بسم الله الرحمن الرحيم
نقرر أولا مذهب أهل السنة فى المسألة وهو
أن الإمام أحد رجلين مسلم (ويندرج تحت هذا الوصف المسلم العادل كعمر والمسلم الظالم كالحجاج والمسلم الكافر نوعا لا عينا كالمأمون )
أو كافر عينا (كدولة بنى عبيد القداح وكالقذافى وصدام )
الحاكم المسلم لا يجوز الخروج عليه أبدا ويكون طريق الإصلاح (دعاء ودعوة)
الدعاء له (والقلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن وقد يستجيب الله الدعاء )
الدعوة للتوحيد (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا)
وتأمل ما تحته خط تجده حجة الجماعات الآن فنقول لهم عندنا وعد وعندنا تكليف فلو قمنا بالتكليف سيتحقق لنا الوعد
الحاكم الكافر يجوز الخروج عليه بشرطين (القدرة والبديل المسلم ) وإلا فالصبر (حتى يستريح بر أو يستراح من فاجر )
وما سبق عليه من النصوص الكثير والكثير والتى تبلغ درجة التواتر المعنوى
ولكن للأسف الفرقتين الإخوانية والقطبية يخالفان هذا الأصل العظيم قال ابن تيمية (الصبر على جور الأئمة أصل من أصول السنة )
فهيجوا الناس على الخروج بعدما اطمئنوا أن الكفة تميل ناحية المتظاهرين وقاموا بأسلمة أفكار الشباب وقالوا عنهم شهداء وأن هذا انكار منكر وأن الخروج جائز وفى سبيل ذلك نشروا بعض الشبهات ومنها
1_ استدلوا بكلام للقرطبي فى المسألة 13من تفسير آية وإذا قال ربك للملائكة إنى جاعل فى الأرض خليفة
قال القرطبي ( الثالثة عشر: الْإِمَامُ إِذَا نُصِّبَ ثُمَّ فَسَقَ بَعْدَ انْبِرَامِ الْعَقْدِ فَقَالَ الْجُمْهُورُ: إِنَّهُ تَنْفَسِخُ إِمَامَتُهُ وَيُخْلَعُ بِالْفِسْقِ الظَّاهِرِ الْمَعْلُومِ، لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْإِمَامَ إِنَّمَا يُقَامُ لِإِقَامَةِ الْحُدُودِ وَاسْتِيفَاءِ الْحُقُوقِ وَحِفْظِ أَمْوَالِ الْأَيْتَامِ وَالْمَجَانِينِ وَالنَّظَرِ فِي أُمُورِهِمْ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَمَا فِيهِ مِنَ الْفِسْقِ يُقْعِدُهُ عَنِ الْقِيَامِ بِهَذِهِ الْأُمُورِ وَالنُّهُوضِ بِهَا. فَلَوْ جَوَّزْنَا أَنْ يَكُونَ فَاسِقًا أَدَّى إِلَى إِبْطَالِ مَا أُقِيمَ لِأَجْلِهِ، أَلَا تَرَى فِي الِابْتِدَاءِ إِنَّمَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُعْقَدَ لِلْفَاسِقِ لِأَجْلِ أَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى إِبْطَالِ مَا أُقِيمَ لَهُ، وَكَذَلِكَ هَذَا مِثْلُهُ. وَقَالَ آخَرُونَ: لَا يَنْخَلِعُ إِلَّا بِالْكُفْرِ أَوْ بِتَرْكِ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ أَوِ التَّرْكِ إِلَى دُعَائِهَا أو شي مِنَ الشَّرِيعَةِ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ: (وَأَلَّا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فيه برهان) . وَفِي حَدِيثِ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ: (لَا مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلَاةَ) الْحَدِيثَ. أَخْرَجَهُمَا مُسْلِمٌ. وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ فَمَنْ كَرِهَ فَقَدْ بَرِئَ وَمَنْ أَنْكَرَ فَقَدْ سَلِمَ وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ- قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا نُقَاتِلُهُمْ؟ قَالَ:- لَا مَا صَلَّوْا (. أَيْ مَنْ كَرِهَ بِقَلْبِهِ وَأَنْكَرَ بِقَلْبِهِ. أَخْرَجَهُ أَيْضًا مُسْلِمٌ.)
