بسم الله الرحمن الرحيم
مقال بعنوان: دمعة على دماج
مقال بعنوان: دمعة على دماج
الحمد لله اللطيف الخبير، والصلاة والسلام على البشير النذير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله شهادة معترف بذنبه إلى رحمة ربه فقير، أما بعد فهذه دمعة على دماج.
وكم من دمعة على دماج قد انسدلت تتحدر على وجنات محبيها من أهل السنة في كل مكان، دموع حارة صادقة تصحبها دعوات مشفقة، جعلها الله من أعظم أسباب الحفظ والنصر لعسكر الإيمان على جنود الشيطان.
سٍـــــــــــــهامٌ مـِــن دُعاءِ الصـــــــــــــالـــــحينا
تــُـصيبُ بـــِـقُدرة ِالمـــولى عـِــــدانـــــا
فــَـتــكبــِتـهم وتـَترُكهم حيارى
يـــَذوقونَ المـنــيــةَ و الهــَـوانـــا
دمعة على دماج، لكنها دمعة شوق وحنين، أذكتها نار الشوق والحب الدفين، ليس حنينا إلى الأوطان فحسب، فإنه شيء فطرت عليه القلوب وألفته النفوس، إنما هو شوق إلى الإيمان، إلى العلم، إلى الهدى، إلى الصدق، إلى الصفاء، إلى النقاء.
عجبا لهذه القلعة الشامخة التي تهوي إليها قلوب المؤمنين، وتلهج بذكر محاسنها ألسنة المحبين.
واعجب من ذلك أن تنكر لها أناس رضعوا لبانها، ورتعوا في جناتها، وتفيئوا ظلالها، شب فيها صغارهم، وشاب فيها كهولهم، ثم قلبوا لها ظهر المجن، وانقلبوا يكيلون لها الطعن، ومن أجل ماذا؟؟، دنيا زائلة، أو حزبية نـتنة.
أيـــا رب ُوفــــقْـــنا للــــهـُـدى
وثـبـتْ عـــلـــيـــه إلهــي الـــقــَـدَم
قــنـا شَـهـْوة ُ النـَّفْـسِ طُرْق الضـــلال ْ
تجـاوز عن الإثمِ اجـْل ِالظُــلَمْ
وإن تعجب فعجب صنع الله في حمايتها من كيد أعدائها، يدأبون نهارهم ويسهرون ليلهم، يكيدون لها جماعات ووحدانا،بالقلم واللسان والسيف والسنان، وهي ثابتة ثبات الراسيات، أصلها ثابت وفرعها في السموات، صنع الله الذي أتقن كل شيء.
لا بحولنا ولا بقوتنا، قالها الإمام الوادعي، ولازال صداها يتردد على لسان خليفته الألمعي، ذاك الترس والمجنة، الثابت على السنة، الصابر في المحنة.
يا شيخُ يحيى فِراقُكَ هـــــدَّ أركـــاني
نــفســي الــفـداءُ لــوجـهٍ مـُـشرِق ٍ حــانــي
بحرٌ مـن العـلمِ سـالـتْ مـِنـهُ أوديـــــةٌ
فـانـهـل ولا تـنـقلـب كالمـعرضِ الـوانـي
يا رب فاحـفـظــْهُ مـن سُــوءٍ ومـن خَــطرٍ
واخــتم لــــــنـا ولــهُ بــِهـُـدىً وعرفــــاِن
كم افتقد قراءته في صلاة الفجر، كم أشتاق لصوته الخاشع وترتيله الماتع، درس التفسير، الجامع الصحيح، درس البخاري، درس المغرب، يجيب على الأسئلة، ثم يشرع في صحيح مسلم، ثم جامع ابن عبد البر، ثم كتاب الحطة، تعليقات مفيدة، وتوجيهات عديدة، وأقوال سديدة، متعة لا تدانيها متعة، وأنت تلتقط درر الفوائد، وغرر الفرائد من ذلك الشيخ الماجد.
دأب وجد، لا يعرف الكلل ولا الملل، هو قدوة بحق في الصبر على العلم و التعليم، لا مرض يمنعه، ولا مدفع ولا هاون يدفعه، هو شيء أراده الله، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
دمعة على دماج، ولم لا؟ ، وهي تزدان علماً يحمله رجال أشداء، في قلوبهم وصدورهم فضلاً عن كتبهم ودفاترهم، وإني لأشبههم بنحل في خلية، تخرج مبكرة فتقع على الأزهار، وتجمع الرحيق، فيخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس.
وفي مخيلتي درس الشيخ أبي عمرو الحجوري, كم أتوق لهيئته الوقورة وبسمته الجميلة ، وهو يصب الفوائد صباً في أثناء شرحه لمنتقى المجد ابن تيمية بعد الشروق، لا أخالك تستطيع أن تكتب جميع ما يقول، لكن حسبك ما حواه طرسك، أو وعاه قلبك.
