إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

براءة الدعوة السلفية من ضلالات داعش الخارجية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • براءة الدعوة السلفية من ضلالات داعش الخارجية

    براءة الدعوة السلفية
    من ضلالات داعش الخارجية


    كتبها الفقير إلى الله:
    أبو فيروز عبد الرحمن الجاوي الإندونيسي
    غفر الله له

    بسم الله الرحمن الرحيم
    مقدمة
    الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما كثيرا، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا الله الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ الله كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: 1]، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ الله وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 70، 71]. أما بعد:
    فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدى هدى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثات بدعة وكل بدعة ضلالة.
    فهذا بيان مختصر في براءة الدعوة السلفية من ضلالات حركات داعش الخارجية الذين سموا أنفسهم بالدولة الإسلامية، وزعموا أنهم أهل السنة والجماعة.
    وقد استغل بعض الظالمين تلك الدعايات لضرب الدعوة السلفية فقالوا: إن السلفيين غلاة، وهم داعش، وهم المدعمون لتنظيم القاعدة، وهم أنصار تنظيم الدولة الإسلامية التي أُنشئت في بلاد الشام والعراق.
    فنحن السلفيون نقول مستعينين بالله تعالى:
    الباب الأول: وجوب طاعة ولاة الأمور في المعروف وتحريم الخروج عليهم وإن جاروا وظلموا

    نحن السلفيون أهل السنة والجماعة نعتقد وجوب طاعة ولاة الأمور في المعروف، ولم نجوِّز الخروج عليهم وإن جاروا وظلموا.
    قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا الله وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِالله وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾. ]النساء: 59 [.
    فيها دليل على وجوب طاعة ولاة الأمور في المعروف، وإن اختلف العلماء فيهم، فقال بعضهم: هم العلماء. وقال الآخرون: هم الأمراء.
    قال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، قول من قال: هم الأمراء والولاة لصحة الأخبار عن رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بالأمر بطاعة الأئمة والولاة فيما كان لله طاعةً، وللمسلمين مصلحة. ("جامع البيان" /8/ص 502).
    وقال الإمام ابن كثير رحمه الله: والظاهر -والله أعلم-أن الآية في جميع أولي الأمر من الأمراء والعلماء، كما تقدم. وقد قال تعالى: ﴿لَوْلا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الإثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ﴾ ]المائدة: 63[. وقال تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ ]النحل: 43[. وفي الحديث الصحيح المتفق عليه، عن أبي هريرة، عن رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أنه قال: «من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصا الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصا أميري فقد عصاني». )أخرجه البخاري (2957)) ومسلم (1835)).
    فهذه أوامر بطاعة العلماء والأمراء، ولهذا قال تعالى: ﴿أَطِيعُوا الله﴾ أي: اتبعوا كتابه ﴿وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾ أي: خذوا بسنته ﴿وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ﴾ أي: فيما أمروكم به من طاعة الله لا في معصية الله، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الله، كما تقدم في الحديث الصحيح: «إنما الطاعة في المعروف»([1]). ("تفسير القرآن العظيم" /2/ص 384/ط. دار الحديث).
    وقول الله سبحانه: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾. ]النساء: 83[.
    وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: دعانا النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فبايعناه، فقال فيما أخذ علينا: أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله: «إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان». أخرجه البخارى (7199-7200)) ومسلم (1709)).
    وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس». قال: قلت: كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟ قال: «تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع». (أخرجه مسلم (1847))، وأصل الحديث متفق عليه).
    وعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: بَعَثَ النَّبِي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- سَرِيَّةً فَاسْتَعْمَلَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ، فَغَضِبَ فَقَالَ: أَلَيْسَ أَمَرَكُمُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أَنْ تُطِيعُونِى. قَالُوا: بَلَى. قَالَ فَاجْمَعُوا لِى حَطَبًا. فَجَمَعُوا، فَقَالَ: أَوْقِدُوا نَارًا. فَأَوْقَدُوهَا، فَقَالَ: ادْخُلُوهَا. فَهَمُّوا، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يُمْسِكُ بَعْضًا، وَيَقُولُونَ: فَرَرْنَا إِلَى النَّبيِّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- مِنَ النَّارِ. فَمَا زَالُوا حَتَّى خَمَدَتِ النَّارُ، فَسَكَنَ غَضَبُهُ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم – فَقَالَ: «لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، الطَّاعَةُ فِى الْمَعْرُوفِ». (أخرجه البخارى (4340)) ومسلم (1840)).
    والأدلة في هذا الباب كثيرة معروفة.
    ونحن السلفيون نقول كما قال العلامة المزني –وهو من أكبر أئمة الشافعية- رحمه الله: والطاعة لأولي الأمر فيما كان عند الله عز وجل مرضياً، واجتناب ما كان مسخطاً، وترك الخروج عند تعديهم وجورهم، والتوبة إلى الله عز وجل كيما يعطف بهم على رعيتهم. ("إبراز معتقد الشافعية بشرح عقيدة المزني السلفية"/لأبي فيروز/ص187).
    وقال الإمامان أبو زرعة وأبو حاتم الرازيان رحمهما الله: أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازا وعراقا وشاما ويمنا فكان من مذهبهم : ... ولا نرى الخروج على الأئمة ولا القتال في الفتنة ، ونسمع ونطيع لمن ولاه الله عز وجل أمرنا ولا ننزع يدا من طاعة ، ونتبع السنة والجماعة ، ونجتنب الشذوذ والخلاف والفرقة. (كما نقله الإمام اللالكائي الشافعي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" /1/ص 286-.../ط. المكتبة الإسلامية).
    وقال الإمام أبو الحسن الأشعري رحمه الله عن إجماع السلف: وأجمعوا على السمع والطاعة لأئمة المسلمين، وعلى أن كل من ولي شيئا من أمورهم عن رضى أو غلبة وامتدت طاعته من بر وفاجر لا يلزم الخروج عليهم بالسيف جار أو عدل. ("رسالة إلى أهل الثغر" /ص247 /ط. دار الصفا والمروة).
    هذا من عقيدتنا التي ندين الله بها ابتغاء وجه الله، لا رغبة في الدنيا ولا خوفاً من المخلوق.


