بسم الله الرحمن الرحيم
من فَضائلِ الحِجَابِ الشَّرعيِّ
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، أمَّا بعد: فإن فضائلَ الحِجابِ كثيرةٌ، ومزاياه عظيمةٌ وجليلةٌ على الفرد والمجتمع؛ فالحجاب يجعل من المرأة ذات قدرٍ رفيعٍ، وشرفٍ عظيمٍ، وهيبةٍ كبيرةٍ، ومقامٍ حميدٍ، ويجعلها قدوةً حسنةً، وأسوةً طيبةً، وجوهرةً ثمينةً، ولؤلؤةً نفيسةً مكنونةً ومصونةً من أذية السفهاء، وآمانةً من كيد المفسدين، ولذلك فرضه الله جل وعلا وأكرم به أمهات المؤمنين، وبنات النبي الأمين، وذوات الإيمان واليقين، فقال تعالى:}يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً{[الأحزاب:59].
والفضائل في الحجاب، والفوائد والمزايا لا تنحصر في مثل هذا المقام إلا أنَّا في هذه العجالة اليسيرة نُذَكِّر المرأة المسلمة بما أكرمها الله جل وعلا وحباها من نعمة الحجاب الشرعي، مما يدلُّ على ضرورته وأهميته، مُتحدِّثين بنعمة الله جلَّ وعلا، فنقول وبالله التوفيق:
1- الحِجابُ الشَّرعيُّ يوافق الفِطَر السليمة: فقد فَطَر الله عباده على ستر العورة، ولذلك لما أكل أبونا آدم وأمنا حواء عليهما السلام من الشجرة، وبَدَت لهما سوآتهما؛ بادرا إلى سترها، قال الله تعالى:}فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ{[الأعراف:22]. فحِرْصُ النفوسِ الطيبةِ على ستر العورات من آيات الله، ومما أمر به عباده، قال الله تعالى:}يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ{[الأعراف:26]. والتهاون في الحجاب الشرعي، وكشف العورات وعدم صونها ينافي الفِطَر السليمة، بل ومِن سَعْيِّ النفوس الخبيثة، قال الله تعالى:}يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا{[الأعراف:27].
2- الحِجابُ الشَّرعيُّ طاعة لله ولرسوله: قال الله تعالى:}وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{[لنساء:13]. }وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ{[النور:52]. }وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً{[الأحزاب:71]. }وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَن يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَاباً أَلِيماً{[الفتح:17]. والتهاون في الحجاب الشرعي معصية لله ولرسوله، قال الله تعالى: }وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِينا{[الأحزاب:36].
3- والحِجابُ الشَّرعيُّ دليلٌ على كمال الإيمان والتقوى، ومن صفات المؤمنات التَّقيات: قال الله تعالى:}يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ{. والتهاون في الحجاب الشرعي علامةٌ على ضعف الإيمان، وعدم كماله وقوته، بل ومن صفات الجاهلية، قال الله تعالى:}وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى{[الأحزاب:33].
4- الحِجابُ الشَّرعيُّ عنوانُ العِفَّة والحِشْمَة والحياء، والتهاون في الحجاب الشرعي قِصَرٌ في الحياء، وسَبَبٌ للريب، وفي البخاري(6120) عن أبي مَسْعُودٍ البدري قال: قَالَ النَّبِيُّ r: ((إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الأولى إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَافْعَلْ مَا شِئْتَ)).
5- الحِجابُ الشَّرعيُّ طهارةٌ للقلوب:قال الله تعالى:}وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ{[الأحزاب:53]. والتهاون في الحجاب الشرعي حرمانٌ من الطهارة الكاملة، بل ومن أسباب فساد القلوب.
6- الحجاب الشرعي سببٌ عظيمٌ، وحصنٌ متينٌ للمرأة من أذية السفهاء، وقَطعِ طمع مَن في قلبه مرضٌ: قال الله تعالى:}ذلكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ{. ومن هنا نجد أن أعظم أسباب الوقاية للنساء هو فرضُ الحجاب. والتهاون في الحجاب الشرعي سببٌ لحرمان المرأة من ذلك الحصن المتين، وتلك السلامة العظيمة، وقد قال الله تعالى: }فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ{[الأحزاب:32].
