إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

(المبادئ المفيدة) من مؤلفات الناصح الأمين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • (المبادئ المفيدة) من مؤلفات الناصح الأمين


    للشيخ الناصح الأمين:
    أبو عبد الرحمن يحي بن علي الحجوري
    حفظه الله تعالى








    بسم الله الرحمن الرحيم
    المقدمة

    الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد:
    فيقول الله تعالى في كتابه الكريم: {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}[البقرة: 133].
    وصح من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: كنت خلف النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يوما فقال: ((يا غلام، إني أعلمك كلمات، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف)).
    فهذه الآية والحديث ونظائرهما، أصل في تلقين الأولاد كلمات جامعات في توحيد الله عز وجل، وتعليم عبادته، وحفظ حدوده، والتوكل عليه، ومراقبته، والإيمان بالقدر خيره وشره. فهذه هي التربية الشرعية الصحيحة، التي يرجى لمن نشأ عليها أن يكون من خير عباد الله الصالحين؛ مما حملني ذلك على أن أكتب لأبنائي الصغار ‑أسأل الله أن يصلحهم ويصلح بهم‑ هذه الكلمات الميسرة في مبادئ التوحيد والعقيدة والفقه، مؤيدة بأدلة القرآن والسنة، راجيا من الله عز وجل أن ينفعهم بها، وسائر أبناء المسلمين، وبالله التوفيق.
    كتبه:
    أبوعبدالرحمن يحيى بن علي الحجوري
    في شهر رجب عام خمس وعشرين وأربعمائة وألف
    للهجرة النبوية على صاحبها الصلاة والسلام