    الباب الثاني: بعض أباطيل تنظيم القاعدة أو داعش أو تنظيم الدولة الإسلامية

    "داعش" كما ذكره الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله بمعنى: دولة إسلامية في العراق والشام.
    فداعش، أو تنظيم القاعدة، أو تنظيم الدولة الإسلامية؛ قد قرأت بعض مقالاتهم. فهم يكفِّرون ولاة أمور المسلمين بسبب ذنوبهم. ونحن السلفيون يعتقدون أن غير الأنبياء والمرسلين ليسوا بمعصومين من الأخطاء والزلات والذنوب. فنحن نعتقد أن عصاة المسلمين مسلمون مؤمنون وليسوا بكافرين.
    أما داعش، أو تنظيم القاعدة، أو تنظيم الدولة الإسلامية فهم يكفِّرون مرتكب الكبيرة. وقد قرأت مقالة بعض دعاتهم فهو يكفِّر حكّام المسلمين بعلّة أنهم لم يحكموا بما أنزل الله.
    فلما كفّروهم؛ يعتقدون حلال دمائهم وأموالهم وأعراضهم، فأجازوا السرقة والنهب من بيوت مجتمع الإسلام، وأجازوا الخروج على الحكَّام.
    فداعش، أو تنظيم القاعدة، أو تنظيم الدولة الإسلامية هم الخوارج وهم الغلاة. وهم يقهرون الناس للدخول في دين الإسلام بالغلظة والفظّ وقسوة القلوب. فهم بعداء من دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم مبتعدون من حكمة دعوة السلف الصالح. وهم سعوا جادِّين في إفساد سمعة المسلمين ويزعمون أنهم أنصار الإسلام.
    ونحن السلفيون يعتقدون أن هؤلاء هم الخوارج الذين ذمّهم النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في عدد من الأحاديث، منها:
    عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يخرج ناس من قبل المشرق ويقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ثم لا يعودون فيه حتى يعود السهم إلى فوقه». قيل: ما سيماهم؟ قال: «سيماهم التحليق»، أو قال: «التسبيد». (أخرجه البخاري (7563)).
    وعن علي رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة». (أخرجه البخاري (3611) ومسلم (1066)).
    وعن أبي غالب رحمه الله يقول: لَمَّا أُتِي بِرُءُوسِ الأَزَارِقَةِ فَنُصِبَتْ عَلَى دَرَجِ دِمَشْقَ جَاءَ أَبُو أُمَامَةَ فَلَمَّا رَآهُمْ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ فَقَالَ: «كِلاَبُ النَّارِ - ثَلاَثَ مَرَّاتٍ - هَؤُلاَءِ شَرُّ قَتْلَى قُتِلُوا تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ وَخَيْرُ قَتْلَى قُتِلُوا تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ هَؤُلاَءِ». قَالَ: فَقُلْتُ: فَمَا شَأْنُكَ دَمَعَتْ عَيْنَاكَ؟ قَالَ: رَحْمَةً لَهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الإِسْلاَمِ. قَالَ: قُلْنَا: أَبِرَأْيِكَ قُلْتَ هَؤُلاَءِ كِلاَبُ النَّارِ، أَوْ شَيءٌ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: إِنِّي لَجَرِيءٌ بَلْ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- غَيْرَ مَرَّةٍ وَلاَ ثِنْتَيْنِ وَلاَ ثَلاَثٍ. قَالَ: فَعَدَّ مِرَاراً. (أخرجه عبد الرزاق (18663) والإمام أحمد ((22314)/الرسالة) والطبراني في "الكبير" (8033) وصححه الإمام الوادعي رحمه الله في "الصحيح المسند" رقم (482) /دار الآثار).
    فكيف يقال بعد ذلك إن السلفيين : داعش، أو تنظيم القاعدة، أو تنظيم الدولة الإسلامية؟
    والقاعدة هم المفسدون في الأرض ومشوِّهون لسمعة المسلمين والسلفيين. والقاعدة هم الذين أخذوا بعض دعاة السلفيين في اليمن الجنوبية فعذّبوهم أياماً وناقشوهم على تكفير الحكّام، وطلبوا منهم الخروج معهم على حكام المسلمين، فثبت هؤلاء إخواننا الأفاضل الدعاة إلى السلفية وصبروا على عذاب الخوارج، حتى جاءهم فرج من الله، فجاء طائرة الحكومة اليمنية فتضرب مراكز القاعدة هناك فهربوا فنجّى الله هؤلاء الإخوة، ثم يأتوننا زائرين في دار الحديث في دماج فيقصّ أحدهم علينا قصتهم.
    فكيف يقال بعد ذلك إن السلفيين : داعش، أو تنظيم القاعدة، أو تنظيم الدولة الإسلامية؟
    وقد قرأت مقالة لبعض دعاة تنظيم الدولة الإسلامية فأثنى فيها على تنظيم القاعدة.
    ومن أثنى على قوم بعلم ومعرفة وأيّدهم فإنه منهم.
    قال فضيلة الشيخ أحمد بن يحيى النجمي رحمه الله لإبراهيم بن حسن الشعبي الحزبي المتستر: إن ثناءك عليهم وإعذارك لهم، وإنكارك على من يبين ما عندهم من المخالفات للشرعية الإسلامية عامة، والمنهج السلفي خاصة وذمك له من أعظم الدلائل على أنك حزبي كبير. ("دحر الهجمة" /له /ص 19/دار المنهاج).
    وقد سئـل سماحـة الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – في شرحه لكتاب "فضل الإسلام"، ما نصّه: الذي يثني على أهل البدع ويمدحهم، هل يأخذ حكمهم؟ فأجاب – عفا الله عنه -: نعم ما فيه شكٌّ، من أثنى عليهم ومـدحهم هو داعٍ لهم، يدعو لهم، هذا من دعاتهم، نسأل الله العافيـة. ("إجماع العلماء على الهجر والتحذير من أهل الأهواء" /لخالد الظفري/ص137).
    وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله: من خالف منهج السلف، ومدح المناهج المخالفة لمنهج السلف، ومدح أهلها، فإنه يعتبر من أهل المخالفة، تجب دعوته ومناصحته، فإن رجع إلى الحق وإلا فإنه يُهجر ويُقاطع اهـ. ("الأجوبة المفيدة" /الحارثي/ص171/مكتبة الهدي المحمدي).
    وتنظيم القاعدة؛ أقوال العلماء فيهم معروفة بأنهم خوارج. فتنظيم داعش أو تنظيم الدولة الإسلامية هم خوارج.
    وقد قرأت مقالة لبعض دعاتهم أنهم يتبجحون بكثرة أنصارهم من القبائل والغرباء.
    وهكذا أهل الباطل أنهم يركزون على كثرة الأتباء وتكثير السواد لا تصحيح المسار.
    قال العلامة محمود شكري الألوسي رحمه الله في شرح مسائل الجاهلية: الاعتماد على الكثرة، والاحتجاج بالسواد الأعظم ، والاحتجاج على بطلان الشيء بقلة أهله . فأنزل الله تعالى ضدّ ذلك وما يبطله ، فقال في "الأنعام" [ 116 - 117] : ﴿وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون﴾﴿إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين﴾. فالكثرة على خلاف الحق لا تستوجب العدول عن اتباعه لمن كان له بصيرة وقلب ، فالحق أحق بالاتباع وإن قل أنصاره –إلى قوله: - ومن أخذ ما عليه الأكثر ، وما ألفته العامة من غير نظر الدليل فهو مخطئ ، سالك سبيل الجاهلية ، مقدوح عند أهل البصائر اهـ. ("شرح مسائل الجاهلية" / ص26/دار الآثار).
    وسيأتي كلام الإمام ابن القيم رحمه الله في محنة الإمام أحمد رحمه الله في فصل "إغراء أهل الباطل ذا السلطان" (في الصفة الرابعة والسبعين).
    ومن ذلك قصة محنة الإمام الحافظ عبد الغني المقدسي رحمه الله: أنه كان يقرأ الحديث بعد الجمعة، فاجتمع القاضي محيي الدين، والخطيب ضياء الدين، وجماعة، فصعدوا إلى القلعة، وقالوا لواليها: هذا قد أضل الناس، ويقول بالتشبيه، فعقدوا له مجلسا، فناظرهم، -إلى قوله:- وارتفعت الأصوات، فقال والي القلعة الصارم برغش: كل هؤلاء على ضلالة وأنت على الحق ؟ قال: نعم. فأمر بكسر منبره. ("سير أعلام النبلاء" /21 /ص 463).
    وقال الحافظ عبد الغني المقدسي رحمه الله: وإن اغترّ كثير من المتأخرين بأقوالهم وجنحوا إلى اتباعهم، فلا تغترّ بكثرة أهل الباطل، فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء». رواه مسلم وغيره. ("الاقتصاد في الاعتقاد"/ص221/ط. مكتبة العلوم والحكم).
    وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: فإذا ظفرت برجل واحد من أولى العلم طالب للدليل محكم له متبع للحق حيث كان وأين كان ومع من كان زالت الوحشة وحصلت الألفة ولو خالفك فإنه يخالفك ويعذرك والجاهل الظالم يخالفك بلا حجة ويكفرك أو يبدعك بلا حجة وذنبك رغبتك عن طريقته الوخيمة وسيرته الذميمة. فلا تغتر بكثرة هذا الضرب وفإن الآلاف المؤلفة منهم لا يعدلون بشخص واحد من أهل العلم. والواحد من أهل العلم يعدل بملء الأرض منهم. واعلم أن الإجماع والحجة والسواد الأعظم هو العالم صاحب الحق وإن كان وحده وإن خالفه أهل الأرض. ("إعلام الموقعين"/3 /396-397).
    وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: وقد شذّ الناس كلهم زمن أحمد بن حنبل إلا نفراً يسيراً فكانوا هم الجماعة وكانت القضاة حينئذ والمفتون والخليفة وأتباعه كلهم هم الشاذّون وكان الإمام احمد وحده هو الجماعة ولما لم يتحمل هذا عقول الناس، قالوا للخليفة: يا أمير المؤمنين أتكون أنت وقضاتك وولاتك والفقهاء والمفتون كلهم على الباطل وأحمد وحده هو على الحق. فلم يتسع علمه لذلك فأخذه بالسياط والعقوبة بعد الحبس الطويل فلا إله إلا الله ما أشبه الليلة بالبارحة وهي السبيل المهيع لأهل السنة والجماعة حتى يلقوا ربهم مضى عليها سلفهم وينتظرها خلفهم ﴿من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا﴾ ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم. اهـ ("إعلام الموقعين" / المثال الثاني والستون /3/ ص287/ دار الحديث).
    هذا من آفات الحزبيين الذين أصيبوا بالعصبية والتقليد والضعف في طلب العلم. قال الإمام الشوكاني رحمه الله: وألا تغتر بالكثرة، فإن المجتهد هو الذي لا ينظر إلى من قال، بل إلى ما قال، فإن وجد نفسه تنازِعه إلى الدخول في قول الأكثرين، والخروج عن قول الأقّلين، أو إلى متابعة من له جلالة قدر، ونبالة الذكر، وسعة دائرة علم، لا لأمر سوى، فليعلم أنه قد بقي فيه عرقٌ من عروق العصبية، وشعبة من شعب التقليد، وأنه لم يوفّ الاجتهاد حقه. ("أدب الطلب"/ص108/دار الكتب العلمية).
    وقال الإمام الوادعي رحمه الله تعالى: وإنني أحمد الله إذ وفّق أهل السنة بالبعد عن الحزبيات والحزبيين، وأنت أيها السني لو كنت وحدك وأنت على الحق فلا تبال، يقول الله تعالى: ﴿إنّ إبراهيم كان أمّةً قانتًا لله حنيفًا ولم يك من المشركين﴾، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يرى النبي ومعه الرهط، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد، فأنت تتمسك بالدين حتى ولو كنت وحدك. ) "تحفة المجيب" /ص155 /دار الآثار(.
    وقال أيضا الإمام الوادعي رحمه الله تعالى: إياك أن تغترّ بكثرة المؤيدين للباطل، ولا الألقاب الضخمة، وكن مع الحق حيثما كان. ("المخرج من الفتنة" /ط5 /ص70 /دار الآثار(.
    وقال الشيخ صالح فوزان حفظه الله: فالميزان ليس هو الكثرة والقلة، بل الميزان هو الحق، فمن كان على الحق وإن كان واحداً فإنه هو المصيب، وهو الذي يجب الاقتداء به، وإذا كان الكثرة على الباطل، فإنه يجب رفضها وعدم الاغترار بها،...إلخ. ("شرح مسائل الجاهلية" / ص61/دار العاصمة).
    فهؤلاء تنظيم القاعدة أو تنظيم الدولة الإسلامية يتبجحون بكثرة أنصارهم من المخدوعين ولم يذكروا رجلاً من علماء أهل السنة والجماعة المعروفين يؤيدهم.
    نعم، لا أحد من علماء السنة إذا قد عرف حالهم يؤيدهم أو ينصرهم أو يصحح طريقتهم. فلذلك لما قرأت مقالة لأحد دعاة تنظيم الدولة الإسلامية لم أجد واحداً من علماء السنة يُذكر مع كثرة تبجحهم عند ذكر من نصرهم. ولا شك أن هذا نذير الشرّ، لما ترك القوم علماء السنة ولم يتبعوا إرشاداتهم.
    قال الإمام ابن دقيق العيد رَحِمَـهُ اللهُ في شرح خطبة "الإلمام": والأرض لا تخلو من قائم لله بالحجة، والأمة الشريفة لا بد لها من سالك إلى الحق على واضح المحجة، إلى أن يأتي أمر الله في أشراط الساعة الكبرى([2]).
    وقال الإمام ابن القيم رَحِمَـهُ اللهُ: فإن هذه الأمة أكمل الأمم وخير أمة أخرجت للناس ونبيها خاتم النبيين لا نبي بعده فجعل الله العلماء فيها كلما هلك عالم خلقه عالم لئلا تطمس معالم الدين وتخفى أعلامه. ("مفتاح دار السعادة"/1/143).
    وقال رَحِمَـهُ اللهُ:... وهذا لأن الله سبحانه ضمن حفظ حججه وبيناته وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لا تزال طائفة من أمته على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم إلى قيام الساعة، فلا يزال غرس الله الذين غرسهم في دينه يغرسون العلم في قلوب مَن أهّلهم الله لذلك، وارتضاهم، فيكونوا ورثة لهم كما كانوا هم ورثة لمن قبلهم فلا تنقطع حجج الله والقائم بها من الأرض وفي الأثر المشهور: «لا يزال الله يغرس في هذا الدين غرسا يستعملهم بطاعته»([3]) وكان من دعاء بعض من تقدم: (اللهـم اجعلنـي من غرسـك الذين تستعملهم بطاعتك). ولهذا ما أقام الله لهذا الدين من يحفظه ثم قبضه إليه إلا وقد زرع ما علمه من العلم والحكمة إما في قلوب أمثاله وإما في كتب ينتفع بها الناس بعده. ("مفتاح دار السعادة" (1/ص147-148).
    نحن لا نأمر الناس بتقليد العلماء. ولكن من قال قولاً لم يقله أحد من علماء السنة ألبتة فإنه لا خطر عظيم.
    قال الله تعالى: ﴿وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ﴾ [العنكبوت: 43].
    والعلماء هم القادرون على استقراء الأدلة وتتبع النصوص والاستنباط كما ينبغي.
    ولا شك أن النظر والحكم يحتاج إلى رسوخ العلم قام به العلماء المجتهدين لا قصيرو العلم.
    قال الميموني رحمه الله: قال لي أحمد –ابن حنبل رحمه الله-: يا أبا الحسن، إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام اهـ. ("سير أعلام النبلاء" /11/ص 296/الرسالة).
    وقال الإمام الدارمي رحمه الله: إن الذي يريد الشذوذ عن الحق ، يتبع الشاذ من قول العلماء ، ويتعلق بزلاتهم. والذي يؤم الحق في نفسه يتبع المشهور من قول جماعتهم ، وينقلب مع جمهورهم ، فهما آيتان بينتان يستدل بهما على اتباع الرجل ، وعلى ابتداعه. ("الرد على الجهمية"/للدارمي/ص 122).
    قال الإمام البربهاري رحمه الله: فانظر رحمك الله كل من سمعت كلامه من أهل زمانك خاصة فلا تعجلن ولا تدخلن في شيء منه حتى تسأل وتنظر: هل تكلم فيه أحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أو أحد من العلماء ؟ فإن أصبت فيه أثراً عنهم: فتمسك به ولا تجاوزه لشيء ولا تختر فيه شيئاً فتسقط في النار اهـ. ("شرح السنة" /للبربهاري/ ص18/دار الآثار).
    وقال الإمام محمد بن حسين الآجري رحمه الله: من كان له علم وعقل، فميز جميع ما تقدم ذكري له من أول الكتاب إلى هذا الموضع علم أنه محتاج إلى العمل به ، فإن أراد الله به خيراً لزم سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم ومن تبعهم بإحسان من أئمة المسلمين في كل عصر، وتعلم العلم لنفسه ، لينتفي عنه الجهل ، وكان مراده أن يتعلمه لله تعالى ولم يكن مراده ، أن يتعلمه للمراء والجدال والخصومات ، ولا للدنيا ، ومن كان هذا مراده سلم إن شاء الله تعالى من الأهواء والبدع والضلالة ، واتبع ما كان عليه من تقدم من أئمة المسلمين الذين لا يستوحش من ذكرهم. ("الشريعة"/للإمام الآجري /ص51/ط. دار الحديث).
    وقال شيخ الإسلام رحمه الله: فالشيخ خبير يعرف عواقب الأمور . ("مجموع الفتاوى"/3 /ص270).
    وقال الإمام ابن رجب رحمه الله: إياك أن تتكلم في كتاب الله أو في حديث رسول الله بغير ما قاله السلف. ("مجموع رسائل ابن رجب"/باختيار دررها أبي عبد الله الأثيوبي).
    والإمام الوادعي رحمه الله: ورب العزة يقول في كتابه الكريم: ﴿وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ﴾، ويقول سبحانه وتعالى: ﴿إنّ في ذلك لآيات للعالمين﴾، ويقول سبحانه وتعالى مبينًا لمنْزلة العلماء وأنّهم هم الذين يضعون الأشياء مواضعها عند أن خرج قارون في زينته، قال أهل الدنيا: ﴿ياليت لنا مثل ما أوتي قارون إنّه لذو حظّ عظيم - وقال الّذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحًا ولا يلقّاها إلاّ الصّابرون﴾.
    والعلماء هم الذين يدعون الناس على بصيرة: ﴿قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتّبعني﴾.
    والعلماء هم الذين يدعون إلى الخير: ﴿ولتكن منكم أمّة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون﴾.
    وهم الذين رفع الله شأنهم وأعلى قدرهم: ﴿يرفع الله الّذين آمنوا منكم والّذين أوتوا العلم درجات﴾.
    وهم الذين قرنهم الله بنفسه وملائكته: ﴿شهد الله أنّه لا إله إلاّ هو والملائكة وأولو العلم قائمًا بالقسط﴾.
    وهم الذين يحاربون الفتن، وهم الذين يقفون في وجوه الظلمة، وهم الذين يصبرون على شظف العيش ويجالسون الأمة ويفيدونها، وأنت تزهد يا أيها الجويهل في مجالسة العلماء وفي اتباع أهل العلم، ورب العزة يقول في كتابه الكريم: ﴿واتّبع سبيل من أناب إليّ﴾.
    ويقول صاحب آل ياسين لقومه: ﴿اتّبعوا من لا يسألكم أجرًا وهم مهتدون﴾.
    فمنْزلة العلماء منْزلة رفيعة، شئت أم أبيت.
    (انتهى من "تحفة المجيب"/ص197-198/دار الآثار).
    ومما قرأت من مقالة بعض دعاتهم أنهم يشيدون إلى من سموه أبا بكر البغدادي للخلافة الإسلامية. وهذا الرجل لا يدرى من هو، ولا تعرف خلفيته، ولا يشتهر عند أحد من علماء السنة، ولا تعرف قبل ذلك دعوته إلى أعظم حق الله وهو توحيد الألوهية، فإذا هو يبرز في ساحة السياسة والعسكرية. أفمثل هذا يركن إليه في دماء المسلمين ودينهم؟
    وعن أبى هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل». (أخرجه أبو داود (4835) والترمذي (2552) وهو حديث حسن).
    وقال الإمام محمد بن سيرين رحمه الله: إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم. ("صحيح مسلم"/1/ص12).
    ولا تنظروا إلى تفجيرهم بعض المقابر المعظم لأن ذلك ذر الرماد في أعين المسلمين، وليست الدعوة إلى توحيد الألوهية هدفهم الأكبر.
    وأما ادعاءهم أنهم من أهل السنة فإنه دعوة عارية يحسنها كل واحد من الناس.
    قال إبراهيم التيمي رحمه الله: ما عرضت قولي على عملي إلا خشيت أن أكون مكذّباً. (ذكره البخاري في "الصحيح" (1/ص 93)، وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (34970) وأبو نعيم في "الحلية" (4/ص211) بسند حسن).
    وقال الإمام البربهاري رحمه الله: ولا يحل لرجل أن يقول: فلان صاحب سنة حتى يعلم منه أنه قد اجتمعت فيه خصال السنة، لا يقال له: صاحب سنة حتى تجتمع فيه السنة كلها. ("شرح السنة" /للبربهاري /ص 128).
    ومما قرأت من مقالة بعض دعاتهم أنهم يتبجحون بكثرة الغنائم اغتنموها من أموال الناس.
    وهكذا دعوة الخوارج أساسها النظر إلى المال، لا إلى صحة الاعتقاد والقول والفعل بالكتاب والسنة. أليس أصل انتقاد رئيسهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم: قسمة المال؟
    عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقسم قسما، أتاه ذو الخويصرة، وهو رجل من بني تميم، فقال: يا رسول الله، اعدل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ويلك ومن يعدل إن لم أعدل؟ قد خبت وخسرت إن لم أعدل». فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: يا رسول الله، ائذن لي فيه أضرب عنقه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دعه، فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرءون القرآن، لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى رصافه فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى نضيه فلا يوجد فيه شيء - وهو القدح - ثم ينظر إلى قذذه فلا يوجد فيه شيء، سبق الفرث والدم، آيتهم رجل أسود، إحدى عضديه مثل ثدي المرأة، أو مثل البضعة تتدردر، يخرجون على حين فرقة من الناس». قال أبو سعيد: فأشهد أني سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأشهد أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قاتلهم وأنا معه، فأمر بذلك الرجل فالتمس، فوجد، فأتي به، حتى نظرت إليه، على نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي نعت. (أخرجه البخاري (3610) ومسلم (1064)).
    ومما يدل على أن الخوارج كذبوا في إظهار الغيرة لله تعالى، وأنهم عبّاد الدنيا؛ ما ذكر الإمام ابن كثير رحمه الله في قصة الخوارج بعد أن قتلوا عثمان بن عفان رضي الله عنه: ... ثم مال هؤلاء الفجرة على ما في البيت فنهبوه، وذلك أنه نادى مناد منهم: أيحلّ لنا دمه ولا يحلّ لنا ماله، فانتهبوه ثم خرجوا فأغلقوا الباب على عثمان وقتيلين معه، فلما خرجوا إلى صحن الدار وثب غلام لعثمان على قترة فقتله، وجعلوا لا يمرون على شئ إلا أخذوه حتى استلب رجل يقال له كلثوم التجيبي، ملاءة نائلة، فضربه غلام لعثمان فقتله، وقتل الغلام أيضا، ثم تنادى القوم: أن أدركوا بيت المال لا تستبقوا إليه، فسمعهم حفظة بيت المال فقالوا: يا قوم النجا النجا، فإن هؤلاء القوم لم يصدقوا فيما قالوا من أن قصدهم قيام الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك مما ادعوا أنهم إنما قاموا لأجله وكذبوا إنما قصدهم الدنيا، فانهزموا وجاء الخوارج فأخذوا مال بيت المال وكان فيه شيء كثير جداً. ("البداية والنهاية"/7/ص210-211).
    وفي بلدنا بعض فرق الخوارج يحرصون على حثّ الناس على جمع الأموال باسم الدين، فما حققوا دولة إسلامية، وقد تمتع رؤساءهم بغزارة أموال الأمة.
    وشأن خوان المسلمين –إخوان المفلسين- معروف لدينا.
    قال الإمام الوادعي رحمه الله: وجزى الله أخانا سعد الحصين خيرا إذ يقول في كتيب له: إن الإخوان المفلسين ينتهزون الفرص لجمع الأموال – إلى قوله- فحصلت لهم غنيمة حيث قام الجهاد في (البوسنية والهرسك) من أجل أن يجددوا الشحاذة. ("غارة الأشرطة" /1 /ص 536/ ط. مكتبة صنعاء الأثرية).
    قال أبو حيان التوحيدي رحمه الله: أتى رجل من الخوارج الحسن البصري فقال له: ما تقول في الخوارج؟ قال: هم أصحاب دنيا، قال: ومن أين قلت، وأحدهم يمشي في الرمح حتى ينكسر فيه ويخرج من أهله وولده؟ قال الحسن: حدثني عن السلطان أيمنعك من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والحج والعمرة؟ قال: لا، قال: فأراه إنما منعك الدنيا فقاتلته عليها.
    قال إسحاق: فحدثت بهذا الحديث الغاضري، وكان ظريفاً بالمدينة، فقال: صدق الحسن، ولو أن أحدهم صام حتى يتعقد، وسجد حتى يحز جبينه، واتخذ عسقلان مراغه، ما منعه السلطان، فإذا جاء يطلب ديناراً أو درهماً لقي بالسيوف الحداد والأدرع الشداد.
    ("البصائر والذخائر" /لأبي حيان/1 /ص34).


