إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تنبيه الأمة على خطورة مخالفة السنة لفضيلة الشيخ يحيى بن علي الحجوري حفظه الله

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تنبيه الأمة على خطورة مخالفة السنة لفضيلة الشيخ يحيى بن علي الحجوري حفظه الله

    تنبيه الأمة على خطورة مخالفة السنة

    لفضيلة الشيخ:
    أبي عبد الرحمن يحيى بن علي الحجوري حفظه الله




    أعدها و فرغها ووثق نصوصها
    أبو أمة الله علاءالدين بن أحمد معزوزي الجزائري


    - قرأها و أذن بنشرها فضيلة الشيخ حفظه الله -


    الحمد لله، نحمده و نستعينه و نستغفره، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أشهد أنَّ محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه و على آله وسلم تسليما كثيرا .
    قال الله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [ آل عمران : 102] ( ) .
    قال الله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [ النساء : 1 ] .
    قال الله تعالى : ﴿ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [ الأحزاب :70 - 71 ] .
    أما بعد :
    فيقول الله سبحانه و تعالى في كتابه الكريم مبينا أنه أنزل كُتبَه لهداية العباد، قال الله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ * قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [ يونس : 57 - 78 ] ، فسمى الله سبحانه وتعالى كتابه هدى، و سماه رحمة للمؤمنين، و قال الله عز وجل في كتابه الكريم : ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ﴾ [ الإسراء : 9 ] ، فأخبر الله عز و جل أنَّ كتابه يهدي إلى أقوم الأعمال، و إلى أقوم الأخلاق، و إلى أقوم العقائد، و إلى أقوى طريق، و كتاب الله عز وجل هو الصراط المستقيم القرآن ( ) و السنة ( ) هما الإسلام ، و الإسلام هو الصراط المستقيم، قال الله في كتابه : ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [ الأنعام : 153] ( ) ، فوَّصانا الله عز وجل أن نتبع هذا الصراط المستقيم، و أنَّ من لم يتبع هذا الصراط المستقيم تشعبت به الطرق، و تفرقت به الأهواء .
    أنزل الله عز وجل كُتباً للهداية كما أبان الله عز وجل ذلك في كتابه ، قال الله : ﴿ هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [ آل عمران : 138 ] ، فمن أراد أن يسلك سبيل الهدى فليكن سالكاً ما جاء به رسول الله ﷺ من القرآن و السنة، فإن الله أرسله بهذا الهدى القرآن أو السنة، قال الله : ﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ﴾ [ الفتح : 28 ] ، لا يمكن ظهور دين على هذا الدين، و لا ظهور نبي على هذا النبي ﷺ، و ما ذلك إلى أنه مرسلٌ بالهدى( ) و دين الحق، و من أراد الظهور على من خالف الهدى و دين الحق فليستمسك بما جاء به الرسول ﷺ، يؤيد ذلك قول الله عز وجل في كتابه الكريم : ﴿ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾ [ النساء : 115 ] ، فليس لماً خالف ما جاء به الرسول ﷺ ، ليس من شاق رسول الله ﷺ ، فكان رسول الله ﷺ في شق و هو في شق آخر إلا الوقوع في الضلال، و أنَّ الله عز وجل يَكِّله إلى نفسه الأمارة بالسوء ، و عاقبته يوم القيامة ما ذكره الله عز وجل في هذه الآية : ﴿ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾ [ النساء : 115 ] ، قال الله : ﴿ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ ﴾ [ يونس : 32 ] ،


    تفضل بإنزاله من المرفقات
    الملفات المرفقة
    التعديل الأخير تم بواسطة خالد بن محمد الغرباني; الساعة 28-04-2008, 01:44 PM.

  • #2
    جزاك الله خيرا يا علاء وحفظ الله دماج وشيخها الناصح الأمين يحي الحجوري من كل سوء ومكروه

    تعليق


    • #3
      كلمات مضيئة
      جزاك الله خيرا يا علاء على مجهودك
      وحفظ الله الشيخ يحيى وبارك فيه ونفع به

      تعليق


      • #4
        بارك الله فيك أخانا علاء

        تعليق


        • #5
          بارك الله فيك ياأخانا علاء

          وحفظ الله الشيخ العلامة ابي عبد الرحمن

          تعليق


          • #6
            المحاضرة كاملة

            تنبيه الأمة على خطورة مخالفة السنة<?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" /><o:p></o:p>


            لفضيلة الشيخ:<o:p></o:p>


            أبي عبد الرحمن يحيى بن علي الحجوري حفظه الله<o:p></o:p>


            <o:p></o:p>


            <o:p></o:p>


            أعدها و فرغها ووثق نصوصها<o:p></o:p>


            أبو أمة الله علاءالدين بن أحمد معزوزي الجزائري<o:p></o:p>

            <o:p></o:p>
            <SUB><?xml:namespace prefix = v ns = "urn:schemas-microsoft-com:vml" /><v:shapetype id=_x0000_t75 stroked="f" filled="f" path="m@4@5l@4@11@9@11@9@5xe" o:preferrelative="t" o:spt="75" coordsize="21600,21600"><v:stroke joinstyle="miter"></v:stroke><v:formulas><v:f eqn="if lineDrawn pixelLineWidth 0"></v:f><v:f eqn="sum @0 1 0"></v:f><v:f eqn="sum 0 0 @1"></v:f><v:f eqn="prod @2 1 2"></v:f><v:f eqn="prod @3 21600 pixelWidth"></v:f><v:f eqn="prod @3 21600 pixelHeight"></v:f><v:f eqn="sum @0 0 1"></v:f><v:f eqn="prod @6 1 2"></v:f><v:f eqn="prod @7 21600 pixelWidth"></v:f><v:f eqn="sum @8 21600 0"></v:f><v:f eqn="prod @7 21600 pixelHeight"></v:f><v:f eqn="sum @10 21600 0"></v:f></v:formulas><v:path o:connecttype="rect" gradientshapeok="t" o:extrusionok="f"></v:path><o:lock aspectratio="t" v:ext="edit"></o:lock></v:shapetype><v:shape id=_x0000_i1025 style="WIDTH: 99pt; HEIGHT: 57pt" type="#_x0000_t75"><v:imagedata o:title="" src="file:///C:\DOCUME~1\خالد\LOCALS~1\Temp\msohtml1\01\clip_im age001.png"></v:imagedata></v:shape></SUB><SUB></SUB><SUB><v:shape id=_x0000_i1026 style="WIDTH: 31.5pt; HEIGHT: 57pt" type="#_x0000_t75"><v:imagedata o:title="" src="file:///C:\DOCUME~1\خالد\LOCALS~1\Temp\msohtml1\01\clip_im age003.png"></v:imagedata></v:shape></SUB><SUB></SUB><SUB><v:shape id=_x0000_i1027 style="WIDTH: 69pt; HEIGHT: 57pt" type="#_x0000_t75"><v:imagedata o:title="" src="file:///C:\DOCUME~1\خالد\LOCALS~1\Temp\msohtml1\01\clip_im age005.png"></v:imagedata></v:shape></SUB><SUB></SUB><SUB><v:shape id=_x0000_i1028 style="WIDTH: 101.25pt; HEIGHT: 57pt" type="#_x0000_t75"><v:imagedata o:title="" src="file:///C:\DOCUME~1\خالد\LOCALS~1\Temp\msohtml1\01\clip_im age007.png"></v:imagedata></v:shape></SUB><SUB><o:p></o:p></SUB>
            <o:p></o:p>
            <o:p></o:p>

