If this is your first visit, be sure to
check out the FAQ by clicking the
link above. You may have to register
before you can post: click the register link above to proceed. To start viewing messages,
select the forum that you want to visit from the selection below.
فهذه رسالة يسيرة من الهدي النبوي الشريف أنصح فيها نفسي وإخواني الذين ألقيت على عواتقهم خطب الجمع حتى يقصروا الخطب ويطيلوا الصلاة قدوتهم في ذلك سيد ولد آدم - صلى الله عليه وآله وسلم- وهو الذي أعطي جوامع الكلم . فعلى جميع الخطباء اتباعه دون تأني فخير الهدي هديه ، وكذلك حث غيرهم من الخطباء . فهاكم سنة نبيكم يا خطباء الأمة :
·الحديث الأول :
عن واصل بن حيان قال قال أبو وائل خطبنا عمار رضي الله عنه فأوجز وأبلغ فلما نزل قلنا يا أبا اليقظان لقد أبلغت وأوجزت فلو كنت تنفست فقال إني سمعت رسول الله - صلى عليه وآله وسلم - يقول : ((إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه فأطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة وإن من البيان سحرا))¨
رواه مسلم وابن حبان 7/30 وبوب عليه : باب الأمر بإطالة الصلاة وقصر الخطبة في الأعياد والجمعات.
قوله (مئنة من فقهه) بفتح الميم ثم همزة مكسورة ثم نون مشددة . وقال الإمام البغوي في كتابه شرح السنة 2/578: أي علامة ومعناها مما يستدل به على فقه الرجل .
قال الصنعاني في سبل السلام 2/100-101: أي مما يعرف به فقه الرجل وكل شيء دل على شيء فهو مئنة له .
وقال المناوي في فيض القدير 2/457 : وقيل من فقهه أي علامة يتحقق فيها فقهه وحقيقتها مكان لقول القائل إنه فقيه . وقال الشوكاني في نيل الأوطار : والمئنة العلامة والمظنة .
قوله (إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته):
قال النووي في شرحه لمسلم 6/396 : وليس هذا الحديث مخالفا للأحاديث المشهورة في الأمر بتخفيف الصلاة لقوله في الرواية الأخرى وكانت صلاته قصدا وخطبته قصدا لأن المراد بالحديث الذي نحن فيه أن الصلاة تكون طويلة بالنسبة إلى الخطبة لا على المأمومين وهي حينئذ قصد أي معتدلة والخطبة قصد بالنسبة إلى وضعها .
وقال الإمام البغوي في كتابه شرح السنة 2/578: السنة للإمام أن لا يطيل الخطبة ، قال الشافعي : يكون كلامه قصيرا ، بليغا جامعا ، وأقل ما يقع عليه اسم الخطبة أن يحمد الله ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم ويوصي بتقوى الله .
وقال المناوي في فيض القدير 2/457 : طول صلاته بالنسبة إلى قصر خطبته فليس المراد طولها في نفسها على المقتدين فلا تعارض بينه وبين الأخبار الآمرة بالتخفيف.
قوله (فأطيلوا الصلاة) قال المناوي في فيض القدير 2/457 : أي صلاة الجمعة وأقصروا الخطبة لأن الصلاة أصل مقصود بالذات والخطبة فرع عليها وتوطئة ومقدمة لها ومن القضايا الفقهية إيثار الأصل على الفرع بالزيادة والفضل وإن من البيان لسحرا أي منه ما يصرف قلوب السامعين إلى قبول ما يستمعون ... ثم قال : والمراد بطول صلاة الجمعة أنها أطول من خطبتها وإلا فهي قصيرة كخطبتها .
قال النووي في المجموع 4/400 : ويستحب تقصير الخطبة للحديث المذكور, وحتى لا يملوها, قال أصحابنا: ويكون قصرها معتدلا ولا يبالغ بحيث يمحقها .
وقال الصنعاني في سبل السلام 2/100-101: وإنما كان قصر الخطبة علامة على فقه الرجل لأن الفقيه هو المطلع على حقائق المعاني وجوامع الألفاظ فيتمكن بالعبارة الجزلة المفيدة ، ولذلك كان من تمام هذا الحديث فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة وإن من البيان لسحرا فشبه الكلام العامل في القلوب الجاذب للعقول بالسحر لأجل ما اشتمل عليه من الجزالة وتناسق الدلالة وإفادة المعاني الكثيرة ووقوعه في مجازه من الترغيب والترهيب ونحو ذلك ولا يقدر عليه إلا من فقه في المعاني وتناسق دلالتها فإنه يتمكن من الإتيان بجوامع الكلم وكان ذلك من خصائصه r فإنه أوتي جوامع الكلم والمراد من طول الصلاة طول الذي لا يدخل فاعله تحت النهي وقد كان r يصلي الجمعة بالجمعة والمنافقون وذلك طول بالنسبة إلى خطبته وليس بالتطويل المنهي عنه .
وقال الشوكاني في نيل الأوطار : وإنما كان إقصار الخطبة علامة من فقه الرجل لأن الفقيه هو المطلع على جوامع الألفاظ فيتمكن بذلك باللفظ المختصر على المعاني الكثيرة .