    الباب الثالث: بعض أقوال العلماء في داعش


    هذه بعض أقوال علماء السلفيين في داعش أو تنظيم الدولة الإسلامية أو تنظيم الخلافة الإسلامية:
    الفصل الأول: فتوى فضيلة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله

    سمعت فضيلة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله سئل عن تنظيم داعش، فقال: هؤلاء الذين هذا وصفهم قد حذر منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد حذر منهم أئمة الإسلام، وأن الواجب مناصحة من يقبل النصيحة منهم. ومن لا يقبل النصيحة منهم فإن وليّ الأمر يكفّ شرّهم عن المسلمين بما يتخذه من إجراء رادع لهؤلاء وأمثالهم. الدين لا بد له من حماية، والبلاد بلاد المسلمين لا بد لها من حماية. والمسلمون كلهم رجال الأمن، وكلهم مسؤولون عن حماية هذا الدين وحماية بلاد المسلمين وحرماتهم. فلا يجوز السكوت عن هؤلاء. بعضهم قد يمدح على هؤلاء ويثني عليهم. وهذا من باب الجهل أو من باب مشاركتهم. فمن مدحهم وأثنى عليهم، وبرّر لهم فإن حكمه حكمهم. انتهى النقل.
    الفصل الثاني: فتوى فضيلة الشيخ العلامة عبد المحسن العباد حفظه الله

    كتب الشيخ العلامة عبد المحسن العباد رسالة سماها:
    "الفتنة الخلافة الداعشية العراقية المزعومة"
    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله وحده وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده نبينا محمد وعلى آله وصحبه. أما بعد؛
    فقد ولد في العراق قبل عدة سنوات فرقة أطلقت على نفسها دولة الإسلام بالعراق والشام، واشتهر ذكرها بأربعة حروف هي الحروف الأوائل لهذه الدولة المزعومة فيقال لها: ((داعش))، وقد تعاقب على زعامتها ـ كما ذكر ذلك بعض المتابعين لحدوثها وأحداثها ـ عدد يقال للواحد منهم: أبو فلان الفلاني أو أبو فلان ابن فلان، كنية معها نسبة إلى بلد أو قبيلة كما هو شأن المجاهيل المتسترين بالكنى والأنساب، وبعد مضي مدة على الحرب التي وقعت في سوريا بين النظام والمقاتلين له دخل أعداد من هذه الفرقة غير مقاتلين للنظام، لكنهم يقاتلون أهل السنة المناوئين للنظام ويفتكون بهم، وقد اشتهر أن قتلهم لمن يريدون قتله يكون بالسكاكين الذي هو من أبشع وأنكى ما يكون في قتل الآدميين، وفي أوائل شهر رمضان الحالي حوَّلوا تسمية فرقتهم إلى اسم: ((الخلافة الإسلامية))، وخطب خليفتهم الذي أُطلق عليه أبو بكر البغدادي في جامع في الموصل، ومما قاله في خطبته: فقد وُلِّيت عليكم ولست بخيركم))، وقد صدق في أنه ليس بخيرهم؛ لأن قتل من يقتلونه بالسكاكين إن كان بأمره أو بعلمه وإقراره فهو شرهم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: »من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً».) رواه مسلم (6804)) وهذه الجملة التي قالها في خطبته قد قالها أول خليفة في الإسلام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه وهو خير هذه الأمة التي هي خير الأمم، قالها تواضعاً وهو يعلم والصحابة يعلمون أنه خيرهم للأدلة الدالة على ذلك من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن الخير لهذه الفرقة أن تراجع نفسها وتؤوب إلى رشدها قبل أن تكون دولتها في مهب الرياح كشأن مثيلاتها التي سبقتها في مختلف العصور. ومما يؤسف له أن فتنة هذه الخلافة المزعومة التي وُلدت قبل أيام لقيت قبولا عند بعض صغار الشباب في بلد الحرمين أظهروا فرحهم وسرورهم بها كما يفرح الظمآن بالسراب، وفيهم من زعم مبايعة هذا الخليفة المجهول! وكيف يُرتجى خير ممن ابتلوا بالتكفير والتقتيل بأشنع القتل وأفظعه؟! والواجب على هؤلاء الشباب أن يربأوا بأنفسهم عن الانسياق وراء نعيق كل ناعق، وأن يكون الرجوع في كل التصرفات إلى ما جاء عن الله عز وجل وعن رسوله صلى الله عليه وسلم؛ لأن في ذلك العصمة والسلامة والنجاة في الدنيا والآخرة، وأن يرجعوا إلى العلماء الناصحين لهم وللمسلمين، ومن أمثلة سلامة من فكَّر في ضلال بسبب رجوعه إلى أهل العلم ما رواه مسلم في صحيحه (191) عن يزيد الفقير قال: كنتُ قد شَغَفَنِي رأيٌ من رأي الخوارج، فخرجنا في عِصابةٍ ذوي عدد نريد أن نحجَّ، ثمَّ نخرجَ على الناس، قال: فمررنا على المدينة فإذا جابر بن عبد الله يُحدِّث القومَ ـ جالسٌ إلى ساريةٍ ـ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فإذا هو قد ذكر الجهنَّميِّين، قال: فقلتُ له: يا صاحبَ رسول الله! ما هذا الذي تُحدِّثون؟ والله يقول: ﴿إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ﴾ ﴿كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا﴾، فما هذا الذي تقولون؟ قال: فقال: أتقرأُ القرآنَ؟ قلتُ: نعم! قال: فهل سمعت بمقام محمد عليه السلام، يعني الذي يبعثه فيه؟ قلتُ: نعم! قال: فإنَّه مقام محمد صلى الله عليه وسلم المحمود الذي يُخرج اللهُ به مَن يُخرج. قال: ثمَّ نعتَ وضعَ الصِّراط ومرَّ الناس عليه، قال: وأخاف أن لا أكون أحفظ ذاك. قال: غير أنَّه قد زعم أنَّ قوماً يَخرجون من النار بعد أن يكونوا فيها، قال: يعني فيخرجون كأنَّهم عيدان السماسم، قال: فيدخلون نهراً من أنهار الجنَّة فيغتسلون فيه، فيخرجون كأنَّهم القراطيس. فرجعنا، قلنا: وَيْحَكم! أَتَروْنَ الشيخَ يَكذِبُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! فرجعنا، فلا ـ والله! ـ ما خرج منَّا غيرُ رَجل واحد، أو كما قال أبو نعيم.
    وأبو نعيم هو الفضل بن دكين هو أحد رجال الإسناد، وهو يدلُّ على أنَّ هذه العصابةَ ابتُليت بالإعجاب برأي الخوارج في تكفير مرتكب الكبيرة وتخليده في النار، وأنَّهم بلقائهم جابراً رضي الله عنه وبيانه لهم صاروا إلى ما أرشدهم إليه، وتركوا الباطلَ الذي فهموه، وأنَّهم عدلوا عن الخروج الذي همُّوا به بعد الحجِّ، وهذه من أعظم الفوائد التي يستفيدها المسلم برجوعه إلى أهل العلم.
    ويدلُّ لخطورة الغلو في الدِّين والانحراف عن الحقِّ ومجانبة ما كان عليه أهل السنَّة والجماعة قوله صلى الله عليه وسلم من حديث حذيفة رضي الله عنه: »إنَّ أخوفَ ما أخاف عليكم رجل قرأ القرآن، حتى إذا رُئيت بهجته عليه وكان ردءاً للإسلام، انسلخ منه ونبذه وراء ظهره، وسعى على جاره بالسيف ورماه بالشرك، قلت: يا نبيَّ الله! أيُّهما أولى بالشرك: الرامي أو المرمي؟ قال: بل الرامي«. ) رواه البخاري في "التاريخ" وأبو يعلى وابن حبان والبزار، انظر الصحيحة للألباني (3201)).
    وحداثةُ السنِّ مظنَّة سوء الفهم، يدلُّ لذلك ما رواه البخاري في صحيحه (4495) بإسناده إلى هشام بن عروة، عن أبيه أنَّه قال: قلت لعائشة زوج النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وأنا يومئذ حديث السنِّ: أرأيتِ قول الله تبارك وتعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ الله فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾ ، فما أرى على أحد شيئاً أن لا يطوَّف بهما، فقالت عائشة: كلاَّ! لو كانت كما تقول كانت: فلا جناح عليه أن لا يطوَّف بهما، إنَّما أنزلت هذه الآية في الأنصار، كانوا يُهلُّون لِمناة، وكانت مناة حذو قديد، وكانوا يتحرَّجون أن يطوَّفوا بين الصفا والمروة، فلمَّا جاء الإسلام سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأنزل الله: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ الله فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾.
    وعروة بن الزبير من خيار التابعين، وهو أحدُ الفقهاء السبعة بالمدينة في عصر التابعين، قد مهَّد لعُذره في خطئه في الفهم بكونه في ذلك الوقت الذي سأل فيه حديثَ السنِّ، وهو واضحٌ في أنَّ حداثةَ السنِّ مظنَّةُ سوء الفهم، وأنَّ الرجوع إلى أهل العلم فيه الخير والسلامة.
    وفي صحيح البخاري (7152) عن جندب بن عبد الله قال: إنَّ أوَّل ما ينتن من الإنسان بطنُه، فمَن استطاع أن لا يأكل إلاَّ طيِّباً فليفعل، ومَن استطاع أن لا يُحال بينه وبين الجنَّة بملء كفٍّ من دم هراقه فليفعل.
    قال الحافظ في "الفتح" (13/130): ووقع مرفوعاً عند الطبراني أيضاً من طريق إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، عن جندب، ولفظه: تعلمون أنِّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يحولنَّ بين أحدكم وبين الجنَّة وهو يراها ملءُ كفِّ دم من مسلم أهراقه بغير حلِّه.
    وهذا لو لم يرِد مصرَّحاً برفعه لكان في حكم المرفوع؛ لأنَّه لا يُقال بالرأي، وهو وعيد شديد لقتل المسلم بغير حقٍّ.
    وهذه الأحاديث والآثار هي بعض ما أوردته في رسالة: بأي عقل ودين يكون التفجير والتدمير جهاداً!؟
    ويحكم أفيقوا يا شباب، وفيها آيات عديدة وأحاديث وآثار كثيرة في تحريم قتل الإنسان نفسه وقتله لغيره بغير حق، وقد طبعت هذه الرسالة مفردة في عام 1424هـ، وطبعت سنة 1428هـ مع رسالة أخرى بعنوان: "بذل النصح والتذكير لبقايا المفتونين بالتكفير والتفجير" )ضمن مجموع كتبي ورسائلي). (6/225-279).
    وعلى هؤلاء الشباب الذين انساقوا وراء نعيق هذه الفرقة أن يراجعوا أنفسهم ويثوبوا إلى رشدهم وألا يفكر أحد منهم باللحوق بها فيخرجون من الحياة بالأحزمة الناسفة التي يُلبسون إياها أو بذبح بالسكاكين الذي هو ميزة لهذه الفرقة، وعليهم أن يلزموا السمع والطاعة للدولة السعودية التي عاشوا وعاش آباؤهم وأجدادهم في ولايتها بأمن وأمان، فهي بحق أمثل دول العالم وخيرها على ما فيها من قصور من أعظم أسبابه فتنة التغريبيين في هذه البلاد الذين يلهثون وراء تقليد الغرب في كل ما فيه مضرة.
    وأسأل الله عز وجل أن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان، وأن يهدي شبابهم من البنين والبنات إلى كل خير،وأن يحفظ بلاد الحرمين حكومة وشعبا من كل سوء، وأن يوفقها لكل خير، وأن يقيها شر الأشرار وكيد الفجار، إنه سميع مجيب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه. -
    انتهى.
    الفصل الثالث: فتوى فضيلة الشيخ العلامة يحيى بن علي الحجوري حفظه الله تعالى

