دعوتنا في "جامع التوحيد":
بسم الله الرحمن الرحيم
"إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾[آل عمران:102].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾ [النساء:1]
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً﴾[الأحزاب: 70-71].
وبعد:
فإن الله تعالى قد منّ علينا بعد نعمة الإسلام، أن هدانا للسنة، ويسر لنا السبل لطلب العلم النافع، علم كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في وقت كثرت فيه البدع، وانتشرت فيه العقائد الزائفة، والمناهج المنحرفة، وقد بين رسول الله صلى الله عليه و سلم، وأشار إلى هذا الشر العظيم، وحث على الصبر على طاعة الله فقال كما في حديث أنس الذي أخرجه البخاري رحمه الله (7068): «لايأتي زمان إلا والذي بعده شر منه، فاصبروا حتى تلقوا ربكم».
وبين أن الإسلام بدأ غريباً وسيعود كما بدأ غريباً، فطوب للغرباء، من حديث أبي هريرة عند مسلم(145)، ونص صلى الله عليه وعلى آله وسلم أيضاً على أنه يأتي زمان، «القابض على دينه كالقابض على الجمر» أخرجه الترمذي من حديث أنس رضي الله عنه.
فمنّ الله سبحانه ووفق لطلب العلم"([1]) والدعوة إلى الله في مسجد "جامع التوحيد" الذي يقع شمال الغربي في مدينة هرجيسا ، فحصل فيه خير كثير فكم أحيا الله على أيدي أهل السنة سنناً كثيرة وأمات على أيديهم بدعاً كثيرة ، وحصل فيه التميز الواضح عن أهل البدع على اختلاف أشكالهم ، فكنا نقيم فيه الجمعة وبعض الجماعات ، وندرس فيه بعض الدروس ، ونقيم في جواره العيدين ، وقد كان هنالك من يحاول حرمان أهل البلد وغيرهم من هذا الخير؛ فتارة يكيد وتارة يشاغب وأخرى يشيع ويذيع ويتربص الدوائر ، سواء من الحزبيين القدماء أو الجدد – البربراوي ومن معه – فقد أخبر الرجل الذي بنى المسجد أخانا خضر بن عبدالله قبل سنة تقريباً أن ناساً يأتون إليه ليغيروا عليه وأنه ما يصغي إليهم ، ولكن حققوا ما أرادوا ووجدوا بغيتهم في الثاني عشر من هذا الشهر المبارك – رمضان – بواسطة لجنة مزعومة خليطة فيها الصوفي والتكفيري والتبليغي والعامي ، فشكوا إلى وزارة الأوقاف فلما رأينا أنه قد تحصل فتنة تركناه وفعلوا هذا العمل الخسيس ظناً منهم أن هذا يخفف عنهم الردود وأنه تضعف بسببه الدعوة ولكن هيهات هيهات ، وأن يُنتزع منا المسجد ليس بغريب فقد أُخرج نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من مكة وأيضاً انتزاع المساجد من أيدي أهل السنة ليس بغريب ولا عجيب فإنه" من المعلوم أن السعي في أخذ مساجد أهل السنة إنما هي طريقة أهل التحزب السابقين من الإخوان المسلمين وأصحاب جمعية الحكمة، وجمعية الإحسان وأصحاب أبي الحسن وغيرهم والأمثلة على ذلك يطول ذكرها وهذا أمر يعرفه القاصي والداني ([2]) ".
"قال الإمام الوادعي-رحمه الله-: في شأن الإخوان المسلمين:...وأعظم من هذا-يعني:أعظم من إرسال المشوشين في محاضرة أهل السنة-أنهم انتزعوا مساجد أهل السنة من تحت أيديهم عند أن كان وزير الأوقاف منهم.(الباعث على شرح الحوادث /ص19)
وقال رحمه الله لبعض الحزبيين:...ولماذا أخذتم مسجد محمد المحويتي ولماذا تحاولون أخذ مسجد عادل العيزري, ولماذا تحاولون أخذ مسجد يقوم فيه محمد بنشر السنة؟("تحفة المجيب"/ص310).
وقال الشيخ عبد الرزاق النهمي-حفظه الله-: عند ذكر بعض أمثلة محاولة الإخوان المسلمين في أخذ مساجد أهل السنة:وقد لمسنا ذلك منهم في مسجد مركز السنة بذمار عندما حاولوا مراراً وتكراراً أخذ المسجد بأي وسيلة تارة بالترغيب وتارة بالبرهيب إلخ("إعلام الساجد ص95-96").
وفي كتاب"تنبيه الساجد من مؤامرات الحزبية لإسقاط المساجد"(ص2) قد سجل أخونا الفاضل أبو الحسن إحسان اللحجي حفظه الله بعض مساجد أهل السنة التي أخدتها جمعيتا الحكمة والإحسان..."([3]).
"وقد نشرت (منتديات الأقصى السلفية) موضوعًا بعنوان : (وقائع لقاء مجموعة من الإخوة السلفيين من فلسطين بالشيخ ربيع المدخلي -يوم الخميس الموافق 04/ رمضان/ 1429 هـ- وبعض مما قاله -حفظه الله- حول الفتنة في فلسطين) حيث إن بعض المتعصبين لعلي حسن الحلبي- وقد كان هو سبب الفتنة- أخذوا مركزًا على إخوة سلفيين.
فقال الشيخ ربيع للأخ أسامة عطايا: " يجب أن يرجعوا المركز والمدرسة السلفية للشيخ هشام.فقال أسامة عطايا: هم لا يريدون . فانتفض الشيخ ربيع قائلاً: كيف لا يريدون، هذا شيء أساسي في الصلح. هذا العمل – أخذ المركز والمدرسة – ما سمعنا بمثله أبداً.
ثم قال الشيخ -حفظه الله- بعد مدة: ( هؤلاء إن لم يتركوا التعصب لعلي الحلبي ولم يرجعوا المركز والمدرسة لهشام فليسوا سلفيين.("اهـ([4])ـ
وحزب البربراوي قد حاولوا منذ زمن انتزاع هذا المسجد ولكن لم يتيسر لهم ، فلا أستبعد أن يكونوا من وراء هذا الفعل الخبيث ، لاتنزاعهم مساجد كثيرة من أيدي أهل السنة من قبل أولاً – لاسيما الدرويش منهم فإنه مشهور بهذا الفعل الخسيس - مثل:
والبربراوي كان وراء انتزاع مسجد:
ولمحاولتهم إسقاط مسجد "جامع التوحيد" ثانياً كما أشرنا آنفاً والله المستعان.
وهذا مما يدلك على غربة هذا الدين ، مصداقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :« بَدَأَ الإِسْلاَمُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ ».أخرجه مسلم من حديث أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّ الإِسْلاَمَ بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ وَهُوَ يَأْرِزُ بَيْنَ الْمَسْجِدَيْنِ كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ فِى جُحْرِهَا ». أخرجه مسلم.
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّ الإِيمَانَ لَيَأْرِزُ إِلَى الْمَدِينَةِ كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ إِلَى جُحْرِهَا ». أخرجه مسلم.
وبوب له الإمام النووي رحمه الله: باب بَيَانِ أَنَّ الإِسْلاَمَ بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا وَأَنَّهُ يَأْرِزُ بَيْنَ الْمَسْجِدَيْنِ.
وقال يوسف بن أسباط رحمه الله: أهل السنة أقل من الكبريت الأحمر. [ذم الكلام وأهله /للهروي (2 / 399)].
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله:في "مدارج السالكين" (3 / 195-200):
فهؤلاء هم الغرباء الممدوحون المغبوطون ولقلتهم في الناس جدا سموا غرباء فإن أكثر الناس على غير هذه الصفات فأهل الإسلام في الناس غرباء والمؤمنون في أهل الإسلام غرباء وأهل العلم في المؤمنين غرباء وأهل السنة الذين يميزونها من الأهواء والبدع فهم غرباء والداعون إليها الصابرون على أذى المخالفين هم أشد هؤلاء غربة ولكن هؤلاء هم أهل الله حقا فلا غربة عليهم وإنما غربتهم بين الأكثرين الذين قال الله عز و جل فيهم وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله فأولئك هم الغرباء من الله ورسوله ودينه وغربتهم هي الغربة الموحشة وإن كانوا هم المعروفين المشار إليهم كما قيل:
فليس غريباً من تناءت دياره *** ولكن من تنأين عنه غريب
ولما خرج موسى عليه السلام هاربا من قوم فرعون انتهى إلى مدين على الحال التي ذكر الله وهو وحيد غريب خائف جائع فقال يا رب وحيد مريض غريب فقيل له يا موسى الوحيد من ليس له مثلي أنيس والمريض من ليس له مثلي طبيب والغريب من ليس بيني وبينه معاملة
فالغربة ثلاثة أنواع غربة أهل الله وأهل سنة رسوله بين هذا الخلق وهي الغربة التي مدح رسول الله أهلها وأخبر عن الدين الذي جاء به أنه بدأ غريبا وأنه سيعود غريبا كما بدأ وأن أهله يصيرون غرباء.
