صهيل الجياد في الحث على الجهاد
رابط تحميل المقال من الخزانة العلمية
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبييه الأمين ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد:
فقد أعزّ الله سبحانه أهل السنّة بقيامهم بنصرة دينه ، وجهادهم لإعلاء كلمته ، فحازوا شرف الجهاد والشهادة ، إضافة إلى ما حازوه -من قبل- من شرف العلم والتعليم.
وقد سارت ركبان الصحائف بذكر أخبارهم وانتصاراتهم ، والاعتبار بأحوالهم وكراماتهم ، ومكنهم الله في وقت قصير مما لم يمكن منه غيرهم في الوقت الطويل ، حتى أذلوا فلول الرفض وعسكر الشيطان ، ووطؤوا رقابهم وكسروا جبروتهم ، وداست قوّة الإيمان بقدم الصبر على وجه جحافلهم بمدرعاتهم ودبابتهم ، ولم تنجهم من بطش أهل السنة عدّتهم ولا عددهم ولا أسلحتهم ، ذلك لأنّ أهل السنّة لا يغترون بكثرتهم ولا بقوّتهم ، فهم يعلمون -يقينا- بأنّ النصر لا يكون إلاّ من الله مولاهم ﴿فنعم المولى ونعم النصير﴾ ﴿إن ينصركم الله فلا غالب لكم﴾ ﴿وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم﴾ ﴿وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم﴾
ولأنّ أهل السنة هم المحققون -حقا- لحقيقة الإيمان بالله ، فهم الذين يؤمنون بما أخبر به الله على مراد الله ، وهم الذين يؤمنون بأسماء الله وصفاته على ما أخبر به الله في كتابه أو على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ، وهم الذين يردون جميع أمورهم إلى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهم الذين يرجعون في جميع خلافاتهم إلى الكتاب والسنة ، وهم الذين لا يقدمون بين يدي الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وهم الذين إذا قضى الله ورسوله أمرا لم يكن لهم الخيرة من أمرهم ﴿وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم﴾ وهم الذين لم يسلموا أعناقهم لمعظّم ولا لكبير ، فلم يقلّدوا أحدا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهم الذين لا يقدّمون آراءهم واجتهاداتهم على قول الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، لأنّ الله يعلم وهم لا يعلمون ﴿والله يعلم وأنتم لا تعلمون﴾ فمن أجل تحقيقهم لأصل الإيمان بشروطه ومكملاته نصرهم الله ﴿وكان حقا علينا نصر المؤمنين﴾ ﴿نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين﴾ ﴿إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا﴾ فالمؤمن لا يعلّق قلبه إلا بالله ، ويعلم أنّ إيمانه وعمله الصالح هو سبب نصر الله له ﴿إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم﴾ ونصر الله يكون بطاعته وعبادته.
ومن العبادات التي يكون بها النصر: الدعاء؛ فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يفزع لدعاء ربّه عند الحروب واشتداد المعارك ، بل من شدّة مناجاته ودعائه ربّه رقّ له الصديق رضي الله عنه حتى أخذ بيده وقال: (حسبك) كما ثبت في البخاري ، ومن أنواع الدعاء (الاستغاثة) وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم يستغيثون ربّهم على عدوّهم فيستجيب لهم ويمدّهم ﴿إذ تستغيثون ربّكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين﴾ ولن يكون لنا نصر في الدنيا إلا بالسير على خطى هؤلاء ، فهؤلاء هم الذين نصروا الله وحققوا التوحيد ، فنصرهم الله وحقق لهم ما يرجون ﴿وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنّهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدّلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا﴾ فإذا كنا نسير على خطى هؤلاء بإخلاص وصبر: فوالله إننا لنحن الغالبون ﴿وإن جندنا لهم الغالبون﴾ ولو كان الكفار أقوى منا وأكثر ﴿كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ﴾ أمّا إذا بدّلنا وغيّرنا ، ولم نسر على درب سلفنا ، وتركنا مبادئنا من أجل مصالحنا ، وتركنا ما اختار الله لنا وما أمرنا به وفعلنا ما اخترنا لأنفسنا وما أمرتنا به أهواؤنا: فلسنا حينئذ من جند الله ، فلن نكون غالبين ، وإن لم نصبر على منهجنا صبر القابض على الجمر: فلسنا حينئذ من الصابرين ولن يكون الله معنا ، لأن الله مع الصابرين.
