أملاه علي الأخ الفاضل أبوسفيان الزيلعي
إن الحمد لله نحمده وستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا أله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم .
يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون]
[ يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم ورقيبا ]
[يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا * يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما
أما بعد :
فإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدى هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
فإن تربية المؤمنين على الصبر والثبات والطاعة وبذل النفس وغير ذلك من الفوائد التربوية فإن الركون إلى الراحة والدعة وعدم ممارسة الشدائد والصعاب تورث العبد ذلا وخمولا وتشبثا بمتاع الحياة الدنيا ، وخوض المعارك ومقارعة الأعداء والتعرض لنيل رضا الله في ساحات الوغى يصقل النفوس ويهذبها ويذكرها بمصيرها ويوجب لها استعدادا للرحيل حتى تصبح ممارسة الجهاد عادة تشتاق لها كما يشتاق الخاملون للقعود والراحة ، وتتربى في النفس البشرية من الجهاد صفات كثيرة كصفة الشجاعة والنجدة والصبر والأخوة والعفو ونحو ذلك من الصفات المحمودة ويزول من النفس ما يقابلها من الصفات المذمومة كصفة الجبن والشح والأنانية ونحو ذلك .
ولقد علمنا مما يحدث لإخواننا في دماج حرسها الله تعالى عبر الزمان والدهور ما يحزن القلوب المؤمنة، ويعتصرها ألما، وإننا نسأل ما هو واجبنا تجاههم ؟ وما الذي يمكن عمله لنصرتهم ؟
الجواب
المسلم له حقّ النصرة على أخيه المسلم كلٌ بحسب طاقته، والمسلمون في دماج حلّت بهم نازلة عظيمة من قبل الروافض الحوثية توجب على إخوانهم المسلمين في كل بقاع الأرض إعانتهم، كل بحسب طاقته، وإنّ من أهم ذلك ما يلي :
1. استشعار الأخوة المنهجية والإيمانية التي تربط بينهم وبين كل مسلم سلفي سني ، فإن هذا الأمر أعظم ما يدفع الإنسان لنصرة إخوانه المسلمين ،وبدون وجودها فإنّه لا يتصور منه الاهتمام والسعي للعون، ولا يرجى منه خير وهذا ما رأينا من أصحاب التعصب إلى حزب الجديد ومن يتعصب بهم من علماء اليمن وغيرهم .
2. الابتهال والتضرّع إلى الله آناء الليل، وأطراف النهار، وبعد الأذان أن يزيل كربتهم، ويكشف ما بهم؛ فإن الدعاء سلاح عظيم في كل الأوقات، وعلى الأخصّ في أوقات الكرب والشدّة، وقد وعد الله بإجابة دعاء السائلين الصادقين، ووعده حقّ ، حيث قال - عزّ من قائل -: (( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم )) وقال : (( أمّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السّوء ويجعلكم خلفاء الأرض أ إله مع الله قليلا ما تذكرون )) .
وصحيح مسلم عن أبى هريرة قال قال رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- « من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدّنيا نفّس اللّه عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسّر على معسر يسّر اللّه عليه فى الدّنيا والآخرة ومن ستر مسلما ستره اللّه فى الدّنيا والآخرة واللّه فى عون العبد ما كان العبد فى عون أخيه ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهّل اللّه له به طريقا إلى الجنّة وما اجتمع قومٌ فى بيت من بيوت اللّه يتلون كتاب اللّه ويتدارسونه بينهم إلاّ نزلت عليهم السّكينة وغشيتهم الرّحمة وحفّتهم الملائكة وذكرهم اللّه فيمن عنده ومن بطّأ به عمله لم يسرع به نسبه ».
3- مجالس أهل السنة والجماعة ومحبتهم
قال الإمام الصابوني
عقيدة السلف أصحاب الحديث
علامات أهل السنة
وإحدى علامات أهل السنة حبهم لأئمة السنة، وعلمائها وأنصارها وأو ليائها، وبغضهم
لأئمة البدع، الذين يدعون إلى النار، ويدلون أصحابهم على دار البوار، وقد زين الله سبحانه قلوب أهل السنة ونورها بحب علماء السنة فضلا منه جل جلاله.
أخبرنا الحاكم أبو عبدالله الحافظ أسكنه الله وإيانا الجنة، حدثنا محمد بن إبراهيم بن الفضل المزكي، حدثنا أحمد بن سلمة، قرأ علينا أبو رجاء قتيبة بن سعيد كتاب الإيمان له، فكان في آخره: فإذا رأيت الرجل يحب سفيان الثوري، ومالك بن أنس والأوزاعي، وشعبة وابن المبارك، وأبا الأحوص وشريكا ووكيعا ويحيى بن سعيد، وعبد الرحمن ابن مهدي فاعلم أنه صاحب سنة، قال أحمد بن سلمة رحمه الله: فألحقت بخطي تحته: ويحيى وأحمد بن حنبل، واسحق بن راهويه، فلما انتهينا إلى هذا الموضع نظر الينا أهل نيسابور، وقال: هؤلاء القوم يبغضون يحيى بن يحيى، فقلنا له: يا أبا رجاء ما يحيى بن يحيى؟ قال رجل صالح إمام المسلمين، وإسحاق بن إبراهيم إمام، وأحمد بن حنبل أكبر تن سميتهم كلهم، وأنا ألحقت بهؤلاء الذين ذكر قتيبة رحمه الله، أن من أحبهم فهو صاحب سنة من أئمة أهل الحديث الذين بهم يقتدون، وبهديهم يهتدون، ومن جملتهم وشيعتهم أنفسهم يعدون، وفي اتباعهم آثارهم يجدون جماعة آخرين، منهم محمد بن إدريس الشافعي، وسعيد بن جبير والزهري، والشعبي والتيمي ومن بعدهم، كالليث بن سعد والأوزاعي والثوري وسفيان بن عيينة الهلالي، وحماد بن سلمة وحماد بن زيد، ويونس بن عبيد، وأيوب وابن عوف ونظرائهم.