    مبادئ في التوحيد


    1) إذا قيل لك: من خلقك؟ فقل: خلقني الله، وخلق جميع المخلوقات, والدليل قول الله تعالى: { )اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}[الزمر: 62].
    2) إذا قيل لك: من ربك؟ فقل: الله ربي ورب كل شيء, والدليل قول الله تعالى: {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ}[الفاتحة: 2].
    3) إذا قيل لك: لماذا خلقك الله؟ فقل: خلقنا لعبادته، والدليل قول الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[الذاريات: 56].
    4) إذا قيل لك: ما دينك؟ فقل: ديني هو دين الإسلام الحق, والدليل قول الله تعالى: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْأِسْلامُ﴾[آل عمران: 19]. وقوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ﴾[التوبة: 33]. وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾[آل عمران: 85][1][1].
    5) فإذا قيل لك: من نبيك؟ فقل: نبيي ونبي هذه الأمة جميعا هو محمد رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، والدليل قول الله تعالى: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾[الأحزاب: 40]، وقوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ [الجمعة:2]، وقوله تعالى: ﴿فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ [الأعراف:185] وانظر (8).
    6) فإذا قيل لك: ما أول واجب على العبد؟ فقل: تعلم توحيد الله عز وجل، والدليل حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: لما بعث النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- معاذ بن جبل إلى اليمن قال له: ((إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب, فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله تعالى)). متفق عليه، وهذا لفظ البخاري.
    7) فإذا قيل لك: ما معنى لا إله إلا الله؟ فقل: معناها: لا معبود بحق إلا الله، والدليل قول الله تعالى: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ﴾[محمد: 19]. وقوله: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ﴾[الحج: 62].
    8) فإذا قيل لك: ما معنى محمد رسول الله؟ فقل: معناها أنه رسول الله إلى الناس كافة، من الجن والإنس، والدليل قول الله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ﴾[سبأ: 28]. ويجب علينا جميعا طاعته وتصديقه واجتناب ما نهى عنه، والدليل قول الله تعالى ﴿ )قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾[النور: 54]. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم)) متفق عليه. وقوله تعالى: ﴿هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ﴾[يس: 52].
    9) فإذا قيل: ما حق الله على عباده؟ فقل: حق الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، والدليل حديث معاذ بن جبل أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، وحق العباد على الله ألا يعذب من لا يشرك به شيئا)). متفق عليه.
    10) فإذا قيل لك: ما هو الشرك؟ فقل: هو عبادة غير الله عز وجل، فكل ما كان عبادة لله عز وجل فصرفه لغير الله شرك، والدليل قول الله تعالى: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً﴾[النساء: 36].
    11) فإذا قيل لك: فما حكم تصوير ذوات الأرواح؟ فقل: تصوير ذوات الأرواح من كبائر الذنوب، والدليل حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((إن أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون)). متفق عليه.
    وفي حديث أبي جحيفة -رضي الله عنه- قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- عن ثمن الكلب، وثمن الدم... ولعن المصور. أخرجه البخاري.
    فإذا قيل لك: فما تعلق تصوير ذوات الأرواح بالشرك؟ فقل: إن التصوير خلق يكون به المصور مضاهيا ومشاركا لله عز وجل في ذلك، والدليل حديث عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله)). متفق عليه.
    وحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: قال الله تعالى ((ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي...)). متفق عليه.
    12) فإذا قيل: ما تعريف العبادة؟ فقل: هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، والدليل قوله تعالى: ﴿إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ﴾[الزمر: 7].
    13) فإذا قيل لك: أين الله؟ فقل: الله في السماء، مستو على عرشه، والدليل قول الله تعالى: ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ﴾[الملك: 16]. وقوله تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾[طه: 5].
    وحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر, يقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له)). متفق عليه.
    والنزول يكون من أعلى.
    14) فإذا قيل لك: هل الله معنا؟ فقل: الله عز وجل معنا بعلمه، والدليل قول الله تعالى: ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ﴾[الحديد: 4]. وقوله: ﴿وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ﴾[الأنعام: 3]. قال ابن كثير: المراد أنه الله الذي يعلم ما في السموات وما في الأرض، من سر وجهر.
    15) فإذا قيل لك: ما تعريف الإسلام؟ فقل: هو الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والخلوص من الشرك. والدليل قول الله تعالى: ﴿فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ﴾[الحج: 34]. وقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾[آل عمران: 102].
    16) فإذا قيل لك: كم أركان الإسلام؟ فقل: خمسة أركان، والدليل حديث عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان)). متفق عليه.
    17) فإذا قيل لك: هل دين الإسلام كامل، أم يحتاج إلى تكميل؟ فقل: هو دين كامل، والدليل قول الله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً﴾[المائدة: 3].
    18) فإذا قيل لك: من أين يأخذ المسلم دينه؟ فقل: يأخذ المسلم دينه من القرآن والسنة على فهم السلف الصالح، والدليل قول الله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ﴾[العنكبوت: 51]. وقوله تعالى: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾[النساء: 59]. وقوله تعالى: ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ﴾[الفاتحة: 7]، وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً﴾[النساء: 115]. وانظر الحديث الذي بعد هذا.
    19) فإذا قيل لك: ما عقيدتك؟ فقل: أنا سني سلفي، والدليل حديث العرباض بن سارية -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة)). أخرجه أبوداود وغيره، وهو حديث حسن.
    20) فإذا قيل لك: من أول الرسل إلى أهل الأرض، ومن آخرهم؟ فقل: أولهم نوح عليه السلام، وآخرهم أفضل الأنبياء نبينا محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، فبعثته أول العلامات الصغرى للساعة، ويجب علينا الإيمان بهم جميعا، والدليل حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال عن أهل المحشر يوم القيامة: ((فيأتون نوحا فيقولون: يا نوح أنت أول الرسل إلى أهل الأرض، وسماك الله عبدا شكورا)). متفق عليه.
    والدليل على أن آخرهم محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قول الله تعالى: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾[الأحزاب: 40]، وحديث ثوبان -رضي الله عنه- أنه -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي)). أخرجه مسلم.
    والدليل على أنه أفضل الأنبياء حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((أنا سيد الناس يوم القيامة)). متفق عليه.
