بسم الله الرحمن الرحيم
حصارٌ ولا أبا بكرٍ له
قال النووي -رحمه الله- في شرح صحيح مسلم، حديث رقم: [32-(20)]:
"فقوله: (لما توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واستُخلف أبو بكر -رضي الله عنه- بعده، وكفر من كفر من العرب) قال الخطابي -رحمه الله- في شرح هذا الكلام كلامًا حسنًا، لابد من ذِكره لما فيه من الفوائد، قال -رحمه الله-:
مما يجب تقديمه في هذا أن يُعلم أن أهل الردة كانوا صنفين:
صنف ارتدوا عن الدين ونابزوا الملة، وعادوا إلى الكفر، وهم الذين عناهم أبو هريرة بقوله: وكفر من كفر من العرب، وهذه الفرقة طائفتان:
إحداهما أصحاب مسيلمة من بني حنيفة وغيرهم الذين صدقوه على دعواه في النبوة، وأصحاب الأسود العنسي، ومَن كان من مستجيبيه من أهل اليمن وغيرهم، وهذه الفرقة بأسرها منكرة لنبوة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- مدعية النبوة لغيره، فقاتلهم أبو بكر -رضي الله عنه- حتى قتل الله مسيلمة باليمامة، والعنسي بصنعاء، وانفضت جموعهم، وهلك أكثرهم.
والطائفة الأخرى، ارتدوا عن الدين، وأنكروا الشرائع، وتركوا الصلاة، وعادوا إلى ما كانوا عليه في الجاهلية، فلم يكن يُسجد لله تعالى في بسيط الأرض إلا في ثلاثة مساجد:
مسجد مكة، ومسجد المدينة، ومسجد عبد القيس في البحرين في قرية يقال لها جواثا، ففي ذلك يقول الأعور الشني يفتخر بذلك:
والمسجد الثالث الشرقي كان لنا *** والمنبران وفصل القول في الخطب
أيام لا منبر للناس نعرفه *** إلا بطيبة والمحجوب ذي الحجب
أيام لا منبر للناس نعرفه *** إلا بطيبة والمحجوب ذي الحجب
وكان هؤلاء المتمسكون بدينهم من الأزد محصورين بجواثا إلى أن فتح الله سبحانه على المسلمين اليمامة، فقال بعضهم وهو رجل من بني أبي بكر بن كلاب، يستنجد أبا بكر الصديق -رضي الله عنه-:
ألا أبلغ أبا بكر رسولاً *** وفتيان المدينة أجمعينا
فهل لكم إلى قوم كرام ***قعود في جواثا محصرينا
كأن دماءهم في كل فج ***دماء البدن تغشى الناظرينا
توكلنا على الرحمن إنا *** وجدنا النصر للمتوكلينا
..." انتهى
فهل لكم إلى قوم كرام ***قعود في جواثا محصرينا
كأن دماءهم في كل فج ***دماء البدن تغشى الناظرينا
توكلنا على الرحمن إنا *** وجدنا النصر للمتوكلينا
..." انتهى
قلت: فما أشبه اليوم بالبارحة!! فليكن -يا إخواننا المحصورين بدار الحديث السلفية بدماج- ليكن لسان قالِكم وحالكم:
توكلنا على الرحمن إنا ***وجدنا النصر للمتوكلينا
وهاكم تلك الأبيات التي نظمتها على إثر نقلي لما سبق:
فيا أسفا على طلاب علم *** بدماجٍ أَرَاهم محصرينا
فلا طُعْمٌ هناك ولا دواءٌ ***يُداوي جُرح بعضِ المُثْخَنينا([1])
ويرميهم بشتى القاذفات ***روافض صعدة المتغيظينا([2])
فلا سَلِمُوا على مَر الليالي *** ولعنةُ ربنا للظالمينا
فأين الناس من عَجَمٍ وعُرْبٍ *** لِغوث كتيبة المستضعفينا
فحيَّ على الجهاد أُخيَّ أقبِلْ *** لنصرة قائم بالحق فينا
فيحيى شيخ تلك الدار يحيا ***لِنَصْر حديث خير المرسلينا
يجاهد كل مبتدعٍ جهولٍ *** على درب الخُلُوفِ الأوَّلينا
أَيُسْلَمُ طالبوا علمِ الرسولِ ***لأشباه الحمير الناهقينا؟!
شكوت إليك يا رب العباد ***عداوة حاقد والخاذلينا
ودُمت عزيزةً دارَ الحديث ***على رغم الأعادي الأبعدينا
فلا طُعْمٌ هناك ولا دواءٌ ***يُداوي جُرح بعضِ المُثْخَنينا([1])
ويرميهم بشتى القاذفات ***روافض صعدة المتغيظينا([2])
فلا سَلِمُوا على مَر الليالي *** ولعنةُ ربنا للظالمينا
فأين الناس من عَجَمٍ وعُرْبٍ *** لِغوث كتيبة المستضعفينا
فحيَّ على الجهاد أُخيَّ أقبِلْ *** لنصرة قائم بالحق فينا
فيحيى شيخ تلك الدار يحيا ***لِنَصْر حديث خير المرسلينا
يجاهد كل مبتدعٍ جهولٍ *** على درب الخُلُوفِ الأوَّلينا
أَيُسْلَمُ طالبوا علمِ الرسولِ ***لأشباه الحمير الناهقينا؟!
شكوت إليك يا رب العباد ***عداوة حاقد والخاذلينا
ودُمت عزيزةً دارَ الحديث ***على رغم الأعادي الأبعدينا
دمت يا دار الحديث بدماج بأمن وأمان ونصر ورفعة وسلام، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تم تحريره في ليلة السبت الموافق الثامن من شهر الله
المحرم لسنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة وألف من
الهجرة النبوية، على صاحبها
الصلاة والسلام.
وكتب
محبكم القريب منكم بقلبه، وإن نأت الدار بقالبه
أبو بكر بن ماهر بن عطية المصري
أبو عبد الله
1- كُتبت هذه الأبيات قبل علمي بدخول القافلة بغذاء ودواء، وما تغني قافلة واحدة عن تلك البلاد؟ والحمد لله على كل حال.
2- منصوبة على الذم.
تعليق