إيقاظ الوسنان
من
مفاسد الخذلان
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
من
مفاسد الخذلان
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنامن يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد ان لا إله الا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمداً محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماًمزيداً.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران:102].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًاكَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾[النساء:1].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ۞يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾[الأحزاب: 70-71].
أمابعد:
فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وشر الأمورمحدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.وبعد:فإن الله قد أوجب على عباده المؤمنين في كتابه الكريم وعلى لسان رسوله الأمين صلى الله عليه وسلم أن ينصر بعضهم بعضاً وأن يبتعدوا عن الخذلان.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران:102].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًاكَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾[النساء:1].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ۞يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾[الأحزاب: 70-71].
أمابعد:
فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وشر الأمورمحدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.وبعد:فإن الله قد أوجب على عباده المؤمنين في كتابه الكريم وعلى لسان رسوله الأمين صلى الله عليه وسلم أن ينصر بعضهم بعضاً وأن يبتعدوا عن الخذلان.
معنى الخذلان:
قال الإمام ابن القيم رحمه الله في "شفاء العليل" (1 / 100):
فصل وأما الخذلان فقال تعالى إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وأصل الخذلان الترك والتخلية ويقال للبقرة والشاة إذا تخلفت مع ولدها في المرعى وتركت صواحباتها خذول قال محمد بن إسحاق في هذه الآية إن ينصرك الله فلا غالب لك من الناس ولن يضرك خذلان من خذلك وإن يخذلك فلن ينصرك الناس أي لا تترك أمري للناس وارفض الناس لأمري والخذلان أن يخلي الله تعالى بين العبد وبين نفسه ويكله إليها والتوفيق ضده أن لا يدعه ونفسه ولا يكله إليها بل يصنع له ويلطف به ويعينه ويدفع عنه ويكلأه كلاءة الوالد الشفيق للولد العاجز عن نفسه فمن خلى بينه وبين نفسه هلك كل الهلاك ولهذا كان من دعائه صلى الله عليه و سلم يا حي يا قيوم يا بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام لا إله إلا أنت برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسسي طرفة عين ولا إلى أحدمن خلقك فالعبد مطروح بين الله وبين عدوه إبليس فإن تولاه الله لم ظفر به عدوه وإنخذله وأعرض عنه افترسه الشيطان كما يفترس الذئب الشاة.اهـ.و"إن الذين يخذلون أهل السنة في وقت الحاجة يعتبرون خونةلإخوانهم . وقد خالفوا كتاب الله وسنة
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومنهجالسلف"([1])
أولاً:القرآن الكريم:
:1-قال الله تعالى:[وَتَعَاوَنُواعَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِوَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ][المائدة 2].
قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره (2/ 12):
يأمر تعالى عباده المؤمنين بالمعاونة على فعل الخيرات، وهو البر، وترك المنكرات وهو التقوى، وينهاهم عن التناصر على الباطل والتعاون على المآثم والمحارم.
وقال الإمام السعدي رحمه الله في تفسيره (1 /218):
[وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ]أي: ليعن بعضكم بعضا على البر. وهو: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، من الأعمال الظاهرة والباطنة، من حقوق الله وحقوق الآدميين.والتقوىفي هذا الموضع: اسم جامع لترك كل ما يكرهه الله ورسوله، من الأعمال الظاهرة والباطنة.وكلُّ خصلة من خصال الخير المأمور بفعلها، أو خصلة من خصال الشر المأمور بتركها، فإنالعبد مأمور بفعلها بنفسه، وبمعاونة غيره من إخوانه المؤمنين عليها، بكل قول يبعث عليهاوينشط لها، وبكل فعل كذلك.[وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ ] وهو التجرؤعلى المعاصي التي يأثم صاحبها، ويحرج. { وَالْعُدْوَانِ } وهو التعدي على الخَلْق فيدمائهم وأموالهم وأعراضهم، فكل معصية وظلم يجب على العبد كف نفسه عنه، ثم إعانة غيره على تركه.[وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ] على من عصاه وتجرأ على محارمه، فاحذروا المحارم لئلا يحل بكم عقابه العاجل والآجل
.2- وقال الله تعالى:[يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِاللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَالْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ(38) إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًاغَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ] التوبة [38-39].
قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره (4/ 154):
ثم توعد تعالى على ترك الجهاد فقال: { إِلا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْعَذَابًا أَلِيمًا } قال ابن عباس: استنفر رسول الله صلى الله عليه وسلم حيا من العرب،فتثاقلوا عنه، فأمسك الله عنهم القَطْر فكان عذابهم.{ وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ } أي: لنصرة نبيه وإقامة دينه، كما قال تعالى: { إِنْ تَتَوَلَّوْايَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ } [محمد: 38].{ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئًا } أي: ولا تضروا الله شيئًا بتوليكم عن الجهاد، ونُكُولكم وتثاقلكم عنه، {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } أي: قادر على الانتصار من الأعداء بدونكم.
وقال الإمام السعدي رحمه الله في تفسيره (1 /337):
ثم توعدهم على عدم النفير فقال:{إِلا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا } في الدنيا والآخرة،فإن عدم النفير في حال الاستنفار من كبائر الذنوب الموجبة لأشد العقاب، لما فيها منالمضار الشديدة، فإن المتخلف، قد عصى اللّه تعالى وارتكب لنهيه، ولم يساعد على نصردين اللّه، ولا ذب عن كتاب اللّه وشرعه، ولا أعان إخوانه المسلمين على عدوهم الذي يريدأن يستأصلهم ويمحق دينهم، وربما اقتدى به غيره من ضعفاء الإيمان، بل ربما فَتَّ في أعضاد من قاموا بجهاد أعداء اللّه، فحقيق بمن هذا حاله أن يتوعده اللّه بالوعيد الشديد،فقال: { إِلا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ} ثم لا يكونوا أمثالكم { وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئًا } فإنه تعالى متكفل بنصر دينه وإعلاءكلمته، فسواء امتثلتم لأمر اللّه، أو ألقيتموه، وراءكم ظهريا.{وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } لا يعجزه شيء أراده، ولا يغالبهأحد.
3- وقال الله تعالى:[انْفِرُواخِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِاللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ] التوبة [41].
قال الإمام السعدي رحمه الله في تفسيره ( (1/ 338):
يقول تعالى لعباده المؤمنين -مهيجا لهم على النفير في سبيله فقال:{ انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا } أي: في العسر واليسر، والمنشط والمكره، والحر والبرد،وفي جميع الأحوال.{وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} أي: ابذلوا جهدكم في ذلك، واستفرغوا وسعكم في المال والنفس، وفي هذا دليل على أنه-كما يجب الجهاد في النفس- يجب الجهاد في المال، حيث اقتضت الحاجة ودعت لذلك..ثم قال: { ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } أي:الجهاد في النفس والمال، خير لكم من التقاعد عن ذلك، لأن فيه رضا اللّه تعالى، والفوزبالدرجات العاليات عنده، والنصر لدين اللّه، والدخول في جملة جنده وحزبه
.4- وقال الله تعالى:[فَلَمَّاأَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَالْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّامُسْلِمُونَ] [آل عمران 52]
قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره (2/ 45):
يقول تعالى: { فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى } أي: استشعر منهم التصميم علىالكفر والاستمرار على الضلال قال: { مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ } قال مجاهد : أيمن يَتبعني إلى الله؟ وقال سفيان الثوري وغيره: من أنصاري مع الله؟ وقول مجاهد أقربُ.والظاهر أنه أراد من أنصاري في الدعوة إلى الله كما كان النبي صلى اللهعليه وسلم يقول في مواسم الحج، قبل أن يهاجر: "مَنْ رَجُل يُؤْوِيني عَلى [أن]أبلغ كلامَ رَبِّي، فإنَّ قُرَيْشًا قَدْ مَنَعُونِي أنْ أُبَلِّغَ كَلامَ رَبِّي" حتى وجد الأنصار فآووه ونصروه، وهاجر إليهم فآسوه ومنعوه من الأسود والأحمر.وهكذا عيسى ابن مريم، انْتدَبَ له طائفة من بني إسرائيل فآمنوا به وآزروه ونصروه واتبعواالنور الذي أنزل معه. ولهذا قال تعالى مخبرًا عنهم: { قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُأَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ . رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ } الحواريون،قيل : كانوا قَصّارين وقيل: سموا بذلك لبياض ثيابهم، وقيل: صيادين. والصحيح أن الحواريالناصر، كما ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نَدبَ الناس يوم الأحزاب، فانتدب الزبير، ثم ندبهم فانتدَبَ الزبير [ثم ندبهم فانتدب الزبير] فقال:"إنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَاريًا وَحَوَارِيي الزُّبَيْرُ".)
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشَجّ، حدثنا وكيع، حدثنا إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة،عن ابن عباس في قوله: { فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ } قال مع أمة محمد صلى اللهعليه وسلم وهذا إسناد جيد.
وقال الإمام السعدي رحمه الله في تفسيره (1 /131):
{فلما أحس عيسى منهم الكفر } أي: رأى منهم عدم الانقياد له، وقالواهذا سحر مبين، وهموا بقتله وسعوا في ذلك { قال من أنصاري إلى الله } من يعاونني ويقوممعي بنصرة دين الله { قال الحواريون } وهم الأنصار { نحن أنصار الله } أي: انتدبوامعه وقاموا بذلك وقالوا: { آمنا بالله } { فاكتبنا مع الشاهدين } أي: الشهادة النافعة،وهي الشهادة بتوحيد الله وتصديق رسوله مع القيام بذلك، فلما قاموا مع عيسى بنصر دينالله وإقامة شرعه آمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة، فاقتتلت الطائفتان فأيد الله الذين آمنوا بنصره على عدوهم فأصبحوا ظاهرين.
فصل وأما الخذلان فقال تعالى إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وأصل الخذلان الترك والتخلية ويقال للبقرة والشاة إذا تخلفت مع ولدها في المرعى وتركت صواحباتها خذول قال محمد بن إسحاق في هذه الآية إن ينصرك الله فلا غالب لك من الناس ولن يضرك خذلان من خذلك وإن يخذلك فلن ينصرك الناس أي لا تترك أمري للناس وارفض الناس لأمري والخذلان أن يخلي الله تعالى بين العبد وبين نفسه ويكله إليها والتوفيق ضده أن لا يدعه ونفسه ولا يكله إليها بل يصنع له ويلطف به ويعينه ويدفع عنه ويكلأه كلاءة الوالد الشفيق للولد العاجز عن نفسه فمن خلى بينه وبين نفسه هلك كل الهلاك ولهذا كان من دعائه صلى الله عليه و سلم يا حي يا قيوم يا بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام لا إله إلا أنت برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسسي طرفة عين ولا إلى أحدمن خلقك فالعبد مطروح بين الله وبين عدوه إبليس فإن تولاه الله لم ظفر به عدوه وإنخذله وأعرض عنه افترسه الشيطان كما يفترس الذئب الشاة.اهـ.و"إن الذين يخذلون أهل السنة في وقت الحاجة يعتبرون خونةلإخوانهم . وقد خالفوا كتاب الله وسنة
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومنهجالسلف"([1])
أولاً:القرآن الكريم:
:1-قال الله تعالى:[وَتَعَاوَنُواعَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِوَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ][المائدة 2].
قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره (2/ 12):
يأمر تعالى عباده المؤمنين بالمعاونة على فعل الخيرات، وهو البر، وترك المنكرات وهو التقوى، وينهاهم عن التناصر على الباطل والتعاون على المآثم والمحارم.
وقال الإمام السعدي رحمه الله في تفسيره (1 /218):
[وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ]أي: ليعن بعضكم بعضا على البر. وهو: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، من الأعمال الظاهرة والباطنة، من حقوق الله وحقوق الآدميين.والتقوىفي هذا الموضع: اسم جامع لترك كل ما يكرهه الله ورسوله، من الأعمال الظاهرة والباطنة.وكلُّ خصلة من خصال الخير المأمور بفعلها، أو خصلة من خصال الشر المأمور بتركها، فإنالعبد مأمور بفعلها بنفسه، وبمعاونة غيره من إخوانه المؤمنين عليها، بكل قول يبعث عليهاوينشط لها، وبكل فعل كذلك.[وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ ] وهو التجرؤعلى المعاصي التي يأثم صاحبها، ويحرج. { وَالْعُدْوَانِ } وهو التعدي على الخَلْق فيدمائهم وأموالهم وأعراضهم، فكل معصية وظلم يجب على العبد كف نفسه عنه، ثم إعانة غيره على تركه.[وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ] على من عصاه وتجرأ على محارمه، فاحذروا المحارم لئلا يحل بكم عقابه العاجل والآجل
.2- وقال الله تعالى:[يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِاللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَالْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ(38) إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًاغَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ] التوبة [38-39].
قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره (4/ 154):
ثم توعد تعالى على ترك الجهاد فقال: { إِلا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْعَذَابًا أَلِيمًا } قال ابن عباس: استنفر رسول الله صلى الله عليه وسلم حيا من العرب،فتثاقلوا عنه، فأمسك الله عنهم القَطْر فكان عذابهم.{ وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ } أي: لنصرة نبيه وإقامة دينه، كما قال تعالى: { إِنْ تَتَوَلَّوْايَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ } [محمد: 38].{ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئًا } أي: ولا تضروا الله شيئًا بتوليكم عن الجهاد، ونُكُولكم وتثاقلكم عنه، {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } أي: قادر على الانتصار من الأعداء بدونكم.
وقال الإمام السعدي رحمه الله في تفسيره (1 /337):
ثم توعدهم على عدم النفير فقال:{إِلا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا } في الدنيا والآخرة،فإن عدم النفير في حال الاستنفار من كبائر الذنوب الموجبة لأشد العقاب، لما فيها منالمضار الشديدة، فإن المتخلف، قد عصى اللّه تعالى وارتكب لنهيه، ولم يساعد على نصردين اللّه، ولا ذب عن كتاب اللّه وشرعه، ولا أعان إخوانه المسلمين على عدوهم الذي يريدأن يستأصلهم ويمحق دينهم، وربما اقتدى به غيره من ضعفاء الإيمان، بل ربما فَتَّ في أعضاد من قاموا بجهاد أعداء اللّه، فحقيق بمن هذا حاله أن يتوعده اللّه بالوعيد الشديد،فقال: { إِلا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ} ثم لا يكونوا أمثالكم { وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئًا } فإنه تعالى متكفل بنصر دينه وإعلاءكلمته، فسواء امتثلتم لأمر اللّه، أو ألقيتموه، وراءكم ظهريا.{وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } لا يعجزه شيء أراده، ولا يغالبهأحد.
3- وقال الله تعالى:[انْفِرُواخِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِاللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ] التوبة [41].
قال الإمام السعدي رحمه الله في تفسيره ( (1/ 338):
يقول تعالى لعباده المؤمنين -مهيجا لهم على النفير في سبيله فقال:{ انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا } أي: في العسر واليسر، والمنشط والمكره، والحر والبرد،وفي جميع الأحوال.{وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} أي: ابذلوا جهدكم في ذلك، واستفرغوا وسعكم في المال والنفس، وفي هذا دليل على أنه-كما يجب الجهاد في النفس- يجب الجهاد في المال، حيث اقتضت الحاجة ودعت لذلك..ثم قال: { ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } أي:الجهاد في النفس والمال، خير لكم من التقاعد عن ذلك، لأن فيه رضا اللّه تعالى، والفوزبالدرجات العاليات عنده، والنصر لدين اللّه، والدخول في جملة جنده وحزبه
.4- وقال الله تعالى:[فَلَمَّاأَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَالْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّامُسْلِمُونَ] [آل عمران 52]
قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره (2/ 45):
يقول تعالى: { فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى } أي: استشعر منهم التصميم علىالكفر والاستمرار على الضلال قال: { مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ } قال مجاهد : أيمن يَتبعني إلى الله؟ وقال سفيان الثوري وغيره: من أنصاري مع الله؟ وقول مجاهد أقربُ.والظاهر أنه أراد من أنصاري في الدعوة إلى الله كما كان النبي صلى اللهعليه وسلم يقول في مواسم الحج، قبل أن يهاجر: "مَنْ رَجُل يُؤْوِيني عَلى [أن]أبلغ كلامَ رَبِّي، فإنَّ قُرَيْشًا قَدْ مَنَعُونِي أنْ أُبَلِّغَ كَلامَ رَبِّي" حتى وجد الأنصار فآووه ونصروه، وهاجر إليهم فآسوه ومنعوه من الأسود والأحمر.وهكذا عيسى ابن مريم، انْتدَبَ له طائفة من بني إسرائيل فآمنوا به وآزروه ونصروه واتبعواالنور الذي أنزل معه. ولهذا قال تعالى مخبرًا عنهم: { قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُأَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ . رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ } الحواريون،قيل : كانوا قَصّارين وقيل: سموا بذلك لبياض ثيابهم، وقيل: صيادين. والصحيح أن الحواريالناصر، كما ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نَدبَ الناس يوم الأحزاب، فانتدب الزبير، ثم ندبهم فانتدَبَ الزبير [ثم ندبهم فانتدب الزبير] فقال:"إنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَاريًا وَحَوَارِيي الزُّبَيْرُ".)
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشَجّ، حدثنا وكيع، حدثنا إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة،عن ابن عباس في قوله: { فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ } قال مع أمة محمد صلى اللهعليه وسلم وهذا إسناد جيد.
وقال الإمام السعدي رحمه الله في تفسيره (1 /131):
{فلما أحس عيسى منهم الكفر } أي: رأى منهم عدم الانقياد له، وقالواهذا سحر مبين، وهموا بقتله وسعوا في ذلك { قال من أنصاري إلى الله } من يعاونني ويقوممعي بنصرة دين الله { قال الحواريون } وهم الأنصار { نحن أنصار الله } أي: انتدبوامعه وقاموا بذلك وقالوا: { آمنا بالله } { فاكتبنا مع الشاهدين } أي: الشهادة النافعة،وهي الشهادة بتوحيد الله وتصديق رسوله مع القيام بذلك، فلما قاموا مع عيسى بنصر دينالله وإقامة شرعه آمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة، فاقتتلت الطائفتان فأيد الله الذين آمنوا بنصره على عدوهم فأصبحوا ظاهرين.
5- وقال:﴿وَالْمُؤْمِنُونَوَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَوَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾[التوبة : 71 ، 72]
قال الإمام ابن كثير رحمه اللهفي تفسيره (4 / 174):
[ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ] أي: يتناصرون ويتعاضدون.
وقال الإمام البغويرحمه الله في تفسيره (4 / 72):
{ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} في الدين واتفاق الكلمة والعون والنصرة.
وقال الإمام السعديرحمه الله :(1 / 343)
[ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ ] أي: ذكورهم وإناثهم [ بَعْضُهُمْأَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ] في المحبة والموالاة، والانتماء والنصرة.
وقال الإمام ابن جريرالطبري رحمه الله (14 / 347):
[المؤمنون والمؤمنات]، وهم المصدقون بالله ورسوله وآيات كتابه، فإنصفتهم: أن بعضهم أنصارُ بعض وأعوانهم
6- وقال:﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُعَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَفَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِالسُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِكَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِيُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواوَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾[الفتح:29].
قال الإمام ابن كثيررحمه الله (7 / 360):
[وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} ، كما قال تعالى: { فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ } [المائدة : 54] وهذه صفة المؤمنين أن يكون أحدهم شديداً عنيفًا على الكفار، رحيما برًا بالأخيار، غضوبًاعبوسًا في وجه الكافر، ضحوكاً بشوشًا في وجه أخيه المؤمن.
قال الإمام البغويرحمه الله: (7 / 323-324)
{ وَالَّذِينَ مَعَهُ } فالواو فيه للاستئناف، أي: والذين معه من المؤمنين،{ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ } غلاظ عليهم كالأسد على فريسته لا تأخذهم فيهم رأفة،{ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ } متعاطفون متوادون بعضهم لبعض، كالولد مع الوالد، كما قال:[أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين]:[ المائدة-54 ]
قال الإمام السعدي رحمه الله (1 / 795):
يخبر تعالى عن رسوله صلى الله عليه وسلموأصحابه من المهاجرين والأنصار، أنهم بأكمل الصفات، وأجل الأحوال، وأنهم [ أَشِدَّاءُعَلَى الْكُفَّارِ ] أي: جادون ومجتهدون في عداوتهم، وساعون في ذلك بغاية جهدهم، فلميروا منهم إلا الغلظة والشدة، فلذلك ذل أعداؤهم لهم، وانكسروا، وقهرهم المسلمون، {رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ } أي: متحابون متراحمون متعاطفون، كالجسد الواحد، يحب أحدهم لأخيهما يحب لنفسه، هذه معاملتهم مع الخلق.
وقال الإمام الطبريرحمه الله في تفسيره (22 / 261):
وقوله( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَمَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ) يقول تعالى ذكره: محمدرسول الله وأتباعه من أصحابه الذين هم معه على دينه،( أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ) ، غليظة عليهم قلوبهم، قليلة بهم رحمتهم( رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ) يقول: رقيقة قلوببعضهم لبعض، لينة أنفسهم لهم، هينة عليهم لهم
7- وقال:﴿ إِنَّالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِيسَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُبَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْمِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِفَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌوَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾[الأنفال : 72 - 75].
قال الإمام السعدي رحمه الله (1 / 327):
هذا عقد موالاة ومحبة، عقدها اللّه بينالمهاجرين الذين آمنوا وهاجروا في سبيل اللّه، وتركوا أوطانهم للّه لأجل الجهاد فيسبيل اللّه،وبين الأنصار الذين آووا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأعانوهمفي ديارهم وأموالهم وأنفسهم،فهؤلاء بعضهم أولياء بعض، لكمال إيمانهم وتمام اتصال بعضهم بعض.
وقال الإمام الشوكاني رحمه الله في فتح القدير (3 / 211):
{ أَوْلِيَاء بَعْضٍ } أي : بعضهم أولياء بعض في النصرة والمعونة ،وقيل المعنى : إن بعضهم أولياء بعض في الميراث . وقد كانوا يتوارثون بالهجرة والنصرة، ثم نسخ ذلك بقوله سبحانه : { وَأُوْلُواْ الأرحام بَعْضُهُمْ أولى بِبَعْضٍ } .
وقال تعالى:﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُالَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُلِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُعَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَكَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌحَكِيمٌ﴾[التوبة:40].
قال الإمام ابن كثير رحمه الله (4 / 155):
{ إِلا تَنْصُرُوهُ } أي: تنصروا رسوله، فإن الله ناصره ومؤيده وكافيه وحافظه، كما تولى نصره.
قال الإمام السعديرحمه الله (1 / 337):
أي: إلا تنصروا رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم، فاللّه غني عنكم، لا تضرونه شيئا، فقد نصره في أقل ما يكون وأذلة.اهـ
وقال الإمام الطبري رحمه الله (14 / 257):
وهذا إعلامٌ من الله أصحابَ رسوله صلىالله عليه وسلم أنّه المتوكّل بنصر رسوله على أعداء دينه وإظهاره عليهم دونهم، أعانوهأو لم يعينوه، = وتذكيرٌ منه لهم فعلَ ذلك به، وهو من العدد في قلة، والعدوُّ في كثرة،فكيف به وهو من العدد في كثرة، والعدو في قلة؟.
وقالالإمام الشوكاني رحمهالله في تفسيره (3 / 256:
قوله : { إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ الله } أي : إن تركتم نصرهفالله متكفل به ، فقد نصره في مواطن القلة ، وأظهره على عدوه بالغلبة والقهر ، أو فسينصرهمن نصره حين لم يكن معه إلا رجل واحد وقت إخراج الذين كفروا له حال كونه { ثَانِيَاثنين } أي : أحد اثنين ، وهما : رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق رضيالله عنه .
ثانياالأحاديث:
1-عن أَبِي مُوسى، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «إِنَّ المُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا» وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ»متفق عليه.