وهذه الغربة قد تكون في مكان دون مكان ووقت دون وقت وبين قوم دون قوم ولكن أهل هذه الغربة هم أهل الله حقا فإنهم لم يأووا إلى غير الله ولم ينتسبوا إلى غير رسوله ولم يدعوا إلى غير ما جاء به وهم الذين فارقوا الناس أحوج ما كانوا إليهم فإذا انطلق الناس يوم القيامة مع آلهتهم بقوا في مكانهم فيقال لهم ألا تنطلقون حيث انطلق الناس فيقولون فارقنا الناس ونحن أحوج إليهم منا اليوم وإنا ننتظر ربنا الذي كنا نعبده .
فهذه الغربة لا وحشة على صاحبها بل هو آنس ما يكون إذا استوحش الناس وأشد ما تكون وحشته إذا استأنسوا فوليه الله ورسوله والذين آمنوا وإن عاداه أكثر الناس وجفوه .
إلى أن قال رحمه الله:
ومن صفات هؤلاء الغرباء الذين غبطهم النبي التمسك بالسنة إذا رغب عنها الناس وترك ما أحدثوه وإن كان هو المعروف عندهم وتجريد التوحيد وإن أنكر ذلك أكثر الناس وترك الانتساب إلى أحد غير الله ورسوله لا شيخ ولا طريقة ولا مذهب ولا طائفة بل هؤلاء الغرباء منتسبون إلى الله بالعبودية له وحده وإلى رسوله بالاتباع لما جاء به وحده وهؤلاء هم القابضون على الجمر حقا وأكثر الناس بل كلهم لائم لهم فلغربتهم بين هذا الخلق يعدونهم أهل شذوذ وبدعة ومفارقة للسواد الأعظم.
ومعنى قول النبي هم النزاع من القبائل أن الله سبحانه بعث رسوله وأهل الأرض على أديان مختلفة فهم بين عباد أوثان ونيران وعباد صور وصلبان ويهود وصابئة وفلاسفة وكان الإسلام في أول ظهوره غريبا وكان من أسلم منهم واستجاب لله ولرسوله غريبا في حيه وقبيلته وأهله وعشيرته.
فكان المستجيبون لدعوة الإسلام نزاعا من القبائل بل آحادا منهم تغربوا عن قبائلهم وعشائرهم ودخلوا في الإسلام فكانوا هم الغرباء حقا حتى ظهر الإسلام وانتشرت دعوته ودخل الناس فيه أفواجا فزالت تلك الغربة عنهم ثم أخذ في الاغتراب والترحل حتى عاد غريبا كما بدأ بل الإسلام الحق الذي كان عليه رسول الله وأصحابه هو اليوم أشد غربة منه في أول ظهوره وإن كانت أعلامه ورسومه الظاهرة مشهورة معروفة فالإسلام الحقيقي غريب جدا وأهله غرباء أشد الغربة بين الناس.
وكيف لا تكون فرقة واحدة قليلة جدا غريبة بين اثنتين وسبعين فرقة ذات أتباع ورئاسات ومناصب وولايات ولا يقوم لها سوق إلا بمخالفة ما جاء به الرسول فإن نفس ما جاء به يضاد أهواءهم ولذاتهم وما هم عليه من الشبهات والبدع التي هي منتهى فضيلتهم وعملهم والشهوات التي هي غايات مقاصدهم وإراداتهم.
فكيف لا يكون المؤمن السائر إلى الله على طريق المتابعة غريبا بين هؤلاء الذين قد اتبعوا أهواءهم وأطاعوا شحهم وأعجب كل منهم برأيه ...
إلى أن قال رحمه الله:
فإذا أراد المؤمن الذي قد رزقه الله بصيرة في دينه وفقها في سنة رسوله وفهما في كتابه وأراه ما الناس فيه من الأهواء والبدع والضلالات وتنكبهم عن الصراط المستقيم الذي كان عليه رسول الله وأصحابه فإذا أراد أن يسلك هذا الصراط فليوطن نفسه على قدح الجهال وأهل البدع فيه وطعنهم عليه وإزرائهم به وتنفير الناس عنه وتحذيرهم منه كما كان سلفهم من الكفار يفعلون مع متبوعه وإمامه فأما إن دعاهم إلى ذلك وقدح فيما هم عليه فهنالك تقوم قيامتهم ويبغون له الغوائل وينصبون له الحبائل ويجلبون عليه بخيل كبيرهم ورجله.
فهو غريب في دينه لفساد أديانهم غريب في تمسكه بالسنة لتمسكهم بالبدع غريب في اعتقاده لفساد عقائدهم غريب في صلاته لسوء صلاتهم غريب في طريقه لضلال وفساد طرقهم غريب في نسبته لمخالفة نسبهم غريب في معاشرته لهم لأنه يعاشرهم على ما لا تهوى أنفسهم.
وبالجملة فهو غريب في أمور دنياه وآخرته لا يجد من العامة مساعدا ولا معينا فهو عالم بين جهال صاحب سنة بين أهل بدع داع إلى الله ورسوله بين دعاة إلى الأهواء والبدع آمر بالمعروف ناه عن المنكر بين قوم المعروف لديهم منكر والمنكر معروف.اهـ
وقال رحمه الله في " مفتاح دار السعادة" (1 / 147):
فالمؤمنون قليل في الناس والعلماء قليل في المؤمنين وهؤلاء قليل في العلماء وإياك ان تغتر بما يغتر به الجاهلون فانهم يقولون لو كان هؤلاء على حق لم يكونوا اقل الناس عددا والناس على خلافهم فاعلم ان هؤلاء هم الناس ومن خالفهم فمشبهون بالناس وليسوا بناس فما الناس الا اهل الحق وإن كانوا اقلهم عدداً.اهـ
وهذه الغربة والإبتلاء مما يدل على أننا – بحمد الله – على الحق والصواب.
قال الإمام الوادعي رحمه الله: لولا الإبتلاء لشككنا في الطريق.
وبما أن أهل السنة والجماعة معروفون – بحمد الله - بإحياء السنن وإماتة البدع فقد أحيوا سنناً كثيرة وأماتوا بدعاً كثيرة كما سبقت الإشارة إليه فسنذكر جملة من ذلك من باب قول الله تعالى:﴿ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ [الضحى : 11]
قال الإمام القرطبي رحمه الله في تفسير هذه الآية:
{وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} أي أنشر ما أنعم الله عليك بالشكر والثناء. والتحدث بنعم الله، والاعتراف بها شكر. وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ قال بالقرآن. وعنه قال: بالنبوة، أي بلغ ما أرسلت به. والخطاب للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والحكم عام له ولغيره. وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: إذا أصبت خيرا، أو عملت خيرا، فحدث به الثقة من إخوانك. وعن عمرو بن ميمون قال: إذا لقي الرجل من إخوانه من يثق به، يقول له: رزق الله من الصلاة البارحة كذا وكذا. وكان أبو فراس عبد الله بن غالب إذا أصبح يقول: لقد رزقني الله البارحة كذا، قرأت كذا، وصليت كذا، وذكرت الله كذا، وفعلت كذا. فقلنا له: يا أبا فراس، إن مثلك لا يقول هذا! قال يقول الله تعالى: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ وتقولون أنتم: لا تحدث بنعمة الله! ونحوه عن أيوب السختياني وأبي رجاء العطاردي رضي الله عنهم. وقال بكر بن عبد الله المزني قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (من أعطى خيرا فلم ير عليه، سمي بغيض الله، معاديا لنعم الله). وروى الشعبي عن النعمان بن بشير قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من لم يشكر القليل، لم يشكر الكثير، ومن لم يشكر الناس، لم يشكر الله، والتحدث بالنعم شكر، وتركه كفر، والجماعة رحمة، والفرقة عذاب. وروى النسائي عن مالك بن نضلة الجشمي قال: كنت عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جالسا، فرآني رث الثياب فقال: ألك مال؟ قلت: نعم، يا رسول الله، من كل المال. قال: إذا آتاك الله مالا فلير أثره عليك. وروى أبو سعيد الخدري عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: إن الله جميل يحب الجمال، ويجب أن يرى أثر نعمته على عبده.اهـ
وقال العلامة السعدي رحمه الله في تفسير هذه الآية:
{وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ } وهذا يشمل النعم الدينية والدنيوية { فَحَدِّثْ } أي: أثن على الله بها، وخصصها بالذكر إن كان هناك مصلحة ، وإلا فحدث بنعم الله على الإطلاق، فإن التحدث بنعمة الله، داع لشكرها، وموجب لتحبيب القلوب إلى من أنعم بها، فإن القلوب مجبولة على محبة المحسن.اهـ
وانظر "تفسير ابن كثير" عند هذه الآية.