والله وبالله إن قلوبنا معهم تصبر بصبرهم وتحزن بحزنهم وتفرح بفرحهم .
4- ابتعاد عن أهل البدع
قال الإمام الشوكاني كما فيي فتح القدير - (2 / 128)
{ وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم }
وفي هذه الآية موعظة عظيمة لمن يتسمح بمجالسة المبتدعة الذين يحرفون كلام الله ويتلاعبون بكتابه وسنة رسوله ويردون ذلك إلى أهوائهم المضلة وبدعهم الفاسدة فإنه إذا لم ينكر عليهم ويغير ما هم فيه فأقل الأحوال أن يترك مجالستهم وذلك يسير عليه غير عسير وقد يجعلون حضوره معهم مع تنزهه عما يتلبسون به شبهة يشبهون بها على العامة فيكون فى حضوره مفسدة زائدة على مجرد سماع المنكر
وقد شاهدنا من هذه المجالس الملعونة ما لا يأتي عليه الحصر وقمنا في نصرة الحق ودفع الباطل بما قدرنا عليه وبلغت إليه طاقتنا ومن عرف هذه الشريعة المطهرة حق معرفتها علم أن مجالسة أهل البدع المضلة فيها من المفسدة أضعاف أضعاف ما فى مجالسة من يعصى الله بفعل شيء من المحرمات ولا سيما لمن كان غير راسخ القدم في علم الكتاب والسنة فإنه ربما ينفق عليه من كذباتهم وهذيانهم ما هو من البطلان بأوضح مكان فينقدح في قلبه ما يصعب علاجه ويعسر دفعه فيعمل بذلك مدة عمره ويلقى الله به معتقدا أنه من الحق وهو من أبطل الباطل وأنكر المنكر
5- الفرح بنصرة أهل الحق
قال الإمام الشنقيطي في أضواء البيان - (8 / 388)
ومن المناسبات يوم عاشوراء لقد كان له تاريخ قديم وكانت العرب تعظمه في الجاهلية .... ولما قدم صلى الله عليه وسلم المدينة وجد اليهود يصومونه فقال لهم "لم تصومونه" ؟ فقالوا يوماً نجى الله فيه موسى من فرعون فصامه شكراً لله فصمناه فقال صلى الله عليه وسلم "نحن أحق بموسى منكم" فصامه وأمر الناس بصيامه إنها مناسبة عظمى نجاة نبي الله موسى من عدو الله فرعون نصرة الحق على الباطل ونصر جند الله وإهلاك جند الشيطان.
وهذا بحق مناسبة يهتم لها كل مسلم ولذا قال صلى الله عليه وسلم "نحن أحق بموسى منكم نحن معشر الأنبياء أبناء علات ديننا واحد" .
وقد كان صيامه فرضا حتى نسخ بفرض رمضان وهكذا مع عظم مناسبته من إعلاء كلمة الله ونصرة رسوله كان ابتهاج موسى عليه السلام به في صيامه شكرا لله.
وكذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا هو الطريق السليم والسنة النبوية الكريمة لا ما يحدثه بعض العوام والجهال من مظاهر وأحداث لا أصل لها ثم يأتي العمل الأعم والمناسبات
6- نصرة الإخوة تكون بصفاء المنهج ولا يحتاج الخليط
قال عبد اللطيف بن عبد الرحمن ( وقد عرفت حال أهل وقتك من طلبة العلم، وأنهم ما بين مجاهر بإنكار الحق _ كحزب الجديد وأصحاب التعصب الصوماليين وأمثالهم _ ، قد لبس عليه أمر دينه، أو مداهن مع هؤلاء ومع هؤلاء _ كعلماء اليمن _، غاية قصده السلوك مع الناس، وإرضاؤهم، أو ساكت معرض عن نصرة الحق، ونصرة الباطل، يرى الكفاف أسلم، وأن هذا الرأي أحكم؛ هذا حال فقهاء زمانك، فقل لي: من يقوم بنصر الحق وبيانه، وكشف الشبهة عنه ونصرته، إذا رأيت السكوت والصفح، ). الدرر السنية في الأجوبة النجدية (8 / 387)
7- عدم التثبيط بهم
قال أبو حيان الأندلسي في تفسير البحر المحيط (3 / 75)
والمعنى : أنهم قالوا هذه المقالة قاصدين التثبيط عن الجهاد والإبعاد في الأرض ، سواء كانوا معتقدين صحتها أو لم يكونوا معتقديها ، إذ كثير من الكفار قائل بأجل واحد ، فخاب هذا القصد ، وجعل الله ذلك القول حسرة في قلوبهم أي غما على ما فاتهم ، إذ لم يبلغوا مقصدهم من التثبيط عن الجهاد. وظاهر جعل الحسرة وحصولها أنه يكون ذلك في الدنيا وهو الغم الذي يلحقهم على ما فات من بلوغ مقصدهم. وقيل : الجعل يوم القيامة لما هم فيه من الخزي والندامة ، ولما فيه المسلمون من النعيم والكرامة. وأسند الجعل إلى الله ، لأنه هو الذي يضع الغم والحسرة في قلوبهم عقوبة لهم على هذا القول الفاسد.