قال الحافظ ابن رجبرحمه الله في فتح الباري (2 / 584):
وهذا التشبيك من النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث كان لمصلحةوفائدة ، لم يكن عبثا ؛ فإنه لما شبه شد المؤمنين بعضهم بعضا بالبنيان ، كان ذلك تشبيهابالقول ، ثم أوضحه بالفعل ، فشبك أصابعه بعضها في بعض ؛ ليتأكد بذلك المثال الذي ضربهلهم بقوله ، ويزداد بيانا وظهوراً. .ويفهم من تشبيكه : أن تعاضد المؤمنين بينهم كتشبيك الأصابع بعضها فيبعض ، فكما أن أصابع اليدين متعددة فهي ترجع إلى اصل واحد ورجل واحد ، فكذلك المؤمنونوإن تعددت أشخاصهم فهم يرجعون إلى اصل واحد ، وتجمعهم أخوة النسب إلى آدم ونوح ، وأخوةالإيمان
2- وعن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِير. قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلىالله عليه وسلم: «تَرَى المُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ، وَتَوادِّهِمْ،وَتَعَاطُفِهِمْ، كَمَثَلِ الْجَسَدِ. إِذَا اشْتَكَى عضْوًا، تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ والحُمَّى».متفق عليه
قال الإمام العيني رحمه الله في"عمدة القاري شرح صحيح البخاري" (32 / 193):
قيل هذه الألفاظ الثلاثة متقاربة في المعنى لكن بينها فرق لطيف أماالتراحم فالمراد به أن يرحم بعضهم بعضا بأخوة الإيمان لا بسبب شيء آخر وأما التواددفالمراد به التواصل الجالب للمحبة كالتزاور والتهادي وأما التعاطف فالمراد به إعانةبعضهم بعضا كما يعطف طرف الثوب عليه ليقويه قوله كمثل الجسد أي بالنسبة إلى جميع أعضائهووجه التشبيه التوافق في التعب والراحة قوله تداعى أي دعا بعضه بعضا إلى المشاركة فيالألم ومنه قولهم تداعت الحيطان أي تساقطت أو كادت أن تتساقط قوله بالسهر والحمى أماالسهر فلأن الألم يمنع النوم وأما الحمى فلأن فقد النوم يثيرها وقال الكرماني الحمىحرارة غريبة تشتعل في القلب وتنبث منه في جميع البدن فيشتعل اشتعالا مضرا بالأفعالالطبيعية وفيه تعظيم حقوق المسلمين والحض على معاونتهم وملاطفة بعضهم بعضا.اهـ
3-وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:لَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَنَاجَشُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَلَا يَبِعْبَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا الْمُسْلِمُأَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ وَلَا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هَاهُنَاوَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنْ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَأَخَاهُ الْمُسْلِمَ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُوَعِرْضُهُ. رواه مسلم
4-وعن عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليهوسلم قَالَ: «المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ، لاَ يَظْلِمُهُ، وَلاَ يُسْلِمُهُ.وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ، كَانَ الله فِي حَاجَتِهِ. وَمَنْ فَرَّجَ عَنْمُسْلِم كُرْبَةً، فَرَّجَ الله عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِالقِيَامَةِ. وَمَنْ سَتَر مُسْلِمًا، سَتَرَهُ الله يَوْمَ القِيَامَة» متفق عليه.
5- وعن ابن عمر رضي اللهعنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولايسلمه من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنهبها كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة. متفق عليه
قال الإمام الصنعاني رحمه الله في "سبل السلام" (4 / 195):
ولا يخذله والخذلان ترك الإعانة والنصر ومعناه إذا استعان به في دفعأي ضر أو جلب أي نفع أعانه.اهـ
وبوّب الإمام النووي رحمه الله في شرح مسلم(16 / 120):
( باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره ودمه وعرضه وماله):ثم قال:وأما لا يخذله: فقال العلماء الخذل ترك الاعانة والنصر ومعناهاذا استعان به في دفع ظالم ونحوه لزمه إعانته اذا أمكنه ولم يكن له عذر شرعي.
قال الحافظ في الفتح (5 / 97):
ولا يسلمه: أي لا يتركه مع من يؤذيه ولا فيما يؤذيه بل ينصره ويدفععنه وهذا أخص من ترك الظلم وقد يكون ذلك واجبا وقد يكون مندوبا بحسب اختلاف الأحوال.
وقال الإمام النووي رحمه الله في شرحالأربعين النووية ص(246):
"ولا يخذله" أي عند أمره بالمعروف أو نهيه عن المنكر أوعند مطالبته بحق من الحقوق بل ينصره ويعينه ويدفع عنه الأذى ما استطاع.[نقلاً منالتجلية ص166].
وقال الإمام ابن العثيمين رحمه الله في شرحالأربعين النووية ص (249-251):
"ولا يخذله" في مقام يحب أن ينتصر فيه.وقال رحمه في فوائد الحديث:...السادسة:بيان حال المسلم مع أخيهوأنه لا يظلمه ولا يخذله ولا يكذبه ولا يحقره لأن كل هذا ينافي الأخوةالإيمانية.[نقلاً من التجلية ص166].
قال العلامة إسماعيل الأنصاري رحمه الله في"التحفة الربانية شرح الأربعين النووية" (36 / 1):ولا يخذله : لا يترك نصرته المشروعة ، لأن من حق حقوق أخوة الإسلام: التناصروذكر رحمه الله من فوائد الحديث:6- أن من حقوق المسلم على المسلم نصره إذا احتاج إليه ، سواء كان ذلكالأمر دنيويا مثل أن يقدر على دفع عدو يريد أن يبطش به ، فيجب عليه دفعه ، أو دينيامثل أن يقدر على نصحه عن غيه بنحو وعظ فيجب عليه حينئذ النصح ، وتركه هو الخذلان المحرم.اهـ
وقال المناوي رحمه الله في "التيسير بشرح الجامع الصغير" (2 / 883):
(المسلم أخو المسلم ) أي يجمعهما دين واحد والأخوةالدينية أعظم من الحقيقية لان ثمرة هذه دنيوية وتلك أخروية.اهـ
وقال المباركفوري رحمه الله في تحفة الأحوذي (4 / 575-576):
(المسلم أخو المسلم ) قال الله تعالى ( إنما المؤمنونإخوة ) ولا يسلمه بضم أوله وكسر اللام أي لا يخذله بل ينصره.اهـ
وقالرحمه الله (6 / 46):
(المسلم أخو المسلم ) أي فليتعامل المسلمون فيمابينهم وليتعاشروا معاملة الاخوة ومعاشرتهم في المودة والرفق والشفقة والملاطفة والتعاونفي الخير ونحو ذلك مع صفاء القلوب والنصيحة بكل حال ( لا يخونه ) من الخيانة خبر فيمعنى الأمر ( ولا يخذله ) بضم الذال المعجمة من الخذلان وهو ترك النصرة والإعانةقال النووي معناهإذا استعان به في دفع ظالم ونحوه لزمه إعانته إذا أمكنه ولم يكن له عذر شرعي.
وقال صاحب دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (2 / 284):
(ولا يخذله) بضم الذالالمعجمة أي: لا يترك نصرته المشروعة سيما مع الاحتياج والاضطرار.اهـ
وقال العلامة عبد المحسن العباد حفظه الله في "فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمة الخمسين"(1 / 106):
ولا يخذله: عند حاجته إلى نصرته وهو قادر على أن ينصره.
وقال ابن الجوزي رحمه الله في"كشف المشكل من حديث الصحيحين" (1 / 608):
وفي الحديث العشرين المسلم أخو المسلم لا يظلمه (ولا يسلمه ) هذه أخوةالإسلام فإن كل اتفاق بين شيئين يوجب اسم أخوه وقوله لا يسلمه أي لا يتركه مع ما يؤذيهبل ينصره ويدفع عنه. وقال القاضي عياض رحمه الله في"مشارق الأنوار على صحاح الآثار" (1 / 231):
قوله [المسلم أخو المسلم لا يخذله ولا يظلمه] أي لا يترك نصره في الحقومعونته كما قال انصر أخاك.
وقال الشيخ عبد العزيز آل الشيخ حفظهالله في "شرح الأربعين النووية" (1 / 277):
قال: (وَلاَ يَخْذُلُهُ) لا يخذله، الخِذْلان ترك الإعانة والنصرة،والمسلم ولي المسلم، يعني محب له، يعني أن المسلم محب للمسلم، ناصر له، وخذل المسلمللمسلم وخذلانه له ينافي عقد المولاة الذي بينهما؛ ولهذا تضمن عقد المولاة في قوله?وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [التوبة:71] أنّخذل المسلم للمسلم لا يجوز، إذا كان في مقدرته أن يعينه، وأن ينصره ولو بالدعاء.
6-وفي حديث جابر بن عبدالله كما في صحيحمسلم قَالَ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « ... وَلْيَنْصُرِ الرَّجُلُأَخَاهُ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا إِنْ كَانَ ظَالِمًا فَلْيَنْهَهُ فَإِنَّهُلَهُ نَصْرٌ وَإِنْ كَانَ مَظْلُومًا فَلْيَنْصُرْهُ».
قال الإمام الصنعاني رحمه الله في"سبل السلام" (3 / 69):
قلت ويؤيد ما ذهب إليه حديث "انصر أخاك ظالما أو مظلوما"فإن الأمر ظاهر في الإيجاب ونصر الظالم بإخراجه عن الظلم وذلك بأخذ ما في يده لغيرهظلما.
وقال رحمه الله (4 / 122):
والمراد أنها لا تطهر أمة من الذنوب لا ينتصف لضعيفها من قويها فيمايلزم من الحق له فإنه يجب نصر الضعيف حتى يأخذ حقه من القوي كما يؤيده حديثانصر أخاك ظالما أو مظلوما".
وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في"شرح رياض الصالحين" (1 / 271):
وفي هذا دليل على وجوب نصر المظلوم وعلى وجوب نصر الظالم على هذا الوجه الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم.
وبوب الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه مع شرح العيني رحمه الله - (19 / 245):
( باب نصر المظلوم )أي هذا باب في بيان وجوب نصر المظلوم) )- حدثنا( سعيد بن الربيع ) قال حدثنا ( شعبة ) عن ( الأشعث بن سليم ) قال سمعت ( معاوية بنسويد ) قال سمعت ( البراء بن عازب ) رضي الله تعالى عنهما قال أمرنا النبي بسبع ونهاناعن سبع فذكر عيادة المريض واتباع الجنائز وتشميت العاطس ورد السلام ونصر المظلوم وإجابةالداعي وإبرار المقسم.
قوله : { إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ الله } أي : إن تركتم نصرهفالله متكفل به ، فقد نصره في مواطن القلة ، وأظهره على عدوه بالغلبة والقهر ، أو فسينصرهمن نصره حين لم يكن معه إلا رجل واحد وقت إخراج الذين كفروا له حال كونه { ثَانِيَاثنين } أي : أحد اثنين ، وهما : رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق رضيالله عنه .
ثانياالأحاديث:
1-عن أَبِي مُوسى، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «إِنَّ المُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا» وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ»متفق عليه.