فيا من أعزّه الله بشعيرة الجهاد ، يا من صهلت خيله في سبيل الله ، وتعفّر جبينه بتراب العز ، ويا من حمل سيفا لإعلاء كلمة الله: أبشر بقوله صلى الله عليه وسلّم: ((الجنة تحت ظلال السيوف)) رواه البخاري.
يا من اغبرت قدماه في سبيل الله: أبشر بقول نبي العزة صلى الله عليه وسلم: ((ما اغبرت قدما عبد في سبيل الله فتمسهما النار)) رواه البخاري
يا من بذل نفسه وماله في سبيل الله: أبشر فقد سئل أكرم الناس محمد صلى الله عليه وسلم: أي الناس أفضل؟ فقال: ((مؤمن يجاهد بماله ونفسه في سبيل الله)) رواه البخاري.
يا من غدا في سبيل الله أو راح: أبشر بقول النبي صلى الله عليه وسلّم: ((لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها)) رواه البخاري.
يا من بات يحرس في سبيل الله: أبشر بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((عينان لا تمسهما النار عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله)) رواه الترمذي والحاكم.
أيها المجاهدون في سبيل الله في أرض اليمن أرض الإيمان والحكمة ، يا أبطال كتاف وليوث حجور ، يا أسود دماج وحماة السنّة: لطالما حرستم دينكم بالقلم واللسان ، وهاأنتم اليوم تحرسونه بالسيف والسنان ، لقد اختاركم ربّكم لنصرة دينه وإعلاء كلمته ، فهنيئا لكم هذه النعمة ، وعليكم بشكر نعم الله ﴿وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم﴾ وإياكم أن تستبدلوا بهذه النعمة زخرف الدنيا وغرورها ﴿أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير﴾
ويا من تخلّف عن هذا الجهاد العظيم من أهل اليمن: ألا ترون أن الناس قد سابقوا إلى مغفرة من ربّهم ؟؟! فما لكم تأخرتم ؟! ألم تروا أن الناس قد سارعوا إلى جنّة عرضها السماوات والأرض فما لكم تباطأتم ؟؟!
فإن كانت قد حبستكم التجارة فتدبروا قول الله عزّ وجلّ: ﴿يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم . تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون . يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم . وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين﴾ ففيها أن الله عزّ وجل يعطي المجاهدين في سبيله: النجاة من العذاب الأليم ، ومغفرة الذنوب ، ودخول الجنة ، ويزيدهم فوق هذا ما يحبون في الدنيا وهو النصر والفتح ،وكل هذا معلق بالجهاد في سبيل الله ، لكن الذنوب والمعاصي تنسي العبد هذه التجارة الرابحة ، وتشغله بتجارة الدنيا الخاسرة ، فيخسر شرفا أودعه الله في أشرف كتبه المنزلة ، في التوراة والإنجيل والقرآن ﴿ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾
وإن كنتم قد رضيتم بالحياة الدنيا فتدّبروا قول الله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ . إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾
يا أهل الأموال في اليمن ودول الخليج وسائر بلاد المسلمين ، ألم تسمعوا قول الله عزّ وجل: ﴿انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ . لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ وقوله: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾
﴿لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾
﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾
ويا من عجز عن نصرة المجاهدين بنفسه وماله: لا تبخل على نفسك بنيل شرف الجهاد بالدعاء ، فإن الدعاء سلاح عظيم به تدك عروش الظلم والطغيان ، وبه تنزل رحمة الله على المؤمنين ، وبه تحل نقمة الله بالكافرين ، فلا تنس نصرة إخوانك في سجودك ، ولا تنـس القنوت في الوتر ، بل عليك بالدعاء لهم في كلّ أحوالك.