            M<o:p></o:p>

            الحمد لله ، أرسل رسوله بالهدى و دين الحق ليظهره على الدين كله و لو كره المشركون ، أحمده تعالى حمدًا يتقرب به المؤمنون الموحدون، و أشكره سبحانه شكراً يلهج به المتقون المتبعون، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، سبحانه و تعالى عمَّا يقول الظالمون و الأفاكون، شهادة تنفع قائلها يوم لا ينفع مال و لا بنون.<o:p></o:p>
            و أشهد أنَّ نبينا محمداً عبد الله و رسولهﷺ، أرسله هاديا و مبشرا و نذيرا، و داعياً إلى الله بإذنه و سراجاً منيرا ، فبلغ الرسالة، و أدَّى الأمانة ، و نصح الأمة ، و جاهد في الله حق جهاده؛ فتح الله به قلوباً غلفا ، و أعيناً صمَّا؛ هدى الله به من الضلالة، و بصر به من الغواية، شرح الله صدره، و أعلى ذكره، و رفع قدره، ووضع وزره، و جعل الذِّلة و الصَّغار على من خالف أمره، أكمل به الدين، و أتم به النعمة، تركنا على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك، الحق ما جاء به و الدين ما شرعه، فنشهد الله الذي لا إله إلاَّ هو على محبته محبةً تفوق محبة النفس و الولد و الوالد، و الناس أجمعين، صلوات الله و سلامه عليه و على آله الأبرار، و صحبه الأخيار، و التابعين و من تبعهم بإحسان، ما تعاقب الليل و النهار .<o:p></o:p>
            أما بعد : <o:p></o:p>
            لقد أنزل الله علينا خير كتاب، يهدي لأقوم سبيل، هو المرجع عند الفتن ،وهو الصراط المستقيم و حبل الله القويم، من ابتغى العزة في غيره أذله الله([1]) . <o:p></o:p>
            و أرسل الله إلينا خير الأنبياء و الرسل صلوات الله و سلامه عليه، قال ابن القيم رحمه الله : ( و أشهد أن محمَّدًا عبده و رسوله ، و أمينه على وحيه من خلقه ، و حجته على عباده، فهو رحمة المهداة إلى العلمين ،و نعمته التي أتمها على أتباعه المؤمنين، أرسله على حين فترة من الرسل.. ) إلى أن قال : ( فبعث الله رسوله ، و أهل الأرض أحوج إلى رسالته من غيث السماء، و من نور الشمس الذي يذهب عنهم حنادس الظلمات، فحاجتهم إلى رسالته فوق جميع الحاجات، و ضرورتهم إليها مقدمة على جميع الضرورات، فإنه لا حياة للقلوب و لا نعيم و لا لذة، و لا سرور و لا أمان و لا طمأنينة، إلا بأن تعرف ربها و معبودها و فاطرها، بأسمائه و صفاته و أفعاله، و يكون أحب إليها مما سواه، و يكون سعيها فيما يقربها إليه و يدنيها من مرضاته .<o:p></o:p>
            و من المحال أن تستقل العقول البشرية بمعرفة ذلك و إدراكه على التفصيل، فاقتضت رحمة العزيز الرحيم أن يبعث الرسل به معرفين، و إليه داعين، و لمن أجابهم مبشرين، و من خالفهم منذرين، و جعل مفتاح دعوتهم و زبدة رسالتهم : معرفة المعبود سبحانه بأسمائه و صفاته و أفعاله، إذ على المعرفة تنبني مطالب الرسالة جميعها و أن الخوف و الرجاء و المحبة و الطاعة و العبودية تابعة لمعرفة المرجو، المخوف، المحبوب، المطاع، المعبود ) ([2]) . <o:p></o:p>
            و نحن اليوم نعيش في زمن طَمَّت فيه الفتن، حتى عششت و استقرت في قلوب كثير من المسلمين، مما كان نتيجة لاستحكام الأزمات، و تفاقم الخلافات، قال الله تعالى : ﴿ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [ آل عمران : 165 ] ، مما يجسد علينا أن نعيد النظر في مجرى حياتنا، و الرجعة الصادقة لكتاب ربنا سبحانه عز وجل و سنة نبينا محمد ﷺ، بضبط و تقييد الفهم لهما على ما كان عليه الصحب الأخيار و الأئمة الأبرار و كل من اتبعهم بصدق إلى يوم القرار، سواء في العقيدة أم العبادات أم المعاملات، و في سائر شؤوننا .<o:p></o:p>
            و لقد اصطفا الله من خيرة خلقه بعد الأنبياء صلوات ربي و سلامه عليهم ، و الصحابة رضي الله عنهم؛ علماء أجلاء، يحيون بكتاب الله الموتى، و يبصرون به أهل العمى، و يرشدون من حاد عن الحق إلى الهدى، حفظاً لدينهِ ، و لإقامة الحجة على عبيدهِ، فكم نفع الله به البلاد، و بصر على أيديهم العباد، جاء الثناء عليهم في غير ما موضع من كتاب الله عز وجل ، قال الله تعالى : ﴿وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [ المجادلة : 11] ، و قال الله : ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [ آل عمران : 18] ، و قال الله تعالى : ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [ فاطر : 28 ]، و المتتبع لنصوص الكتاب و سنة النبي ﷺ و آثار سلفنا الصالح ليجد الثناء البديع في معناه و في مبناه على حملة العلم الشرعي و على رأسهم العلماء .<o:p></o:p>
            و من هؤلاء العلماء بحق ذاك العامل المصلح، و الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر : والدنا العلامة أبو عبد الرحمن يحيى بن علي الحجوري حفظه الله و متعه بالصحة و العافية، الذي عرف بالرفق و الحلم و الحكمة، و كشف الحقائق دون مجاملة، و بيان ما هو دخيلٌ مما هو أصيل- نحسبه و الله حسيبه - القائم على دار الحديث بدماج خير قيام و ذلك بالتركيز على العقيدة و السنة و الاتباع . <o:p></o:p>
            قال عنه محدث الديار اليمنية العلامة مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله : (( فقد قُرئ عليَّ شطر رسالة السفر لأخينا في الله الشيخ الفاضل التّقيّ الزّاهد المحدّث الفقيه أبي عبد الرحمن يحيى بن علي الحجوري حفظه الله، فوجدتها رسالة مفيدة فيها فوائد تُشدُّ لها الرّحال...)) .<o:p></o:p>
            قال عنه الإمام المجاهد ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى : (..وقد مسك الدعوة السلفية بيد من حديد، ولا يصلح لها إلا هو وأمثاله..) .<o:p></o:p>
            و أصل هذه الرسالة محاضرة ألقيت عبر الهاتف لإخواننا في الحبشة ([3])، و بعد تكرار سماعي لها رأيت أنها قد اشتملت على الحق الوضاح و الصواب الصراح، فكان هذا دافعاً لي أن أسهم بجهدي المقل في تفريغها و التعليق عليها بما يقتضيه المقام، حتى تُصَّبِر صاحب الحق على غربته و تزيده تمسكاً و ثبتا، وتهدي الحيران و تُنور له ظلمته ، و كان هذا بعد إذن شيخنا حفظه الله . <o:p></o:p>
            هذا و الله أسأل أن يبارك و يحفظ و يثبت على التوحيد و السنة قائلها و كاتبها و قارئها،و الحمد لله رب العالمين وكتبه : أبو أمة الله علاءالدين بن أحمد معزوزي الجزائري<o:p></o:p>
            - غفر الله له و لوالديه و لشيخه -<o:p></o:p>
            مكتبة دار الحديث بدماج<o:p></o:p>
            ليلة الاثنين 16 ربيع الثاني 1429هـ<o:p></o:p>
            اليمن - صعدة<o:p></o:p>
            <o:p></o:p>
            <v:shape id=_x0000_i1030 style="WIDTH: 99pt; HEIGHT: 57pt" type="#_x0000_t75"><v:imagedata o:title="" src="file:///C:\DOCUME~1\خالد\LOCALS~1\Temp\msohtml1\01\clip_im age001.png"></v:imagedata></v:shape><v:shape id=_x0000_i1031 style="WIDTH: 31.5pt; HEIGHT: 57pt" type="#_x0000_t75"><v:imagedata o:title="" src="file:///C:\DOCUME~1\خالد\LOCALS~1\Temp\msohtml1\01\clip_im age003.png"></v:imagedata></v:shape><v:shape id=_x0000_i1032 style="WIDTH: 69pt; HEIGHT: 57pt" type="#_x0000_t75"><v:imagedata o:title="" src="file:///C:\DOCUME~1\خالد\LOCALS~1\Temp\msohtml1\01\clip_im age005.png"></v:imagedata></v:shape><v:shape id=_x0000_i1033 style="WIDTH: 101.25pt; HEIGHT: 57pt" type="#_x0000_t75"><v:imagedata o:title="" src="file:///C:\DOCUME~1\خالد\LOCALS~1\Temp\msohtml1\01\clip_im age007.png"></v:imagedata></v:shape><o:p></o:p>
            <o:p></o:p>
            <o:p></o:p>
            الحمد لله، نحمده و نستعينه و نستغفره، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أشهد أنَّ محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه و على آله وسلم تسليما كثيرا .<o:p></o:p>
            قال الله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [ آل عمران : 102] ([4]) . <o:p></o:p>
            قال الله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [ النساء : 1 ] .<o:p></o:p>
            قال الله تعالى : ﴿ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [ الأحزاب :70 - 71 ] .<o:p></o:p>
            أما بعد : <o:p></o:p>
            فيقول الله سبحانه و تعالى في كتابه الكريم مبينا أنه أنزل كُتبَه لهداية العباد، قال الله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ * قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [ يونس : 57 - 78 ] ، فسمى الله سبحانه وتعالى كتابه هدى، و سماه رحمة للمؤمنين، و قال الله عز وجل في كتابه الكريم : ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ﴾ [ الإسراء : 9 ] ، فأخبر الله عز و جل أنَّ كتابه يهدي إلى أقوم الأعمال، و إلى أقوم الأخلاق، و إلى أقوم العقائد، و إلى أقوى طريق، و كتاب الله عز وجل هو الصراط المستقيم القرآن ([5]) و السنة ([6]) هما الإسلام ، و الإسلام هو الصراط المستقيم، قال الله في كتابه : ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [ الأنعام : 153] ([7]) ، فوَّصانا الله عز وجل أن نتبع هذا الصراط المستقيم، و أنَّ من لم يتبع هذا الصراط المستقيم تشعبت به الطرق، و تفرقت به الأهواء .<o:p></o:p>