قال الحافظ ابن رجبرحمه الله في فتح الباري (2 / 584):
وهذا التشبيك من النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث كان لمصلحةوفائدة ، لم يكن عبثا ؛ فإنه لما شبه شد المؤمنين بعضهم بعضا بالبنيان ، كان ذلك تشبيهابالقول ، ثم أوضحه بالفعل ، فشبك أصابعه بعضها في بعض ؛ ليتأكد بذلك المثال الذي ضربهلهم بقوله ، ويزداد بيانا وظهوراً. .ويفهم من تشبيكه : أن تعاضد المؤمنين بينهم كتشبيك الأصابع بعضها فيبعض ، فكما أن أصابع اليدين متعددة فهي ترجع إلى اصل واحد ورجل واحد ، فكذلك المؤمنونوإن تعددت أشخاصهم فهم يرجعون إلى اصل واحد ، وتجمعهم أخوة النسب إلى آدم ونوح ، وأخوةالإيمان
2- وعن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِير. قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلىالله عليه وسلم: «تَرَى المُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ، وَتَوادِّهِمْ،وَتَعَاطُفِهِمْ، كَمَثَلِ الْجَسَدِ. إِذَا اشْتَكَى عضْوًا، تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ والحُمَّى».متفق عليه
قال الإمام العيني رحمه الله في"عمدة القاري شرح صحيح البخاري" (32 / 193):
قيل هذه الألفاظ الثلاثة متقاربة في المعنى لكن بينها فرق لطيف أماالتراحم فالمراد به أن يرحم بعضهم بعضا بأخوة الإيمان لا بسبب شيء آخر وأما التواددفالمراد به التواصل الجالب للمحبة كالتزاور والتهادي وأما التعاطف فالمراد به إعانةبعضهم بعضا كما يعطف طرف الثوب عليه ليقويه قوله كمثل الجسد أي بالنسبة إلى جميع أعضائهووجه التشبيه التوافق في التعب والراحة قوله تداعى أي دعا بعضه بعضا إلى المشاركة فيالألم ومنه قولهم تداعت الحيطان أي تساقطت أو كادت أن تتساقط قوله بالسهر والحمى أماالسهر فلأن الألم يمنع النوم وأما الحمى فلأن فقد النوم يثيرها وقال الكرماني الحمىحرارة غريبة تشتعل في القلب وتنبث منه في جميع البدن فيشتعل اشتعالا مضرا بالأفعالالطبيعية وفيه تعظيم حقوق المسلمين والحض على معاونتهم وملاطفة بعضهم بعضا.اهـ
3-وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:لَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَنَاجَشُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَلَا يَبِعْبَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا الْمُسْلِمُأَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ وَلَا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هَاهُنَاوَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنْ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَأَخَاهُ الْمُسْلِمَ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُوَعِرْضُهُ. رواه مسلم
4-وعن عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليهوسلم قَالَ: «المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ، لاَ يَظْلِمُهُ، وَلاَ يُسْلِمُهُ.وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ، كَانَ الله فِي حَاجَتِهِ. وَمَنْ فَرَّجَ عَنْمُسْلِم كُرْبَةً، فَرَّجَ الله عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِالقِيَامَةِ. وَمَنْ سَتَر مُسْلِمًا، سَتَرَهُ الله يَوْمَ القِيَامَة» متفق عليه.
5- وعن ابن عمر رضي اللهعنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولايسلمه من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنهبها كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة. متفق عليه
قال الإمام الصنعاني رحمه الله في "سبل السلام" (4 / 195):
ولا يخذله والخذلان ترك الإعانة والنصر ومعناه إذا استعان به في دفعأي ضر أو جلب أي نفع أعانه.اهـ
وبوّب الإمام النووي رحمه الله في شرح مسلم(16 / 120):
( باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره ودمه وعرضه وماله):ثم قال:وأما لا يخذله: فقال العلماء الخذل ترك الاعانة والنصر ومعناهاذا استعان به في دفع ظالم ونحوه لزمه إعانته اذا أمكنه ولم يكن له عذر شرعي.
قال الحافظ في الفتح (5 / 97):
ولا يسلمه: أي لا يتركه مع من يؤذيه ولا فيما يؤذيه بل ينصره ويدفععنه وهذا أخص من ترك الظلم وقد يكون ذلك واجبا وقد يكون مندوبا بحسب اختلاف الأحوال.
وقال الإمام النووي رحمه الله في شرحالأربعين النووية ص(246):
"ولا يخذله" أي عند أمره بالمعروف أو نهيه عن المنكر أوعند مطالبته بحق من الحقوق بل ينصره ويعينه ويدفع عنه الأذى ما استطاع.[نقلاً منالتجلية ص166].
وقال الإمام ابن العثيمين رحمه الله في شرحالأربعين النووية ص (249-251):
"ولا يخذله" في مقام يحب أن ينتصر فيه.وقال رحمه في فوائد الحديث:...السادسة:بيان حال المسلم مع أخيهوأنه لا يظلمه ولا يخذله ولا يكذبه ولا يحقره لأن كل هذا ينافي الأخوةالإيمانية.[نقلاً من التجلية ص166].
قال العلامة إسماعيل الأنصاري رحمه الله في"التحفة الربانية شرح الأربعين النووية" (36 / 1):ولا يخذله : لا يترك نصرته المشروعة ، لأن من حق حقوق أخوة الإسلام: التناصروذكر رحمه الله من فوائد الحديث:6- أن من حقوق المسلم على المسلم نصره إذا احتاج إليه ، سواء كان ذلكالأمر دنيويا مثل أن يقدر على دفع عدو يريد أن يبطش به ، فيجب عليه دفعه ، أو دينيامثل أن يقدر على نصحه عن غيه بنحو وعظ فيجب عليه حينئذ النصح ، وتركه هو الخذلان المحرم.اهـ
وقال المناوي رحمه الله في "التيسير بشرح الجامع الصغير" (2 / 883):
(المسلم أخو المسلم ) أي يجمعهما دين واحد والأخوةالدينية أعظم من الحقيقية لان ثمرة هذه دنيوية وتلك أخروية.اهـ
وقال المباركفوري رحمه الله في تحفة الأحوذي (4 / 575-576):
(المسلم أخو المسلم ) قال الله تعالى ( إنما المؤمنونإخوة ) ولا يسلمه بضم أوله وكسر اللام أي لا يخذله بل ينصره.اهـ
وقالرحمه الله (6 / 46):
(المسلم أخو المسلم ) أي فليتعامل المسلمون فيمابينهم وليتعاشروا معاملة الاخوة ومعاشرتهم في المودة والرفق والشفقة والملاطفة والتعاونفي الخير ونحو ذلك مع صفاء القلوب والنصيحة بكل حال ( لا يخونه ) من الخيانة خبر فيمعنى الأمر ( ولا يخذله ) بضم الذال المعجمة من الخذلان وهو ترك النصرة والإعانةقال النووي معناهإذا استعان به في دفع ظالم ونحوه لزمه إعانته إذا أمكنه ولم يكن له عذر شرعي.
وقال صاحب دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (2 / 284):
(ولا يخذله) بضم الذالالمعجمة أي: لا يترك نصرته المشروعة سيما مع الاحتياج والاضطرار.اهـ
وقال العلامة عبد المحسن العباد حفظه الله في "فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمة الخمسين"(1 / 106):
ولا يخذله: عند حاجته إلى نصرته وهو قادر على أن ينصره.
وقال ابن الجوزي رحمه الله في"كشف المشكل من حديث الصحيحين" (1 / 608):
وفي الحديث العشرين المسلم أخو المسلم لا يظلمه (ولا يسلمه ) هذه أخوةالإسلام فإن كل اتفاق بين شيئين يوجب اسم أخوه وقوله لا يسلمه أي لا يتركه مع ما يؤذيهبل ينصره ويدفع عنه. وقال القاضي عياض رحمه الله في"مشارق الأنوار على صحاح الآثار" (1 / 231):
قوله [المسلم أخو المسلم لا يخذله ولا يظلمه] أي لا يترك نصره في الحقومعونته كما قال انصر أخاك.
وقال الشيخ عبد العزيز آل الشيخ حفظهالله في "شرح الأربعين النووية" (1 / 277):
قال: (وَلاَ يَخْذُلُهُ) لا يخذله، الخِذْلان ترك الإعانة والنصرة،والمسلم ولي المسلم، يعني محب له، يعني أن المسلم محب للمسلم، ناصر له، وخذل المسلمللمسلم وخذلانه له ينافي عقد المولاة الذي بينهما؛ ولهذا تضمن عقد المولاة في قوله?وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [التوبة:71] أنّخذل المسلم للمسلم لا يجوز، إذا كان في مقدرته أن يعينه، وأن ينصره ولو بالدعاء.
6-وفي حديث جابر بن عبدالله كما في صحيحمسلم قَالَ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « ... وَلْيَنْصُرِ الرَّجُلُأَخَاهُ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا إِنْ كَانَ ظَالِمًا فَلْيَنْهَهُ فَإِنَّهُلَهُ نَصْرٌ وَإِنْ كَانَ مَظْلُومًا فَلْيَنْصُرْهُ».
قال الإمام الصنعاني رحمه الله في"سبل السلام" (3 / 69):
قلت ويؤيد ما ذهب إليه حديث "انصر أخاك ظالما أو مظلوما"فإن الأمر ظاهر في الإيجاب ونصر الظالم بإخراجه عن الظلم وذلك بأخذ ما في يده لغيرهظلما.
وقال رحمه الله (4 / 122):
والمراد أنها لا تطهر أمة من الذنوب لا ينتصف لضعيفها من قويها فيمايلزم من الحق له فإنه يجب نصر الضعيف حتى يأخذ حقه من القوي كما يؤيده حديثانصر أخاك ظالما أو مظلوما".
وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في"شرح رياض الصالحين" (1 / 271):
وفي هذا دليل على وجوب نصر المظلوم وعلى وجوب نصر الظالم على هذا الوجه الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم.
وبوب الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه مع شرح العيني رحمه الله - (19 / 245):
( باب نصر المظلوم )أي هذا باب في بيان وجوب نصر المظلوم) )- حدثنا( سعيد بن الربيع ) قال حدثنا ( شعبة ) عن ( الأشعث بن سليم ) قال سمعت ( معاوية بنسويد ) قال سمعت ( البراء بن عازب ) رضي الله تعالى عنهما قال أمرنا النبي بسبع ونهاناعن سبع فذكر عيادة المريض واتباع الجنائز وتشميت العاطس ورد السلام ونصر المظلوم وإجابةالداعي وإبرار المقسم.
7- عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ-صلى الله عليه وسلم- بِسَبْعٍ فَذَكَرَهُنَّ وَفِيهِنَّ نَصْرُ الْمَظْلُومِ.رواه البخاري ومسلم
8-شُرَحْبِيلَ بْنَ السَّمْطِ دَعَا عَمْرَو بْنَعَبَسَةَ ، فَقَالَ : يَا عَمْرُو بْنَ عَبَسَةَ : هَلْ أَنْتَ مُحَدِّثُنِي حَدِيثًا سَمِعْتُهُ أَنْتَ مِنْ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ،لَيْسَ فِيهِ تَزَيُّدً ، وَلاَ كَذِبٌ ، وَلاَ تُحَدِّثْنِي عَنْ آخَرَسَمِعْتَهُ مِنْ غَيْرِكَ ، قَالَ : نَعَمْ ، سَمِعْتُ رَسُولَ الله صَلَّى اللهعَلَيه وسَلَّم ، يَقُولُ : قَدْ حَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلَّذِينَ يَتَحَابُّونَمِنْ أَجْلِي ، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلَّذِينَ يَتَبَاذَلُونَ مِنْ أَجْلِي ،وَقَدْ حَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلَّذِينَ يَتَنَاصَرُونَ مِنْ أَجْلِي ، وَقَدْحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلَّذِينَ يَتَصَدَّقُونَ مِنْ أَجْلِي ، وَقَدْ حَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلَّذِينَ يَتَزَاوَرُونَ مِنْ أَجْلِي.رواه أحمد(4/386).
ثالثاًمذهب السلف:
قال شيخ الإسلام رحمه الله في "العقيدةالواسطية" (1 / 32):
ثم هم مع هذه الأصول يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر على ماتوجبه الشريعة ويرون إقامة الحج والجهاد والجمع والأعياد مع الأمراء أبرارا كانوا أوفجارا ويحافظون على الجماعات ويدينون بالنصيحة للأمة ويعتقدون معنى قوله صلى الله عليهو سلم : ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ) وشبك بين أصابعه وقوله صلى اللهعليه و سلم : ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منهعضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر ) ويأمرون بالصبر عند البلاء والشكر عند الرخاءوالرضا بمر القضاء ويدعون إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال ويعتقدون معنى قوله صلىالله عليه و سلم : ( أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا).
ثالثاًمذهب السلف:
قال شيخ الإسلام رحمه الله في "العقيدةالواسطية" (1 / 32):
ثم هم مع هذه الأصول يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر على ماتوجبه الشريعة ويرون إقامة الحج والجهاد والجمع والأعياد مع الأمراء أبرارا كانوا أوفجارا ويحافظون على الجماعات ويدينون بالنصيحة للأمة ويعتقدون معنى قوله صلى الله عليهو سلم : ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ) وشبك بين أصابعه وقوله صلى اللهعليه و سلم : ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منهعضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر ) ويأمرون بالصبر عند البلاء والشكر عند الرخاءوالرضا بمر القضاء ويدعون إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال ويعتقدون معنى قوله صلىالله عليه و سلم : ( أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا).