    والدليل أنه يجب علينا الإيمان بهم جميعا، ومن كفر بواحد منهم فقد كفر بهم جميعا؛ قول الله تعالى: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ﴾[البقرة: 285]. وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً * أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً﴾[النساء: 150‑151][2][2].
    والدليل على أنه أول علامات الساعة: حديث سهل ابن سعد -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((بعثت أنا والساعة هكذا)) وأشار بأصبعيه. متفق عليه. وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((بعثت أنا والساعة كهاتين)) وضم السبابة والوسطى. متفق عليه.
    21) فإذا قيل لك: جميع الرسل إلى ماذا يدعون الناس؟ فقل: يدعونهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، والدليل قول الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾[النحل: 36].
    22) فإذا قيل لك: ما تعريف التوحيد الذي جميع الرسل يدعون إليه؟ فقل: هو إفراد الله بالعبادة، والدليل قول الله تعالى: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً﴾[النساء: 36]، وقوله تعالى: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ﴾.
    23) فإذا قيل لك: كم أقسام توحيد الله عز وجل؟ فقل: ثلاثة أقسام:
    1‑ توحيد الربوبية.
    2‑ توحيد الألوهية.
    3‑ توحيد الأسماء والصفات.
    والدليل قول الله تعالى: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، وقوله تعالى: ﴿رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً﴾[مريم: 65]، فهاتان الآيتان فيها أنواع التوحيد الثلاثة.
    24) فإذا قيل لك: ما أعظم حسنة[3][3]، وما أعظم سيئة؟ فقل: أعظم حسنة هو توحيد الله عز وجل، وأعظم سيئة هو الشرك بالله عز وجل، والدليل قول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾[النساء: 48]. وقوله تعالى: ﴿فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ * وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ * فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾[الشعراء: 100‑102].
    عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي)). أخرجه أحمد، وهو حديث صحيح.
    وهذا يدل على أن أسعد الناس بشفاعة النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- هم أهل الكبائر من المسلمين، ولا شفاعة لمشرك.
    وعن جابر بن عبدالله -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة، ومن مات يشرك بالله شيئا دخل النار)). أخرجه مسلم.
    25) فإذا قيل لك: كم مراتب الدين؟ فقل: مراتب الدين ثلاثة: الإسلام، والإيمان، والإحسان، والدليل حديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في صحيح مسلم رقم(8)، وفيه أن جبريل عليه السلام سأل رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- عن الإسلام، ثم عن الإيمان، ثم عن الإحسان.
    26) فإذا قيل لك: ما هو الإيمان؟ فقل: هو نطق باللسان، واعتقاد بالقلب، وعمل بالجوارح، وهو يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية.
    والدليل على أنه نطق باللسان، وعمل بالجوارح حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة، فأفضلها: قول: لا إله إلا الله، وأدناها: إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان)). متفق عليه.
    والدليل أنه اعتقاد بالقلب حديث عمر الذي تقدم في أركان الإيمان، وقول الله تعالى: ﴿وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾[المائدة: 23].
    وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((آية الإيمان حب الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار)). متفق عليه
    والدليل على أنه يزيد بالطاعة... قول الله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾[الأنفال: 2]. وقوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ﴾[الفتح: 4]. وقوله: ﴿وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً﴾[المدثر: 31].
    والدليل على أنه ينقص بالمعصية أدلة زيادته، فإنه قبل أن يزيد كان ناقصا.
    قال الإمام البخاري في (كتاب الإيمان) من «صحيحه» باب (33): فإذا ترك شيئا من الكمال فهو ناقص.
    وحديث شعب الإيمان الذي ذكرناه قريبا، وحديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان)). أخرجه مسلم. وفيه أن إنكار المنكر من الإيمان.
    27) فإذا قيل: كم أركان الإيمان؟ فقل: ستة أركان، والدليل حديث عمر بن الخطاب في «صحيح مسلم» أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- سأله جبريل عليه السلام عن الإيمان فقال: ((أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره))، قال: صدقت. وهو متفق عليه من حديث أبي هريرة.
    28) فإذا قيل لك: ما تعريف الإحسان بين العبد وربه؟ فقل: هو ((أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك))، كما جاء في حديث عمر بن الخطاب في «مسلم» رقم (8).
    29) فإذا قيل لك: ما حكم سب الله، وسب رسوله، وسب دينه، أو الاستهزاء بذلك؟ فقل: هذا كفر أكبر، من تعمده خرج من ملة الإسلام، والدليل قول الله تعالى: ﴿) قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * )لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾[التوبة: 65‑66][4][4].
    30) فإذا قيل لك: ما جزاء المؤمنين، وما جزاء الكافرين يوم القيامة؟ فقل: جزاء المؤمنين الجنة في أعلى عليين، والدليل قول الله تعالى: ﴿جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ﴾[البينة: 7‑8].
    وجزاء الكافرين النار في أسفل سافلين، والدليل قول الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ﴾[فاطر: 36].
    والدليل أن الجنة في أعلى عليين قول الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى *عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى *عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى﴾[النجم: 13‑15].
    والدليل أن النار في أسفل سافلين حديث البراء أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال فيما يروي عن ربه عزوجل: ((اكتبوا كتاب عبدي في سجين، في الأرض السفلى)). هو حديث حسن.
    ولا نشهد بالجنة أو النار إلا لمن شهد له الدليل؛ لقول الله تعالى: ﴿وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾[الإسراء: 36].
    31) فإذا قيل لك: كم عدد الدور؟ فقل: ثلاثة:
    1‑ دار الدنيا الفانية، والدليل قول الله تعالى: ﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾[آل عمران: 185].
    2‑ دار البرزخ، والدليل قول الله تعالى: ﴿وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾[المؤمنون: 100].
    3‑ دار القرار، والدليل قول الله تعالى مخبرا عن مؤمن آل فرعون: ﴿يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ﴾[غافر: 39].
    32) فإذا قيل لك: ما أول منازل الآخرة؟ فقل: أول منازل الآخرة القبر، والدليل حديث عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((إن القبر أول منازل الآخرة، فإن نجا منه فما بعده أيسر منه، وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه)). أخرجه الترمذي، وابن ماجه، وأحمد، وهو حديث حسن.
    33) فإذا قيل لك: ماذا تعتقد في عذاب القبر ونعيمه؟ فقل: أعتقد أنه حق لمن كان له أهلا، والدليل حديث عائشة -رضي الله عنها- أنها سألت رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- عن عذاب القبر فقال: ((عذاب القبر حق)). متفق عليه، وهذا لفظ البخاري.
    وعنها أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كان يتعوذ من فتنة القبر وعذاب القبر، ومن فتنة المسيح الدجال. متفق عليه. وفيه إثبات عذاب القبر، وفتنة القبر، وفتنة الدجال الأكبر.
    ومن الأدلة على نعيمه حديث البراء، وفيه: ((وأما المؤمن فيقال: ألبسوه من الجنة، وافتحوا له بابا إلى الجنة فيأتيه من طيبها وروحها...)).
