يَا أَهَل اليَمَن احذَرُوا المظَاهَرات فَإِنَّهَا مِن صُنعِ أَعَدائِكُم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ للهِ وَأشهدُ أن لا إِلَه إِلا الله وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ وَأَشهدُ أنَّ محمَّدًا عَبدهُ ورَسُوله صلى الله عليه وآله وسلم أَمَّا بَعْدُ.
فإِنّنَا نَسمعُ ونُشاهِدُ تِلكَ المُظَاهرات المتكَرِرة في بِلادِ الإيمانِ والحكمَةِ اليَّمَانيةِ، وهي تَزْدادُ كل يومٍ، ونَلاحظُ كذلكَ تهَافُت بَعض النَّاس عَليهَا، وَكأّنهًََّا مِنْ عِندِ الله تَعَالى، وَقَد قَامَ عُلماء الأمةِ بإِنْكَارِهَا والرّدِ على مَن أَجَازَها وبيّنُوا مَا فِيها مِنَ الأَخْطَاءِ المخَالِفَةِ لِشرعِ اللهِ، وَاللهُ عَزَّ وَجل أَمر بِالرّجوعِ إِلى العُلمَاءِ عِند وُقوعِ الفِتَنِ والنَّوَازِلِ قَالَ تَعَالى :{وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا }، وَيَقُولُ تَعالى : {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ }.
وممَن أَفْتى بِتَحْرِيمِ الانتِخَابَات مِنَ العُلَمَاءِ : الشَّيخ العَلامَة المحدِّث محمَّد نَاصِر الدين الألبَاني وَالشَّيخ العَلامَة عَبد العَزِيزِ بن باَز والشَّيخ العَلامَة محمّد بن صَالح العثيمين والشَّيخ العَلامَة مُقْبِل بن هَادِي الوادعي – رَحَمَهُم الله – كَذِلِك مُفْتِي اليَّمَنِ ومحَدِثُها الشيَّخ العَلامَة يحيى بن عَلي الحَجُورِي – حَفِظَهُ الله – وَلَهُ رِسَالة في ذَلِكَ بِعنوَانِ: الدَّلائِل البَيِّنَات في تحْرِيمِ المُظَاهَرَات.
فنَذكُر لكُم بَعضَ تلكَ المُخَالفَاتِ وَالأخطَاء والأضْرَار بِاختِصَار ليَحصُل الخَير وَالنَّفْع للمُجتَمع :
فَمِنْ ذَلِكَ : أَنَّ المُظَاهَراتِ والدَّعْوَةِ إِليهَا عَمَلٌ محْدَثٌ في دِينِ اللهِ وَالنَّبي صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّم يَقُولُ : ((مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ))، وَيَقُولُ الشَّيخُ ابن عُثَيْمِين – رَحمَهُ اللهُ - : (فَإِنَّ المظَاهَرَات أَمْرٌ حَادِثٌ، لمْ يَكُن مَعْرُوفاً في عَهْدِ النَّبِيوَلا في عَهدِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِين ، وَلا عَهدِ الصَّحَابَةِ)
وَمِنْ ذَلِكَ : أَنَّ فِيهَا تَشَبُّها بِالكُفّارِ وَتَقْليدا لهُم، وَالنَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّم يَقُولُ : « مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ». وَيَقُولُ : «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى قَالَ فَمَنْ» قَالَ العَلامةُ المحدِّثُ محمَّد نَاصِر الدِّين الألبَاني – رَحمَه الله - : ((لا تَزَالُ بَعضُ الجمَاعَات الإسْلاميّة تَتَظَاهر عَلى شَرعيَةِ المظَاهَرات المعرُوفة اليوم ، وَأَنهَا كَانَت من أَسَالِيبِ النَّبي صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّم في الدَّعوَةِ!غَافِلين عَن كَوْنهَا مِنْ عَادَاتِ الكُفَّارِ وأسَاليبهِم التي تَتَنَاسب مَعَ زَعْمِهم أنَّ الحُكمَ للشَّعْبِ، وتَتَنافى مَع قَولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّم : "خَيْر الهُدَى هُدَى محمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّم")) .