فإذا كان السُّفهاء يطمعون في المرأة بِمُجرد السماع لصوتها الخاضع؛ فكيف إذا رأوها متبرجةً غير محتجبة؟!
7- الحِجابُ الشَّرعيُّ تاجٌ على رأس المرأة يدلُّ على حرصها، وإدراكها لما يصلحها، وحَذَرِها مما يؤذيها، ويجرح كرامتها ومشاعرها، ويدلُّ على سلامتها من طُرق الشَّر ووسائل الفساد ودعاةِ التَّبرج، وسلاحٌ يدلُّ على قوة المرأة في واجهة أعداء الإسلام. والتهاون في الحجاب لافتةٌ على رأس المرأة تدلُّ على تفريطها، وعدم إدراكها لما يصلحها، وعلامةٌ على ضعفها في مواجهة دعاة الشر، ووسائل الفساد.
8- الحِجابُ الشَّرعيُّ سببٌ عظيمٌ للنجاة من النار، والفوز بالجنة: ففي صحيح مسلم(2128) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r:((صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا: قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ، مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ؛ لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ، وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا)). وفي مسند أحمد(4/197) عن عمرو بن العاص قال: بينما نحن مع النبي r فقال: ((انظروا هل ترون شيئاً))؟ فقلنا: نرى غِرباناً فيها غرابٌ أَعْصَم أحمر المنقار والرجلين. فقال رسول الله: ((لا يدخل الجنة من النساء إلا مَن كان منهن مثلُ هذا الغراب في الغِربان)). وذلك بسبب المعاصي، ومنها التفريط في الحجاب. (والأعْصَم): أبيض الجناحين، وقيل أبيض الرجلين.(النهاية)
9- الحِجابُ الشَّرعيُّ يدلُّ على حُسْنِ التربية والرعاية والنُّصح من الوالدين، والتهاون في الحجاب الشرعي يدلُّ على التفريط في تربية البنات، والإهمال الخطير، والغَفْلة الشَّديدة، وفي صحيح البخاري(750)، ومسلم(142) عن معقل بن يسار قال: قال النبيr: ((ما مِن عبدٍ استرعاه الله رعية فلم يُحطها بنصيحة إلا لمن يجد رائحة الجنة)).
وفي صحيح البخاري(5200)، ومسلم(1829) عن عبدالله بن عمر قال: قال النبي r: ((كلكم راعٍ، وكلُّ راعٍ مسئولٌ عن رعيته. قال: والرجل راعٍ في أهله، ومسئول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعيةٌ ومسئولة عن رعيتها)). وبناتها من رعيتها.
10- الحِجابُ الشَّرعيُّ يدلُّ على غِيرة الآباء، والأزواج وأولياء الأمور على الأعراض، والتهاون في الحجاب الشرعي يدل على عدم مبالاتهم في الأعراض الغالية، وعند أهل السنن عن سعيد بن زيد قال: قال النبي r: ((من قُتِل دون عرضه فهو شهيدٌ)).
11- الحِجابُ الشَّرعيُّ يسمو بالمرأة إلى القدوة الحسنة الصالحة في مجتمع النساء، والتهاون في الحجاب الشرعي يسبب الحرمان من القدوة الحسنة، بل تصير المتبرجة قدوةً سيِّئةً حتى في بناتها وأخواتها، وتدعو بحالها إلى الشر بقصدٍ أو بغير قصدٍٍ، والله تعالى يقول: }إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ{[النور:19].
12- الحِجابُ الشَّرعيُّ سببٌ لقبول المرأة في المجتمع وتقديره واحترامه لها، وحرصه عليها، ولذلك قال النبي r للخاطب: ((فاظْفَر بذات الدين تَرِبَتْ يداك)).رواه البخاري(5090)، ومسلم(1466) من حديث أبي هريرة . والتهاون في الحجاب الشرعي يَحُط من قَدْرِ المرأة، ويجعلها غير مقبولة، بل مرفوضةً، وممقوتةً.
