[ رسالة إلى كل مُخَذِّل ]
بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ , وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ , وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران : 102] .
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ .[النساء : 1]
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (*) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب : 70 ، 71]
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ ».
هذه رسالة إلى إلى كل مخذل نذكرهم فيها بعض الأدلة في تحريم التخذيل أسأل الله أن ينفع بها من شاء من عباده إنه ولي ذلك والقادر عليه .
يا معاشر المخذلين تذكروا قول الله تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [المائدة : 2]
في هذه الآية الكريمة وجوب التعاون على البر والتقوى وتحريم التخاذل وتحريم التخذيل الحاصل من كثير من المسلمين تجاه إخوانهم وعلمائهم وابنائهم
يا معاشر المخذلين تذكروا قول الله تعالى:﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة : 71]
والولاية توجب النصرة والمحبة والمودة والرحمة والعطفة والشفقة لا التخذيل والتخاذل وعدم النصرة والتسليم إلى العدو .
يا معاشر المجذلين تذركوا قول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (38) إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39) إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة : 38 ، 40]
في هذا وعيد شديد وتهديد أكيد لمن تخلف عن الجهاد إذا استُنفر منه
قال السعدي رحمه الله:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ ألا تعملون بمقتضى الإيمان، وداعي اليقين من المبادرة لأمر اللّه، والمسارعة إلى رضاه، وجهاد أعدائه والنصرة لدينكم، فـ ﴿ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأرْضِ ﴾ أي: تكاسلتم، وملتم إلى الأرض والدعة والسكون فيها ﴿ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ ﴾ أي: ما حالكم إلا حال من رضي بالدنيا وسعى لها ولم يبال بالآخرة، فكأنه ما آمن بها ﴿ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ التي مالت بكم، وقدمتموها على الآخرة ﴿ إِلا قَلِيلٌ ﴾ أفليس قد جعل اللّه لكم عقولا تَزِنُون بها الأمور، وأيها أحق بالإيثار؟ أفليست الدنيا من أولها إلى آخرها لا نسبة لها في الآخرة. فما مقدار عمر الإنسان القصير جدا من الدنيا حتى يجعله الغاية التي لا غاية وراءها، فيجعل سعيه وكده وهمه وإرادته لا يتعدى حياته الدنيا القصيرة المملوءة بالأكدار، المشحونة بالأخطار فبأي رَأْيٍ رأيتم إيثارها على الدار الآخرة الجامعة لكل نعيم، التي فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين، وأنتم فيها خالدون، فواللّه ما آثر الدنيا على الآخرة من وقر الإيمان في قلبه، ولا من جزل رأيه، ولا من عُدَّ من أولي الألباب، ثم توعدهم على عدم النفير فقال:﴿ إِلا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ في الدنيا والآخرة، فإن عدم النفير في حال الاستنفار من كبائر الذنوب الموجبة لأشد العقاب، لما فيها من المضار الشديدة، فإن المتخلف، قد عصى اللّه تعالى وارتكب لنهيه، ولم يساعد على نصر دين اللّه، ولا ذب عن كتاب اللّه وشرعه، ولا أعان إخوانه المسلمين على عدوهم الذي يريد أن يستأصلهم ويمحق دينهم، وربما اقتدى به غيره من ضعفاء الإيمان، بل ربما فَتَّ في أعضاد من قاموا بجهاد أعداء اللّه، فحقيق بمن هذا حاله أن يتوعده اللّه بالوعيد الشديد، فقال: ﴿ إِلا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ﴾ ثم لا يكونوا أمثالكم ﴿ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئًا ﴾ فإنه تعالى متكفل بنصر دينه وإعلاء كلمته، فسواء امتثلتم لأمر اللّه، أو ألقيتموه، وراءكم ظهريا ﴿ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ لا يعجزه شيء أراده، ولا يغالبه أحد.اهـ .
يا معاشر المخذلين تذكروا قول الله تعالى: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ ﴾ [الفتح : 29]
هذه صفة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الشدة والغلطة على أعداء الله وأعدائهم والتراحم والشفقة والمحبة والمدة فيما بينهم فأين وضعتم هذه الآية الكريمة وغيرها من الأدلة المتكاثرة في الكتاب والسنة الصحيحة .
قال السعدي رحمه الله: يخبر تعالى عن رسوله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من المهاجرين والأنصار، أنهم بأكمل الصفات، وأجل الأحوال، وأنهم ﴿ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ ﴾ أي: جادون ومجتهدون في عداوتهم، وساعون في ذلك بغاية جهدهم، فلم يروا منهم إلا الغلظة والشدة، فلذلك ذل أعداؤهم لهم، وانكسروا، وقهرهم المسلمون، ﴿ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ﴾ أي: متحابون متراحمون متعاطفون، كالجسد الواحد، يحب أحدهم لأخيه ما يحب لنفسه،اهـ
يا معاشر المخذلينأين تضعون هذه الآية الكريمة يوم أن خذلتم إخوانكم وأبناءكم ومشائخكم وعلماءكم ولم تنصروهم من عدوهم من الرافضة الكفرة البغاة الفجرة الغشمة الظلمة الفسقة الذين أشد بغضاً وعداوة من اليهود والنصارى.
يا معاشر المخذلين تذكروا قول تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (72) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ (73) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (74) وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [الأنفال : 72 ، 75]
يا معاشر المخذلين قد استنصركم إخوانكم أهل السنة في الدين فلماذا لا تنصرونهم
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: وقوله: ﴿ وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ يقول تعالى: وإن استنصروكم هؤلاء الأعراب، الذين لم يهاجروا في قتال ديني، على عدو لهم فانصروهم، فإنه واجب عليكم نصرهم؛ لأنهم إخوانكم في الدين، إلا أن يستنصروكم على قوم من الكفار ﴿ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ ﴾ أي: مهادنة إلى مدة، فلا تخفروا ذمتكم، ولا تنقضوا أيمانكم مع الذين عاهدتم. وهذا مروي عن ابن عباس، رضي الله عنه. اهـ
يا معاشر التخذيل تذكروا قول الله تعالى: ﴿ انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (41) لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾ [التوبة : 41 ، 42]
قال السعدي رحمه الله: يقول تعالى لعباده المؤمنين -مهيجا لهم على النفير في سبيله فقال: ﴿ انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا ﴾ أي: في العسر واليسر، والمنشط والمكره، والحر والبرد، وفي جميع الأحوال ﴿ وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ أي: ابذلوا جهدكم في ذلك، واستفرغوا وسعكم في المال والنفس، وفي هذا دليل على أنه كما يجب الجهاد في النفس يجب الجهاد في المال، حيث اقتضت الحاجة ودعت لذلك ثم قال: ﴿ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ أي: الجهاد في النفس والمال، خير لكم من التقاعد عن ذلك، لأن فيه رضا اللّه تعالى، والفوز بالدرجات العاليات عنده، والنصر لدين اللّه، والدخول في جملة جنده وحزبه لو كان خروجهم لطلب العرض القريب، أي: منفعة دنيوية سهلة التناول ﴿ وَ ﴾ كان السفر ﴿ َسَفَرًا قَاصِدًا ﴾ أي: قريبا سهلا. ﴿ لاتَّبَعُوكَ ﴾ لعدم المشقة الكثيرة، ﴿ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ ﴾ أي: طالت عليهم المسافة، وصعب عليهم السفر، فلذلك تثاقلوا عنك، وليس هذا من أمارات العبودية، بل العبد حقيقة هو المتعبد لربه في كل حال، القائم بالعبادة السهلة والشاقة، فهذا العبد للّه على كل حال ﴿ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ ﴾ أي: سيحلفون أن تخلفهم عن الخروج أن لهم أعذرا وأنهم لا يستطيعون ذلك ﴿ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ ﴾ بالقعود والكذب والإخبار بغير الواقع، ﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾ وهذا العتاب إنما هو للمنافقين، الذين تخلفوا عن النبي صلى الله عليه وسلم في "غزوة تبوك" وأبدوا من الأعذار الكاذبة ما أبدوا، فعفا النبي صلى الله عليه وسلم عنهم بمجرد اعتذارهم، من غير أن يمتحنهم، فيتبين له الصادق من الكاذب اهـ
يا معاشر المخذلين تذكروا قول الله تعالى: ﴿ وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (12) أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾[التوبة : 12 ، 13]
قال الإمام البغوي رحمه الله: قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ ﴾ نقضوا عهودهم، ﴿ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ ﴾ عقدهم، يعني: مشركي قريش، ﴿ وَطَعَنُوا ﴾ قدحوا ﴿ فِي دِينِكُمْ ﴾ عابوه. فهذا دليل على أن الذمي إذا طعن في دين الإسلام ظاهرا لا يبقى له عهد، ﴿ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ ﴾ قرأ أهل الكوفة والشام: "أئمة" بهمزتين حيث كان، وقرأ الباقون بتليين الهمزة الثانية. وأئمة الكفر: رؤوس المشركين وقادتهم من أهل مكة. اهـ