فمن ذلك – والفضل في ذلك لله وحده –
الدعوة إلى التوحيد والسنة والتحذير من الشرك والبدع وأهلها:
أهل السنة معروفون بالدعوة إلى التوحيد والتحذير من الشركيات ، لأنه أول ما بدأ النبي صلى الله عليه وسلم دعوته ، وكان يدعوا إليه من مبعثه إلى موته كما في "ست درر" ، وكان يدعوا إلى التوحيد ويحذر من الشرك وهو في مكة عشر سنوات من غير أن يفرض شيئ آخر من الأحكام ، وفضائل التوحيد كثيرة مشهورة ولو لم يكن من فضائله إلا أن صاحبه يدخل الجنة به الجنة ولا يخلد في النار لكفى ، ففي صحيح مسلم من حديث جَابِرٍ قَالَ أَتَى النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْمُوجِبَتَانِ فَقَالَ « مَنْ مَاتَ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ النَّارَ ».
وبوب له الإمام النووي: باب مَنْ مَاتَ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَنْ مَاتَ مُشْرِكًا دَخَلَ النَّارَ.اهـ
وفي الصحيحين من حديث أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « ذَاكَ جِبْرِيلُ عَرَضَ لِى فِى جَانِبِ الْحَرَّةِ فَقَالَ بَشِّرْ أُمَّتَكَ أَنَّهُ مَنْ مَاتَ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ فَقُلْتُ يَا جِبْرِيلُ وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى قَالَ نَعَمْ. قَالَ قُلْتُ وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى قَالَ نَعَمْ. قَالَ قُلْتُ وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى قَالَ نَعَمْ وَإِنْ شَرِبَ الْخَمْرَ ».
وأما الشرك فهو أعظم ذنب عصي به الله ، ولا يغفره الله إذا مات صاحبه عليه ، كما قال تعالى:﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا﴾ [النساء : 48] ولو لم يكن من مفاسده إلا هذا لكفى ، والواجب على المسلم الحذر والتحذير منه والبراءة منه ومن أهله ، على كل في مسجد جامع التوحيد كان أكثر الخطب حول الدعوة إلى التوحيد وفضائله والتحذير من الشرك ووسائله وبيان خطره – والحمد لله -.
وكذلك أهل السنة يدعون في هذا المسجد وغيره إلى التمسك بهدي النبي صلى الله عليه وسلم ويحذرون من البدع وأهلها ، ومن الحزبية التي فرقت المسلمين وجعلتهم شذر مذر ، ومن الحزبيين على اختلاف أشكالهم – وهذا من فضل الله تعالى علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون - .
في الصلاة:
لأن المحراب بدعة لم يكن موجوداً على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، بل أول من أحدثه هو الوليد بن عبدالملك في أوائل المائة الثانية حين هدم المسجد النبوي وأسسه وزاد فيه كما في "فتح الوهاب" للعلامة يحيى الحجوري حفظه الله.
واستدل الإمام الوادعي رحمه الله على بدعية المحراب مساعاة النبي صلى الله عليه وسلم الشاة عندما أرادت أن تمر بين يديه.
وكذلك حديث سهل بن سعد رضي الله عنه أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى بينه وبين السترة قدر ممر شاة. فقال – أي سهل – السترة ولم يقل المحراب ، وكذلك صلاته على المنبر ، وصلاته على الاسطوانة ، وكذلك حديث عائشة أنها كشفت سقف الحجرة فرأت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى بأبي بكر جالساً وأبو بكر يصلى بالناس.
قال ابن حزم: في هذا دليل على عدم وجود المحراب فلو كان فيه محراب لما رأته.["رفع اللثام" للشيخ عبد الحميد حفظه الله].
وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((اتقوا هذه المذابح)).أخرجه البيهقي في ((الكبرى)) باب كيفية بناء المساجد (ج2 ص439).
قال البيهقي: يعني المحاريب، واستدل السيوطي ‑رحمه الله‑ في رسالته ((إعلام الأريب بحدوث بدعة المحاريب)) ص (15) بهذا الحديث على بدعة المحراب، ثم قال: هذا حديث ثابت.اهـ
قال العلامة الناصح الأمين يحيى الحجوري حفظه الله: والبيهقي مع كونه من كبار الحفاظ فهو أيضا من كبار أئمة الشافعية الجامعين للفقه والاصول والحديث كما ذكره النووي في ((شرح المهذب)) فهو أهل أن يستنبط ويخرج ويحتج. اهـ [فتح الوهاب].
وقال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: اتقوا هذه المحاريب، قال: وكان إبراهيم لا يقوم فيها.أخرجه ابن أبي شيبة [باب (277)].
وأخرج أيضاً عن كعب رضي الله عنه: أنه كان يكره المذبح في المسجد.
قال العلامة المحدث يحيى الحجوري حفظه الله: وسنده عنده قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا سفيان، عن يزيد بن زياد الغطفاني، عن عمه عبيد بن أبي الجعد، عن كعب وعبيد صدوق كما في ((التقريب)) ولم أجد من وثقه غير ابن حبان، وهو قد روى عن بعض الصحابة، فالاثر صالح مع غيره من الآثار في الباب.اهـ[فتح الوهاب].
وقال ابن أبي شيبة: حدثنا وكيع، قال: حدثنا حسن بن صالح، عن عبدالملك بن سعد بن أبجر، عن نعيم بن أبي هند، عن سالم بن أبي الجعد قال: لا تتخذوا المذابح في المساجد.
قال العلامة المحدث يحيى الحجوري حفظه الله: تقدم أن قلنا في أول حديث: لم أجد من أثبت رواية نعيم بن أبي هند من سالم بن أبي الجعد، ولا رواية ابن أبجر من نعيم، وحسن بن صالح هو ابن حي ثقة، ووكيع إمام، فالسند صحيح لولا احتمال الانقطاع.[فتح الوهاب].
وأخرج ابن أبي شيبة، عن وكيع، عن موسى بن قيس، وهشيم عن مغيرة، أن إبراهيم بن يزيد كان يكره الطاق ويتنكب له.
وأخرجه عبدالرزاق في ((المصنف)) (ج2 ص412) عن الثوري وابن عيينة، عن منصور والأعمش، عن إبراهيم أنه كان يكره أن يصلي في طاق الإمام، وبهذا يكون صحيحا.[فتح الوهاب].
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن التيمي وهو معتمر بن سليمان بن طرخان، عن أبيه قال: رأيت الحسن ‑يعني البصري‑ جاء إلى ثابت البناني يزوره فحضرت الصلاة فقال ثابت: تقدم يا أبا سعيد، فقال الحسن، أنت أحق، قال ثابت: والله لا أتقدمك أبدا، قال: فتقدم الحسن واعتزل الطاق أن يصلي فيه. قال ابن التيمي: ورأيت أبي يعني سليمان بن طرخان وليثا ‑يعني ابن أبي سليم‑ يعتزلانه.[فتح الوهاب].
قلت: وقد اعتزلنا الصلاة فيه – فالحمد لله على توفيقه - .
وسئل الإمام الوادعي رحمه الله عن المحراب؟
فأجاب:يعتبر بدعة والسيوطي ناهيك عن تساهله قد ألف رسالة في بدعيته فهو بدعة ومسألة مصالح ليست على إطلاقها والله يقول:﴿ اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾ [الأعراف : 3]
فأي مصلحة في مخالفة السنة.اهـ["رفع اللثام"للشيخ عبد الحميد الحجوري ص(243)].
للمزيد:انظر "فتح الوهاب بشرح حديث أنس بن مالك في نهي المصلي أن يبصق إلى القبلة وفيه حكم البصاق في المسجد وحكم المحراب" للعلامة المحدث يحيى الحجوري حفظه الله.و" إعلام الأريب بحدوث بدعة المحاريب" للسيوطي رحمه الله و"رفع اللثام عن بعض فوائد ودروس الوادعي الإمام" ص(129) للشيخ عبدالحميد الحجوري.
والإسرار بها هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم قال الإمام البخاري رحمه الله رقم (743): حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانُوا يَفْتَتِحُونَ الصَّلاَةَ بِـــــ{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.
وأخرج مسلم رقم (390) من مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْهُمْ يَقْرَأُ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ).
