الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
أما بعد :
فقد اطلعت على ما سطره الطالب العاق أبو العباس الشحري في وريقات أسماها بـ (كشف أصول الشبه التي منعت الشيخ يحيى الحجوري من التجاوب مع نصيحة العلماء والمشايخ وفقهم الله جميعاً إلى ما يحبه ويرضاه)
ورأيت ما فيها من التحامل الشديد على شيخه والتلبيس والتشغيب عليه بما ستراه وما لا تزيد عند الوقوف عليه من الهيللة فإنه كما يقال : (الأخلاق الظاهرة عنوان الأخلاق الباطنة) فإلى ما قصدناه :
قوله : مباحث ثمانية في نقد جمل من كلام الشيخ يحيى _ سلمه الله _ في رسالته (البيان الثاقب لرد تقول محمد الإمام أنه لم يحصل مني تجاوب ) لا أحل لمتعصب لهواه أن أن يقرأها وأسأله بالله العظيم _ الذي لا يسأل إلا هو _ أن لا يقرأها
لأنها خاصة بمن يجعل الآخرة نصب عينيه ويعلم أن الله مطلع عليه يتبع الحق حيثما كان يبحث عنه بحث أما لها ابن وحيد ضاع عليها ! يطلبه بنفسه وأنفاسه فهو ضالته المنشودة عليها طعامه وشرابه ! قد أضلها في فلاة معدومة مسبعة أو كغريق في بحر هائج وجد خشبة نجاة !! ..
فهو يسترضي الحق _ جل جلاله _ ويتمسك بالحق ولا يلتفت إلى الخلق ! .
قال أبو عيسى _ وفقه الله _ : فهذه شروط سلطانية من بلاط الملك أبي العباس الشحري !
الشرط الأول : أن لا يكون متعصباً لهواه
الشرط الثاني : أن يكون ممن جعل الآخرة نصبه !
الشرط الثالث : أن يكون مراقباً لله عز وجل
الشرط الرابع : أن يكون ممن يبحث عن الحق على الصفة التي ذكره
وأقول : لو اعتبرت هذه الشروط في النصيحة لما وجدت ناصحاً ولما عثرت على منصوح فإن هذه شروط لم ترد في الكتاب والسنة و لا نعلم عالماً معتبراً صرح بها قبل أبي العباس الشحري ولا أعلم له سلفاً إلا ما حكاه الله عن تلك الأمة من بني إسرائيل الذين أنكروا نصح الناصحين للمعرضين والمستكبرين عن النصح قال سبحانه وتعالى {وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [الأعراف/164]
قال العلامة المفسر ابن كثير _ رحمه الله _ عند تفسيره لهذه الآية)
أي: لم تنهون هؤلاء، وقد علمتم أنهم هلكوا واستحقوا العقوبة من الله؟ فلا فائدة في نهيكم إياهم. قالت لهم المنكرة: { مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ } قرأ بعضهم بالرفع، كأنه على تقديره: هذا معذرة وقرأ آخرون بالنصب، أي: نفعل ذلك { مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ } أي: فيما أخذ علينا من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر { وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } يقولون: ولعل بهذا الإنكار يتقون ما هم فيه ويتركونه، ويرجعون إلى الله تائبين، فإذا تابوا تاب الله عليهم ورحمهم اهـ المراد [(ج 3 / ص 494]
فتأمل قول هؤلاء الصالحين {معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون} لأن هذا هو المقصود الأعظم قال العلامة السعدي _ رحمه الله _ عن سلفك :
وفرقة اكتفت بإنكار أولئك عليهم، ونهيهم لهم، وقالوا لهم: { لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا } كأنهم يقولون: لا فائدة في وعظ من اقتحم محارم اللّه، ولم يصغ للنصيح، بل استمر على اعتدائه وطغيانه، فإنه لا بد أن يعاقبهم اللّه، إما بهلاك أو عذاب شديد.
فقال الواعظون: نعظهم وننهاهم { مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ } أي: لنعذر فيهم.
{ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } أي: يتركون ما هم فيه من المعصية، فلا نيأس من هدايتهم، فربما نجع فيهم الوعظ، وأثر فيهم اللوم.
وهذا المقصود الأعظم من إنكار المنكر ليكون معذرة، وإقامة حجة على المأمور المنهي، ولعل اللّه أن يهديه، فيعمل بمقتضى ذلك الأمر، والنهي اهـ [(تفسير السعدي ص 306]
ورحمة الله على شيخ الإسلام إذ يقول وهو يقرر هذه المسألة تقريراً جميلاً كما في مختصر الفتاوي المصرية (ج 2 / ص 43)
ظون)
وإنما الخلاف فيما إذا غلب على ظن الرجل أن أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر لا يطاع فيه هل يجب عليه حينئذ؟ على قولين: أصحهما أنه يجب وإن لم يقبل منه إذا لم يكن مفسدة الأمر راجحة على مفسدة الترك، كما بقي نوح عليه السلام ألف سنة إلا خمسين عاما ينذر قومه، ولما قالت الأمة من أهل القرية الحاضرة البحر لواعظي الذين يعدون في السبت { لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } أي نقيم عذرنا عند ربنا، وليس هداهم علينا، بل الهداية إلى الله.اهـ
وهو كلام في غاية من النفاسة فاستفد يا أبا العباس الشحري !