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله: يقول تعالى: وإن نكث هؤلاء المشركون الذين عاهدتموهم على مدة معينة أيمانهم، أي: عهودهم ومواثيقهم، ﴿ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ ﴾ أي: عابوه وانتقصوه ومن هاهنا أخذ قتل من سب الرسول، صلوات الله وسلامه عليه، أو من طعن في دين الإسلام أو ذكره بتنقص؛ ولهذا قال: ﴿ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ ﴾ أي: يرجعون عما هم فيه من الكفر والعناد والضلال.اهـ
يا معاشر المخذلين تذكروا قول الله تعالى: ﴿ قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (14) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة : 14 ، 15]
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: وهذا أيضا تهييج وتحضيض وإغراء على قتال المشركين الناكثين لأيمانهم، الذين هموا بإخراج الرسول من مكة، كما قال تعالى: ﴿ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴾ [الأنفال:30] وقال تعالى: ﴿ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ [إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي] ﴾ (1) الآية [الممتحنة:1] وقال تعالى: ﴾ وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلا قَلِيلا } [الإسراء:76]وقوله ﴿ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾ قيل: المراد بذلك يوم بدر، حين خرجوا لنصر عيرهم فلما نجت وعلموا بذلك استمروا على وجوههم طلبا للقتال، بغيا وتكبرا اهـ
وقال السعدي رحمه الله: ﴿ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ * غَيْظَ قُلُوبِهِمْ ﴾ فإن في قلوبهم من الحنق والغيظ عليهم ما يكون قتالهم وقتلهم شفاء لما في قلوب المؤمنين من الغم والهم إذ يرون هؤلاء الأعداء محاربين للّه ولرسوله ساعين في إطفاء نور اللّه وزوالا للغيظ الذي في قلوبهم وهذا يدل على محبة اللّه لعباده المؤمنين واعتنائه بأحوالهم حتى إنه جعل من جملة المقاصد الشرعية شفاء ما في صدورهم وذهاب غيظهم اهـ
يا معاشر المخذلين والشامتين والمثبطين المرجفين تذكروا هذه الآيات البينات الواضحات ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا (71) وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا (72) وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا (73) فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [النساء : 71 ، 74]
قال الإمام ابن كثير رحمه الله: يأمر الله عباده المؤمنين بأخذ الحذر من عدوهم، وهذا يستلزم التأهب لهم بإعداد الأسلحة والعدد وتكثير العدد بالنفير في سبيله ﴿ ثُبَاتٍ ﴾ أي: جماعة بعد جماعة، وفرقة بعد فرقة، وسرية بعد سرية، والثبات: جمع ثُبَة، وقد تجمع الثبة على ثُبين قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: ﴿ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ ﴾ أي: عُصبا يعني: سرايا متفرقين ﴿ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا ﴾ يعني: كلكم وكذا رُوي عن مجاهد، وعكرمة، والسدي، وقتادة، والضحاك، وعطاء الخراساني، ومُقاتل بن حَيَّان، وخُصَيف الجَزَري وقوله: ﴿ وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ ﴾ قال مجاهد وغير واحد: نزلت في المنافقين، وقال مقاتل بن حيان: ﴿ ليبطئن ﴾ أي: ليتخلفن عن الجهاد ويحتمل أن يكون المراد أنه يتباطأ هو في نفسه، ويبطئ غيره عن الجهاد، كما كان عبد الله بن أبي بن سلول قبحه الله يفعل، يتأخر عن الجهاد، ويُثَبّط الناس عن الخروج فيه. وهذا قول ابن جُرَيْج وابن جَرِيرٍ؛ ولهذا قال تعالى إخبارا عن المنافق أنه يقول إذا تأخر عن الجهاد: ﴿ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ ﴾ أي: قتل وشهادة وغلب العدو لكم، لما لله في ذلك من الحكمة ﴿ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا ﴾ أي: إذ لم أحضر معهم وقعة القتال، يعد ذلك من نعم الله عليه، ولم يدر ما فاته من الأجر في الصبر أو الشهادة إن قتل ﴿ وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ ﴾ أي: نصر وظفر وغنيمة ﴿ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَه مَوَدَّةٌ ﴾ أي: كأنه ليس من أهل دينكم ﴿ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ أي: بأن يضرب لي بسهم معهم فأحصل عليه وهو أكبر قصده وغاية مراده ثم قال تعالى: ﴿ فَلْيُقَاتِلْ ﴾ أي: المؤمن النافر ﴿ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ ﴾ أي: يبيعون دينهم بعَرَض قليل من الدنيا، وما ذلك إلا لكفرهم وعدم إيمانهم ثم قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ أي: كل من قاتل في سبيل الله سواء قتل أو غَلَب وسَلَبفله عند الله مثوبة عظيمة وأجر جزيل، كما ثبت في الصحيحين وتكفل الله للمجاهد في سبيله، إن توفاه أن يدخله الجنة، أو يرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه نائلا ما نال من أجر أو غنيمة.اهـ
يا معاشر المخذلين والشامتين والمرجفين تذكروا قول الله تعالى: ﴿ وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا (75) الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ﴾ [النساء : 75 ، 76]
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: يحرض تعالى عباده المؤمنين على الجهاد في سبيله وعلى السعي في استنقاذ المستضعفين بمكة من الرجال والنساء والصبيان المتبرمين بالمقام بها؛ ولهذا قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ } يعني: مكة، كقوله تعالى: ﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ ﴾ [محمد: 13] ثم وصفها بقوله: ﴿ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا ﴾ أي: سخر لنا من عندك وليا وناصرا.اهـ
وقال السعدي رحمه الله: هذا حث من الله لعباده المؤمنين وتهييج لهم على القتال في سبيله، وأن ذلك قد تعين عليهم، وتوجه اللوم العظيم عليهم بتركه، فقال: ﴿ وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ والحال أن المستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا ومع هذا فقد نالهم أعظم الظلم من أعدائهم، فهم يدعون الله أن يخرجهم من هذه القرية الظالم أهلها لأنفسهم بالكفر والشرك، وللمؤمنين بالأذى والصد عن سبيل الله، ومنعهم من الدعوة لدينهم والهجرة ويدعون الله أن يجعل لهم وليًّا ونصيرًا يستنقذهم من هذه القرية الظالم أهلها، فصار جهادكم على هذا الوجه من باب القتال والذب عن عيلاتكم وأولادكم ومحارمكم، لا من باب الجهاد الذي هو الطمع في الكفار، فإنه وإن كان فيه فضل عظيم ويلام المتخلف عنه أعظم اللوم، فالجهاد الذي فيه استنقاذ المستضعفين منكم أعظم أجرًا وأكبر فائدة، بحيث يكون من باب دفع الأعداء.اهـ
يا معاشر المخاذلين التخذيل حرام من أعمال الشيطان ومن إعمال المنافقين ومن إعمال أهل البدع الضلال ومن أعمال أصحاب المعاصي قال تعالى: ﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا ﴾ [الفرقان : 27 ، 29]
وقال تعالى: ﴿ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [إبراهيم : 22]
وقال تعالى:﴿ انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (41) لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾ [التوبة : 41 ، 42]
قال العلامة السعدي رحمه الله:﴿ وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾أي: ابذلوا جهدكم في ذلك، واستفرغوا وسعكم في المال والنفس، وفي هذا دليل على أنه كما يجب الجهاد في النفس يجب الجهاد في المال، حيث اقتضت الحاجة ودعت لذلك ثم قال: ﴿ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ أي: الجهاد في النفس والمال، خير لكم من التقاعد عن ذلك، لأن فيه رضا اللّه تعالى، والفوز بالدرجات العاليات عنده، والنصر لدين اللّه، والدخول في جملة جنده وحزبه لو كان خروجهم لطلب العرض القريب، أي: منفعة دنيوية سهلة التناول ﴿ وَ ﴾ كان السفر ﴿ َسَفَرًا قَاصِدًا ﴾ أي: قريبا سهلا. ﴿ لاتَّبَعُوكَ ﴾ لعدم المشقة الكثيرة، ﴿ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ ﴾ أي: طالت عليهم المسافة، وصعب عليهم السفر، فلذلك تثاقلوا عنك، وليس هذا من أمارات العبودية، بل العبد حقيقة هو المتعبد لربه في كل حال، القائم بالعبادة السهلة والشاقة، فهذا العبد للّه على كل حال ﴿و وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ ﴾ أي: سيحلفون أن تخلفهم عن الخروج أن لهم أعذرا وأنهم لا يستطيعون ذلك ﴿ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ ﴾ بالقعود والكذب والإخبار بغير الواقع، ﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾ وهذا العتاب إنما هو للمنافقين، الذين تخلفوا عن النبي صلى الله عليه وسلم في "غزوة تبوك" وأبدوا من الأعذار الكاذبة ما أبدوا، فعفا النبي صلى الله عليه وسلم عنهم بمجرد اعتذارهم، من غير أن يمتحنهم، فيتبين له الصادق من الكاذب اهـ
يا معاشر المخذلين اتركوا وابتعدوا من هذه الصفة الذميمة التخذيل وانصروا إخوانكم وابناءكم وعلماءكم انصروا المساكين الضعفة المظلومين المحاصرين
يا معاشر المخذلين كيف يكون حالكم وبالكم لو داهمكم وهاجمكم عدو بغيض غاشم ظالم يهلك الحرث والنسل .