وَمِنْ ذَلِكَ : أَنَّ فِيهَا سَفْكا لِدمَاءِ المُسْلِمِين فَيَحْصُل القَتْل، وَالنَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّم يَقُولُ : ((لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِم))، وَقَالَ الشَّيخُ الفُوزَان – حَفِظَهُ اللهُ - : (وَالمُظَاهَرَاتُ تُحْدِِثُ سَفْك دِمَاء وَتحْدِثُ تخرِيب أَمْوَال ، فَلا تجوزُ هَذِهِ الأُمُور).
وَمِنْ ذَلِكَ : أَنَّ فِيهَا خِدْمة لأعدَاءِ الإسْلامِ لإشْعَالِ الفِتنِ وَالقَلاقِلِ في بِلادِ المُسْلِمين.
وَمِنْ ذَلِكَ : أَنَّ فِيهَا أَذِيّة لِلمُؤمِنين في أَخْذِ أَمْوَالهم وَسَرِقَتِهَا وتَكسِيرِ محَلاتهِم وَنهبِهَا وَانتِهَاكِ أَعْرَاضِهِم، وَاللهُ تَعَالى يَقُولُ :{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا}.
وَمِنْ ذَلِكَ : أَنَّ فِيهَا رَفْعَ الصَّوت لِغَيرِ حَاجَة، قَالَ تَعَالى :{وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ}. وَقَد وَصَفَهُ الله في التَّورَاةِ فَقَال : ((أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي سَمَّيْتُكَ المتَوَكِّلَ لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ وَلَا سَخَّابٍ فِي الْأَسْوَاقِ)).
وَمِنْ ذَلِكَ : أَنَّ فِيهَا اختَلاط الرِّجَال بِالنِّسَاءِ ، وهَذَا مُنْكَرٌ عَظِيمٌ وَمَفْسَدة عَظِيمَة لا تخْفَى عَلَى كِلِّ ذِي عَقْلٍ رَاجِحٍ، قَالَ الشَّيخُ ابن بَاز –رَحمَهُ اللهُ - : (لا أَرَى المُظَاهَرَات النِّسَائِية وَالرِّجَالِية مِنَ العِلاجِ، وَلَكِنّهَا مِنْ أَسْبَابِ الفِتَنِ، وَمِن أَسبَابِ الشُّرورِ، وَمِن أَسْبَابِ ظُلْمِ بَعْضِ النَّاسِ، وَالتَّعَدِّي عَلَى بَعْضِ النَّاسِ بِغَيرِ حَقٍّ).
وَمِنْ ذَلِكَ : أَنهَا لَيسَت وَسِيلة شَرْعِية لإصْلاحِ المجتَمَعِ وَلَيسَت مِن طُرقِ وَأَسَالِيبِ الهُدَى، قَالَ الشَّيخُ ابن بَازِ – رَحمَهُ اللهُ - : (فَالمَسِيرَاتُ في الشَّوَارِعِ والهُتَافَات لَيسَت هِي الطَّرِيق لِلإصْلاحِ وَالدَّعْوَةِ، فَالطَّريقُ الصَّحِيحُ: بِالزِّيَارَةِ، وَالمُكَاتَبَاتِ بِالتي هِي أَحْسَن فَتَنْصَحُ الرَّئِيس، وَالأَمِير وَشَيخ القَبِيلةَ بهَذِهِ الطَّريقَةِ، لا بِالعُنفِ وَالمظَاهَرَةِ), وَقَالَ: (وَلا شَكَّ أَنَّ هَذَا الأُسلُوب يَضُرُ بِالدَّعَوةِ وَالدُّعَاةِ، وَيمنَعُ انْتِشَارِهَا وَيحَمِّلُ الرُّؤسَاء وَالكِبَار عَلَى مُعَادَاتهَا وَمُضَادتهَا بِكُلِّ ممكِنٍ، فَهُم يُرِيدُون الخَير بهَذَا الأُسْلُوب، لًكِنْ يحْصُل بِهِ ضِدّهُ).
