بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أنزل الكتاب العزيز وتكفل بحفظه فقال سبحانه (( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون )) نحمده حمدا يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه ونصلي ونسلم على محمد الذي قال :{ من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار} أما يعد فإن الرافضة تعتقد أن للقرآن ظاهرا وباطنا ، فالظاهر يعلمه الناس ،وأما الباطن فلا يعلمه إلا الأئمة ومن يستقي منهم ، وبهذا المعتقد يستطيعون أن يحرفوا معاني القرآن إلى ما يوافق ويخدم مذهبهم الباطني الخبيث الذي يكيدون به للإسلام وأهله ،فهجموا على الصحاية رضي الله عنهم وجرَّحوهم وألقوا فيهم التهم الباطلة، وفسروا جانب من القرآن بالأئمة أنفسهم ، وتفسير جانب آخر بأعدائهم ومخالفيهم في زعمهم ، فجعلوا القرآن نفسه يدور في فلك الولاية والإمامة ، فالقرآن في نظرهم نزل بتمامه في الأئمة الاثني عشر ، بل كل الشرائع الإلهية وجميع الكتب السماوية نزلت فيهم وفي توجيه أنظار الخلق إليهم ،وما من آية مدح إلا فيهم وفي أوليائهم نزلت ، وما من آية قدح إلا في مخالفيهم وفي أعدائهم وردت ، وعلى هذا الأساس يفسرونه وينسبون إلى الأئمة ما يستدلون به على كذبهم ، وهذا التأويل لا يستند إلى قرآن ولا إلى سنة ولا إلى أثر ولا إلى لغة ، بل يأخذون الأدلة من الكذابين والوضّاعين الذين يعتمدون عليهم وهم على عقيدتهم من أمثال هشام بن الحكم وهشام بن سالم والجواليقي وجابر الجعفي والأصبغبن نباتة وأبو نصير وغيرهم ، فهم يضعون الحديث ويتخذونه دينا وقد دونوا في كتب الأخبار المعتمدة لديهم أكثر من ثلاث مائة ألف خبر منها الكافي للكليني الذي يعتبرونه بمنزلة البخاري عندنا . وهذه الأكاذيب ينسبونها إلى جعفر الصادق وغيره من أئمة أهل البيت .، قال ابن تيمية رحمه الله وما يُنقل من التفسير عن جعفر الصادق عامته كذب على جعفر ، منهاج السنة 4/ 155 وذكر الذهبي أن أبا جعفر قال : { برى الله ورسوله من المغيرة بن سعيد وبيان بن سمعان فإنهما كذبا علينا أهل البيت} ميزان الإعتدال . بل روى الكشي عن أبي عبد الله قال : { لعن الله المغيرة بن سعيد كان يكذب علينا } له كتاب في رجال الشيعة
وهذه بعض النماذج من التفسير الباطني والتحريف للقرآن وهي مدونة في كتب التفسير عندهم ، فمما تطاولوا به على الصحابة في قول الله (( كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر )) إن الشيطان في هذه الآية الثاني أي عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وأتوا بقاعدة هنا ونسبوها إلى جعفر الباقر قال: وليس في القرآن شيء وقال الشيطان إلا والمراد به الثاني . ، وقولهم في الخمر والميسر إنهما أبو بكر وعمر ، وعند قوله (( إن الله يأمر بالعدلوالإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي )) قال الكاشاني قال العياشي في تفسيره عن أمير المؤمنين علي العدل شهادة ألا إله إلا الله محمد رسول الله ، والإحسان أمير المؤمنين والفحشاء الأولوالمنكر الثاني والبغي الثالث أي أبو بكر وعمر وعثمان
ويذكرون في مقدمّت تفاسيرهم تنبيها على هذا النمط من التفسير جرت تفاسير الأكثرين منهم عليه مثل تفسير علي بن إبراهيم القمي وتفسير الحسن العسكري وهو الإمام الحادي عشر المتوفى سنة 260 من الهجرة وهو أحد الأئمة المعصومين عندهم ،
وتفسير الصافي لمحمد بن مرتضى الشهير بملا محسن الكاشاني ، والبرهان لهاشم بن سليمان البحراني،ومرآة الأنوار
ومشكاة الأسرار للمولى عبد اللطيف الكازراني ، وتفسير محمد حسين الأصفهاني النجفي ،وتفسير الخراساني . ففي تفسير القمي في قوله تعالى ((صراط الذين أنعمت عليهم )) هو طريق علي بن أبي طالب(( غير المغضوب عليهم ولا الضآلين ))هم النصاب – أي الذين يعتقدون خلافة أبي بكر وعمر ، والضلال والشكاك الذين لا يعرفونالإمام ، والمراد بالمتقين في قوله (( هدى للمتقين ))هم الشيعة أي بيان لشيعتنا ، والذي يهلك الحرث والنسل هو عمر ومعاوية ، والذي يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(( الله ولي الذينآمنوا ))هو أمير المؤمنين والأئمة من بعده وقوله تعالى ((والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت ))هم الظالمون آل محمد حقهم والذين اتبعوا من غصبهم ، والذين تبييض وجوههم هم الأئمة وشيعتهم ، والذين تسود وجوههمهم الخلفاء الثلاثة وأصحابهم ومن شايعهم وذلك قوله تعالى ((يوم تبيض وجوه وتسود ووجوه )) ، والذين يشترون الضلالة هم الذين ضلوا في أمير المؤمنين ، الذين كفرواهم دائما من لم يقروا بالولاية لأمير المؤمنين ، والذينظلموا هم دائما الذين ظلموا آل محمد ، والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ـ هم الذين نقضوا البيعة التي أُخذت عليهم لأمير المؤمنين ، والذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات : هم الأئمة وشيعتهم دائما .
