طاعة ولاة الأمور وموقف الإخوان المسلمين
كتبه / علي الفضلي
توزيع / مركز بشائر الخير لتعليم الكتاب والسنة
اليمن - صنعاء – ذهبان
ــــــــــــــــــــ
كتبه / علي الفضلي
توزيع / مركز بشائر الخير لتعليم الكتاب والسنة
اليمن - صنعاء – ذهبان
ــــــــــــــــــــ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد : فإن بلادنا اليمنية في هذه الأيام تُقاد إلى فتنة ودمار وخراب بأيدي بعض أبنائها وما من مسألة ولا معضلة ولا مشكلة إلا ولها في كتاب ربنا وسنة نبينا حلٌ وفرجٌ ومخرجٌ ، قَالَ تَعَالَى : { مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ } [ الأنعام : 38] ، و قَالَ تَعَالَى :{ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا }[ الإسراء : 12] وقد أمرنا الله عز وجل عند التنازع ، والتخاصم ، والاختلاف سواء كنا أفراداً ، أو أحزاباً ، أو جماعات ، أو دولاً أن نرجع ونعود إلى كتابه وسنة رسوله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لحسم النزاع وجعل ذلك علامة الإيمان فـ قَالَ تَعَالَى : { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا }[ النساء : 59] ، و قَالَ تَعَالَى : { وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ } [ الشورى : 10] ، ولا إيمان لمن لم يُحكِم سنة رسول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ– عند النزاع والاختلاف قَالَ تَعَالَى : { فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } [ النساء : 65] ، ومن لم يستجيب للرسول – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فيما أوصى وأمر به أو نهى عنه فإنه يُعتبر متبعاً لهواه كائناً من كان، قَالَ تَعَالَى : { فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [ القصص : 50 ]
هذه الأوضاع التي تمر بها بلادنا اليمنية أعني بذلك الخروج الحاصل على الحاكم من قِبل بعض الأحزاب والطوائف وفي مقدمتهم الأخوان المسلمون – حزب التجمع اليمني للإصلاح – لها في ديننا حلٌ وشرحٌ وتوضيحٌ يجعل المسلم المنصف المتجرد عن الهوى المريد للحق على بينة من أمره وإليك أخي القارئ ذكر واستعراض بعض الأدلة وسأقتصر في هذه الرسالة على ما ثبت في الصحيحين أو أحدهما مبتدءاً بذكر آية في كتاب الله عز وجل .
1) قَالَ تَعَالَى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ } [ النساء :59] ، في هذه الآية أمر الله عز وجل بطاعة أولي الأمر وهم العلماء والأمراء عند جمهور المفسرين .
2) حديث أبي هريرة – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – أن النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال : « مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ، وَمَنْ يَعْصِنِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ ، وَمَنْ يُطِعِ الأَمِيرَ ، فَقَدْ أَطَاعَنِي ، وَمَنْ يَعْصِ الأَمِيرَ فَقَدْ عَصَانِي» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ]
في هذا الحديث جعل النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ– طاعة الأمير طاعةً لله ومعصيته معصيةً لله عز وجل .
3) حديث أبي هريرة – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – أن النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ– قال : «كانت بَنُو إِسْرَائيلَ تَسُوسُهُمُ الأنْبيَاءُ ، كُلما هَلَكَ نَبيٌّ خَلَفَهُ نَبيٌّ ، وَإِنَّهُ لا نَبيَّ بعدي، وسيكون بعدي خُلَفَاءُ فَيَكْثُرُونَ ، قالوا : فما تَأْمُرُنا ؟ قال : أَوْفُوا بِبَيعَةِ الأول ، ثم أعطوهُمْ حَقَّهم ، واسأَلوا الله الذي لكم ، فَإنَّ الله سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرعَاهُمْ».[ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ]
في هذا الحديث أربعة أمور :
الأول :الأمر بالوفاء ببيعة ولي الأمر الأول وتحريم نقضها و الخروج عليه ومنازعته أو خلعه وترحيله وزحزحته عن منصبه ما دام حياً .
