعُ الغُرُوْرِ} [الحَدِيْدُ: 20].
قَالَ: فَخَرَجَ عُمَرُ بِكِتَابِهِ، فَقَرَأَهُ عَلَى المِنْبَرِ، فَقَالَ:
يَا أَهْلَ المَدِيْنَةِ! إِنَّمَا يُعَرِّضُ بِكُم أَبُو عُبَيْدَةَ أَوْ بِي، ارْغَبُوا فِي الجِهَادِ.
2- قِصَّةُ سَلْمَانَ الفَارِسِيِّ
قَالَ الحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ ابْنُ عَسَاكِرَ: هُوَ سَلْمَانُ ابْنُ الإِسْلاَمِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الفَارِسِيُّ، سَابِقُ الفُرْسِ إِلَى الإِسْلاَمِ.
...
قال الذهبي: وَكَانَ لَبِيْبًا، حَازِمًا، مِنْ عُقَلاَءِ الرِّجَالِ، وَعُبَّادِهِم، وَنُبَلاَئِهِم.
قَالَ يَحْيَى بنُ حَمْزَةَ القَاضِي: عَنْ عُرْوَةَ بنِ رُوَيْمٍ، عَنِ القَاسِمِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَهُ، قَالَ:
زَارَنَا سَلْمَانُ الفَارِسِيُّ، فَصَلَّى الإِمَامُ الظُّهْرَ، ثُمَّ خَرَجَ وَخَرَجَ النَّاسُ، يَتَلَقَّوْنَهُ كَمَا يُتَلَقَّى الخَلِيْفَةُ، فَلَقِيْنَاهُ وَقَدْ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ العَصْرَ، وَهُوَ يَمْشِي، فَوَقَفْنَا نُسَلِّمُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَبْقَ فِيْنَا شَرِيْفٌ إِلاَّ عَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْزِلَ بِهِ.
فَقَالَ: جَعَلْتُ عَلَى نَفْسِي مَرَّتِي هَذِهِ أَنْ أَنْزِلَ عَلَى بَشِيْرِ بنِ سَعْدٍ.
فَلَمَّا قَدِمَ، سَأَلَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، فَقَالُوا: هُوَ مُرَابِطٌ.
فَقَالَ: أَيْنَ مُرَابَطُكُم؟
قَالُوا: بَيْرُوْتُ.
فَتَوَجَّهَ قِبَلَهُ.
قَالَ: فَقَالَ سَلْمَانُ: يَا أَهْلَ بَيْرُوْتَ! أَلاَ أُحَدِّثُكُم حَدِيْثًا يُذْهِبُ اللهُ بِهِ عَنْكُمْ عَرَضَ الرِّبَاطِ؟
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ:
(رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، كَصِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ، وَمَنْ مَاتَ مُرَابِطًا أُجِيْرَ مِنْ فِتْنَةِ القَبْرِ، وَجَرَى لَهُ صَالِحُ عَمَلِهِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ)([2]).
3- حَنَشُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ حَنْظَلَةَ النَّسَائِيُّ
أَبُو رِشْدِيْنَ النَّسَائِيُّ، الصَّنْعَانِيُّ.
...
نَزَلَ إِفْرِيْقِيَةَ مُرَابطًا، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ مائَةٍ.
4- الأَعْرَجُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ هُرْمُزَ المَدَنِيُّ
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الحُجَّةُ، المُقْرِئُ، أَبُو دَاوُدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ هُرْمُزَ المَدَنِيُّ، الأَعْرَجُ، مَوْلَى مُحَمَّدِ بنِ رَبِيْعَةَ بنِ الحَارِثِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ بنِ هَاشِمٍ.
...
اتَّفَقَ أَنَّ الأَعْرَجَ سَافَرَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ إِلَى مِصْرَ، وَمَاتَ مُرَابِطًا بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ.