وَمِنْ ذَلِكَ : أَنَّ فِيهَا تَبَرُّج وَسُفُور النِّسَاء : وَاللهُ تَعَالى يَقُولُ : {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى}ويَقُولُ النَّبي لِلنِّسَاءِ : عَلَيْهِنَّ جِهَادٌ لاَ قِتَالَ فِيهِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ .
ثمَّ يَا أَهلَ الإيمَان وَالحِكْمَة مَا هُو الغَرَضُ مِنَ المظَاهَرَات؟!.
إِنْ كَانَ الغَرَض هُو إِنكَار المنْكَرِ!! فَهو تَغْييرٌ لمُنْكَرٍ بمَا هُوَ أَنْكَرُ مِنْهُ، وَهَذَا لا يجُوز كَمَا هُو مُقَرَرٌ في شَرِيعَتِنَا. فَاتَّقُوا الله في دِمَاءِ المُسْلِمين، قَالَ الشَّيْخُ أَحمَد النَّجْمِيُّ – رَحمَهُ اللهُ - : (إِنَّ الإِسْلامَ لا يَنْتَصِرُ بِالمسِيرَاتِ وَالتَّظَاهُرَاتِ).
ثمَّ أَنَّ الذِي يُبِيح المظَاهَرَات إِنمَا يَسْتدِل بِقِصّةِ إِسْلامِ عُمَر وَحمْزَة عِندَمَا خَرَجَا مَع الصَّحَابَة في مُظَاهَرَة، وَالقِصّة مَوْضُوعَة مَكْذُوبَة، فَلا يَصِحُ الاستِدْلال بِالكَذِب والبُهْتَانِ.
وَاعلَمُوا يَا أَهْلَ اليَمَنِ أَنَّ أَعدَاءَكُم لا يَرغَبُونَ في رَاحَتِكُم وَلا أَمْنِكُم، وَيحْسَدُونكُم عَلَى مَا أَنتُم فِيهِ مِن نِعْمَةِ الأمْنِ وَالإيمَانِ، وَلَنْ يَهْدَأ لهُم بَال إِلا إِذَا رَأوْكم قَتْلَى صَرْعَى، فَلا تَكَونُوا أَدَاة لهُم لِلْفِتَنِ في اليَمِنِ، وَلا تَكُونوا نُوّابهُم في بِلادِكم، وَإنمَا كُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانَا.
اصْبِرُوا عَلَى جورِ حُكَّامِكُم – إِنْ وُجِدَ- فَهْوَ خَيرٌ لَكُم مِنْ ضَيَاعِ الأَنْفُسِ وَالأمْوَالِ وَتَفَشِي القَتْل وَالقِتَالِ.
وَاعْلَمُوا أَنَّ مَنْ يَدْعُوكُم إِلى المظَاهَرَاتِ فِإنمَا يَدْعُوكُم للْفِتنِ وَالقَلاقِلِ، وَيَدْعُوكُم لِقَتْلِ بَعْضكم بَعْضًا.
وَاعلَمُوا أَنَّ مَنْ يَدعُوكُم للمُظَاهَرَاتِ فَإِنمَا يَدعُوكُم لِنَفْسهِ وَلحَظِّ نَفْسِهِ وَلخَاصّةِ حِزبِهِ مِنْ أَجْلِ أَنْ يحْصُلَ عَلَى كَرَاسِي الحُكمِ، وَهو في الحَقِيقةِ لمْ يحَكِّمْ شَرْعَ اللهِ في نَفْسِهِ.
وَاعْلَمُوا أَنَّ مَنْ يَدْعُوكُم للمُظَاهَرَات إِنما هُم الخَوارِجُ كِلابُ النَّارِ – أَخْزَاهُمُ الله – فَهُمْ لم يَرْضوا بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَحَدُهُم : اعْدِلْ يَا محمَّد . وَلم يَرْضوا بِعُثْمَان رَضِي الله عَنهُ فَقَتَلُوهُ، وَلم يَرْضوا بِعَليّ بنِ أَبي طَالِب فَقَالُوا لَهُ كَفَرْتَ ثمَّ قَتَلُوهُ. وَهَكَذَا السِّلْسِلة تَسَيرُ إِلى عَصرِنَا.