    34) فإذا قيل لك: ماذا تعتقد في البعث والحساب وأخذ الكتاب؟ فقل: أعتقد أنه حق، والدليل قول الله تعالى: ﴿زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾[التغابن: 7]. وقوله تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً * وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً * وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً * وَيَصْلَى سَعِيراً﴾[الانشقاق: 6‑12].
    35) فإذا قيل لك: هل المؤمنون يرون ربهم يوم القيامة؟ فقل: نعم يرونه في عرصات القيامة وفي الجنة، والدليل قول الله تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾[القيامة: 22‑23].
    وفي الصحيحين من حديث جرير بن عبدالله -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((إنكم سترون ربكم يوم القيامة)).
    وأخرج مسلم من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن صهيب -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((يقول الله تبارك وتعالى: تريدون شيئا أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجينا من النار؟ قال: فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل))[5][5].
    والكفار لا يرون الله عز وجل يوم القيامة والدليل قول الله تعالى: ﴿َلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾[المطففين: 15].
    36) فإذا قيل لك: ماذا تعتقد في القرآن الكريم الذي في المصحف؟ فقل: أعتقد أنه كلام الله عز وجل، ليس بمخلوق، والدليل قول الله تعالى: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ﴾[التوبة: 6].
    37) فإذا قيل لك: هل القرآن عربي أم أعجمي؟ فقل: هو عربي، والدليل قول الله تعالى: ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾[الزخرف:3]. وقوله تعالى: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾[الشعراء:193-195].
    38) فإذا قيل لك: هل لله أسماء وصفات؟ فقل: نعم له أسماء وصفات تليق بجلاله، والدليل قول الله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾[الأعراف: 180]. وقوله: ﴿وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾[النحل: 60]. وأسماء الله عز وجل غير محصورة بعدد معلوم لنا؛ لقول النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((لا أحصي ثناء عليك...)) أخرجه مسلم من حديث عائشة -رضي الله عنها-.
    39) فإذا قيل لك: هل أحد غير الله يعلم الغيب؟ فقل: لا أحد يعلم الغيب إلا الله، والدليل قول الله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ﴾[آل عمران: 179]. وقوله تعالى: ﴿فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ﴾[يونس: 20] وقوله تعالى: ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ﴾[الأنعام: 59].
    40) فإذا قيل لك: متى تقوم الساعة؟ فقل: أمر الساعة من أمور الغيب التي لا يعلمها إلا الله، والدليل قول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾[لقمان: 34]. وقوله: ﴿إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾[فصلت: 47]. وقول النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((لا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله)). أخرجه البخاري من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-.
    41) فإذا قيل لك: كم شروط قبول العمل؟ فقل: ثلاثة:
    1‑ الإسلام، فالكافر لا يقبل الله عمله، والدليل قول الله تعالى: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً﴾[الفرقان: 23].
    2‑ الإخلاص، والدليل: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾[البينة: 5]. وفي حديث أبي هريرة القدسي أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((قال الله تبارك وتعالى أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه)). رواه مسلم.
    3‑ المتابعة لرسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، والدليل حديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)) أخرجه مسلم.
    42) فإذا قيل لك: كم أنواع التوسل المشروع؟ فقل: ثلاثة أنواع:
    1‑ التوسل بأسماء الله وصفاته، والدليل قول الله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾[الأعراف: 180]. وقوله تعالى: ﴿وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ﴾[النمل:19].
    2‑ توسل العبد إلى الله تعالى بعمله الصالح، والدليل قول الله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾[آل عمران: 16]. وقوله: ﴿رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ﴾[آل عمران: 53].
    ومن السنة حديث الثلاثة الذين انطبقت عليهم صخرة، فسدت عليهم الغار، فتوسل كل واحد منهم بخالص عمله. متفق عليه.
    3‑ التوسل بدعاء الرجل الصالح، والدليل حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال بينما رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يخطب إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله قحط المطر، فادع الله أن يسقينا، فدعا فمطرنا[6][6].
    43) فإذا قيل لك: هل في الدين بدعة حسنة؟ فقل: كل بدعة ضلالة، والدليل حديث العرباض المذكور برقم (‏0، وفيه: ((كل بدعة ضلالة)). وحديث جابر ابن عبدالله -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كان إذا خطب... يقول: ((أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة)). أخرجه مسلم.
    44) فإذا قيل لك: من شر البرية الذين يجب علينا بغضهم؟ فقل: هم اليهود، والنصارى، والمشركون، والدليل قول الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ﴾[البينة: 6]. وقوله تعالى: ﴿لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾[المجادلة: 22].
    45) فإذا قيل لك: ما هي الديمقراطية؟ فقل: هي حكم الشعب نفسه بنفسه، بغير كتاب ولا سنة.
    46) فإذا قيل لك: ما حكمها؟ فقل: هي شرك أكبر، والدليل قول الله تعالى: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ﴾[يوسف: 40]. وقوله: ﴿وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً﴾[الكهف: 26].
    47) فإذا قيل لك: ما حقيقة الانتخابات؟ فقل: هي من النظام الديمقراطي المنابذ لشرع الله الحق، وهي تشبه بالكفار، والتشبه بهم لا يجوز, وفيها ضرر كثير, وليس فيها أي نفع ولا أي فائدة على المسلمين, ومن أهم أضرارها: مساواة الحق بالباطل والمحق بالمبطل حسب الأكثرية, وتضييع الولاء والبراء, وتمزيق شمل المسلمين, وإلقاء العداوة والبغضاء والتحزب والتعصب بينهم, والغش، والخداع، والاحتيال، والزور، وضياع الأوقات والأموال, وإهدار حشمة النساء, وزعزعة الثقة في علوم الشريعة الإسلامية وأهلها.
    48) فإذا قيل: ما حكم الحزبية؟ فقل: الحزبية حرام، إلا حزب الله. والدليل قول الله تعالى: ﴿وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾[الروم: 31-32]. وقوله تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا﴾[آل عمران: 103]. وقوله تعالى: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾[الأنبياء: 92]. وقوله: ﴿أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾[المجادلة: 22].
    عن عبدالله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا ملة (أي فرقة) واحدة)). قالوا: ومن هي يا رسول الله؟ قال: ((ما أنا عليه وأصحابي)). أخرجه الترمذي (5/26). وله شاهد من حديث معاوية -رضي الله عنه-، أخرجه أبوداود رقم (4597)، وأحمد (4/102)، وله شواهد أخرى، فالحديث حسن.
    وقوله: كلها في النار، فيه بيان حال أهل الأهواء وجرحهم.
    49) فإذا قيل لك: من أضل الفرق التي تدعي الإسلام؟ فقل: هم الباطنية، والرافضة، والجهمية، وغلاة الصوفية.