بل وقد عد بعض العلماء إسداء النصح بشرط القبول ظلم وللإمام ابن حزم كلام في غاية من النفاسة فهاكه :
ولا تنصح على شرط القبول منك، فإن تعديت هذه الوجوه، فأنت ظالم لا ناصح، وطالب طاعة وملك، لا مؤدي حق أمانة وأخوة، وليس هذا حكم العقل، ولا حكم الصداقة، لكن حكم الأمير مع رعيته، والسيد مع عبده اهـ المراد [ الأخلاق والسير:ص44 ]
فتبين بهذا شطط وغلط أبي العباس الشحري وأنها عبارة عن شقشقة ما لها أثر !
وهو يهمز ويلمز بأناس أثبت منه سنة وأمكن علماً فماذا تنتظر من رجل يرمي شيخه بعظائم سنأتي على بعضها في هذه الحلقة ؟!
فإلى مبحثه الأول وما فيه من الغَررِ والتلبيس والتعمية !
المبحث الأول قوله تحت عنوان : كل خلاف ونزاع يحصل بين المسلمين فالواجب عرضه على الكتاب والسنة وطريقة السلف ومنهجهم.
قال أبو عيسى _ وفقه الله _ : هذا الرجل عقد هذا الفصل ليبرهن بأن الشيخ يحيى ممن ينازع فيه ودلل على ذلك بما ظن أن له متمسكاً فيه وهو فجور في الخصومة وبغي لا يرتضيه الله سبحانه وتعالى وإلى بيان زيوف ما افتراه وفجر به على شيخه ومعلمه
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد :
عبد الرحمن عندنا حزبي فإن كنتم ترون ما رأيناه من حزبيته أدنتموه بها حتى يتوب منها مع إضافة ما يذكر من تبعات ذلك حينه
وإن لم تظهر لكم حزبيته ؛ فيكون منكم
1)بيان ما قد علمتموه من فتنته وفتنة من له تعلق بفتنه من الكتاب والمقلقلين علينا وعلى الدار
2) إلغاء كتاب الإبانة
3) وما عدى ذلك من الأمور تعرض على الكتاب والسنة وأصول السلف بما يدفع الله به عن الدعوة والله الموفق
يحيى بن علي الحجوري
1صفر 1432
هذه رسالة شيخنا يحيى _ حفظه الله _ : وليس فيها كما يدعي هذا المدعي بأن الشيخ يحيى _ حفظه الله _ ما أراد أن يحكم شرع الله وأنه شابه المنافقين إن لم يكن منهم _ عند هذا اللئيم _
وإنما شيخنا حفظه الله بين للمشايخ بأن حالة عبد الرحمن لا تخرج عن كونه :
1) حزبياً
2) أو صاحاب فتنة
أما التحزيب فقد نازعه فيها المشايخ ولم يروا تحزيب عبد الرحمن أما إحداث فتنة فقد أجمعوا على ذلك بادئ ذي بدء وإنما تنصلوا عنها بعضهم بعد ذلك من باب وافق شن طبقة
فالشيخ الإمام يقول : هذه بكرية
وآخر يقول : هذه الفتنة خرجت من تحت رجليك
وهكذا أشياء واعترافات كثيرة مدونة وقبل أيام والشيخ الإمام يقول : إن عبد الرحمن خرج من الفتنة !
ماهي هذه الفتنة التي خرج منها والخروج دليل على الولوج !
فمتى خرج وكيف خرج ولماذا لم يبنوا للناس بأن عبد الرحمن كان في فتنة وحصل منه كيت وكيت !
أليس من تحكيم شرع الله إنكار المنكر ؟!
قال ربنا جل في علاه { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[التوبة/71]
أليس من تحكيم شرع الله درء الفتن عن المسلمين والأخذ على يد الظالم ؟!
ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث عبد الله بن عمرو في صحيح مسلم ((
« إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِىٌّ قَبْلِى إِلاَّ كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ
أليس من تحكيم شرع الله حفظ الأمانة ورعايتها والقيام بها وربنا جل في علاه يقول { كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (180) فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة/180، 181]
والجواب : بلى والله إنه من النصح لأئمة المسلمين وعامتهم أن يبين للناس من علم عنه الفتنة وفرقة الصف وتمزيقه لا سيما خلاصة المسلمين ونقاوة المجمتع أهل السنة والجماعة
وقول الشيخ : وإلغاء الإبانة : لأن فيها قواعد مخالفة للكتاب السنة بينت في مجلدات وأجزاء وبين شيخنا يحيى بأن الكتاب مثل كتاب الشيخ العباد رفقا أهل السنة بأهل السنة إلا أنه أوسع منه أبواباً وفصولاً وقد أمر الشيخ ربيع بإلغائه نقله الدعاة إلى الله بل وصرح في رده على الحلبي بأن فيها من أصول الحلبي وأن فيه ما هو باطل !
فهل إلغاء كتاب الإبانة مع ما أحدثت من فتن وأورثت من إحن ومع تكثر المميعين بها وبشيخها !
