جاء في سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي - (ج 1 / ص 416)
قلت: هاهنا واقعة عجيبة، وآية باهرة، وكائنة غريبة، وكرامة ظاهرة؛ ذكرها الشيخ الأستاذ الإمام العارف، قدوة المحققين، أبو عبد الله محمد بن موسى بن النعمان الأنصاري، في كتابه المسمى مصباح الظلام في المستغيث بسيد الأنام في اليقظة والمنام قال: أخبرنا الشيخان الإمامان: الحافظ زكي الدين، أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري، إذناً؛ ورشيد الدين أبو الحسين يحيى بن علي القرشي، سماعاً؛ قالا: أنبأنا القاضي الفقيه المكين، جمال الدين، أبو طالب أحمد ابن القاضي المكين، أبي الفضل عبد الله بن أبي علي الحسين بن حديد الكناني، سماعاً؛ أنبأنا الحافظ، أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السلفي، أنبأنا الشيخ أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار، بانتحالي عليه؛ أنبأنا عبد العزيز؛ أنبأنا أبو بكر المفيد، حدثنا أحمد بن عبد الأعلى الأجيادي، حدثني صالح بن عبد الله القرشي، حدثني عبيد الله بن سليمان،عن شهر بن حوشب، قال: كنت أخرج إلى الجبانة. وأصلي على الجنائز، إلى أن أيأس من مجيء الجنائز فأدخل، فخرجت ذاتَ يوم فلقيتُ رجلين قد تواثبا، وعليهما ثياب صوف، وقد أدمى أحدهما صاحبه، فدخلت لأفرق بينهما، وقلت: أرى ثيابكما ثيابَ الأخيار، وفعالكما فعال الأشرار، فقال لي الذي أدمى صاحبه: دعني ما تدري ما يقول؟ قلت: ما يقول؟ قال: يقول: خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب، وإن أبا بكر وعمر كفرا بعد إسلامهما، فارتدا عن الإسلام وقاتلا المسلمين، ويكذبُ القدر، ويرى رأىَ الخوارج، ويبتدع في الدين. فقلت له: هكذا تقول؟! قال: نعم. فقلت لصاحبه: دعه، فإن لك وله رَباً بالمرصاد. فقال: لا أدعه، أو يحكمَ الله بيني وبينه. فقلت: بماذا. وقد مات النبي صلى الله عليه وسلم وانقطع الوحي. فنظر إلى أتون بحذائه، وقد أوقده صاحبه، ويريد أن يطبق عليه، فقال لي: ندخل جميعاً إلى هذا الأتون؛ فمن كان منا على حق نجا، ومن كان على باطل احترق. فقلت للآخر: أتفعل ذلك؟ قال: نعم. فتقدما إلى صاحب الأتون متلببين، وقالا: لا تطبق الباب فإنا نريد أن ندخله، فمنعهما. فقالا: لابد لنا أن ندخله. فقال: ما شأنكما؟ وما الذي حملكما على هذا؟ فحدثاه بالقصة، فناشدهما الله ألا يفعلا، فأبيا، فقال السني للبدعي: أتتقدم أو أتقدم؟ فقال له البدعي: بل تقدم أنت. فتقدم السني فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، وقال: اللهم! إنك تعلم أن ديني واعتقادي أن خير الناس بعد رسولك أبو بكر الصديق، الذي نصر رسولك وواساه بنفسه وماله، حيث كان أول من أسلم، ووازره على أمره، وآمن به وبما جاء به؛ حيث ليس أحد غيره " ثاني اثنينِ إِذ هُما فِي الغارِ " التوبة: 40، فذكر من فضائله - ثم عمر بن الخطاب الذي أعززت به الإسلام، وفرقت به بين الحق والباطل، ثم عثمان بن عفان زوج ابنتي رسولك صلى الله عليه وسلم، الذي جهز جيش العسرة، وقام بأمر النبي صلى الله عليه وسلم في نوائبه - وذكر فضائله - ثم علي بن أبي طالب ابن عم رسولك، وزوج ابنته فاطمة الزهراء أعز الخلق، وأبو ولديه الحسن والحسين، وكاشف الكروب عن وجه رسولك - وذكر فضائله - وإني أؤمن بالقدر خيره وشره، وبما آمن به رسولك، وما نهى عنه، ولا أرى رأي الخوارج، وأؤمن بالبعث والنشور، وأنك الحي المبين، ليس كمثلك شيء، وإنك تبعث من في القبور، وأتبع