            أنزل الله عز وجل كُتباً للهداية كما أبان الله عز وجل ذلك في كتابه ، قال الله : ﴿ هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [ آل عمران : 138 ] ، فمن أراد أن يسلك سبيل الهدى فليكن سالكاً ما جاء به رسول الله ﷺ من القرآن و السنة، فإن الله أرسله بهذا الهدى القرآن أو السنة، قال الله : ﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ﴾ [ الفتح : 28 ] ، لا يمكن ظهور دين على هذا الدين، و لا ظهور نبي على هذا النبي ﷺ، و ما ذلك إلى أنه مرسلٌ بالهدى([8]) و دين الحق، و من أراد الظهور على من خالف الهدى و دين الحق فليستمسك بما جاء به الرسول ﷺ، يؤيد ذلك قول الله عز وجل في كتابه الكريم : ﴿ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَوَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾ [ النساء : 115 ] ، فليس لماً خالف ما جاء به الرسول ﷺ ، ليس من شاق رسول الله ﷺ ، فكان رسول الله ﷺ في شق و هو في شق آخر إلا الوقوع في الضلال، و أنَّ الله عز وجل يَكِّله إلى نفسه الأمارة بالسوء ، و عاقبته يوم القيامة ما ذكره الله عز وجل في هذه الآية : ﴿ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾ [ النساء : 115 ] ، قال الله : ﴿ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ ﴾ [ يونس : 32 ] ، رسول الله ﷺ جاءنا بكل هدىو بكل خير، قال رسول الله ﷺ : (( تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا إِلَّا هَالِكٌ )) ([9])، و هذا دليل على أنَّ من أراد أن يَمشيَّ في نور ، و أن يمشي في ضياءٍ ، فعليه بمسلك رسول الله ﷺ و إتباع هداه، و ليس هناك بيضاء و لا منيرة من الطرق غير طريق رسول الله ﷺ، قال الله تعالى : ﴿قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [ المائدة :15- 16 ] ، ليس هناك هدى و لا فلاح إلا بسلوك طريق رسول الله ﷺ، قال الله سبحانه في كتابه الكريم : ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ﴾ [ النساء : 69 ] ، قال الله في كتابه الكريم : ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ [ النور : 52 ] ، و قال الله عز وجل : ﴿ قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴾ [ النور : 54 ] ، فلا هداية البتة و لا استنارة البتة، و لا فلاح في الدنيا و لا أُخرى إلا بتحري ما جاء به رسول الهدى ﷺ ، في كل صغيرةٍ و كبيرة ، و في كل دقيقة و جليلة ، إنَّ ما أصاب الناس في هذه الآونة و قَبل من الفتن و القلاقل و التفرق و التشعب، و ما وقع فيهم من البلاء و المصائب من تسلط الكافرين أو تشعبات المسلمين كل ذلك و الله بسبب تفريطهم في هذا المسلك العظيم فإن ربنا سبحانه و تعالى يقول في كتابه : ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [ النور : 63 ] ([10]) .<o:p></o:p>
            و صدق الله عز و جل فإن الفتنة قد حصلت بين المسلمين مع الكافرين ، و بين المسلمين مع المسلمين كل ذلك بابتعادهم أو تفريطهم في ما جاء به الرسول الكريم ﷺ ، هذا أمر محتم ، قال الله تعالى : ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [ النساء : 65 ] ، لا يستقم إيمان أحدٍ، و لا يكتمل إيمان أحدٍ حتى يؤمن برسول ﷺ، و يحُكم ما جاء به رسول الله ﷺ في نفسه في ولده في أهله في جاره في الصغير و الكبير، في القط و القطمير، كل ذلك لا حياة حقيقية أبداً للمجتمعات الإسلامية إلا بتحقيقه ، قال الله تعالى : ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدً ﴾ [ النساء : 60 ] ، فضلالٌ بعيد التحاكم إلى غير كتاب الله و إلى غير سنة رسول الله ﷺ، ضلالٌ سحيق يؤدي بالمسلمين إلى هاوية التحاكم إلى الأهواء([11]) ، قال الله تعالى : ﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [ الجاثية : 23 ] ، قال سبحانه في كتابه الكريم : ﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [ القصص : 50 ] ، بعيدٌ كل البعد و ظالمٌ الذي لا يتبع رسول الله ﷺ ، و هو متبع لهواه ليس له إلا إتباع الهوى، و هو موكول إلى نفسه الأمارة بالسوء، و يتسلط عليه شيطانه بالوَسَاوِس و الفساد ، قال الله تعالى : ﴿ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾ [ النساء : 115 ] ، قال الله تعالى : ﴿ فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [ البقرة : 137 ] ، لا تبالي بمن تولى ، لا تبالي بمن أعرض ، لا تبالي بمن كان همه الحياة الدنيا ، قال الله : ﴿ فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ ﴾ [ النجم :29 - 30 ] ، هذا دين الله ، هذا كتاب الله ، هذه سنة رسول الله ﷺ ليست موكولة إلى هوى أحد، و لا إلى ذوق أحد، و لا إلى عضلات أحد، و لا إلى مال أحد، دين الله من أعزه أعزه الله، و من نصره نصره الله، و من خذله خذله الله، قال الله تعالى : ﴿ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [ الحج : 40 ] ، قال الله تعالى : ﴿ إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَالْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ﴾ [ العراف : 196 ] ، الحذر الحذر معشر المسلمين سواءٌ كان مماً يسمع هذا الكلام في هذا المكان أو من يسمعه هناك أو غير ذلك، الحذر مِن مشاقة الرسول ﷺ ، فإنها خطيرةٌ جداً، و لقد ثبت في الصحيحن، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، أنَّ النبي ﷺ قال : (( إِنَّ مَثَلَ مَا بَعَثَنِيَ اللَّهُ بِهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَصَابَ أَرْضًا فَكَانَتْ مِنْهَا طَائِفَةٌ طَيِّبَةٌ قَبِلَتْ الْمَاءَ فَأَنْبَتَتْ الْكَلَأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ )) هذا مثلٌ لماً يقبل هدى الله ، لماً يقبل ما جاء به رسول الله ﷺ، يقبله بكل تسليم، فإنه ينفع و ينتفع، و يستفيد من وقته و من حياته ، (( وَكَانَ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَتْ الْمَاءَ فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَا النَّاسَ فَشَرِبُوا مِنْهَا وَسَقَوْا وَزَرَعَوْا )) و هذا مثل آخر لما انتفع أيضا بعلمه و إن لم يكن حافظاً و الأخر قال ﷺ : (( وَأَصَابَ طَائِفَةً مِنْهَا أُخْرَى إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لَا تُمْسِكُ مَاءً وَلَا تُنْبِتُ كَلَأً فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دِينِ اللَّهِ وَنَفَعَهُ بِمَا بَعَثَنِيَ اللَّهُ بِهِ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ ))([12])، و الناس في هذا الحال بين مُقلٍ و مكثر، فمنهم من يبتعد على الكتاب و السنة في أمور يسيرة، و منهم من يبتعد على الكتاب و السنة في أمور كثيرة، و ذِلة الشخص و إهانة الشخص عند الله عز وجل بقدر بعده من هذا الهدى؛ و عزته و كرامته بقدر قربه من هذا الهدى، قال النبي ﷺ كما في الصحيح فيما يرويه عن رَبِّه : (( إِذَا تَقَرَّبَ الْعَبْدُ إِلَيَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا وَإِذَا تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا وَإِذَا أَتَانِي مَشْيًا أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً )) ([13])، و من أعرض و تَولى عن الهدى الذي جاء به رسول الله ﷺ أعرض الله عنه، كما في الصحيحن عن أبي واقد الليثي قال : (( و أما الثالث فأعرض، فأعرض الله عنه.. )) ([14]) الحديث ، و الله يقول : ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى ﴾ [ طه : 124- 126 ] ، أي تُترَك ، يَتركُه الله سبحانه و تعالى، و يكله إلى نفسه في الدنيا ، و كذلك يوم القيامة : ﴿ جَزَاءً وِفَاقًا ﴾ [ النبأ : 26 ] ، على إهماله و بعده عَماَّ جاء به الرسول ﷺ، و في الجانب الآخر مَن أخذ ذلك بِحبٍ ، و أخذه باستسلام و انقياد فإنه يُهدَى في الدنيا و لا يضل ، و يسعد في الآخرة و يأمن من الشقاوة، قال الله تعالى : ﴿ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا ﴾ [ طه : 123- 124 ] ، هذا وعد الله؛ هذا وعد الله أنَّ من اتبع هدى الله أَمِنَ في الدنيا من الضلال، و أَمِنَ في الآخرة من الشقاوة.<o:p></o:p>
            إتباع ما جاء به الرسول ﷺ يعتبر في حق هذا العبد دينا قويماً لا يمكن له مفر منه، و ما خلق الله سبحانه وتعالى العباد و أنزل إليهم الكتب و أرسل إليهم رسل إلا من أجل متابعتهم لما أمرهم به، قال الله : ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [ الأحزاب : 21 ] ، فكل من يرجوا الله و يرجوا الدار الآخرة و يرجوا مرضاة الله سبحانه في الدنيا و في الآخرة عليه بذلك، و لا دين لأحد يستقيم أبدًا إلا بتحقيقه هذا الجانب، جانب إتباع رسول الله ﷺ، و لا مرضاة أيضاً للعبد عند الله عز وجل إلا بذلك، قال الله : ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ ﴾ [ التوبة : 100 ] ، و هكذا تتوالى الأدلة في وجوب إتباع رسول الله ﷺ ([15]) ، و أن من فرط في ذلك يناله من البلاء بقدر تفريطه أو بقدر تقصيره في الدنيا و في الآخرة، ثبت في الصحيحين ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أنَّ النبي ﷺ قال : (( دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ )) ([16]) ، و هذا إرشاد عظيم أنه لا ينبغي البحث عما لم يأت به رسول الله ﷺ، قال الله تعالى : ﴿ قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ ﴾ [ ص : 86 ] ، و إذا جاء شيءٌ عن النبي ﷺ وجب أخذه بكل قبولٍ و بكل رغبة، ثبت في صحيح مسلم، عن أبي هريرة و جاء عن ابن عباس أن النبي ﷺ أدب أصحابه، و أدب المسلمين جميعاً و هذبهم على هذا المسلك العظيم، و هو قبول ما جاء به، و الحذر من الإفتآت عن ذلك ، عن أبي هريرة قال : ((لمَّا نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، : ﴿ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾، قَالَ : فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ بَرَكُوا عَلَى الرُّكَبِ، فَقَالُوا: أَيْ رَسُولَ اللَّهِ كُلِّفْنَا مِنْ الْأَعْمَالِ مَا نُطِيقُ الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ وَالْجِهَادَ وَالصَّدَقَةَ وَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيْكَ هَذِهِ الْآيَةُ وَلَا نُطِيقُهَا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتُرِيدُونَ أَنْ تَقُولُوا كَمَا قَالَ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ مِنْ قَبْلِكُمْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا بَلْ قُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ، قَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ،فَلَمَّا اقْتَرَأَهَا الْقَوْمُ ذَلَّتْ بِهَا أَلْسِنَتُهُمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي إِثْرِهَا : ﴿ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾....)) الحديث ([17]) <o:p></o:p>