وقال الشوكاني في السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار (4 / 514
ويؤدب من يثبط عنه فالواجب دفعه عن هذا التثبيط فإن كف وإلا كان مستحقا لتغليظ العقوبة والحيلولة بينه وبين من صار يسعى لديه بالتثبيط بحبس أو غيره لأنه مرتكب لمحرم عظيم وساع في إثارة فتنة تراق بسببها الدماء وتهتك عندها الحرم وفي هذا التثبيط نزع ليده من طاعة الإمام وقد ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه و سلم أنه قال من نزع يده من طاعة الإمام فإنه يجيء يوم القيامة ولا حجة له ومن مات وهو مفارق للجماعة فإنه يموت موتة جاهلية .
وقال أبوبكر الجزائري في أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير - (2 / 412
{ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون} حرج وبشرط طاعة الله والرسول فيما يستطيعون والنصح لله والرسول بالقول والعمل وترك التثبيط والتخذيل والإرجاف من الإشاعات المضادة للإسلام والمسلمين.
وقال السعدي في تفسيره - (1 / 345)
أن قولهم لصاحب الصدقة القليلة: "اللّه غني عن صدقة هذا" كلام مقصوده باطل، فإن اللّه غني عن صدقة المتصدق بالقليل والكثير، بل وغني عن أهل السماوات والأرض، ولكنه تعالى أمر العباد بما هم مفتقرون إليه، فاللّه -وإن كان غنيا عنهم- فهم فقراء إليه { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره } وفي هذا القول من التثبيط عن الخير ما هو ظاهر بين، ولهذا كان جزاؤهم أن سخر اللّه منهم، ولهم عذاب أليم.
8- احترامهم لما معهم من العلم والحق
قال ابن عساكر في تبيين كذب المفتري
وأعلم يا أخي وفقنا الله وإياك لمرضاته ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته أن لحوم العلماء رحمة الله عليهم مسمومة وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة لأن الوقيعة فيهم بما هم منه براء أمره عظيم والتناول لأعراضهم بالزور والإفتراء مرتع وخيم والإختلاق على من إختاره الله منهم لنعش العلم خلق ذميم والإقتداء بما مدح الله به قول المتبعين من الإستغفار لمن سبقهم وصف كريم إذ قال مثنيا عليهم في كتابه وهو بمكارم الأخلاق وصدها عليم والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا أغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم والإرتكاب لنهي النبي صلى
الله عليه وسلم عن لإغتياب وسب الأموات جسيم
ومما ظهر في ساحتنا من التعصب المقيت والوقيعة في أعراض العلماء ورميهم بالحدادية كما قال لي أحدهم أنت ودعاس وعبدالحميد من الحدادية
9- حثهم على الجهاد
وقاتل إذا لم تعط إلا ظلامة *** شفا الحرب أولى من قبول المظالم
فمثل هؤلاء إنما يريدون استذلال أهل السنة... وأنا أدعو إخوتي أهل السنة في اليمن -ولله الحمد وهم كثر- للنفير ولأن يهبوا لنصرة إخوانهم بكل ما يستطيعون.
والتفاصيل لأحكام الجهاد معروفة ولله الحمد لأهل العلم وطلبة العلم المتمكنين، فإذا جاء السؤال عنها فذاك باب آخر، أما الآن فباب النصرة وباب النفير، ولا سيما وقد بلغنا أن الإخوة بالأمس خاصة أو قبله وجهوا طلباً لإخوانهم أهل السنة أن ينفروا لنجدتهم، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ}، ما دام وقد استُنفروا ولا دولة، فلينفروا لأن هؤلاء الإخوة القائمين على دماج يطلبونهم النصر على هؤلاء المجرمين المعتدين، فيجب عليهم أن ينفروا كل بحسب استطاعته.
ونسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يعلي دينه، وأن ينصر هذا الحق الذي قد هيأه الله سبحانه وتعالى لإخواننا في هذه البلاد، أن يظهرهم على من ناوأهم، كما أسأله سبحانه وتعالى أن يتقبل شهداءهم في الصالحين، وأن يجبر مصاب ذويهم، وأن يربط على قلوب إخواننا أهل السنة في دماج، وأن يثبتهم وأن ينصرهم، وأن يعجل بنصرهم، وأن يزلزل هؤلاء المجرمين، وأن يخالف بين قلبوهم، وأن يفرق جمعهم، وأن يشتت شملهم، وأن يضعف كلمتهم، وأن يعطل أركانهم، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبيينا محمد، وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم انصر شيخنا وطلابه
وأخيراً تقبلوا من إخواكم التحية منهم أبو عبدالرحمن قاسم بن عبدالله بن أحمد
وأبوعبدالله مهدي بن عبدالرزاق بن آدم
إن الحمد لله نحمده وستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا أله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم .
يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون]
[ يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم ورقيبا ]
[يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا * يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما
أما بعد :
فإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدى هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
فإن تربية المؤمنين على الصبر والثبات والطاعة وبذل النفس وغير ذلك من الفوائد التربوية فإن الركون إلى الراحة والدعة وعدم ممارسة الشدائد والصعاب تورث العبد ذلا وخمولا وتشبثا بمتاع الحياة الدنيا ، وخوض المعارك ومقارعة الأعداء والتعرض لنيل رضا الله في ساحات الوغى يصقل النفوس ويهذبها ويذكرها بمصيرها ويوجب لها استعدادا للرحيل حتى تصبح ممارسة الجهاد عادة تشتاق لها كما يشتاق الخاملون للقعود والراحة ، وتتربى في النفس البشرية من الجهاد صفات كثيرة كصفة الشجاعة والنجدة والصبر والأخوة والعفو ونحو ذلك من الصفات المحمودة ويزول من النفس ما يقابلها من الصفات المذمومة كصفة الجبن والشح والأنانية ونحو ذلك .
ولقد علمنا مما يحدث لإخواننا في دماج حرسها الله تعالى عبر الزمان والدهور ما يحزن القلوب المؤمنة، ويعتصرها ألما، وإننا نسأل ما هو واجبنا تجاههم ؟ وما الذي يمكن عمله لنصرتهم ؟
الجواب
المسلم له حقّ النصرة على أخيه المسلم كلٌ بحسب طاقته، والمسلمون في دماج حلّت بهم نازلة عظيمة من قبل الروافض الحوثية توجب على إخوانهم المسلمين في كل بقاع الأرض إعانتهم، كل بحسب طاقته، وإنّ من أهم ذلك ما يلي :
1. استشعار الأخوة المنهجية والإيمانية التي تربط بينهم وبين كل مسلم سلفي سني ، فإن هذا الأمر أعظم ما يدفع الإنسان لنصرة إخوانه المسلمين ،وبدون وجودها فإنّه لا يتصور منه الاهتمام والسعي للعون، ولا يرجى منه خير وهذا ما رأينا من أصحاب التعصب إلى حزب الجديد ومن يتعصب بهم من علماء اليمن وغيرهم .
2. الابتهال والتضرّع إلى الله آناء الليل، وأطراف النهار، وبعد الأذان أن يزيل كربتهم، ويكشف ما بهم؛ فإن الدعاء سلاح عظيم في كل الأوقات، وعلى الأخصّ في أوقات الكرب والشدّة، وقد وعد الله بإجابة دعاء السائلين الصادقين، ووعده حقّ ، حيث قال - عزّ من قائل -: (( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم )) وقال : (( أمّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السّوء ويجعلكم خلفاء الأرض أ إله مع الله قليلا ما تذكرون )) .
وصحيح مسلم عن أبى هريرة قال قال رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- « من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدّنيا نفّس اللّه عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسّر على معسر يسّر اللّه عليه فى الدّنيا والآخرة ومن ستر مسلما ستره اللّه فى الدّنيا والآخرة واللّه فى عون العبد ما كان العبد فى عون أخيه ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهّل اللّه له به طريقا إلى الجنّة وما اجتمع قومٌ فى بيت من بيوت اللّه يتلون كتاب اللّه ويتدارسونه بينهم إلاّ نزلت عليهم السّكينة وغشيتهم الرّحمة وحفّتهم الملائكة وذكرهم اللّه فيمن عنده ومن بطّأ به عمله لم يسرع به نسبه ».
3- مجالس أهل السنة والجماعة ومحبتهم
قال الإمام الصابوني
عقيدة السلف أصحاب الحديث
علامات أهل السنة
وإحدى علامات أهل السنة حبهم لأئمة السنة، وعلمائها وأنصارها وأو ليائها، وبغضهم
لأئمة البدع، الذين يدعون إلى النار، ويدلون أصحابهم على دار البوار، وقد زين الله سبحانه قلوب أهل السنة ونورها بحب علماء السنة فضلا منه جل جلاله.
أخبرنا الحاكم أبو عبدالله الحافظ أسكنه الله وإيانا الجنة، حدثنا محمد بن إبراهيم بن الفضل المزكي، حدثنا أحمد بن سلمة، قرأ علينا أبو رجاء قتيبة بن سعيد كتاب الإيمان له، فكان في آخره: فإذا رأيت الرجل يحب سفيان الثوري، ومالك بن أنس والأوزاعي، وشعبة وابن المبارك، وأبا الأحوص وشريكا ووكيعا ويحيى بن سعيد، وعبد الرحمن ابن مهدي فاعلم أنه صاحب سنة، قال أحمد بن سلمة رحمه الله: فألحقت بخطي تحته: ويحيى وأحمد بن حنبل، واسحق بن راهويه، فلما انتهينا إلى هذا الموضع نظر الينا أهل نيسابور، وقال: هؤلاء القوم يبغضون يحيى بن يحيى، فقلنا له: يا أبا رجاء ما يحيى بن يحيى؟ قال رجل صالح إمام المسلمين، وإسحاق بن إبراهيم إمام، وأحمد بن حنبل أكبر تن سميتهم كلهم، وأنا ألحقت بهؤلاء الذين ذكر قتيبة رحمه الله، أن من أحبهم فهو صاحب سنة من أئمة أهل الحديث الذين بهم يقتدون، وبهديهم يهتدون، ومن جملتهم وشيعتهم أنفسهم يعدون، وفي اتباعهم آثارهم يجدون جماعة آخرين، منهم محمد بن إدريس الشافعي، وسعيد بن جبير والزهري، والشعبي والتيمي ومن بعدهم، كالليث بن سعد والأوزاعي والثوري وسفيان بن عيينة الهلالي، وحماد بن سلمة وحماد بن زيد، ويونس بن عبيد، وأيوب وابن عوف ونظرائهم.