الثاني : أمر الرعية بإعطاءِ ولاة الأمور حقهم من السمع والطاعة والتعاون معهم على البر والخير في غير معصية .
الثالث : أمر الرعية بالرجوع إلى الله وسؤاله أن يفرج عنهم وأن يرفع ما بهم إن حصل شيءٌ من الظلم أو منع الحقوق من قِبَل الحاكم .
الرابع : سؤال الله تعالى يوم القيامة للحاكم ومحاسبته إياه على ما قد يحصل منه من تقصير أو تفريط أو ظلم وما أشبه ذلك .
4) حديث أبي هريرة – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – أن النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ– قال : «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمْ اَللَّهُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ, وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ, وَلَا يُزَكِّيهِمْ, وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ... – وذكر منهم - وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا لَا يُبَايِعُهُ إِلَّا لِلدُّنْيَا, فَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا, وَفَى, وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا, لَمْ يَفِ » [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ]
في هذا الحديث أربع عقوبات أُخروية لمن علق بيعته لولي الأمر بأغراض ومطامع دنيوية كالمال والمنصب فإن أعطاه ولي الأمر شيئاً من ذلك سمع وأطاع وانقاد وهدأ وإن لم يعطه خرج عن السمع والطاعة وأثار الفوضى والقلاقل ودعى الناس إلى الفتنة كما هو الحاصل في أيامنا هذه من بعض الأفراد والطوائف والأحزاب .
5) حديث عبدالله بن عمر – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – أن النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قال : « عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ إِلَّا أَنْ يُؤْمَرَ بِمَعْصِيَةٍ فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ » . [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ]
في هذا الحديث وجوب السمع والطاعة فيما لولي الأمر في جميع الظروف والأحوال حتى فيما يكرهه المرء أو لا يوافق رغبته وهواه ومصلحته إلا إذا أمر ولي الأمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة في تلك المعصية بعينها .
6) حديث ابن عباس – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – أن النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قال : « مَنْ كَرِهَ مِنْ أمِيرِهِ شَيْئا فَلْيَصبِرْ ، فَإِنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِن السُّلطانِ شِبرا مَاتَ مِيتَة جَاهِليَّة » . [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ]
7) حديث الزبير بن عدي – رَحِمَهُ الله – قال : أَتَيْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ، فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ مَا يَلْقَوْنَ مِنَ الْحَجَّاجِ – أي الظلم - ، فَقَالَ : « اصْبِرُوا ، فَإِنَّهُ لا يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ ، إِلا الَّذِي بَعْدَهُ أَشَرُّ مِنْهُ حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ ، سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - » [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ]
8) حديث أسيد بن حضير – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – أن النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قال : « إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً ، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ» [رَوَاهُ مُسْلِم ٌ]
في هذه الثلاثة الأحاديث أمر الرعية بالصبر على ولاة أمورهم في حال ظهور أمر يكرهونه منهم كمعصية يأتونها أو ظلم يفعلونه أو حقٍّ يمنعونه أو مال عام أو منصب يستأثرون به دون غيرهم وما أشبه ذلك ، وما يفعله الناس اليوم من مظاهرات واعتصامات أو خروج على ولاة الأمور وشتم وطعن ونشر للعيوب أو طلب خلعهم وترحيلهم منافٍ تماماً للصبر المأمور به في هذه الأحاديث . وفي هذه الأحاديث أيضاً تحريم الخروج على ولي الأمر وإن كان يسيراً كما في الحديث رقم (6) .
وفي هذه الأحاديث ردٌ على من يعتقد أن الخروج المحرم إنما هو ما كان بالسيف والبندقية بل يحرم الخروج ولو بالكلمة والقول كما في الحديث رقم (6) .