            الشاهد من هذا أن النبي ﷺ هذب أصحابه و علمهم و رباهم على ذلك حتى يحصلوا على محبة الله و على محبة رسول الله ﷺ، فلا يتحقق ذلك لأحد من المسلمين إلا بتحقيق الامتثال لما جاء به رسول الله ﷺ ، دل على ذلك قوله عز وجل : ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [ آل عمران : 31 ] ، الحذر معشر المسلمين من التفريط بما جاء به الرسول الأمين ﷺ، فإن الناس في هذه الآونة و قَبل بقدر بعدهم عن ذلك تحصل لهم عواصف و تحصل لهم فتن ، قال الله تعالى : ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِير ٍ﴾ [ الشورى : 30 ] ، و في الصحيحين عن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال : (( لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ )) ([18])، بسب معصية واحدة مما جاء به الرسول ﷺ ربما تحصل في القلوب ما لا يمكن اتفاقها، و لا يمكن ائتلافها بسبب تلك المعصية التي هي عدم تسوية الصفوف فما بالك بغير ذلك، صدق ربنا عز وجل إذ يقول في كتابه الكريم : ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [ النور: 63 ] ، و قد قال ابن مسعود رضي الله عنه : (( من سَّرهُ أن يلقى الله غذاً مُسلِماً فليحافظ على هؤلاء الصلواتِ حيثُ ينادى بهنّ ، فإن الله شَرَعَ لنبيكُم سُنَنَ الهدى ، و إنهن من سنن الهدى..)) الحديث ([19]) ، و لقد كان أصحاب رسول الله ﷺ في غاية الحذر و التحذير من أن يتعمد قصوراً في ذلك فيما جاء به رسول الله ﷺ .<o:p></o:p>
            ثبت عن ابن عمر أنه سمع النبي ﷺ قال : (( لَا تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمُ المَسَاجِدَ إِذَا استَأذَنَّكُم إِلَيهَا )) <o:p></o:p>
            قال : فقال بلال بن عبد الله : و الله لَنَمنَعَهُنَّ ، قال : فَأَقبَلَ عليهِ عبد اللهِ ، فسبَّه سبًّا سيِّئاً ، ما سمعته سَبَّهُ مثله قطُّ ، و قال : أخبرك عن رسول الله ﷺ ، و تقول : و الله لنمنعهنَّ! ([20]) <o:p></o:p>
            و هكذا عبد الله بن مغفل رضي الله عنه : أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يَخْذِفُ، فَقَالَ لَهُ: لَا تَخْذِفْ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ نَهَى عَنْ الْخَذْفِ، أَوْ كَانَ يَكْرَهُ الْخَذْفَ، وَقَالَ: (( إِنَّهُ لَا يُصَادُ بِهِ صَيْدٌ وَلَا يُنْكَى بِهِ عَدُوٌّ، وَلَكِنَّهَا قَدْ تَكْسِرُ السِّنَّ، وَتَفْقَأُ الْعَيْنَ )). ثُمَّ رَآهُ بَعْدَ ذَلِكَ يَخْذِفُ، فَقَالَ لَهُ : أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ أَنَّهُ نَهَى عَنْ الْخَذْفِ أَوْ كَرِهَ الْخَذْفَ وَأَنْتَ تَخْذِفُ، لَا أُكَلِّمُكَ كَذَا وَكَذَا )) ([21])، هذا كله صادر عن تعظيم سنة رسول الله ﷺ، تعظيم ما جاء به؛ لأن ذلك يعتبرون مخالفة ذلك هلكت، كما ثبت من حديث بن أبي مليكة و جاء مرفوعا في سبب نزول قول الله عز وجل : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ﴾ [ الحجرات :1- 2 ] ، كان سبب نزول هذه الآية أنَّ : ((حِينَ قَدِمَ عَلَيْهِ رَكْبُ بَنِي تَمِيمٍ فَأَشَارَ أَحَدُهُمَا بِالْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ أَخِي بَنِي مُجَاشِعٍ وَأَشَارَ الْآخَرُ بِرَجُلٍ آخَرَ قَالَ نَافِعٌ لَا أَحْفَظُ اسْمَهُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ مَا أَرَدْتَ إِلَّا خِلَافِي قَالَ مَا أَرَدْتُ خِلَافَكَ فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا فِي ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ ﴾ ... )) الحديث ([22])، فنزلت هذه الآية عتاباً لهاذين الصحابيين الجليلين، و تأديباً لسائر الأمة، عن أن يرفعوا أصواتهم على رسول الله ﷺ، و كذا أيضا على سنته ﷺ نعم ؛ قال ابن أبي مليكة : ( كَادَ الْخَيِّرَانِ أَنْ يَهْلِكَا )، ومن أجل ذلك اعتزل ثابت بن القيس رضي الله عنه في بيته يبكي أياما ، عن أنس رضي الله عنه : (( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افْتَقَدَ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ،أَنَا أَعْلَمُ لَكَ عِلْمَهُ، فَأَتَاهُ فَوَجَدَهُ جَالِسًا فِي بَيْتِهِ، مُنَكِّسًا رَأْسَهُ، فَقَالَ لَهُ: مَا شَأْنُكَ؟ فَقَالَ: شَرٌّ، كَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ... )) ([23]) الحديث ، إذا كان مشاقاً لرسول الله فإن سنة الله ﷺ في المشاقين للهدى البطش بهم ، قال الله تعالى : ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [ الأنفال : 13 ] ، و قال الله : ﴿ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [ البقرة : 211 ] .<o:p></o:p>
            و أعظم نعمة على هذه الأمة المسلمة هو ما جاء به رسول الله ﷺ، هو الذي أخرج هذه الأمة من الظلمات إلى النور ([24]) ، قال الله في كتابه : ﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [ الجمعة : 2 ] ، هذه نعمة عظيمة يجب على المسلمين أن يحافظوا عليها أشد من حفاظهم على أرواحهم، أشد من حفاظهم على دمائهم، أشد من حفاظهم على أمالهم، أشد من حفاظهم على كل غالي و رخيص في هذه الحياة الدنيا، إذا زالت عنهم هذه النعمة فقد سببت إزالة كل نعمة عليهم في الدنيا و الأخرى.<o:p></o:p>
            نعمة الإتباع لرسول الله التي يُزهد فيها كثيرٌ من الناس، هذا هو الحاجز بين الجنة و النار يا أخي!<o:p></o:p>
            فمن لم يكن كذلك فقد عرض نفسه لعذاب الله، في الصحيح عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، أن النبي ﷺ قَالَ: (( مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَوْقَدَ نَارًا، فَجَعَلَ الْجَنَادِبُ وَالْفَرَاشُ يَقَعْنَ فِيهَا وَهُوَ يَذُبُّهُنَّ<o:p></o:p>
            عَنْهَا، وَأَنَا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ عَنْ النَّارِ، وَأَنْتُمْ تَفَلَّتُونَ مِنْ يَدِي ))([25]) .<o:p></o:p>
            الشاهد من ذلك على أن رسول الله ﷺ يأخذ بِحُجَز الأمة و بعضهم يفلت منه في عذاب الله و يشرد شروداً بعيداً ، كما في الصحيح عن أبي هريرة، أنَّ النبي ﷺ قال : (( مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى )) ([26])، هذا إعراض يعتبر، فليحذر المسلمون على أنفسهم من الإعراض و من الاباء لهذا الخير في الدنيا و الأُخرى فإن الله سبحانه و تعالى سنته ماضية و جارية ، قال الله : ﴿ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴾ [ آل عمران : 137 ] ، سنته ماضية في الذين أعرضوا عن رسول الله ﷺ في الدنيا و في الآخرة، روى مسلم في صحيحه من حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه : (( أَنَّ رَجُلًا أَكَلَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشِمَالِهِ فَقَالَ كُلْ بِيَمِينِكَ قَالَ لَا أَسْتَطِيعُ قَالَ لَا اسْتَطَعْتَ مَا مَنَعَهُ إِلَّا الْكِبْرُ قَالَ فَمَا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ)) ([27])، ما استطاع أن يرفعها إلى فيه هذه من سنة سبحانه في عقاب المعرضين عاجلاً و آجلاً ، في عقاب الآبين لسنة رسول الله ﷺ و في الصحيح أيضاً، عن يحيى عن أبي حميد قال : (( خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةَ تَبُوكَ، فَأَتَيْنَا وَادِيَ الْقُرَى عَلَى حَدِيقَةٍ لِامْرَأَةٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( اخْرُصُوهَا)) فَخَرَصْنَاهَا وَخَرَصَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشَرَةَ أَوْسُقٍ، وَقَالَ: (( أَحْصِيهَا حَتَّى نَرْجِعَ إِلَيْكِ إِنْ شَاءَ اللَّه ُ))، وَانْطَلَقْنَا حَتَّى قَدِمْنَا تَبُوكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سَتَهُبُّ عَلَيْكُمْ اللَّيْلَةَ رِيحٌ شَدِيدَةٌ فَلَا يَقُمْ فِيهَا أَحَدٌ مِنْكُمْ فَمَنْ كَانَ لَهُ بَعِيرٌ فَلْيَشُدَّ عِقَالَهُ)) ، فَهَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، فَقَامَ رَجُلٌ فَحَمَلَتْهُ الرِّيحُ حَتَّى أَلْقَتْهُ بِجَبَلَيْ طَيِّئٍ )) ([28])، أخذته الريح عقاباً ، هذا عقاب شديد هذا عقاب أليم و لعذاب الآخرة أشد على من أبى سنة رسول الله ﷺ ، قال الله تعالى : ﴿ شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ ﴾ [ الشورى : 13 ]، و قال الله تعالى : ﴿ ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ * إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ ﴾ [ الجاثية :18 - 19 ]، هذا الذي شرعه الله سبحانه لعباده أن تتبع هذه الشريعة الكاملة، قال الله تعالى : ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [ المائدة : 3 ]([29]) ، و هكذا أن تُتَبَع هذه الشريعة الشاملة الكاملة الشاملة، قال رسول الله ﷺ : ((وَالَّذِي نَفْسُ لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ )) ([30]) ، قال الله تعالى : ﴿ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ﴾ [ الأنعام : 38 ] ، و هكذا تُتبَع هذه الشريعة الباقية إلى قيام الساعة، عن ثوبان قال : قال رسول الله ﷺ : ((لَا يَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ )) ([31]) ، و روى الترمذي في جامعه بإسناد حسن من طرقه ، عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال : (( وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بَعْدَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ فَقَالَ رَجُلٌ إِنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّهَا ضَلَالَةٌ فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ ))([32]) .<o:p></o:p>
            من أراد السلامة في دينه و دنياه فليأخذ بإرشادات رسول الله ﷺ و يتبعهُ في هذا و غيره كما في هذا الحديث المبارك نعم ؛ قال عليه الصلاة و السلام : (( لِكُلِّ عَمَلٍ شِرَّةٌ ([33]) وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةٌ ([34]) فَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى سُنَّتِي فَقَدْ أَفْلَحَ وَمَنْ كَانَتْ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَقَدْ هَلَكَ )) ([35]) ، و هذا إضافة إلى حديث أبي هريرة رضي الله عنه المتقدم من بابه أنَّ مخالفة ما جاء به الرسول ﷺ مهلكة و الله.<o:p></o:p>
            هذا هو الذي سبب للمسلمين الضعف في هذه الآونة،هو قصورهم عما جاء به رسول الله ﷺ أو تفريطهم في ذلك كثرة استحساناتهم في دين الله و كثرة آرائهم المخالفة لشرع الله هذا هو السبب لأن الله سبحانه لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ، قال الله تعالى : ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [ الأنفال : 53 ] ، و ربما تجد الناس يُفَتشون يميناً و شمالاً ما السبب في القحط، ما السبب في الجذب، ما السبب في البلاء و الأمراض و الأسقام، ما السبب في الافتراق و الاختلاف ما السبب في كذا و كذا و شأنهم كما قيل : <o:p></o:p>
            كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ ... والماء فوق ظهورها محمول([36])<o:p></o:p>