يا معاشر المخذلين والمرجفين والشامتين من أصحاب الحزب الجديد حزب عبدالرحمن المرعي غيرهم تذكروا هذه الآيات الكريمات ﴿ قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا (16) قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (17) قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا (18) أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (19) يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا (20) لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21) وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب : 16 ، 22]
قال السعدي رحمه الله: ﴿ قُلْ ﴾ لهم، لائمًا على فرارهم، ومخبرًا أنهم لا يفيدهم ذلك شيئًا ﴿ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ ﴾ فلو كنتم في بيوتكم، لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعكم والأسباب تنفع، إذا لم يعارضها القضاء والقدر، فإذا جاء القضاء والقدر، تلاشى كل سبب، وبطلت كل وسيلة، ظنها الإنسان تنجيه ﴿ وَإِذًا ﴾ حين فررتم لتسلموا من الموت والقتل، ولتنعموا في الدنيا فإنكم ﴿ لا تُمَتَّعُونَ إِلا قَلِيلا ﴾ متاعًا، لا يسوى فراركم، وترككم أمر اللّه، وتفويتكم على أنفسكم، التمتع الأبدي، في النعيم السرمدي ثم بين أن الأسباب كلها لا تغني عن العبد شيئًا إذا أراده اللّه بسوء، فقال: ﴿ قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ ﴾ أي: يمنعكم ﴿ من اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا ﴾ أي: شرًا، ﴿ أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً ﴾ فإنه هو المعطي المانع، الضار النافع، الذي لا يأتي بالخير إلا هو، ولا يدفع السوء إلا هو ﴿ وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا ﴾ يتولاهم، فيجلب لهم النفع ﴿ وَلا نَصِيرًا ﴾ أي ينصرهم، فيدفع عنهم المضار فَلْيَمْتَثِلُوا طاعة المنفرد بالأمور كلها، الذي نفذت مشيئته، ومضى قدره، ولم ينفع مع ترك ولايته ونصرته، وَلِيٌّ ولا ناصر ثم توَّعد تعالى المخذلين المعوقين، وتهددهم فقال: ﴿ قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ ﴾ عن الخروج، لمن [لم] يخرجوا ﴿ وَالْقَائِلِينَ لإخْوَانِهِمْ ﴾ الذين خرجوا: ﴿ هَلُمَّ إِلَيْنَا ﴾ أي: ارجعوا، كما تقدم من قولهم: ﴿ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا ﴾ وهم مع تعويقهم وتخذيلهم ﴿ وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ ﴾ أي: القتال والجهاد بأنفسهم ﴾ إِلا قَلِيلا ﴾ فهم أشد الناس حرصًا على التخلف، لعدم الداعي لذلك، من الإيمان والصبر، ووجود المقتضى للجبن، من النفاق، وعدم الإيمان ﴿ أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ ﴾ بأبدانهم عند القتال، وبأموالهم عند النفقة فيه، فلا يجاهدون بأموالهم وأنفسهم. ﴿ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ ﴾ نظر المغشى عليه ﴿ مِنَ الْمَوْتِ ﴾ من شدة الجبن، الذي خلع قلوبهم، والقلق الذي أذهلهم، وخوفًا من إجبارهم على ما يكرهون، من القتال ﴿ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ ﴾ وصاروا في حال الأمن والطمأنينة، ﴿ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَة ﴾ أي: خاطبوكم، وتكلموا معكم، بكلام حديد، ودعاوى غير صحيحة وحين تسمعهم، تظنهم أهل الشجاعة والإقدام، ﴿ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ ﴾ الذي يراد منهم، وهذا شر ما في الإنسان، أن يكون شحيحًا بما أمر به، شحيحًا بماله أن ينفقه في وجهه، شحيحًا في بدنه أن يجاهد أعداء اللّه، أو يدعو إلى سبيل اللّه، شحيحًا بجاهه، شحيحًا بعلمه، ونصيحته ورأيه ﴿ أُولَئِكَ ﴾ الذين بتلك الحالة ﴿ لَمْ يُؤْمِنُوا ﴾ بسبب عدم إيمانهم، أحبط الله أعمالهم، ﴿ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ﴾ وأما المؤمنون، فقد وقاهم اللّه، شح أنفسهم، ووفقهم لبذل ما أمروا به، من بذل لأبدانهم في القتال في سبيله، وإعلاء كلمته، وأموالهم، للنفقة في طرق الخير، وجاههم وعلمهم ﴿ يَحْسَبُونَ الأحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا ﴾ أي: يظنون أن هؤلاء الأحزاب، الذين تحزبوا على حرب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وأصحابه، لم يذهبوا حتى يستأصلوهم، فخاب ظنهم، وبطل حسبانهم ﴿ وَإِنْ يَأْتِ الأحْزَابُ ﴾ مرة أخرى ﴿ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الأعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ ﴾ أي: لو أتى الأحزاب مرة ثانية مثل هذه المرة، ودَّ هؤلاء المنافقون، أنهم ليسوا في المدينة، ولا في القرب منها، وأنهم مع الأعراب في البادية، يستخبرون عن أخباركم، ويسألون عن أنبائكم، ماذا حصل عليكم؟
فتبًا لهم، وبعدًا، فليسوا ممن يبالى بحضورهم ﴿ وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلا قَلِيلا ﴾ فلا تبالوهم، ولا تأسوا عليهم.اهـ اهـ
يا معاشر المخذلين فلكم النصيب الأكبر والحظ الأوفر في هذه الصفات الذميمة الخسيسة القبيحة
يا معاشر المخذلين تذكراو قول الله تعالى: ﴿ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا (60) مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا (61) سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ﴾ [الأحزاب : 60 ، 62]
قال السعدي رحمه الله: ﴿ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ﴾ أي: مرض شك أو شهوة ﴿ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ ﴾ أي: المخوفون المرهبون الأعداء، المحدثون بكثرتهم وقوتهم، وضعف المسلمين ولم يذكر المعمول الذي ينتهون عنه، ليعم ذلك، كل ما توحي به أنفسهم إليهم، وتوسوس به، وتدعو إليه من الشر، من التعريض بسب الإسلام وأهله، والإرجاف بالمسلمين، وتوهين قواهم، والتعرض للمؤمنات بالسوء والفاحشة، وغير ذلك من المعاصي الصادرة، من أمثال هؤلاء ﴿ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ﴾ أي: نأمرك بعقوبتهم وقتالهم، ونسلطك عليهم، ثم إذا فعلنا ذلك، لا طاقة لهم بك، وليس لهم قوة ولا امتناع، ولهذا قال: ﴿ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلا قَلِيلا ﴾ أي: لا يجاورونك في المدينة إلا قليلا بأن تقتلهم أو تنفيهم وهذا فيه دليل، لنفي أهل الشر، الذين يتضرر بإقامتهم بين أظهر المسلمين، فإن ذلك أحسم للشر، وأبعد منه، ويكونون ﴿ مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلا ﴾ أي: مبعدين، أين وجدوا، لا يحصل لهم أمن، ولا يقر لهم قرار، يخشون أن يقتلوا، أو يحبسوا، أو يعاقبوا ﴿ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ ﴾ أن من تمادى في العصيان، وتجرأ على الأذى، ولم ينته منه، فإنه يعاقب عقوبة بليغة. ﴿ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا ﴾ أي تغييرًا، بل سنته تعالى وعادته، جارية مع الأسباب المقتضية لأسبابها اهـ
يا معاشر المخذلين تذكروا حديث أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « لاَ تَحَاسَدُوا وَلاَ تَنَاجَشُوا وَلاَ تَبَاغَضُوا وَلاَ تَدَابَرُوا وَلاَ يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يَخْذُلُهُ وَلاَ يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هَا هُنَا » وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ « بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ ». رواه مسلم
فيه تحريم تخذيل المسلم للمسلم والخذلان ترك النصرة والإعانة في وقت الحاجة
قال الإمام النووي رحمه الله: وأما لا يخذله فقال العلماء الخذل ترك الاعانة والنصر ومعناه اذا استعان به في دفع ظالم ونحوه لزمه إعانته اذا أمكنه ولم يكن له عذر شرعي اهـ
وقال الصنعاني رحمه الله: ولا يخذله والخذلان ترك الإعانة والنصر ومعناه إذا استعان به في دفع أي ضر أو جلب أي نفع أعانه اهـ
ـ
يا معاشر المخذلين تذكروا حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضى الله عنهما أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ « الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ ، لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يُسْلِمُهُ ، وَمَنْ كَانَ فِى حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِى حَاجَتِهِ ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ » .متفق عليه
فيه دليل على تحريم تسليم المسلم للمسلم إلى العدو
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: وقوله ولا يسلمه أي لا يتركه مع من يؤذيه ولا فيما يؤذيه بل ينصره ويدفع عنه وهذا أخص من ترك الظلم وقد يكون ذلك واجبا وقد يكون مندوبا بحسب اختلاف الأحوال اهـ