وبعد درس العصر لو نظرت إلى مؤخرة المسجد، لهالتك تلك الجموع الملتفة حول كرسي خاو، وكأني بك تسأل هذا أو ذاك في لهفة ودهشة، ما هذا الدرس؟ من المدرس؟ فيقرع سمعك صوت من يقول: إنه درس الشيخ محمد ابن حزام في شرح بلوغ المرام، وكأني بك تزداد دهشة وأنت ترى ذاك الشاب الصغير بسمته الوقور وهو يخطو نحو الكرسي في تؤدة، ثم لا يلبث عجبك أن ينقضي حين يشرع في القراءة في هدوء ووقار، يملي بعض الفوائد، فلا تجد إلا آذاناً صاغية، وقلوباً واعية.
ثم يأتي بعد ذلك درس أبي بلال الحضرمي في شرح مغني اللبيب لابن هشام، لوحضرته لوجدته درساً مميزاً من شيخ النحو في دماج بلا منازع، لو حضرت لعجبت من سهولة المدرس وتواضعه، حاضر البديهة، حلو الدعابة، تعلوه مهابة.
هذا غيض من فيض الدروس التي تلقى يومياً في دار الحديث بدماج، وكما قيل:( كل الصيد في جوف الفرا)
دمــــاج ُ مـدرســةُ الــعــلــومِ و واحــة ٌ
لــقــلــوبِ أهــل الحــقِ والــتــوحــيــدِ
يـــــا رب فانــصــرها عــلــى أعـدائـِهـا
و إذا بـَـلـى ثـــَوبٌ فــجُــدْ بــجَــديـــدِ
عجباً لأناس من أهل السنة، بل ومن المنافحين عنها، ثم يسلقون هذه الدار وشيخها بألسنة حداد، عجب لا ينقضي، كنا نتوقع منهم الفرح بهذا الخير، والنصرة له والدفاع عنه، ولكنه الحسد، أقبح به من داء، يفرق الكلمة، ويشق الصف شق الحسام، ويمزق الجسد الواحد الذي طالما تداعى بعضه لبعض بالحمى والسهر، نسأل الله بأسمائه وصفاته أن يجمع قلوب أهل السنة على الحق إنه عزيز حكيم.
يــا قــومِ إن العـــارَ كُل العـــارا
أن يصبحَ الحسدُ الأثيمُ شِعارا
لمـــــن اقــتـــَفـى أثـــرَ النـبـي محـمــدٍ
دهراً وذادَ عن الحـِمى وأجـــارا
بالأمس كنتمْ ظَهرنا فغدوتـُمُ
بـذنـوبـكُمْ ناراً تــُؤجـجُ نارا
دمعة على دماج، لكنها دمعة مدنف كئيب، أحرق الشوق قلبه، وأذاب أضلاعه، فراق لما ألفنا من الخير، طال أمده لكنه بإذن الله لن يدوم، فاللهم صب عذابك ونقمتك على الروافض الحوثيين الذين آذونا وشغلونا، اللهم املأ بيوتهم وقبورهم نارا.
وأقول للحوثي النجس، ما صنعت شيئاً ورجعت بالخيبة والخسران، والذلة والهوان.
من قتل منا فهو شهيد بإذن لله في جنة عرضها السموات والأرض، لن يضيره أن شوه جسده، فإن روحه تطير وتعلق في أشجار الجنة، وسيرته الذكية ستبقى بإذن الله لا تنالها أيدي المشوهين الحاقدين، وسيحيا ذكره بإذن الله كما أنه حي عند ربه.
ومن أخرجته منا الجراح فإنما هو في سياحة، ثم لا يلبث أن يعود بإذن الله، أقوى بدناً، وأجلد فؤاداً، وأقوى سيفاً، وقد هذب ونقي، فاللهم لك الحمد.
ومن بقي منا- وهم الأكثرون بحمد الله- فإنما يتقلب في صنوف الأعمال الصالحة، من طلب للعلم ورباط في سبيل الله، فهنيئاً لهم.
أما أنتم أيها الرافضة الأنجاس، فموتاكم في السعير، وجرحاكم في غرور، وأحياؤكم في ذل ومكرهم يبور، ويوم تقوم الساعة ستدعون بالويل والثبور.
ستـعلـــمُ أيــُّــــها الحُـوثــيُ لمــَّـــا
تــُـلاقِــيــنا بــأســــــــــيافٍ وضَـرْبا
بــأنــا أُسْــــــــــدُ غَــابــاتٍ وأنـــــا
نـُذيـــقُ عَـدُونــــا هَــولاً وكَرْبا
ونـــَضْربُهُ بـــأســيافِ المنـــايـــــا
ونحسِمُ رَأسَهُ عَــجَــمـــاً وعُــرْبا
ويــَنــصُرُ نا الإلـــهُ إذا دَعــونـــــا
رَضـيـنَــاهُ إلــهَ الكــونِ ربـــــــــا
اللهم يا حي يا قيوم يا قوي يا عزيز نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى، أن تحفظ دماج وشيخها من كيد الكائدين، ومكر الماكرين، وأن تردنا إليها سالمين معافين، غير خزايا ولا نادمين.
والحمد لله رب العالمين
وكتب أبو الأرقم محمد الحسن بن محيى الدين السوداني النوبي
في مسجد السنة بسعوان، حفظه الله وشيخه وأهله
في يوم الأربعاء الثاني عشر من ذي القعدة لسنة أربع وثلاثين وأربعمائة وألف.
رابط تحميل الملف بصيغة وورد
تعليق