ولا أبتدع. ثم قال: اللهم هذا ديني واعتقادي، فإن كنتُ على الحق فبرد عليّ هذه النار كما بردتها على إبراهيم، واصرف عني حرها ولهبها وأذاها بحولك وقوتك؛ فإني إنما أفعل هذا غيرةَ لدينك. وما جاء به رسولك، وأؤمن بالله. ثم دخل الأتون. وتقدم البدعي فحمد الله مثل حمده، ثم قال: الذي أدين به أن خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب، ثم ذكر من فضائله مثل ما ذكر السني، ولا أعرف لأحد غيره حقاً؛ لأن أبا بكر كفر بعد إسلامه وقاتل المسلمين وارتد عن الدين، وكذلك عمر. ثم ذكر ما يذهب إليه من البدعة ويكذب به ثم قال: اللهم هذا ديني واعتقادي. وقال كما قال صاحبه ودخل، فأطبق صاحب الأتون عليهما، وانصرف على أنهما محترقان قد جنيا على أنفسهما، وبقيتُ وحدي لا أريد الانصرافَ؛ حتى يتبين لي أمرهما، فلم أزل أنتقل من فيء إلى فيء، وعيني إلى الأتون حتى زالت الشمس، فسقط الطابق وَخَرَجَ علي السني وجبينه يعرق، فقمت إليه وقبلت وجهه، وقلت له: كيف كنت؟! فقال: بخير، أدخلت إلى مجلس مفروش بأنواع الفرش، وفيه أنواع الرياحين والخدم، فنومت على الفراش إلى الساعة، ثم جاءني جاءِ فقال: قم فقد حان لك أن تخرج من هاهنا، وقت الصلاة قم فصل، فخرجت. قال: فسألته عن غريمه، فقال: ما أعلم حاله. ووجهنا خلف صاحب الأتون، فجاء ومعه حديدة، فلم يزل يطلبه بها، حتى وقعت في موضع من بدنه فجره، وأخرجه وقد صار حممة إلا جبهته، فإنها بلونها الأصلي عليها سطران مكتوبان يقرؤهما الصادر والوارد: هذا عبد طغى وبغى، وكفر بأبي بكر وعمر، آيس من رحمة الله فأغلق الناس دكاكينهم ثلاثة أيام لم يفتحوها؛ يتناوبونه فينظرون إليه، ويسمعون من السني حديثه، وتاب من كان يشتم أبا بكر وعمر هنالك، وكانوا نحو أربعة آلاف نفس، انتهى.
قلت: هاهنا واقعة عجيبة، وآية باهرة، وكائنة غريبة، وكرامة ظاهرة؛ ذكرها الشيخ الأستاذ الإمام العارف، قدوة المحققين، أبو عبد الله محمد بن موسى بن النعمان الأنصاري، في كتابه المسمى مصباح الظلام في المستغيث بسيد الأنام في اليقظة والمنام قال: أخبرنا الشيخان الإمامان: الحافظ زكي الدين، أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري، إذناً؛ ورشيد الدين أبو الحسين يحيى بن علي القرشي، سماعاً؛ قالا: أنبأنا القاضي الفقيه المكين، جمال الدين، أبو طالب أحمد ابن القاضي المكين، أبي الفضل عبد الله بن أبي علي الحسين بن حديد الكناني، سماعاً؛ أنبأنا الحافظ، أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السلفي، أنبأنا الشيخ أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار، بانتحالي عليه؛ أنبأنا عبد العزيز؛ أنبأنا أبو بكر المفيد، حدثنا أحمد بن عبد الأعلى الأجيادي، حدثني صالح بن عبد الله القرشي، حدثني عبيد الله بن سليمان،عن شهر بن حوشب، قال: كنت أخرج إلى الجبانة. وأصلي على الجنائز، إلى أن أيأس من مجيء الجنائز فأدخل، فخرجت ذاتَ يوم فلقيتُ رجلين قد تواثبا، وعليهما ثياب صوف، وقد أدمى أحدهما صاحبه، فدخلت لأفرق بينهما، وقلت: أرى ثيابكما ثيابَ الأخيار، وفعالكما فعال الأشرار، فقال لي الذي أدمى صاحبه: دعني ما تدري ما يقول؟ قلت: ما يقول؟ قال: يقول: خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب، وإن أبا بكر وعمر كفرا بعد إسلامهما، فارتدا عن الإسلام وقاتلا المسلمين، ويكذبُ القدر، ويرى رأىَ الخوارج، ويبتدع في الدين. فقلت له: هكذا تقول؟! قال: نعم. فقلت لصاحبه: دعه، فإن لك وله رَباً بالمرصاد. فقال: لا أدعه، أو يحكمَ الله بيني وبينه. فقلت: بماذا. وقد مات النبي صلى الله عليه وسلم وانقطع الوحي. فنظر إلى أتون بحذائه، وقد أوقده صاحبه، ويريد أن يطبق عليه، فقال لي: ندخل جميعاً إلى هذا الأتون؛ فمن كان منا على حق نجا، ومن كان على باطل احترق. فقلت للآخر: أتفعل ذلك؟ قال: نعم. فتقدما إلى صاحب الأتون متلببين، وقالا: لا تطبق الباب فإنا نريد أن ندخله، فمنعهما. فقالا: لابد لنا أن ندخله. فقال: ما شأنكما؟ وما الذي حملكما على هذا؟ فحدثاه بالقصة، فناشدهما الله ألا يفعلا، فأبيا، فقال السني للبدعي: أتتقدم أو أتقدم؟ فقال له البدعي: بل تقدم أنت. فتقدم السني فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، وقال: اللهم! إنك تعلم أن ديني واعتقادي أن خير الناس بعد رسولك أبو بكر الصديق، الذي نصر رسولك وواساه بنفسه وماله، حيث كان أول من أسلم، ووازره على أمره، وآمن به وبما جاء به؛ حيث ليس أحد غيره " ثاني اثنينِ إِذ هُما فِي الغارِ " التوبة: 40، فذكر من فضائله - ثم عمر بن الخطاب الذي أعززت به الإسلام، وفرقت به بين الحق والباطل، ثم عثمان بن عفان زوج ابنتي رسولك صلى الله عليه وسلم، الذي جهز جيش العسرة، وقام بأمر النبي صلى الله عليه وسلم في نوائبه - وذكر فضائله - ثم علي بن أبي طالب ابن عم رسولك، وزوج ابنته فاطمة الزهراء أعز الخلق، وأبو ولديه الحسن والحسين، وكاشف الكروب عن وجه رسولك - وذكر فضائله - وإني أؤمن بالقدر خيره وشره، وبما آمن به رسولك، وما نهى عنه، ولا أرى رأي الخوارج، وأؤمن بالبعث والنشور، وأنك الحي المبين، ليس كمثلك شيء، وإنك تبعث من في القبور، وأتبع ولا أبتدع. ثم قال: اللهم هذا ديني واعتقادي، فإن كنتُ على الحق فبرد عليّ هذه النار كما بردتها على إبراهيم، واصرف عني حرها ولهبها وأذاها بحولك وقوتك؛ فإني إنما أفعل هذا غيرةَ لدينك. وما جاء به رسولك، وأؤمن بالله. ثم دخل الأتون. وتقدم البدعي فحمد الله مثل حمده، ثم قال: الذي أدين به أن خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب، ثم ذكر من فضائله مثل ما ذكر السني، ولا أعرف لأحد غيره حقاً؛ لأن أبا بكر كفر بعد إسلامه وقاتل المسلمين وارتد عن الدين، وكذلك عمر. ثم ذكر ما يذهب إليه من البدعة ويكذب به ثم قال: اللهم هذا ديني واعتقادي. وقال كما قال صاحبه ودخل، فأطبق صاحب الأتون عليهما، وانصرف على أنهما محترقان قد جنيا على أنفسهما، وبقيتُ وحدي لا أريد الانصرافَ؛ حتى يتبين لي أمرهما، فلم أزل أنتقل من فيء إلى فيء، وعيني إلى الأتون حتى زالت الشمس، فسقط الطابق وَخَرَجَ علي السني وجبينه يعرق، فقمت إليه وقبلت وجهه، وقلت له: كيف كنت؟! فقال: بخير، أدخلت إلى مجلس مفروش بأنواع الفرش، وفيه أنواع الرياحين والخدم، فنومت على الفراش إلى الساعة، ثم جاءني جاءِ فقال: قم فقد حان لك أن تخرج من هاهنا، وقت الصلاة قم فصل، فخرجت. قال: فسألته عن غريمه، فقال: ما أعلم حاله. ووجهنا خلف صاحب الأتون، فجاء ومعه حديدة، فلم يزل يطلبه بها، حتى وقعت في موضع من بدنه فجره، وأخرجه وقد صار حممة إلا جبهته، فإنها بلونها الأصلي عليها سطران مكتوبان يقرؤهما الصادر والوارد: هذا عبد طغى وبغى، وكفر بأبي بكر وعمر، آيس من رحمة الله فأغلق الناس دكاكينهم ثلاثة أيام لم يفتحوها؛ يتناوبونه فينظرون إليه، ويسمعون من السني حديثه، وتاب من كان يشتم أبا بكر وعمر هنالك، وكانوا نحو أربعة آلاف نفس، انتهى.