فلاحظ ما تحته خط وقد أثبت القرطبي فى المسألة خلافا بل نسب القول بجواز الخروج إلى الجمهور ولكن بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق فإليك الرد
وهو أنا نسألهم أولا
لماذا لا يكون الإستدلال بكلام أحمد فى مسألة الخروج لا سيما وهو إمام أهل السنة والجماعة لاسيما أيضا وأن القرطبى أشعري والأشاعرة يقولون بجواز الخروج على الحاكم الظالم عند القدرة ؟
ثم لماذا كتاب التفسير بالذات؟ أليست المسألة عقدية ؟ ما رأيكم فى فتح أى كتاب من كتب السنة؟ وما رأيكم أن تختاروه أنتم؟؟
وأيضا بمجرد المسألة 13 نرد على القرطبى بالاجماع الذي نقله النووى وابن بطال وابن تيمية فى حرمة الخروج على الحاكم وإن فسق وبالتالى نوهم القرطبى ثم على فرض عدم وجود إجماع هناك نصوص والحجة فى النصوص لا الجمهور والنص كاف فى سد باب الخلاف(انظر الإحكام لابن حزم 151/4) ولو عدم الإجماع كيف وفى المسألة إجماع؟
ثم العجيب أن القرطبى لم يرجح بل ذكر على قول الجمهور تعليل وعلى القول الآخر دليل ثم ألا يتبادر بأذهانكم حين يقول (الجمهور ) أى جمهور يقصد ؟؟جمهور مذهب فقهى أم جمهور مذهب عقدى وعليه فيصبح أحد جمهورين جمهور أهل السنة أوجمهور أهل البدع
أخيرا القرطبي نفسه رد على نفسه وفى نفس الجزء أليست طريقة أهل البدع أخذ مالهم وترك ما عليهم ؟ فانظر يارعاك الله رغم أنه لنفس الإمام وفى نفس الجزء أعرضوا عنه انظر كيف تفعل الأهواء بأهلها القرطبي وهو يفسر آية (وإذا ابتلى ......) يقول فى المسألة (الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ- اسْتَدَلَّ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَالْفَضْلِ مَعَ الْقُوَّةِ عَلَى الْقِيَامِ بِذَلِكَ، وَهُوَ الَّذِي أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَّا يُنَازِعُوا الْأَمْرَ أَهْلَهُ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْقَوْلِ فِيهِ. فَأَمَّا أَهْلُ الْفُسُوقِ وَالْجَوْرِ وَالظُّلْمِ فَلَيْسُوا لَهُ بِأَهْلٍ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:" لَا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ" وَلِهَذَا خَرَجَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَالْحُسَيْنُ ابن عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. وَخَرَجَ خِيَارُ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَعُلَمَاؤُهُمْ عَلَى الْحَجَّاجِ، وَأَخْرَجَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بَنِي أُمَيَّةَ وَقَامُوا عَلَيْهِمْ، فَكَانَتِ الْحَرَّةُ الَّتِي أَوْقَعَهَا بِهِمْ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ وَالَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الصَّبْرَ عَلَى طَاعَةِ الْإِمَامِ الْجَائِرِ أَوْلَى مِنَ الْخُرُوجِ عَلَيْهِ، لِأَنَّ فِي مُنَازَعَتِهِ وَالْخُرُوجِ عَلَيْهِ اسْتِبْدَالَ الْأَمْنِ بِالْخَوْفِ، وَإِرَاقَةَ الدِّمَاءِ، وَانْطِلَاقَ أَيْدِي السُّفَهَاءِ، وَشَنَّ الْغَارَاتِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَالْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ.)
فلاحظ ما تحته خط تجد القرطبي عكس المسألة فأثبت أنه الجمهور يقول بعدم الخروج وجماعة هى التى تقول بالخروج
فإن قيل ألا يثبت هذا خلافا فى المسألة على الأقل ؟؟؟ قلنا يرد عليك أيضا القرطبى حيث قال بعد النص السابق مباشرة
( وَالْأَوَّلُ مَذْهَبُ طَائِفَةٍ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْخَوَارِجِ، فَاعْلَمه )
فتبين أنه مذهب أهل البدعة والتفرق لا مذهب أهل السنة والجماعة وعرفنا الآن أنكم سلف لشر خلف
شبهة 2 = قال الشيخ ماهر بن ظافر القحطانى حفظه الله .قولهم الحكام كفار بالله رب العالمين كماذكر ابن لادن شيخ المفتين ألم تروا أنهم حكموا غير شرع أحكم الحاكمين فكانوا به من الكافرين ؟ والرد على ذلك أن يقال الحكم بغير ماأنزل الله كبيرة وليس كفرا أكبرا اعتقاديا كالسجود لصنم أو الذبح لوثن أو سب الله ورسوله والاستهزاء بآياته كالملائكة والجنة والنار وإهانة المصحف
فمن كفر بالكبيرة فهو خارجي
ويدل على أن الحكم بغير ماأنزل الله كبيرة من الكبائر كشرب الخمر والغيبة وأكل الربا وليست كفرا أكبرا
ماقاله ابن عباس في تفسير قول الله تعالى (ومن لم يحكم بغير ماأنزل الله فأولئك هم الكافرون.)