            السبب مِن أنفسنا مِن تقصيرنا مِن بعدنا عن الهدى إلى من رحمه الله، من بعدنا عما جاء به رسول الله ﷺ، يا أخي رسول الله ﷺ قال لأولئك الأجلاء الأكارم الأفاضل من أصحابه رضوان الله عليهم يوم أُحد، عن الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : (( إِنْ رَأَيْتُمُونَا تَخْطَفُنَا الطَّيْرُ فَلَا تَبْرَحُوا مَكَانَكُمْ هَذَا حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ وَإِنْ رَأَيْتُمُونَا هَزَمْنَا الْقَوْمَ وَأَوْطَأْنَاهُمْ فَلَا تَبْرَحُوا حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ فَهَزَمُوهُمْ ، قَالَ : فَأَنَا وَاللَّهِ رَأَيْتُ النِّسَاءَ يَشْتَدِدْنَ قَدْ بَدَتْ خَلَاخِلُهُنَّ وَأَسْوُقُهُنَّ رَافِعَاتٍ ثِيَابَهُنَّ ، فَقَالَ : أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُبَيْرٍ الْغَنِيمَةَ أَيْ قَوْمِ الْغَنِيمَةَ ظَهَرَ أَصْحَابُكُمْ فَمَا تَنْتَظِرُونَ فَقَالَ : عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُبَيْرٍ أَنَسِيتُمْ مَا قَالَ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالُوا وَاللَّهِ لَنَأْتِيَنَّ النَّاسَ فَلَنُصِيبَنَّ مِنْ الْغَنِيمَةِ ، فَلَمَّا أَتَوْهُمْ صُرِفَتْ وُجُوهُهُمْ فَأَقْبَلُوا مُنْهَزِمِينَ... )) ([37]) الحديث ، حصلت لهم هزيمة التي سماها أهل العلم هزيمة فعلا، أي أنهم خُسِر منهم عدد، و قتل منهم عدد نعم؛ كان ذلك بسبب مخالفة واحدة لأمر رسول الله ﷺ، و هم في ذلك أَبَّر الطائعين و المستجيبين و المستقيمين في ذلك الزمن، و لكن هذه مخالفة، قال الله عز وجل : ﴿ وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ ﴾ [ آل عمران : 152 ] ، عفا الله عنهم لصلاحهم و سوابقهم الخَيِّرَةَ، و لكن تلك المخالفة لأمر رسول الله ﷺ سببت لهم ما ذﹸكر في هذه الآية، و قال الله : ﴿ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ﴾ [ التوبة : 25 ] ، مخالفة لما جاء به رسول الله ﷺ في أمر واحد و هو أنهم رأو أنهم كثير و هذا يخالف ما جاء به من الهدى، فربما وقع في نفوس بعضهم أنهم لن يهزموا من قلة، فأبى الله سبحانه و تعالى إلى أن يكون المنة له سبحانه و تعالى، و فرَّ كثيرٌ من أصحاب رسول الله ﷺ من حوله حتى نادى فيهم العباس يا أهل الشجرة ، و رسول الله : (( إِنَّهُ لَعَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ وَإِنَّ أَبَا سُفْيَانَ آخِذٌ بِلِجَامِهَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ )) ([38])، شاهدنا من هذا مخالفة واحدة حصل منها ما حصل، و كم لنا في هذه الآونة من المخالفات التي يجب أن يُعَاد فيها إلى الكتاب و السنة ، قال الله في كتابه الكريم :﴿ وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ﴾ [ الشورى : 10 ] و قال : ﴿ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [ النساء : 95 ] ، هذا أحسن مرجع خير ما يُعاَد إليه ، هذا أحسن حل بين رجل و زوجه ، و بين الجار و جاره و بين الطالب و معلمه و بين الأخ و أخيه و بين الراعي و الرعية، و مع القريب و البعيد هذا أحسن تأويل ، قال الله تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا * وَإِذًا لَآَتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا * وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ﴾ [ النساء :66 - 68 ] ، فلو أن الناس فعلوا ما وعضوا به مع رسول اللهﷺ الذي تركنا على البَيِّنَات و الهدى، و تركنا على البيضاء لكان خيرا لهم و الله ، قال الله سبحانه و تعالى في كتابه الكريم مبيننا ذلك :﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴾ [ الأحزاب : 36 ] ، هذا الأمر إنما كان التركيز عليه أكثر لأنه هو السبب الأصلي، هو السبب الرئيسي لاختلاف المرء و زوجه، و اختلاف الأخ و أخيه، و اختلاف الأب و ابنه، فمن قصر في هذا الجانب فإنه سيناله من الإرهاق و الذّل و التعاسة بقدر بعده أو بقدر تقصيره المُتعَمِد له، قال الله تعالى : ﴿ وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ﴾ [ يونس : 27 ] ، قال الله تعالى : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ ﴾ [ المجادلة : 20 ] ، أي يكون الرسول ﷺ في حد و أنت في حد، الرسول ﷺ في جانب وأنت في جانب، هذا هو باب الذِلة : ﴿ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ﴾ [ المجادلة : 20 ] ، قال الله تعالى : ﴿ كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [ المجادلة : 21 ] ، هكذا يكون شعارك أَيُّهاَ المسلم، هكذا يكون اعتقادك أيُّها المسلم أنَّ العزة لله يورثها من يشاء، قال الله تعالى : ﴿ وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ﴾ [ الأنبياء : 105 ] ، قال الله تعالى : ﴿ إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِه ِ﴾ [ الأعراف : 128 ] ، قال الله في كتابه الكريم :﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [المنافقون : 8 ] ، و قال : ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَفَلِلَّهِالْعِزَّةُ جَمِيعًا ﴾ [ فاطر : 10] ، ابتغيها عند الله ، قال الله : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [ المائدة : 35 ] ، فمان أراد ذلك فليجاهد نفسه في أوقاته ، و سائر حياته في إقامة هذا الشأن العظيم ، قال الله : ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [ العنكبوت : 69 ] ، هذا هو السبب الذي ينبغي أن يلاحظ و ليس السبب آخر أبداً ، السبب قل هو من عند أنفسكم ، قال الله : ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [ الشورى : 30 ] ، قال الله :﴿ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ ﴾ [ آل عمران : 165 ] ، أي بسبب ذنوبكم و تقصيركم و عدم تمسككم و إقبالكم على الدنيا و أخدكم بالشهوات و الشبهات هذا هو السبب فنعم عباد الله، خاف أصحاب رسول الله ﷺ من ذلك خوفاً شديدًا، و ربما تجد واحدا منهم يتذكر سُنَّةَ فينجوا بها من فتنة عظيمة، قال أبو بكرة رضي الله عنهم : (( لقد نَفَعَنِي اللَّهُ بِكَلِمَةٍ سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَّامَ الْجَمَلِ بَعْدَ مَا كِدْتُ أَنْ أَلْحَقَ بِأَصْحَابِ الْجَمَلِ فَأُقَاتِلَ مَعَهُمْ، قَالَ: لَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أَهْلَ فَارِسَ قَدْ مَلَّكُوا عَلَيْهِمْ بِنْتَ كِسْرَى، قَالَ: لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً )) ([39]).<o:p></o:p>
            و هكذا الحسن ابن علي رضي الله عنه لما ذكر بحديث رسول الله ﷺ : (( ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ )) ([40])، وقف عند هذا الحديث و أخذ بما دل عليه، و سلم الله الأمة بسبب وقوفه عند حدود الله ، و عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما خاطبه ذلك الرجل بخطاب شديد نعم؛ قال له الحر بن القيس رضي الله عنه : (( يا أمير المؤمنين إن الله يقول : ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾ [ الأعراف : 119 ] ...) ([41]) الحديث، وقف عند ذلك و سلم الله عز وجل المسلمين في أمور كثيرة بسبب الوقوف عند حدود الله ، قال الله : ﴿وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ﴾ [ الطلاق : 1 ] ، و الله إن الله عز وجل ما عَظَّمَ عبداً إلى لتعظيم شعائر الله، و ما أهان عباداً إلى بقصوره في ذلك، قال الله تعالى :﴿ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [ الحج : 32 ] ، لذا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وجد قوما و قد استحسنوا بعض الاستحسانات المخالفة لما ما جاء به رسول الله ﷺ، أحدهم يجلس أمام الناس و يقول سبحوا مئة هذا في ظاهره ذكر لله، و لكن عبد الله بن مسعود رأى هذا خطرًا عظيما و قبله أبو موسى قال : (( يا أبا عبد الرحمن إني رأيت في المسجد آنفا أمرًا أنكرته، ولم أرَ والحمد لله إلا خيراً .<o:p></o:p>
            قال: وما هو؟<o:p></o:p>
            قال: إن عشت فستراه. قال: رأيتُ في المسجد قوماً حلقاً جلوساً، ينتظرونَ الصلاة، في كل حَلقة رجل، وفي أيديهم حصاً، فيقول: كبِّروا مئة، فيكَبِّرونَ مئة، فيقول: هلِّلُوا مئة، فيهلِّلونَ مئة، فيقول: سبِّحوا مئة، فيسبحون مئة. <o:p></o:p>
            قال : فماذا قلت لهم ؟<o:p></o:p>
            قال : ما قلتُ لهم شيئاً انتظار رأيكَ، أو انتظار أمركَ . <o:p></o:p>
            قال: أفلا أمرتَهم أن يعدُّوا سيئاتهم وضَمِنتَ لهم أن لا يضيع من حسناتهم )) .<o:p></o:p>
            ثم مضى ومضينا معه، حتى أتى حلَقه من تلك الحِلَقِ، فوقف عليهم فقال: (( ما هذا الذي أراكم تصنعونَ))؟<o:p></o:p>
            قالوا: يا أبا عبد الرحمن؛ حصاً نعدُّ به التكبير والتهليل والتسبيح والتحميد.<o:p></o:p>
            قال: (( فعدُّوا سيئاتكم؛ فأنا ضامن أن لا يضعَ من حسناتكم شيءٌ، وَيْحَكُم يا أمةَ محمد! ما أسرع هلكتَكُم، هؤلاء أصحاب نبيُّكم متوافرون، وهذا ثيابُه لم تَبلَ، وآنيتُه لم تُكسَر، والذي نفسي بيده؛ إنكم لعلى ملَّة هي أهدى من ملّة محمد، أَو مفتتِحو باب ضلالة )).<o:p></o:p>
            قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن، ما أردنا إلا الخير.<o:p></o:p>
            قال: (( وكم مريدٍ للخير لن يصيبَ، إن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم حدثنا أن قوماً يقرؤونَ القرآن لا يجاوزُ تراقيهم، وأيمُ الله أدري لعلَّ أكثرهم منكم)) .<o:p></o:p>
            ثم تولى عنهم.<o:p></o:p>
            فقال عمرو بن سلمة: رأينا عامة أولئك الحِلَق يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج. ([42]) <o:p></o:p>
            هذا كله دليله على أن من فرط أو قصر في السنة أن الأمر يعود عليه و يشتد عليه ، قال الله : ﴿ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾ [ الصف : 5 ] .<o:p></o:p>
            و هذا كان من طلب إخواننا حفظهم الله ، أي من التواصي في هذا الجانب و نحن و الله في حاجة ماسة إلى تثبيت أنفسنا و غيرنا على هذا الأمر العظيم لأننا رأينا بسببه الخل و رأينا بسببه شدة الفشل و رأينا بسببه تساقط كثير من الدعاة و رأينا بسببه و بسبب الجهوش و النهوض بعد الدنيا ، يعني ماذا ما يندى له الجبين فنسأل الله السلامة و العافية و أن يتوفانا مسلمين و الحمد لله رب العالمين .<o:p></o:p>