وَاعْلَمُوا أَنَّ مَنْ يَدْعُوكُم لِلْمُظَاهَراتِ مُخَالِفٌ لهدْي رَسِولِ الله الذِي حَثّ عَلَى الصَّبرِ عَلى الولاةِ وَعَدِمِ الخُرُوجِ عَلَيْهِمِ.
وَاعْلَمُوا أَنَّ مَنْ يَدْعُوكُم لِلْمُظَاهَراتِ لَنْ يَرضوا بهَذِهِ المظَاهَرِاتِ إِذَا وَصَلُوا لِلسُلْطَةِ لأَنهَم سَيَعتَبِرُونهَا حِينَذَاكَ خُرُوجًا عَنِ الشَّرِيعَةِ.
وَاعْلَمُوا أَنَّ مَنْ يَدْعُوكُم لِلْمُظَاهَراتِ لَيسُوا بِعُلَمَاء خَيرٍ وِإِنمَا عُلَمَاءَ حِزْبِيّةٍ، يخْدِمُونَ أَحْزَابهم، وَهَذَا هُو الوَاقِعُ، فَتَنَبَّهُوا بَارَكَ اللهُ فِيكُم.
فَاعْتَبِرُوا يَا أَهْلَ اليَمَن قَبْلَ أَنْ تَنْدَمُوا، وَاعْتَبِرُوا بَأَحْوَالِ جِيرَانِكُمْ في الصُّومَالِ وَكَذَا في تُونِس وَالآن في مِصْرَ، وَانظُرُوا إِلى أَحْوَالهم كَيفَ وَصَلَ الحَال بهِم، فَلا أَمْن وَلا أَمَان.
قَالَ الشَّيخُ ابن عُثَيْمِين – رَحمَهُ اللهُ - : (وَأَمَّا قَوْلُهم إِنَّ هَذِهِ المُظَاهَرَات سِلْمِيّة، فَهْي قَدْ تَكُونُ سِلْمِية في أَوَّلِ الأَمْرِ أَوْ في أَوَّلِ مَرَّةٍ ثمَّ تَكُونُ تخْرِيِبيّة).
فإِنّنَا نَسمعُ ونُشاهِدُ تِلكَ المُظَاهرات المتكَرِرة في بِلادِ الإيمانِ والحكمَةِ اليَّمَانيةِ، وهي تَزْدادُ كل يومٍ، ونَلاحظُ كذلكَ تهَافُت بَعض النَّاس عَليهَا، وَكأّنهًََّا مِنْ عِندِ الله تَعَالى، وَقَد قَامَ عُلماء الأمةِ بإِنْكَارِهَا والرّدِ على مَن أَجَازَها وبيّنُوا مَا فِيها مِنَ الأَخْطَاءِ المخَالِفَةِ لِشرعِ اللهِ، وَاللهُ عَزَّ وَجل أَمر بِالرّجوعِ إِلى العُلمَاءِ عِند وُقوعِ الفِتَنِ والنَّوَازِلِ قَالَ تَعَالى :{وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا }، وَيَقُولُ تَعالى : {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ }.
وممَن أَفْتى بِتَحْرِيمِ الانتِخَابَات مِنَ العُلَمَاءِ : الشَّيخ العَلامَة المحدِّث محمَّد نَاصِر الدين الألبَاني وَالشَّيخ العَلامَة عَبد العَزِيزِ بن باَز والشَّيخ العَلامَة محمّد بن صَالح العثيمين والشَّيخ العَلامَة مُقْبِل بن هَادِي الوادعي – رَحَمَهُم الله – كَذِلِك مُفْتِي اليَّمَنِ ومحَدِثُها الشيَّخ العَلامَة يحيى بن عَلي الحَجُورِي – حَفِظَهُ الله – وَلَهُ رِسَالة في ذَلِكَ بِعنوَانِ: الدَّلائِل البَيِّنَات في تحْرِيمِ المُظَاهَرَات.
