وجوب المناصرة لـ (دماج) المحاصرة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ثم أما بعد:
فلا يخفى على الجميع ما حصل وما يحصل لإخواننا في (دماج) من حصار الحوثيين المعتدين، وقتل الأبرياء والصالحين من الرجال والنساء، ولاشك أن هذا مما يوجب على الجميع القيام بالإنكار والمناصرة بقدر الاستطاعة؛ طاعة لله ورسوله، وردا لبغي الظالم ونصرة للمظلوم.
[1] يقول الله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9)}.
فقد أمر الله عز وجل برد ظلم الباغي عن المظلوم ولو بالقتل. فكيف إذا كان الباغي رافضيا حوثيا يسعى للفساد في الأرض وسفك الدماء، لا يرقب في مؤمن إلا ولا ذمة، ويسب الصحابة ويتهم أمَّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
وكيف إذا كان المظلوم أمَّةً وقرية كاملة من عباد الله الصالحين، وعباده المصلين الصائمين، وحفاظ كتاب الله العظيم، وحَمَلَةَ سنة النبي الأمين صلى الله عليه وعلى آله المهتدين؟! لا شك أن المناصرة في هذه الحالة آكد وأوجب.
[2] وفي صحيح البخاري (2444) عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا)). قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا، فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا؟ قَالَ: ((تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ)).
وفي رواية (6952): ((تَحْجُزُهُ أَوْ تَمْنَعُهُ مِنْ الظُّلْمِ. فَإِنَّ ذَلِك نَصْرُهُ)).
فكيف إذا كان الظالم رافضيا خبيثا، والمظلوم سنيا سلفيا، وعبدا صالحا؟!
[3] وفي صحيح مسلم (2564) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله)).
قوله: (لا يخذله): قال العلماء: الخذل ترك الإعانة والنصر, ومعناه: إذا استعان به في دفع ظالم ونحوه؛ لزمه إعانته إذا أمكنه, ولم يكن له عذر شرعي. (شرح مسلم).
فإذا كان النهي عن الخذل عند استنصار أي مسلم من أي ظالم، فكيف إذا كان الاستنصار من علماء المسلمين في رد ظلم الرافضة المعتدين؟ لاشك أنه آكد.
[4] وفي صحيح البخاري (2442)، ومسلم (2580) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ؛ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ. وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً؛ فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)).
* قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في "الفتح": (ولا يسلمه): أي: لا يتركه مع من يؤذيه ولا فيما يؤذيه, بل ينصره ويدفع عنه, وهذا أخص من ترك الظلم, وقد يكون ذلك واجبا وقد يكون مندوبا بحسب اختلاف الأحوال. اهـ
* وقال الإمام النووي رحمه الله في "شرح مسلم": في هذا فضل إعانة المسلم, وتفريج الكرب عنه, وستر زلاته. ويدخل في كشف الكربة وتفريجها مَنْ أزالها بماله أو جاهه أو مساعدته, والظاهر أنه يدخل فيه مَنْ أزالها بإشاراته ورأيه ودلالته. اهـ
[5] قلت: وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اشفعوا تؤجروا)). رواه البخاري (1432)، ومسلم (2627) عن أبي موسى رضي الله عنه.
* قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في "شرح مسلم": فيه استحباب الشفاعة لأصحاب الحوائج المباحة, سواء كانت الشفاعة إلى سلطان ووال ونحوهما, أَمْ إلى واحدٍ من الناس. وسواء كانت الشفاعة إلى سلطان في كَفِّ ظلم, أو إسقاط تعزير, أو في تخليص عطاء المحتاج, أو نحو ذلك. وأما الشفاعة في الحدود فحرام, وكذا الشفاعة في تتميم باطل, أو إبطال حق, ونحو ذلك؛ فهي حرام. اهـ
والشاهد مما سبق
والشاهد هو الحث والتحريض على فك الحصار، ووجوب مناصرة إخواننا في دماج، والكل بقدر المستطاع، وكلٌّ بحسبه؛ فمن كان قادرا بنفسه فليفعل، ومن كان قادرا بماله فليفعل، ومن كان قادرا بجاهه فليفعل، ومن كان قادرا بشفاعته فليفعل، ومن كان قادرا بكتابته وخطابته فليفعل، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل)). كما في صحيح مسلم (2199) عن جابر رضي الله عنه.