5- عُلَيُّ بنُ رَبَاحِ بنِ قَصِيْرٍ اللَّخْمِيُّ
ابْنِ قَشِيْبِ بنِ يَيْنَعَ اللَّخْمِيُّ، الإِمَامُ، الثِّقَةُ، أَبُو مُوْسَى اللَّخْمِيُّ، المِصْرِيُّ.
...
قَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: قِيْلَ: إِنَّهُ وُلِدَ عَامَ اليَرْمُوْكِ.
قَالَ: وَذَهَبَتْ عَيْنُهُ يَوْم غَزْوَةِ ذَاتِ الصَّوَارِي فِي البَحْرِ مَعَ الأَمِيْرِ عَبْدِ اللهِ بنِ سَعْدِ بنِ أَبِي سَرْحٍ، فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ.
وَكَانَتْ لَهُ مَنْزِلَةٌ مِنَ الأَمِيْرِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ مَرْوَانَ، وَهُوَ الَّذِي زَفَّ بِنْتَهُ أُمَّ البَنِيْنَ إِلَى الشَّامِ حَتَّى عَمِلَ عُرْسَهَا عَلَى الوَلِيْدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ، ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ العَزِيْزِ تَغَيَّرَ عَلَيْهِ، فَأَغْزَاهُ إِلَى إِفْرِيْقِيَةَ، فَلَمْ يَزَلْ مُرَابِطًا بِهَا إِلَى أَنْ مَاتَ.
6- القَاسِمُ بنُ مُخَيْمِرَةَ الهَمْدَانِيُّ
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، الحَافِظُ، أَبُو عُرْوَةَ الهَمْدَانِيُّ، الكُوْفِيُّ، نَزِيْلُ دِمَشْقَ.
...
قَالَ الأَوْزَاعِيُّ:كَانَ القَاسِمُ يَقْدَمُ عَلَيْنَا مُرَابِطًا.
7- الأَوْزَاعِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَمْرِو بنِ يُحْمَدَ
شَيْخُ الإِسْلاَمِ، وَعَالِمُ أَهْلِ الشَّامِ، أَبُو عَمْرٍو الأَوْزَاعِيُّ.
كَانَ يَسْكُنُ بِمَحَلَّةِ الأَوْزَاعِ، وَهِيَ العُقَيْبَةُ الصَّغِيْرَةُ، ظَاهِرَ بَابِ الفَرَادِيْسِ بِدِمَشْقَ، ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى بَيْرُوْتَ مُرَابِطًا بِهَا إِلَى أَنْ مَاتَ.
8- سُفْيَانُ بنُ سَعِيْدِ بنِ مَسْرُوْقٍ الثَّوْرِيُّ
ابْنِ حَبِيْبِ بنِ رَافِعِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مَوْهِبَةَ بنِ أُبَيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُنْقِذِ بنِ نَصْرِ بنِ الحَارِثِ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ عَامِرِ بنِ مِلْكَانَ بنِ ثَوْرِ بنِ عَبْدِ مَنَاةَ بنِ أُدِّ بنِ طَابِخَةَ بنِ إِلْيَاسَ بنِ مُضَرَ بنِ نِزَارِ بنِ مَعَدِّ بنِ عَدْنَانَ.
وَكَذَا نَسَبَهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ خَلَفٍ التَّيْمِيِّ، غَيْرَ أَنَّهُ أَسقَطَ مِنْهُ مُنْقِذًا، وَالحَارِثَ، وَزَادَ بَعْدَ مَسْرُوْقٍ حَمْزَةَ، وَالبَاقِي سَوَاءٌ.
...
وَعَنِ الفِرْيَابِيِّ، قَالَ: أَتَى سُفْيَانُ بَيْتَ المَقْدِسِ، فَأَقَامَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، وَرَابَطَ بِعَسْقَلاَنَ أَرْبَعِيْنَ يَوْمًا، وَصَحِبتُهُ إِلَى مَكَّةَ.
9- عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ بنِ أَبِي إِسْحَاقَ عَمْرِو بنِ عَبْدِ اللهِ الهَمْدَانِيُّ
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، الحَافِظُ، الحُجَّةُ، أَبُو عَمْرٍو، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الهَمْدَانِيُّ، السَّبِيْعِيُّ، الكُوْفِيُّ، المُرَابِطُ بِثَغْرِ الحَدَثِ، أَخُو الحَافِظِ إِسْرَائِيْلَ.
10- مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ مَعْدَانَ الأَصْبَهَانِيُّ
الزَّاهِدُ، العَابِدُ، القُدْوَةُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الأَصْبَهَانِيُّ، عَرُوْسُ الزُّهَّادِ.
...
قَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: مَا رَأَيْتُ خَيْرًا مِنْهُ، فَذُكِرَ لَهُ الثَّوْرِيُّ، فَقَالَ: هَذَا شَيْءٌ، وَهَذَا شَيْءٌ.
وَكَانَ لاَ يَضَعُ جَنْبَهُ، وَقَدْ رَابَطَ.
11- يُوْسُفُ بنُ أَسْبَاطٍ
الزَّاهِدُ، مِنْ سَادَاتِ المَشَايِخِ، لَهُ مَوَاعِظُ وَحِكَمٌ.
...
نَزَلَ الثُّغُوْرَ مُرَابِطًا.
12- حَجَّاجُ بنُ مُحَمَّدٍ أَبُو مُحَمَّدٍ المَصِّيْصِيُّ
الإِمَامُ، الحُجَّةُ، الحَافِظُ، أَبُو مُحَمَّدٍ المَصِّيْصِيُّ، الأَعْوَرُ، مَوْلَى سُلَيْمَانَ بنِ مُجَالِدٍ، تَرْمِذِيُّ الأَصْلِ، سَكَنَ بَغْدَادَ، ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى المَصِّيْصَةِ، وَرَابَطَ بِهَا.
13- عَلِيُّ بنُ بَكَّارٍ أَبُو الحَسَنِ البَصْرِيُّ
الإِمَامُ، الرَّبَّانِيُّ، العَابِدُ، أَبُو الحَسَنِ البَصْرِيُّ، الزَّاهِدُ، نَزِيْلُ المَصِّيْصَةِ، وَمُرِيْدُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَدْهَمَ.
...
قُلْتُ –القائل الذهبي-: وَكَانَ فَارِسًا، مُرَابِطًا، مُجَاهِدًا، كَثِيْرَ الغَزْوِ، فَرُوِيَ([3]) عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ:
وَاقَعْنَا العَدُوَّ، فَانْهَزَمَ المُسْلِمُوْنَ، وَقَصَّرَ بِي فَرَسِي، فَقُلْتُ: إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُوْنَ.
فَقَالَ الفَرَسُ: نَعَمْ، إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُوْنَ، حَيْثُ تَتَّكِلُ عَلَى فُلاَنَةَ فِي عَلَفِي، فَضَمِنْتُ أَنْ لاَ يَلِيَهُ غَيْرِي.
14- مُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرِ بنِ أَبِي عَطَاءٍ الصَّنْعَانِيُّ
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، أَبُو يُوْسُفَ الصَّنْعَانِيُّ، ثُمَّ المَصِّيْصِيُّ.
...
وَذَكَرَ هِبَةُ اللهِ بنُ الأَكْفَانِيِّ: أَنَّهُ مِنْ مَصِّيْصَةِ دِمَشْقَ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، فَإِنَّهُ كَانَ مُرَابِطًا بِثَغرِ الشَّامِ.
15- ابْنُ الطَّبَّاعِ مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى بنِ نَجِيْحٍ
الحَافِظُ الكَبِيْرُ، الثِّقَةُ، أَبُو جَعْفَرٍ ابْنُ الطَّبَّاعِ البَغْدَادِيُّ، أَخُو الحَافِظِ الإِمَامِ إِسْحَاقَ بنِ عِيْسَى، وَيُوْسُفَ بنِ عِيْسَى.