    سمعت فضيلة شيخنا يحيى الحجوري حفظه الله سئل عن داعش فقال: الذي أظنّ يصلنا من الأخبار أن داعش من جماعة هذه التي تسمى القاعدة. بل إنهم قاعدة غلاة. فالذي بلغنا أنهم ربما انتقموا من هؤلاء الذين هم خارجي تلك البلاد ويسمونهم مميعين، يعتبرونهم مميعين أي: ليسوا أقحاحاً مثل أولئك. ذاك أقحاح بشدة. وهذا الفكر فكر خارجي دلت أدلة السنة على ذمّه.
    جاء من حديث أبي أمامة عن أبي غالب رحمه الله يقول: لَمَّا أُتِي بِرُءُوسِ الأَزَارِقَةِ فَنُصِبَتْ عَلَى دَرَجِ دِمَشْقَ جَاءَ أَبُو أُمَامَةَ فَلَمَّا رَآهُمْ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ فَقَالَ: «كِلاَبُ النَّارِ - ثَلاَثَ مَرَّاتٍ - هَؤُلاَءِ شَرُّ قَتْلَى قُتِلُوا تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ وَخَيْرُ قَتْلَى قُتِلُوا تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ هَؤُلاَءِ». قَالَ: فَقُلْتُ: فَمَا شَأْنُكَ دَمَعَتْ عَيْنَاكَ؟ قَالَ: رَحْمَةً لَهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الإِسْلاَمِ. قَالَ: قُلْنَا: أَبِرَأْيِكَ قُلْتَ هَؤُلاَءِ كِلاَبُ النَّارِ، أَوْ شَيءٌ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: إِنِّي لَجَرِيءٌ بَلْ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- غَيْرَ مَرَّةٍ وَلاَ ثِنْتَيْنِ وَلاَ ثَلاَثٍ. قَالَ: فَعَدَّ مِرَاراً.
    وجاء الحديث من ابن أبي أوفى.
    والشاهد: أنهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية. خوارج هذا دأبهم. وترى فيه من التعبد وترى فيه من القراءة. يقرأون القرآن ويقيمونه. يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية.
    كانوا يقولون لعلي رضي الله عنه: بيننا وبينك الكتاب. وهم نبذوا بالكتاب. حتى إن شبيباً، واحد يقال شبيب كان يقاتل المسلمين وكان شجاعاً، وهو يقول: أن شبيب أبو المدلة، إن الحكم إلا لله.
    ويقاتل المسلمين. وهو يعتقد كفر المسلمين.
    مثل هؤلاء الروافض الذين يقاتلون المسلمين ويقولون: الموت لأمريكا يخبطون المسلمين. طلعت أهل دماج يقولون: أمريكا، وطلعت عمران يقولون: أمريكا. فصار المسلمون عندهم أمريكا. مع أنهم أرفد الناس لأولئك. ... الشاهد: لا يغرنك تقلبهم في البلاد. ﴿مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ [آل عمران: 197].
    نسأل الله أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن. لا ينبغي لمسلم أن يحيد عن الكتاب والسنة الذي يريد لنفسه النجاة. ﴿فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ﴾ [القصص: 50].
    الأهواء تتجارى بأصحابها. تبدأ صغيرة وتعود كبيرة.
    ثبت في السنة لابن أبي عاصم عن معاوية بن أبي سفيان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يكون أقوام تتجارى بهم تلك الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه، فلا يبقى منه مفصل إلا دخله».
    الكلب يبدأ قليلاً، مرض يسير ثم أنه يصبح يأكل الناس.
    وهكذا ثبت عن ابن مسعود رضي الله عنه في مقدمة سنن الدارمي :
    عن عَمْرُو بْنُ يَحْيَى قَالَ سَمِعْتُ أَبِى يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : كُنَّا نَجْلِسُ عَلَى بَابِ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ قَبْلَ صَلاَةِ الْغَدَاةِ ، فَإِذَا خَرَجَ مَشَيْنَا مَعَهُ إِلَى الْمَسْجِدِ ، فَجَاءَنَا أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِىُّ فَقَالَ : أَخَرَجَ إِلَيْكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بَعْدُ؟ قُلْنَا : لاَ ، فَجَلَسَ مَعَنَا حَتَّى خَرَجَ، فَلَمَّا خَرَجَ قُمْنَا إِلَيْهِ جَمِيعاً ، فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنِّى رَأَيْتُ فِى الْمَسْجِدِ آنِفاً أَمْراً أَنْكَرْتُهُ ، وَلَمْ أَرَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ إِلاَّ خَيْراً. قَالَ: فَمَا هُوَ؟ فَقَالَ : إِنْ عِشْتَ فَسَتَرَاهُ - قَالَ - رَأَيْتُ فِى الْمَسْجِدِ قَوْماً حِلَقاً جُلُوساً يَنْتَظِرُونَ الصَّلاَةَ ، فِى كُلِّ حَلْقَةٍ رَجُلٌ ، وَفِى أَيْدِيهِمْ حَصًى فَيَقُولُ : كَبِّرُوا مِائَةً ، فَيُكَبِّرُونَ مِائَةً ، فَيَقُولُ : هَلِّلُوا مِائَةً ، فَيُهَلِّلُونَ مِائَةً ، وَيَقُولُ : سَبِّحُوا مِائَةً فَيُسَبِّحُونَ مِائَةً. قَالَ : فَمَاذَا قُلْتَ لَهُمْ؟ قَالَ : مَا قُلْتُ لَهُمْ شَيْئاً انْتِظَارَ رَأْيِكَ أَوِ انْتِظَارَ أَمْرِكَ. قَالَ : أَفَلاَ أَمَرْتَهُمْ أَنْ يَعُدُّوا سَيِّئَاتِهِمْ وَضَمِنْتَ لَهُمْ أَنْ لاَ يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِهِمْ. ثُمَّ مَضَى وَمَضَيْنَا مَعَهُ حَتَّى أَتَى حَلْقَةً مِنْ تِلْكَ الْحِلَقِ ، فَوَقَفَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ : مَا هَذَا الَّذِى أَرَاكُمْ تَصْنَعُونَ؟ قَالُوا: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَصًى نَعُدُّ بِهِ التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّسْبِيحَ. قَالَ : فَعُدُّوا سَيِّئَاتِكُمْ فَأَنَا ضَامِنٌ أَنْ لاَ يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِكُمْ شَيءٌ ، وَيْحَكُمْ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ مَا أَسْرَعَ هَلَكَتَكُمْ ، هَؤُلاَءِ صَحَابَةُ نَبِيِّكُمْ -صلى الله عليه وسلم- مُتَوَافِرُونَ وَهَذِهِ ثِيَابُهُ لَمْ تَبْلَ وَآنِيَتُهُ لَمْ تُكْسَرْ ، وَالَّذِى نَفْسِى فِى يَدِهِ إِنَّكُمْ لَعَلَى مِلَّةٍ هِىَ أَهْدَى مِنْ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ ، أَوْ مُفْتَتِحِى بَابِ ضَلاَلَةٍ. قَالُوا : وَالله يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا أَرَدْنَا إِلاَّ الْخَيْرَ. قَالَ : وَكَمْ مِنْ مُرِيدٍ لِلْخَيْرِ لَنْ يُصِيبَهُ ، إِنَّ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- حَدَّثَنَا أَنَّ قَوْماً يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ ، وَايْمُ الله مَا أَدْرِى لَعَلَّ أَكْثَرَهُمْ مِنْكُمْ. ثُمَّ تَوَلَّى عَنْهُمْ ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ سَلِمَةَ : رَأَيْنَا عَامَّةَ أُولَئِكَ الْحِلَقِ يُطَاعِنُونَا يَوْمَ النَّهْرَوَانِ مَعَ الْخَوَارِجِ. ]أخرجه الإمام الدارمي رحمه الله في "السنن" (1/ ص 234)/وصححه الإمام الألباني رحمه الله في "الصحيحة" (2005)[.
    هذا التسبيح من ينكره؟ عبادة، ولكن على غير طريقة رسول الله وأصحابه. فأنكره –يعني أبا موسى- من جانب وإن كان برفق.
    وفي رواية –يعني: في "المعجم الكبير" للطبراني (8629)- قال لهم ابن مسعود: «من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا عبد الله بن مسعود».
    سمى نفسه، ليعرفوا أنه من كبار الصحابة، من كبار العلماء.
    وقوله: وَهَذِهِ ثِيَابُهُ لَمْ تَبْلَ وَآنِيَتُهُ لَمْ تُكْسَرْ، أي: مات قريباً.
    قال الراوي: رَأَيْنَا عَامَّةَ أُولَئِكَ الْحِلَقِ يُطَاعِنُونَا يَوْمَ النَّهْرَوَانِ مَعَ الْخَوَارِجِ.
    من التسبيح والتحميد إلى أن صاروا من أصحاب البدع الكبيرة، الخوارج. فالبدع تبدأ صغيرة ثم تكبر وتتوسع. السلامة كل السلامة على هدي رسول الله.
    عن الْعِرْبَاض بن سارية رضي الله عنه قال: صَلَّى بِنَا رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- ذَاتَ يَوْمٍ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ الله كَأَنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا فَقَالَ: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى الله وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِى فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِى وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ ». ]أخرجه أبو داود ((4607)/دار السلام) وحسنه الإمام الوادعي رحمه الله في "الصحيح المسند" (رقم (921)/دار الآثار)[.
    (فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا). طيب، أيش المخرج؟ (فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِى وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ).
    نسأل الله سبحانه أن يصلح المسلمين ويدفع عنا الفتن من ظهر منها وما بطن.
    هذا الذي سمعته عنهم والذي بلغنا عن أفعالهم أن هؤلاء القوم من ذلك الصنف الذي تحدثنا عنهم وأنهم هم القاعدة. بل ربما انتقدوا على أولئك أنهم مميعون وأولئك القاعدة أو أشد.
    نسأل الله السلامة من الفتن من ظهر منها وما بطن. انتهى من الشريط.
    الفصل الرابع: فتوى فضيلة الشيخ أبي عمار ياسر الدبعي العدني حفظه الله تعالى