وذكر الحديث بعد هذا من طريق الأوزاعي ، عن قتادة وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس رضي الله عنه أنه قَالَ صَلَّيْتُ خَلْفَ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- وَأَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فَكَانُوا يَسْتَفْتِحُونَ بِ (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) لاَ يَذْكُرُونَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِى أَوَّلِ قِرَاءَةٍ وَلاَ فِى آخِرِهَا.
وأخرج مسلم رقم (498) من أَبِى الْجَوْزَاءِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَسْتَفْتِحُ الصَّلاَةَ بِالتَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةَ بِ (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).
قال العلامة المحدث يحيى الحجوري حفظه الله:
والصحيح أن أبا الجوزاء لم يسمع من عائشة، لكنه أرسل إليها رسولاً يسألها عن هذا الحديث. وانظر "التهذيب" لابن حجر.[أحكام الجمعة وبدعها ص(470)].
وأخرج مسلم رقم (599) أن أَبُا زُرْعَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا نَهَضَ مِنَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ اسْتَفْتَحَ الْقِرَاءَةَ بِ (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) وَلَمْ يَسْكُتْ.
وفي "المسند" عن قيس بن عباية حدثني بن عبد الله بن مغفل قال : سمعني أبي وأنا أقرأ { بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين } فلما انصرف قال يا بني إياك والحدث في الإسلام فإني صليت خلف رسول الله صلى الله عليه و سلم وخلف أبي بكر وخلف عمر وعثمان رضي الله عنهم فكانوا لا يستفتحون القراءة ببسم الله الرحمن الرحيم ولم أر رجلا قط أبغض إليه الحدث منه.
قال العلامة المجاهد يحيى الحجوري حفظه الله:
وسند الحديث صالح في الشواهد.اهـ[أحكام الجمعة وبدعها ص(470)].
واعلم أنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الجهر بالبسملة حديث ، قال الفيروزآبادي رحمه الله في رسالته"بيان ما لم يثبت فيه حديث من الأبواب"(24)/ت:الشيخ يحيى:
باب الجهر في الصلاة بالبسملةلم يصحّ فيه حديث.اهـ
وقال الدارقطني رحمه الله:كل ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الجهر بــ"بسم الله الرحمن الرحيم" فليس بصحيح.
نقل هذا الموصلي في "المغني عن الحفظ والكتاب" مقراً له ، انظر"جنة المرتاب"ص(257).[أحكام الجمعة وبدعها ص(475)].
بل ذهب بعض السلف بأن الجهر بها بدعة ، فقد قال إبراهيم النخعي رحمه الله: ما أدركت أحداً يجهر بـــــ"بسم الله الرحمن الرحيم" وقال: الجهر بها بدعة.
وقال عكرمة: أنا أعرابي إن جهرت بـــ"بسم الله الرحمن الرحيم".
وقال وكيع: الجهر بها أعرابية ، وبهذا قال جماعة.[أحكام الجمعة وبدعها ص(478)].
وقال العلامة المحدث يحيى الحجوري حفظه الله:
الجهر بـــ"بسم الله الرحمن الرحيم" بدعة.
وقال حفظه الله – بعد أن ذكر أدلة إسرار البسملة وأقوال العلماء في ذلك ، وضعف حديث أبي هريرة في الجهر بالبسملة - :
...وقد استبان لك ثبوت أحاديث الإسرار بها في الصحيحين وغيرهما ، وعدم ثبوت أي حديث في الجهر بها في الصلاة ، وحكم جماعة من السلف منهم الخلفاء الأربعة:أنها ليست من السنة ، وصرح آخرون أن الجهر بها بدعة ، وأفتى آخرون بعدم الصلاة خلف من جهر بها لا لأن الصلاة باطلة ولكن لأن الجهر بها بدعة ، ومن البدع ما يكون صاحبها آثماً ولنفسه ظالماً ، لكن لا تبطل بها الصلاة كالجهر بالبسملة...إلخ كلامه النفيس.[أحكام الجمعة وبدعها ص(481)].
وأحسن ما لديهم في الجهر بالبسملة هو حديث أبي هريرة عند ابن الجارود (184) والنسائي (2/134) وأحمد (2/497) ، وغيرهم وزيادة ذكر البسملة في الحديث شاذة تفرد بها نعيم المجمر من بين أصحاب أبي هريرة وهم ثمانمائة ما بين صاحب وتابع.[أحكام الجمعة ص(473)].
وقال الإمام الوادعي رحمه الله:هذا الحديث من أوهام نعيم المجمر حيث رواه جمع ولم يذكروا فيه الجهر بالبسملة وهو حديث معل ظاهره الصحة ، وأظن أني قد نقلته إلى هنالك.اهـ["رفع اللثام" للشيخ عبدالحميد الحجوري حفظه الله ص(228)].
وعلى القول بصحة الحديث فيكون الجواب عنه:
قال ابن عبدالبر رحمه الله – في هذا الحديث: إنه قاطع تعلق المتنازعين ، وهو نص لا يحتمل التأويل ولا أعلم حديثاً في سقوط البسملة أبين منه.اهـ
وقد عمل السلفيون بهدي النبي صلى الله عليه وسلم بإسرار البسملة ، أما مساجد الحزبيين فهم يجهرون بها إرضاءً للصوفية والعوام!! ، ولهم الآن دعوة في أكثر من خمس وعشرين سنة!! فمتى يتعلم الناس سنن النبي صلى الله عليه وسلم.
للمزيد انظر: "نصب الراية" للزيلعي رحمه الله ، و"فتح الباري" للحافظ ابن رجب رحمه الله و"أحكام الجمعة وبدعها" للعلامة يحيى الحجوري حفظه الله ، و"فتح العلام" للشيخ محمد بن حزام حفظه الله.
واتخاذ السترة واجب لقول النبي صلى الله عليه وسلم:(لا تصل إلا إلى سترة).أخرجه ابن خزيمة رحمه الله في "صحيحه"من حديث ابن عمر بسند جيد كما في "صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم" ص(82).
وقال صلى الله عليه وسلم:(إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة فليدن منها).أخرجه "أبوداود" و"ابن ماجه" من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، وهو في "صحيح الجامع"رقم (641).
ومما يدل على وجوبها أن من لم يتخذها إذا مر بين يديه المرأة البالغة ، والحمار ، والكلب الأسود ، تقطع صلاته لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي ذر رضي الله عنه:« إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّى فَإِنَّهُ يَسْتُرُهُ إِذَا كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلُ آخِرَةِ الرَّحْلِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلُ آخِرَةِ الرَّحْلِ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ صَلاَتَهُ الْحِمَارُ وَالْمَرْأَةُ وَالْكَلْبُ الأَسْوَدُ ». قُلْتُ يَا أَبَا ذَرٍّ مَا بَالُ الْكَلْبِ الأَسْوَدِ مِنَ الْكَلْبِ الأَحْمَرِ مِنَ الْكَلْبِ الأَصْفَرِ قَالَ يَا ابْنَ أَخِى سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَمَا سَأَلْتَنِى فَقَالَ « الْكَلْبُ الأَسْوَدُ شَيْطَانٌ » أخرجه مسلم.
ومما يدل على وجوبها أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتركها لا حضراً ولا سفراً.
أما حديث أبي هريرة الذي فيه اتخاذ الخط فهو حديث ضعيف لأنه مضطرب اضطرب فيه إسماعيل بن أمية وشيخه مجهول.
قال الإمام النووي في "الخلاصة" (1/520):قال الحفاظ هو ضعيف ، لاضطرابه ، وممن ضعفه سفيان بن عيينة فيما حكاه عنه أبو داود ، وأشار إلى تضعيفه أيضاً الشافعي ، والبيهقي ، وصرح به آخرون.اهـ وضعفه أيضاً أحمد كما في "الفتح"لابن رجب رقم (500).["فتح العلام" للشيخ محمد بن حزام حفظه الله (1/624)].
قلت:وقال الإمام مالك رحمه الله كما في "المدونة الكبرى"(1 / 202):الخط باطل.اهـ
وأما حديث ابن عباس رضي الله عنه في "صحيح البخاري" رقم(77) أنه قال:أَقْبَلْتُ رَاكِبًا عَلَى حِمَارٍ أَتَانٍ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْتُ الاِحْتِلاَمَ وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بِمِنًى إِلَى غَيْرِ جِدَارٍ فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ وَأَرْسَلْتُ الأَتَانَ تَرْتَعُ فَدَخَلْتُ فِي الصَّفِّ فَلَمْ يُنْكَرْ ذَلِكَ عَلَيَّ.
فابن عباس رضي الله عنه لم ينف السترة ،وإنما نفى الجدار ، ولا يؤخذ منه أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يصلى إلى سترة ، وغاية ما فيه أنه لم تكن سترته جداراً ، وهذا كما لو قلت:رأيت فلاناً يمشي بغير قميص ، فلا يؤخذ منه أنه كان عارياً ، وإنما المفهوم أنه كان يلبس شيئاً غير قميص.