تَحَوَّلَ إِلَى الشَّامِ، وَرَابَطَ بِأَذَنَةَ مِنْ بِلاَدِ الثُّغُوْرِ.
16- إِبْرَاهِيْمُ بنُ مَهْدِيٍّ المَصِّيْصِيُّ
بَغْدَادِيٌّ، صَاحِبُ حَدِيْثٍ، مُرَابِطٌ.
17- أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ أَبُو عَبْدِ اللهِ
هُوَ: الإِمَامُ حَقًّا، وَشَيْخُ الإِسْلاَمِ صِدْقًا، أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَنْبَلِ ... الذُّهْلِيُّ، الشَّيْبَانِيُّ، المَرْوَزِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، أَحَدُ الأَئِمَّةِ الأَعْلاَمِ.
...
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مَحْمُوْدِ بنِ الفَرَجِ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ أَحْمَدَ يَقُوْلُ:
خَرَجَ أَبِي إِلَى طَرَسُوْسَ، وَرَابَطَ بِهَا، وَغزَا.
ثُمَّ قَالَ أَبِي: رَأَيْتُ العِلْمَ بِهَا يَمُوْتُ.
وَعَنْ أَحْمَدَ، أَنَّه قَالَ لِرَجُلٍ: عَلَيْك بِالثَّغْرِ، عَلَيْك بِقَزْوِيْنَ، وَكَانَتْ ثَغْرًا.
18- الجَوْهَرِيُّ إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعِيْدٍ البَغْدَادِيُّ
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، صَاحِبُ (المُسْنَدِ) الأَكْبَرِ، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعِيْدٍ البَغْدَادِيُّ، الجَوْهَرِيُّ، وَأَصْلُهُ مِنْ طَبَرِسْتَانَ.
...
وَتُوُفِّيَ: مُرَابِطًا، بِعَيْنِ زَرْبَةَ.
19- عَلِيُّ بنُ حَرْبِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الطَّائِيُّ
أَخُوْهُ: المُحَدِّثُ الثِّقَةُ العَابِدُ المُجَاهِدُ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ حَرْبٍ الطَّائِيُّ
قَالَ يَزِيْدُ الأَزْدِيُّ فِي (تَارِيْخِهِ): كَانَ وَرِعًا، فَاضِلاً، رَابَطَ بِأَذنَةَ، وَبِهَا تُوُفِّيَ.
20- زُهَيْرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ قُمَيْرِ بنِ شُعْبَةَ المَرْوَزِيُّ
الإِمَامُ، الرَّبَّانِيُّ، المُحَدِّثُ، الثَّبْتُ، أَبُو مُحَمَّدٍ - وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ - المَرْوَزِيُّ، نَزِيْلُ بَغْدَادَ.
...
انْتَقَلَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ عَنْ بَغْدَادَ إِلَى طَرَسُوْسَ، فَرَابطَ بِهَا إِلَى أَنْ مَاتَ.
21- البَلاَذُرِيُّ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى بنِ جَابِرٍ
العَلاَّمَةُ، الأَدِيْبُ، المُصَنِّفُ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى بنِ جَابِرٍ البَغْدَادِيُّ، البَلاَذُرِيُّ، الكَاتِبُ، صَاحِبُ (التَّارِيْخِ الكَبِيْرِ).
...
وَقَدْ رَبَطَ([4]) فِي البِيْمَارِسْتَانَ، وَفِيْهِ مَاتَ.
22- بَقِيُّ بنُ مَخْلَدِ بنِ يَزِيْدَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْدَلُسِيُّ
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْدَلُسِيُّ، القُرْطُبِيُّ، الحَافِظُ، صَاحِبُ (التَّفْسِيْرِ) وَ(المُسْنَدِ) اللَّذَيْنِ لاَ نَظِيْرَ لَهُمَا.