والله وبالله إن قلوبنا معهم تصبر بصبرهم وتحزن بحزنهم وتفرح بفرحهم .
4- ابتعاد عن أهل البدع
قال الإمام الشوكاني كما فيي فتح القدير - (2 / 128)
{ وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم }
وفي هذه الآية موعظة عظيمة لمن يتسمح بمجالسة المبتدعة الذين يحرفون كلام الله ويتلاعبون بكتابه وسنة رسوله ويردون ذلك إلى أهوائهم المضلة وبدعهم الفاسدة فإنه إذا لم ينكر عليهم ويغير ما هم فيه فأقل الأحوال أن يترك مجالستهم وذلك يسير عليه غير عسير وقد يجعلون حضوره معهم مع تنزهه عما يتلبسون به شبهة يشبهون بها على العامة فيكون فى حضوره مفسدة زائدة على مجرد سماع المنكر
وقد شاهدنا من هذه المجالس الملعونة ما لا يأتي عليه الحصر وقمنا في نصرة الحق ودفع الباطل بما قدرنا عليه وبلغت إليه طاقتنا ومن عرف هذه الشريعة المطهرة حق معرفتها علم أن مجالسة أهل البدع المضلة فيها من المفسدة أضعاف أضعاف ما فى مجالسة من يعصى الله بفعل شيء من المحرمات ولا سيما لمن كان غير راسخ القدم في علم الكتاب والسنة فإنه ربما ينفق عليه من كذباتهم وهذيانهم ما هو من البطلان بأوضح مكان فينقدح في قلبه ما يصعب علاجه ويعسر دفعه فيعمل بذلك مدة عمره ويلقى الله به معتقدا أنه من الحق وهو من أبطل الباطل وأنكر المنكر
5- الفرح بنصرة أهل الحق
قال الإمام الشنقيطي في أضواء البيان - (8 / 388)
ومن المناسبات يوم عاشوراء لقد كان له تاريخ قديم وكانت العرب تعظمه في الجاهلية .... ولما قدم صلى الله عليه وسلم المدينة وجد اليهود يصومونه فقال لهم "لم تصومونه" ؟ فقالوا يوماً نجى الله فيه موسى من فرعون فصامه شكراً لله فصمناه فقال صلى الله عليه وسلم "نحن أحق بموسى منكم" فصامه وأمر الناس بصيامه إنها مناسبة عظمى نجاة نبي الله موسى من عدو الله فرعون نصرة الحق على الباطل ونصر جند الله وإهلاك جند الشيطان.
وهذا بحق مناسبة يهتم لها كل مسلم ولذا قال صلى الله عليه وسلم "نحن أحق بموسى منكم نحن معشر الأنبياء أبناء علات ديننا واحد" .
وقد كان صيامه فرضا حتى نسخ بفرض رمضان وهكذا مع عظم مناسبته من إعلاء كلمة الله ونصرة رسوله كان ابتهاج موسى عليه السلام به في صيامه شكرا لله.
وكذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا هو الطريق السليم والسنة النبوية الكريمة لا ما يحدثه بعض العوام والجهال من مظاهر وأحداث لا أصل لها ثم يأتي العمل الأعم والمناسبات
6- نصرة الإخوة تكون بصفاء المنهج ولا يحتاج الخليط
قال عبد اللطيف بن عبد الرحمن ( وقد عرفت حال أهل وقتك من طلبة العلم، وأنهم ما بين مجاهر بإنكار الحق _ كحزب الجديد وأصحاب التعصب الصوماليين وأمثالهم _ ، قد لبس عليه أمر دينه، أو مداهن مع هؤلاء ومع هؤلاء _ كعلماء اليمن _، غاية قصده السلوك مع الناس، وإرضاؤهم، أو ساكت معرض عن نصرة الحق، ونصرة الباطل، يرى الكفاف أسلم، وأن هذا الرأي أحكم؛ هذا حال فقهاء زمانك، فقل لي: من يقوم بنصر الحق وبيانه، وكشف الشبهة عنه ونصرته، إذا رأيت السكوت والصفح، ). الدرر السنية في الأجوبة النجدية (8 / 387)
7- عدم التثبيط بهم
قال أبو حيان الأندلسي في تفسير البحر المحيط (3 / 75)
والمعنى : أنهم قالوا هذه المقالة قاصدين التثبيط عن الجهاد والإبعاد في الأرض ، سواء كانوا معتقدين صحتها أو لم يكونوا معتقديها ، إذ كثير من الكفار قائل بأجل واحد ، فخاب هذا القصد ، وجعل الله ذلك القول حسرة في قلوبهم أي غما على ما فاتهم ، إذ لم يبلغوا مقصدهم من التثبيط عن الجهاد. وظاهر جعل الحسرة وحصولها أنه يكون ذلك في الدنيا وهو الغم الذي يلحقهم على ما فات من بلوغ مقصدهم. وقيل : الجعل يوم القيامة لما هم فيه من الخزي والندامة ، ولما فيه المسلمون من النعيم والكرامة. وأسند الجعل إلى الله ، لأنه هو الذي يضع الغم والحسرة في قلوبهم عقوبة لهم على هذا القول الفاسد.