يا معاشر المخذلين تذكروا حديث أَنَسٍ رضى الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا » فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا ، أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ قَالَ « تَحْجُزُهُ أَوْ تَمْنَعُهُ مِنَ الظُّلْمِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ » .رواه البخاري
فيه وجوب مناصرة المظلوم
يا معاشر المخذلين تذكروا حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال رسول الله صلى عليه وعلى آله وسلم « وَلْيَنْصُرِ الرَّجُلُ أَخَاهُ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا إِنْ كَانَ ظَالِمًا فَلْيَنْهَهُ فَإِنَّهُ لَهُ نَصْرٌ وَإِنْ كَانَ مَظْلُومًا فَلْيَنْصُرْهُ ». رواه مسلم
يا معاشر المخذلين تذكروا حديث الْبَرَاءِ رضي الله عنه، قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، بِسَبْعٍ وَنَهَانَا عَنْ سَبْعِ: أَمَرَنَا بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الْجِنَازَةِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِي، وَإِفْشَاءِ السَّلاَمِ، وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ، وَإِبْرَارِ الْمُقْسِمِ؛ وَنَهَانَا عَنْ خَوَاتِيمِ الذَّهَبِ، وَعَنِ الشُّرْبِ فِي الْفِضَّةِ، أَوْ قَالَ: آنِيَةِ الْفِضَّةِ، وَعَنِ الْمَيَاثِرِ وَالْقَسِّيِّ، وَعَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَالإِسْتَبْرَقِ ". متفق عليه
فيه دليل على وجوب نصرة المظلوم
قال ابن بطال رحمه الله: نصر المظلوم فرض واجب على المؤمنين على الكفاية ، فمن قام به سقط عن الباقين ، ويتعين فرض ذلك على السلطان ، ثم على كل من له قدرة على نصرته إذا لم يكن هناك من ينصره غيره من سلطان وشبهه اهـ
يا معاشر المخذلين تذكروا حَدِيثَ أَبِي مُوسى، رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «إِنَّ المُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا» وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ. متفق عليه
يا معاشر المخذلين تذكروا حَدِيثَ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِير رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «تَرَى المُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ، وَتَوادِّهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ، كَمَثَلِ الْجَسَدِ. إِذَا اشْتَكَى عضْوًا، تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ والحُمَّى».متفق عليه
يا معاشر المخذلين إن الله ناصر أولياءه وحافظ لهم قال تعالى: وَكَانَ ﴿ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الروم : 47]
قال السعدي رحمه الله: أي: أوجبنا ذلك على أنفسنا وجعلناه من جملة الحقوق المتعينة ووعدناهم به فلا بد من وقوعه فأنتم أيها المكذبون لمحمد صلى اللّه عليه وسلم إن بقيتم على تكذيبكم حلَّت بكم العقوبة ونصرناه عليكم.اهـ
وقال تعالى: ﴿ وأولياءه إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ﴾ [غافر : 51].
يا معاشر مشائخ اليمن المخذلين أين عقولكم أين علمكم أين الإخوة الإسلامية أين دار الحديث بدماج على مرأى ومسمع ومشهد منكم تضربه الرافضة الملاعين الزنادقة المعتدين .
يا معاشر مشائخ اليمن المخذلين عيب عليكم عار عليهم اتقوا الله في مركز شيخنا وشيخكم والله لا عذر لكم في تخذيلكم له وعدم نصرته .
يا معاشر مشائخ اليمن تذكروا حديث مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لاَ يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللهِ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلاَ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ عَلَى ذلِكَ ". متفق عليه
وحديث « لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِى ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِىَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ ». رواه مسلم عن ثوبان رضي الله عنه
يا معاشر مشائخ اليمن ما مثلكم إلا كما قال الشاعر:
وَكُنْتُ أَحْجُو أَبَا عَمْرٍو أَخَا ثِقَةٍ ::::::::::حَتَّى أَلَمَّتْ بِنَا يَوْمًا مُلِمَّاتُ
يا معاشر المخذلين تذكروا قول الله تعالى: ﴿ أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ ﴾ [النساء : 78] وقول تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا ﴾ [آل عمران : 145]
يا معاشر المخذلين إياكم والإرجافات والتثبيط عن الجهاد في سبيل الله إياكم والطعن في الجهاد ضد الرافضة الزنادقة المعتدين أعداء الله وأعداء رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأعداء الصحابة رضوان الله عليهم وأعداء المسلمين في قديم التاريخ وحديثه إياكم والطعن في المجاهدين في سبيل الله في دار الحديث بدماج الخير دار السنة والتوحيد .
يا معاشر المخذلين إياكم أن تجمعوا بين التخذيل والطعن في الجهاد والمجاهدين كفاكم التخذيل
يا معاشر المخذلين إن أصحاب الصليب الأحمر قد دخل بعضهم في دار الحديث بدماج وأخذوا بعض الجرحى أما أنتم جمعتم بين الطعن والتخذيل والشماتة والإيذاء لأولياء الله المحاصرين المظلومين فعار عليكم وعيب عليكم استحيوا على أنفسكم
يا معاشر المخذلين أما أهل السنة في دار الحديث بدماج فقد جمعوا بفضل الله أنواع الجهاد جهاد النفس وجهاد الشيطان وجهاد الكافرين الرافضة الحوثة وحهاد المنافقين وجهاد أهل البدع والأهواء ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77) وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ﴾ [الحج : 77 ، 78]
يا معاشر المخذلين أما أهل السنة في دار الحديث بدماج فمن مات منهم مات شهيداً ومن بقي منهم بقي عزيزاً ﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (51) قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ ﴾ [التوبة : 51 ، 52].
يا معاشر المخذلينأما أهل السنة في دار الحديث بدماج فهم على صبر ومصابرة ورباط في سبيل الله ويقين وثبات وجهاد ودفاع على دين الله وعلى الأنفس والعرض والمال وقد قدموا أروحهم وأموالهم ودماءهم في سبيل الله ولقد أحيوا الجهاد في سبيل الله .
يا معاشر المخذلين إن أهل السنة في دار الحديث بدماج تصدوا وصمدوا لحرب الرافضة الحوثة مع قلة عدتهم مقابل ما تملكه الرافضة من القوة والأسلحة الحديثة أنواع الأسلحة الدمار الشامل لقد صبروا على الجوع والضرب العنيف والقنص فلله درهم من رجال أسود .
يا معاشر المخذلين من الحزب الحقود الجديد وأشياعهم وأتباعهم وأعوانهم ومقلديهم اتقوا الله ربكم الجهاد قائم بين أهل السنة السلفيين وبين الرافضة الحوثة الكفار الفجار والزنادقة المارقين المعتدين البغاة الظلمة ولا تظنوا أن الرافضة تترك حزبكم فاتقوا الله في أنفسكم وتوبوا إلى الله من غيكم وضلالكم وباطلكم وارجعوا إلى رشدكم وتذكروا الوقوف بين يدي رب العالمين
من مفاسد التخذيل:-
فيه التشبه بالشيطان الرجيم وفيه التشبه بالكفار وفيه التشبه بالمنافقين وفيه التشبه بأهل البدع والأهواء من الحزبيين وغيرهم وفيه التشبه بأصحاب المعاصي وفيه انتصار الكفار من المسلمين وفيه انتهاك الكفار من حرمات المسلمين واستباحة بيضتهم وفيه إذلال المسلم وأهانته وفيه انتهاك عرض المسلم بغير حق وفيه استضعاف المسلمين من قبل أعدائهم وغيرها من المفاسد
من فوائد النصرة والمناصرة:-
العمل بالأدلة المتكاثرة من الكتاب والسنة
ومن فوائدها ارضاء الله سبحانه وتعالى وإرضاء رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وفيها تحقيق الإخوة الإسلامية الإيمانية وفيها تحقيق النصرة للمظلوم ورفع الظلم عنه وفيها هزيمة للكفار والمنافقين وفيها إسخاط للشيطان اللعين الرجيم وفيها الإغاظة لأهل البدع والأهواء وفيها التحابب بين المسلمين وفيها التآلف بين المسلمين وفيها اجتماع المسلمين على الحق وفيها ظهور الحق وفيها هزيمة وإزهاق للباطل وفيها التعاون البر والتقوى وفيها قوة المسلمين ضد أعدائهم وأعداء دينهم وفيها دخول الجنة والنجاة من عذاب الله في الدنيا والآخرة وغيرها من الفوائد التي لا تحصى في هذه العجالة والله المستعان.
اللهم انصر عبادك الله المجاهدين في سبيلك اللهم اخذل من خذهم وانصر من نصرهم
اللهم اهلك واهزم الرافضة الحوثة اللهم فرق جمعهم وشتت شلمهم ومزقهم كل ممزق
اللهم العنهم لعنا كبيرا
كتبه:
أبو عبدالله محمد بن إسماعيل بن إبرهيم بن حسن الصومالي الإسحاقي
في يوم ( الاثنين غرة شهر المحرم /1435هـ )
في مدينة هرجيسا من بلاد أرض الصومال
بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ , وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ , وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران : 102] .