ومع تحذير العلامة الحجوي وطلابه البررة وتحذير العلامة المدخلي وغيرهم فهل هذا من تحكيم شرع الله ومن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أم من الاستبداد بالرأي وتشبه بالمنافقن نعوذ بالله من الفجور والغدر الذي يتصف به هذا الرجل المهين !
وقول شيخنا بعد كلامه هذا : وما عدى ذلك من الأمور تعرض على الكتاب والسنة وأصول السلف بما يدفع الله به عن الدعوة والله الموفق اهـ
يعني وما عدى ما فصلت فيه القول _ الذي لو طبقوا فيه شرع الله لأراحوا واستراحوا ولكنهم مجمجوا _ فتعرض على الكتاب والسنة كما عرضت هاتان المسألتان التي فصلنا فيه القول وهما :
الأمر الأول : مسألة عبد الرحمن العدني فالجميع متفقون بأنه أحدث فتنة ولكنهم يختلفون في عد ما أحدثه بدعة فالشيخ يحيى ومن معه يرونه حزبياً لأن فتنته هذا قامت على أصل الولاء والبراء فيه وقامت على أشياء بينت في دواوين !
والمشايخ لا يرون ما أحدثه من فتنة سبباً كافياً في تحزيبه فالشيخ يطالبهم بأن يدينوه بهذه الفتنة حتى يتوب إلى الله منها فيحصل أمران :
فعند الشيخ يحيى لو تاب فسيتوب عن بدعة وحزبية وعند المشايخ يكون توبته ورجوعه عن فتنة أحدثها بين أهل السنة وتعود الأمور إلى نصابها وهذا من تمام تذكيرهم بأصل الأمر بالمعروف والنهي عن النكر
والأمر الثاني : كتاب الإبانة الذي قام على محاماة عن عبد الرحمن وفيها من الأصول ما وافق فيها أهل التميع من إخوانية وحسنية وحلبية وغيرهم فإلغاؤه يصد باباً عظيماً من شماتة هؤلاء بأهل السنة وبسيرهم
وما بقي من الأمور فيعرض على الكتاب والسنة وسياق الكلام ظاهر وبين ولكنه الفجور والظلم واللؤم وبالله نعتصم !.
فقول هذا الفاجر : فقضية تحزيب وتبديع عبد الرحمن معروضة على كتاب الله وسنة رسوله _ صلى الله عليه وعلى آله وسلم _ وأصول السلف
ودعوى فتنته تعرض على كتاب الله وسنة رسوله _ صلى الله عليه وعلى آله وسلم _ وأصول السلف
وما عدى ذلك من الأمور تعرض على الكتاب والسنة وأصول السلف
فإن سلمت بهذا أبا عبد الرحمن _ سلمك الله _ فقد سلَّمت وسلمت !
وإلا فإن هذا _ أعاذنا الله جميعاً _ وكلنا يخشى على نفسه هو عين صفة أهل الأهواء والنفاق اللذين ذمهم الله تعالى وحذرنا من سلوك سبيلهم فقال : {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا} [النساء/61]
... وذكر آيات من هذا الباب
قال أبو عيسى _ وفقه الله _ : بما تقدم يعلم بأن هذا تحامل لا معنى له إلا الفجور والبغي والله الموعد.
وقوله : وقد أجمع السلف على أن كل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله _ صلى الله عليه وعلى آله وسلم _
وليس لأحد أن يلزم الناس برأيه الذي يراه هو ويتحرج أو يأبى عرض قوله على الكتاب والسنة {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } [النساء/65]
فإن وافقت على هذا أبا عبد الرحمن ؛ فقد حصل التجاوب والمطلوب وإلا فلا يلام ولا يقدح في صدق ومصداقية (أخيك الشيخ محمد الإمام ) إذا ادعى (عدم التجاوب !) منك
فقولك يا شيخ يحيى في (البيان الثاقب ) (ص18) : (وإن رأيتم أنها باطل فأبينوا وجه بطلانها بالدليل .. ) هذا وجه بطلانها قد بان واضحاً جلياً بالدليل لا ينازع فيه أحد يحترم النصوص اهـ المراد
قال أبوعيسى _ وفقه الله _ : انظروا إلى فجور هذا الرجل وإلى تلبيساته التي لا تنفق إلا على من عمي بصره وقل فقهه
وقد بينت لك أيها القارئ الحصيف تلبيس هذا الرجل ورميه لشيخنا من طرف خفي _ بل جلي ظاهر _ بأنه لا يرضى بحكم الله ويأبى أن يعرض كلامه على الشرع وليت شعري ماذا بقي عند شيخنا من دينه لوكان _ وحاشاه _ كما يقول هذا الفاجر !
وكما تقدم أن شيخنا يحيى _ حفظه الله _ لم يلزم المشايخ بقوله ورأيه ! وإنما قال لهم : إن كنتم تريدون السلامة للدعوة فبينوا للناس أمر فتنة العدني التي عرفتموها وسبق لبعضكم نصح عبد الرحمن بالبعد عنها وقد تقدم أن هذا من تمام نصحهم وتذكيرهم بأصل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصح لدين الله فما بال هذا الرجل يريدها خصلة نفاقية وهي خصلة إيمانة متأصلة وعليها أدلتها منها ما تقدم !