...
وَكَانَ يُصَلِّي بِالنَّهَارِ مائَةِ رَكْعَةٍ، وَيَصُوْمُ الدَّهْرَ.
وَكَانَ كَثِيْرَ الجِهَادِ، فَاضِلاً، يُذْكَرُ عَنْهُ أَنَّهُ رَابَطَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ غَزْوَةً.
23- الفِرْيَابِيُّ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ المُسْتَفَاضِ
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثَّبْتُ، شَيْخُ الوَقْتِ، أَبُو بَكْرٍ الفِرْيَابِيُّ، القَاضِي.
فصل:
وَفِي العُلَمَاءِ جَمَاعَةٌ، اسْمُهُم:جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَقَدْ مَرَّ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ، وَأَجَلُّهُم:
...
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ نُوْحٍ:يَرْوِي عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى بنِ الطَّبَّاعِ، ثِقَةٌ كَبِيْرٌ، نَزَلَ مُرَابِطًا بِأَذَنَةَ.
24- المَنْبَجِيُّ أَبُو بَكْرٍ عُمَرُ بنُ سَعِيْدِ بنِ أَحْمَدَ
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، القُدْوَةُ، العَابِدُ، أَبُو بَكْرٍ، عُمَرُ بنُ سَعِيْدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ سَعْدِ بنِ سِنَان الطَّائِيّ المَنْبِجِيّ.
...
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ:كَانَ قَدْ صَام النَّهَار وَقَامَ اللَّيْل ثَمَانِيْنَ سَنَةً، غَازيًا مرَابطًا - رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ - .
25- الفَرَبْرِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ مَطَرٍ([5])
المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، العَالِمُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ مَطَرِ بنِ صَالِحِ بنِ بِشْرٍ الفِرَبْرِيُّ، رَاوِي(الجَامِعِ الصَّحِيْحِ)عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ البُخَارِيِّ، سَمِعَهُ مِنْهُ بِفَرَبْرَ مَرَّتينِ.
وَسَمِعَ أَيْضًا مِنْ عَلِيِّ بنِ خَشْرَمَ لَمَّا قَدِمَ فِرَبر مُرَابطًا.
26- ابْنُ أَبِي عُثْمَانَ مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، القُدْوَةُ، الزَّاهِدُ، الأَدِيْبُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ ابنُ الإِمَامِ الزَّاهِدِ أَبِي عُثْمَانَ سَعِيْدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ النَّيْسَابُوْرِيُّ، الحِيْرِيُّ.
... وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الغزَاة فِي سَبِيْل الله وَيرَابط بطَرَسُوْس.
27- الزَّيْديُّ أَبُو أَحْمَدَ حَامِدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ
الإِمَامُ، الحَافِظُ، النَّاقِد، المُجَوِّدُ، أَبُو أَحْمَدَ حَامِدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ المَرْوَزِيُّ، المَشْهُورُ بِالزَّيْديِّ؛لِكَوْنِهِ اعتنَى بجمع أَحَادِيْث زَيْد بنِ أَبِي أُنَيْسَة.
سكن طَرَسُوْس مُرَابطًا.
28- ابْنُ القَاصِّ أَحْمَدُ بنُ أَبِي أَحْمَدَ الطَّبَرِيُّ
الإِمَامُ، الفَقِيْه، شَيْخُ الشَّافِعِيَّة، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ أَبِي أَحْمَدَ الطَّبَرِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ الشَّافِعِيُّ ابْنُ القَاصّ تِلْمِيْذُ أَبِي العَبَّاسِ بن سُرَيْج.
....
وَتُوُفِّيَ مُرَابطًا بِطَرَسُوْس.
29- حُسَيْنَكَ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ التَّمِيْمِيُّ
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الأَنْبَلُ، القُدْوَةُ، أَبُو أَحْمَدَ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى التَّمِيْمِيُّ النَّيْسَابُوْرِيُّ حُسَيْنَكُ، وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا:ابْنُ مُنَيْنَةَ.