فنَذكُر لكُم بَعضَ تلكَ المُخَالفَاتِ وَالأخطَاء والأضْرَار بِاختِصَار ليَحصُل الخَير وَالنَّفْع للمُجتَمع :
فَمِنْ ذَلِكَ : أَنَّ المُظَاهَراتِ والدَّعْوَةِ إِليهَا عَمَلٌ محْدَثٌ في دِينِ اللهِ وَالنَّبي صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّم يَقُولُ : ((مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ))، وَيَقُولُ الشَّيخُ ابن عُثَيْمِين – رَحمَهُ اللهُ - : (فَإِنَّ المظَاهَرَات أَمْرٌ حَادِثٌ، لمْ يَكُن مَعْرُوفاً في عَهْدِ النَّبِيوَلا في عَهدِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِين ، وَلا عَهدِ الصَّحَابَةِ)
وَمِنْ ذَلِكَ : أَنَّ فِيهَا تَشَبُّها بِالكُفّارِ وَتَقْليدا لهُم، وَالنَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّم يَقُولُ : « مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ». وَيَقُولُ : «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى قَالَ فَمَنْ» قَالَ العَلامةُ المحدِّثُ محمَّد نَاصِر الدِّين الألبَاني – رَحمَه الله - : ((لا تَزَالُ بَعضُ الجمَاعَات الإسْلاميّة تَتَظَاهر عَلى شَرعيَةِ المظَاهَرات المعرُوفة اليوم ، وَأَنهَا كَانَت من أَسَالِيبِ النَّبي صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّم في الدَّعوَةِ!غَافِلين عَن كَوْنهَا مِنْ عَادَاتِ الكُفَّارِ وأسَاليبهِم التي تَتَنَاسب مَعَ زَعْمِهم أنَّ الحُكمَ للشَّعْبِ، وتَتَنافى مَع قَولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّم : "خَيْر الهُدَى هُدَى محمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّم")) .
وَمِنْ ذَلِكَ : أَنَّ فِيهَا سَفْكا لِدمَاءِ المُسْلِمِين فَيَحْصُل القَتْل، وَالنَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّم يَقُولُ : ((لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِم))، وَقَالَ الشَّيخُ الفُوزَان – حَفِظَهُ اللهُ - : (وَالمُظَاهَرَاتُ تُحْدِِثُ سَفْك دِمَاء وَتحْدِثُ تخرِيب أَمْوَال ، فَلا تجوزُ هَذِهِ الأُمُور).
وَمِنْ ذَلِكَ : أَنَّ فِيهَا خِدْمة لأعدَاءِ الإسْلامِ لإشْعَالِ الفِتنِ وَالقَلاقِلِ في بِلادِ المُسْلِمين.
وَمِنْ ذَلِكَ : أَنَّ فِيهَا أَذِيّة لِلمُؤمِنين في أَخْذِ أَمْوَالهم وَسَرِقَتِهَا وتَكسِيرِ محَلاتهِم وَنهبِهَا وَانتِهَاكِ أَعْرَاضِهِم، وَاللهُ تَعَالى يَقُولُ :{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا}.
وَمِنْ ذَلِكَ : أَنَّ فِيهَا رَفْعَ الصَّوت لِغَيرِ حَاجَة، قَالَ تَعَالى :{وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ}. وَقَد وَصَفَهُ الله في التَّورَاةِ فَقَال : ((أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي سَمَّيْتُكَ المتَوَكِّلَ لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ وَلَا سَخَّابٍ فِي الْأَسْوَاقِ)).
وَمِنْ ذَلِكَ : أَنَّ فِيهَا اختَلاط الرِّجَال بِالنِّسَاءِ ، وهَذَا مُنْكَرٌ عَظِيمٌ وَمَفْسَدة عَظِيمَة لا تخْفَى عَلَى كِلِّ ذِي عَقْلٍ رَاجِحٍ، قَالَ الشَّيخُ ابن بَاز –رَحمَهُ اللهُ - : (لا أَرَى المُظَاهَرَات النِّسَائِية وَالرِّجَالِية مِنَ العِلاجِ، وَلَكِنّهَا مِنْ أَسْبَابِ الفِتَنِ، وَمِن أَسبَابِ الشُّرورِ، وَمِن أَسْبَابِ ظُلْمِ بَعْضِ النَّاسِ، وَالتَّعَدِّي عَلَى بَعْضِ النَّاسِ بِغَيرِ حَقٍّ).