بعض فوائد المناصرة
1- يرضى الرب سبحانه وتعالى ويسخط الشيطان.
2- يغشى المحبة والتآلف بين المؤمنين.
3- في التناصر عز وشرف ومنقبة لأهل السنة وللمسلمين وذل لأهل البدع والأهواء والأعداء.
4- في نصرة المسلم نجاة من الذل يوم الوقوف بين يدي الله عز وجل.
5- التناصر يقوي شوكة المؤمنين ويضعف كيد أعدائهم.
6- التناصر سبب في تكوين المجتمع المسلم القوي المتعاون المتحاب.
7- التناصر يساعد ظهور الحق وهزيمة الباطل ودحره.
8- التناصر يساعد في تحقيق الحق ورفع الظلم والتعدي عن المظلوم.
9- التناصر فيه نجاة من عذاب الله يوم لا ينفع مال ولا بنون.وفيه فوائد غزيرة لا تحصى في هذا الموضع وإنما هذه إشارة إلى أهمها.
2- يغشى المحبة والتآلف بين المؤمنين.
3- في التناصر عز وشرف ومنقبة لأهل السنة وللمسلمين وذل لأهل البدع والأهواء والأعداء.
4- في نصرة المسلم نجاة من الذل يوم الوقوف بين يدي الله عز وجل.
5- التناصر يقوي شوكة المؤمنين ويضعف كيد أعدائهم.
6- التناصر سبب في تكوين المجتمع المسلم القوي المتعاون المتحاب.
7- التناصر يساعد ظهور الحق وهزيمة الباطل ودحره.
8- التناصر يساعد في تحقيق الحق ورفع الظلم والتعدي عن المظلوم.
9- التناصر فيه نجاة من عذاب الله يوم لا ينفع مال ولا بنون.وفيه فوائد غزيرة لا تحصى في هذا الموضع وإنما هذه إشارة إلى أهمها.
مفاسدالخذلان
المفسدةالأولى
الخذلان وترك النصرة تشبه بإبليس لعنه الله
المفسدةالأولى
الخذلان وترك النصرة تشبه بإبليس لعنه الله
الآية الأولى:
الآية الثانية:
وقال تعالى: [وَيَوْمَ يَعَضُّالظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِسَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28)لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُلِلْإِنْسَانِ خَذُولًا (29)] الفرقان [27-29].
قال الله تعالى: { وَكَانَالشَّيْطَانُ لِلإنْسَانِ خَذُولا } أي: يخذله عن الحق، ويصرفه عنه، ويستعملهفي الباطل، ويدعوه إليه.
{ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإنْسَانِخَذُولا } يزين له الباطل ويقبح له الحق، ويعده الأماني ثم يتخلى عنه ويتبرأ منه كماقال لجميع أتباعه حين قضي الأمر، وفرغ الله من حساب الخلق { وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّاقُضِيَ الأمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْوَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْلِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْبِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ } الآية. فلينظرالعبد لنفسه وقت الإمكان وليتدارك الممكن قبل أن لا يمكن، وليوال من ولايته فيها سعادته وليعاد من تنفعه عداوته وتضره صداقته. والله الموفق.
يقول الله:( وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإنْسَانِ خَذُولا ) يقول: مسلما لما ينزلبه من البلاء غير منقذه ولا منجيه.
{ وَكَانَ الشَّيْطَانُ} وهو كل متمرد عات من الإنس والجن، وكل من صد عن سبيل الله فهو شيطان. { لِلإنْسَانِخَذُولا } أي: تاركًا يتركه ويتبرأ منه عند نزول البلاء والعذاب، وحكم هذه الآية عام في حق كل متحابين اجتمعا على معصية الله.
{ وَكَانَ الشيطان للإنسانخَذُولاً } الخذل : ترك الإغاثة ، ومنه خذلان إبليس للمشركين حيث يوالونه ،ثم يتركهم عند استغاثتهم به ، وهذه الجملة مقرّرة لمضمون ما قبلها ، ويحتمل أن تكونمن كلام الله تعالى ، أو من تمام كلام الظالم ، وأنه سمى خليله شيطاناً بعد أن جعلهم ضلاً . أو أراد بالشيطان : إبليس لكونه الذي حمله على مخاللة المضلين .
الثالثة:
وقال الله تعالى:[الَّذِينَ آمَنُوايُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِالطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِكَانَ ضَعِيفًا]
{ فَقَاتِلُوا } أيها المؤمنون{ أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ } أي: حزبَه وجنودَه وهم الكفار، { إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ} مَكْرَهُ، { كَانَ ضَعِيفًا } كما فعل يوم بدر لمّا رأى الملائكة خاف أن يأخذوه فهرب وخذلهم.
قال الله تعالى:[وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَلَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِنَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَإِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ] التوبة [48]
قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره(4 / 73):
وقال محمد بن إسحاق: حدثني الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس؛ أن إبليسخرج مع قريش في صورة سراقة بن مالك بن جعشم، فلما حضر القتال ورأى الملائكة، نكص علىعقبيه، وقال: { إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ } فتشبث (4) الحارث بن هشام فنخر في وجهه،فخر صعقا، فقيل له: ويلك يا سراقة، على هذه الحال تخذلنا وتبرأ منا. فقال:{ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُشَدِيدُ الْعِقَابِ}.
قال الإمام السعدي رحمه الله في تفسيره(1 / 322):
ومن المحتمل أن يكون الشيطان، قد سول لهم، ووسوس في صدورهم أنه لا غالبلهم اليوم من الناس، وأنه جار لهم،فلما أوردهم مواردهم، نكص عنهم، وتبرأ منهم،كما قال تعالى: { كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَاأَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ}.
وقال شيخ الإسلام رحمه الله في "الجواب الصحيح" (6 / 268):
فلما رأى إبليس الملائكة نكص على عقبيه وقال إني برىء منكم إني أرىما لا ترون وهو في صورة سراقة وأقبل أبو جهل يحضض أصحابه ويقول لا يهولنكم خذلان سراقة إياكم فإنه على موعد من محمد وأصحابه ثم قال واللات والعزى لا نرجع حتىنقرن محمدا وأصحابه في الحبال فلا تقتلوهم وخذوهم أخذاً.
قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره(4 / 73):
وقال محمد بن إسحاق: حدثني الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس؛ أن إبليسخرج مع قريش في صورة سراقة بن مالك بن جعشم، فلما حضر القتال ورأى الملائكة، نكص علىعقبيه، وقال: { إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ } فتشبث (4) الحارث بن هشام فنخر في وجهه،فخر صعقا، فقيل له: ويلك يا سراقة، على هذه الحال تخذلنا وتبرأ منا. فقال:{ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُشَدِيدُ الْعِقَابِ}.
قال الإمام السعدي رحمه الله في تفسيره(1 / 322):
ومن المحتمل أن يكون الشيطان، قد سول لهم، ووسوس في صدورهم أنه لا غالبلهم اليوم من الناس، وأنه جار لهم،فلما أوردهم مواردهم، نكص عنهم، وتبرأ منهم،كما قال تعالى: { كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَاأَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ}.
وقال شيخ الإسلام رحمه الله في "الجواب الصحيح" (6 / 268):
فلما رأى إبليس الملائكة نكص على عقبيه وقال إني برىء منكم إني أرىما لا ترون وهو في صورة سراقة وأقبل أبو جهل يحضض أصحابه ويقول لا يهولنكم خذلان سراقة إياكم فإنه على موعد من محمد وأصحابه ثم قال واللات والعزى لا نرجع حتىنقرن محمدا وأصحابه في الحبال فلا تقتلوهم وخذوهم أخذاً.
الآية الثانية:
وقال تعالى: [وَيَوْمَ يَعَضُّالظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِسَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28)لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُلِلْإِنْسَانِ خَذُولًا (29)] الفرقان [27-29].
قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره (6 / 108):
قال الله تعالى: { وَكَانَالشَّيْطَانُ لِلإنْسَانِ خَذُولا } أي: يخذله عن الحق، ويصرفه عنه، ويستعملهفي الباطل، ويدعوه إليه.
قال الإمام السعدي رحمه الله في تفسيره (1 / 581):
{ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإنْسَانِخَذُولا } يزين له الباطل ويقبح له الحق، ويعده الأماني ثم يتخلى عنه ويتبرأ منه كماقال لجميع أتباعه حين قضي الأمر، وفرغ الله من حساب الخلق { وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّاقُضِيَ الأمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْوَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْلِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْبِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ } الآية. فلينظرالعبد لنفسه وقت الإمكان وليتدارك الممكن قبل أن لا يمكن، وليوال من ولايته فيها سعادته وليعاد من تنفعه عداوته وتضره صداقته. والله الموفق.
وقال الإمام ابن جرير رحمه الله في تفسيره (19 / 263):
يقول الله:( وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإنْسَانِ خَذُولا ) يقول: مسلما لما ينزلبه من البلاء غير منقذه ولا منجيه.
وقال الإمام البغوي رحمه الله في معالم التنزيل (6 / 81):
{ وَكَانَ الشَّيْطَانُ} وهو كل متمرد عات من الإنس والجن، وكل من صد عن سبيل الله فهو شيطان. { لِلإنْسَانِخَذُولا } أي: تاركًا يتركه ويتبرأ منه عند نزول البلاء والعذاب، وحكم هذه الآية عام في حق كل متحابين اجتمعا على معصية الله.
وقال الإمام الشوكاني رحمه الله في "فتح القدير"(5 / 273):
{ وَكَانَ الشيطان للإنسانخَذُولاً } الخذل : ترك الإغاثة ، ومنه خذلان إبليس للمشركين حيث يوالونه ،ثم يتركهم عند استغاثتهم به ، وهذه الجملة مقرّرة لمضمون ما قبلها ، ويحتمل أن تكونمن كلام الله تعالى ، أو من تمام كلام الظالم ، وأنه سمى خليله شيطاناً بعد أن جعلهم ضلاً . أو أراد بالشيطان : إبليس لكونه الذي حمله على مخاللة المضلين .
الثالثة:
وقال الله تعالى:[الَّذِينَ آمَنُوايُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِالطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِكَانَ ضَعِيفًا]
قال الإمام البغوي رحمه الله في معالم التنزيل ( (2 / 250):
{ فَقَاتِلُوا } أيها المؤمنون{ أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ } أي: حزبَه وجنودَه وهم الكفار، { إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ} مَكْرَهُ، { كَانَ ضَعِيفًا } كما فعل يوم بدر لمّا رأى الملائكة خاف أن يأخذوه فهرب وخذلهم.
المفسدةالثانية:
الخذلان وترك النصرة من التشبه بالكفار
الخذلان وترك النصرة من التشبه بالكفار
قال الله تعالى:[هَذَانِخَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌمِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ]
فإن المؤمنين يريدون نصرةدين الله، والكافرون يريدون إطفاء نور الإيمان وخذلانَ الحق وظهور الباطل. وهذااختيار ابن جرير، وهو حَسَن.
قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره - (5 / 406):
فإن المؤمنين يريدون نصرةدين الله، والكافرون يريدون إطفاء نور الإيمان وخذلانَ الحق وظهور الباطل. وهذااختيار ابن جرير، وهو حَسَن.
المفسدةالثالثة:
الخذلان وترك النصرة تشبهبالمنافقين
الخذلان وترك النصرة تشبهبالمنافقين
الأية الأولى:
قال الله تعالى:{ وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَالْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (166)وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِيسَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالا لاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْلِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْمَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ (167) الَّذِينَقَالُوا لإخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُواعَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (168) }.
قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره(2 / 160):
قال محمد بن إسحاق: حدثني محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، ومحمد بن يحيى بن حبان، وعاصم بن عمر بن قتادة، والحصينبن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، وغيرهم من علمائنا، كُلهم قد حدث قال: خَرَجَرسول الله صلى الله عليه وسلم -يعني حين خرج إلى أحد-في ألف رجل من أصحابه، حتى إذاكان بالشَّوط -بين أحد والمدينة-انحاز عنه عبد الله بن أبي ابن سلول بثلث الناس، وقال أطاعهم فخرج وعصاني، ووالله ما ندري علام نقتُل أنفسنا هاهنا أيها الناس، فرجع بمن اتبعه من الناس من قومه أهل النفاق وأهل الريب،واتبعهم عبد الله بن عَمرو بن حرام أخو بني سَلمة، يقول: يا قوم، أذكركم الله أنتخذلوا نبيكم وقومكم عندما حضر من عدوكم، قالوا: لو نعلم أنكم تقاتلون ما أسلمناكم ولكنا لا نرى أن يكون قتال. فلما استعصوا عليه وأبَوْا إلا الانصراف عنهم، قال: أبعدكم الله أعداء الله، فسيُغْنى الله عنكم. ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال الإمام الطبري رحمه الله في تفسيره (7/ 378-379):
حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال، حدثني محمد بن مسلمبن شهاب الزهري، ومحمد بن يحيى بن حبان، وعاصم بن عمر بن قتادة، والحصين بن عبد الرحمنبن عمرو بن سعد بن معاذ، وغيرهم من علمائنا، كلهم قد حدَّث قال: خرج رسول الله صلىالله عليه وسلم - يعني حين خرج إلى أحد - في ألف رجل من أصحابه، حتى إذا كانوا بالشوطبين أحد والمدينة، انخزل عنهم عبدالله بن أبيّ ابن سلول بثلث الناس وقال: أطاعهم فخرجوعصاني! والله ما ندري علامَ نقتل أنفسنا ههنا أيها الناس!! فرجع بمن اتبعه من الناسمن قومه من أهل النفاق وأهل الريْب، واتبعهم عبدالله بن عمرو بن حرام أخو بني سلمةيقول: يا قوم، أذكّركم الله أن تخذلوا نبيكم وقومكم عندما حضر من عدوّهم! فقالوا:لو نعلم أنكم تقاتلون ما أسلمناكم، ولكنا لا نرى أن يكون قتال! فلما استعصوا عليه وأبوا إلا الانصراف عنهم، قال: أبعدَكم الله أعداء الله! فسيُغني الله عنكم! ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم..
وقال شيخ الإسلام رحمه الله في "الصارمالمسلول" (1 / 41):
و أيضا فإن الله كما ذكر بعض الأقوال التي جعلهم بها من المنافقينو هو قوله تعالى : { ائذن لي و لا تفتني } قال في عقب ذلك { لا يستأذنك الذينيؤمنون بالله و اليوم الآخر } إلى قوله : { إنما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر و ارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون } [ التوبة : 45 ] فجعل ذلك علامة مطردة على عدم الإيمان و على الريب مع أنه رغبة عن الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه و سلم بعد استنفاره و إظهار من القاعد أنه معذور بالقعود و حاصله عدم إرادةالجهاد فلمزه و أذاه أولى أن يكون دليلا مطردا لأن الأول خذلان له و هذا محاربة له و هذا ظاهر.
الآية الثانية:
قال الله تعالى:[الَّذِينَيَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْنَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْعَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْيَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَسَبِيلًا].[النساء ]
قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره(2 / 436):
[قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ] أي: ساعدناكم في الباطن، وما ألوناهم خبالا وتخذيلا حتى انتصرتم عليهم.
الآية الثالثة:
وقال تعالى:[ قُلْ لَنْيَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًالَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا (16) قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَاللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَلَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (17) قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُالْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَاوَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا] [الأحزاب16-18]
قال الإمام السعدي رحمه الله في تفسيره (1 / 660):
فَلْيَمْتَثِلُوا طاعة المنفرد بالأمور كلها، الذي نفذت مشيئته، ومضىقدره، ولم ينفع مع ترك ولايته ونصرته، وَلِيٌّ ولا ناصر..ثم توَّعد تعالى المخذلين المعوقين، وتهددهم فقال: { قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ } عن الخروج، لمن [لم] (3) يخرجوا { وَالْقَائِلِينَ لإخْوَانِهِمْ } الذين خرجوا: [ ص 661 ] { هَلُمَّ إِلَيْنَا } أي: ارجعوا، كما تقدممن قولهم: { يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا }وهم مع تعويقهم وتخذيلهم { وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ } أي: القتال والجهاد بأنفسهم { إِلا قَلِيلا } فهم أشد الناس حرصًا على التخلف، لعدم الداعي لذلك،من الإيمان والصبر، ووجود المقتضى للجبن، من النفاق، وعدم الإيمان.
قال الله تعالى:{ وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَالْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (166)وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِيسَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالا لاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْلِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْمَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ (167) الَّذِينَقَالُوا لإخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُواعَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (168) }.
قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره(2 / 160):
قال محمد بن إسحاق: حدثني محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، ومحمد بن يحيى بن حبان، وعاصم بن عمر بن قتادة، والحصينبن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، وغيرهم من علمائنا، كُلهم قد حدث قال: خَرَجَرسول الله صلى الله عليه وسلم -يعني حين خرج إلى أحد-في ألف رجل من أصحابه، حتى إذاكان بالشَّوط -بين أحد والمدينة-انحاز عنه عبد الله بن أبي ابن سلول بثلث الناس، وقال أطاعهم فخرج وعصاني، ووالله ما ندري علام نقتُل أنفسنا هاهنا أيها الناس، فرجع بمن اتبعه من الناس من قومه أهل النفاق وأهل الريب،واتبعهم عبد الله بن عَمرو بن حرام أخو بني سَلمة، يقول: يا قوم، أذكركم الله أنتخذلوا نبيكم وقومكم عندما حضر من عدوكم، قالوا: لو نعلم أنكم تقاتلون ما أسلمناكم ولكنا لا نرى أن يكون قتال. فلما استعصوا عليه وأبَوْا إلا الانصراف عنهم، قال: أبعدكم الله أعداء الله، فسيُغْنى الله عنكم. ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال الإمام الطبري رحمه الله في تفسيره (7/ 378-379):
حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال، حدثني محمد بن مسلمبن شهاب الزهري، ومحمد بن يحيى بن حبان، وعاصم بن عمر بن قتادة، والحصين بن عبد الرحمنبن عمرو بن سعد بن معاذ، وغيرهم من علمائنا، كلهم قد حدَّث قال: خرج رسول الله صلىالله عليه وسلم - يعني حين خرج إلى أحد - في ألف رجل من أصحابه، حتى إذا كانوا بالشوطبين أحد والمدينة، انخزل عنهم عبدالله بن أبيّ ابن سلول بثلث الناس وقال: أطاعهم فخرجوعصاني! والله ما ندري علامَ نقتل أنفسنا ههنا أيها الناس!! فرجع بمن اتبعه من الناسمن قومه من أهل النفاق وأهل الريْب، واتبعهم عبدالله بن عمرو بن حرام أخو بني سلمةيقول: يا قوم، أذكّركم الله أن تخذلوا نبيكم وقومكم عندما حضر من عدوّهم! فقالوا:لو نعلم أنكم تقاتلون ما أسلمناكم، ولكنا لا نرى أن يكون قتال! فلما استعصوا عليه وأبوا إلا الانصراف عنهم، قال: أبعدَكم الله أعداء الله! فسيُغني الله عنكم! ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم..
وقال شيخ الإسلام رحمه الله في "الصارمالمسلول" (1 / 41):
و أيضا فإن الله كما ذكر بعض الأقوال التي جعلهم بها من المنافقينو هو قوله تعالى : { ائذن لي و لا تفتني } قال في عقب ذلك { لا يستأذنك الذينيؤمنون بالله و اليوم الآخر } إلى قوله : { إنما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر و ارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون } [ التوبة : 45 ] فجعل ذلك علامة مطردة على عدم الإيمان و على الريب مع أنه رغبة عن الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه و سلم بعد استنفاره و إظهار من القاعد أنه معذور بالقعود و حاصله عدم إرادةالجهاد فلمزه و أذاه أولى أن يكون دليلا مطردا لأن الأول خذلان له و هذا محاربة له و هذا ظاهر.
الآية الثانية:
قال الله تعالى:[الَّذِينَيَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْنَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْعَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْيَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَسَبِيلًا].[النساء ]
قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره(2 / 436):
[قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ] أي: ساعدناكم في الباطن، وما ألوناهم خبالا وتخذيلا حتى انتصرتم عليهم.
الآية الثالثة:
وقال تعالى:[ قُلْ لَنْيَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًالَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا (16) قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَاللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَلَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (17) قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُالْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَاوَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا] [الأحزاب16-18]
قال الإمام السعدي رحمه الله في تفسيره (1 / 660):
فَلْيَمْتَثِلُوا طاعة المنفرد بالأمور كلها، الذي نفذت مشيئته، ومضىقدره، ولم ينفع مع ترك ولايته ونصرته، وَلِيٌّ ولا ناصر..ثم توَّعد تعالى المخذلين المعوقين، وتهددهم فقال: { قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ } عن الخروج، لمن [لم] (3) يخرجوا { وَالْقَائِلِينَ لإخْوَانِهِمْ } الذين خرجوا: [ ص 661 ] { هَلُمَّ إِلَيْنَا } أي: ارجعوا، كما تقدممن قولهم: { يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا }وهم مع تعويقهم وتخذيلهم { وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ } أي: القتال والجهاد بأنفسهم { إِلا قَلِيلا } فهم أشد الناس حرصًا على التخلف، لعدم الداعي لذلك،من الإيمان والصبر، ووجود المقتضى للجبن، من النفاق، وعدم الإيمان.
المفسدةالرابعة:
الخذلان وترك النصرة تشبه بالحزبيين وغيرهم من أهل البدع
الخذلان وترك النصرة تشبه بالحزبيين وغيرهم من أهل البدع
"قال الشيخ ربيع بن هادي المدخلي-حفظه الله-:
فإذا كنتأنت وأمثالك ممن خذل السنة وأهلها وينصر أهل الباطل والبدع وانتصر لهم فكفاك ماأنت فيه من فتنة في الدين وزيغ في قلبك وعقلك...("بيان فسادالمعيار"/ص18).
وقال حفظه الله في أهل السنة:
لم يتخذوا منهجاً , وإنما وجدوا منهجاً واضحاً لسادة الأمةفي قمع البدع وأهلها فساروا عليه وشذ عنه عبدالرحمن ثم حارب من يسير عليه أشدأنواع الحرب التخذيلية.("جماعة واحدة"/ص10).
وقال حفظه الله:
كثيرمنهم يزعمون أنهم من أهل السنة وهذا واقعهم وهذا حالهم فأي احترام عندهم للسنة وقد أهين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينصروهم.("الموقف الصحيح"/ص14)
وقال شيخنا العلامة يحيى بن على الحجوري-حفظهالله-:
الرضا بالباطل باطل, وكذلك السكوت عن الباطل باطل لأنه يعتبر تخذيلاً لأهل الحق.ولعلالله خذل من خذل دينه.وأما من حذر عن الحزبيين فجزاه الله خيراً.(سجل تاريخ 18/6/1430).اهـ نقلاً من "التجلية لأمارات الحزبية" لأبي فيروزالإندونيسي حفظه الله تعالى ص(290)وما بعد.
وبهذا عرفنا أن تخذيل أهل الحق في وقت الحاجة ليس من صفات المؤمنين.انظر("مجموع الفتاوى"/28/208). والتجلية ص(166).والمخذلون لا يضرون الطائفة المنصورة لأن الله كفاها وإنما يضرونبه أنفسهم.