فقوله بعد هذا مهولاً ومشنعاً على شيخه : ومجرد وضع هذه الورقة مع هذه المخالفة الواضحة لتكون هي (المنجية ) من الفتنة !! وإن لم يستجب مشايخ السنة باليمن لما فيها حصلت الفرقة واختلاف الكلمة وكانوا هم السبب ! لأنهم لم يستجيبوا لما في الورقة !! ليس من طريقة أهل السنة و الجماعة نسأل الله أن يلهمنا رشدنا
قال أبو عيسى _ وفقه الله _ : هذا الكلام تشنيع وتلبيس أساسه ما تقدم بيانه ومما أزيده إيراد كلام شيخنا العلامة الصبور يحيى بن علي الحجوري الذي تصرف فيه هذا المدبر :
قال بعد كلام جميل : فإن كنتم صادقين في حل الفتنة حلاً صحيحاً وهذا هو الظن بكم _ إن شاء الله _ ونفض ما لحقكم من غبارها فهذه ورقة مرفقة بهذه الرسالة سبق أن أوصلها إليكم الشيخ عبد الله بن عثمان مشكوراً إن رأيتم أنها حق وجب عليكم السعي في تحقيق الحق وتزول إن شاء الله الفتنة وتجتمع الكلمة
وإن رأيتم أنها باطل فأبينوا وجه بطلانها بالدليل فإن أبيتم إلا الاستمرار في هذا الهيلمان على الدعوة فأنا أحملكم مسؤولية ذلك أما الله عز وجل والعاقبة للتقوى { يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود/88]
اللهم فاشهد اللهم فاشهد اللهم فاشهد
وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك اهـ المراد
قال أبو عيسى _ وفقه الله _ : فهذا كلام شيخنا يحيى وملخصه فإما أن يوافقوه فيما قدمه مما يكون سبباً في لم الشمل وجمع الكلمة
وإما أن يخالفوه فيبينوا له وجه بطلانه بالدليل وإما أن لا يكون من هذا ولا ذاك شيء بل لا بد من إجبار الحجوري كما أرادها الشيخ ربيع وإلا المفاصلة وإلا القطع والبتر وأن علماء اليمن والسعودية أجمعوا على هجر الحجوري ومن تعصب له فهذا وصفه الشيخ بالهيلمان فهذا حملهم الشيخ مغبته ومسؤولية ما قد ينتج منه أمام الله عز وجل
فهل هذا يا أيها العقلاء يعد فرضاً للرأي ؟
وإعراضاً عن حكم الله عز وجل ؟
وتنصيباً لشخصه ؟!
وهل في كلام شيخنا يحيى ما يدعيه عليه هذا السفيه من أنه قال : إن أخذتم بما في كلامي وإلا حصلت فرقة واختلاف الكلمة ؟!
وهل وافق المشايخ على ما في ورقة الشيخ يحيى ؟!
الجواب : لا
فهل بينوا له وجه الخطأ بالدليل في كلامه إذ خالفوه ؟!
الجواب : لا
فماذا بقي إذن ؟!
الجواب : الجواب ما قاله الإمام من أن الشيخ يحيى لم يستجب وأن طلابه يهجرون وأنهم لا يستدعون مما جعل شيخنا يحيى يقول ضمن بيانه الثاقب ص 21:
فلم يردوا بشيء حتى خرج هذا التقول الذي سبق منه أمثاله ، وهذا يثبت أن السعي للمفاصلة من هذا الرجل ومن حوله ، قد شغفوا به ، ودعا إليه بصريح قوله في كلمته الأخيرة بتأريخ (13/رجب 1434هـ) والله تعالى يقول { وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا} [الأنعام/164]
فاستشهاده بكلام شيخ الإسلام : مجموع الفتاوى - (ج 20 / ص 164)
وَلَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يُنَصِّبَ لِلْأُمَّةِ شَخْصًا يَدْعُو إلَى طَرِيقَتِهِ وَيُوَالِي وَيُعَادِي عَلَيْهَا غَيْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَلَا يُنَصِّبَ لَهُمْ كَلَامًا يُوَالِي عَلَيْهِ وَيُعَادِي غَيْرَ كَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَا اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ الْأُمَّةُ بَلْ هَذَا مِنْ فِعْلِ أَهْلِ الْبِدَعِ الَّذِينَ يُنَصِّبُونَ لَهُمْ شَخْصًا أَوْ كَلَامًا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْأُمَّةِ يُوَالُونَ بِهِ عَلَى ذَلِكَ الْكَلَامِ أَوْ تِلْكَ النِّسْبَةِ وَيُعَادُونَ اهـ
فاستشهاده بهذا الكلام يعتبر مغالطة لأن كلامه في المبحث الأول كله مغالطة وتشغيب وتهويل فالشيخ يحيى _ حفظه الله _ : قدم للمشايخ حلاً لو أخذوا به لانحلت الأمور ولعادت إلى نصابها ومع ذلك لم يلزمهم به بل قال : إما أن توافقوني فيجب عليكم الأخذ به من باب الأخذ بالحق
وإما أن تخالفوني فتبينوا وجه الخطأ بالدليل
وإما أن تستمروا في ما تسعون إليه من المفاصلة فهذا حملهم المسؤولية عنه أمام الله
فدع المغالطة يا شحري !
والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً
أما بعد :
فقد اطلعت على ما سطره الطالب العاق أبو العباس الشحري في وريقات أسماها بـ (كشف أصول الشبه التي منعت الشيخ يحيى الحجوري من التجاوب مع نصيحة العلماء والمشايخ وفقهم الله جميعاً إلى ما يحبه ويرضاه)
ورأيت ما فيها من التحامل الشديد على شيخه والتلبيس والتشغيب عليه بما ستراه وما لا تزيد عند الوقوف عليه من الهيللة فإنه كما يقال : (الأخلاق الظاهرة عنوان الأخلاق الباطنة) فإلى ما قصدناه :
قوله : مباحث ثمانية في نقد جمل من كلام الشيخ يحيى _ سلمه الله _ في رسالته (البيان الثاقب لرد تقول محمد الإمام أنه لم يحصل مني تجاوب ) لا أحل لمتعصب لهواه أن أن يقرأها وأسأله بالله العظيم _ الذي لا يسأل إلا هو _ أن لا يقرأها
لأنها خاصة بمن يجعل الآخرة نصب عينيه ويعلم أن الله مطلع عليه يتبع الحق حيثما كان يبحث عنه بحث أما لها ابن وحيد ضاع عليها ! يطلبه بنفسه وأنفاسه فهو ضالته المنشودة عليها طعامه وشرابه ! قد أضلها في فلاة معدومة مسبعة أو كغريق في بحر هائج وجد خشبة نجاة !! ..
فهو يسترضي الحق _ جل جلاله _ ويتمسك بالحق ولا يلتفت إلى الخلق ! .
قال أبو عيسى _ وفقه الله _ : فهذه شروط سلطانية من بلاط الملك أبي العباس الشحري !
الشرط الأول : أن لا يكون متعصباً لهواه
الشرط الثاني : أن يكون ممن جعل الآخرة نصبه !
الشرط الثالث : أن يكون مراقباً لله عز وجل
الشرط الرابع : أن يكون ممن يبحث عن الحق على الصفة التي ذكره
وأقول : لو اعتبرت هذه الشروط في النصيحة لما وجدت ناصحاً ولما عثرت على منصوح فإن هذه شروط لم ترد في الكتاب والسنة و لا نعلم عالماً معتبراً صرح بها قبل أبي العباس الشحري ولا أعلم له سلفاً إلا ما حكاه الله عن تلك الأمة من بني إسرائيل الذين أنكروا نصح الناصحين للمعرضين والمستكبرين عن النصح قال سبحانه وتعالى {وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [الأعراف/164]
قال العلامة المفسر ابن كثير _ رحمه الله _ عند تفسيره لهذه الآية)
أي: لم تنهون هؤلاء، وقد علمتم أنهم هلكوا واستحقوا العقوبة من الله؟ فلا فائدة في نهيكم إياهم. قالت لهم المنكرة: { مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ } قرأ بعضهم بالرفع، كأنه على تقديره: هذا معذرة وقرأ آخرون بالنصب، أي: نفعل ذلك { مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ } أي: فيما أخذ علينا من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر { وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } يقولون: ولعل بهذا الإنكار يتقون ما هم فيه ويتركونه، ويرجعون إلى الله تائبين، فإذا تابوا تاب الله عليهم ورحمهم اهـ المراد [(ج 3 / ص 494]
فتأمل قول هؤلاء الصالحين {معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون} لأن هذا هو المقصود الأعظم قال العلامة السعدي _ رحمه الله _ عن سلفك :
وفرقة اكتفت بإنكار أولئك عليهم، ونهيهم لهم، وقالوا لهم: { لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا } كأنهم يقولون: لا فائدة في وعظ من اقتحم محارم اللّه، ولم يصغ للنصيح، بل استمر على اعتدائه وطغيانه، فإنه لا بد أن يعاقبهم اللّه، إما بهلاك أو عذاب شديد.
فقال الواعظون: نعظهم وننهاهم { مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ } أي: لنعذر فيهم.
{ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } أي: يتركون ما هم فيه من المعصية، فلا نيأس من هدايتهم، فربما نجع فيهم الوعظ، وأثر فيهم اللوم.
وهذا المقصود الأعظم من إنكار المنكر ليكون معذرة، وإقامة حجة على المأمور المنهي، ولعل اللّه أن يهديه، فيعمل بمقتضى ذلك الأمر، والنهي اهـ [(تفسير السعدي ص 306]
ورحمة الله على شيخ الإسلام إذ يقول وهو يقرر هذه المسألة تقريراً جميلاً كما في مختصر الفتاوي المصرية (ج 2 / ص 43)
ظون)
وإنما الخلاف فيما إذا غلب على ظن الرجل أن أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر لا يطاع فيه هل يجب عليه حينئذ؟ على قولين: أصحهما أنه يجب وإن لم يقبل منه إذا لم يكن مفسدة الأمر راجحة على مفسدة الترك، كما بقي نوح عليه السلام ألف سنة إلا خمسين عاما ينذر قومه، ولما قالت الأمة من أهل القرية الحاضرة البحر لواعظي الذين يعدون في السبت { لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } أي نقيم عذرنا عند ربنا، وليس هداهم علينا، بل الهداية إلى الله.اهـ
وهو كلام في غاية من النفاسة فاستفد يا أبا العباس الشحري !