    مبادئ الفقه


    50) كل عبادة لابد لها من نية، والنية محلها القلب، والدليل حديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((إنما الأعمال بالنية)) متفق عليه.
    51) التلفظ بالنية بدعة، والدليل حديث عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)). متفق عليه.
    52) فإذا قيل لك:ما هي البدعة؟ فقل: هي ما أحدث بعد موت النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بقصد التعبد، وليس عليها دليل من الكتاب، ولا من السنة.
    53) خلق الله الماء طهورا يطهر النجاسات والأحداث، والدليل قول الله تعالى ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً﴾[الفرقان: 48]، وقوله تعالى ﴿وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ﴾[الأنفال: 11].
    54) ماذا يقول من أراد دخول الخلاء؟
    عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: كان النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- إذا دخل الخلاء قال: ((اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث)). متفق عليه.
    55) من آداب قضاء الحاجة:
    عن سلمان الفارسي -رضي الله عنه-، أنه قيل له: علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة، قال: أجل، لقد نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول، أو أن نستنجي باليمين، أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار. أخرجه مسلم.
    56) لا تصح الصلاة إلا بوضوء، والدليل حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((لا تقبل صلاة من أحدث حتى يتوضأ)). متفق عليه، وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((لا تقبل صلاة بغير طهور)). أخرجه مسلم.
    57) أعضاء الوضوء: الوجه؛ بما فيه المضمضة والاستنشاق، واليدان تغسلان إلى المرفقين، والرأس يمسح مسحا، والرجلان تغسلان إلى الكعبين.
    والدليل قول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾[المائدة:6]، ولحديث عبدالله بن عمرو -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((ويل للأعقاب من النار)) متفق عليه.
    58) التيمن في الوضوء، وإطالة الغرة، والتحجيل، والدليل حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- غسل يده اليمنى حتى شرع في العضد، وغسل اليسرى حتى شرع في العضد، ثم مسح برأسه، ثم غسل رجله اليمنى حتى شرع في الساق، ثم غسل رجله اليسرى حتى شرع في الساق، وقال: ((أنتم الغر المحجلون يوم القيامة من إسباغ الوضوء)). أخرجه مسلم، وصح في «سنن أبي داود» من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((إذا لبستم، وإذا توضأتم، فابدءوا بأيامنكم)).