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ .[النساء : 1]
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (*) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب : 70 ، 71]
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ ».
هذه رسالة إلى إلى كل مخذل نذكرهم فيها بعض الأدلة في تحريم التخذيل أسأل الله أن ينفع بها من شاء من عباده إنه ولي ذلك والقادر عليه .
يا معاشر المخذلين تذكروا قول الله تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [المائدة : 2]
في هذه الآية الكريمة وجوب التعاون على البر والتقوى وتحريم التخاذل وتحريم التخذيل الحاصل من كثير من المسلمين تجاه إخوانهم وعلمائهم وابنائهم
يا معاشر المخذلين تذكروا قول الله تعالى:﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة : 71]
والولاية توجب النصرة والمحبة والمودة والرحمة والعطفة والشفقة لا التخذيل والتخاذل وعدم النصرة والتسليم إلى العدو .
يا معاشر المجذلين تذركوا قول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (38) إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39) إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة : 38 ، 40]
في هذا وعيد شديد وتهديد أكيد لمن تخلف عن الجهاد إذا استُنفر منه
قال السعدي رحمه الله:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ ألا تعملون بمقتضى الإيمان، وداعي اليقين من المبادرة لأمر اللّه، والمسارعة إلى رضاه، وجهاد أعدائه والنصرة لدينكم، فـ ﴿ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأرْضِ ﴾ أي: تكاسلتم، وملتم إلى الأرض والدعة والسكون فيها ﴿ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ ﴾ أي: ما حالكم إلا حال من رضي بالدنيا وسعى لها ولم يبال بالآخرة، فكأنه ما آمن بها ﴿ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ التي مالت بكم، وقدمتموها على الآخرة ﴿ إِلا قَلِيلٌ ﴾ أفليس قد جعل اللّه لكم عقولا تَزِنُون بها الأمور، وأيها أحق بالإيثار؟ أفليست الدنيا من أولها إلى آخرها لا نسبة لها في الآخرة. فما مقدار عمر الإنسان القصير جدا من الدنيا حتى يجعله الغاية التي لا غاية وراءها، فيجعل سعيه وكده وهمه وإرادته لا يتعدى حياته الدنيا القصيرة المملوءة بالأكدار، المشحونة بالأخطار فبأي رَأْيٍ رأيتم إيثارها على الدار الآخرة الجامعة لكل نعيم، التي فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين، وأنتم فيها خالدون، فواللّه ما آثر الدنيا على الآخرة من وقر الإيمان في قلبه، ولا من جزل رأيه، ولا من عُدَّ من أولي الألباب، ثم توعدهم على عدم النفير فقال:﴿ إِلا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ في الدنيا والآخرة، فإن عدم النفير في حال الاستنفار من كبائر الذنوب الموجبة لأشد العقاب، لما فيها من المضار الشديدة، فإن المتخلف، قد عصى اللّه تعالى وارتكب لنهيه، ولم يساعد على نصر دين اللّه، ولا ذب عن كتاب اللّه وشرعه، ولا أعان إخوانه المسلمين على عدوهم الذي يريد أن يستأصلهم ويمحق دينهم، وربما اقتدى به غيره من ضعفاء الإيمان، بل ربما فَتَّ في أعضاد من قاموا بجهاد أعداء اللّه، فحقيق بمن هذا حاله أن يتوعده اللّه بالوعيد الشديد، فقال: ﴿ إِلا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ﴾ ثم لا يكونوا أمثالكم ﴿ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئًا ﴾ فإنه تعالى متكفل بنصر دينه وإعلاء كلمته، فسواء امتثلتم لأمر اللّه، أو ألقيتموه، وراءكم ظهريا ﴿ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ لا يعجزه شيء أراده، ولا يغالبه أحد.اهـ .
يا معاشر المخذلين تذكروا قول الله تعالى: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ ﴾ [الفتح : 29]
هذه صفة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الشدة والغلطة على أعداء الله وأعدائهم والتراحم والشفقة والمحبة والمدة فيما بينهم فأين وضعتم هذه الآية الكريمة وغيرها من الأدلة المتكاثرة في الكتاب والسنة الصحيحة .
قال السعدي رحمه الله: يخبر تعالى عن رسوله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من المهاجرين والأنصار، أنهم بأكمل الصفات، وأجل الأحوال، وأنهم ﴿ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ ﴾ أي: جادون ومجتهدون في عداوتهم، وساعون في ذلك بغاية جهدهم، فلم يروا منهم إلا الغلظة والشدة، فلذلك ذل أعداؤهم لهم، وانكسروا، وقهرهم المسلمون، ﴿ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ﴾ أي: متحابون متراحمون متعاطفون، كالجسد الواحد، يحب أحدهم لأخيه ما يحب لنفسه،اهـ
يا معاشر المخذلينأين تضعون هذه الآية الكريمة يوم أن خذلتم إخوانكم وأبناءكم ومشائخكم وعلماءكم ولم تنصروهم من عدوهم من الرافضة الكفرة البغاة الفجرة الغشمة الظلمة الفسقة الذين أشد بغضاً وعداوة من اليهود والنصارى.
يا معاشر المخذلين تذكروا قول تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (72) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ (73) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (74) وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [الأنفال : 72 ، 75]
يا معاشر المخذلين قد استنصركم إخوانكم أهل السنة في الدين فلماذا لا تنصرونهم
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: وقوله: ﴿ وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ يقول تعالى: وإن استنصروكم هؤلاء الأعراب، الذين لم يهاجروا في قتال ديني، على عدو لهم فانصروهم، فإنه واجب عليكم نصرهم؛ لأنهم إخوانكم في الدين، إلا أن يستنصروكم على قوم من الكفار ﴿ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ ﴾ أي: مهادنة إلى مدة، فلا تخفروا ذمتكم، ولا تنقضوا أيمانكم مع الذين عاهدتم. وهذا مروي عن ابن عباس، رضي الله عنه. اهـ
يا معاشر التخذيل تذكروا قول الله تعالى: ﴿ انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (41) لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾ [التوبة : 41 ، 42]
قال السعدي رحمه الله: يقول تعالى لعباده المؤمنين -مهيجا لهم على النفير في سبيله فقال: ﴿ انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا ﴾ أي: في العسر واليسر، والمنشط والمكره، والحر والبرد، وفي جميع الأحوال ﴿ وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ أي: ابذلوا جهدكم في ذلك، واستفرغوا وسعكم في المال والنفس، وفي هذا دليل على أنه كما يجب الجهاد في النفس يجب الجهاد في المال، حيث اقتضت الحاجة ودعت لذلك ثم قال: ﴿ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ أي: الجهاد في النفس والمال، خير لكم من التقاعد عن ذلك، لأن فيه رضا اللّه تعالى، والفوز بالدرجات العاليات عنده، والنصر لدين اللّه، والدخول في جملة جنده وحزبه لو كان خروجهم لطلب العرض القريب، أي: منفعة دنيوية سهلة التناول ﴿ وَ ﴾ كان السفر ﴿ َسَفَرًا قَاصِدًا ﴾ أي: قريبا سهلا. ﴿ لاتَّبَعُوكَ ﴾ لعدم المشقة الكثيرة، ﴿ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ ﴾ أي: طالت عليهم المسافة، وصعب عليهم السفر، فلذلك تثاقلوا عنك، وليس هذا من أمارات العبودية، بل العبد حقيقة هو المتعبد لربه في كل حال، القائم بالعبادة السهلة والشاقة، فهذا العبد للّه على كل حال ﴿ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ ﴾ أي: سيحلفون أن تخلفهم عن الخروج أن لهم أعذرا وأنهم لا يستطيعون ذلك ﴿ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ ﴾ بالقعود والكذب والإخبار بغير الواقع، ﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾ وهذا العتاب إنما هو للمنافقين، الذين تخلفوا عن النبي صلى الله عليه وسلم في "غزوة تبوك" وأبدوا من الأعذار الكاذبة ما أبدوا، فعفا النبي صلى الله عليه وسلم عنهم بمجرد اعتذارهم، من غير أن يمتحنهم، فيتبين له الصادق من الكاذب اهـ
يا معاشر المخذلين تذكروا قول الله تعالى: ﴿ وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (12) أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾[التوبة : 12 ، 13]
قال الإمام البغوي رحمه الله: قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ ﴾ نقضوا عهودهم، ﴿ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ ﴾ عقدهم، يعني: مشركي قريش، ﴿ وَطَعَنُوا ﴾ قدحوا ﴿ فِي دِينِكُمْ ﴾ عابوه. فهذا دليل على أن الذمي إذا طعن في دين الإسلام ظاهرا لا يبقى له عهد، ﴿ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ ﴾ قرأ أهل الكوفة والشام: "أئمة" بهمزتين حيث كان، وقرأ الباقون بتليين الهمزة الثانية. وأئمة الكفر: رؤوس المشركين وقادتهم من أهل مكة. اهـ