بل وقد عد بعض العلماء إسداء النصح بشرط القبول ظلم وللإمام ابن حزم كلام في غاية من النفاسة فهاكه :
ولا تنصح على شرط القبول منك، فإن تعديت هذه الوجوه، فأنت ظالم لا ناصح، وطالب طاعة وملك، لا مؤدي حق أمانة وأخوة، وليس هذا حكم العقل، ولا حكم الصداقة، لكن حكم الأمير مع رعيته، والسيد مع عبده اهـ المراد [ الأخلاق والسير:ص44 ]
فتبين بهذا شطط وغلط أبي العباس الشحري وأنها عبارة عن شقشقة ما لها أثر !
وهو يهمز ويلمز بأناس أثبت منه سنة وأمكن علماً فماذا تنتظر من رجل يرمي شيخه بعظائم سنأتي على بعضها في هذه الحلقة ؟!
فإلى مبحثه الأول وما فيه من الغَررِ والتلبيس والتعمية !
المبحث الأول قوله تحت عنوان : كل خلاف ونزاع يحصل بين المسلمين فالواجب عرضه على الكتاب والسنة وطريقة السلف ومنهجهم.
قال أبو عيسى _ وفقه الله _ : هذا الرجل عقد هذا الفصل ليبرهن بأن الشيخ يحيى ممن ينازع فيه ودلل على ذلك بما ظن أن له متمسكاً فيه وهو فجور في الخصومة وبغي لا يرتضيه الله سبحانه وتعالى وإلى بيان زيوف ما افتراه وفجر به على شيخه ومعلمه
نص كلام شيخنا في رسالته التي أرسلها مع الشيخ عبد الله بن عثمان الذماري :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد :
عبد الرحمن عندنا حزبي فإن كنتم ترون ما رأيناه من حزبيته أدنتموه بها حتى يتوب منها مع إضافة ما يذكر من تبعات ذلك حينه
وإن لم تظهر لكم حزبيته ؛ فيكون منكم
1)بيان ما قد علمتموه من فتنته وفتنة من له تعلق بفتنه من الكتاب والمقلقلين علينا وعلى الدار
2) إلغاء كتاب الإبانة
3) وما عدى ذلك من الأمور تعرض على الكتاب والسنة وأصول السلف بما يدفع الله به عن الدعوة والله الموفق
يحيى بن علي الحجوري
1صفر 1432
هذه رسالة شيخنا يحيى _ حفظه الله _ : وليس فيها كما يدعي هذا المدعي بأن الشيخ يحيى _ حفظه الله _ ما أراد أن يحكم شرع الله وأنه شابه المنافقين إن لم يكن منهم _ عند هذا اللئيم _
وإنما شيخنا حفظه الله بين للمشايخ بأن حالة عبد الرحمن لا تخرج عن كونه :
1) حزبياً
2) أو صاحاب فتنة
أما التحزيب فقد نازعه فيها المشايخ ولم يروا تحزيب عبد الرحمن أما إحداث فتنة فقد أجمعوا على ذلك بادئ ذي بدء وإنما تنصلوا عنها بعضهم بعد ذلك من باب وافق شن طبقة
فالشيخ الإمام يقول : هذه بكرية
وآخر يقول : هذه الفتنة خرجت من تحت رجليك
وهكذا أشياء واعترافات كثيرة مدونة وقبل أيام والشيخ الإمام يقول : إن عبد الرحمن خرج من الفتنة !
ماهي هذه الفتنة التي خرج منها والخروج دليل على الولوج !
فمتى خرج وكيف خرج ولماذا لم يبنوا للناس بأن عبد الرحمن كان في فتنة وحصل منه كيت وكيت !
أليس من تحكيم شرع الله إنكار المنكر ؟!
قال ربنا جل في علاه { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[التوبة/71]
أليس من تحكيم شرع الله درء الفتن عن المسلمين والأخذ على يد الظالم ؟!
ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث عبد الله بن عمرو في صحيح مسلم ((
« إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِىٌّ قَبْلِى إِلاَّ كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ
أليس من تحكيم شرع الله حفظ الأمانة ورعايتها والقيام بها وربنا جل في علاه يقول { كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (180) فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة/180، 181]
والجواب : بلى والله إنه من النصح لأئمة المسلمين وعامتهم أن يبين للناس من علم عنه الفتنة وفرقة الصف وتمزيقه لا سيما خلاصة المسلمين ونقاوة المجمتع أهل السنة والجماعة
وقول الشيخ : وإلغاء الإبانة : لأن فيها قواعد مخالفة للكتاب السنة بينت في مجلدات وأجزاء وبين شيخنا يحيى بأن الكتاب مثل كتاب الشيخ العباد رفقا أهل السنة بأهل السنة إلا أنه أوسع منه أبواباً وفصولاً وقد أمر الشيخ ربيع بإلغائه نقله الدعاة إلى الله بل وصرح في رده على الحلبي بأن فيها من أصول الحلبي وأن فيه ما هو باطل !
فهل إلغاء كتاب الإبانة مع ما أحدثت من فتن وأورثت من إحن ومع تكثر المميعين بها وبشيخها !