            <o:p></o:p>




            <HR align=right width="33%" SIZE=1>([1]) قال الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه : (( إنا كنَّا أذَّلَ قوم، فأعزنا الله بالإسلام، فمهما نطلبُ العِزَّ ما أعزَّنا الله به؛ أذلنا الله )) أخرجه الحاكم (1 /61-62 )، و أبو نعيم في " حلية الأولياء " ( 1 / 47 ) ، و العلامة الألباني رحمه الله في " الصحيحة " ( 1 / 118 ) .<o:p></o:p>

            ([2])(( الصواعق المرسلة )) ( 1 /148- 150 ) .<o:p></o:p>

            ([3]) كان تسجيل هذه المادة ليلة السبت 22 3 1429 .<o:p></o:p>
            <o:p></o:p>

            ([4])عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله تعالى ﴿ اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ﴾ ، قال : (( أن يطاع فلا يعصى ، و أن يذكر فلا ينسى ، و أن يشكر فلا يكفر )) . أخرجه : الحاكم في (( المستدرك )) ( 2/ 294 ) و ابن جرير الطبري في (( تفسيره )) ( 7 / 65 / 7526 شاكر ) .<o:p></o:p>

            ([5]) قال العلامة ابن القيم رحمه الله : فالقرآن العظيم قد اجتمع فيه مالم يجتمع في غيره فإنه هو الدعوة و الحجة ، و هو الدليل و المدلول عليه ، و هو الشاهد و المشهود له . و هو الحكم و الدليل . و هو الدعوى و البينة ، قال الله تعالى : ﴿ أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْرَبِّهِ ﴾ [ هود : 17] ، أي من ربه ، و هو القرآن . (( مدارج السالكين )) ( 3 / 469 ) .<o:p></o:p>
            و لله در القائل :<o:p></o:p>
            و إن رمت إبراز الأدلة في الذي تريده فما تدعوا إليه تجـــاب <o:p></o:p>
            تدل على التوحيد فيه قواطـــع بها قطعت للملحدين رقاب <o:p></o:p>
            و فيه الدواء من كل داء فثق به فو الله ما عنه ينوب كتــاب <o:p></o:p>
            و ما مطلب إلا فيه دليـــــــله و ليس عليه للذكي حجاب<o:p></o:p>

            ([6]) السنة في اللغة : هي السيرة حسنة كانت أو قبيحة ، و أصل كلمة سُنَّةَ هو (( سَنَّ )) ، و لذلك جاء في لغة العرب ( ... سننت الماء على وجهه أسنه سنًّا، إذا أرسلته إرسالاً ... )) " معجم مقاييس اللغة " ( 3 / 60 ) .<o:p></o:p>
            و منه قول النبي : ((مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَلَهُ أَجْرُهَا، وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ )) . أخرجه مسلم في صحيحه ( 1017 ) .<o:p></o:p>
            و اصطلاحا : ما أثر عن النبي من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خِلقية أو خُلقية.<o:p></o:p>
            نقل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، عن الإمام أبي الحسن محمد بن عبد الملك : (( فاعلم أن السنة : طريقة رسول الله ﷺ و التسنن بسلوكها و هي أقسام ثلاثة : أقوال ، و أعمال ، و عقائد )) . مجموع الفتوى ( 4 / 180 ) .<o:p></o:p>
            و السنة بمنزلة ما جاء في القرآن الكريم ، فلا يجوز لأحد أن يفرق بين القرآن و بين السنة ، و من أنكرها كفر .<o:p></o:p>
            - عن عبد الله (ابن مسعود) قال : (( لعن الله الواشمات و المستوشمات، والنامصات والمتنمصات، والمتفلجات للحسن؛ المغيرات خلق الله )) ، قال : فبلغ ذلك امرأة من بني أَسَدِ يقال لها : أم يعقوب - وكانت تقرأ القرآن - فأتته، فقالت : ما حديث بلغني عنك ؛ أنك لعنت الواشمات والمستوشمات، والمتنمصات، والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله؟! فقال عبد الله: (( وما لي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في كتاب الله))؟! فقالت المرأة: لقد قرأت ما بين لوحي المصحف فما وجدته ! فقال: (( لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه ؛ قال الله عز وجل :﴿ وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ﴾ [الحشر :7] .<o:p></o:p>
            فقالت المرأة: فإني أرى شيئا من هذا على امرأتك الآن. قال : ((اذهبي فانظري)), قال : فدخلت على امرأة عبد الله فلم تر شيئا فجاءت إليه، فقالت :ما رأيت شيئا. فقال: (( أما لو كان ذلك لم نجامعها )) . أخرجه البخاري ( 4886 ) و مسلم (2125 ). <o:p></o:p>
            و قوله : (( لم نجامعها )) ؛ مال الحافظ رحمه الله في الفتح إلى أن المقصود هو المساكنة و الاجتماع . و الله أعلم <o:p></o:p>

            ([7]) قال الدارمي : أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد : ﴿ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ ﴾ قال : (( البدع و الشبهات )) صحيح .أخرجه الدارمي ( 1 / 286 /209 ) و ابن جرير في (( التفسير )) ( 8 /88 ) و ابن أبي حاتم في (( تفسيره )) ( 5 / 1422 رقم :8104 ) .<o:p></o:p>

            ([8])عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : (( إذا حدثتكم عن رسول الله ؛ فظنوا به الذي هو أهدى ، و الذي هو أتقى ، و الذي هو أهيأ )) . صحيح أخرجه ابن ماجة ( 20 ) .<o:p></o:p>

            ([9])أورده العلامة الألباني رحمه الله في " السلسلة الصحيحة " برقم ( 937 ) من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه، قال إسناده صحيح . <o:p></o:p>

            ([10]) حكى ابن العربي، عن الزبير بن بكار؛ قال سمعت سفيان بن عيينة يقول : سمعت مالك بن أنس - رحمه الله - ، و أتاه رجل فقال: يا أبا عبد الله ! من أين أحرم؟ فقال: من ذي الحليفة ، من حيث أحرم رسول الله ﷺ . فقال: فإني أريد أن أحرم من المسجد من عند القبر. فقال: لا تفعل؛ فإني أخشى عليك الفتنة. قال: وأي فتنة في هذا ؟! إنما هي أميال أزيدها . فقال: و أي فتنة أعظم من أن ترى أنك سبقت إلى فضيلة قصر عنها رسول الله ﷺ ؟! فإن الله تعالى يقول: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [ النور : 63 ] . كتاب " الاعتصام " للإمام الشاطبيرحمه الله - ( 1 / 227 228 ) تحقيق مشهور حسن آل سلمان .<o:p></o:p>