13- الحِجابُ الشَّرعيُّ من أعظم أسباب سلامة المجتمع من الفتن والفساد، والهلاك: ففي البخاري(5096)، ومسلم(2741) عن أسامة بن زيد قال: قال النبي r: ((ما تركت بعدي فتنة أضَرَّ على الرجال من النساء)). وفي صحيح مسلم(2742) عن أبي سعيد الخدري قال: قال النبي r: ((اتَّقوا الدنيا، واتَّقوا النساء؛ فإن أوَّل فتنة بني إسرائيل كانت في النساء)). والتهاون في الحجاب الشرعي من أعظم أسباب فساد المجتمعات، وطريق الوقوع في الفواحش والمنكرات، وفي البخاري(6612) ، ومسلم(2657) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله r: ((كُتِبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَصِيبُهُ مِنَ الزِّنَا مُدْرِكٌ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ؛ فَالْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ، وَالْأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الِاسْتِمَاعُ، وَاللِّسَانُ زِنَاهُ الْكَلَامُ، وَالْيَدُ زِنَاهَا الْبَطْشُ، وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الْخُطَا، وَالْقَلْبُ يَهْوَى وَيَتَمَنَّى، وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ وَيُكَذِّبُهُ)). فالسِّتر، والصيانة أعظم عَونٍ على العفاف والحَصانة.
فما أجَلَّ فضائلَ الحِجابِ الشَّرعيِّ، وما أحوج المرأة المسلمة إليه، وما أعظم الحرمان والخيبة والخسران لمن تهاونت فيه.!!
[] وأما شروط الحجاب الشرعي التي عليها الأدلة فهي: 1- أن يكون ساتراً لجميع البدن تماماً.
2- أن يكون صفيقاً غير شفَّافٍ.3- أن يكون واسعاً غير ضيِّق. فإذا كان شفَّافاً، أو ضيِّقاً لم يحصل به السِّتر الواجب.
4- أن لا يكون ثوبَ زينةٍ في نفسه.
5- أن لا يكون ثوبَ شُهرةٍ.
6- أن لا يكون مُبَخَّراً.
7- أن لا يكون مُشابهاً للباس الرجال.
8- أن لا يكون مُشابهاً للباس الكافرات.
فاللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا، واحفظنا، ووفقنا لما تحب وترضى، والحمد لله رب العالمين.
وكتبه/ أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد الإرياني
من فَضائلِ الحِجَابِ الشَّرعيِّ
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، أمَّا بعد: فإن فضائلَ الحِجابِ كثيرةٌ، ومزاياه عظيمةٌ وجليلةٌ على الفرد والمجتمع؛ فالحجاب يجعل من المرأة ذات قدرٍ رفيعٍ، وشرفٍ عظيمٍ، وهيبةٍ كبيرةٍ، ومقامٍ حميدٍ، ويجعلها قدوةً حسنةً، وأسوةً طيبةً، وجوهرةً ثمينةً، ولؤلؤةً نفيسةً مكنونةً ومصونةً من أذية السفهاء، وآمانةً من كيد المفسدين، ولذلك فرضه الله جل وعلا وأكرم به أمهات المؤمنين، وبنات النبي الأمين، وذوات الإيمان واليقين، فقال تعالى:}يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً{[الأحزاب:59].
والفضائل في الحجاب، والفوائد والمزايا لا تنحصر في مثل هذا المقام إلا أنَّا في هذه العجالة اليسيرة نُذَكِّر المرأة المسلمة بما أكرمها الله جل وعلا وحباها من نعمة الحجاب الشرعي، مما يدلُّ على ضرورته وأهميته، مُتحدِّثين بنعمة الله جلَّ وعلا، فنقول وبالله التوفيق:
1- الحِجابُ الشَّرعيُّ يوافق الفِطَر السليمة: فقد فَطَر الله عباده على ستر العورة، ولذلك لما أكل أبونا آدم وأمنا حواء عليهما السلام من الشجرة، وبَدَت لهما سوآتهما؛ بادرا إلى سترها، قال الله تعالى:}فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ{[الأعراف:22]. فحِرْصُ النفوسِ الطيبةِ على ستر العورات من آيات الله، ومما أمر به عباده، قال الله تعالى:}يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ{[الأعراف:26]. والتهاون في الحجاب الشرعي، وكشف العورات وعدم صونها ينافي الفِطَر السليمة، بل ومِن سَعْيِّ النفوس الخبيثة، قال الله تعالى:}يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا{[الأعراف:27].