قال الإمام العيني رحمه الله في "عمدة القاري"(7 / 219):
(إلى غير جدار) لأن هذا اللفظ مشعر بأن ثمة سترة لأن لفظ "غير" يقع دائما صفة وتقديره إلى شيء غير جدار وهو أعم من أن يكون عصا أو عنزة أو نحو ذلك.اهـ
وهذا الحديث يدل على أن سترة الإمام سترة لمن خلفه وعلى ذلك بوب الإمام البخاري رحمه الله في "صحيحه" باب (90).
ولا فرق في وجوب اتخاذ السترة وتحريم المرور بين يدي المصلي بين مكة وغيرها ، أما الحديث الذي أخرجه النسائي في سننه وأحمد في مسنده وغيرهما: {أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوماً في حاشية المطاف والناس يمرون بين يديه}فهو ضعيف ، فيه جهالة واختلاف في إسناده كما هو مبيَّن في "الضعيفة" رقم (928) ، و"فتح العلام"(1/615-616) ، وهو أيضاً مخالف للاحاديث الدالة على وجوب اتخاذ السترة.
وعلى فرض صحته فلا يتم الإستدلال به على عدم اتخاذ السترة والمرور بين يدي المصلى في مكة لعدم دلالة الحديث أن المرور كان بينه عليه الصلاة والسلام وبين موضع سجوده.
وأما حديث ابن عباس رضي الله عنه عند أبي يعلى(2423) قال: جئت أنا وغلام من بني هاشم على حمار فمررنا بين يدي النبي صلى الله عليه و سلم وهو يصلي فنزلنا عنه وتركنا الحمار يأكل من بقل الأرض - أو قال : من نبات الأرض - فدخلنا معه في الصلاة فقال رجل : أكان بين يديه عنزة ؟ قال : لا.
فهو من طريق علي بن جعد وإن كان ثقة فقد خولف ، فقد رواه محمد بن جعفر ، وعفان بن مسلم كما في مسند أحمد(3167) عن شعبة وهما أثبت في شعبة ، فلم يذكرا زيادة (أكان بين يديه عنزة) وكذلك فإن يحيى الجزار لم يسمعه من ابن عباس وإنما سمعه بواسطة أبي الصهباء البكري وعند أن رواه بالواسطة لم يذكر الزيادة ، فهذه الزيادة في النفس منها شيئ وكذلك في الحديث أنهم مروا بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم على حمار ، فلو لم يكن بين يديه سترة لقطعت الصلاة.["فتح العلام"(1/614-615)].
وقال العلامة الألباني رحمه الله في "الضعيفة"(12 / 680):
قلت : وفي ثبوت هذه الزيادة عن شعبة نظر ؛ بل هي شاذة ؛ لتفرد ابن الجعد
بها دون الطرق المشار إليها آنفاً عن شعبة .اهـ
وقال رحمه الله بعد عدة صفحات عن الزيادة: (( فقال رجل : أكان بين يديه عنزة ؛ قال : لا )) .
وقد عرفت أنها شاذة لا تصح .اهـ
وأما المشي إليها: فقد دل عليه حديث ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يصلي فمرت شاة بين يديه فساعاها إلى القبلة حتى ألزق بطنه بالقبلة.أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" والحاكم في "المستدرك"(1/335) والطبراني في "الكبير"(10/33) وغيرهم وهو حديث صحيح.
وقد بوب الإمام النووي رحمه الله في " شرح مسلم" (5 / 33):
( باب جواز الخطوة والخطوتين في الصلاة ).اهـ
ولأنه أيضاً من باب "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب".
قال الإمام مالك رحمه الله كما في "المدونة الكبرى" (1 / 202):
إذا كان الرجل خلف الإمام وقد فاته شيء من صلاته فسلم الإمام وسارية عن يمينه أو عن يساره فلا بأس أن يتأخر إلى السارية عن يمينه أو عن يساره إذا كان ذلك قريبا يستتر بها، قال: وكذلك إذا كانت أمامه فيتقدم إليها ما لم يكن ذلك بعيدا، قال: وكذلك إذا كان ذلك وراءه فلا بأس أن يتقهقر إذا كان ذلك قليلا، قال: وإن كانت سارية بعيدة منه فليصل مكانه وليدرأ ما يمر بين يديه ما استطاع.اهـ
ويدل على المشي إلى القهقرى حديث سهل بن سعد رضي الله عنه في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر وكان فيه:"ثُمَّ نَزَلَ الْقَهْقَرَى فَسَجَدَ فِي أَصْلِ الْمِنْبَرِ" أخرجه البخاري ومسلم.
وبعض الجهلة الأغمار يعدون المشي إلى السترة من الغلو ، وهذا مما يدل على مبلغ جهلهم فها هي الأحاديث الصحيحة وفهم السلف الصالح لها ، فما عليك إلا العمل بها ، وفي مدينة هرجيسا لا يعمل الناس بهذه السنة إلا من رحم الله وقليل ما هم والله المستعان.
وأما في مسجد "جامع التوحيد" فبحمد الله ثم بعمل أهل السنة بهذه السنة قد بدأ الناس بالعمل بها.
وهذه هي السنة: إلزاق المنكب بالمنكب والقدم بالقدم ، ففي صحيح مسلم من حديث النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُسَوِّى صُفُوفَنَا حَتَّى كَأَنَّمَا يُسَوِّى بِهَا الْقِدَاحَ حَتَّى رَأَى أَنَّا قَدْ عَقَلْنَا عَنْهُ ثُمَّ خَرَجَ يَوْمًا فَقَامَ حَتَّى كَادَ يُكَبِّرُ فَرَأَى رَجُلاً بَادِيًا صَدْرُهُ مِنَ الصَّفِّ فَقَالَ « عِبَادَ اللَّهِ لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ ».
وبوب له الإمام البخاري رحمه الله:باب إِلْزَاقِ الْمَنْكِبِ بِالْمَنْكِبِ وَالْقَدَمِ بِالْقَدَمِ فِي الصَّفِّ.
وَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ رَأَيْتُ الرَّجُلَ مِنَّا يُلْزِقُ كَعْبَهُ بِكَعْبِ صَاحِبِهِ.
واستدل أيضاً بحديث أَنَسٍ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي ، وَكَانَ أَحَدُنَا يُلْزِقُ مَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِ صَاحِبِهِ وَقَدَمَهُ بِقَدَمِهِ.
وقد انتشر في مدينة هرجيسا تسوية الصفوف باتخاذ فرش مخططة ، أو بجعل خط على الفرش ، وهذا ليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم فإن مقتضاها كان موجوداً على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ومع هذا لم يفعلها وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ولو كان خيراً لسبقونا إليه.
انظر:"البيان الحسن" ص(118-119) للشيخ عبدالحميد الحجوري حفظه الله.
وسئل الإمام الوادعي رحمه الله:ما حكم الخطوط في المسجد؟
فأجاب: الخطوط كانت موجودة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وكان المقتضى موجوداً ولم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يريد أن الخطوط بدعة.اهـ["رفع اللثام" للشيخ عبد الحميد الحجوري حفظه الله ص(243)].
في خطبة الجمعة:
لما أخرجه البخاري رحمه الله في "صحيحه"(912): عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ كَانَ النِّدَاءُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوَّلُهُ إِذَا جَلَسَ الإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَكَثُرَ النَّاسُ زَادَ النِّدَاءَ الثَّالِثَ عَلَى الزَّوْرَاءِ.