            ([11]) ذكر ابن أبي عاصم بسنده إلى معاوية بن أبي سفيان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( يكون أقوام تتجارى بهم تلك الأهواء كما يتجارى الكَلَب بصاحبه ، فلا يبقى منه مفصل إلى دخله )) صحيح بما بعده ، في سنده بن عمار صدوق كبر فصار يتقن ، و إسماعيل بن عياش صدوق في روايته عن أهل الشام و هذه منها ، و قد توبعا . رواه الطبراني في مسند الشاميين ( 2 /109 برقم 1006 ) من طريق هشام بن عمار به، ((السنة لابن أبي عاصم)) تحقيق أ.د . باسم بن فيصل الجوابرة أستاذ الحديث بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الرياض ( 1 / 35 ط دار الصميعي ) .<o:p></o:p>
            و سمي الهوى هوى لأنه يغمس صاحبه في النار ، عن الشعبي قال : (( إنما سميت الأهواء لأنها تَهوي بصاحبها في النار )) شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي ( 1 / 130 ) <o:p></o:p>
            عن طاوس ، قال : قال رجل لابن عباس : الحمد لله الذي جعل هوانا على هواكم . فقال : كل هوى ضلالة . شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي ( 1 / 130 ) <o:p></o:p>
            و عن طاوس قال : ما ذكر الله هوى في القرآن إلا عابه . شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي ( 1 / 130 ) .<o:p></o:p>
            قلت : صدق طاوس رحمه الله فعن علم تكلم ، و من الأدلة على ذلك قول الله تعالى : ﴿ وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ﴾[ المؤمنون : 71 ] ، و قال عز من قائل : ﴿بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ﴾[ الروم 29] و قال الله :﴿ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ﴾ [ الشورى : 15] ، و قال الله : ﴿وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ﴾ [ القمر : 3]،و قال الله : ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ ﴾[ محمد :16] ، و قال الله : ﴿ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ ﴾[ المائدة :49]، قال الله تعالى : ﴿ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ﴾ [ الأعراف : 176] ، و قال الله سبحانه : ﴿ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾ [ الكهف : 28]،قال الله تعالى : ﴿ فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى ﴾ [ طه : 16] ، و قال الله تعالى : ﴿ أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا ﴾ [ الفرقان : 43] .<o:p></o:p>
            <o:p></o:p>
            <o:p></o:p>
            <o:p></o:p>

            ([12]) متفق عليه : أخرجه البخاري في صحيحه كتاب العلم ، باب فضل من عَلِمَ و عَلَم ( 79 ) ، وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب الفضائل، باب بيان مثل ما بعث النبي ﷺ من الهدى و العلم (2282) .<o:p></o:p>

            ([13]) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب التوحيد ، باب ذكر النبي وروايته عن ربه (7536 ) من حديث أنس رضي الله عنه .<o:p></o:p>

            ([14]) متفق عليه : أخرجه البخاري في صحيحه كتاب العلم ، باب من قعد حيث ينتهي به المجلس، و من رأى فرجة في الحلقة فجلس فيها ( 66) ، و أخرجه مسلم في صحيحه كتاب السلام ، باب من أتى مجلساً فوجد فرجة فجلس فيها، و إلا وراءهم ( 2176).<o:p></o:p>

            ([15]) قال الله تعالى : ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴾[ الأحزاب : 36] ، و قال الله :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾[ الحجرات : 1]، و قال الله تعالى : ﴿ قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ﴾[ آل عمران : 32]، و قال سبحانه :﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ﴾[ النساء : 80]، و قال الله : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾[ النساء : 59]، و قال الله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ ﴾[ الأنفال : 20]، و قال الله : ﴿ قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾[ النور: 54]، و قال الله : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ﴾[محمد : 33 ]، و قال الله :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾[الأنفال :24]، و قال الله :﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾[النور: 51- 52] و قال الله : ﴿ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾[ الحشر:7 ]، هذا و الأدلة في الباب كثيرة .<o:p></o:p>

            ([16]) أخرجه البخاري كتاب الاعتصام بالكتاب و السنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله ﷺ ( 7288 ) ، و أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الحج ، باب فرض الحج مرة في العمر (1337) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه . <o:p></o:p>

            ([17])أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الإيمان ، باب تجاوز الله عن حديث النفس و الخواطر بالقلب إذا لم تستقر ... (125 ) .<o:p></o:p>

            ([18])متفق عليه: أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الأذان ، باب تسوية الصفوف عند الإقامة و بعدها ( 717 )، و أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الصلاة ، باب تسوية الصفوف و إقامتها و فضل الأول فالأول منها ... ( 436 ) .<o:p></o:p>

            ([19]) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب المساجد و مواضع الصلاة ، باب صلاة الجماعة من سنن الهدى ( 654 ) و أبو داود ( 550 ) . <o:p></o:p>

            ([20]) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الصلاة، باب خروج النساء إلى المساجد إذا لم يترتب عليه فتنة، و أنها لا تخرج مطيبة ( 442 ).<o:p></o:p>

            ([21]) متفق عليه : أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الذبائح و الصيد ، باب الخذف و البندقة (5479 )، وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب الصيد و الذبائح ،باب إباحة ما يستعان به على الاصطياد و العدوّ، و كراهة الخذف ( 1954 ).<o:p></o:p>
            - عن عطاء بن يسار رحمه الله ؛ أن معاوية باع سقاية من ذهب أو ورق بأكثر من وزنها ، فقال له أبو الدرداء : (( سمعت رسول الله ينهى عن مثل هذا إلا مثلاً بمثل )) . <o:p></o:p>
            فقال معاوية : (( ما أرى بهذا بأساً )) . فقال أبو الدرداء : (( من يعذرني من معاوية ! أُحدثه عن رسول الله ، و يخبرني عن رأيه ! لا أُسَاكِنُك بأرضٍ أنت بها )) .<o:p></o:p>
            ثم قدم أبو الدرداء على عمر بن الخطاب رضي الله عنه ؛ فذكر له ، فكتب عمر إلى معاوية : (( أن لا تبع ذلك إلاَّ مِثلاً بِمثلِ ، ووزناً بوزن )) أخرجه مالك في (( الموطأ )) ( 2 / 133 / 33 ) . <o:p></o:p>
            - و عن أبي قلابة ، قال : (( كنت بالشام في حلقة فيها مسلم بن يسار ، فجاء أبو الأشعت ، قال : قالوا : أبو الأشعت أبو الأشعت . فجلس ، فقلت : حدِّث أخانا حديث عبادة بن الصامت .<o:p></o:p>
            قال : (( نعم ؛ غزونا غزاة و على الناس معاوية - ، فَغَنِمنا غنائمَ كثيرة ، فكان فيما غنمنا آنية فضة ، فأمر معاوية رجلاً أن يبيعها في أعطيات الناس ، فتسارع الناس في ذلك ، فبلغ عبادة بن الصامت ، فقام فقال : (( إني سمعتُ رسول الله ينهى عن بيع الذهبِ بالذهبِ ، و الفضَّة بالفضَّة ، و البُرَّ بالبُرَّ ، و الشعير بالشعير، و التمرِ بالتمرِ ، و الملح بالملح ؛ إلا سواء بسواء ، عيناً بعين ، فمن زاد أو ازدادَ فقد أربَى )) .<o:p></o:p>
            فرد الناس ما أخذوه ، فبلغ ذلك معاوية ، فقام خطيبا ، فقال : (( ألا ما بالُ رجال يتحدَّثون عن رسول الله أحاديث قد كُنَّا نشهده و نصحبهُ ؛ فلم نسمعها منه ))!<o:p></o:p>
            فقام عبادةُ بن الصامت فأعاد القصة، ثم قال: (( لنَتَحَدَّثَنَّ بما سمعنا من رسول الله - و إن كره معاوية ما أبالي أن لا أصحبه في جنده ليلة سوداء )) . أخرجه مسلم ( 1587 ) و البيهقي في (( السنن الكبرى )) ( 5 / 277 ) .<o:p></o:p>
            قلت : هذه الآثار العظيمة فيها بيان حرص الصحابة رضي الله عنهم على سنن رسول الله و هديه ، و عدم التفريط في ذلك و طاعتهم لرسول ﷺ ، عن ابن عباس في قول الجن : ﴿ وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا﴾ [ الجن : 19]، قال : (( لمَّا رأوه يصلي بأصحابه، و يصلون بصلاته، و يركعون بركوعه، و يسجدون بسجوده؛ تعجبوا من طواعية أصحابه له ، فلما رجعوا إلى قومهم قالوا : ﴿ وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ ﴾ يعني النبي ﷺ ﴿ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا ﴾ )) صحيح . أخرجه أحمد في " المسند " ( 1 / 252 ، 270 ) رقم ( 2271 ، 2431 ـ شاكر ) .<o:p></o:p>
            قال الحميدي : ذكر للشافعي يوماً حديثاً؛ فقال له رجل : أتقول به يا أبا عبد الله ؟ فاضطرب و قال : (( يا هذا ! أرأيتني نصرانيا؟! أرأيتني خارجا من كنيسة؟! أرأيت في وسطي زناراً ؟! أروي حديثاً عن رسول الله ﷺ و لا أقول به )) !! أثر صحيح . أخرجه البيهقي قي " مناقب الشافعي" ( 1 / 173 ) <o:p></o:p>
            تأملوا يا رعاكم الله قول الشافعي ؛ نظر الله أولئك الأفذاذ كانوا لا يتجاوزون قول رسول الله ﷺ؛ أعزهم الله و رفع قدرهم بقدر تعظيمهم لدين الله ، و الناظر لحال كثير منا اليوم يرى العجب في الرد الصريح لأحاديث رسول الله ﷺ، بل بعضهم تجرأ على أحاديث في صحيح البخاري سندها ساطع كالشمس في رابعة النهار؛ كما هو حال القرضاوي و من سار على طريقه ، و ليس هذا موضع بيان بسط هذه المسألة فقد ألف في ذلك الرسائل ، ارجع إليها هديت للخير .<o:p></o:p>

            ([22]) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب التفسير ، باب ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَصَوْتِ النَّبِيِّ﴾ [2] (4845).<o:p></o:p>

            ([23]) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب التفسير ، باب ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَصَوْتِ النَّبِيِّ﴾ [2] (4846)، و أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الإيمان ، باب مخالفة المؤمن أن يحبط عمله (119).<o:p></o:p>