2- الحِجابُ الشَّرعيُّ طاعة لله ولرسوله: قال الله تعالى:}وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{[لنساء:13]. }وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ{[النور:52]. }وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً{[الأحزاب:71]. }وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَن يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَاباً أَلِيماً{[الفتح:17]. والتهاون في الحجاب الشرعي معصية لله ولرسوله، قال الله تعالى: }وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِينا{[الأحزاب:36].
3- والحِجابُ الشَّرعيُّ دليلٌ على كمال الإيمان والتقوى، ومن صفات المؤمنات التَّقيات: قال الله تعالى:}يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ{. والتهاون في الحجاب الشرعي علامةٌ على ضعف الإيمان، وعدم كماله وقوته، بل ومن صفات الجاهلية، قال الله تعالى:}وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى{[الأحزاب:33].
4- الحِجابُ الشَّرعيُّ عنوانُ العِفَّة والحِشْمَة والحياء، والتهاون في الحجاب الشرعي قِصَرٌ في الحياء، وسَبَبٌ للريب، وفي البخاري(6120) عن أبي مَسْعُودٍ البدري قال: قَالَ النَّبِيُّ r: ((إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الأولى إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَافْعَلْ مَا شِئْتَ)).
5- الحِجابُ الشَّرعيُّ طهارةٌ للقلوب:قال الله تعالى:}وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ{[الأحزاب:53]. والتهاون في الحجاب الشرعي حرمانٌ من الطهارة الكاملة، بل ومن أسباب فساد القلوب.
6- الحجاب الشرعي سببٌ عظيمٌ، وحصنٌ متينٌ للمرأة من أذية السفهاء، وقَطعِ طمع مَن في قلبه مرضٌ: قال الله تعالى:}ذلكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ{. ومن هنا نجد أن أعظم أسباب الوقاية للنساء هو فرضُ الحجاب. والتهاون في الحجاب الشرعي سببٌ لحرمان المرأة من ذلك الحصن المتين، وتلك السلامة العظيمة، وقد قال الله تعالى: }فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ{[الأحزاب:32].
فإذا كان السُّفهاء يطمعون في المرأة بِمُجرد السماع لصوتها الخاضع؛ فكيف إذا رأوها متبرجةً غير محتجبة؟!
7- الحِجابُ الشَّرعيُّ تاجٌ على رأس المرأة يدلُّ على حرصها، وإدراكها لما يصلحها، وحَذَرِها مما يؤذيها، ويجرح كرامتها ومشاعرها، ويدلُّ على سلامتها من طُرق الشَّر ووسائل الفساد ودعاةِ التَّبرج، وسلاحٌ يدلُّ على قوة المرأة في واجهة أعداء الإسلام. والتهاون في الحجاب لافتةٌ على رأس المرأة تدلُّ على تفريطها، وعدم إدراكها لما يصلحها، وعلامةٌ على ضعفها في مواجهة دعاة الشر، ووسائل الفساد.
8- الحِجابُ الشَّرعيُّ سببٌ عظيمٌ للنجاة من النار، والفوز بالجنة: ففي صحيح مسلم(2128) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r:((صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا: قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ، مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ؛ لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ، وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا)). وفي مسند أحمد(4/197) عن عمرو بن العاص قال: بينما نحن مع النبي r فقال: ((انظروا هل ترون شيئاً))؟ فقلنا: نرى غِرباناً فيها غرابٌ أَعْصَم أحمر المنقار والرجلين. فقال رسول الله: ((لا يدخل الجنة من النساء إلا مَن كان منهن مثلُ هذا الغراب في الغِربان)). وذلك بسبب المعاصي، ومنها التفريط في الحجاب. (والأعْصَم): أبيض الجناحين، وقيل أبيض الرجلين.(النهاية)
9- الحِجابُ الشَّرعيُّ يدلُّ على حُسْنِ التربية والرعاية والنُّصح من الوالدين، والتهاون في الحجاب الشرعي يدلُّ على التفريط في تربية البنات، والإهمال الخطير، والغَفْلة الشَّديدة، وفي صحيح البخاري(750)، ومسلم(142) عن معقل بن يسار قال: قال النبيr: ((ما مِن عبدٍ استرعاه الله رعية فلم يُحطها بنصيحة إلا لمن يجد رائحة الجنة)).