قال شيخ الإسلام رحمه الله في مجموعالفتاوى (28 / 17):
فَإِنَّ السَّاكِتَ عَنْ الْحَقِّ شَيْطَانٌ أَخْرَسُ . وَمَنْ مَالَ مَعَ صَاحِبِهِ - سَوَاءٌ كَانَ الْحَقُّ لَهُ أَوْعَلَيْهِ - فَقَدْ حَكَمَ بِحُكْمِ الْجَاهِلِيَّةِ وَخَرَجَ عَنْ حُكْمِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْوَاجِبُ عَلَى جَمِيعِهِمْ أَنْ يَكُونُوا يَدًا وَاحِدَةً مَعَ الْمُحِقِّ عَلَىالْمُبْطِلِ فَيَكُونَ الْمُعَظَّمُ عِنْدَهُمْ مَنْ عَظَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالْمُقَدَّمُ عِنْدَهُمْ مَنْ قَدَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالْمَحْبُوبُ عِنْدَهُ مْمَنْ أَحَبَّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالْمُهَانُ عِنْدَهُمْ مَنْ أَهَانَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِحَسَبِ مَا يُرْضِي اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا بِحَسَبِ الْأَهْوَاءِ ؛فَإِنَّهُ مَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ ؛ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ إلَّا نَفْسَهُ . فَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ الَّذِي عَلَيْهِمْ اعْتِمَادُهُ.وهم في هذا الباب لهم شبه بالمنافقين.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله:
وكفى بالعبد عمى وخذلاناً أن يرى عساكر الإيمان وجنود السنة والقرآن وقد لبسوا للحرب لأمته وأعدواله عدته وأخذوا مصافهم ووقفوا مواقفهم وقد حمى الوطيس ودارت رحى الحرب واشتدالقتال وتنادت الأقران النزال النزال وهو في الملجأ والمغارات والمدخل مع الخوالف كمين وإذا ساعد القدر وعزم على الخروج قعد فوق التل مع الناظرين ينظر لمن الدائر ليكون إليهم من المتحيزين ثم يأتيهم وهو يقسم بالله جهد أيمانه أني معكم وكنت أتمنى أن تكونوا أنتم الغالبين.("النونية"/1/ص8/شرح الهراس) نقلاً منالتجلية ص(167).ولهذا الصنيع أصل في القرآن في صفات المنافقين رحيث قال الله تعالى:[ الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِقَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا] [النساء 141]ويليق أن يقال لهم:تطلب مشاركة الغانمين وما شهدت الحرب تحل الغنيمة لمن شهدالوقعة.("بدائع الفوائد"/3/726) نقلا من التجلية ص(167).
وقد قال شيخ الإسلام رحمه الله في من لم يتعاون على محاربة بعض المبتدعة:
بل تجب عقوبة كل منعرف حالهم ولم تعاون على القيام عليهم.("مجموع الفتاوى"/2/132) نقلاً منالتجلية (167).
فإذا كنتأنت وأمثالك ممن خذل السنة وأهلها وينصر أهل الباطل والبدع وانتصر لهم فكفاك ماأنت فيه من فتنة في الدين وزيغ في قلبك وعقلك...("بيان فسادالمعيار"/ص18).
وقال حفظه الله في أهل السنة:
لم يتخذوا منهجاً , وإنما وجدوا منهجاً واضحاً لسادة الأمةفي قمع البدع وأهلها فساروا عليه وشذ عنه عبدالرحمن ثم حارب من يسير عليه أشدأنواع الحرب التخذيلية.("جماعة واحدة"/ص10).
وقال حفظه الله:
كثيرمنهم يزعمون أنهم من أهل السنة وهذا واقعهم وهذا حالهم فأي احترام عندهم للسنة وقد أهين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينصروهم.("الموقف الصحيح"/ص14)
وقال شيخنا العلامة يحيى بن على الحجوري-حفظهالله-:
الرضا بالباطل باطل, وكذلك السكوت عن الباطل باطل لأنه يعتبر تخذيلاً لأهل الحق.ولعلالله خذل من خذل دينه.وأما من حذر عن الحزبيين فجزاه الله خيراً.(سجل تاريخ 18/6/1430).اهـ نقلاً من "التجلية لأمارات الحزبية" لأبي فيروزالإندونيسي حفظه الله تعالى ص(290)وما بعد.
وبهذا عرفنا أن تخذيل أهل الحق في وقت الحاجة ليس من صفات المؤمنين.انظر("مجموع الفتاوى"/28/208). والتجلية ص(166).والمخذلون لا يضرون الطائفة المنصورة لأن الله كفاها وإنما يضرونبه أنفسهم.
قال شيخ الإسلام رحمه الله في مجموعالفتاوى (28 / 17):
فَإِنَّ السَّاكِتَ عَنْ الْحَقِّ شَيْطَانٌ أَخْرَسُ . وَمَنْ مَالَ مَعَ صَاحِبِهِ - سَوَاءٌ كَانَ الْحَقُّ لَهُ أَوْعَلَيْهِ - فَقَدْ حَكَمَ بِحُكْمِ الْجَاهِلِيَّةِ وَخَرَجَ عَنْ حُكْمِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْوَاجِبُ عَلَى جَمِيعِهِمْ أَنْ يَكُونُوا يَدًا وَاحِدَةً مَعَ الْمُحِقِّ عَلَىالْمُبْطِلِ فَيَكُونَ الْمُعَظَّمُ عِنْدَهُمْ مَنْ عَظَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالْمُقَدَّمُ عِنْدَهُمْ مَنْ قَدَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالْمَحْبُوبُ عِنْدَهُ مْمَنْ أَحَبَّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالْمُهَانُ عِنْدَهُمْ مَنْ أَهَانَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِحَسَبِ مَا يُرْضِي اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا بِحَسَبِ الْأَهْوَاءِ ؛فَإِنَّهُ مَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ ؛ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ إلَّا نَفْسَهُ . فَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ الَّذِي عَلَيْهِمْ اعْتِمَادُهُ.وهم في هذا الباب لهم شبه بالمنافقين.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله:
وكفى بالعبد عمى وخذلاناً أن يرى عساكر الإيمان وجنود السنة والقرآن وقد لبسوا للحرب لأمته وأعدواله عدته وأخذوا مصافهم ووقفوا مواقفهم وقد حمى الوطيس ودارت رحى الحرب واشتدالقتال وتنادت الأقران النزال النزال وهو في الملجأ والمغارات والمدخل مع الخوالف كمين وإذا ساعد القدر وعزم على الخروج قعد فوق التل مع الناظرين ينظر لمن الدائر ليكون إليهم من المتحيزين ثم يأتيهم وهو يقسم بالله جهد أيمانه أني معكم وكنت أتمنى أن تكونوا أنتم الغالبين.("النونية"/1/ص8/شرح الهراس) نقلاً منالتجلية ص(167).ولهذا الصنيع أصل في القرآن في صفات المنافقين رحيث قال الله تعالى:[ الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِقَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا] [النساء 141]ويليق أن يقال لهم:تطلب مشاركة الغانمين وما شهدت الحرب تحل الغنيمة لمن شهدالوقعة.("بدائع الفوائد"/3/726) نقلا من التجلية ص(167).
وقد قال شيخ الإسلام رحمه الله في من لم يتعاون على محاربة بعض المبتدعة:
بل تجب عقوبة كل منعرف حالهم ولم تعاون على القيام عليهم.("مجموع الفتاوى"/2/132) نقلاً منالتجلية (167).
المفسدةالخامسة:
يخشى من خذل أهل السنةأن يخذله الله
يخشى من خذل أهل السنةأن يخذله الله
قال شيخنا العلامة يحيى بن على الحجوري-حفظهالله-:
الرضابالباطل باطل, وكذلك السكوت عن الباطل باطل لأنه يعتبر تخذيلاً لأهل الحق.ولعلالله خذل من خذل دينه.وأما من حذر عن الحزبيين فجزاه الله خيراً.(سجل تاريخ 18/6/1430).اهـ نقلاً من "التجلية لأمارات الحزبية" لأبي فيروز الإندونيسي حفظه الله تعالى ص(290)وما بعد.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله في "الفوائد"(1 / 108):
قاعدة جليلة:
قال الله تعالي :[كذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين] وقال: [ومن يشاقق الرسول منبعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى] الآية , والله تعالى قدبين فى كتابه سبيل المؤمنين مفصلة وسبيل المجرمين مفصلة وعاقبة هؤلاء مفصلة وعاقبةهؤلاء مفصلة وأعمال هؤلاء وأعمال هؤلاء وأولياء هؤلاء وأولياء هؤلاء وخذلانه لهؤلاءوتوفيقه لهؤلاء والاسباب التى وفق بها هؤلاء والاسباب التى خذل بها هؤلاء وجلا سبحانه الأمرين في كتابه وكشفهما وأوضحهما وبينهما غاية البيان حتى شاهدتهما البصائر كمشاهدةالابصار للضياء والظلام.
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله في "إعلام الموقعين" (1 / 196):
الجزاء من جنس العمل:
لذلك كان الجزاء مماثلا للعمل من جنسه في الخير والشر فمن ستر مسلماستره الله ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ومن نفس عن مؤمن كربةمن كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن أقال نادما أقاله الله عثرتهيوم القيامة ومن تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته ومن ضار مسلما ضار الله به ومن شاق شاق الله عليه ومن خذل مسلما في موضع يجب نصرته فيه خذله الله في موضع يجب نصرته فيهومن سمح سمح الله له والراحمون يرحمهم الرحمن وإنما يرحم الله من عباده الرحماء ومنأنفق أنفق عليه ومن أوعى أوعى عليه ومن عفا عن حقه عفا الله له عن حقه ومن جاوز تجاوزالله عنه ومن استقصى استقصى الله عليه فهذا شرع الله وقدره ووحيه وثوابه وعقابه كلهقائم بهذا الأصل وهو إلحاق النظير بالنظير واعتبار المثل بالمثل.
ترك الإستمرار على النوافل خذلان فما بالك ترك نصرة أخيك السني وهو واجب:
قال شيخ الإسلام رحمه الله في "درءتعارض العقل والنقل" (4 / 133):
وكل مختلق مبتدع ولو كان في ترك النوافل لأن الاستمرار على ترك السنن خذلان قال أحمد رضي الله عنه وقد سئل عن رجل استمر على ترك الوتر : هذا رجل سوء.
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله في"الصواعق المرسلة" (4 / 1348):
والاستمرار على ترك السنن خذلان قال أحمد رضي الله عنه وقد سئل عن رجل استمر على ترك الوتر هذا رجل سوء.
وأبشر إخواني أهل السنة بدماج أن الله لن يخذلهم:
قال الله تعالى:[أُذِنَلِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْلَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْيَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْبِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَااسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَلَقَوِيٌّ عَزِيزٌ] [الحج 39-40].
قال الإمام السعدي رحمه الله في تفسيره (1 /539):
[وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ ] أي: يقوم بنصر دينه، مخلصاله في ذلك، يقاتل في سبيله، لتكون كلمة الله هي العليا.[إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ] أي: كامل القوة، عزيز لا يرام،قد قهر الخلائق، وأخذ بنواصيهم، فأبشروا، يا معشر المسلمين، فإنكم وإن ضعف عددكم وعددكم، وقوي عدد عدوكم وعدتهم فإن ركنكم القوي العزيز، ومعتمدكم على من خلقكم وخلق ما تعملون، فاعملوا بالأسباب المأمور بها، ثم اطلبوامنه نصركم، فلا بد أن ينصركم.وقال تعالى:[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْوَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ][محمد 7]
قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره(7 / 310):
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْوَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ } ، كقوله: { وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ} [ الحج : 40 ]، فإن الجزاء من جنس العمل؛ ولهذا قال: { وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} ، كما جاء في الحديث: "من بَلَّغ ذا سلطان حاجة مَنْ لا يستطيع إبلاغها، ثبت الله قدمه على الصراط يوم القيامة."