    59) أحسن صفة لوضوء رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: أنه غسل كفيه ثلاثا، ثم مضمض واستنشق، واستنثر (يجمع بين المضمضة والاستنشاق من غرفة واحدة ‑فعل ذلك ثلاثا‑) ثم غسل وجهه ثلاثا، وغسل يديه إلى المرفقين ثلاثا حتى شرع في العضد، ثم مسح رأسه بماء غير فضل يده ‑مرة واحدة، بدأ من قبل رأسه فأدبر بهما إلى قفاه، ثم أعادهما إلى حيث بدأ‑ ثم غسل رجليه ثلاثا إلى الكعبين حتى شرع في الساق. ثبت ذلك من حديث عثمان -رضي الله عنه-. متفق عليه، وفيه زوائد من أحاديث أخرى صحيحة.
    ويستحب استعمال السواك قبل الصلاة، والدليل حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة)). متفق عليه.
    60) من لبس الخفين، أو الجوربين على وضوء، يشرع له أن يمسح عليهما, إن كان مقيما يمسح عليهما يوما وليلة، وإن كان على سفر يمسح عليهما ثلاثة أيام بلياليهن، والدليل حديث أبي بكرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- رخص للمسافر إذا توضأ، ولبس خفيه، ثم أحدث وضوءا أن يمسح ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوما وليلة. أخرجه ابن ماجه، وهو حديث حسن، وله شواهد يصح بها.
    والمسح على ظاهر الخفين، والدليل حديث علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: وقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يمسح على ظاهر خفيه. أخرجه أبوداود، وهو صحيح.
    61) إذا حضرت الصلاة ولم تجد الماء فتيمم، والدليل قوله تعالى: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ﴾[المائدة:6]، والصعيد هو تراب الأرض، والدليل حديث حذيفة أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((وجعلت لنا الأرض كلها مسجدا، وجعلت تربتها لنا طهورا إذا لم نجد الماء)). رواه مسلم.
    62) فإذا فرغت من وضوءك تقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، والدليل حديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((ما منكم من أحد يتوضأ، فيسبغ الوضوء، ثم يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء)). رواه مسلم.
    63) نواقض الوضوء:
    1‑ الخارج من القبل والدبر، والدليل حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: ((لا تقبل صلاة من أحدث حتى يتوضأ)).
    2و3‑ النوم المستغرق والجنابة، والدليل حديث صفوان بن عسال -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يأمرنا إذا كنا سفرا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم. أخرجه الترمذي، وهو حديث حسن.
    ونوم الأنبياء ليس بناقض لوضوئهم، لحديث أنس ابن مالك -رضي الله عنه- أخرجه البخاري في الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((الأنبياء تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم)) وهذه خصيصة لهم عليهم الصلاة والسلام.
    4‑ مس الذكر، والدليل حديث بسرة بنت صفوان -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((من مس ذكره فلا يصل حتى يتوضأ)). أخرجه الترمذي، وهو حديث حسن، وصحيح بشواهده عند أحمد وغيره من حديث عبدالله بن عمرو -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((أيما رجل مس ذكره فليتوضأ، وأيما امرأة مست فرجها فلتتوضأ)).
    5‑ أكل لحم الإبل، والدليل حديث جابر بن سمرة -رضي الله عنه- أن رجلا سأل رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فقال: أنتوضأ من لحوم الإبل قال: ((نعم)). أخرجه مسلم.
    6‑ الردة، وهي ناقضة للوضوء وللإسلام، والدليل قول الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ﴾[المائدة:5].
    7‑ زوال العقل بجنون أو إغماء أو سكر وما أشبهها من الأدوية المزيلة للعقل، أجمع العلماء أن الوضوء ينتقض بذلك.
    64) على المسلم في كل يوم وليلة خمس صلوات مفروضة، والدليل حديث طلحة بن عبيدالله -رضي الله عنه- أن أعرابيا سأل رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- عن الإسلام، فقال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((خمس صلوات في اليوم والليلة)). متفق عليه. فإذا قيل: كم في الخمس الصلوات ركعة؟ فقل: فيها سبع عشرة ركعة، الظهر أربع ركعات، والعصر أربع ركعات، والمغرب ثلاث ركعات، والعشاء أربع ركعات، والصبح ركعتان، وفي السفر تقصر الظهر، والعصر، والعشاء إلى ركعتين، فتصير إحدى عشرة ركعة.
    65) كل صلاة يؤذن لها في وقتها، والدليل حديث مالك بن الحويرث -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم)). متفق عليه.
    66) من سمع النداء يقول مثل ما قال المؤذن، والدليل حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((إذا سمعتم النداء، فقولوا مثل ما يقول المؤذن)). متفق عليه.
    67) إذا قمت إلى الصلاة، فاستقبل القبلة، والدليل قول الله تعالى: ﴿فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾[البقرة:144].
    68) رفع اليدين في الصلاة في أربعة مواضع، والدليل حديث عبدالله بن عمر -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كان إذا دخل في الصلاة كبر ورفع يديه حذو منكبيه، وإذا ركع رفع يديه، وإذا قال: سمع الله لمن حمده رفع يديه (وإذا قام من الركعتين رفع يديه)، وكان ابن عمر يفعل ذلك. متفق عليه. والرفع إذا قام من الركعتين انفرد به البخاري.
    69) أصح دعاء في الاستفتاح بعد تكبيرة الإحرام ما جاء في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- إذا كبر في الصلاة سكت هنيهة قبل القراءة، فسئل عما يقول، فقال: ((أقول اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد)). متفق عليه.
    70) قبل قراءة الفاتحة استعذ بالله من الشيطان الرجيم، وسم الله سرا، والدليل ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾[النحل:98]، وعن أنس ابن مالك -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وأبا بكر، وعمر -رضي الله عنهم- كانوا يفتتحون الصلاة بـ(الحمد لله رب العالمين). متفق عليه، وفي لفظ: فكانوا لا يجهرون بـ(بسم الله الرحمن الرحيم).
    أخرجه أحمد (3/179)، والنسائي (2/135) بسند صحيح.
    71) بعد الاستعاذة والبسملة اقرإ الفاتحة، والدليل حديث عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)). متفق عليه.
    72) الصلاة باطمئنان، والدليل حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال للمسيء صلاته: ((إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعتدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها)). متفق عليه.
    73) النزول إلى السجود على اليدين، والدليل حديث البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- إذا قال سمع الله لمن حمده، لم يحن أحد منا ظهره حتى يقع النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ساجدا، ثم نقع سجودا بعده. متفق عليه، وانحناء الظهر يكون في النزول على اليدين.
    74) أذكار الركوع، والسجود: عن حذيفة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كان يقول في ركوعه: ((سبحان ربي العظيم))، وفي سجوده ((سبحان ربي الأعلى)). أخرجه مسلم رقم (772)، وأدنى التسبيح في الركوع والسجود ثلاث تسبيحات، ثبت ذلك عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بمجموع طرقه. وليكثر في ركوعه من الذكر، ويكثر في سجوده بعد التسبيح المذكور من الدعاء، والدليل حديث ابن عباس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((فأما الركوع فعظموا فيه الرب عز وجل، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم)). أخرجه مسلم.