ويفسرون الكلمات بغير مدلولاتها العربية فمثلا (( مرج البحرين يلتقيان )) قال شيخهم وعلامتهم : علي وفاطمة (( بينهما برزخ لا يبغيان ))النبي صلى الله عليه وسلم(( يخرج منهما الؤلؤ والمرجان )) الحسن والحسين ، فرد عليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قال : إن هذا وأمثاله إنما يقوله من لا يعقل ما يقول وهذا بالهذيان أشبه منه بتفسير القرآن وهو من جنس تفسير الملاحدة والقرامطة الباطنية للقرآن 0 وعند فوله تعالى (( وقال الله لا تتخذوا إلاهين اثنين إنما هو إله واحد فإياي فارهبون )) أي لا تتخذوا إمامين اثنين إنما هو إمام واحد ، وعن أبي عبد الله بزعمهم قال (( أإله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون )) أي إمام هدى وإمام ضلالة في قرن واحد ( مرآة الأنوار ),
وعندما لا يستطيعون فهم بعض التراكيب يدَّعون أن بعض الصحابة لما جمعوا القرآن قدموا بعض الكلمات عن محلها فأسدوا المعنى بذلك مثل قوله تعالى (( يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين )) يقولون إنما هي اركعي واسجدي مع الساجدين .( مرآة الأنوار) ,
وقوله تعالى (( وما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا ))إنما هي نحيا ونموت ، ( القمي ) وقوله تعالى (( فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا ))قالوا إنما هو فلعلك باخع نفسك على آثارهم أسفا إن لم يؤمنوا
ويدَّعون أن الذين ألفوا القرآن – ويقصدون بذلك الصحابة رضي الله عنهم الذين جمعوا القرآن – نكسوا الآيات فقدموا وأخروا وليس هذا من ترتيب الله بزعمهم ، ويرون أن آيات عن موقعها قُدمت وكان حقها التأخير، وبعض الآيات قد ضلت مكانها الصحيح في سورتها فوضعت في غير سورتها ، ويرون أنه يبدو على القرآن أن بعض الآية منه ذُكر في سورة وبعضها الآخر ذّكر في سورة أخرى ، ويقولون يبدو أن هناك انقطاعات في السياق في بعض المواطن ،
ذكر شبّر في تفسيره عند قوله تعالى ((وإن خفتم ألا تُقسطوا في اليتامى فانكحوا )) يذكرون أنه رُوي عندهم أنه أسقط المنافقون – ومن يقصدون بالمنافقين ؟ الصحابة – بين القول في اليتامى وبين نكاح النساء من الخطاب والقصص أكثر من ثلث القرآن , ( تفسير شبّر )
وعندما تقرأ في أسباب النزول عندهم ترى العجب العجاب ، نأخذ نموذج واحد فقط عند قول الله عز وجل (( إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لاتحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرى منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم ))تع تفاسير الشيعة على أنها نزلت في مارية القبطية وتبرئتها مما رمتها به عائشة من الزنا وينسبون ذلك إلى الأئمة من أهل البيت يقول القمي عن جعفر الباقر قال : لما أهلك الله إبراهيم ابن جمرسول الله صلى الله عليه وسلم حزن حزنا شديدا ، فقالت عائشة : ما الذي يحزنك عليه فما هو إلا ابن جريج القبطي فبعث رسول الله عليا وأمره بقتله فذهب علي إليه ومعه السيف وكان جريج القبطي في حائط فضرب علي باب البستان فأقبل جريج ليفتح الباب فلما رأى عليا عرف في وجهه الشر ، فأدبر راجعا ولم يفتح الباب فوثب علي على الحائط ونزل إلى البستان وأتبعه وولى جريج مدبرا فلما خشي أن يرهقه صعد في نخل وصعد علي في إثره فلما دنى منه رمى بنفسه من فوق النخلة فبدت عورته فإذا ليس له ما للرجال ولا ما للنساء ، فانصرف علي إلى النبي فقال : إذا بعثتني في الأمر أكون فيه كالمسمار المحمي في الوبر أم أثبت ؟ قال : بل أثبت فقال والذي بعثك بالحق ما له ما للرجال ولا ما للنساء فقال { الحمد لله الذي يصرف عنا السوء أهل البيت } .
فهل بعد هذا الكذب والمغالطات والطعن القبيح في الصديقة وأحب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إليه ، قلبوا آيات الثناء والمدح قدحا ، وطعنوا في الصحابة الذين هم أفضل جيل على وجه الأرض بعد الأنبياء ، حرفوا كلام الله وهذا يعتبر من الكذب على الله ، وكذبوا على رسول الله ، وعلى الأئمة من أهل البيت ، فهل بعد هذا يشك من له عقل في نفاق وزندقة وكفر من هذه عقائدهم وأقوالهم وأفعالهم ؟
والحمد لله رب العالمين