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله: يقول تعالى: وإن نكث هؤلاء المشركون الذين عاهدتموهم على مدة معينة أيمانهم، أي: عهودهم ومواثيقهم، ﴿ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ ﴾ أي: عابوه وانتقصوه ومن هاهنا أخذ قتل من سب الرسول، صلوات الله وسلامه عليه، أو من طعن في دين الإسلام أو ذكره بتنقص؛ ولهذا قال: ﴿ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ ﴾ أي: يرجعون عما هم فيه من الكفر والعناد والضلال.اهـ
يا معاشر المخذلين تذكروا قول الله تعالى: ﴿ قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (14) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة : 14 ، 15]
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: وهذا أيضا تهييج وتحضيض وإغراء على قتال المشركين الناكثين لأيمانهم، الذين هموا بإخراج الرسول من مكة، كما قال تعالى: ﴿ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴾ [الأنفال:30] وقال تعالى: ﴿ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ [إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي] ﴾ (1) الآية [الممتحنة:1] وقال تعالى: ﴾ وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلا قَلِيلا } [الإسراء:76]وقوله ﴿ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾ قيل: المراد بذلك يوم بدر، حين خرجوا لنصر عيرهم فلما نجت وعلموا بذلك استمروا على وجوههم طلبا للقتال، بغيا وتكبرا اهـ
وقال السعدي رحمه الله: ﴿ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ * غَيْظَ قُلُوبِهِمْ ﴾ فإن في قلوبهم من الحنق والغيظ عليهم ما يكون قتالهم وقتلهم شفاء لما في قلوب المؤمنين من الغم والهم إذ يرون هؤلاء الأعداء محاربين للّه ولرسوله ساعين في إطفاء نور اللّه وزوالا للغيظ الذي في قلوبهم وهذا يدل على محبة اللّه لعباده المؤمنين واعتنائه بأحوالهم حتى إنه جعل من جملة المقاصد الشرعية شفاء ما في صدورهم وذهاب غيظهم اهـ
يا معاشر المخذلين والشامتين والمثبطين المرجفين تذكروا هذه الآيات البينات الواضحات ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا (71) وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا (72) وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا (73) فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [النساء : 71 ، 74]
قال الإمام ابن كثير رحمه الله: يأمر الله عباده المؤمنين بأخذ الحذر من عدوهم، وهذا يستلزم التأهب لهم بإعداد الأسلحة والعدد وتكثير العدد بالنفير في سبيله ﴿ ثُبَاتٍ ﴾ أي: جماعة بعد جماعة، وفرقة بعد فرقة، وسرية بعد سرية، والثبات: جمع ثُبَة، وقد تجمع الثبة على ثُبين قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: ﴿ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ ﴾ أي: عُصبا يعني: سرايا متفرقين ﴿ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا ﴾ يعني: كلكم وكذا رُوي عن مجاهد، وعكرمة، والسدي، وقتادة، والضحاك، وعطاء الخراساني، ومُقاتل بن حَيَّان، وخُصَيف الجَزَري وقوله: ﴿ وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ ﴾ قال مجاهد وغير واحد: نزلت في المنافقين، وقال مقاتل بن حيان: ﴿ ليبطئن ﴾ أي: ليتخلفن عن الجهاد ويحتمل أن يكون المراد أنه يتباطأ هو في نفسه، ويبطئ غيره عن الجهاد، كما كان عبد الله بن أبي بن سلول قبحه الله يفعل، يتأخر عن الجهاد، ويُثَبّط الناس عن الخروج فيه. وهذا قول ابن جُرَيْج وابن جَرِيرٍ؛ ولهذا قال تعالى إخبارا عن المنافق أنه يقول إذا تأخر عن الجهاد: ﴿ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ ﴾ أي: قتل وشهادة وغلب العدو لكم، لما لله في ذلك من الحكمة ﴿ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا ﴾ أي: إذ لم أحضر معهم وقعة القتال، يعد ذلك من نعم الله عليه، ولم يدر ما فاته من الأجر في الصبر أو الشهادة إن قتل ﴿ وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ ﴾ أي: نصر وظفر وغنيمة ﴿ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَه مَوَدَّةٌ ﴾ أي: كأنه ليس من أهل دينكم ﴿ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ أي: بأن يضرب لي بسهم معهم فأحصل عليه وهو أكبر قصده وغاية مراده ثم قال تعالى: ﴿ فَلْيُقَاتِلْ ﴾ أي: المؤمن النافر ﴿ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ ﴾ أي: يبيعون دينهم بعَرَض قليل من الدنيا، وما ذلك إلا لكفرهم وعدم إيمانهم ثم قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ أي: كل من قاتل في سبيل الله سواء قتل أو غَلَب وسَلَبفله عند الله مثوبة عظيمة وأجر جزيل، كما ثبت في الصحيحين وتكفل الله للمجاهد في سبيله، إن توفاه أن يدخله الجنة، أو يرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه نائلا ما نال من أجر أو غنيمة.اهـ
يا معاشر المخذلين والشامتين والمرجفين تذكروا قول الله تعالى: ﴿ وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا (75) الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ﴾ [النساء : 75 ، 76]
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: يحرض تعالى عباده المؤمنين على الجهاد في سبيله وعلى السعي في استنقاذ المستضعفين بمكة من الرجال والنساء والصبيان المتبرمين بالمقام بها؛ ولهذا قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ } يعني: مكة، كقوله تعالى: ﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ ﴾ [محمد: 13] ثم وصفها بقوله: ﴿ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا ﴾ أي: سخر لنا من عندك وليا وناصرا.اهـ
وقال السعدي رحمه الله: هذا حث من الله لعباده المؤمنين وتهييج لهم على القتال في سبيله، وأن ذلك قد تعين عليهم، وتوجه اللوم العظيم عليهم بتركه، فقال: ﴿ وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ والحال أن المستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا ومع هذا فقد نالهم أعظم الظلم من أعدائهم، فهم يدعون الله أن يخرجهم من هذه القرية الظالم أهلها لأنفسهم بالكفر والشرك، وللمؤمنين بالأذى والصد عن سبيل الله، ومنعهم من الدعوة لدينهم والهجرة ويدعون الله أن يجعل لهم وليًّا ونصيرًا يستنقذهم من هذه القرية الظالم أهلها، فصار جهادكم على هذا الوجه من باب القتال والذب عن عيلاتكم وأولادكم ومحارمكم، لا من باب الجهاد الذي هو الطمع في الكفار، فإنه وإن كان فيه فضل عظيم ويلام المتخلف عنه أعظم اللوم، فالجهاد الذي فيه استنقاذ المستضعفين منكم أعظم أجرًا وأكبر فائدة، بحيث يكون من باب دفع الأعداء.اهـ
يا معاشر المخاذلين التخذيل حرام من أعمال الشيطان ومن إعمال المنافقين ومن إعمال أهل البدع الضلال ومن أعمال أصحاب المعاصي قال تعالى: ﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا ﴾ [الفرقان : 27 ، 29]
وقال تعالى: ﴿ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [إبراهيم : 22]
وقال تعالى:﴿ انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (41) لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾ [التوبة : 41 ، 42]
قال العلامة السعدي رحمه الله:﴿ وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾أي: ابذلوا جهدكم في ذلك، واستفرغوا وسعكم في المال والنفس، وفي هذا دليل على أنه كما يجب الجهاد في النفس يجب الجهاد في المال، حيث اقتضت الحاجة ودعت لذلك ثم قال: ﴿ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ أي: الجهاد في النفس والمال، خير لكم من التقاعد عن ذلك، لأن فيه رضا اللّه تعالى، والفوز بالدرجات العاليات عنده، والنصر لدين اللّه، والدخول في جملة جنده وحزبه لو كان خروجهم لطلب العرض القريب، أي: منفعة دنيوية سهلة التناول ﴿ وَ ﴾ كان السفر ﴿ َسَفَرًا قَاصِدًا ﴾ أي: قريبا سهلا. ﴿ لاتَّبَعُوكَ ﴾ لعدم المشقة الكثيرة، ﴿ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ ﴾ أي: طالت عليهم المسافة، وصعب عليهم السفر، فلذلك تثاقلوا عنك، وليس هذا من أمارات العبودية، بل العبد حقيقة هو المتعبد لربه في كل حال، القائم بالعبادة السهلة والشاقة، فهذا العبد للّه على كل حال ﴿و وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ ﴾ أي: سيحلفون أن تخلفهم عن الخروج أن لهم أعذرا وأنهم لا يستطيعون ذلك ﴿ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ ﴾ بالقعود والكذب والإخبار بغير الواقع، ﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾ وهذا العتاب إنما هو للمنافقين، الذين تخلفوا عن النبي صلى الله عليه وسلم في "غزوة تبوك" وأبدوا من الأعذار الكاذبة ما أبدوا، فعفا النبي صلى الله عليه وسلم عنهم بمجرد اعتذارهم، من غير أن يمتحنهم، فيتبين له الصادق من الكاذب اهـ
يا معاشر المخذلين اتركوا وابتعدوا من هذه الصفة الذميمة التخذيل وانصروا إخوانكم وابناءكم وعلماءكم انصروا المساكين الضعفة المظلومين المحاصرين
يا معاشر المخذلين كيف يكون حالكم وبالكم لو داهمكم وهاجمكم عدو بغيض غاشم ظالم يهلك الحرث والنسل .