    75) التشهد في الصلاة: وأصح صيغ التشهد حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((فإذا جلس أحدكم في الصلاة فليقل: التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله)). متفق عليه.
    76) صفة الجلوس في الصلاة والإشارة في التشهد: كما في حديث عبدالله بن الزبير -رضي الله عنهما- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- إذا قعد في الصلاة وضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، ويده اليسرى على فخذه اليسرى، وأشار بأصبعه السبابة. أخرجه مسلم.
    77) الصلاة على النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بعد التشهد: والدليل حديث فضالة بن عبيد -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد ربه سبحانه وتعالى، والثناء عليه، ثم يصلي على النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، ثم يدعوا بعد بما شاء)). رواه أبوداود، وهو حديث صحيح.
    ومن أحسن صيغ الصلاة على النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ما جاء في حديث أبي مسعود البدري -رضي الله عنه- أن بشير بن سعد قال للنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: أمرنا الله أن نصلي عليك يارسول الله، فكيف نصلي عليك؟ قال: ((قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد)). رواه مسلم.
    78) الدعاء قبل التسليم،عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((إذا فرغ أحدكم من التشهد الآخر فليتعوذ بالله من أربع: من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر المسيح الدجال)). رواه مسلم رقم (588).
    79) من أذكار النوم والاستيقاظ: عن حذيفة -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- إذا أراد أن ينام قال: ((باسمك اللهم أموت وأحيا)) وإذا استيقظ من منامه قال: ((الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور)). رواه البخاري.
    80) التسمية على الطعام، والدليل حديث عمر بن أبي سلمة أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال له: ((يا غلام سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك)) فما زالت تلك طعمتي بعد. متفق عليه.
    81) أذى الجيران وغيرهم من المسلمين حرام، والدليل حديث ابن عمرو -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده)). متفق عليه.
    إذا أردت أن تدخل بيتا فاستأذن وسلم قبل دخولك، والدليل قول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا﴾[النور:27].
    وعن رجل من أصحاب النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال لخادمه: ((اخرج إلى هذا وعلمه الاستئذان، فقل له: قل: السلام عليكم، أأدخل)).
    وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((... أفشوا السلام بينكم)). أخرجه مسلم.
    82) عليك بالصدق فإنه يهدي إلى الجنة، والدليل حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار)). متفق عليه.
    83) عليك ببر الوالدين، فقد أمر الله عز وجل بذلك، فقال: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً﴾[الإسراء:23].
    84) احذر التشبه بالكافرين، فإن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((من تشبه بقوم فهو منهم)). أخرجه أحمد وغيره من حديث ابن عمر، والحديث حسن.
    85) عليك بكثرة ذكر الله عزوجل، على ما ثبتت به الأدلة فإن ذلك من أسباب الفلاح في الدنيا والآخرة، قال تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الجمعة:10]، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم))[7][7]متفق عليه.
    كفارة المجلس: عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كان إذا جلس مجلسا، أو صلى تكلم بكلمات، فسألته عائشة عن الكلمات، فقال: ((إن تكلم بخير كان طابعا عليهن إلى يوم القيامة، وإن تكلم بغير ذلك كان كفارة: سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت، أستغفر الله وأتوب إليه)). أخرجه أحمد، وهو حديث صحيح.