أما ألآذان الأول فهو محدث ، زاده عثمان رضي الله عنه باجتهاد منه ، وهو مأجور – إن شاء الله باجتهاده – ولا ينبغي متابعته عليه ، قال العلامة يحيى الحجوري حفظه الله – بعد أن ذكر أن عثمان رضي الله عنه مجتهد مأجور - :أما من تابعه على ذلك الخطأ بعد بيان الحجة فهو في ذلك مبتدع لا عذر له في مخالفة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه.اهـ
ولأنه إذا اختلفت سنة النبي صلى الله عليه وسلم وسنة الخليفة بعده يتبع سنة النبي صلى الله عليه وسلم بلا شك ، وأيضاً فإن العلة التي زادها عثمان رضي الله عنه من أجلها الآذان منتفية في وقتنا لأجل المكبرات التي في المساجد فإن "الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً" كما هو مقرر في كتب الأصول ، قال العلامة الألباني رحمه الله في "الأجوبة النافعة":وهذا السبب لا يكاد يتحقق في عصرنا هذا إلا نادرا وذلك في مثل بلدة كبيرة تغص بالناس على رحبها كما كان الحال في المدينة المنورة ليس فيها إلا مسجد واحد يجمع الناس فيه وقد بعدت لكثرة منازلهم عنه فلا يبلغهم صوت المؤذن الذي يؤذن على باب المسجد وأما بلدة فيها جوامع كثيرة كمدينة دمشق مثلا لا يكاد المرء يمشي فيها إلا خطوات حتى يسمع الأذان للجمعة من على المنارات وقد وضع على بعضها أو كثير منها الآلات المكبرة للأصوات فحصل بذلك المقصود الذي من أجله زاد عثمان الأذان ألا وهو إعلام الناس : أن صلاة الجمعة قد حضرت كما نص عليه في الحديث المتقدم : وهو ما نقله القرطبي في تفسيره ( 18 / 100 ) عن الماوردي :
فأما الأذان الأول فمحدث فعله عثمان ليتأهب الناس لحضور الخطبة عند اتساع المدينة وكثرة أهلها وإذا كان الأمر كذلك فالأخذ حينئذ بأذان عثمان من قبيل تحصيل حاصل وهذا لا يجوز لا سيما في مثل هذا الموضع الذي فيه التزيد على شريعة رسول الله صلى الله عليه و سلم دون سبب مبرر وكأنه لذلك كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو بالكوفة يقتصر على السنة ولا يأخذ بزيادة عثمان كما في " القرطبي "...إلخ اهـ
، وأيضاً في وقت عثمان رضي الله عنه كان يؤذن المؤذن على الزوراء- موضع بالسوق- لا داخل المسجد كما يفعله الناس الآن!!! فلا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم والخليفتين من بعده اقتدوا ولا هم تابعون لعثمان رضي الله عنه.
وثبت عند "مصنف ابن أبي شيبة" عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال: الآذان الأول يوم الجمعة بدعة.
وثبت هذا أيضاً عن الحسن البصري والزهري وعطاء عمرو بن دينار وعبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وسفيان الثوري والإمام الشافعي والطحاوي وغيرهم.[أحكام الجمعة وبدعها ص(286-295)].
للمزيد انظر "أحكام الجمعة وبدعها" للعلامة يحيى الحجوري حفظه الله ، و"الأجوبة النافعة عن أسئلة لجنة الجامعة" للعلامة الألباني رحمه الله.
ودليل هذه السنة حديث الْحَكَمُ بْنُ حَزْنٍ الْكُلَفِىُّ رضي الله عنه وفيه قال: فَأَقَمْنَا بِهَا أَيَّامًا شَهِدْنَا فِيهَا الْجُمُعَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَامَ مُتَوَكِّئًا عَلَى عَصًا أَوْ قَوْسٍ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ كَلِمَاتٍ خَفِيفَاتٍ طَيِّبَاتٍ مُبَارَكَاتٍ...الحديث.وهو في "الصحيح المسند".
قال الإمام النووي رحمه الله في المجموع"(4 / 528):
يسن أن يعتمد علي قوس أو سيف أو عصا أو نحوها لما سبق قال القاضى حسين والبغوى يستحب ان يأخذه في يده اليسرى ولم يذكر الجمهور اليد التى يأخذه فيها وقال اصحابنا ويستحب ان يشغل يده الاخرى بان يضعها علي حرف المنبر قالوا فان لم يجد سيفا أو عصا ونحوه سكن يديه بان يضع اليمنى علي اليسرى أو يرسلهما ولا يحركهما ولا يعبث بواحدة منهما والمقصود الخشوع والمنع من العبث.اهـ
قال العلامة المحدث يحيى الحجوري حفظه الله:
وقال ذلك ابن قدامة في "المغني"(2/309) واستدل بحديث الحكيم بن حزن ، وكذا الشوكاني في "نيل الأوطار".
ولا مستند للقول بالإعتماد على السيف بل إنه لم يرد في حديث ولا أثر صحيح ، وإنما المستحب للخطيب هو الإعتماد على عصا كما تقدمت الأدلة على ذلك.اهـ[أحكام الجمعة وبدعها ص(265)].
وفي مدينة هرجيسا لا ترى خطيباً يتكأ على عصا حال خطبته إلا النادر ، وأما في مسجد "جامع التوحيد" فقد قام أهل السنة – بحمد الله - بإحياء هذه السنة المهجورة.
لضعف الحديث الوارد في ذلك ، أخرجه ابن حبان (9 / 137) من حديث ابن عمر رضي الله عنه وفيه: ثم قال: "أقول هذا وأستغفر الله لي ولكم". وهو ضعيف لضعف موسى بن عبيدة الربذي وذِكر موسى بن عقبة بدل موسى بن عبيدة الربذي وهم ، أبانه الحافظ في "الفتح"(6/527).
وموسى بن عبيدة هذا ضعيف "حتى قال فيه يحيى بن معين: ليس بشيئ ، ويشتد ضعفه في روايته عن عبدالله بن دينار التي منها هذا الحديث ، قال ابن معين:ليس بالكذاب ، لكنه روى عن عبدالله بن دينار أحاديث مناكير ، كذا في "التهذيب".[أحكام الجمعة وبدعها ص(337)].
قال العلامة المحدث يحيى الحجوري حفظه الله – بعد أن ضعف الحديث المتقدم وما في بابه - :
ومن ذلك يظهر أن قول بعض الخطباء في الجلسة بين الخطبتين للجمعة: أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ، محدث.[أحكام الجمعة وبدعها ص(338)].
وقال حفظه الله: ...أما ملازمة قوله بين الخطبتين فهو محدث ... ولو قال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في خطبة لنقل إلينا كما نقلت ما دونها من السنن والآداب ، وعدم نقل ذلك من طريق صحيح يكفي في أنه محدث ، ولم أر ثابتاً عن السلف أو عن بعضهم في ذلك بعد النظر في "مصنف عبد الرزاق" ، و"مصنف ابن أبي شيبة" و"الكبرى"للبيهقي ، و"الأوسط" لابن المنذر ، و"مجمع الزوائد" للهيثمي ، مع ما هو معلوم من عنايتهم بذكر الآثار ، وهذا مما يؤكد ما تقرر هنا - إن شاء الله - .اهـ [أحكام الجمعة وبدعها ص(339)].
وعامة خطباء مدينة هرجيسا يقولونها ، وأما أهل السنة في مسجد "جامع التوحيد" فتركوا هذه البدعة – بحمد الله وتوفيقه -.
قال العلامة المحدث يحيى الحجوري حفظه الله:
ليس عليه دليل ، وإنما دعا النبي صلى الله عليه وسلم حين قال له الأعرابي: يا رسول الله ، هلكت المواشي فاستسق ، فادع الله أن يسقينا فرفع يديه وقال:اللهم أسقنا ، اللهم أسقنا...إلخ ، ولم يكن يدعو ولا يستسقي في كل جمعة كما يفعل بعض الناس الآن ، ولم يعين ذلك الدعاء في آخر الخطبة.اهـ[أحكام الجمعة وبدعها ص(460)].
وأما حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه عند (البزار1/307-308): أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستغفر للمؤمنين والمؤمنات في كل جمعة. فهو "ضعيف جداً فيه يوسف بن خالد السمتي وهو كذاب ، وولده خالد وهو ضعيف ، وإسناده أيضاً خبيب بن سليمان بن سمرة يرويه عن أبيه وكلامهما مجهول. فالحديث شديد الضعف إن لم يكن موضوعاً.[قاله الشيخ محمد بن حزام في "فتح العلام"(2/154)].
وأكثر خطباء المدينة يلازمون الدعاء في آخر الخطبة إلا أقل القليل ، وقد وفقنا الله ترك ملازمة الدعاء في آخر الخطبة في "جامع التوحيد".
قال العلامة الناصح الأمين يحيى حفظه الله:
طلب التبرعات بين الخطبيتين وبعدهما ، أو جعل صندوق تبرعات في المسجد: هذا تسول مذموم ، انظر كتاب "الحوادث والبدع" للطرطوشي ص(153) فقد نص على ذم التسول ، ولشيخنا العلامة الوادعي في ذم التسول كتاب مفيد ، أما وضع تلك الصناديق فهي من بدع العصر وحوادثه.
ولقد حصل للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أزمات شديدة وجوع لاذع حتى كان النبي صلى الله عليه وسلم يظل اليوم يلتوي ما يجد من الدقل – رديء التمر – ما يملأ بطنه كما ثبت ذلك في صحيح مسلم رقم (2978) من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه.