...
أَخْرَجَ مَرَّةً عَشْرَةً مِنَ الغُزَاةِ بآلَتِهِم عِوَضًا عَنْ نَفْسِهِ، وَرَابَطَ غَيْرَ مَرَّةٍ.
30- سُلَيْمُ بنُ أَيُّوْبَ بنِ سُلَيْمٍ أَبُو الفَتْحِ الرَّازِيُّ
الإِمَامُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو الفَتْحِ الرَّازِيُّ، الشَّافِعِيُّ.
...
وَسَكَنَ الشَّامَ مُرَابِطًا، نَاشِرًا لِلْعِلْمِ احْتِسَابًا.
31- الكَامِلُ، مُحَمَّدُ ابْنُ المَلِكِ العَادِلِ بنِ أَيُّوْبَ
السُّلْطَانُ الكَبِيْرُ، المَلِكُ الكَامِلُ، نَاصِرُ الدُّنْيَا وَالدِّيْنِ، أَبُو المَعَالِي، وَأَبُو المُظَفَّرِ مُحَمَّدُ ابْنُ المَلِكِ العَادِلِ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَيُّوْبَ صَاحِب مِصْرَ وَالشَّامِ وَمَيَّافَارِقِيْنَ وَآمد وَخِلاَط وَالحِجَازَ وَاليَمَن وَغَيْر ذَلِكَ.
وُلِدَ: فِي سَنَةِ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، فَهُوَ مِنْ أَقرَان أَخويه المُعَظَّم وَالأَشْرَف، وَكَانَ أَجلّ الثَّلاَثَة، وَأَرْفَعهم رُتْبَة.
...
وَتملّك الدِّيَار المِصْرِيَّة أَرْبَعِيْنَ سَنَةً، شطرهَا فِي أَيَّامِ وَالِده، وَكَانَ عَاقِلاً، مَهِيْبًا، كَبِيْرَ القَدْرِ.
...
قَالَ ابْنُ الأَثِيْرِ: لَمَّا أَخذَتِ الفِرَنْجُ برجُ السِّلْسِلَةِ، عَمِلَ الكَامِلُ عَلَى النِّيلِ جِسْرًا عَظِيْمًا، فَالتحَمَ القِتَالُ حَتَّى قطعَتْهُ الفِرَنْجُ، فَعمدَ الكَامِلُ إِلَى عِدَّةِ مَرَاكِبَ، وَملأَهَا حجَارَةً وَغَرَّقَهَا فِي المَاءِ ليمنَعَ مَرْكَبًا مِنْ سُلُوْكٍ، فَحَفَرَتِ الفِرَنْجُ خَلِيْجًا وَأَخَّرُوهُ، وَأَدخلُوا مَرَاكِبَهُم مِنْهُ، حَتَّى دَخَلُوا بُورَةً، وَحَاذَوُا الكَامِلَ، وَقَاتَلُوْهُ مَرَّاتٍ فِي المَاءِ، وَلَمْ يَتغَيَّرْ عَنْ أَهْلِ دِمْيَاطَ شَيْءٌ، لأَنَّ المِيْرَةَ وَاصِلَةٌ إِلَيْهِم، وَمَاتَ العَادلُ، فَهَمَّ جَمَاعَةٌ بِتَملِيكِ الفَائِزِ بِمِصْرَ، فَبَادرَ الكَامِلُ وَأَصْبَحَ الجَيْشُ فِي خَبْطَةٍ، وَقَدْ فَقَدُوا الكَامِلَ، فَشدَّتِ الفِرَنْجُ عَلَى دِمْيَاطَ، وَأَخَذُوا بَرَّهَا بِلاَ كُلْفَةٍ، وَلَوْلاَ لُطْفُ اللهِ وَقُدومُ المُعَظَّم بَعْدَ يَوْمَيْنِ لَرَاحتْ مِصْرُ، فَفَرحَ بِهِ الكَامِلُ، وَبعثَوا عِمَادَ الدِّيْنِ أَحْمَدَ بنَ المَشْطُوْبِ الَّذِي سَعَى لِلْفَائِزِ إِلَى الشَّامِ، وَتَمَادَى حِصَارُ الفِرَنْجِ لدِمْيَاطَ، وَصَبَرَ أَهْلُهَا صَبْرًا عَظِيْمًا، وَقُتِلَ مِنْهُم خلقٌ، وَقَلُّوا وَجَاعُوا، فَسلَّمُوهَا بِالأَمَانِ، فَحَصَّنَهَا العَدُوُّ، وَأَشرفَ النَّاسُ عَلَى خِطَّةٍ صَعْبَةٍ، وَهَمَّ أَهْلُ مِصْرَ بِالجلاَءِ، وَأُخِذَتْ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ، وَدَامَ الكَامِلُ مُرَابِطًا إِلَى سَنَةِ ثَمَانِي عَشْرَةَ، وَأَقْبَلَ الأَشْرَفُ مُنْجِدًا لأَخِيهِ، وَقَوِيَ المُسْلِمُوْنَ، وَحَاربُوا الفِرَنْجَ مَرَّاتٍ، وَتَرَدَّدَتِ الرُّسُلُ فِي هُدنَةٍ، وَبَذَلُوا لِلْفرنجِ القُدْسَ وَعَسْقَلاَنَ وَقِلاَعًا سِوَى الكَرَكِ، فَأَبَوْا، وَطَلَبُوا ثَلاَثَ مائَةِ أَلْفِ دِيْنَارٍ عِوَضًا عَنْ تَخرِيبِ سُورِ القُدْسِ، فَاضطرَّ المُسْلِمُوْنَ إِلَى حَرْبِهِم([6]).
...
قَالَ ابْنُ وَاصِلٍ: اسْتَوْزَر صَفِيّ الدِّيْنِ أَوَّلاً، فَلَمَّا مَاتَ، لَمْ يَسْتَوْزِر أَحَدًا، كَانَ يَتولَّى الأُمُوْر بِنَفْسِهِ، وَكَانَ مَهِيْبًا، حَازِمًا، مدبّرًا، عَمَرت مِصْر فِي أَيَّامِهِ، وَكَانَ عِنْدَهُ مَسَائِل مِنَ الفِقْه وَالنَّحْو يُوردهَا، فَمَنْ أَجَابَ فِيْهَا، حظِي عِنْدَهُ، وَجَاءته خلع السّلطنَة عَلَى يَد السُّهْرَوَرْدِيّ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّ مائَةٍ، وَالتقليد بِمِصْرَ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُوْدًا، وَهِيَ: جُبَّة وَاسِعَة الكُم بِطرز ذهب، وَعِمَامَة، وَطوق وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ، وَمِنْ همّته أَنَّ الفِرَنْج لَمَّا أَخذُوا دِمْيَاط، أَنشَأَ عَلَى برِيْد مِنْهَا مدينَة المَنْصُوْرَة، وَاسْتوطنهَا مُرَابِطًا حَتَّى نصره الله، فَإِنَّ الفِرَنْج طمعُوا فِي أَخْذِ مِصْر، وَعَسْكَرُوا بِقُرْبِ المَنْصُوْرَة، وَالْتَحَمَ القِتَال أَيَّامًا، وَأَلحّ الكَامِل عَلَى إِخْوَته بِالمجِيْء، فَجَاءهُ أَخوَاهُ الأَشْرَف وَالمُعَظَّم فِي جَيْش لجب، وَهَيْئَة تَامَّة، فَقوِي الإِسْلاَم، وَضَعفت نُفُوْس الفِرَنْج، وَرسلهُم تَتردد، وَبَذَلَ لَهُم الكَامِل قَبْل مجِيْء النّجدَة القُدْس وَطبرِيَّة وَعَسْقَلاَن وَجبلَة وَاللاَّذِقِيَّة وَأَشيَاء عَلَى أَنْ يَردّوا لَهُ دِمْيَاط، فَأَبَوا، وَطَلَبُوا مَعَ ذَلِكَ ثَلاَث مائَة أَلْف دِيْنَار ليعمرُوا بِهَا أَسوَار القُدْس، وَطَلَبُوا الكَرَك، فَاتّفقَ أَن