وقال الشوكاني في السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار (4 / 514
ويؤدب من يثبط عنه فالواجب دفعه عن هذا التثبيط فإن كف وإلا كان مستحقا لتغليظ العقوبة والحيلولة بينه وبين من صار يسعى لديه بالتثبيط بحبس أو غيره لأنه مرتكب لمحرم عظيم وساع في إثارة فتنة تراق بسببها الدماء وتهتك عندها الحرم وفي هذا التثبيط نزع ليده من طاعة الإمام وقد ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه و سلم أنه قال من نزع يده من طاعة الإمام فإنه يجيء يوم القيامة ولا حجة له ومن مات وهو مفارق للجماعة فإنه يموت موتة جاهلية .
وقال أبوبكر الجزائري في أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير - (2 / 412
{ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون} حرج وبشرط طاعة الله والرسول فيما يستطيعون والنصح لله والرسول بالقول والعمل وترك التثبيط والتخذيل والإرجاف من الإشاعات المضادة للإسلام والمسلمين.
وقال السعدي في تفسيره - (1 / 345)
أن قولهم لصاحب الصدقة القليلة: "اللّه غني عن صدقة هذا" كلام مقصوده باطل، فإن اللّه غني عن صدقة المتصدق بالقليل والكثير، بل وغني عن أهل السماوات والأرض، ولكنه تعالى أمر العباد بما هم مفتقرون إليه، فاللّه -وإن كان غنيا عنهم- فهم فقراء إليه { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره } وفي هذا القول من التثبيط عن الخير ما هو ظاهر بين، ولهذا كان جزاؤهم أن سخر اللّه منهم، ولهم عذاب أليم.
8- احترامهم لما معهم من العلم والحق
قال ابن عساكر في تبيين كذب المفتري
وأعلم يا أخي وفقنا الله وإياك لمرضاته ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته أن لحوم العلماء رحمة الله عليهم مسمومة وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة لأن الوقيعة فيهم بما هم منه براء أمره عظيم والتناول لأعراضهم بالزور والإفتراء مرتع وخيم والإختلاق على من إختاره الله منهم لنعش العلم خلق ذميم والإقتداء بما مدح الله به قول المتبعين من الإستغفار لمن سبقهم وصف كريم إذ قال مثنيا عليهم في كتابه وهو بمكارم الأخلاق وصدها عليم والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا أغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم والإرتكاب لنهي النبي صلى
الله عليه وسلم عن لإغتياب وسب الأموات جسيم
ومما ظهر في ساحتنا من التعصب المقيت والوقيعة في أعراض العلماء ورميهم بالحدادية كما قال لي أحدهم أنت ودعاس وعبدالحميد من الحدادية
9- حثهم على الجهاد
- قال العلامة الشيخ محمد بن هادي المدخلي وهؤلاء القوم وقد حصل منهم هذا فإن الواجب على أهل السنة جميعاً في اليمن أن يهبوا لنصرة إخوانهم، من استطاع منهم فلا يتأخر، بماله ونفسه إن كان مستطيعاً وإلا بماله، فإن الله جل وعلا قد قدم في كثير من آيات الجهاد الدعوة إلى الجهاد في سبيله بالمال.
ثم إن مثل هؤلاء تركهم على مثل هذا الحال وقد وصلوا إلى ما وصلوا إليه على ما بلغنا من أخبار من إخواننا في دماج والله إنه لعار وسبة على أهل السنة والإيمان وعسكر السنة والقرآن في بلاد اليمن أن لا يهبون لنجدة إخوانهم، فإن هذا واجب عليهم، وهؤلاء الأقوام والله لا تردعهم إلا القوة، والله سبحانه وتعالى يقول: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}، فجعل سبحانه وتعالى قتالنا من قاتلنا وبغى علينا قتالاً في سبيله، ومن مات في ذلك فهو شهيد بإذن الله، {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}.
فالواجب على أهل السنة والإيمان ألا يتأخروا عن إخوانهم في بلاد دماج، وأن ينصروهم، وأن يهبوا لنجدتهم، هذا والله الواجب عليهم وجوباً عينياً على من استطاع بماله ونفسه، إن كان مستطيعاً بنفسه، وإلا فبماله، فإن هؤلاء الأقوام لا تردعهم إلا قوة، ولا يوقفهم إلا قوة أهل الإيمان، وإنها والله لفضيحة وعار على أهل الإسلام والإيمان في بلاد اليمن، «إن الإيمان يمان، والحكمة يمانية»، وأهل اليمن أهل خير، وأهل إيمان، البلدان دخلها الإسلام بالفتح، وأهل اليمن دخل عندهم الإسلام بدعوة رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد مدحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم برقة الأفئدة ولين القلوب ومدحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما هو معلوم في سنته عليه الصلاة والسلام.