وَمِنْ ذَلِكَ : أَنهَا لَيسَت وَسِيلة شَرْعِية لإصْلاحِ المجتَمَعِ وَلَيسَت مِن طُرقِ وَأَسَالِيبِ الهُدَى، قَالَ الشَّيخُ ابن بَازِ – رَحمَهُ اللهُ - : (فَالمَسِيرَاتُ في الشَّوَارِعِ والهُتَافَات لَيسَت هِي الطَّرِيق لِلإصْلاحِ وَالدَّعْوَةِ، فَالطَّريقُ الصَّحِيحُ: بِالزِّيَارَةِ، وَالمُكَاتَبَاتِ بِالتي هِي أَحْسَن فَتَنْصَحُ الرَّئِيس، وَالأَمِير وَشَيخ القَبِيلةَ بهَذِهِ الطَّريقَةِ، لا بِالعُنفِ وَالمظَاهَرَةِ), وَقَالَ: (وَلا شَكَّ أَنَّ هَذَا الأُسلُوب يَضُرُ بِالدَّعَوةِ وَالدُّعَاةِ، وَيمنَعُ انْتِشَارِهَا وَيحَمِّلُ الرُّؤسَاء وَالكِبَار عَلَى مُعَادَاتهَا وَمُضَادتهَا بِكُلِّ ممكِنٍ، فَهُم يُرِيدُون الخَير بهَذَا الأُسْلُوب، لًكِنْ يحْصُل بِهِ ضِدّهُ).
وَمِنْ ذَلِكَ : أَنَّ فِيهَا تَبَرُّج وَسُفُور النِّسَاء : وَاللهُ تَعَالى يَقُولُ : {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى}ويَقُولُ النَّبي لِلنِّسَاءِ : عَلَيْهِنَّ جِهَادٌ لاَ قِتَالَ فِيهِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ .
ثمَّ يَا أَهلَ الإيمَان وَالحِكْمَة مَا هُو الغَرَضُ مِنَ المظَاهَرَات؟!.
إِنْ كَانَ الغَرَض هُو إِنكَار المنْكَرِ!! فَهو تَغْييرٌ لمُنْكَرٍ بمَا هُوَ أَنْكَرُ مِنْهُ، وَهَذَا لا يجُوز كَمَا هُو مُقَرَرٌ في شَرِيعَتِنَا. فَاتَّقُوا الله في دِمَاءِ المُسْلِمين، قَالَ الشَّيْخُ أَحمَد النَّجْمِيُّ – رَحمَهُ اللهُ - : (إِنَّ الإِسْلامَ لا يَنْتَصِرُ بِالمسِيرَاتِ وَالتَّظَاهُرَاتِ).
ثمَّ أَنَّ الذِي يُبِيح المظَاهَرَات إِنمَا يَسْتدِل بِقِصّةِ إِسْلامِ عُمَر وَحمْزَة عِندَمَا خَرَجَا مَع الصَّحَابَة في مُظَاهَرَة، وَالقِصّة مَوْضُوعَة مَكْذُوبَة، فَلا يَصِحُ الاستِدْلال بِالكَذِب والبُهْتَانِ.
وَاعلَمُوا يَا أَهْلَ اليَمَنِ أَنَّ أَعدَاءَكُم لا يَرغَبُونَ في رَاحَتِكُم وَلا أَمْنِكُم، وَيحْسَدُونكُم عَلَى مَا أَنتُم فِيهِ مِن نِعْمَةِ الأمْنِ وَالإيمَانِ، وَلَنْ يَهْدَأ لهُم بَال إِلا إِذَا رَأوْكم قَتْلَى صَرْعَى، فَلا تَكَونُوا أَدَاة لهُم لِلْفِتَنِ في اليَمِنِ، وَلا تَكُونوا نُوّابهُم في بِلادِكم، وَإنمَا كُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانَا.