    [1][1]الإسلام هو الصراط المستقيم، والدليل حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: (... والصراط الإسلام...). أخرجه أحمد (4/182)، وهو حديث صحيح فمن ثبت عليه ثبت إن شاء الله على الصراط الجسر الممدود على جهنم، والدليل قول الله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً}[مريم:71]، وحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: (... وترسل الأمانة والرحم فيقومان جنبتي الصراط يمينا وشمالا، فيمر أولكم كالبرق، ثم كالريح، ثم كالطير وشد الرجال، تجري بهم أعمالهم... حتى تعجز أعمال العباد... وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة بأخذ من أمرت به، فمخدوش ناج، ومكردس في النار). أخرجه مسلم.
    وأخرج البخاري من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: (يؤتى بالجسر، فيجعل بين ظهري جهنم). قلنا: يارسول الله وما الجسر؟ قال: (مدحضة مزلة، عليه خطاطيف وكلاليب... فناج مسلم، وناج مخدوش، ومكدوس في نار جهنم).

    [2][2] وفي آخر الآية وقول الله تعالى: {وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ}[آل عمران:131]. وقوله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}[آل عمران:133] دليل على أن الجنة النار موجودتان الآن.

    [3][3]تسمية التوحيد حسنة جاء من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه مرفوعا عند الترمذي وابن ماجه وهو حديث صحيح.
    وتسمية الشرك سيئة في قول الله تعالى {بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}، قال مجاهد وأبووائل وغيرهما ‑كما في تفسير ابن جرير عند الآية‑: السيئة المذكورة في هذه الآية هي الشرك. وفي هذا بيان لجهل ضلال الخوارج في الاستدلال بمثل هذه الآية على تكفير عصاة المسلمين.

    [4][4] ولا فرق في الحكم بين من سب نبينا محمد صلى الله عليه و سلم أو سب غيره من الأنبياء والمرسلين، سواء كان الرسول من بني آدم أو من الملائكة، أو عاداهم، أو عادى أحدا منهم، والدليل قول الله تعالى: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ}[الحج:75]. وقوله تعالى: {لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ}[البقرة:285]. وقوله تعالى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ ‑إلى قوله‑ وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ}[البقرة:136]. وقوله تعالى: {مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ}[البقرة:98].

    [5][5] والحديث صحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم لا أرى الانتقاد يتم فيه، فقد نقل الإمام مسلم في «التمييز» الإجماع على أن حماد بن سلمة أثبت الناس في ثابت. وقال ابن معين: من خالف حماد بن سلمة في ثابت، فالقول قول حماد.

    [6][6] فهذا الحديث فيه أنهم توسلوا إلى الله عز وجل بدعاء أفضل الخلق، ولم يجلسوا في بيوتهم ويقولون: نسألك بجاه نبيك، أو بحق نبيك، ولو كان ذلك مشروعا لفعلوه، ولكن لم يفعل هذا منهم أحد في حياته، ولا بعد موته صلى الله عليه و سلم، فقد استسقى عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد موت النبي صلى الله عليه و سلم، وطلب من العباس أن يدعو الله لهم؛ لأنه شيخ كبير صالح، كما هو مبين في «فتح الباري» (3/150) أن العباس دعا الله عز وجل، ولو توسلوا بجاهه لتوسلوا بجاه النبي صلى الله عليه و سلم وهو حي، فهو أعظم، ولم يفعلوا.
    واستسقى معاوية رضي الله عنه ثم قال: اللهم إنا نستشفع إليك اليوم بخيرنا وأفضلنا، اللهم إنا نستشفع إليك اليوم بيزيد بن الأسود الجرشي. يايزيد ارفع يديك إلى الله، فرفع يديه ورفع الناس أيديهم فسقاهم الله، حتى كاد الناس أن لا يبلغوا منازلهم. رواه ابن عساكر (65/112، 113) بإسناد صحيح. وانظر «التوسل» للعلامة الألباني v (ص45).

    [7][7] وفي هذا الحديث إثبات الميزان وأنه يثقل بالحسنات، وإثبات صفة المحبة لله عزوجل على ما يليق بجلاله.
يعمل...
X