تعليقات على القصة
من حيث سندها لم أفهم مقصود الحافظ السلفي بقوله : بانتحالي عليه والانتحال معناه معروف في اللغة
وكذلك لم أتمكن من معرفة حال بعض رجال السند
وأبوبكر المفيد أظنه محمد بن أحمد بن محمد بن يعقوب الجرجرائي المفيد متهم فإن كان هو فالقصة ضعيفة جداً سنداً
ولو صح سندها إلى شهر بن حوشب لصحت وما ضرها ضعف الحوشب لما تقرر في قواعد المصطلح من أن الضعيف إذا روى ما شاهده كانت قرينة قوية في أنه حفظها إلا إن كان الطعن فيه من قبل العدالة فهنا الأمر يختلف !
أما من حيث المتن فلا يظهر لي فيها نكارة إلا ما ذكر بعد القصة ففيه شيء من المبالغات فالله أعلم أما صدر القصة وهو تحدي السني للمبتدع فهذاالأمر كما قال شيخ الإسلام :
وكذلك لم أتمكن من معرفة حال بعض رجال السند
وأبوبكر المفيد أظنه محمد بن أحمد بن محمد بن يعقوب الجرجرائي المفيد متهم فإن كان هو فالقصة ضعيفة جداً سنداً
ولو صح سندها إلى شهر بن حوشب لصحت وما ضرها ضعف الحوشب لما تقرر في قواعد المصطلح من أن الضعيف إذا روى ما شاهده كانت قرينة قوية في أنه حفظها إلا إن كان الطعن فيه من قبل العدالة فهنا الأمر يختلف !
أما من حيث المتن فلا يظهر لي فيها نكارة إلا ما ذكر بعد القصة ففيه شيء من المبالغات فالله أعلم أما صدر القصة وهو تحدي السني للمبتدع فهذاالأمر كما قال شيخ الإسلام :
- فَإِنَّ خَوَارِقَ الْعَادَاتِ إنَّمَا تَكُونُ لِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُتَّبِعِينَ لَهُ بَاطِنًا وَظَاهِرًا لِحُجَّةِ أَوْ حَاجَةٍ فَالْحُجَّةُ لِإِقَامَةِ دِينِ اللَّهِ وَالْحَاجَةُ لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ مِنْ النَّصْرِ وَالرِّزْقِ الَّذِي بِهِ يَقُومُ دِينُ اللَّهِ وَهَؤُلَاءِ إذَا أَظْهَرُوا مَا يُسَمُّونَهُ إشَارَاتِهِمْ وَبَرَاهِينَهُمْ الَّتِي يَزْعُمُونَ أَنَّهَا تُبْطِلُ دِينَ اللَّهِ وَشَرْعَهُ وَجَبَ عَلَيْنَا أَنْ نَنْصُرَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَقُومَ فِي نَصْرِ دِينِ اللَّهِ وَشَرِيعَتِهِ بِمَا نَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ أَرْوَاحِنَا وَجُسُومِنَا وَأَمْوَالِنَا فَلَنَا حِينَئِذٍ أَنْ نُعَارِضَ مَا يُظْهِرُونَهُ مِنْ هَذِهِ المخاريق بِمَا يُؤَيِّدُنَا اللَّهُ بِهِ مِنْ الْآيات وليعلم أن هذا مثل معارضة موسى للسحرة؛ لما أظهروا سحرهم أيد الله موسى بالعصا التي ابتلعت سحرهم. اهـ (ج 3 / ص 24)
- قال أبو عيسى _ وفقه الله _ : فمثل هذا لا يكون ابتداء منك وإنما في حالة التحدي من الخصم وأراد أن يظهر القدح في الدين فعندها لك أن تعارضه بما يؤيدك الله به مما قد لا يكون جائزاً في الأصل كالدخول في النار فإنه لا يعذب في النار إلا رب النار واحتساء السم وقد جاء عن خالد أنه احتسى السم ولا يصح إلا أنه لو صح لا إنكار فيه لجريه على هذا الأصل المبارك والحمد لله
ومن ظهر له ما لم يظهر لي فليفدنا وجزاه الله خيراً
تعليق