اصْبِرُوا عَلَى جورِ حُكَّامِكُم – إِنْ وُجِدَ- فَهْوَ خَيرٌ لَكُم مِنْ ضَيَاعِ الأَنْفُسِ وَالأمْوَالِ وَتَفَشِي القَتْل وَالقِتَالِ.
وَاعْلَمُوا أَنَّ مَنْ يَدْعُوكُم إِلى المظَاهَرَاتِ فِإنمَا يَدْعُوكُم للْفِتنِ وَالقَلاقِلِ، وَيَدْعُوكُم لِقَتْلِ بَعْضكم بَعْضًا.
وَاعلَمُوا أَنَّ مَنْ يَدعُوكُم للمُظَاهَرَاتِ فَإِنمَا يَدعُوكُم لِنَفْسهِ وَلحَظِّ نَفْسِهِ وَلخَاصّةِ حِزبِهِ مِنْ أَجْلِ أَنْ يحْصُلَ عَلَى كَرَاسِي الحُكمِ، وَهو في الحَقِيقةِ لمْ يحَكِّمْ شَرْعَ اللهِ في نَفْسِهِ.
وَاعْلَمُوا أَنَّ مَنْ يَدْعُوكُم للمُظَاهَرَات إِنما هُم الخَوارِجُ كِلابُ النَّارِ – أَخْزَاهُمُ الله – فَهُمْ لم يَرْضوا بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَحَدُهُم : اعْدِلْ يَا محمَّد . وَلم يَرْضوا بِعُثْمَان رَضِي الله عَنهُ فَقَتَلُوهُ، وَلم يَرْضوا بِعَليّ بنِ أَبي طَالِب فَقَالُوا لَهُ كَفَرْتَ ثمَّ قَتَلُوهُ. وَهَكَذَا السِّلْسِلة تَسَيرُ إِلى عَصرِنَا.
وَاعْلَمُوا أَنَّ مَنْ يَدْعُوكُم لِلْمُظَاهَراتِ مُخَالِفٌ لهدْي رَسِولِ الله الذِي حَثّ عَلَى الصَّبرِ عَلى الولاةِ وَعَدِمِ الخُرُوجِ عَلَيْهِمِ.
وَاعْلَمُوا أَنَّ مَنْ يَدْعُوكُم لِلْمُظَاهَراتِ لَنْ يَرضوا بهَذِهِ المظَاهَرِاتِ إِذَا وَصَلُوا لِلسُلْطَةِ لأَنهَم سَيَعتَبِرُونهَا حِينَذَاكَ خُرُوجًا عَنِ الشَّرِيعَةِ.
وَاعْلَمُوا أَنَّ مَنْ يَدْعُوكُم لِلْمُظَاهَراتِ لَيسُوا بِعُلَمَاء خَيرٍ وِإِنمَا عُلَمَاءَ حِزْبِيّةٍ، يخْدِمُونَ أَحْزَابهم، وَهَذَا هُو الوَاقِعُ، فَتَنَبَّهُوا بَارَكَ اللهُ فِيكُم.
فَاعْتَبِرُوا يَا أَهْلَ اليَمَن قَبْلَ أَنْ تَنْدَمُوا، وَاعْتَبِرُوا بَأَحْوَالِ جِيرَانِكُمْ في الصُّومَالِ وَكَذَا في تُونِس وَالآن في مِصْرَ، وَانظُرُوا إِلى أَحْوَالهم كَيفَ وَصَلَ الحَال بهِم، فَلا أَمْن وَلا أَمَان.
قَالَ الشَّيخُ ابن عُثَيْمِين – رَحمَهُ اللهُ - : (وَأَمَّا قَوْلُهم إِنَّ هَذِهِ المُظَاهَرَات سِلْمِيّة، فَهْي قَدْ تَكُونُ سِلْمِية في أَوَّلِ الأَمْرِ أَوْ في أَوَّلِ مَرَّةٍ ثمَّ تَكُونُ تخْرِيِبيّة).
{ فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}
كتبه : أبو عبد الله خالد بن محمد الغرباني
حمل من الخزانة العلمية
للنشر والتوزيع (مطويات)
حمل من الخزانة العلمية
للنشر والتوزيع (مطويات)
تعليق