9) حديث ابن مسعود – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – أن النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قال : « إِنَّهَا سَتَكُونُ بَعْدِي أَثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، فَكَيْفَ تَأْمُرُ مَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنَّا ؟ قَالَ : تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ ، وَتَسْأَلُونَ اللَّهَ الَّذِي لَكُمْ » [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ]
10) حديث حذيفة – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – أن النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قال : « يَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ لَا يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ وَلَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إِنْسٍ قَالَ قُلْتُ : " كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ قَالَ :" تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ » [حديث عوف بن مالك – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – أن النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قال : «خِيَارُ أَئِمَّتِكُمْ : الذين تُحبُّونَهُمْ ويُحبونَكُمْ ، وَتُصَلُّونَ عليهم ، ويُصَلُّونَ عليكم ، وَشِرارُ أَئِمَّتِكُمُ : الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ ، وَيُبْغِضُونَكمْ ، وتَلْعَنُونَهُم ، وَيلْعَنُونَكم» قال : قُلنا : يا رسول الله ، أفَلا نُنابِذُهم ، قال : « لَا ، مَا أَقَامُوا فِيكُمْ الصَّلَاةَ ، لَا ، مَا أَقَامُوا فِيكُمْ الصَّلَاةَ » [حديث ابن عمرو – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – أن النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قال : «مَنْ بَايَعَ إِمَاما فَأعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ ، وثَمرَةَ قَلْبِهِ ، فَليُطِعهُ مَا استطاعَ ، فَإنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا رَقَبةَ الآخِرِ» . [رَوَاهُ مُسْلِم ٌ ]
11) حديث سلمة بن زيد الجعفي – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – قال : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، أَرَأَيْتَ إِنْ قَامَتْ عَلَيْنَا أُمَرَاءُ يَسْأَلُونَا حَقَّهُمْ ، وَيَمْنَعُونَا حَقَّنَا ؟ قَالَ : « اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا ، وَعَليْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ » [حديث عوف بن مالك – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – أن النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قال : «خِيَارُ أَئِمَّتِكُمْ : الذين تُحبُّونَهُمْ ويُحبونَكُمْ ، وَتُصَلُّونَ عليهم ، ويُصَلُّونَ عليكم ، وَشِرارُ أَئِمَّتِكُمُ : الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ ، وَيُبْغِضُونَكمْ ، وتَلْعَنُونَهُم ، وَيلْعَنُونَكم» قال : قُلنا : يا رسول الله ، أفَلا نُنابِذُهم ، قال : « لَا ، مَا أَقَامُوا فِيكُمْ الصَّلَاةَ ، لَا ، مَا أَقَامُوا فِيكُمْ الصَّلَاةَ » [حديث ابن عمرو – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – أن النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قال : «مَنْ بَايَعَ إِمَاما فَأعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ ، وثَمرَةَ قَلْبِهِ ، فَليُطِعهُ مَا استطاعَ ، فَإنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا رَقَبةَ الآخِرِ» . [رَوَاهُ مُسْلِم ٌ ]
12) حديث أبي هريرة – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - « عَلَيْكَ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِكَ وَمَكْرَهِكَ، وَعُسْرِكَ وَيُسْرِكَ، وَأَثَرَةٍ عَلَيْكَ » [رَوَاهُ مُسْلِم ٌ]
وفي هذه الأحاديث الأربعة المتقدمة بيان حال الأمراء والحكام وماهم عليه من المعاصي والمنكرات والظلم ومنع الحقوق والاستئثار بالدنيا كالمال العام والمناصب دون غيرهم من الرعية ومنعهم نصيبهم وحقهم في ذلك ومع ذلك وفي نفس الأحاديث المذكورة وأمثالها مما سيأتي كره لم يجعل النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – ما عليه الحكام مبرراً للخروج عليهم ومنازعتهم والمطالبة بخلعهم وترحيلهم وإسقاطهم بل أمر بأداء الحق الذي لهم من السمع والطاعة بالمعروف والرجوع إلى الله وسؤاله الفرج والمخرج وصلاح الأحوال .