يا معاشر المخذلين والمرجفين والشامتين من أصحاب الحزب الجديد حزب عبدالرحمن المرعي غيرهم تذكروا هذه الآيات الكريمات ﴿ قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا (16) قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (17) قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا (18) أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (19) يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا (20) لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21) وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب : 16 ، 22]
قال السعدي رحمه الله: ﴿ قُلْ ﴾ لهم، لائمًا على فرارهم، ومخبرًا أنهم لا يفيدهم ذلك شيئًا ﴿ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ ﴾ فلو كنتم في بيوتكم، لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعكم والأسباب تنفع، إذا لم يعارضها القضاء والقدر، فإذا جاء القضاء والقدر، تلاشى كل سبب، وبطلت كل وسيلة، ظنها الإنسان تنجيه ﴿ وَإِذًا ﴾ حين فررتم لتسلموا من الموت والقتل، ولتنعموا في الدنيا فإنكم ﴿ لا تُمَتَّعُونَ إِلا قَلِيلا ﴾ متاعًا، لا يسوى فراركم، وترككم أمر اللّه، وتفويتكم على أنفسكم، التمتع الأبدي، في النعيم السرمدي ثم بين أن الأسباب كلها لا تغني عن العبد شيئًا إذا أراده اللّه بسوء، فقال: ﴿ قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ ﴾ أي: يمنعكم ﴿ من اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا ﴾ أي: شرًا، ﴿ أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً ﴾ فإنه هو المعطي المانع، الضار النافع، الذي لا يأتي بالخير إلا هو، ولا يدفع السوء إلا هو ﴿ وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا ﴾ يتولاهم، فيجلب لهم النفع ﴿ وَلا نَصِيرًا ﴾ أي ينصرهم، فيدفع عنهم المضار فَلْيَمْتَثِلُوا طاعة المنفرد بالأمور كلها، الذي نفذت مشيئته، ومضى قدره، ولم ينفع مع ترك ولايته ونصرته، وَلِيٌّ ولا ناصر ثم توَّعد تعالى المخذلين المعوقين، وتهددهم فقال: ﴿ قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ ﴾ عن الخروج، لمن [لم] يخرجوا ﴿ وَالْقَائِلِينَ لإخْوَانِهِمْ ﴾ الذين خرجوا: ﴿ هَلُمَّ إِلَيْنَا ﴾ أي: ارجعوا، كما تقدم من قولهم: ﴿ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا ﴾ وهم مع تعويقهم وتخذيلهم ﴿ وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ ﴾ أي: القتال والجهاد بأنفسهم ﴾ إِلا قَلِيلا ﴾ فهم أشد الناس حرصًا على التخلف، لعدم الداعي لذلك، من الإيمان والصبر، ووجود المقتضى للجبن، من النفاق، وعدم الإيمان ﴿ أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ ﴾ بأبدانهم عند القتال، وبأموالهم عند النفقة فيه، فلا يجاهدون بأموالهم وأنفسهم. ﴿ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ ﴾ نظر المغشى عليه ﴿ مِنَ الْمَوْتِ ﴾ من شدة الجبن، الذي خلع قلوبهم، والقلق الذي أذهلهم، وخوفًا من إجبارهم على ما يكرهون، من القتال ﴿ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ ﴾ وصاروا في حال الأمن والطمأنينة، ﴿ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَة ﴾ أي: خاطبوكم، وتكلموا معكم، بكلام حديد، ودعاوى غير صحيحة وحين تسمعهم، تظنهم أهل الشجاعة والإقدام، ﴿ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ ﴾ الذي يراد منهم، وهذا شر ما في الإنسان، أن يكون شحيحًا بما أمر به، شحيحًا بماله أن ينفقه في وجهه، شحيحًا في بدنه أن يجاهد أعداء اللّه، أو يدعو إلى سبيل اللّه، شحيحًا بجاهه، شحيحًا بعلمه، ونصيحته ورأيه ﴿ أُولَئِكَ ﴾ الذين بتلك الحالة ﴿ لَمْ يُؤْمِنُوا ﴾ بسبب عدم إيمانهم، أحبط الله أعمالهم، ﴿ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ﴾ وأما المؤمنون، فقد وقاهم اللّه، شح أنفسهم، ووفقهم لبذل ما أمروا به، من بذل لأبدانهم في القتال في سبيله، وإعلاء كلمته، وأموالهم، للنفقة في طرق الخير، وجاههم وعلمهم ﴿ يَحْسَبُونَ الأحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا ﴾ أي: يظنون أن هؤلاء الأحزاب، الذين تحزبوا على حرب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وأصحابه، لم يذهبوا حتى يستأصلوهم، فخاب ظنهم، وبطل حسبانهم ﴿ وَإِنْ يَأْتِ الأحْزَابُ ﴾ مرة أخرى ﴿ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الأعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ ﴾ أي: لو أتى الأحزاب مرة ثانية مثل هذه المرة، ودَّ هؤلاء المنافقون، أنهم ليسوا في المدينة، ولا في القرب منها، وأنهم مع الأعراب في البادية، يستخبرون عن أخباركم، ويسألون عن أنبائكم، ماذا حصل عليكم؟
فتبًا لهم، وبعدًا، فليسوا ممن يبالى بحضورهم ﴿ وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلا قَلِيلا ﴾ فلا تبالوهم، ولا تأسوا عليهم.اهـ اهـ
يا معاشر المخذلين فلكم النصيب الأكبر والحظ الأوفر في هذه الصفات الذميمة الخسيسة القبيحة
يا معاشر المخذلين تذكراو قول الله تعالى: ﴿ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا (60) مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا (61) سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ﴾ [الأحزاب : 60 ، 62]
قال السعدي رحمه الله: ﴿ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ﴾ أي: مرض شك أو شهوة ﴿ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ ﴾ أي: المخوفون المرهبون الأعداء، المحدثون بكثرتهم وقوتهم، وضعف المسلمين ولم يذكر المعمول الذي ينتهون عنه، ليعم ذلك، كل ما توحي به أنفسهم إليهم، وتوسوس به، وتدعو إليه من الشر، من التعريض بسب الإسلام وأهله، والإرجاف بالمسلمين، وتوهين قواهم، والتعرض للمؤمنات بالسوء والفاحشة، وغير ذلك من المعاصي الصادرة، من أمثال هؤلاء ﴿ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ﴾ أي: نأمرك بعقوبتهم وقتالهم، ونسلطك عليهم، ثم إذا فعلنا ذلك، لا طاقة لهم بك، وليس لهم قوة ولا امتناع، ولهذا قال: ﴿ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلا قَلِيلا ﴾ أي: لا يجاورونك في المدينة إلا قليلا بأن تقتلهم أو تنفيهم وهذا فيه دليل، لنفي أهل الشر، الذين يتضرر بإقامتهم بين أظهر المسلمين، فإن ذلك أحسم للشر، وأبعد منه، ويكونون ﴿ مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلا ﴾ أي: مبعدين، أين وجدوا، لا يحصل لهم أمن، ولا يقر لهم قرار، يخشون أن يقتلوا، أو يحبسوا، أو يعاقبوا ﴿ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ ﴾ أن من تمادى في العصيان، وتجرأ على الأذى، ولم ينته منه، فإنه يعاقب عقوبة بليغة. ﴿ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا ﴾ أي تغييرًا، بل سنته تعالى وعادته، جارية مع الأسباب المقتضية لأسبابها اهـ
يا معاشر المخذلين تذكروا حديث أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « لاَ تَحَاسَدُوا وَلاَ تَنَاجَشُوا وَلاَ تَبَاغَضُوا وَلاَ تَدَابَرُوا وَلاَ يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يَخْذُلُهُ وَلاَ يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هَا هُنَا » وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ « بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ ». رواه مسلم
فيه تحريم تخذيل المسلم للمسلم والخذلان ترك النصرة والإعانة في وقت الحاجة
قال الإمام النووي رحمه الله: وأما لا يخذله فقال العلماء الخذل ترك الاعانة والنصر ومعناه اذا استعان به في دفع ظالم ونحوه لزمه إعانته اذا أمكنه ولم يكن له عذر شرعي اهـ
وقال الصنعاني رحمه الله: ولا يخذله والخذلان ترك الإعانة والنصر ومعناه إذا استعان به في دفع أي ضر أو جلب أي نفع أعانه اهـ
ـ
يا معاشر المخذلين تذكروا حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضى الله عنهما أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ « الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ ، لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يُسْلِمُهُ ، وَمَنْ كَانَ فِى حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِى حَاجَتِهِ ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ » .متفق عليه
فيه دليل على تحريم تسليم المسلم للمسلم إلى العدو
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: وقوله ولا يسلمه أي لا يتركه مع من يؤذيه ولا فيما يؤذيه بل ينصره ويدفع عنه وهذا أخص من ترك الظلم وقد يكون ذلك واجبا وقد يكون مندوبا بحسب اختلاف الأحوال اهـ