وفي صحيح البخاري(5200)، ومسلم(1829) عن عبدالله بن عمر قال: قال النبي r: ((كلكم راعٍ، وكلُّ راعٍ مسئولٌ عن رعيته. قال: والرجل راعٍ في أهله، ومسئول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعيةٌ ومسئولة عن رعيتها)). وبناتها من رعيتها.
10- الحِجابُ الشَّرعيُّ يدلُّ على غِيرة الآباء، والأزواج وأولياء الأمور على الأعراض، والتهاون في الحجاب الشرعي يدل على عدم مبالاتهم في الأعراض الغالية، وعند أهل السنن عن سعيد بن زيد قال: قال النبي r: ((من قُتِل دون عرضه فهو شهيدٌ)).
11- الحِجابُ الشَّرعيُّ يسمو بالمرأة إلى القدوة الحسنة الصالحة في مجتمع النساء، والتهاون في الحجاب الشرعي يسبب الحرمان من القدوة الحسنة، بل تصير المتبرجة قدوةً سيِّئةً حتى في بناتها وأخواتها، وتدعو بحالها إلى الشر بقصدٍ أو بغير قصدٍٍ، والله تعالى يقول: }إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ{[النور:19].
12- الحِجابُ الشَّرعيُّ سببٌ لقبول المرأة في المجتمع وتقديره واحترامه لها، وحرصه عليها، ولذلك قال النبي r للخاطب: ((فاظْفَر بذات الدين تَرِبَتْ يداك)).رواه البخاري(5090)، ومسلم(1466) من حديث أبي هريرة . والتهاون في الحجاب الشرعي يَحُط من قَدْرِ المرأة، ويجعلها غير مقبولة، بل مرفوضةً، وممقوتةً.
13- الحِجابُ الشَّرعيُّ من أعظم أسباب سلامة المجتمع من الفتن والفساد، والهلاك: ففي البخاري(5096)، ومسلم(2741) عن أسامة بن زيد قال: قال النبي r: ((ما تركت بعدي فتنة أضَرَّ على الرجال من النساء)). وفي صحيح مسلم(2742) عن أبي سعيد الخدري قال: قال النبي r: ((اتَّقوا الدنيا، واتَّقوا النساء؛ فإن أوَّل فتنة بني إسرائيل كانت في النساء)). والتهاون في الحجاب الشرعي من أعظم أسباب فساد المجتمعات، وطريق الوقوع في الفواحش والمنكرات، وفي البخاري(6612) ، ومسلم(2657) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله r: ((كُتِبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَصِيبُهُ مِنَ الزِّنَا مُدْرِكٌ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ؛ فَالْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ، وَالْأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الِاسْتِمَاعُ، وَاللِّسَانُ زِنَاهُ الْكَلَامُ، وَالْيَدُ زِنَاهَا الْبَطْشُ، وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الْخُطَا، وَالْقَلْبُ يَهْوَى وَيَتَمَنَّى، وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ وَيُكَذِّبُهُ)). فالسِّتر، والصيانة أعظم عَونٍ على العفاف والحَصانة.
فما أجَلَّ فضائلَ الحِجابِ الشَّرعيِّ، وما أحوج المرأة المسلمة إليه، وما أعظم الحرمان والخيبة والخسران لمن تهاونت فيه.!!
[] وأما شروط الحجاب الشرعي التي عليها الأدلة فهي: 1- أن يكون ساتراً لجميع البدن تماماً.
2- أن يكون صفيقاً غير شفَّافٍ.3- أن يكون واسعاً غير ضيِّق. فإذا كان شفَّافاً، أو ضيِّقاً لم يحصل به السِّتر الواجب.
4- أن لا يكون ثوبَ زينةٍ في نفسه.
5- أن لا يكون ثوبَ شُهرةٍ.
6- أن لا يكون مُبَخَّراً.
7- أن لا يكون مُشابهاً للباس الرجال.
8- أن لا يكون مُشابهاً للباس الكافرات.
فاللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا، واحفظنا، ووفقنا لما تحب وترضى، والحمد لله رب العالمين.
وكتبه/ أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد الإرياني
تعليق