وإنك لتعجب من أولئك الذين أخذوا من هذه الأحاديث وأمثالها الشطر الأول منها – أعني حال الحكام – وتركوا الشطر الأخير – أعني لزوم الطاعة – لكونه لا يوافق أهواءهم وبدعتهم وما هم عليه فخرجوا على ولاة الأمور ونازعوهم وحالهم في هذا كحال أهل الكتاب الذين قَالَ اللَّهُ تَعَالَى عنهم : { أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} وتوعدهم على ذلك قائلاً { فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } [ البقرة : 85]
13) حديث عبادة بن الصامت – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – قال : « بَايَعْنَا رَسُولَ اللهِ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ وَعَلَى أَثَرَةٍ عَلَيْنَا وَعَلَى أَنْ لاَ نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ إِلاَّ أَنْ تَرَوا كُفْرًا بَوَاحًا ، عندكم فيه من الله برهان » [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ]
في هذا الحديث وجوب السمع والطاعة لولي الأمر وتحريم منازعته على ملكه مادام مسلماً وإن كان ظالماً أو فاسقاً مالم يكفر فإن كفر جاز الخروج عليه بخمسة شروط :
الأول : أن يكفر كفراً بواحاً – أي ظاهر ظهور الشمس وسط النهار - عندنا دليلٌ صحيح صريح من الكتاب والسنة على أن قوله أو فعله الذي صدر منه كفرٌ بالله عز وجل .
الثاني : أن تقام عليه الحجة لأن من فعل المكفر جهلاً يُعذر حتى تُقام عليه الحجة .
الثالث : القدرة على إزالته ، وإلا فما الفائدة من سفك الدماء وهتك الأعراض وسلب الأموال
و و ..
الرابع : القدرة على تنصيب حاكم مسلم مكانه ، وإلا فما الفائدة من أن ينزل كافر ويصعد كافر .
الخامس : ان لا يترتب على الخروج عليه مفسدة أعظم من مفسدة بقاءه .
والذي نُدين الله عز وجل به في ولي أمر هذه البلاد أنه مسلم عنده التقصير ما عند غيره من البشر .
14) حديث أنس – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – أن النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قال : « اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنْ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ » [حديث الزبير بن عدي – رَحِمَهُ الله – قال : أَتَيْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ، فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ مَا يَلْقَوْنَ مِنَ الْحَجَّاجِ – أي الظلم - ، فَقَالَ : « اصْبِرُوا ، فَإِنَّهُ لا يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ ، إِلا الَّذِي بَعْدَهُ أَشَرُّ مِنْهُ حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ ، سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - » ] [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ]
15) حديث أبي ذر – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – قال : « أَوْصَانِي خَلِيلِي أَنْ أَسْمَعَ وَأَطِيعَ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا مُجَدَّعَ الأَطْرَافِ » [رَوَاهُ مُسْلِم ٌ]
وفي هذين الحديثين الأمر بالسمع والطاعة لولي الأمر وإن كان عبداً مشوه الخِلقة مقطوعة يداه ورجلاه .
16) حديث أبي هريرة – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – أن النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قال : « مَنْ خَرَجَ مِنْ أُمَّتِى عَلَى أُمَّتِى يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا لاَ يَتَحَاشَ مِنْ مُؤْمِنِهَا وَلاَ يَفِى بِذِى عَهْدِهَا فَلَيْسَ مِنِّى » [رَوَاهُ مُسْلِم ٌ]
في هذا الحديث براءة النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – ممن خرج على ولي الأمر لا يخاف عواقب وتبعات ذلك الخروج من سفك للدماء وهتك للأعراض وسلب للأموال وانقطاع للسبل وظلم للأبرياء ونقضٍ للعهود والمواثيق .