ومع تحذير العلامة الحجوي وطلابه البررة وتحذير العلامة المدخلي وغيرهم فهل هذا من تحكيم شرع الله ومن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أم من الاستبداد بالرأي وتشبه بالمنافقن نعوذ بالله من الفجور والغدر الذي يتصف به هذا الرجل المهين !
وقول شيخنا بعد كلامه هذا : وما عدى ذلك من الأمور تعرض على الكتاب والسنة وأصول السلف بما يدفع الله به عن الدعوة والله الموفق اهـ
يعني وما عدى ما فصلت فيه القول _ الذي لو طبقوا فيه شرع الله لأراحوا واستراحوا ولكنهم مجمجوا _ فتعرض على الكتاب والسنة كما عرضت هاتان المسألتان التي فصلنا فيه القول وهما :
الأمر الأول : مسألة عبد الرحمن العدني فالجميع متفقون بأنه أحدث فتنة ولكنهم يختلفون في عد ما أحدثه بدعة فالشيخ يحيى ومن معه يرونه حزبياً لأن فتنته هذا قامت على أصل الولاء والبراء فيه وقامت على أشياء بينت في دواوين !
والمشايخ لا يرون ما أحدثه من فتنة سبباً كافياً في تحزيبه فالشيخ يطالبهم بأن يدينوه بهذه الفتنة حتى يتوب إلى الله منها فيحصل أمران :
فعند الشيخ يحيى لو تاب فسيتوب عن بدعة وحزبية وعند المشايخ يكون توبته ورجوعه عن فتنة أحدثها بين أهل السنة وتعود الأمور إلى نصابها وهذا من تمام تذكيرهم بأصل الأمر بالمعروف والنهي عن النكر
والأمر الثاني : كتاب الإبانة الذي قام على محاماة عن عبد الرحمن وفيها من الأصول ما وافق فيها أهل التميع من إخوانية وحسنية وحلبية وغيرهم فإلغاؤه يصد باباً عظيماً من شماتة هؤلاء بأهل السنة وبسيرهم
وما بقي من الأمور فيعرض على الكتاب والسنة وسياق الكلام ظاهر وبين ولكنه الفجور والظلم واللؤم وبالله نعتصم !.
فقول هذا الفاجر : فقضية تحزيب وتبديع عبد الرحمن معروضة على كتاب الله وسنة رسوله _ صلى الله عليه وعلى آله وسلم _ وأصول السلف
ودعوى فتنته تعرض على كتاب الله وسنة رسوله _ صلى الله عليه وعلى آله وسلم _ وأصول السلف
وما عدى ذلك من الأمور تعرض على الكتاب والسنة وأصول السلف
فإن سلمت بهذا أبا عبد الرحمن _ سلمك الله _ فقد سلَّمت وسلمت !
وإلا فإن هذا _ أعاذنا الله جميعاً _ وكلنا يخشى على نفسه هو عين صفة أهل الأهواء والنفاق اللذين ذمهم الله تعالى وحذرنا من سلوك سبيلهم فقال : {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا} [النساء/61]
... وذكر آيات من هذا الباب
قال أبو عيسى _ وفقه الله _ : بما تقدم يعلم بأن هذا تحامل لا معنى له إلا الفجور والبغي والله الموعد.
وقوله : وقد أجمع السلف على أن كل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله _ صلى الله عليه وعلى آله وسلم _
وليس لأحد أن يلزم الناس برأيه الذي يراه هو ويتحرج أو يأبى عرض قوله على الكتاب والسنة {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } [النساء/65]
فإن وافقت على هذا أبا عبد الرحمن ؛ فقد حصل التجاوب والمطلوب وإلا فلا يلام ولا يقدح في صدق ومصداقية (أخيك الشيخ محمد الإمام ) إذا ادعى (عدم التجاوب !) منك
فقولك يا شيخ يحيى في (البيان الثاقب ) (ص18) : (وإن رأيتم أنها باطل فأبينوا وجه بطلانها بالدليل .. ) هذا وجه بطلانها قد بان واضحاً جلياً بالدليل لا ينازع فيه أحد يحترم النصوص اهـ المراد
قال أبوعيسى _ وفقه الله _ : انظروا إلى فجور هذا الرجل وإلى تلبيساته التي لا تنفق إلا على من عمي بصره وقل فقهه
وقد بينت لك أيها القارئ الحصيف تلبيس هذا الرجل ورميه لشيخنا من طرف خفي _ بل جلي ظاهر _ بأنه لا يرضى بحكم الله ويأبى أن يعرض كلامه على الشرع وليت شعري ماذا بقي عند شيخنا من دينه لوكان _ وحاشاه _ كما يقول هذا الفاجر !
وكما تقدم أن شيخنا يحيى _ حفظه الله _ لم يلزم المشايخ بقوله ورأيه ! وإنما قال لهم : إن كنتم تريدون السلامة للدعوة فبينوا للناس أمر فتنة العدني التي عرفتموها وسبق لبعضكم نصح عبد الرحمن بالبعد عنها وقد تقدم أن هذا من تمام نصحهم وتذكيرهم بأصل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصح لدين الله فما بال هذا الرجل يريدها خصلة نفاقية وهي خصلة إيمانة متأصلة وعليها أدلتها منها ما تقدم !