·الحديث الثاني :
عن جابر بن سمرة - رضي الله عنه - قال صليت مع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - (فكانت صلاته قصدا وخطبته قصدا) .
رواه مسلم والبيهقي في سننه باب ما يستحب من القصد في الكلام وترك التطويل ورواه أبو داود وزاد
(لا يطيل الموعظة يوم الجمعة إنما هن كلمات يسيرات)
قال ابن الملقن بإسناد صحيح لا جرم.
قوله (كانت صلاته قصدا وخطبته قصدا) . وقال ابن حجر في تلخيص الحبير 2/64 : القصد الوسط أي لا قصيرة ولا طويلة .
قال المناوي في فيض القدير 2/457 : أي بين الطول الظاهر والتخفيف الماحق وقصد كل شيء تحسينه وقصر الخطبة مندوب وأوجبه الظاهرية قال ابن حزم شاهدت خطيب قرية أطال الخطبة فأخبرني بعض الوجوه أنه بال في ثيابه إذ لم يمكنه الخروج من المقصورة .
وقال الشوكاني : القصد في الشيء هو الاقتصاد فيه وترك التطويل وإنما كانت صلاته - صلى الله عليه وآله وسلم - وخطبته كذلك لئلا يمل الناس.
·الحديث الثالث :
عن عمار - رضي الله عنه - قال (أمرنا رسول الله - صلى عليه وآله وسلم - بإقصار الخطبة)
رواه أبو داود . وعند ابن ابي شيبة في مصنفه بلفظ : (نهى أن نطيل الخطبة).
·الحديث الرابع :
عن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - أن رجلا قام يوما فأكثر القول فقال عمرو فلو قصد في قوله لكان خيرا له سمعت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول : (لقد رأيت أو أمرت أن أتجوز في القول).
رواه أبو داود وحسنه الألباني.
قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم 1/260 : والبلاغة هي التوصل إلى إفهام المعاني المقصودة وإيصالها إلى قلوب السامعين بأحسن صورة من الألفاظ الدالة عليها وأفصحها وأحلاها لدى أسماع وأوقعها في القلوب وكان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يقصر الخطبة ولا يطيلها بل كان يبلغ ويوجز .
وقال ابن حزم في المحلى 5/60 : ولا تجوز إطالة الخطبة.
وقال الشوكاني : وأحاديث الباب فيها مشروعية إقصار الخطبة ولا خلاف في ذلك .
قال ابن القيم في الزاد 1/427 : وكان يقصر الخطبة ويطيل الصلاة ويكثر الذكر ويقصد الكلمات الجوامع وكان يقول إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه وكان يعلم أصحابه في خطبته قواعد الإسلام وشرائعه ويأمرهم وينهاهم في خطبته إذا عرض له أمر أو نهي .
·الحديث الخامس :
عن عبد الله بن أبي أوفى - رضي الله عنه - قال كان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - (يكثر الذكر ويقل اللغو ويطيل الصلاة ويقصر الخطبة ولا يأنف أن يمشي مع الأرملة والمسكين فيقضي له حاجته).
رواه النسائي في سننه 3/108 باب ما يستحب من تقصير الخطبة . حسنه الوادعي في الجامع الصحيح وبوب عليه : إطالة الصلاة وقصر الخطبة .
وقال ابن قدامة في المغني 2/78: ويستحب تقصير الخطبة .
·الحديث السادس :
عن شعيب بن رزيق الطائفي قال كنت جالسا عند رجل يقال له الحكم بن حزن الكلفي - رضي الله عنه - وله صحبة من النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال فأنشأ يحدثنا قال قدمت على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - سابع سبعة أو تاسع تسعة قال فأذن لنا فدخلنا فقلنا يا رسول الله أتيناك تدعو لنا بخير قال: فدعا لنا بخير وأمر بنا فأنزلنا وأمر لنا بشيء من تمر، والشأن إذ ذاك دون قال : فلبثنا عند رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أياما شهدنا فيها الجمعة فقام رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - متوكئا على قوس، أو قال على عصا، (فحمد الله وأثنى عليه كلمات خفيفات طيبات مباركات ثم قال أيها الناس إنكم لن تفعلوا ولن تطيقوا كل ما أمرتم به ولكن سددوا وأبشروا).
رواه أحمد وحسنه العلامة الوادعي في الجامع الصحيح وبوب عليه : إطالة الصلاة وقصر الخطبة .
·الحديث السابع :
وعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أنه قال للحجاج يوم عرفة : (إن كنت تريد السنة فاقصر الخطبة) . رواه البخاري .
عن أنس - رضي الله عنه - قال : خطب رجل عند عمر فأكثر الكلام فقال عمر - رضي الله عنه - : إن كثرة الكلام في الخطب من شقاشق الشيطان . رواه البخاري في الأدب المفرد وقال الشيخ الألباني : صحيح
أسأل الله عز وجل أن ينفع بهذا إخواني الخطباء ، والحمد لله رب العالمين.
تعليق