            ([24])- عن مالك بن أنس رضي الله عنه قال : ((لما كان اليوم الذي دخَلَ فيه رسول الله المدينة؛ أضاء منها كل شيء ، فلما كان اليوم الذي مات فيه ؛ أظلم منها كل شيء ... ))صحيح . أورده العلامة الألباني رحمه الله في " مختصر الشمائل " (196 / 329 ) . ألباني أل <o:p></o:p>

            ([25])أخرج مسلم :كتاب الفضائل ، باب شفقته على أمته و مبالغته في تحذيرهم مما يضرهم (2285) .<o:p></o:p>

            ([26]) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الاعتصام بالكتاب و السنة، باب الاقتداء بسنن سول الله (7280) .<o:p></o:p>

            ([27])أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الأشربة ، باب آداب الطعام و الشراب و أحكامهما (2021).<o:p></o:p>

            ([28]) متفق عليه:أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الزكاة، باب خرص التمر ( 1481)،أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الفضائل، باب في معجزات النبي (1392). <o:p></o:p>

            ([29]) عن طارق بن شهاب ، قال :قالت اليهود لعمر بن الخطاب : إنكم تقرؤون آية في كتابكم ، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتّخذنا ذلك اليوم عيداً . قال عمر : (( و أي آية )) ؟<o:p></o:p>
            قالوا: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ . قال عمر : (( و الله إني لأعلم اليوم الذي نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ، و الساعة التي نزلت فيها ؛ نزلت على رسول الله عشية عرفة ، في يوم جمعة )) . أخرجه البخاري ( 45 ) و مسلم ( 3017 ) و الترمذي ( 3043 ) .<o:p></o:p>
            قال العلامة محمد سلطان المعصومي رحمه الله : (( فطرق الدين و العبادات الصحيحة إنما هي ما بينه الذي خَلَقَ الخَلق على لسان رسوله محمد ﷺ ، فمن زاد على هذا أو نقص فقد خالف الحكيم الخلاَق العليم ؛ بتركيبه الأدوية من عند نفسه ، فربما صار دواؤه داءً ، و عبادته معصية ، و هو لا يشعر لأن الدين قد كمل تمام الكمال فمن زاد شيئا فيه فقد ظنّ الدين ناقصاً ؛ و هو يكمله باستحسان عقله الفاسد ، و خياله الكاسد )) .<o:p></o:p>
            و قال الإمام الشوكاني رحمه الله : فإذا كان الله قد أكمل دينه قبل أن يقبض نبيه صلى الله عليه و على آله وسلم ، فما هذا الرأي الذي أحدثه أهله بعد أن أكمل الله دينه ؟! إن كان من الدين في اعتقادهم، فهو لم يكمل عندهم إلا برأيهم؛ و هذا فيه رد للقرآن.<o:p></o:p>
            و إن لم يكن من الدين ؛ فأي فائدة في الاشتغال بما ليس من الدين ؟!<o:p></o:p>
            و هذه حجة قاهرة ، و دليل عظيم ، لا يمكن لصاحب الرأي أن يدفعه بدافع أبدا ، فاجعله هذه الآية الشريفة أول ما تصك به وجوه أهل الرأي ، و ترغم به آنافهم ، و تدحض به حججهم . " البدعة و أثرها السيئ على الأمة " ( ص 27 ) للشيخ سليم الهلالي حفظه الله . <o:p></o:p>


            ([30])أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الإيمان ، باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد إلى جميع الناس، و نسخ الملل بملته (386) من حديث أبي هريرة.<o:p></o:p>


            ([31]) متفق عليه : أخرجه البخاريفي صحيحه كتاب الاعتصام بالكتاب و السنة ، باب قول النبي ﷺ ((لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق يقاتلون )) ( 7311 ) ،أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الإمارة ، باب قوله ﷺ : (( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم )) (1921) من حديث المغيرة بن شعبة.<o:p></o:p>

            ([32]) صحيح أبو داود ( 4607)، و صحيح ابن ماجه (42)، و صححه العلامة الألباني رحمه الله في (( ضلال الجنة )) (27 ) .<o:p></o:p>

            ([33])الشرة بكسر الشين و تشديد الراء : الحرص على الشيء و النشاط فيه و الرغبة .<o:p></o:p>

            ([34])الفترة بفتح الفاء و سكون التاء : الوهن و الضعف . قال القاضي : المعنى أن من اقتصد في الأمور ، سلك الطريق المستقيم ، و اجتنب جانبي الإفراط : الشِّرَّة ، و التفريط : الفترة ، فارجوا الصلاح َ و الخيرَ منه ، فإنه يمكن الدوام على الوسط ، و أحبُ الأعمال إلى الله أدومها ، و إن اجتهد و بالغ في العمل ليصير مشهوراً بالعبادة و الزهد ، و صار مشهوراً مشاراً إليه بالعبادة فلا تعدوا به ، و لا تحسبوه من الصالحين ، لكونه مرائياُ . شرح " مشكل الآثار" لأبي جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي ( 3 / 268 ) .<o:p></o:p>

            ([35]) أورده العلامة مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله في " صحيح المسند " برقم (802) من حديث عبد الله بن عمرو، و قال حديث صحيح على شرط الشيخين .<o:p></o:p>

            ([36])جواهر الأدب في أبيات و إنشاء لغة العرب " السيد أحمد الهاشمي " ( ص 78 ) .<o:p></o:p>

            ([37]) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب المغازي ، باب غزوة أحد (3043) .<o:p></o:p>

            ([38]) متفق عليه :أخرجه البخاري في صحيحه كتاب المغازي ، باب قول الله تعالى : ﴿وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ ﴾ إلى قوله ﴿غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة 25 -27] ( 4315)، و مسلم في صحيحه كتاب الجهاد و السير ، باب في غزوة حنين ( 1776 ) .من حديث البراء بن عازب رضي الله عنهما .<o:p></o:p>

            ([39]) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب المغازي ، باب كتاب النبيﷺ إلى كسرى و قيسر ( 4425) .<o:p></o:p>

            ([40]) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الصلح، باب قول النبي للحسن بن علي رضي الله عنهما : (( ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَينِ )) ( 2704 ) .<o:p></o:p>

            ([41])أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الاعتصام بالكتاب و السنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله ﷺ (7286) من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما .<o:p></o:p>

            ([42]) صحيح . أخرجه الدارمي ( 1/ 286 287 / 210 ) و ابن أبي شيبة في (( مصنفه )) ( 15/ 306 / 19736 ) و المحدث العلامة الألباني رحمه الله في (( الصحيحة )) ( 5 / 13 14 / 2005 <o:p></o:p>
            قلت : و هذا الأثر فيه فوائد عظيمة؛ منها : <o:p></o:p>
            1- أنَّ العبادات توقيفية ، فلا يجوز للإنسان أن يتعبد الله تعالى بأمر لا دليل عليه شرعاً، و إن استحسنه العقل ، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : (( لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، و قد رأيت رسول الله يمسح على ظاهر خفيه )) صحيح أبي داود باب المسح على الجوربين ( 162 ) .<o:p></o:p>
            2 أن البدع كلها منكرة في ديننا ، و إن رآها الناس حسنة ، قال عبد الله بن عمر رضي الله عنه : (( كل بدعة ضلالة ، و إن رآها الناس حسنة )) . <o:p></o:p>
            3 أن َّ الله لم يبتلينا لكثرة أعمالنا، قال الله تعالى : ﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ﴾ [ سورة الملك الآية : 2 ] .<o:p></o:p>
            قال العلامة الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى في تفسير قول الله تعالى : (هو أخلصه وأصوبه؛ قالوا : يا أبا علي ما أخلصه و أصوبه؟ فقال : إن العمل إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يقبل، وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يقبل، حتى يكون خالصاً صواباً، والخالص أن يكون لله، والصواب أن يكون على السنة). ثم قرأ قوله تعالى:﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) " مدارج السالكين " ( 2 / 93 ) .<o:p></o:p>
            4- ( أنَّ الغاية لا تبرر الوسيلة )و هذه القاعدة التي خرج بها علينا في هذا العصر جماعة الإخوان المسلمين قاعدة باطلة ، و لذلك أنكر هذا الصحابي الجليل رضي الله عنه فعلهم رغم أن أصل الذكر مشروع في ديننا ، و لكن الوسيلة محدثة .<o:p></o:p>
            5- أن البدعة مآلها إلى خطر عظيم ، و سيأتي قول العلامة الألباني رحمه الله .<o:p></o:p>
            6 ملازمة العلماء، و الرجوع إليهم في مسائل الدين، كما فعل الصحابي الجليل أبو موسى الأشعري رضي الله عنه .<o:p></o:p>
            7 الإنكار على المخالف ، و زجره بحسب الضوابط الشرعية . <o:p></o:p>
            8 قال العلامة الألباني رحمه الله تعالى : (....أن البدعة الصغيرة بريد إلى البدعة الكبيرة، ألا ترى أن أصحاب تلك الحلق صاروا بَعدُ من الخوارج الذين قتلهم الخليفة الراشد على بن أبي طالب ؟ فهل من معتبر ؟ ! )) اهـ " السلسلة الصحيحة ( 5 / 14 ) تحت حديث رقم ( 2005 ) . <o:p></o:p>
            <o:p></o:p>
            التعديل الأخير تم بواسطة خالد بن محمد الغرباني; الساعة 28-04-2008, 02:13 PM.

            تعليق


            • #7
              جزاكم الله خيراً

              للتحميل بخط lotus

              أو الخط العادي

              تعليق


              • #8
                جزى الله خيرا كثيرا فضيلة الشيخ الناصح الأمين يحيى الحجوري

                تعليق


                • #9
                  جزاك الله خيرا اخي الفاضل

                  وحفظ الله الشيخ الفاضل يحيى

                  وبارك الله فيه

                  تعليق


                  • #10
                    و إياك أخي الكريم

                    تعليق


                    • #11
                      اسال الله العظيم ان يبارك في الشيخ الناصح الامين ابي عبدالرحمن يحيي الحجوري وفقه الله واطال الله في عمره 0000

                      تعليق


                      • #12
                        اللهم آمين.

                        تعليق

                        يعمل...
                        X