17) حديث ابن عمر – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – أن النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قال : « مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا حُجَّةَ لَهُ ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً » [رَوَاهُ مُسْلِم ٌ]
في هذا الحديث تحريم الخروج عن السمع والطاعة لولي الأمر وأن الخروج لا يشترط أو المقاتلة كما يظنه البعض بل يُعتبر ولو بمجرد الفعل أول القول و في الحديث تحريم التسبب في خروج الغير عن السمع والطاعة لولي الأمر عن طريق التحريض أو التلبيس أو غيره وفي هذا الحديث دلالة واضحة على أنه لا يوجد دليل في الكتاب ولا في السنة يدل على جواز الخروج على ولي الأمر المسلم ومن قال بجواز الخروج عليه فإنما يستدل بقصص واهية باطلة أو لاسند لها أو قصص وأحاديث ضعيفة أو أدلة صحيحة يضعٌها في غير موضعها ويلوي أعناقها لتوافق بدعته وهواه أو أخطاء لبعض الصالحين في الزمن الأول صدرت عن اجتهاد حصل بعدها الإجماع على تحريم الخروج .
وفي الحديث تحريم اعتقاد شخص عدم وجود بيعة في ذمته لولي الأمر الموجود بحجة أو بأخرى .
18) حديث ابن عمرو – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – أن النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قال : «مَنْ بَايَعَ إِمَاما فَأعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ ، وثَمرَةَ قَلْبِهِ ، فَليُطِعهُ مَا استطاعَ ، فَإنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا رَقَبةَ الآخِرِ» . [رَوَاهُ مُسْلِم ٌ ]
19) حديث عرفجة الأشجعي – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – أن النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قال : «مَن أَتَاكُمْ وأَمرُكم جَمِيعٌ على رجل واحدٍ يريدُ أنْ يَشُقَّ عصَاكُمْ ، أو يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكم، فَاقتُلُوهُ كَائِنًا مَنْ كَان» [رَوَاهُ مُسْلِم ٌ]
20) حديث ابن عمرو – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – أن النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قال : «مَنْ بَايَعَ إِمَاما فَأعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ ، وثَمرَةَ قَلْبِهِ ، فَليُطِعهُ مَا استطاعَ ، فَإنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا رَقَبةَ الآخِرِ» . [رَوَاهُ مُسْلِم ٌ ]
في هذين الحديثين بيان أن الإسلام يُراعي المصالح العامة ولا يجوز دفع الشر بشر أكبر منه بإجماع المسلمين والقاعدة الشرعية تقول : «دَرْءُ المفاسِدِ ، مُقدَّمٌ عَلى جَلبِ المصَالِحِ» ولهذا يجب الصبر والسمع والطاعة في المعروف ومناصحة ولاة أمورنا والدعوة لهم بالخير .
21) حديث عوف بن مالك – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – أن النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قال : «خِيَارُ أَئِمَّتِكُمْ : الذين تُحبُّونَهُمْ ويُحبونَكُمْ ، وَتُصَلُّونَ عليهم ، ويُصَلُّونَ عليكم ، وَشِرارُ أَئِمَّتِكُمُ : الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ ، وَيُبْغِضُونَكمْ ، وتَلْعَنُونَهُم ، وَيلْعَنُونَكم» قال : قُلنا : يا رسول الله ، أفَلا نُنابِذُهم ، قال : « لَا ، مَا أَقَامُوا فِيكُمْ الصَّلَاةَ ، لَا ، مَا أَقَامُوا فِيكُمْ الصَّلَاةَ » [حديث ابن عمرو – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – أن النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قال : «مَنْ بَايَعَ إِمَاما فَأعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ ، وثَمرَةَ قَلْبِهِ ، فَليُطِعهُ مَا استطاعَ ، فَإنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا رَقَبةَ الآخِرِ» . [رَوَاهُ مُسْلِم ٌ ]