قال الإمام السعدي رحمه الله في تفسيره (1/ 785):
هذا أمر منه تعالى للمؤمنين، أن ينصروا الله بالقيام بدينه، والدعوة إليه، وجهاد أعدائه، والقصد بذلك وجه الله، فإنهم إذا فعلوا ذلك، نصرهم الله وثبت أقدامهم،أي: يربط على قلوبهم بالصبر والطمأنينة والثبات، ويصبر أجسامهم على ذلك، ويعينهم على أعدائهم، فهذا وعد من كريم صادق الوعد، أن الذي ينصره بالأقوال والأفعال سينصره مولاه،وييسر له أسباب النصر، من الثبات وغيره.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله في "مدارج السالكين" (3 /465):
ثم قرر دعوته أحسن تقرير وبين أن ربه تعالى وربهم الذي نواصيهم بيده هو وليه ووكيله القائم بنصره وتأييده وأنه على صراط مستقيم فلا يخذل من توكل عليه وآمنبه ولا يشمت به أعدائه ولا يكون معهم عليه فإن صراطه المستقيم الذي هو عليه في قوله وفعله يمنع ذلك ويأباه وتحت هذا الخطاب أن من صراطه المستقيم أن ينتقم ممن خرج عنه وعمل بخلافه وينزل به بأسه فإن الصراط المستقيم هو العدل الذي عليه الرب تعالى ومنه انتقامه من أهل الشرك والإجرام ونصره أولياءه ورسله على أعدائهم وأنه يذهب بهم ويستخلف قوما غيرهم ولا يضره ذلك شيئا وأنه القائم سبحانه على كل شيء حفظا ورعاية وتدبيرا وإحصاءفأي آية وبرهان دليل أحسن من آيات الأنبياء وبراهينهم وأدلتهم وهي شهادةمن الله سبحانه لهم بينها لعباده غاية البيان وأظهرها لهم غاية الإظهار.
وننصح المخذلين عن نصرة إخواننا في دماج بما قاله العلامة العثيمين في لقاء الباب المفتوح (77 / 9):
ولوأن الأمة الإسلامية عادت إلى ما كان عليه السلف الصالح لعاد النصر إليهم والغنى والعزة والقوة، ولكن مع الأسف فإن الأمة الإسلامية في الوقت الحاضر، كل منها ينظر إلى حظوظ نفسه بقطع النظر عما يكون به نصرة الإسلام أو خذلان الإسلام.
وأقول لهم:
إن كنتم لا ترون أنه ما يحصل في دماج ليس جهاداً شرعيا فقولوا وإن كنتم ترون أن أهل دماج لا يستحقون النصرة لبدع أحدثوها-إن كانت توجد!!-أو لشيئ !!!..آخر!!!.. فقولوا.
وأنصحهم أن يراجعوا حساباتهم قبل فراق الروح من الجسد وقبل الوقوف بين يدي الله سبحانه وتعالى .
وأذكرهم قول الله تعالى:[وَاتَّقُوا يَوْمًاتُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ] البقرة 281
وقال:[يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ][الحج 1-3].
وقال:[وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3) أَلَايَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ] الممطففين[1-5].
وأخيراً أختم كلامي بماقاله الإمام ابن باز رحمه الله في مجموع فتاواه (4 / 56-57):
فنسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يوفقنا وسائر المسلمين للعلم النافع والعمل الصالح , وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا جميعا , وأن يرزقنا التواصي بالحق والتواصي بالصبر , والتعاون على البر والتقوى وإيثار الآخرة على الدنيا , والحرص على سلامة القلوب وسلامة الأعمال , والحرص على نفع المسلمين أينما كانوا , كما أسأله سبحانه أن ينصر دينه ويعلي كلمته وأن يوفق جميع ولاة أمر المسلمين عموما , وأن يصلح قلوبهم وأعمالهم وأن يمنحهم الفقه في دينه وأن يشرح صدورهم لتحكيم شريعته والحكم بها , والاستقامة عليها , وأن يعيذنا وإياهم وسائر المسلمين في كل مكان من مضلات الفتن , وطوارق المحن , وأن يخذل أعداء الإسلام أينما كانوا ,وأن يجعل الدائرة عليهم , وأن ينصر إخواننا المجاهدين في سبيل الله في كل مكان , إنه ولي ذلك والقادر عليه , وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.اهـ
الرضابالباطل باطل, وكذلك السكوت عن الباطل باطل لأنه يعتبر تخذيلاً لأهل الحق.ولعلالله خذل من خذل دينه.وأما من حذر عن الحزبيين فجزاه الله خيراً.(سجل تاريخ 18/6/1430).اهـ نقلاً من "التجلية لأمارات الحزبية" لأبي فيروز الإندونيسي حفظه الله تعالى ص(290)وما بعد.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله في "الفوائد"(1 / 108):
قاعدة جليلة:
قال الله تعالي :[كذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين] وقال: [ومن يشاقق الرسول منبعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى] الآية , والله تعالى قدبين فى كتابه سبيل المؤمنين مفصلة وسبيل المجرمين مفصلة وعاقبة هؤلاء مفصلة وعاقبةهؤلاء مفصلة وأعمال هؤلاء وأعمال هؤلاء وأولياء هؤلاء وأولياء هؤلاء وخذلانه لهؤلاءوتوفيقه لهؤلاء والاسباب التى وفق بها هؤلاء والاسباب التى خذل بها هؤلاء وجلا سبحانه الأمرين في كتابه وكشفهما وأوضحهما وبينهما غاية البيان حتى شاهدتهما البصائر كمشاهدةالابصار للضياء والظلام.
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله في "إعلام الموقعين" (1 / 196):
الجزاء من جنس العمل:
لذلك كان الجزاء مماثلا للعمل من جنسه في الخير والشر فمن ستر مسلماستره الله ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ومن نفس عن مؤمن كربةمن كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن أقال نادما أقاله الله عثرتهيوم القيامة ومن تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته ومن ضار مسلما ضار الله به ومن شاق شاق الله عليه ومن خذل مسلما في موضع يجب نصرته فيه خذله الله في موضع يجب نصرته فيهومن سمح سمح الله له والراحمون يرحمهم الرحمن وإنما يرحم الله من عباده الرحماء ومنأنفق أنفق عليه ومن أوعى أوعى عليه ومن عفا عن حقه عفا الله له عن حقه ومن جاوز تجاوزالله عنه ومن استقصى استقصى الله عليه فهذا شرع الله وقدره ووحيه وثوابه وعقابه كلهقائم بهذا الأصل وهو إلحاق النظير بالنظير واعتبار المثل بالمثل.
ترك الإستمرار على النوافل خذلان فما بالك ترك نصرة أخيك السني وهو واجب:
قال شيخ الإسلام رحمه الله في "درءتعارض العقل والنقل" (4 / 133):
وكل مختلق مبتدع ولو كان في ترك النوافل لأن الاستمرار على ترك السنن خذلان قال أحمد رضي الله عنه وقد سئل عن رجل استمر على ترك الوتر : هذا رجل سوء.
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله في"الصواعق المرسلة" (4 / 1348):
والاستمرار على ترك السنن خذلان قال أحمد رضي الله عنه وقد سئل عن رجل استمر على ترك الوتر هذا رجل سوء.
وأبشر إخواني أهل السنة بدماج أن الله لن يخذلهم:
قال الله تعالى:[أُذِنَلِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْلَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْيَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْبِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَااسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَلَقَوِيٌّ عَزِيزٌ] [الحج 39-40].
قال الإمام السعدي رحمه الله في تفسيره (1 /539):
[وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ ] أي: يقوم بنصر دينه، مخلصاله في ذلك، يقاتل في سبيله، لتكون كلمة الله هي العليا.[إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ] أي: كامل القوة، عزيز لا يرام،قد قهر الخلائق، وأخذ بنواصيهم، فأبشروا، يا معشر المسلمين، فإنكم وإن ضعف عددكم وعددكم، وقوي عدد عدوكم وعدتهم فإن ركنكم القوي العزيز، ومعتمدكم على من خلقكم وخلق ما تعملون، فاعملوا بالأسباب المأمور بها، ثم اطلبوامنه نصركم، فلا بد أن ينصركم.وقال تعالى:[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْوَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ][محمد 7]
قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره(7 / 310):
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْوَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ } ، كقوله: { وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ} [ الحج : 40 ]، فإن الجزاء من جنس العمل؛ ولهذا قال: { وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} ، كما جاء في الحديث: "من بَلَّغ ذا سلطان حاجة مَنْ لا يستطيع إبلاغها، ثبت الله قدمه على الصراط يوم القيامة."
قال الإمام السعدي رحمه الله في تفسيره (1/ 785):
هذا أمر منه تعالى للمؤمنين، أن ينصروا الله بالقيام بدينه، والدعوة إليه، وجهاد أعدائه، والقصد بذلك وجه الله، فإنهم إذا فعلوا ذلك، نصرهم الله وثبت أقدامهم،أي: يربط على قلوبهم بالصبر والطمأنينة والثبات، ويصبر أجسامهم على ذلك، ويعينهم على أعدائهم، فهذا وعد من كريم صادق الوعد، أن الذي ينصره بالأقوال والأفعال سينصره مولاه،وييسر له أسباب النصر، من الثبات وغيره.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله في "مدارج السالكين" (3 /465):
ثم قرر دعوته أحسن تقرير وبين أن ربه تعالى وربهم الذي نواصيهم بيده هو وليه ووكيله القائم بنصره وتأييده وأنه على صراط مستقيم فلا يخذل من توكل عليه وآمنبه ولا يشمت به أعدائه ولا يكون معهم عليه فإن صراطه المستقيم الذي هو عليه في قوله وفعله يمنع ذلك ويأباه وتحت هذا الخطاب أن من صراطه المستقيم أن ينتقم ممن خرج عنه وعمل بخلافه وينزل به بأسه فإن الصراط المستقيم هو العدل الذي عليه الرب تعالى ومنه انتقامه من أهل الشرك والإجرام ونصره أولياءه ورسله على أعدائهم وأنه يذهب بهم ويستخلف قوما غيرهم ولا يضره ذلك شيئا وأنه القائم سبحانه على كل شيء حفظا ورعاية وتدبيرا وإحصاءفأي آية وبرهان دليل أحسن من آيات الأنبياء وبراهينهم وأدلتهم وهي شهادةمن الله سبحانه لهم بينها لعباده غاية البيان وأظهرها لهم غاية الإظهار.
وننصح المخذلين عن نصرة إخواننا في دماج بما قاله العلامة العثيمين في لقاء الباب المفتوح (77 / 9):
ولوأن الأمة الإسلامية عادت إلى ما كان عليه السلف الصالح لعاد النصر إليهم والغنى والعزة والقوة، ولكن مع الأسف فإن الأمة الإسلامية في الوقت الحاضر، كل منها ينظر إلى حظوظ نفسه بقطع النظر عما يكون به نصرة الإسلام أو خذلان الإسلام.
وأقول لهم:
إن كنتم لا ترون أنه ما يحصل في دماج ليس جهاداً شرعيا فقولوا وإن كنتم ترون أن أهل دماج لا يستحقون النصرة لبدع أحدثوها-إن كانت توجد!!-أو لشيئ !!!..آخر!!!.. فقولوا.
وأنصحهم أن يراجعوا حساباتهم قبل فراق الروح من الجسد وقبل الوقوف بين يدي الله سبحانه وتعالى .
وأذكرهم قول الله تعالى:[وَاتَّقُوا يَوْمًاتُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ] البقرة 281
وقال:[يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ][الحج 1-3].
وقال:[وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3) أَلَايَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ] الممطففين[1-5].
وأخيراً أختم كلامي بماقاله الإمام ابن باز رحمه الله في مجموع فتاواه (4 / 56-57):
فنسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يوفقنا وسائر المسلمين للعلم النافع والعمل الصالح , وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا جميعا , وأن يرزقنا التواصي بالحق والتواصي بالصبر , والتعاون على البر والتقوى وإيثار الآخرة على الدنيا , والحرص على سلامة القلوب وسلامة الأعمال , والحرص على نفع المسلمين أينما كانوا , كما أسأله سبحانه أن ينصر دينه ويعلي كلمته وأن يوفق جميع ولاة أمر المسلمين عموما , وأن يصلح قلوبهم وأعمالهم وأن يمنحهم الفقه في دينه وأن يشرح صدورهم لتحكيم شريعته والحكم بها , والاستقامة عليها , وأن يعيذنا وإياهم وسائر المسلمين في كل مكان من مضلات الفتن , وطوارق المحن , وأن يخذل أعداء الإسلام أينما كانوا ,وأن يجعل الدائرة عليهم , وأن ينصر إخواننا المجاهدين في سبيل الله في كل مكان , إنه ولي ذلك والقادر عليه , وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.اهـ
كتبه
أبو محمد سعيد بن حسن بن سعيد السعدي
( 16-محرم-1433هـ).
مدينة هرجيسا أرض الصومال
أبو محمد سعيد بن حسن بن سعيد السعدي
( 16-محرم-1433هـ).
مدينة هرجيسا أرض الصومال
1)[التجلية].
تعليق