يا معاشر المخذلين تذكروا حديث أَنَسٍ رضى الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا » فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا ، أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ قَالَ « تَحْجُزُهُ أَوْ تَمْنَعُهُ مِنَ الظُّلْمِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ » .رواه البخاري
فيه وجوب مناصرة المظلوم
يا معاشر المخذلين تذكروا حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال رسول الله صلى عليه وعلى آله وسلم « وَلْيَنْصُرِ الرَّجُلُ أَخَاهُ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا إِنْ كَانَ ظَالِمًا فَلْيَنْهَهُ فَإِنَّهُ لَهُ نَصْرٌ وَإِنْ كَانَ مَظْلُومًا فَلْيَنْصُرْهُ ». رواه مسلم
يا معاشر المخذلين تذكروا حديث الْبَرَاءِ رضي الله عنه، قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، بِسَبْعٍ وَنَهَانَا عَنْ سَبْعِ: أَمَرَنَا بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الْجِنَازَةِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِي، وَإِفْشَاءِ السَّلاَمِ، وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ، وَإِبْرَارِ الْمُقْسِمِ؛ وَنَهَانَا عَنْ خَوَاتِيمِ الذَّهَبِ، وَعَنِ الشُّرْبِ فِي الْفِضَّةِ، أَوْ قَالَ: آنِيَةِ الْفِضَّةِ، وَعَنِ الْمَيَاثِرِ وَالْقَسِّيِّ، وَعَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَالإِسْتَبْرَقِ ". متفق عليه
فيه دليل على وجوب نصرة المظلوم
قال ابن بطال رحمه الله: نصر المظلوم فرض واجب على المؤمنين على الكفاية ، فمن قام به سقط عن الباقين ، ويتعين فرض ذلك على السلطان ، ثم على كل من له قدرة على نصرته إذا لم يكن هناك من ينصره غيره من سلطان وشبهه اهـ
يا معاشر المخذلين تذكروا حَدِيثَ أَبِي مُوسى، رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «إِنَّ المُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا» وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ. متفق عليه
يا معاشر المخذلين تذكروا حَدِيثَ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِير رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «تَرَى المُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ، وَتَوادِّهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ، كَمَثَلِ الْجَسَدِ. إِذَا اشْتَكَى عضْوًا، تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ والحُمَّى».متفق عليه
يا معاشر المخذلين إن الله ناصر أولياءه وحافظ لهم قال تعالى: وَكَانَ ﴿ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الروم : 47]
قال السعدي رحمه الله: أي: أوجبنا ذلك على أنفسنا وجعلناه من جملة الحقوق المتعينة ووعدناهم به فلا بد من وقوعه فأنتم أيها المكذبون لمحمد صلى اللّه عليه وسلم إن بقيتم على تكذيبكم حلَّت بكم العقوبة ونصرناه عليكم.اهـ
وقال تعالى: ﴿ وأولياءه إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ﴾ [غافر : 51].
يا معاشر مشائخ اليمن المخذلين أين عقولكم أين علمكم أين الإخوة الإسلامية أين دار الحديث بدماج على مرأى ومسمع ومشهد منكم تضربه الرافضة الملاعين الزنادقة المعتدين .
يا معاشر مشائخ اليمن المخذلين عيب عليكم عار عليهم اتقوا الله في مركز شيخنا وشيخكم والله لا عذر لكم في تخذيلكم له وعدم نصرته .
يا معاشر مشائخ اليمن تذكروا حديث مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لاَ يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللهِ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلاَ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ عَلَى ذلِكَ ". متفق عليه
وحديث « لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِى ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِىَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ ». رواه مسلم عن ثوبان رضي الله عنه
يا معاشر مشائخ اليمن ما مثلكم إلا كما قال الشاعر:
وَكُنْتُ أَحْجُو أَبَا عَمْرٍو أَخَا ثِقَةٍ ::::::::::حَتَّى أَلَمَّتْ بِنَا يَوْمًا مُلِمَّاتُ
يا معاشر المخذلين تذكروا قول الله تعالى: ﴿ أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ ﴾ [النساء : 78] وقول تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا ﴾ [آل عمران : 145]
يا معاشر المخذلين إياكم والإرجافات والتثبيط عن الجهاد في سبيل الله إياكم والطعن في الجهاد ضد الرافضة الزنادقة المعتدين أعداء الله وأعداء رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأعداء الصحابة رضوان الله عليهم وأعداء المسلمين في قديم التاريخ وحديثه إياكم والطعن في المجاهدين في سبيل الله في دار الحديث بدماج الخير دار السنة والتوحيد .
يا معاشر المخذلين إياكم أن تجمعوا بين التخذيل والطعن في الجهاد والمجاهدين كفاكم التخذيل
يا معاشر المخذلين إن أصحاب الصليب الأحمر قد دخل بعضهم في دار الحديث بدماج وأخذوا بعض الجرحى أما أنتم جمعتم بين الطعن والتخذيل والشماتة والإيذاء لأولياء الله المحاصرين المظلومين فعار عليكم وعيب عليكم استحيوا على أنفسكم
يا معاشر المخذلين أما أهل السنة في دار الحديث بدماج فقد جمعوا بفضل الله أنواع الجهاد جهاد النفس وجهاد الشيطان وجهاد الكافرين الرافضة الحوثة وحهاد المنافقين وجهاد أهل البدع والأهواء ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77) وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ﴾ [الحج : 77 ، 78]
يا معاشر المخذلين أما أهل السنة في دار الحديث بدماج فمن مات منهم مات شهيداً ومن بقي منهم بقي عزيزاً ﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (51) قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ ﴾ [التوبة : 51 ، 52].
يا معاشر المخذلينأما أهل السنة في دار الحديث بدماج فهم على صبر ومصابرة ورباط في سبيل الله ويقين وثبات وجهاد ودفاع على دين الله وعلى الأنفس والعرض والمال وقد قدموا أروحهم وأموالهم ودماءهم في سبيل الله ولقد أحيوا الجهاد في سبيل الله .
يا معاشر المخذلين إن أهل السنة في دار الحديث بدماج تصدوا وصمدوا لحرب الرافضة الحوثة مع قلة عدتهم مقابل ما تملكه الرافضة من القوة والأسلحة الحديثة أنواع الأسلحة الدمار الشامل لقد صبروا على الجوع والضرب العنيف والقنص فلله درهم من رجال أسود .
يا معاشر المخذلين من الحزب الحقود الجديد وأشياعهم وأتباعهم وأعوانهم ومقلديهم اتقوا الله ربكم الجهاد قائم بين أهل السنة السلفيين وبين الرافضة الحوثة الكفار الفجار والزنادقة المارقين المعتدين البغاة الظلمة ولا تظنوا أن الرافضة تترك حزبكم فاتقوا الله في أنفسكم وتوبوا إلى الله من غيكم وضلالكم وباطلكم وارجعوا إلى رشدكم وتذكروا الوقوف بين يدي رب العالمين
من مفاسد التخذيل:-
فيه التشبه بالشيطان الرجيم وفيه التشبه بالكفار وفيه التشبه بالمنافقين وفيه التشبه بأهل البدع والأهواء من الحزبيين وغيرهم وفيه التشبه بأصحاب المعاصي وفيه انتصار الكفار من المسلمين وفيه انتهاك الكفار من حرمات المسلمين واستباحة بيضتهم وفيه إذلال المسلم وأهانته وفيه انتهاك عرض المسلم بغير حق وفيه استضعاف المسلمين من قبل أعدائهم وغيرها من المفاسد
من فوائد النصرة والمناصرة:-
العمل بالأدلة المتكاثرة من الكتاب والسنة
ومن فوائدها ارضاء الله سبحانه وتعالى وإرضاء رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وفيها تحقيق الإخوة الإسلامية الإيمانية وفيها تحقيق النصرة للمظلوم ورفع الظلم عنه وفيها هزيمة للكفار والمنافقين وفيها إسخاط للشيطان اللعين الرجيم وفيها الإغاظة لأهل البدع والأهواء وفيها التحابب بين المسلمين وفيها التآلف بين المسلمين وفيها اجتماع المسلمين على الحق وفيها ظهور الحق وفيها هزيمة وإزهاق للباطل وفيها التعاون البر والتقوى وفيها قوة المسلمين ضد أعدائهم وأعداء دينهم وفيها دخول الجنة والنجاة من عذاب الله في الدنيا والآخرة وغيرها من الفوائد التي لا تحصى في هذه العجالة والله المستعان.
اللهم انصر عبادك الله المجاهدين في سبيلك اللهم اخذل من خذهم وانصر من نصرهم
اللهم اهلك واهزم الرافضة الحوثة اللهم فرق جمعهم وشتت شلمهم ومزقهم كل ممزق
اللهم العنهم لعنا كبيرا
كتبه:
أبو عبدالله محمد بن إسماعيل بن إبرهيم بن حسن الصومالي الإسحاقي
في يوم ( الاثنين غرة شهر المحرم /1435هـ )
في مدينة هرجيسا من بلاد أرض الصومال
تعليق