بعض الغلاة هجروا درس الشيخ العلامة صالح الفوزان !
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيم
سأل القارئ الشيخ العلامة صالح الفوزان في درسه الثالث لكتاب الدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد للشوكاني رحمه الله فقال:
السائل:
يقول فضيلة الشيخ وفقكم الله، بعض الشباب هداهم الله الذين يحضرون عند فضيلتكم لهذه الدروس لما شرعتم في قراءة هذا الكتاب للإمام الشوكاني تركوا الدرس وقالوا لا نحضر كتب المبتدعة كالشوكاني حيث عندهم مخالفة لمذهب السلف .
الشيخ : الشكوى إلى الله !
السائل: فكيف نجيبهم على ذلك؟
الشيخ: اتركوهم ، إن كانوا يقبلون النصح فانصحوهم ، الشوكاني إنما يدعو إلى التوحيد وينهى عن الشرك رحمه الله، فإن قبلوا فالحمد لله وإن لم يقبلوا أتركوهم، هؤلاء هم المتشددون الذين قال عنهم الشوكاني، هم المتشددون ، نعم.
السائل: وهذا حفظك الله يقول : نريد سؤال فضيلتكم وقصدنا بذلك طلب العلم وبيان الحق وهو أن الشوكاني رحمه الله إذا جوز الشرك فإنه يعذر و يعتذر له ، و غيره إذا قال ذلك ...
الشيخ مقاطعاً: من قال إن الشوكاني يجوز الشرك والعياذ بالله، ما الكلام هذا نسأل الله العافية؟!!! الشوكاني جوز الشرك؟!!! الشوكاني ينكر الشرك ، من يقول إنه يجوز الشرك ؟!!! نسأل الله العافية ، نعم ، أترك السؤال هذا ، هذا سؤال من عدو ما هو من محب للعلم والعلماء ،سؤال من عدو ، نعم."اهـ
ومع أن الشيخ حفظه الله بيّن قصده من شرحه لهذا الكتاب وكتاب الصنعاني قبله، إلا أن الغلاة كعادتهم لا يرون إلا من منظار ضيق!
قال الشيخ في مطلع شرحه للدر النضيد:
"بسم الله الرحمن الرحيم ،
الحمد لله رب العالمين و صلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ، أما بعد ، فقد انتهينا و لله الحمد من رسالة الإمام الصنعاني رحمه الله : ((تطهير الاعتقاد من أدرا ن الإلحاد)) ،
والآن نشرع في رسالة الإمام الشوكاني: ((الدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد)) وغرضنا من ذلك الرد على الذين يقولون إن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى التوحيد إنما هو مذهب له خاص يسمونه المذهب الوهابي، فالذي ينكر الشرك يقولون هذا وهابي بزعمهم إن هذا شيء إنفرد به الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله،
وهؤلاء الأئمة: الصنعاني وهو معاصر للشيخ ومدح الشيخ وأثنى على دعوته في قصيدته المشهورة، والإمام الشوكاني جاء بعده في القرن الثالث عشر لأنه توفي رحمه الله عام 1250 في منتصف القرن الثالث عشر، وهذا الإمام اهتم بتوحيد العبادة وإفراد الله بالعبادة وله رسالة في تحريم البناء على القبور اسمها: ((شفاء الصدور في تحريم البناء على القبور))
وله كلام جيد في نيل الأوطار في هذا الموضوع ، فلم ينفرد ولله الحمد الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب في هذه الدعوة وإنما هي دعوة الأنبياء و المرسلين والأئمة المهتدين، والشيخ محمد إنما قام ببيانها و تجديدها بعدما اندرسـت، و الدعوة إليها ، هذا الذي قام به الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ونفع الله بدعوته وأنقذ الله به أمما و أجيالاً كانت غارقة في الشرك إلا من رحم الله، فلم ينفرد الشيخ بهذا الأمر و إنما هو سائر على منهج الأنبياء و المرسلين ومنهج الأئمة، و شاركه في ذلك من معاصريه وممن جاء بعدهم أئمة كبار كالإمام الصنعاني والإمام الشوكاني في اليمن، و غيرهم، كلهم ولله الحمد ساروا على هذا المنهج، ولا تخلو ولله الحمد البلاد والأمصار من دعاة إلى التوحيد وإفراد الله بالعبادة، وإن كانوا منبوذين ومضايقين ولكنهم صامدون ولله الحمد، من هؤلاء جماعة أنصار السنة في مصر و في السودان و في غيرهما من البلاد يقومون بهذه الدعوة ويبينونها للناس، فهذه الدعوة ليست خاصة بأهل نجد ولا بالشيخ محمد بن عبد الوهاب وإنما هي دعوة الأنبياء و المرسلين ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين،
فنحن قرءنا هذه الرسائل : ((تطهير الاعتقاد)) و((الدر النضيد)) و ما يأتي بعد ذلك إن شاء الله كله لبيان و رد هذه الفرية التي يقولها هؤلاء الخرافيون والقبوريون ، و يقولون هذا وهابي بزعمهم أن هذا شيء غريب و أنه لم يدعو إليه إلا محمد بن عبد الوهاب ، بل يسمون الشيخ : قرن الشيطان والعياذ بالله.."اهـ
هذا و قد ذكرني كلام الشيخ الفوزان بكلام في غاية الأهمية للشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله أنقله لك أخي القارئ الكريم لفائدته، قال :
"أيضا إذا كانت المسألة متعلقة بالعقائد، أو كانت المسألة متعلقة بعالم من أهل العلم في الفتوى في شأنه بأمر من الأمور، فإنه هنا يجب النظر فيما يؤول إليه الأمر من المصالح ودفع المفاسد، لهذا ترى أئمة الدعوة رحمهم الله تعالى من وقت الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن أحد الأئمة المشهورين إلى وقت الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله تعالى إذا كان الأمر متعلقا بإمام أو بعالم أو بمن له أثر في السنة فإنهم يتورعون ويبتعدون عن الدخول في ذلك.