22) حديث أم سلمة – رَضِيَ الله عَنْهَا – أن النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال : « إِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ فَمَنْ كَرِهَ فَقَدْ بَرِئَ وَمَنْ أَنْكَرَ فَقَدْ سَلِمَ وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا نُقَاتِلُهُمْ قَالَ لَا مَا صَلَّوْا » [حديث عوف بن مالك – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – أن النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قال : «خِيَارُ أَئِمَّتِكُمْ : الذين تُحبُّونَهُمْ ويُحبونَكُمْ ، وَتُصَلُّونَ عليهم ، ويُصَلُّونَ عليكم ، وَشِرارُ أَئِمَّتِكُمُ : الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ ، وَيُبْغِضُونَكمْ ، وتَلْعَنُونَهُم ، وَيلْعَنُونَكم» قال : قُلنا : يا رسول الله ، أفَلا نُنابِذُهم ، قال : « لَا ، مَا أَقَامُوا فِيكُمْ الصَّلَاةَ ، لَا ، مَا أَقَامُوا فِيكُمْ الصَّلَاةَ » [حديث ابن عمرو – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – أن النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قال : «مَنْ بَايَعَ إِمَاما فَأعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ ، وثَمرَةَ قَلْبِهِ ، فَليُطِعهُ مَا استطاعَ ، فَإنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا رَقَبةَ الآخِرِ» . [رَوَاهُ مُسْلِم ٌ ]
في هذين الحديثين تحريم الخروج على ولي الأمر ومنابذته أو طلب خلعه و ترحيله ما دام مصلياً وما دامت المساجد مفتوحة والصلاة قائمة وإن كان عنده ما عنده من الفسق والظلم .
23) حديث حذيفة – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – قال : «كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللهُ بِهذَا الْخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ:" نَعَمْ "، قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ ذلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ ، قَالَ:"نَعَمْ ، وَفِيهِ دَخَنٌ" ، قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ ، قَالَ: "قَوْمٌ يَهْدُونَ بَغَيْرِ هَدْيي، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ" ، قُلْتُ: فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ ، قَالَ: "نَعَمْ، دُعَاةٌ إِلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا" ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ صِفْهُمْ لَنَا ، فَقَالَ: "هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا" ، قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي، إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ ، قَالَ: "تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ" ، قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ ، قَالَ: "فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذلِكَ" » [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ]
في هذا الحديث وجوب لزوم جماعة المسلمين وولي أمرهم وعدم الخروج عن الجماعة والأمير .
وفي الحديث أيضاً أن من العلماء والدعاة صنفٌ يدعوا إلى الضلال والفتنة والبدعة والمخالفة للكتاب والسنة باسم الإسلام وصورته ولغته يجب الحذر منهم .
وفي الحديث أيضاً اجتناب الفتن والبعد عنها .
تقدم فيما سبق بيان تحريم الخروج على ولي الأمر المسلم وإن كان ظالماً فاسقاً وعلى هذا نقل الإمام النووي الإجماع كما في شرح مسلم تحت حديث رقم ( 4748 ) والإمام ابن حجر كما في فتح الباري تحت حديث رقم ( 7054 ) .
الإخوان المسلمون هم اليوم من يقود فتنة الخروج على ولي الأمر فقد يتعجب متعجب ويتسائل متسائل ويقول قائل : ما لذي منع الإخوان المسلمين من قبول مثل هذه الأدلة الصريحة الواضحة الجلية البينة المُجمع على صحتها ودلالتها ؟
الجواب : دعوة الإخوان المسلمين عبارة عن حركة تنظيمية تكتيكية سرية يُنظم فيها الملتحقون بها والمنتسبون إليها في شكل خلايا ومجموعات سرية لكل جماعة أو حلقة أو خلية أمير يُسمعُ ويطاع وعلى كل عدد مجموعات أميرٌ وهكذا لا يعرف أحدهم مكان الآخر في هذه الخلايا والمجموعات إلا من كان معه في حلقته ومستواه وهي أيضاً عبارة عن مستويات مستوى أول للمبتدئين والملتحقين الجُدد ومستوى متوسط للمتوسطين ومستوى ثالث للناضجين ومن صارت عنده القناعة التامة بهذا المنهج والاستعداد التام للتضحية من أجله وفي سبيله .