    قد سمعت شيخنا الفاضل أبو عمار ياسر الدبعي العدني حفظه الله سئل: ما موقف أهل السنة والجماعة في داعش؟
    فقال حفظه الله: الله يهديكم. يا أخوان، أهل السنة والجماعة عقيدتهم معروفة. منهجهم معروف. عقيدتهم معروفة. منهجهم معروف. من كان على عقيدة أهل السنة والجماعة فإنه يكون منهم. أما إذا كان ليست عقيدته على عقيدة أهل السنة والجماعة فهو ليس منهم. فهناك أمور لا بد أن المسلم يعرف ما يسأل عنه. فمثلاً هذا الذي قد يسأل عنه: هل هو يرى حرمة دماء المسلمين؟
    هل يرى أن هناك مصلحة فيما يفعله أو أن يزداد الأمر مفسدة على المسلمين؟
    أمور كثيرة. لا كما يقال: في كل حدث حديث.
    -إلى قوله:- الكلام على الجماعة المخالفة عموماً إن جئنا إلى الكلام عليه فنحن بيننا وبينهم الكتاب والسنة. نحتكم إليهما. إن تكلموا بالكتاب والسنة وعملوا بها هم منّا. وإن ما احتكموا إلى الكتاب والسنة ولم يعملوا بهما فهم ليسوا منا. هذا هو أصل العقيدة سواء كانوا حربيين أو غير حربيين. سواء كانوا يدعون باللسان أو يدعون بالسنان. كل الجماعات. سواء هذه أو غيرها. لكن ينبغي للمسلم أن يحذر من أنه يتكلم بكلام لا يعي لأنه قد يؤاخذ على كلماته يقال: أنت لا تفهم الواقع الذي هم فيه.
    نحن نقول للذي يتمدح في أمثال هؤلاء، نقول له: هل هم عقيدتهم عقيدة أهل السنة والجماعة؟ إن قال: نعم. قلنا: ممتاز. ونقول له: هل هم يكفّرون الحكام أو لا. ثانياً: يتورعون عن دماء المسلمين؟ ثالثاً: هل هؤلاء القوم إذا عملوا شيئاً جنى أمراً طيباً للمسلمين أو جرّ الشرّ لهم؟
    انظروا إلى الواقع. الواقع خير دليل. فيا أهل السنة لا يتلعب بكم أحد. ابقوا على ما أنتم عليه. ابقوا على ما أنتم عليه. فهذه الجماعة التي تظهر جديدة لا هي منا ولا نحن منم. فينبغي للمسلم أن يبقى ثابتاً لا يتزعزع وتكون عنده عاطفة. الحمد لله، ... -إلى قوله:- إنما من كان على الكتاب والسنة ومظلة أهل السنة والجماعة فنعم، أما سوى ذلك فلا. انتهى من الشريط.
    الفصل الخامس: فتوى فضيلة الشيخ محمد بن إبراهيم المصري حفظه الله تعالى

    قال شيخنا محمد بن إبراهيم المصري حفظه الله:
    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
    أما بعد: قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللهِ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾؛فقد ذُكِرَ لي عن بعض أهل الجهل والضلال قوله عن تنظيم "داعش" : (لا أعرف لهم بدعة)، وعن غيره من الجهلة الضُّلَّالِ: (أنه متوقف فيهم).
    فأحببت أن أذكر باختصار بعض ضلالاتهم، وانحرافاتهم، وجهالاتهم(1):
    1- الخروج عن جماعة المسلمين، وترك طاعة أُولِى الأمر.
    2- الحزبية المَقِيتَةُ –والتي حَوَّلُوهَا فيما بعد إلى دولة يجب على كل مسلم في العالم الهجرة إليها في زعمهم -بالانتساب إلى تنظيم خاص يقتصر على بعض المسلمين، وهو تنظيم القاعدة، ثم تنظيم الدولة!!(2)
    3- تكفيرُ جميعِ حكامِ المسلمين، وجميعِ جيوشِ المسلمين، وجميعِ رجالِ الشرطة في البلاد الإسلامية(3).
    4- تكفيرُ المسلمين بما ليس مكفِّرًا، وصورُه عندهم كثيرة.
    5- تكفيرُ من وَقَعَ في الكفر بِالتَّعْيِينِ؛ بدون نظر إلى اسْتِيفَاءِ الشروط، وَانْتِفَاءِ الموانع وبَنَوا على ما تَقدّم:
    6- تكفيرُ كلِّ من دخل البرلمان، ورؤوسِ جميعِ الأحزاب؛ حتى التي تنتسب إلى الإسلام(4).
    7- إلزامُ الناسِ بالدخولِ في تنظيمهم؛ خصوصًا بعد أن سيطروا على مساحاتٍ واسعةٍ، ثم ادَّعَوْا أن التنظيمَ دولةٌ، ثم زعموا تَحَوُّلَهُ إلى خلافةٍ يجب على كل المسلمين الهجرةُ إليها؛ خصوصًا مع:
    8- ادِّعَاءِ أن جميعَ بلادِ المسلمين الأخرى بلادُ كُفْرٍ وَرِدَّةٍ.
    9- عدمُ فهم، وعدمُ رِعايةِ الكثير من القواعد، والأحكام الشرعية في الجهاد؛ بدْءًا، واسْتِمْرَارًا.
    10- تَجْوِيزُ العملياتِ الانتحاريةِ، وكثرةُ الاعتمادِ والِارْتِكَازِ عليها في العمليات، والغلوُّ فيها، وتسميتها –كذبا- انغماسًا في الأعداء.
    11- سوءُ التَّصَرُّفِ في كثير من الأمور، ومع كثيرٍ منَ الناسِ على اختلافِ أحوالهم؛ بما يخالف الشرع.
    12- عدمُ الرِّعَايَةِ والنظرِ في المصالح والمفاسد، وما ينبغي من التصرف شرعا في كثير من الأمور.
    13- اتِّخَاذُ شعاراتٍ واقعية في الملبس، والشكل؛ إما ليس لها أصل على هذا النحو، أو لها أصل لكنهم غَلَوْا فيها غُلُوًّا غيرَ مَرْضِيٍّ شرعاً.
    14- تقليدُ بعضِهِمْ لبعض في حركات، وأمور؛ من غير دليل.
    15- التَّكَلُّفُ الظاهرُ –بل الرياءُ؛ بدلالة القرائن- من العديد منهم، في مواطن متعددة (حتى في قول بعضهم: تكبير).
    16- استباحةُ التَّصْوِيرِ الفُوتُوغْرَافِيّ، والتِّلِيفِزْيُونِيّ، ويستخدمون هذا في أشياء كثيرة؛ يروجون بها لأنفسهم، وفي نقل عمليات الذبح للناس(5)؛ على نحو يُجْزَمُ بحرمته شرعا، وتَرَتَّبَتْ عليه أضرارٌ كثيرةٌ، وتشويهٌ للإسلام والمسلمين.
    وعندهم سوى ما تقدم بلايا ورزايا كثيرة، والله المستعان.
    أسأل الله أن ينصر الإسلام والمسلمين، وأن يذل الكفر والكافرين، وأن ينتقم من كل أعداء الدين.
    اللهم انصرِ الإسلامَ والسنةَ وأَهلَهُما، واجعلنا من أهلِهِمَا، واخْذُلِ الشركَ والبدعةَ وأَهلَهُما، ولا تجعلْنَا مِن أهلِهِمَا.
    انتهى.

    -----------------------
    (1) وقد ذَكَرْتُ تفصيلًا أكثرَ في عدد من الدروس والخطب.
    (2) وهذه التَّنْظِيمَات والفرق والجماعات كلها ما أنزل الله بها من سلطان، قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى الله ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾.
    (3) وهذا وغيره مما ذكرتُه مذكورٌ بصراحة في بيانهم لعقيدتهم.
    (4) مع التنبيه على براءتنا من الديمقراطية ومُفْرَدَاتِهَا الطاغوتية.
    (5) بل وقع التصوير للعبث بالرؤوس بعد فصلها عن الجسد، والله المستعان.
    انتهى النقل من الشيخ محمد بن إبراهيم المصري حفظه الله.