فقال كما في صحيفة علي بن أبي طلحة وان كان فيها انقطاع ولكن لسندها في هذه المسألة شواهد عند الطبري فلاشك في ثبوت ذلك عن ابن عباس للمنصف الجامع للطرق.
فقال إذا جحد الحاكم حكم الله فهو الكافر وإذا لم يجحد فهو فاسق ظالم.
وهذا يقال في شرب الخمر أن من استحل شربه وجحد تحريمه فهو كافر وأن من شربه شهوة من غير استحلال فهو فاسق فالذي حينئذ يكفر في شرب الخمر ويستحل الخروج على حملة لاإله إلا الله لأنهم يشربه فهو خارجي ضال كلب من كلاب النار.
ويؤيد ذلك أن الصحابة كأنس وابن عمر وافقوا ابن عباس عمليا فلم يكفروا الحجاج مع كونه حكم بغير ماأنزل الله بالظلم في الحكم وقتل العلماء ولا مخالف لهم من الصحابة فاجماع الصحابة عليه كما ذكر القرطبي رحمه الله أن الحاكم بغير ماأنزل الله لايكفر حتى يجحد.
نقول وجحوده يتبين بما ينطق لسانه كقوله الحكم بغير ماأنزل الله لايصلح ونحو ذلك أما إذا حكم مع احتمال جحوده بقلبه فالأصل صحة اسلامه فالفعل محتمل ولايكفر بالآحتمال.
فإن قيل لكنهم نحوا الشريعة بالكلية ووقعوا فى التقنين الذى كانوا به كافرين وفى النار مخلدين قلنا لافرق عند التحقيق بين من حكم بغير ماأنزل الله في مسائل أو في كل المسائل
إذا كنا أمة أثر واتباع لارأي وابتداع فإن ابن عباس لما قال إذا لم يجحد الحاكم حكم الله فهو فاسق يدخل فيه من ترك الحكم بالكلية ومن تركه في جزئيات .
وقد قال بذلك العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز وغيره .
فإن قيل قال بقولنا أئمة الدين كالإمام محمد بن إبراهيم قلنا إن ن من اعتمد على قول ابن ابراهيم مفتي الديار السعودية في تكفير من حكم القانون الوضعي قد غلط على الشريعة وذلك أن العلماء لو اختلفوا فلايجعل قول عالم حجة على عالم إلا بالأدلة الشرعية ثم لابن ابراهيم كلاما مفيدا في المجلد الأول صحيفة إحدى وثمانين كان فيها على مذهب ابن عباس وفرق عندنا بين عالم زلته من جهة الأثر والاتباع وخارجي جاهل حجته الرأي والابتداع أ.هـ بتصرف بحذف وزيادة)
قلت (محمد ) ثم على فرض أن التقنين كفر أكبر مخرج من الملة = فنقول لهم قد علمتم أن هذا غلط وخالفه ابن باز والعباد والألبانى والعثيمين فى الفتوى الأخيرة فعلى الأقل – تنزلا– فى المسألة خلاف فيكون الحاكم بذلك كافرا نوعا لا عينا فما رأيكم فى رجل كافر نوعا بالإتفاق ومع ذلك لم يسحب منه أئمة الدين الولاية الشرعية ولا خرجوا عليه بذلك ألا وهو المأمون ومثله الواثق ومثله المعتصم فهاتوا لنا إماما سحب من هؤلاء الولاية الشرعية وخرج عليهم بالسيف أو حتى باللسان بل العكس صحيح منعوا الخروج عليهم وناظر أحمد من أراد ذلك وربط الأمر بنص الصبر وذكر ما سيترتب على ذلك من مفاسد فمن سلفكم من أهل السنة فى الخروج يا أسلاف الخوارج؟
كتبه الطالب/
محمد بن سعد آل شريف السلفي الأثري
مستفيدا من أشرطة العلماء والمشـايخ
3/9/2011
تعليق