مثاله الشيخ الصديق حسن خان القنوجي الهندي المعروف عند علمائنا له شأن ويقدرون كتابه الدين الخالص مع أنه نقد الدعوة في أكثر من كتاب له؛ لكن يغضون النظر عن ذلك ولا يصعدون هذا لأجل الانتفاع بأصل الشيء وهو تحقيق التوحيد ودرء الشرك.
المثال الثاني الإمام محمد بن إسماعيل الصنعاني المعروف -صاحب كتاب سبل السلام غيره- له كتاب تطهير الاعتقاد وله جهود كبيرة في رد الناس للسنة والبعد عن التقليد المذموم والتعصب وعن البدع؛
لكنه زل في بعض المسائل، ومنها ما ينسب إليه في قصيدته المشهورة لما أثنى على الدعوة قيل إنه رجع عن قصيدته تلك بقصيدة أخرى يقول فيها:رجعت عن القول الذي قد قلت في النجدي
ويعني به الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ويأخذ هذه القصيدة أرباب البدع وهي تنسب له وتنسب أيضا لابنه إبراهيم؛ وينشرونها على أن الصنعاني كان مؤيدا للدعوة لكنه رجع.
والشوكاني رحمه الله تعالى مقامه أيضا معروف، الشوكاني له اجتهاد خاطئ في التوسل، وله اجتهاد خاطئ في الصفات وتفسيره في بعض الآيات فيه تأويل، وله كلام في عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليس بجيد، أيضا في معاوية رَضِيَ اللهُ عنْهُ ليس بجيد؛ لكن العلماء لا يذكرون ذلك.
وألف الشيخ سليمان بن سحيمان كتابه تبرئة الشيخين الإمامين يعني بهما الإمام الصنعاني والإمام الشوكاني.
وهذا لماذا فعلوا ذلك؟ لأن الأصل الذي يبني عليه هؤلاء العلماء هو السنة، فهؤلاء ما خالفونا في أصل الاعتقاد، ولا خالفونا في التوحيد ولا خالفونا في نصرة السنة، ولا خالفونا في رد البدع، وإنما اجتهدوا فأخطؤوا في مسائل، والعالم لا يُتبع بزلته كما أنه لا يُتّبع في زلته هذه تترك ويسكت عنها، وينشر الحق وينشر من كلامه ما يؤيد به.
وعلماء السنة لما زلّ ابن خزيمة رحمه الله في مسألة الصورة كما هو معلوم ونفى إثبات الصورة لله جل وعلا رد عليه ابن تيمية رحمه بأكثر من مائة صفحة، ومع ذلك علماء السنة يقولون عن ابن خزيمة إنه إمام الأئمة، ولا يرضون أن أحدا يطعن في ابن خزيمة لأجل أن له كتاب التوحيد الذي ملأه بالدفاع عن توحيد الله رب العالمين وإثبات أنواع الكمالات له جل وعلا بأسمائه ونعوت جلاله جل جلاله وتقدست أسماؤه.
والذهبي رحمه في سير أعلام النبلاء قال: وزلّ ابن خزيمة في هذه المسألة.
فإذن هنا إذا وقع الزلل في مثل هذه المسائل، فما الموقف منها؟ الموقف أنه ينظر إلى موافقته لنا في أصل الدين، موافقته للسنة، نصرته للتوحيد، نشر العلم النافع، ودعوته للهدى، ونحو ذلك من الأصول العامة، وينصح في ذلك وربما رُدّ عليه؛ لكن لا يقدح فيه قدحا يلغيه تماما.
وعلى هذا كان منهج أئمة الدعوة في هذه المسائل كما هو معروف.
وقد حدثني فضيلة الشيخ صالح بن محمد اللحيدان حفظه الله تعالى حينما ذكر قصيدة الصنعاني الأخيرة (رجعتُ عن القول الذي قلت في النجدي) التي يقال إنه رجع فيها، أو أنه كتبها قال: سألت شيخنا الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله عنها هل هي له أم ليست له؟ قال فقال لي الشيخ رحمه الله: الظاهر أنها له.
والمشايخ مشايخنا يرجحون أنها له؛ ولكن لا يريدون أن يقال ذلك لأنه نصر السنة ورد البدعة.
مع أنه هجم على الدعوة تكلم على هذه القصيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الشوكاني له قصيدة أرسلها للإمام سعود ينهاه فيها عن كثير من الأفعال من قتال ومن التوسع في البلاد ونحو ذلك فيه أشياء.
لكن مقامهم محفوظ لكن ما زلوا فيه لا يتابعون عليه وينهى عن متابعته فيه.
فإذن الشريعة جاءت لتحصيل المصالح وتكميلها ودرء المفاسد وتقليلها، وهذه القاعدة المتفق عليها لها أثر كبير؛ بل يجب أن يكون لها أثر كبير في فتوى المفتي وفي استفتاء المستفتي أيضا..."اهـ[الفتوى بين مطابقة الشرع ومسيارة أهل الأهواء]
أسأل الله عز وجل أن يوفقنا للسير على نهج علمائنا الأكابر ..
والحمد لله رب العالمين.
تعليق