    الباب الرابع: مزيد بيان أن داعش خوارج أقحاح


    بعد أن كتبت هذه الرسالة؛ يزيد الله تعالى بياناً أن أصحاب تنظيم داعش هم الخوارج الأقحاح حيث إنهم عملوا تفجيراً في بعض مساجد المسلمين والعملية الانتحارية وقتل المصلين ويلبس فاعله بلباس المرأة تغريراً. هذه كلها فضيحة جلية على أنهم الخوارج الغلاة، وهم كما قاله أصدق الناس محمد صلى الله عليه وسلم: (كلاب النار)، وليسوا بسلفيين.
    قال الإمام ابن عبد البر رحمه الله: قال أبي العباس الناشي :
    من تحلى بغير ما هو فيه * عاب ما في يديه ما يدعيه
    وإذا حاول الدعاوى لما فيـ * ـه أضافوا إليه ما ليس فيه
    ويحسب الذي ادعا ما عداه * أنه عالم بما يعتريه
    ومحل الفتى سيظهر في النا * س وإن كان ذائبا يخفيه.
    وأحسن من قول الناشي قول الآخر في هذا المعنى:
    من تحلى بغير ما هو فيه * فضحته شواهد الامتحان
    وجرى في العلوم جري سكيت * خلفته الجياد يوم الرهان.
    ("جامع بيان العلم وفضله"/لابن عبد البر /2 /ص204).
    وقال الإمام ابن بطة رحمه الله: فإن هذه الفتن والأهواء قد فضحت خلقا كثيراً، وكشفت أستارهم عن أحوال قبيحة. ("الإبانة الكبرى" /لابن بطة /2/ص 596).
    وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: البلايا تظهر جواهر الرجال وما أسرع ما يفتضح المدعي. ("بدائع الفوائد"/3/ص751).
    وهذه الرسالة الثانية لفضيلة الشيخ عبد المحسن العباد -حَـفظُهُ الله- نشرها حفظه الله بعد تلك الحديثة، بعنوان:
    "الخلافة الداعشية المزعومة تقتل المصلين وتذبح الآدميين بالسكاكين"
    بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
    فقد ظهر في الآونة الأخيرة فرقة في العراق والشام أطلقت على نفسها الدولة الإسلامية، ثم الخلافة الإسلامية، قد اشتهرت بكلمة «داعش» هي الحروف الأولى من اسمها المزعوم: دولة الإسلام في العراق والشام، وقد اغتر بهذه الفرقة الضالة بعض الشباب لا سيما الصغار منهم في بلاد الحرمين فانساقوا وراء نعيقهم ورموا أنفسهم في أحضانهم، وفيهم من لم يلحق بهم وبقي في بلاده متلقياً توجيهاتهم منفذاً لمخططات إجرامهم، وسبق أن كتبت كلمة بعنوان: «فتنة الخلافة الداعشية العراقية المزعومة» نشرت في 28/9/1435هـ، ذكرت فيها أن الشباب المنساقين وراء نعيقهم ينتظرون مفارقة الحياة بتفجير أنفسهم أو ذبحهم بالسكاكين؛ فقلت: وعلى هؤلاء الشباب الذين انساقوا وراء نعيق هذه الفرقة أن يراجعوا أنفسهم ويثوبوا إلى رشدهم وألا يفكر أحد منهم باللحوق بها فيخرجون من الحياة بالأحزمة الناسفة التي يُلبسون إياها أو بذبح بالسكاكين الذي هو ميزة لهذه الفرقة، وعليهم أن يلزموا السمع والطاعة للدولة السعودية التي عاشوا وعاش آباؤهم وأجدادهم في ولايتها بأمن وأمان.
    وفي الأيام القليلة الماضية قام شابان صغيران بخدمة هذه الفرقة الداعشية وتنفيذ مخططاتها الإجرامية بتفجير أنفسهما بأحزمة ناسفة في مسجدين في المنطقة الشرقية في وقت صلاة الجمعة في يومين 4 و11من هذا الشهر أهلكا بذلك أنفسهما وعدداً من المصلين، وهذا عمل قبيح ليس إجراماً فقط بل هو متناهٍ في الإجرام، يتضح ذلك بأمور:
    1- أن قتل النفس المعصومة بغير حق جريمة من أكبر الكبائر ويزداد الجرم بقتلها حال أداء الصلاة.
    2- أن الأصل في من كان في المسجد أن يكون في راحة بال واطمئنان نفس وأمان من أي إزعاج وترويع، فكيف إذا تجاوز ذلك إلى قتل المصلين فيه.
    3- وإذا كانت الشريعة حرّمت قتل الرهبان في الصوامع كما في المسند (2728) وغيره فمن باب أولى تحريم قتل المصلين في المساجد.
    4- لا يجوز قتل المسلم نفسه بحزام ناسف أو غيره في أي حال من الأحوال؛ لقوله تعالى: ﴿وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ
    5- أن الشريعة جاءت بتحريم قتل الولدان في الحرب كما في صحيح مسلم (1731) ومن بين المقتولين بهذه الأحزمة الناسفة أطفال صغار.
    6- أن في هذا العمل الإجرامي صداً عن سبيل الله وتخويفاً للذاهبين إلى المساجد لأداء صلاة الجمعة، وقد بلغ الأمر إلى السؤال عن حكم التخلف عن صلاة الجمعة للسلامة من مثل هذا الإجرام، ولا يجوز التخلف عن الذهاب إلى المساجد على العموم بسبب التخوف من شيء نادر الوقوع.
    7- أن في هذا العمل الإجرامي إساءة بالغة إلى الإسلام والمسلمين، لأنه تنفيذ لمخططات هذه الفرقة الضالة التي أطلقت على نفسها: الدولة الإسلامية، ولا يتوقع خير بل ولا يظن ذلك في دولة إسلامية مزعومة هذا نموذج من إجرامها.
    8- وقتل المصلين في المساجد جريمة لو وقع في مكان في الأرض، كيف وقد كان وقوعه في بلاد سعودية يحكم قضاتها بالشريعة الإسلامية ودولتها أفضل الدول الإسلامية.
    9- أن الخلافة الداعشية المزعومة لم تقتصر إساءتها على الشباب الصغار الذين اغتروا بها وأهلكوا أنفسهم وغيرهم بتنفيذهم لمخططاتها بل تعدى ذلك إلى الإساءة البالغة إلى أهليهم وعقوق والديهم بما انتهى إليه أبناؤهم.
    10- أن تشبه الرجال بالنساء وتشبه النساء بالرجال حرام لقوله صلى الله عليه وسلم: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال»، رواه البخاري (5858)، وقد جاء أحد الشابين الصغيرين لتنفيذ إجرامه في زي امرأة.
    وفي الختام فإني أبذل نصحي لكل شاب انساق وراء سراب هذه الفرقة الضالة أن يتدارك نفسه وأن يبقى بين أهله بعيداً عن الوقوع فيما يعود عليه ضرره في الدنيا والآخرة. وأسأل الله عز وجل أن يصلح شباب المسلمين ويهديهم سبل السلام، وأن يوفق المسلمين جميعاً لما تحمد عاقبته في الدنيا والآخرة، وأن يوفق هذه البلاد حكومة وشعباً لكل خير ويحفظها من كل شر، وأن يقيها شر الأشرار وكيد الفجار، إنه سميع مجيب. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
    انتهى