جَمَاعَة مِنَ المُسْلِمِيْنَ، فَجّرُوا مِنَ النِّيل ثلمَة عَلَى مَنْزِلَة العَدُوّ، فَأحَاط بِهِم النِّيل فِي هيجَانه، وَلاَ خِبرَة لَهُم بِالنِّيل، فَحَال بَيْنهُم وَبَيْنَ دِمْيَاط، وَانقطعت المِيْرَة عَنْهُم، وَجَاعُوا وَذلوا، فَأَرْسَلُوا فِي طَلَبِ الأَمَان عَلَى تَسْلِيم دِمْيَاط، وَعَقدَ هدنَة، فَأُجيبُوا، فَسلمُوا دِمْيَاط بَعْد اسْتَقرَارهم بِهَا ثَلاَث سِنِيْنَ -فَللّه الحمد -.
32- المَلِكُ الصَّالِحُ، أَبُو الفُتُوْحِ أَيُّوْبُ ابنُ الكَامِلِ ابْنِ العَادِلِ
السُّلْطَانُ الكَبِيْرُ، المَلِكُ الصَّالِحُ، نَجْمُ الدِّيْنِ، أَبُو الفُتُوْحِ أَيُّوْبُ ابْنُ السُّلْطَانِ المَلِكِ الكَامِلِ مُحَمَّدِ ابْنِ العَادِلِ.
...
وَقِيْلَ: كَانَ فَصِيْحًا، حَسَنَ المُحَاوَرَةِ، عَظِيْمَ السَّطوَةِ، تَعَلَّلَ، وَوقَعَتِ الآكلَةُ فِي فَخِذِه، ثُمَّ اعتَرَاهُ إِسهَالٌ؛ فَتُوُفِّيَ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، بقَصْرِ المَنْصُوْرَة، مُرَابِطًا، فَأَخفَوْا مَوْتَه، وَأَنَّهُ عَليلٌ حَتَّى أَقدمُوا ابْنَه المَلِكَ المُعَظَّمَ تُوْرَانْشَاهَ مِنْ حِصْنِ كَيْفَا، ثُمَّ نُقلَ، فَدُفِنَ بِتُربَتِهِ بِالقَاهِرَةِ.
وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم تسليمًا
تم الفراغ منه في ليلة الثلاثاء الموافق التاسع من شهر صفر
لسنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة وألف من الهجرة
النبوية على صاحبها الصلاة
والسلام
وكتب
أبو بكر بن ماهر بن جمعة المصري
أبو عبدالله
[1] - وكقوله -تعالى-: {فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}
وجاء في صحيح البخاري برقم: (2892) من حديث سهل بن سعد رضي أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: "رباط يوم في سبيل الله خيرٌ من الدنيا وما عليها" "أسامة".
[2]- الحديث رواه مسلم في صحيحه برقم: [163 -(1913)] من حديث سلمان بلفظ:
"رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه ، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله ، وأجري عليه رزقه ، وأمن الفتان "
[3]- هكذا، بصيغة التمريض.
[4] - هكذا، والظاهر أنها "رابط".
[5] - ليس المقصود هنا هو الفربري وإنما المقصود هو علي بن خشرم، ولكن جاء ذلك تبعًا في ترجمة الفربري.
[6]- جاء هذا في ترجمة أبي العباس أحمد ابن المستضئ، الناصر لدين الله.
تعليق