فقوله بعد هذا مهولاً ومشنعاً على شيخه : ومجرد وضع هذه الورقة مع هذه المخالفة الواضحة لتكون هي (المنجية ) من الفتنة !! وإن لم يستجب مشايخ السنة باليمن لما فيها حصلت الفرقة واختلاف الكلمة وكانوا هم السبب ! لأنهم لم يستجيبوا لما في الورقة !! ليس من طريقة أهل السنة و الجماعة نسأل الله أن يلهمنا رشدنا
قال أبو عيسى _ وفقه الله _ : هذا الكلام تشنيع وتلبيس أساسه ما تقدم بيانه ومما أزيده إيراد كلام شيخنا العلامة الصبور يحيى بن علي الحجوري الذي تصرف فيه هذا المدبر :
قال بعد كلام جميل : فإن كنتم صادقين في حل الفتنة حلاً صحيحاً وهذا هو الظن بكم _ إن شاء الله _ ونفض ما لحقكم من غبارها فهذه ورقة مرفقة بهذه الرسالة سبق أن أوصلها إليكم الشيخ عبد الله بن عثمان مشكوراً إن رأيتم أنها حق وجب عليكم السعي في تحقيق الحق وتزول إن شاء الله الفتنة وتجتمع الكلمة
وإن رأيتم أنها باطل فأبينوا وجه بطلانها بالدليل فإن أبيتم إلا الاستمرار في هذا الهيلمان على الدعوة فأنا أحملكم مسؤولية ذلك أما الله عز وجل والعاقبة للتقوى { يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود/88]
اللهم فاشهد اللهم فاشهد اللهم فاشهد
وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك اهـ المراد
قال أبو عيسى _ وفقه الله _ : فهذا كلام شيخنا يحيى وملخصه فإما أن يوافقوه فيما قدمه مما يكون سبباً في لم الشمل وجمع الكلمة
وإما أن يخالفوه فيبينوا له وجه بطلانه بالدليل وإما أن لا يكون من هذا ولا ذاك شيء بل لا بد من إجبار الحجوري كما أرادها الشيخ ربيع وإلا المفاصلة وإلا القطع والبتر وأن علماء اليمن والسعودية أجمعوا على هجر الحجوري ومن تعصب له فهذا وصفه الشيخ بالهيلمان فهذا حملهم الشيخ مغبته ومسؤولية ما قد ينتج منه أمام الله عز وجل
فهل هذا يا أيها العقلاء يعد فرضاً للرأي ؟
وإعراضاً عن حكم الله عز وجل ؟
وتنصيباً لشخصه ؟!
وهل في كلام شيخنا يحيى ما يدعيه عليه هذا السفيه من أنه قال : إن أخذتم بما في كلامي وإلا حصلت فرقة واختلاف الكلمة ؟!
وهل وافق المشايخ على ما في ورقة الشيخ يحيى ؟!
الجواب : لا
فهل بينوا له وجه الخطأ بالدليل في كلامه إذ خالفوه ؟!
الجواب : لا
فماذا بقي إذن ؟!
الجواب : الجواب ما قاله الإمام من أن الشيخ يحيى لم يستجب وأن طلابه يهجرون وأنهم لا يستدعون مما جعل شيخنا يحيى يقول ضمن بيانه الثاقب ص 21:
فلم يردوا بشيء حتى خرج هذا التقول الذي سبق منه أمثاله ، وهذا يثبت أن السعي للمفاصلة من هذا الرجل ومن حوله ، قد شغفوا به ، ودعا إليه بصريح قوله في كلمته الأخيرة بتأريخ (13/رجب 1434هـ) والله تعالى يقول { وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا} [الأنعام/164]
فاستشهاده بكلام شيخ الإسلام : مجموع الفتاوى - (ج 20 / ص 164)
وَلَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يُنَصِّبَ لِلْأُمَّةِ شَخْصًا يَدْعُو إلَى طَرِيقَتِهِ وَيُوَالِي وَيُعَادِي عَلَيْهَا غَيْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَلَا يُنَصِّبَ لَهُمْ كَلَامًا يُوَالِي عَلَيْهِ وَيُعَادِي غَيْرَ كَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَا اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ الْأُمَّةُ بَلْ هَذَا مِنْ فِعْلِ أَهْلِ الْبِدَعِ الَّذِينَ يُنَصِّبُونَ لَهُمْ شَخْصًا أَوْ كَلَامًا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْأُمَّةِ يُوَالُونَ بِهِ عَلَى ذَلِكَ الْكَلَامِ أَوْ تِلْكَ النِّسْبَةِ وَيُعَادُونَ اهـ
فاستشهاده بهذا الكلام يعتبر مغالطة لأن كلامه في المبحث الأول كله مغالطة وتشغيب وتهويل فالشيخ يحيى _ حفظه الله _ : قدم للمشايخ حلاً لو أخذوا به لانحلت الأمور ولعادت إلى نصابها ومع ذلك لم يلزمهم به بل قال : إما أن توافقوني فيجب عليكم الأخذ به من باب الأخذ بالحق
وإما أن تخالفوني فتبينوا وجه الخطأ بالدليل
وإما أن تستمروا في ما تسعون إليه من المفاصلة فهذا حملهم المسؤولية عنه أمام الله
فدع المغالطة يا شحري !
والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً
كتبه أبو عيسى علي بن رشيد العفري
تعليق