    الباب الخامس: كشف أكاذيب أصحاب تنظيم الداعش والقاعدة


    إن كثيراً من أصحاب تنظيم الداعش والقاعدة يرفعون شعارات الخلافة الإسلامية. ولكنهم كذبوا، وإنما هم أصحاب الدنيا والرياسة. لو كانوا صادقين: لماذا يحرصون على هدم المملكة السعودية العربية وهي إسلامية ومن خيرة الدول الإسلامية في العالم؟
    ولماذا يبيتون عليها المكائد ليلاً ونهاراً وهي دولة إسلامية؟
    ولماذا يفجّرون المساجد في السعودية وغيرها من مجتمعات المسلمين؟
    ولماذا يستخدمون الحبوب المخدرات للتشجيع؟ أهذا بدل لفقدان الشجاعة الشرعية؟
    ولماذا يستعملون الأكاذيب الكثيرة في شؤون موتاهم؟ لأن قلتاهم ليسوا في سبيل الله.
    وهذه رسالة مهمة كتبها أخونا الفاضل طاهر الحضرمي وفقه الله يكشف فيها كثيراً من أكاذيب هؤلاء:
    الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسول الله الامين وعلى آله وصحبه اجمعين، أما بعد:
    فإن الأمة الإسلامية تعيش الآن أوقات عصبية وأزمات خانقة. فعدوّ من الداخل يعمل في بثّ الفرقة والفتن والتفجيرات، وقتل الابرياء، وتدمير المنشآت. وعدو من الخارج منتظر الفرصة للانقضاض.
    والأمة تعيش في ظلام دامس وجهل مطبق لا تعلم صديقها من عدوّها. والتي تديرهم هي القنوات الفضائية والمحللين المنحلين.
    وهي ترمي عليهم من العواصف الشديده في نشر الأخلاق الفاسده والعقائد الباطله والعري والشر ليلاً ونهاراً التى تحلق الخلق والدين وتتركهم عبأ على الأمة. وتسيرهم على عماهم من فين لآخر.
    فالواحد لما يتفكر في هذه البلاياء والمصائب يصيبه الخوف الشديد على دينه وعلى ونفسه وأولاده والأجيال القادمة من بعده.
    ونحن ابتلينا في هذا الزمان بعدوّ من أنفسنا وتربى بيننا وأكل من طعامنا وربما عاش في بيوتنا وهم الخوارج العصريين "الدواعش".
    وأنا أتابع الأخبار هذه اليومين، أشوف وأسمع أمور ما كنت أتوقّعها تصير في بلد مثل المملكة. تسمع أن امرأة داعشية قتلت زوجها المقدم بعد أن اقتنعت بفكرهم، وآخر الداعشي قتل خاله العقيد وفجر سيارته في نقطه عسكرية، وآخر قتل أباه. وهذا أخبار في أسبوع واحد للأسف.
    وجاءت الطامة الكبرى والبلية العظمى لما أن ألقت الشرطة القبض بالأمس على خلية داعشية مكونة من 431 شخص في بلاد الحرمين.
    وقفت محتار وأنا مكذِّب نفسي: هل هذه حيقيقه أم هو كلام جرائد؟ معقول هولاء كلهم في بلاد الحرمين؟ وأين كانوا هذه الفترة؟ وأين تربّوا ؟ وأيش أهدافهم؟ ومن خلفهم؟
    هولاء ليسوا عصابة. هذا جيش كامل.
    نعوذ بالله من شرهم.
    ونسال الله أن يردّ كيدهم في نحورهم، وأن يجعل تدبيرهم تدميراً عليهم، ويمكِّن من رقابهم.
    وأيش الذي أظهرهم الآن، والأمة في حرب مع الفرس وأعوانهم؟؟ فهل معقول هولاء تديرهم المخابرات الفارسية ؟؟
    فمن المعلوم أن بين القاعدة وبين إيران علاقات ليست خفيه، حتى إن كلب الحوثيين البخيتي قال: نحن مستعدين نستخدم هذه الورقة -ورقة داعش- ضد السعودية.
    فالواقع الآن ليس غريب. فالواحد يحتار و يخاف ويصيبه الرعب: هل يعقل أن هولاء يظنون أنهم يريدوا إصلاحاً في بلاد الحرمين التى فيها المساجد معمورة، والجامعات الإسلامية التي تنشر العلم السلفي السني والعقيدة الإسلامية الصحيحة([4])، وهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهيئة الإغاثة والبر والمال عندهم وفير والأمن والأمان لا تشاركهم فيه بلاد والعلماء والدعاة في كل بلده بالمئات .
    والخير منتشر، ولا تجد عندهم قبر يعبد ،ولا كنيسه فيها عباد الصلبان،
    ومظاهر التوحيد في كل شارع بائنه.
    ونشر المصحف بين المسلمين بالملايين وجهاد العدو الكافر بالمال والنفس والبيان قائم وإقامة الحدود وحفظ الأمن و ووو...
    أيش القاصر على هولاء المجرمين الملاعيين حتى بخربوا بلد مسلم ومن الذي يغرر بهم ؟؟
    هذا العمل عماله خبيثه وخيانة عظمى، وتديره قوى كبرى تستغل هولاء الفجرة الحمقى للإفساد في بلاد المسلمين.
    ولكني أرى كذلك العتب كل العتب على سكوت - أو قُل:- ضعف التوجيه من العلماء او الدعاة السلفيين اهل السنة المسموع لهم من شرّ هولاء المجرمين([5]).
    أين المحاضرات؟ أين الندوات؟ أين خطب الجمعة التي ترد الشبه وتحذر الخطر ؟
    وبالمقابل انك ترى انتشار هولاء الدعاة الخبثاء وتكثير سوادهم بين هؤلاء الاغرار. وهذا والله هو البلاء والشر العظيم.
    وعندهم أساليب خبيثه وعلم نفس يعرفون من أين تؤكل الكتف في التغرير بهولاء الضعفاء الأغبياء، إذا لم يجدوا من العلماء من يكشف لهم الشبه، ويحذرهم هذا الشر. فوالله إن العاقبة خطيره([6]).
    وقد وصف نبينا صل الله عليه وسلم هولاء المارقين بأن لهم اللسن وإقناع وأن الجاهل سريع ما يغترّ بهم فقال: (يقولون من خير قول البريه). وقال لعمر: (تحقر صلاتك عند صلاتهم وصيامك الخ يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية يعني سريعين الانسلاخ من الدين).
    فهولاء لما أن ينظر إليهم الضعيف في العلم يغتر بكلامهم ومظهرهم، فهم ينادوا بكلام ظاهره العلم ونصرة الدين، فهذا يحبه كل مسلم، فينادون: "الجهاد الجهاد، تحكيم الشريعة، العدل، حقوق الناس، ظلم الولاة، والفساد، والاستئثار بالمال العام، و وو...".
    وهم –والله- أول من يخالف الشريعة الإسلامية ولا يطبقوها. لو تأتي له بالقرآن والسنة لحكم يخالف هواه لردّه بكل صلف، وهم –والله- الظلمة أكّالين أموال الناس بالباطل من عهد عثمان في أول خروجهم، يقول قائلهم بعد قتل الخليفة: (عليكم ببيت المال، لا يسبقوكم عليه). فهذا الخلق فيهم إلى زماننا من سرقة البنوك وعملهم مع علي صالح([7]) الذي أسكتهم بالفلوس والمناصب والسيارات وغيرها كثير.
    وهنا أذكر بعض أساليب هولاء المجرمين مع الطغام الجهلة الذين لا يعلمون ولا يعقلون، وهي قصه من القصص المعبِّرة.
    ذكرها لي أحد الشباب وهو أخ من شبوة طلع السعودية بعد أن أنجاه الله منهم. فكنا في جلسة مع بعض الإخوة، فذكر بعض القوم جماعة "القاعدة"، فتكلمت عليهم بما أعلمه عنهم، فصار نقاش بيني وبين بعض المتعاطفين معهم، فذكرت له ما أعلمه عنهم، ووقائع مؤثقه عليهم، وذكرت له كلام العلماء المؤثوق بعلمهم .
    فقال لي أحدهم: يا أخ طاهر، هنا شخص عاش معهم وتركهم، وهو يعلم عنهم عن قرب، فهذا هو.
    فتعجبت منه، ولَد سِنّه تقريباً 20 سنه أو أقلّ قليل. فقلت له: كيف التحقت بهم؟ قال: قصة طويلة.
    قلت له: هات نستفد منك.
    قال: كنا نذهب أنا وأحد أقربائي إلى المسجد، وكان جانب المسجد تسجيلات إسلامية، وهي المصيدة. وكلها أناشيد إسلامية حماسية عن الجهاد، (وكان هذا أول الفخّ)، فكنا نستمع له وبقينا نردد ما نسمع، حتى دخلنا ذات يوماً هذه التسجيلات (وهي محطة تابعة للقوم)، وقلنا للبايع: هات لنا الشريط الذي فيه هذه الأنشودة، وهات كذا وكذا. قال: ما يحتاج تشتروا، هاتوا ذاكرة جوالاتكم، وأعبِّيها لكم كامل.
    قلنا: ما قصّرت. فعبأها لنا.
    ونحن نسمع هذه الأناشيد إلى أن تشبعنا بحب الجهاد.
    فكنّا نمرّ عليه في التسجلات، ونقول: هل في أناشيد جديدة؟ وكنت أكلِّم قريبي وهو في سني، أقول له -وأنا أضحك معه لما نسمع هذا-: وأين نجاهد الآن؟
    طوالي ردّ عليّ صاحب التسجيلات قال: أنت مستعد تجاهد؟ قلت: من الآن مستعد. قال: الجهاد موجود في أبين، نقيم شرع الله فيها، والمجاهدون حققوا، وحققوا.
    وعمل لنا محاضرة ما تسمع مثلها.
    قلنا: كيف نصل عندهم؟ قال: إذا كنتم جاهزين كلِّموني، لكن لا تكلموا أحد([8]).
    فاتفقنا معه.
    فقال: السيارة جاهزة أي وقت.
    فثاني يوم جهّزنا أمورنا، وجاءت السيارة، وطوالي إلى أبين.
    وجدنا هناك كثير من الشباب في عمرنا، فقاموا على طول بفرزنا. وقال القائد: الذي يعرف يضرب يخرج هنا، والآخرين هنا. قال: نحن أبناء قبائل نعرف نضرب. قال: خلاص أنتم اليوم ارتاحوا، وغداً تطلعوا الجهاد. قلنا: لا نحن نريد نطلع الليلة. قال: طيب خذوا الخطة من فلان. قال: اجتمعنا بالقائد. فقال: الليلة عندنا هجمة على دورية هنا وهجمة آخرى هنا. قال: فطلعنا مع أحد الجبهات.
    وصارت مواجهة قوية، فسلمنا الله وأصيب بعضنا وقتل شخص واحد منا .
    لكننا أحسسنا بخوف شديد.
    فكنت أكلّم صاحبي، وأقول له: نحن أتينا للجهاد والشهادة والجنة، فلماذا هذا الخوف؟ فقال صاحبي: حتى أنا مستغرب هذا الخوف الشديد. ثم قال: رجعنا إلى موقعنا.
    فجيء بالمقتول، فكان بعضهم يكلّم بعضاً: حرك فمه، خليه يضحك. والمصور يصوّر. والكلّ يكبّر الله أكبر الله أكبر، انظروا إليه؛ يضحك، الله أكبر، إنها الشهادة، أنه يرى الجنة، وهذا كرامة المجاهدين. وكلام كثير. (وهذه من ضمن التغرير بالذي في الخارج).
    قال: نحن انصدمنا. أيش هذا الكذب؟ ولماذا هذه الثمتيلية، وهو ميت لا يضحك ولا شيء؟ وأنتم تضحكون على من؟؟
    فأسريناها في أنفسنا.
    ثم كنا على الغداء نحن وبعض القادة. فقلت له: أنا البارح كنت خائفاً جداً، هل هذا تصيبكم في أول مرة؟
    قال: كيف هم ما أعطوكم الحبوب؟ قلنا له: حبوب أيش؟ قال: حبوب الشجاعة. (انظر المجاهد يأخذ حبوب مخذرة لكي يلغي عقله ويفعل المصائب، هذا جهاد الإسلامي؟).
    فكانت هذا الخاتمة علينا وعرفنا أننا وقعنا في ورطة.
    ولو كلّمناهم بأننا سننسحب كان يقينا أن نُقتل. فاتفقت أنا وصاحبي على أن نخرج معهم، ثم ننفرد منهم، ونسلِّم أنفسنا للشرطة.
    قال: فخرجنا هجمة، فلّما بدوا المواجهة انسلخنا بهدؤ حتى انتهت المواجهة، وطلع الفجر توجّهنا إلى النقطة. فلّما قربنا منها رفعنا أيدينا لهم، فخافوا الشرطةُ، وظنوا أننا نلبس أحزمة ناسفة فقال: أخرجوا ثيابكم، وأبقوا في السراويل الصغيرة. ففعلنا. فلما تأكذوا منا قالوا: من أين أتيتم؟ قلنا: من عند المجاهدين. وقصّينا لهم قصتّنا. فقال الضابط: خافوا الله نحن كفار؟ كيف غررّوا بكم، وأخرجوكم من بين أهليكم؟ ثم نادى العسكري. قال: الآن توصِّلهم شبوة وتسلمهم إلى أهاليهم.
    فقال: الحمد لله الذي سلّمنا من هذا الفكر، ومن القتل عليه أو أن نقتُل مسلماً.
    وبهذه الطريقة رأيت طفلاً في العراق يسلم نفسه للعسكري ويقول له: أنا أحمل حزام نأسف، أنقذوني. فالحمد لله أنقذوه.
    ونحن رأينا الكذب الصراح من أيام الحرب الأفغانية الأولى، وكيف كانوا يغرروا بالشباب والله العظيم كذب من الثقيل، وبعد مرور الزمن، وتعلمنا، اكتشفنا أنه كان كذباً وتغريراً، كانت كتب كرامات مجاهدين الأفغان في كل مسجد توزع بالمجان، وكانوا يذكرون كرامات المجاهدين التي لم يوفّق لها الصحابة ولا تابعوهم.
    ولا علم بها عن أحد من صالحي المجاهدين في جميع الجهاد الإسلامي أحدهم يفجر دبابة بطين، وآخر يسلّم على والده بعد موته بأشهر، وآخر يشمّ منه المسك على بعد أيام، وآخر، وآخر، كذب –والله- عجيب من سياف، وكتاباته، ورباني، وعبدالله عزام، وابن لادن، والزنداني، وعمر أحمد سيف، وتميم العدناني، ومحاضرات غيرهم.
    ونحن كنا نجتمع في الغرف المنغلقة والواحد ودّه يفجر نفسه.
    مما كنا نسمع من تلك الحماسات وكان مجموعة من الجهال هم القادة التى يديروا هولاء المساكين.
    وكان العلماء في وادي آخر ويحسنون الظن بهولاء المجرمين([9]).
    فكانت لهولاء المجرمين دروس خاصة للاشخاص النابغين ورحلات وكتابات خاصة للحركيين، تدرّس سراً للتثبت الفكر الضالّ في قلوبهم لينقلوه لمن خلفهم، لكن الله سلّم.
    وكان آخرون يتعلمون كيف عمل الزجاجات الحارقة. والله إن أول أعوام التسعين تودي الشباب في داهية دهياء، جهل وحماس وحماقه، وموجَّهين خبثاء، والله.
    ولولا أن الله منّ علينا بكرمه ومنته رحمته بالفتى الهمداني والعالم الرباني والعلامة السلفي شيخنا ووالدنا مقبل ابن هادي الوادعي طيّب الله ثراه الذي حفظ الله به اليمن من شرور هذه الفرق اللعينة، وبيّن ما هم عليه من شر وبلاء. والآن والله نرى أقواله وتحذيراته تمشي أمامنا. فكم حذّرنا من شرّ الإخوان المسلمين على الأمة وأضرارهم، و ثوراتهم المشؤمة، وأنهم مطية لكل الفرق الخبيثه من جهادية وحوثية واشتراكية على حرب الإسلام.
    وكيف حذر من كتب قطب، وأنّها تدعوا لحمل السلاح على الحكومات المسلمة، وتكفير الأمة، وكيف أن محمد سرور هو مجدد الفكر القطبي.
    وكيف أن هولاء الدعاة الذين في السعودية الذين لمعتهم المكتبات الحزبية حتى صار الواحد منهم له جمهور يفوق جمهور الشافعي وأحمد أنهم يدعون إلى الشر والفتن .
    وهذه حقيقة أدركنا زمانها. فأنت لما أن تدخل مسجد وتجد محاضرة للإمام ابن باز أو ابن عثيمين أو الفوزان أو اللحيدان أو آل الشيخ أو العباد أو السحيمي وغيرهم من علماء المسلمين الكبار ، تجد في الجامع الكبير قلة من المستمعين، وهم كبار السن أو بعض طلبة العلم الذين يعرفون للعلماء قدرهم.
    ولما تعلن محاضرة للدعاة هولاء كالعريفي أو العودة أو القرني أو العمر أو الحوالي تجد الشوارع مسكرة من الزحمة وتجد الدوريات ترتب الطريق.
    لماذا هذا كله، وهولاء لا يبلغون شيئاً في علم هولاء الكبار سنّاً ولا علماً ولا زهداً ولا ورعاً، ولكنها التربية الحزبية المقيتة والبغيضة التي زهدت في علماء السنة؟
    واتهموا العلماء في مجالسهم الخاصة بالعمالة والضعف عن مواجهة الباطل، وأنهم علماء بلاط السلطان، وأنهم علماء حيض ونفاس، ولا يفقهون شيئاً من واقع الأمة، حتى تربى هؤلاء الشباب على بغض العلماء، ولا يعرفون للعلماء قدرهم.
    وبعد ذلك مشّوهم على ما يريدون حتى وصل بنا الحال لما نسمع ونرى،
    ولكن نقول: حسبنا الله ونعم الوكيل.
    اللهم احفظ بلاد المسلمين من الروافض الملاعيين والخوارج المارقيين وكل كائد لعين.
    كتبه:
    طاهر السقاف الحضرمي
    منطقة الديس الشرقية مديرية حضرموت
    اليمن.