* والنصرة في هذا الموطن ليست نصرة ومناصرة لدار الحديث بدماج فحسب، كلا. بل هي نصرة لله وكتابه، ولرسوله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم؛ لأن القضية ليست بين دماج والحوثيين، وإنما القضية بين السنة والشيعة، وبين الإسلام والكفر، وبين عقيدة المسلمين ومعتقد الرافضة المجرمين، وبين أوليا الرحمن وأولياء الشيطان.
فمن نصر الحق وأهله؛ رفع الله قدره، وأعلى ذكره. ومن خذل الحق وأهله؛ إنما اتبع الشيطان وخذل نفسه، {إن الشيطان كان للإنسان خذولا}.
فتاوى العلماء
وقد أفتى جماعة من كبار العلماء بأن ردَّ ظلم الحوثيين وبغيهم في هذه الأيام؛ جهادٌ في سبيل الله سواء كان بالمال أو بالنفس، [1] قال الشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله وسدده: إنَّ الصراع بين أهل السنة والروافض الباطنية صراعٌ بين الكفر والإسلام، فعلى أهل السنة في كل مكان في اليمن وغيره أن يهبُّوا لنصرة إخوانهم بالنفس والمال، ونسأل الله أن يقطع دابر الروافض الباطنية وكل أعداء الإسلام في كل مكان. اهـ
[2] وقال الشيخ العلامة عبد المحسن العباد حفظه الله وسدده: لا شك أن ما يحصل في دماج من قتال هو جهاد في سبيل الله، فمن استطاع من أهل اليمن أن يقاتلهم فليفعل. اهـ
[3] ولشيخنا المجاهد يحيى بن علي الحجوري حفظه الله ونصره نداء بعنوان: (حي على الجهاد)، وفيه: ونحن نعتقد إن قتال الرافضة ( الحوثيين ) من أعظم الواجبات ومن أعظم القربات إلى ربنا سبحانه وتعالى لأنهم بغاة علينا وزنادقة، دفع الله شرهم وكسر الله شوكتهم، ومن هذا المقام فهذا نداء الجهاد الذي أمر الله سبحانه وتعالى به لمن أراد في سبيل الله من قريب أو بعيد امتثالا لقوله سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ}. وأنا أوُّلكم، فلا نتخاذل من قريب أو بعيد. وقال: وهذا نداءٌ إلى نادي الجهاد نداء إلى جهاد المشركين لمن يسمع هذه الكلمة من قرب أو بعد. ولا هناك عذرٌ لمن يقول ليس بجهاد هذا؛ فإن هذا والله من أعظم الجهاد. اهـ
[فائدة] قال الشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في رسالته "الجهاد" ص16: والجهاد في سبيل الله كما فصَّله العلماء على قسمين: القسم الأول: فرض عين على كل مسلم يستطيع الجهاد، وذلك في ثلاث حالات:
الأولى: قتال الدفع عن البلد إذا حاصر عدوهم من الكفار فإنهم يقاتلون، ويجب على كل من يستطيع الجهاد أن يقاتل للدفاع عن حرمات المسلمين الذين في البلد. اهـ المراد.
فهنيئا لمن وفقه الله تعالى للمناصرة، والجهاد في سبيله سواء كان بنفسه أو ماله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِعَبْدٍ خَيْرًا عَسَلَهُ)). قِيلَ: وَمَا عَسَلُهُ؟ قَالَ: ((يَفْتَحُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ عَمَلا صَالِحًا قَبْلَ مَوْتِهِ، ثُمَّ يَقْبِضُهُ عَلَيْهِ)). وفي رواية: ((حتى يرضى عنه مَن حوله)). رواه أحمد، [الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين لشيخنا العلامة مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله وغفر له].
وكتبه/ أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد الإرياني
حمّل المادة بصيغة وورد
من هنا
حمّل المادة بصيغة وورد
من هنا
تعليق