فالواجب عليهم أن يهبوا لنصرة إخوانهم، ولا سيما وقد استنجد بهم إخوانهم، والله جل وعلا يقول: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ}، وهؤلاء لا ميثاق بيننا وبينهم، بل هؤلاء ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون، فحقهم كما قال الله جل وعلا: {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ}. فنسأل الله جل وعلا أن يسلط عليهم، وأن يمكن منهم، وأن يسهل أمر أهل الإسلام والسنة، وأن يليهم ظهورهم، وأن يجعلهم غنيمة لهم، وأن يكسر شوكتهم، وأن يقطع دابرهم، وأن يستأصل شأفتهم، فإنهم والله لا يرضون إلا بإزالة السنة من هذه المنطقة، بل يريدونها من اليمن كلها، فأنتم لا تنظروا إلى دماج فقط.
وليعلم إخواننا القريبين من دماج من أهل السنة أنهم سينطبق عليهم المثل القائل: «أُكِلْتُ يوم أُكِلَ الثور الأسود»، إن لم يهبوا إلى نجدة إخوانهم فالنار في طرفهم، فعار وعار وعار والله أن يُترك مثل هؤلاء يغزون أهل الإسلام وعسكر السنة والقرآن وأهل السنة بجوارهم وفي بلدهم ولا يهبون إلى نجدتهم، عار والله عظيم أن يأتي من البلدان الأخرى من أهل السنة من يدافع عن إخوانه أهل السنة وأهل السنة في اليمن الذين هم أولى الناس بهم وأقرب الناس إليهم يبقون صامتين ولا يتكلمون ولا يتحركون، هذا عار والله عظيم، وعيب عظيم، وسبة عظيمة على أهل السنة في كل مكان، ولكن أهل اليمن خاصة أعظم وأعظم.
فالواجب على إخواننا طلبة العلم والدعاة ومشايخ القبائل أو من لهم أثر في قبائلهم أن يحث الناس، ولله الحمد الشعب اليمني أكثره مسلح، وكثير منهم أقل ما يكون طلق الآلي يعرفه ولله الحمد، هذا الذي نعرفه حسب ما نعلمه، فيجب على من آنس في نفسه القوة ألا يتخلى ولا يتأخر.
وليعلم أن هؤلاء لا يمكن أن تكسر شوكتهم إلا بمناوشتهم، فلا بد من الزحف من إخواننا أهل السنة من جميع مناطق اليمن، ولا بد أن يعدوا للأمر عدة، ويرتبوا أمورهم، ويهيئوا أحوالهم، ويعقدوا ترتيب هذا الأمر فيما بينهم، وينظموه، ويأتون من المناطق، فإن أحاطوا هؤلاء بدماج -أنا من زمان قلت هذا قبل الحج- فليكونوا هم أيضاً محيطين بهؤلاء ليكونوا من خلفهم، إن ناوشوا أهل دماج فليناوشوهم هم من خلفهم، ويشغلوهم حتى يضعفوا شوكتهم ويكسروا قوتهم، فإنه إذا فتحت الجبهة مع أهل دماج ومن الخلف من أهل السنة ممن أحاط بهؤلاء المجرمين فإنهم والله يحسبون لأهل السنة حسابهم، كما حسبوا لبعض القبائل ولبعض التنظيمات التي منهم ما حصل معهم في العام الماضي حسابهم لما اقتتلوا معهم، وأذاقوهم سوء العذاب.
وليعلم أننا نرجو من الله تبارك وتعالى ما لا يرجون، {إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ}، فنحن نرجو ما عند الله تبارك وتعالى من نصر في الدنيا وإعزاز لدينه أو شهادة نلقى الله بها في الدار الآخرة، والحياة هي واحدة، والحياة هي واحدة، ستموت اليوم أو تموت غداً، والله من كتب عليه الموت لن يتأخر عما كتب عليه.
فهؤلاء لا يأتي بهم إلا القوة، وأنا أقول لإخواني أهل اليمن ممن يبلغهم عني هذا الكلام: عيب والله على أهل اليمن أهل السنة في اليمن أن يتأخروا عن نصرة إخوانهم، وعار والله عظيم عليهم ألا يرى هؤلاء المجرمين قوة أهل السنة والإيمان، فإن هؤلاء الحوثيين قد تنادوا من كل مكان حتى تمركزوا في صعدة، ورتبوا أمورهم، وتجمعوا من كل مكان، المتعلم منهم العارف بهذا المنهج الخبيث وبهذا المذهب الخبيث سواء ممن درسه في إيران أو من درسه على أيدي دعاة الحوثيين في بلاد صعدة، أو عوام قبائلهم ومشايخهم ورؤوسهم ووجهائهم فإنهم قد تدعوا معهم من كل القرى، ومن شعاف الجبال وبطون الأودية حتى كوّنوا قوة، في آخر الأمر مع ضعف الدولة عجزت عنهم في هذه الأيام الأخيرة، فعار على أهل السنة ألا يتنادوا إلى نصرة الحق وهم أهل الحق، وعار على أهل السنة أن يبقوا هكذا متخاذلين متنافرين أو ساكتين، هذا والله عار عظيم.
ونحن والله ما نحب الشر ولا نحب الحرب فإن الحرب شر على الطرفين، ولكن إذا فرضت عليك فاستعن بالله سبحانه وتعالى واصبر واصمت، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ}، وانظر إلى ختم الآية بهذا: من أحاط الله بعمله سبحانه وتعالى فإنه يخذله، هؤلاء مخذولون، وإن حصلت لهم قوة لكن والله قلوبهم فارغة، والله الواحد من أهل الإسلام والإيمان يهز جماعة كثيرة منهم، وذلك بصلابة المؤمن لأن المؤمن يرجو من الله ما لا يرجون، وهؤلاء أكثرهم أجراء، كثير منهم أجراء، أما أهل السنة فأكثرهم علماء بما عند هؤلاء من الانحراف، وعلماء بما عندهم من الخير والحق والفضل والهدى، فهؤلاء مثل الكفار الأصليين يقاتلون مع خواء قلوبهم، وأهل الإسلام والسنة وعسكر الإيمان والقرآن يقاتلون مع قوة قلوبهم، فإن ضعفت قوتهم المادية لكن قلوبهم عامرة بتقوى الله والإيمان به، والله سبحانه وتعالى يقول: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}.
فنحن نرجو من إخواننا أهل السنة في اليمن أن يهبوا لنصرة إخوانهم أهل السنة في دماج، وليعلموا أن دماج نحن ونحن دماج في مقابل هؤلاء الروافض الأنجاس الأرجاس، والاعتداء عليهم اعتداء على الجميع؛ لأن هؤلاء ما استهدفوا دماج لدماج، ولكن استهدفوا دماج للسنة، والإسلام الذي فيه، والإيمان الذي ينشره، والدعوة التي يقوم بها، من تصحيح عقائد الناس، وتبصيرهم بعبادة الله وحده لا شريك له، وبيان المذاهب الفاسدة المخالفة لما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ومن أخبث المذاهب مذهب الروافض، وهؤلاء الحوثيون رافضة، والدليل على ذلك: مساندة إيران لهم، وإشادتهم هم بإيران، ومساندة حزب اللات في لبنان لهم، ومساندتهم له، وإشادتهم بحزب اللات، وإشادة حزب اللات بهم.
فهؤلاء لا ينصرون إلا من كان على دينهم، فإذا كان هذا نصرهم لهؤلاء المبطلين فلِمَ أهل السنة يتخاذلون؟ ولِمَ أهل السنة يتأخرون؟ لا يجوز هذا، ولا سيما الآن قد بدأت الحرب، وصار ما صار مما بلغنا من القتلى في إخواننا أهل الإسلام والإيمان أنهم بلغوا أربع وعشرين قتيلة، وإلى العصر صلوا على واحد وعشرين قتيلة، والحصار مستمر، وهكذا قد ضرب الحصار من مدة طويلة قرابة الأربعين يوماً أو تزيد، لا تدخل حبة إلى دماج ولا تخرج منها دجاجة، فهذا كله إنما المقصود به استئصال شأفة أهل الإسلام والإيمان. فما كفى هذا؟! هذا كله كاف لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، فالواجب على إخواننا أهل اليمن ألا يتوانوا، وأن يجتهدوا، وأن يهبوا، وأن يعلموا أن الوقت قد حان لنصرتهم إخوانهم والذب عن دينهم لأن المقصود هو هذا الدين كما قلت لكم.
ونحن بلغنا اليوم أن هناك محاولة للصلح، فإن حصل الصلح ورضوا به واستكانوا لذلك وكان صلحاً لا غرارة فيه على أهل الإسلام والإيمان، ولا دناءة عليهم فيه، ولا مهانة ولا ذلة فالحمد لله، وإن كان فيه شيء من ذلك فلا، ما دام قد بدئ فليصبروا ويثبتوا حتى يأتي الله جل وعلا بالنصر:
وقاتل إذا لم تعط إلا ظلامة *** شفا الحرب أولى من قبول المظالم
فمثل هؤلاء إنما يريدون استذلال أهل السنة... وأنا أدعو إخوتي أهل السنة في اليمن -ولله الحمد وهم كثر- للنفير ولأن يهبوا لنصرة إخوانهم بكل ما يستطيعون.
والتفاصيل لأحكام الجهاد معروفة ولله الحمد لأهل العلم وطلبة العلم المتمكنين، فإذا جاء السؤال عنها فذاك باب آخر، أما الآن فباب النصرة وباب النفير، ولا سيما وقد بلغنا أن الإخوة بالأمس خاصة أو قبله وجهوا طلباً لإخوانهم أهل السنة أن ينفروا لنجدتهم، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ}، ما دام وقد استُنفروا ولا دولة، فلينفروا لأن هؤلاء الإخوة القائمين على دماج يطلبونهم النصر على هؤلاء المجرمين المعتدين، فيجب عليهم أن ينفروا كل بحسب استطاعته.
ونسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يعلي دينه، وأن ينصر هذا الحق الذي قد هيأه الله سبحانه وتعالى لإخواننا في هذه البلاد، أن يظهرهم على من ناوأهم، كما أسأله سبحانه وتعالى أن يتقبل شهداءهم في الصالحين، وأن يجبر مصاب ذويهم، وأن يربط على قلوب إخواننا أهل السنة في دماج، وأن يثبتهم وأن ينصرهم، وأن يعجل بنصرهم، وأن يزلزل هؤلاء المجرمين، وأن يخالف بين قلبوهم، وأن يفرق جمعهم، وأن يشتت شملهم، وأن يضعف كلمتهم، وأن يعطل أركانهم، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبيينا محمد، وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم انصر شيخنا وطلابه
وأخيراً تقبلوا من إخواكم التحية منهم أبو عبدالرحمن قاسم بن عبدالله بن أحمد
وأبوعبدالله مهدي بن عبدالرزاق بن آدم
تعليق