وهم يسعون جاهدين ليلاً ونهاراً بشتى الوسائل في ضم أكبر عدد ممكن من الرجال والنساء والكبار والصغار وبصورة تدريجية في هذا التنظيم وإلى هذه المجموعات والخلايا التي تشبه في تنظيمها وتكتيكها وسريتها ما يُسمى اليوم بالأمن السياسي أو القومي مثلاً تقريبياً .
في هذه الخلايا والمجموعات وفي جلساتهم الخاصة وحلقاتهم السرية والبدرومات يقومون مع أتباعهم والملتحقين بهذه الحركة بأمور وتوجيهات هي عبارة عن غسيل مخ من جهة ، و وقاية وحصانة من المؤثرات الخارجية من جهة أُخرى وهذه الأمور هي الأسباب التي جعلتهم لا يقبلون مثل هذه الأدلة ولا يعملون بها وسأذكر منها خمسة أسباب :
الأول : تكفير الحكام ومنهم رئيس البلاد وإن كانوا لا يظهرون ذلك للمجتمع لأنهم يعلمون أن المجتمع لن يوافقهم في ذلك فبعد ذلك لا يكادون يقبلون منك آية أو حديثاً في هذا الباب وهم في هذه المسألة سلكوا مسلك الشيعة ( التقية ) .
الثاني : تعظيم رموز هذه الحركة ومؤسسيها في نفوس أتباعهم والغلو فيهم وتعليق قلوبهم بهم خلافاً لما كان ينبغي عليهم فعله وهو يعظم الكتاب والسنة والأدلة والحق لا الأشخاص كما تفعل الصوفية فإذا قلت لأحدهم بعد ذلك قال الله وقال رسول الله أجابك قائلاً قد أفتى فلان وقال فلان وهو أعرف وأدرى يعني بذلك – يعني بذلك رموز الحركة وقادتها ومؤسسيها - .
الثالث : القسم والبيعة اللذان يحصلان في تلك الحلقات السرية لكل ملتحق بالجماعة ورموزها وتؤخذ منه البيعة على ذلك فيصير بعد ذلك عبداً لأوامرهم وتوجيهاتهم مطيعاً لهم طاعةً عمياء لا يعرف بعد ذلك أباً ولا أماً ولا أدلة ولا يقبل منك بعد ذلك آية ولا حديثاً إلا ما أتاه عن طريق تلك الجماعة ويبقى على الولاء والطاعة لتلك الجماعة خوفاً من الحِنْث في اليمين ونقص البيعة في زعمه وظنه الباطل .
الرابع : الطعن والتشويه بالدعوة السلفية دعوة أهل السنة والجماعة رموزها وعلماءها ودعاتها لأنهم يرون أن أخطر دعوة على دعوتهم هي الدعوة السلفية لما عند أهلها من العلم والبصيرة والصدع بالحق وعدم السكوت على الباطل فتارة يقولون لأتباعهم هؤلاء يسبون العلماء وتارة هؤلاء عملاء للحكام وتارةً هؤلاء موظفون في الأمن السياسي وتارةً هؤلاء لا يفقهون الواقع ولا يدركون الأمور وتارةً هؤلاء علماء حيض ونفاس وهكذا يصدون عن سبيل الله وينزعون الثقة من قلوب أتباعهم بعلماء ودعاة السنة وأهل الحق فإذا ما رأى أحدهم بعد ذلك سُنيَّاً أو سلفياً تخيله وحشاً مفترساً وتصوره عدواً للإسلام والمسلمين لا يكاد بعد ذلك يقبل منه آيةً أو حديثاً إلا أن يشاء الله .