    الباب السادس: وجوب الانقياد لحجج الله والابتعاد من هؤلاء أهل الأهواء


    بعد هذا البيان الموضع لضلالات تنظيم داعش أو تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وشوريا –الذين انتشر دعاتهم في كثير من البلدان-؛ يجب علينا جميع ألا ننخدع بهم، ولا ننضمّ إلى هؤلاء الخوارج، فإنهم هم الذين سماهم النبي ثلى الله عليه وسلم "كلاب النار".
    قال الإمام البغوي رحمه الله: فعلى المرء المسلم إذا رأى رجلاً يتعاطى شيئاً من الأهواء البدع معتقداً، أو يتهاون بشيء من السنن أن يهجره ويتبرأ منه، ويتركه حيا وميتاً، فلا يسلم عليه إذا لقيه ولا يجيبه إذا ابتدأ إلى أن يترك بدعته ويراجع الحق. ("شرح السنة" /للبغوي/1/ص224/ط. المكتب الإسلامي).
    وقال المناوي رحمه الله: فإن هجرة أهل الأهواء والبدع واجبة على مرّ الأوقات ما لم يظهر منه التوبة والرجوع إلى الحق. ("مرقاة المفاتيح" /14/ص326-327).
    وعلينا جميعاً الاقتناع بالقرآن والسنة على هداية سلف الأمة وعلماء السلفيين الربانيين الراسخين في العلم في كل زمان ومكان.
    وسنستفيد الآن من قصة سعيد بن جمهان رحمه الله.
    وعن سعيد بْن جُمْهان قال: أَتَيْتُ عَبْدَ الله بْنَ أَبِي أَوْفَى وَهُوَ مَحْجُوبُ الْبَصَرِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ قَالَ لِي: مَنْ أَنْتَ فَقُلْتُ: أَنَا سَعِيدُ بْنُ جُمْهَانَ. قَالَ: فَمَا فَعَلَ وَالِدُكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: قَتَلَتْهُ الأَزَارِقَةُ. قَالَ: لَعَنَ اللَّهُ الأَزَارِقَةُ لَعَنَ اللَّهُ الأَزَارِقَةُ حَدَّثَنَا رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: «أَنَّهُمْ كِلاَبُ النَّارِ». قَالَ: قُلْتُ: الأَزَارِقَةُ وَحْدَهُمْ أَمِ الْخَوَارِجُ كُلُّهَا؟ قَالَ: بَلَى الْخَوَارِجُ كُلُّهَا. قَالَ: قُلْتُ: فَإِنَّ السُّلْطَانَ يَظْلِمُ النَّاسَ وَيَفْعَلُ بِهِمْ. قَالَ: فَتَنَاوَلَ يَدِى فَغَمَزَهَا بِيَدِهِ غَمْزَةً شَدِيدَةً ثُمَّ قَالَ: وَيْحَكَ يَا ابْنَ جُمْهَانَ عَلَيْكَ بِالسَّوَادِ الأَعْظَمِ عَلَيْكَ بِالسَّوَادِ الأَعْظَمِ إِنْ كَانَ السُّلْطَانُ يَسْمَعُ مِنْكَ فَائْتِهِ فِى بَيْتِهِ فَأَخْبِرْهُ بِمَا تَعْلَمُ فَإِنْ قَبِلَ مِنْكَ وَإِلاَّ فَدَعْهُ فَإِنَّكَ لَسْتَ بِأَعْلَمَ مِنْهُ. (أخرجه الإمام أحمد ((19415)/الرسالة) وحسنه الإمام الوادعي رحمه الله في "الصحيح المسند" رقم (545) /دار الآثار).
    سعيد بن جمهان رحمه الله كاد أن يخدعه الخوارج فنصحه عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه بلزوم جماعة المسلمين وإمامهم الواقع، فهم السواد الأعظم، وهذا هو الحق الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخبره ابن أبي أوفى رضي الله عنه عن النبي بأن الخوارج هم كلاب النار.
    وقد أكرم الله تعالى سعيد بن جمهان برؤيا صالحة تقوّي ثباته وتؤيّد صدق حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وينقذه الله بها من المهالك.
    عن سعيد بن جهمان قال: كانت الخوارج تدعوني حتى كدت أن أدخل معهم فرأت أخت أبي بلال في النوم أن أبا بلال كلب أهلب اسود عيناه تذرفان قال: فقالت: بأبي أنت يا أبا بلال ما شأنك أراك هكذا؟ قال: جُعلنا بعدكم كلاب النار. وكان أبو بلال من رؤوس الخوارج. ("السنة"/لعبد الله بن أحمد /رقم (1509)/صحيح إلى سعيد بن جمهان، وهو حسن الحديث).
    إن أهل السنة والجماعة لا يستدلون بالمنامات إذا جاءت ممن ليس بمعصوم. إلا إذا كانت موافقة للدليل. ولكنا نفرح بالمبشرات التي رآها المؤمن، كما جاء من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لم يبق من النبوة إلا المبشرات». قالوا: وما المبشرات؟ قال: «الرؤيا الصالحة». (أخرجه البخاري (6990)).
    ولا سيما أن القصة أخرجها بسند حسن الإمام ابن الإمام: عبد الله بن أحمد بن حنبل رحمهما الله في كتاب "السنة".
    قال بدر بن أبي بدر البغدادي: عبد الله بن أحمد جهبذ بن جهبذ. ("تهذيب التهذيب" /5/ص143).
    وتلك الرؤيا الصالحة تعتبر كرامة من الله لمن شاء من عباده.
    قال شيخ الإسلام رحمه الله: ومما ينبغي أن يعرف أن الكرامات قد تكون بحسب حاجة الرجل فإذا احتاج إليها الضعيف الإيمان أو المحتاج أتاه منها ما يقوّي إيمانه ويسدّ حاجته، ويكون مَن هو أكمل ولاية لله منه مستغنياً عن ذلك، فلا يأتيه مثل ذلك لعلو درجته وغناه عنها، لا لنقص ولايته. ولهذا كانت هذه الأمور في التابعين أكثر منها في الصحابة. ("مجموع الفتاوى" /11/ ص283).
    وأخيراً، نحذِّر إخواننا المسلمين كما كان السلف يحذِّرونهم من هؤلاء الخوارج.
    بعد أن ذكر حديث كلاب النار؛ قال الإمام الآجري رحمه الله: قد ذكرت من التحذير من مذاهب الخوارج ما فيه بلاغ لمن عصمه الله تعالى ، عن مذهب الخوارج، ولم ير رأيهم، وصبر على جور الأئمة، وحيف الأمراء، ولم يخرج عليهم بسيفه، وسأل الله تعالى كشف الظلم عنه، وعن المسلمين، ودعا للولاة بالصلاح، وحج معهم، وجاهد معهم كل عدو للمسلمين وصلى معهم الجمعة والعيدين، فإن أمروه بطاعة فأمكنه أطاعهم، وإن لم يمكنه اعتذر إليهم، وإن أمروه بمعصية لم يطعهم، وإذا دارت الفتن بينهم لزم بيته وكف لسانه ويده، ولم يهوَ ما هم فيه، ولم يعن على فتنة، فمن كان هذا وصفه كان على الصراط المستقيم إن شاء الله. ("الشريعة"/للآجري /ص371-372/ط. دار الوطن).

    والله تعالى أعلم بالصواب، والحمد لله رب العالمين
    ماليزيا، 22 شعبان 1436 هـ


    ([1]) عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أخرجه البخارى (4340) ومسلم (1840).

    ([2]) كما في الغيث الهامع لأبي زرعة العراقي (3/ص902) ط. الفاروق.

    ([3]) أخرجه ابن ماجه (8) وابن حبان (326) عن أبي عنبة الخولاني رضي الله عنه. وفي سنده الجراح بن مليح، فيه ضعف. ولكن الحديث بشواهده في الباب حسن، والله أعلم.

    ([4]) الأصل في تلك الجامعات هناك أنها تنشر السنة والسلفية، ولكن الحزبيين يتسللون فيها بكثرة ويفسدون أهلها.

    ([5]) قد قام بعض علماء السنة بهذه الواجبات، ولكن شدة خطر هؤلاء الخوارج تستلزم إكثار الجهود من علماء السنة الآخرين في القيام على تحذير الأمة، فيكونون يداً واحدةً قوية على هؤلاء المجرمين.

    ([6]) لو سكت أهل الحق عن خبث أهل الأهواء لفسد دين الأمة. قال الله تعالى: ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ الله النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ الله ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ [البقرة/251].
    قال الإمام ابن قتيبة رحمه الله: وإنما يقوى الباطل إذا تبصره وتمسك عنه. ("الاختلاف في اللفظ"/له/ ص61/دار الراية).
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وكلما ضعف من يقوم بنور النبوة قويت البدعة. ("مجموع الفتاوى"/3 / ص 104).
    وقال رحمه الله: وتجد الإسلام والإيمان كلما ظهر وقوي كانت السنة وأهلها أظهر وأقوى وإن ظهر شيء من الكفر والنفاق ظهرت البدع بحسب ذلك مثل : دولة المهدي والرشيد ونحوهما ممن كان يعظم الإسلام والإيمان ويغزو أعداءه من الكفار والمنافقين . كان أهل السنة في تلك الأيام أقوى وأكثر وأهل البدع أذل وأقل . فإن المهدي قتل من المنافقين الزنادقة من لا يحصي عدده إلا الله , والرشيد كان كثير الغزو والحج . ("مجموع الفتاوى"/4/ص20).
    وقال الإمام ابن باز رحمه الله: وإنما يعمل أهل الباطل وينشطون عند اختفاء العلم وظهور الجهل ، وخلو الميدان ممن يقول : قال الله وقال الرسول ، فعند ذلك يستأسدون ضد غيرهم وينشطون في باطلهم ، لعدم وجود من يخشونهم من أهل الحق والإيمان وأهل البصيرة. ("مجموع فتاوى و مقالات ابن باز" /4 / ص 75/دار أصداء المجتمع).
    وقال الإمام الوادعي رحمه الله: والبدع تظهر إذا لم يقم أهل السنة ينشر سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم –إلى قوله:- فإذا ظهرت السنة فإن البدعة ترحل من البلد التي فيها سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ("غارة الأشرطة"/2/ص155-156).
    وقال الشيخ العلامة محمد البشير الإبراهيم رحمه الله: واجب العالم الديني أن ينشط إلى الهداية كلما نشط الضلال، وأن يسارع إلى نصرة الحق كلما رأى الباطل يصارعه، وأن يحارب البدعة والشر والفساد قبل أن تمدّ مدّها، وتبلغ أشُدَّها، وقبل أن يتعوّدها الناس، فترسخ جذورها في النفوس، ويعسر اقتلاعها. ("الآثار"/له/كما في "الصوارف عن الحق"/لحمد بن إبراهيم العثمان/ص143/دار الإمام أحمد).

    ([7]) هو علي عبد الله صالح، رئيس اليمن سابقاً، زيديٌّ، يناصر الرافضة أخيراً ويعثو بهم الفساد في اليمن.

    ([8]) السرية في الباطل باطل، وكذلك ما يجلب ريبة في المسلمين. وهو من عمل الشيطان. قال تعالى: ﴿إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ الله وَعَلَى الله فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُون﴾ [المجادلة/10]
    وهو من ميراث الأسلاف المبطلين. قال تعالى في قوم صالح: ﴿قَالُوا تَقَاسَمُوا بِالله لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ. وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُون﴾ [النمل/49، 50]
    عن الأوزاعي رحمه الله قال: قال عمر بن عبد العزيز : إذا رأيت القوم يتناجون في دينهم دون العامة فاعلم أنهم على تأسيس ضلالة. ("الزهد" لأحمد بن حنبل (1694)، وسنن الدارمي (رقم 313)، والأثر يحتمل التصحيح إن ثبت سماع الأوزاعي من عمر بن عبد العزيز. وكلاهما في عصر واحد، وبلد واحد، والأوزاعي إمام ثقة ثبت ولم يدلس).
    فمن أسرّ شيئا فيما بين أصحابه دون عامة المسلمين والسلفيين فإنه موضع ريبة واستنكار. عن زيد بن أسلم عن أبيه أسلم: أنه حين بويع لأبي بكر بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان علي والزبير يدخلان على فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيشاورونها ويرتجعون في أمرهم ، فلما بلغ ذلك عمر بن الخطاب خرج حتى دخل على فاطمة فقال : يا بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ! والله ما من أحد أحب إلينا من أبيك ، وما من أحد أحب إلينا بعد أبيك منك ، وأيم الله ما ذاك بمانعي إن اجتمع هؤلاء النفر عندك ، إن أمرتهم أن يحرق عليهم البيت ، قال : فلما خرج عمر جاءوها فقالت : تعلمون أن عمر قد جاءني وقد حلف بالله لئن عدتم ليحرقن عليكم البيت وأيم الله ليمضين لما حلف عليه، فانصرفوا راشدين ، فروا رأيكم ولا ترجعوا إلي ، فانصرفوا عنها فلم يرجعوا إليها حتى بايعوا لأبي بكر. ("مصنف" /لابن أبي شيبة /8 / ص 572/صحيح الإسناد).
    وقال الشيخ زيد بن محمد المدخلي حفظه الله في خصائص علماء السنة: الرابعة: وضوح الانطلاق والسير في عمل الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فلا سرّية ولا تكتلات مخفية، ولا تجمعات خاصة في غياهب الظلام في فلوات الأرض أو تحت كهوف الجبال كما يفعله الحزبيون الحركيون في كل بلد من بلدان المسلمين ...إلخ ("قطوف من نعوت السلف" /ص9).
    وقال الشيخ أحمد بن يحيى النجمي رحمه الله في سريات الإخوان المسلمين: نعم هذه من طريقتهم. فهم يقولون: (نذهب ونقرأ القرآن) وما أشبه ذلك من الأمور، فيسرون في الليل إلى مكان بعيدة ويجلسون هناك – إلى قوله رحمه الله -: يريدون أن يتستروا عليها وأن يختفوا بها إلخ. ("الفتاوى الجلية" /الحجم الصغير/ ص64-65).
    وقال الإمام الوادعي رحمه الله: ولكن الحزبية مساخة، فتجدون بعض الناس كان مستقيماً ويدعو إلى التوحيد، فإذا تأثر بالحزبية مات، فلم يبق له التآليف وما بقي إلا مجالس سرية ...إلخ. ("غارة الأشرطة" /2 /ص441).

    ([9]) قد قام بعض علماء السنة الناصحين بتكرار تحذير الأمة من أفكار هؤلاء الخوارج ويذكرون أسماءهم. وبعض الآخرين لم يتبيّن لهم سوء طوية رؤوس هؤلاء الحراكيين المجرمين.
    :::::::::::::::::
    حمّل من الخزانة العلمية
    :::::::::::::::::::::::::::::::
    التعديل الأخير تم بواسطة أحمد بن سعيد الجابري اليافعي; الساعة 25-11-2015, 05:15 PM.

  • #2
    جزاك الله خيرا أخانا المبارك أبا فيروز
    على هذه الرسالة الطيبة
    التي رددت من خلالها على هؤلاء المجرمين المفسدين
    من كتاب الله عز وجل وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام
    وأقوال العلماء الربانيين
    ولعلي أحاول تحويلها إلى صيغة بي دي إيف
    ويقوم الإخوة المشرفون برفعها إلى الخزانة العلمية
    -إن شاء الله-
    وهذا مقطع للشيخ السحيمي-حفظه الله-
    يتكلم عن هذه الفرقة المارقة
    كلام الشيخ صالح &#.mp3


    تعليق


    • #3
      كلمة شكر

      جزاك الله خيرا يا أخي المفضال أبا مصعب، وأعزك الله في الدنيا والآخرة.

      تعليق


      • #4
        وإيا ك أخي أبا فيروز،وإخواننا المسلمين
        والآن لمن أراد تحميل الرسالة بصيغة بي دي إيف
        براءة الدعوة السلفية
        من ضلالات داعش الخارجية
        براءة_الدعوة_ال&#1.pdf

        تعليق


        • #5
          جزاكم الله خير وبارك الله فيكم
          تم رفع الرسالة القيمة للخزانة العلمية

          :::::::::::::::::
          حمّل من الخزانة العلمية
          :::::::::::::::::::::::::::::::

          فداعش صناعة إيرانية أمريكية إسرائيلة بل تجميع جميع أعداء الإسلام وباسم الإسلام
          فالإسلام بريئ من أفعالهم الإرهابية المخالفة لديننا الإسلامي
          نسأل الله أن يهلكهم وأن يهلك سائر الكفرة والملحدين

          تعليق

          يعمل...
          X