ويا من أبى نصرة المجاهدين بالنفس والمال ، وأبى القنوت لهم والدعاء: لا أقل من كف شرّك عنهم ، وإمساك لسانك عن التطاول عليهم ، فإنما تضر نفسك ، والله حسبنا ونعم الوكيل.
يا أهل السنة: لقد أفتى كبار علماء السنة بأنّ هذا الجهاد جهاد شرعي ، وحثوا المسلمين على نصرة المجاهدين ، فلا تغتروا رعاكم الله بكلام المخذلين ، ولا تغتروا بمن نهاكم عن قطع الطريق على الرافضة ، فإن علّة هذا التخليط هي التسوية بين قطع الطريق على المسلمين وقطعها على الكافرين ، وبين قطع الطريق حال سلم وبين قطعها حال حرب.
روى الإمام البخاري قصّة صلح الحديبية ، فجاء فيها: ((فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم فخرج حتى أتى سيف البحر قال وينفلت منهم أبو جندل بن سهيل فلحق بأبي بصير فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير حتى اجتمعت منهم عصابة فوالله ما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشام إلا اعترضوا لها فقتلوهم وأخذوا أموالهم فأرسلت قريش إلى النبي صلى الله عليه و سلم تناشده بالله والرحم لما أرسل فمن آتاه فهو آمن.))
قال الحافظ في الفتح (8/283): ((قَوْله : ( إِلَّا اِعْتَرَضُوا لَهَا ) أَيْ وَقَفُوا فِي طَرِيقهَا بِالْعَرْضِ ، وَهِيَ كِنَايَة عَنْ مَنْعهمْ لَهَا مِنْ السَّيْر.)) أهــ
فأبو بصير وأبو جندل ومن معهما رضي الله عنهم كانوا يقطعون الطريق على المشركين ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقرّهم ، بل حصل من قطعهم الطريق على المشركين مصلحة عظيمة ، وهي رجوع كفار قريش عمّا كان بأيديهم من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، فحصل بهذا نفع عظيم للإسلام والمسلمين.
بل إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرد من غزوة بدر الكبرى سوى قطع طريق على قافلة قريش!!! قال كعب بن مالك رضي الله عنه: ((((لم أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها إلا في غزوة تبوك غير أني كنت تخلفت في بدر ولم يعاتب أحدا تخلف عنها إنما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد عير قريش حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد))
ولا تغتروا بمن امتنع عن القنوت بدعوى أن القنوت لا يكون فيما يحصل بين المسلمين ، فإن هذا قد فرّ من الرحضاء إلى النار !! أراد أن يبرّر ترك القنوت ، فقال بإسلام الحوثيين !!
الحوثيون روافض يرمون أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها بما برأها الله منه ، قال شيخ الإسلام في الصارم المسلول (ص:566): ((أما من سب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فقال القاضي أبو يعلى: (من قذف عائشة بما برأها الله منه كفر بلا خلاف) وقد حكى الإجماع على هذا غير واحد وصرح غير واحد من الأئمة بهذا الحكم.)) ثم ذكر أقوال العلماء.
أضف إلى ذلك تأليههم لأهل البيت ، بل اعتقاد بعض صفات الربوبية فيهم ، فأي إسلام عند هؤلاء؟؟! وللشيخ أبي العباس الشحري حفظه الله رسالة نافعة بعنوان (بيان أن الرافضة جميعا كفار) فراجعها لفائدتها.
أي إسلام بقي عند هؤلاء بعد هذا الكفر كلّه ، وبعد قيام الحجة عليهم ، وبعد محاربتهم للإسلام والمسلمين من أجل الدفاع عن عقيدتهم الكفرية !!
نسأل الله أن يمكن أهل الإسلام من رقابهم إنه قويّ عزيز.
كتبه: ياسر بن مسعود الجيجلي
جيجل - الجزائر
تعليق