الخامس : التربية السيئة منهم لأتباعهم فهم لا يربون أتباعهم على العقيدة والتوحيد والفقه والتفسير والأدلة الشرعية والحرص على السنة والتمسك بها ولكنهم يربونهم على الأناشيد والمسرحيات والرحلات والمأكولات والمشروبات والتنظيمات السرية والترفيهات والرياضة بأنواعها ويملؤون عقولهم بالشبهات وربما قرؤوا بعض الكتب في تلك الحلقات لكنها غالباً كتبٌ حركية لا علمية والعلمية منها هزيلة في مادتها فتجد أحدهم بعد ذلك قد جمع بين الجهل والشبهات ومثل هذا الصنف يَصعُب إقناعه بعد ذلك بآية أو بحديث يخالف ما هو عليه إلا أن يشاء الله .
أضف إلى معلوماتك أخي القارئ ما يأتي :
1) للإخوان المسلمين طرق وأساليب عدة في كسب واجتذاب الشباب وأبناء المسلمين إلى حركتهم منها حلقات القرآن الكريم وأساليب الترفيه مثل الأناشيد والمسرحيات والرحلات والمأكولات والمشروبات ومنها أيضاً الصيام الجماعي والقيام الجماعي في بعض أيام السنة ومنها الاعتكافات الجماعية في شهر رمضان ومنها النوادي الرياضية بشتى صورها وأنواعها ومنها مراكز التحفيظ والمهن النسوية وغير ذلك من الأساليب والطرق .
2) الإخوان المسلمون لديهم من النزعات العصبية والنعرات الجاهلية في تصرفاتهم ومعاملاتهم مالا يليق بأهل الإيمان والاستقامة والصلاح بسبب سوء التربية واهتمامهم بالكم لا بالكيف .
3) الاسم المعروف القديم لهذه الحركة ( الإخوان المسلمون ) والاسم السياسي اليوم ( حزب التجمع اليمني للإصلاح ) فهم واقعون في الحزبية من قبل ومن بعد تحت أي مسمى كان .
4) مؤسس هذه الحركة رجل ليس بعالم ولا بطالب علم صاحب منهج منحرف وتصوف وعقيدة باطلة بُقال له حسن البنا فعُمُر هذا التنظيم لا يتجاوز المائة عام ولم يكن قبل ذلك معروفاً في أوساط المسلمين لا في عهد النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – ولا عهد الصحابة ولا عهد التابعين ولا أئمة الدين كمالك و أحمد و الشافعي و أبي حنيفة إلى أن أبتدعه وأحدثه هذا الرجل المسمى بحسن البنا فهو منهج مُحدث ومبتدع في دين الله عز وجل والنبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يقول كما في الصحيحين من حديث عائشة – رضي الله عنها - : « مَنْ أَحْدَثَ فِي دِينِنَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ »
5) رموز الإخوان المسلمون البارزون في الساحة اليوم إنما هم عبارة عن مفكرين إسلاميين كما يقال أو مثقفين إسلاميين أو مجرد دعاه يُلمعون ويُعظمون ويُغالى فيهم ويُرفع من شأنهم فوق منزلتهم الحقيقية حتى يظهروا بمظهر العلماء في أعين من لا يعرف العلم وأهله من العامة وغيرهم فيتزعمون قيادة الأمة والخوض في شؤونها العظيمة فيأخذون الشعوب إلى خدمة أهواءهم وبدعتهم وأحزابهم ومطامعهم وخيرُ ما يصف حالهم هذا حديث عبدالله بن عمرو – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – أن النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قال : « إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْتَزِعُ الْعِلْمَ مِنْ النَّاسِ انْتِزَاعًا وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعُلَمَاءَ ، فإِذا لم يُبْقِ عالما : اتَّخَذَ الناس رُؤوسا جُهَّالا، فأفْتَوْا بغير علم ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا » [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ]
ـــــ انْتَهَى ـــــــــ
تعليق