ثم ذكر أدلة أخرى في الباب ثم قال:وهذه حالات قليلة من حوادث كثيرة حصلت في زمنه صلى الله عليه وسلم ، فكان مقتضى هذه البدعة العصرية موجوداً مع جعلهم للصناديق ولم يفعلوها ، وإنما اخترعها في عصرنا في تيك المساجد جماعة من المتلصصين باسم دين الله ونصرة المحاويج ، والسعي في التعاون معهم – زعموا – وقلدهم في ذلك آخرون ، وكان بذرة هذا ذلك التحزب البغيض الذي تعاني منه الأمة المسلمة الآن ، وحسبنا الله ونعم الوكيل.اهـ[أحكام الجمعة وبدعها ص(467)].
وقال الإمام الوادعي رحمه الله: والجمعيات هذه يا إخوان هي وسيلة وكذا الصندوق إي نعم الطريق إلى الحزبية والوسيلة إلى الحزبية). اهـ من أسئلة من بني بكر بيافع وكان عام 1421هـ
وقال رحمه الله: أنا أقول الصناديق هي مبادئ الحزبية.(أسئلة الضيوف في عيد الفطر2).
وقال رحمه الله: فأصحاب الحزبية أول مايبدءون بالصناديق، نفعل لنا صندوقاً ثم تتسرب الحزبية، والله المستعان. (أسئلة الضيوف من صنعاء والحديدة).
واستخدام الصندوق ونحوه لجمع الأموال بإسم الدعوة من سنن اليهود وغيرهم من الكفار كما هو موضح في "التجلية"ص(50).
ومساجد الحزب الجديد – البربراوي ومن معه - ممتلئة بهذه الصناديق ، وإعلانات شركة "زاد" فضلاً عن الحزبيين القدماء ، أما أهل السنة - سواء في هرجيسا أو غيرها - فما هم حول دنيا الناس إنما هم حول نفع الناس ، الفضل في هذا لله كما قال العلامة يحيى الحجوري في "شرح الأربعين"(ح31).
وقال قبل هذا بأسطر قليلة:والزهد في الدنيا هو شأن الأنبياء ، وشأن الصالحين ،وانظروا دعوة أهل السنة يصدق عليها قول الله عز وجل:﴿ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الشعراء : 109] وقوله:﴿ قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ﴾ [سبأ : 47].اهـ"شرح الأربعين"(ح31).
في صلاة التراويح:
لما ورد في "الصحيحين" عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، كَيْفَ كَانَتْ صَلاَةُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِى رَمَضَانَ قَالَتْ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَزِيدُ فِى رَمَضَانَ وَلاَ فِى غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُصَلِّى أَرْبَعًا فَلاَ تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ ثُمَّ يُصَلِّى أَرْبَعًا فَلاَ تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ ثُمَّ يُصَلِّى ثَلاَثًا فَقَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ فَقَالَ « يَا عَائِشَةُ إِنَّ عَيْنَىَّ تَنَامَانِ وَلاَ يَنَامُ قَلْبِى ».
وأما الزيادة على ذلك إلى إحدى وعشرين ركعة أو ثلاث وعشرين ركعة فليس عليها دليل ، اللهم إلا أن تكون ثلاث عشرة ركعة فقد ثبت في الصحيحين عن ابْنَ عَبَّاسٍ:كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُصَلِّى مِنَ اللَّيْلِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً.
أما حديث ابن عباس رضي الله عنه عند "البيهقي"(2/496) قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى عشرين ركعة والوتر. وهو حديث ضعيف جداً ، وفي إسناده إبراهيم بن عثمان أبو شيبة العبسي وهو متروك.
وأما ما أخرجه "البيهقي"(2/496) من طريق يزيد بن خصيفة عن السائب بن يزيد قال: كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في شهر رمضان بعشرين ركعة ، قال: وكانوا يقرؤون بالمئين ، وكانوا يتوكؤون على عصيهم في عهد عثمان رضي الله عنه من شدة القيام.فهو معلول تفرد به يزيد بن خصيفة ، وغير ذلك.
بل ثبت عن عمر كما في "الموطأ" أنه أمر أبي بن كعب وتميماً الداري أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة قال وقد كان القارئ يقرأ بالمئين حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر.
وأما الآثار عن غيره من الصحابة في هذا كلها لا تثبت.
للمزيد انظر:"صلاة التراويح" ص(48-71) ، و"فتح العلام" (1/868) ، و"مذكرة الفقه" للعلامة العثيمين رحمه الله.
وقد كنا نصلى في "جامع التوحيد" إحدى عشرة ركعة وأحياناً ثلاث عشرة ركعة ، ولم نكن نزيد على ذلك والفضل في هذا لله وحده.
قال الإمام الألباني رحمه الله في "صفة الصلاة"ص(179):
وكان صلى الله عليه وسلم يقنت في ركعة الوتر ، أحياناً.
ثم قال في الهامش(7): وإنما قلنا "أحياناً" لأن الصحابة الذين رووا الوتر لم يذكروا القنوت فيه ، فلو كان صلى الله عليه وسلم يفعله دائماً ، لنقلوه جمعياً عنه ، نعم رواه عنه أبي بن كعب وحده فدل على أنه كان يفعله أحياناً ، ففيه دليل على أنه غير واجب ، وهو مذهب جمهور العلماء...إلخ
وكثير من مساجد هرجيسا يعتادون قراءة القنوت في الوتر ،أما في "جامع التوحيد" فقد كنا نقرأه أحياناً ونتركه أحياناً والحمد لله.
انظر:"فتح العلام" (1/779).
ودعاء قنوت الوتر الذي علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم حسن بن علي هو:" اللهم اهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولَّني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وَقِني شر ما قضيت ، فـإنك تقضي ولا يُقضى عليك . وإنه لا يذل من واليت ، ولا يَعِزُّ من عاديت تباركت ربنا وتعاليت ، لا منجا منك إلا إليك".
قال العلامة الألباني رحمه الله في "تلخيص صفة الصلاة"ص(29):
وهذا الدعاء من تعليم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يزاد عليه ، إلا الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم فتجوز ، لثبوتها عن الصحابة رضي الله عنهم.اهـ
ذكر الشيخ ياسر العدني حفظه الله ثلاثة أمور تدل عدم التغني بالدعاء وهي:
ثم قال حفظه الله ما معناه: التغني بالدعاء جمع ما بين بدعة وتشبه بالكفار.
للمزيد انظر: خطبة جمعة "من أخطاء الصائمين" للشيخ ياسر العدني حفظه الله ، و"تصحيح الدعاء" للشيخ بكر أبي زيد رحمه الله ص(82-84).
ولا أعرف مسجداً من مساجد هرجيسا لا يتغنى الِإمام فيه بالدعاء حتى في مساجد حزب الجديد ، وأما في "جامع التوحيد" فقد من الله علينا بترك هذه البدعة.
في العيد:
قال الإمام البخاري رحمه الله : باب الخروج إلى المصلى بغير منبر.
956- حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي زَيْدٌ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالأَضْحَى إِلَى الْمُصَلَّى فَأَوَّلُ شَيْءٍ يَبْدَأُ بِهِ الصَّلاَةُ ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَيَقُومُ مُقَابِلَ النَّاسِ وَالنَّاسُ جُلُوسٌ عَلَى صُفُوفِهِمْ فَيَعِظُهُمْ وَيُوصِيهِمْ وَيَأْمُرُهُمْ فَإِنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَقْطَعَ بَعْثًا قَطَعَهُ ، أَوْ يَأْمُرَ بِشَيْءٍ أَمَرَ بِهِ ثُمَّ يَنْصَرِفُ.إلخ
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَغْدُو إِلَى الْمُصَلَّى وَالْعَنَزَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ تُحْمَلُ وَتُنْصَبُ بِالْمُصَلَّى بَيْنَ يَدَيْهِ فَيُصَلِّي إِلَيْهَا.أخرجه البخاري
قال الإمام ابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد"(1 / 425):
كَانَ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يُصَلّي الْعِيدَيْنِ فِي الْمُصَلّى وَهُوَ الْمُصَلّى الّذِي عَلَى بَابِ الْمَدِينَةِ الشّرْقِيّ وَهُوَ الْمُصَلّى الّذِي يُوضَعُ فِيهِ مَحْمِلُ الْحَاجّ وَلَمْ يُصَلّ الْعِيدَ بِمَسْجِدِهِ إلّا مَرّةً وَاحِدَةً أَصَابَهُمْ مَطَرٌ فَصَلّى بِهِمْ الْعِيدَ فِي الْمَسْجِدِ إنْ ثَبَتَ الْحَدِيثُ وَهُوَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَابْنِ مَاجَه وَهَدْيُهُ كَانَ فِعْلَهُمَا فِي الْمُصَلّى دَائِمًا .اهـ
قال الحافظ رحمه الله في "الفتح"(1 / 406):
وفي هذا الحديث من الفوائد مشروعية الخروج إلى المصلى في العيد.اهـ
وقال رحمه الله في "الفتح"(2 / 450):
وفيه الخروج إلى المصلى في العيد وأن صلاتها في المسجد لا تكون الا عن ضرورة.اهـ
وقال الإمام النووي رحمه الله في "شرح مسلم "(3 / 280):
قَوْله : ( أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْرُج يَوْم الْأَضْحَى وَيَوْم الْفِطْر فَيَبْدَأ بِالصَّلَاةِ )
هَذَا دَلِيل لِمَنْ قَالَ بِاسْتِحْبَابِ الْخُرُوج لِصَلَاةِ الْعِيد إِلَى الْمُصَلَّى ، وَأَنَّهُ أَفْضَل مَنْ فَعَلَهَا فِي الْمَسْجِد ، وَعَلَى هَذَا عَمَل النَّاس فِي مُعْظَم الْأَمْصَار ، وَأَمَّا أَهْل مَكَّة فَلَا يُصَلُّونَهَا إِلَّا فِي الْمَسْجِد مِنْ الزَّمَن الْأَوَّل ، وَلِأَصْحَابِنَا وَجْهَانِ أَحَدهمَا الصَّحْرَاء أَفْضَل لِهَذَا الْحَدِيث ، وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَصَحّ عِنْد أَكْثَرهمْ الْمَسْجِد أَفْضَل إِلَّا أَنْ يَضِيق . قَالُوا : وَإِنَّمَا صَلَّى أَهْل مَكَّة فِي الْمَسْجِد لِسَعَتِهِ ، وَإِنَّمَا خَرَجَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُصَلَّى لِضِيقِ الْمَسْجِد ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمَسْجِد أَفْضَل إِذَا اِتَّسَعَ .اهـ
وقال الإمام أبو العباس القرطبي رحمه الله في "المفهم"(8 / 4):
خروج رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى المصلى دليل على أن مشروعية صلاة العيدين الخروج إلى المصلى ، وهو الذي عمل عليه الناس . وحكمه إظهار جمال الإسلام ، والمباهاة ، والغلظة على الكفار ، وتستوي في ذلك البلاد كلها مع التمكن ، إلا مكة ، فإنه لا يخرج منها في العيدين لخصوصية ملاحظة البيت.
قال ابن بطال رحمه الله في "شرح البخارى" (2 / 554):
وفيه : البروز إلى المصلى والخروج إليها ، وأنه من سنتها وأنه لا يصلى فى المسجد إلا من ضرورة ، روى ابن زياد عن مالك قال : السنة الخروج إليها إلى المصلى إلا لأهل مكة ، فالسنة صلاتهم إياها فى المسجد .اهـ
وقد أتينا الناس في هذه الناحية التي يقع فيها مسجد "جامع التوحيد" وهم يصلون العيد داخل مسجد فأخبرناهم بهدي النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة العيد ،وأنها تصلى في "المصلى" فأخرجناهم بفضل الله إلى المصلى ، وتبلغ الآن عدد الأعياد التي صلينا معهم في المصلى أربعة أعياد والله المستعان.
وختاماً أقول:
إن ما أحياه السلفيون في هذا المسجد كثير وإنما هذا قطرة من مطرة ، وإلا فمن أكبر ما بيّنوه وأحيوه توحيد الله عز وجل بأنواعه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، والتحذير من الشرك بأنواعه ووسائله واهله، ومن البدع وأهلها ، ومن الجمعيات والحزبيات وأهلها ، سواء كان في الخطب أو المحاضرات أو غيرهما.
وهذا من أشهر ما جعل هؤلاء الذين كانوا وراء إسقاط المسجد أن يقوموا بهذا الفعل الشنيع ، وقد حرصت على الإختصار لأن المقام ليس مقام بسط للمسائل التي وردت فيه وإنما هي إشارة أليها ، ولم أستقص ما أحياه أهل السنة في ذلك المسجد , وإنما هذا ما استحضره ذهني ، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يبدلنا خيراً منه ، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم :" إنك لن تدع شيئا اتقاء الله جل وعز ألا أعطاك الله خيراً منه" أخرجه الإمام أحمد ( 5 / 363 ) قال الإمام الوادعي رحمه الله في "الصحيح المسند": هذا حديث صحيح .اهـ
وقال العلامة الألباني رحمه الله: "الضعيفة"(1 / 62): وسنده صحيح على شرط مسلم .اهـ
وما هذا إلا مصداق قول الله عز وجل:﴿ الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾[العنكبوت : 1 - 3]
وقوله:﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾ [البقرة : 214]
وقوله:﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ﴾ [آل عمران : 142]
وقوله:﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [التوبة : 16]
وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال:"أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل يبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان في دينه صلبا اشتد بلاؤه و إن كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض و ما عليه خطيئة". رواه الترمذي ( 2 / 64 ) و ابن ماجه ( 4023 ) وهو في "الصحيحة"(143).
وما علينا إلا الصبر والإحتساب ، فقد قال الإمام ابن القيم رحمه الله في "النونية":
والحق منصور وممتحن فلا ::: تعجب فهذي سنة الرحمن.
وقال الأخ رياض العدني رحمه الله في "الناصحة":
والحق منصور ولكن يمتحن ::: ويبتلى صاحبه لا تجزعن.
وقال الإمام ابن القيم رحمه لله في "مدارج السالكين"(2 / 154):
سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول : بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين ثم تلا قوله تعالى : ﴿وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانو بآياتنا يوقنون﴾ السجده : 24.اهـ
وقال رحمه الله في "إعلام الموقعين" (4 / 135):
إذ بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين فإن الداعي إلى الله تعالى لا يتم له أمره إلا بيقينه للحق الذي يدعو إليه وبصيرته به وصبره على تنفيذ الدعوة إلى الله باحتمال مشاق الدعوة وكف النفس عما يوهن عزمه ويضعف إرادته فمن كان بهذه المثابة كان من الأئمة الذين يهدون بأمره تعالى.اهـ
وقال رحمه الله "الفوائد" (1 / 149): فمتى فقدت الصبر واليقين كنت كمن أراد السفر في البحر في غير مركب.اهـ
وأسأل الله أن ينتقم كل من كان وراء هذا الفعل الشنيع ، والعمل الخبيث ، ويفضحهم في الدنيا والآخرة ، إنه سميع قريب مجيب الدعوات ، ذو الجلال والإكرام.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
كان الإنتهاء من هذه العجالة في الخامس عشر من رمضان عام 1433هـ
يمكنكم تحميل الموضوع [من هنا].
[1] ) "البيان الحسن بترجمة الإمام الوادعي وما أحياه من السنن" للشيخ الفاضل أبي محمد عبد الحميد الحجوري حفظه الله.
[2] ) انظر "مختصر البيان الموضح لحزبية العدني عبد الرحمن ومن تبعه في الفتنة والعدوان" ص(25).
[3] ) انظر "التجلية لأمارات الحزبية".
[4] ) انظر "التأكيد على حزبية البربراوي وأحمد عيد...".
بسم الله الرحمن الرحيم
"إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾[آل عمران:102].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾ [النساء:1]
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً﴾[الأحزاب: 70-71].
وبعد:
فإن الله تعالى قد منّ علينا بعد نعمة الإسلام، أن هدانا للسنة، ويسر لنا السبل لطلب العلم النافع، علم كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في وقت كثرت فيه البدع، وانتشرت فيه العقائد الزائفة، والمناهج المنحرفة، وقد بين رسول الله صلى الله عليه و سلم، وأشار إلى هذا الشر العظيم، وحث على الصبر على طاعة الله فقال كما في حديث أنس الذي أخرجه البخاري رحمه الله (7068): «لايأتي زمان إلا والذي بعده شر منه، فاصبروا حتى تلقوا ربكم».
وبين أن الإسلام بدأ غريباً وسيعود كما بدأ غريباً، فطوب للغرباء، من حديث أبي هريرة عند مسلم(145)، ونص صلى الله عليه وعلى آله وسلم أيضاً على أنه يأتي زمان، «القابض على دينه كالقابض على الجمر» أخرجه الترمذي من حديث أنس رضي الله عنه.
فمنّ الله سبحانه ووفق لطلب العلم"([1]) والدعوة إلى الله في مسجد "جامع التوحيد" الذي يقع شمال الغربي في مدينة هرجيسا ، فحصل فيه خير كثير فكم أحيا الله على أيدي أهل السنة سنناً كثيرة وأمات على أيديهم بدعاً كثيرة ، وحصل فيه التميز الواضح عن أهل البدع على اختلاف أشكالهم ، فكنا نقيم فيه الجمعة وبعض الجماعات ، وندرس فيه بعض الدروس ، ونقيم في جواره العيدين ، وقد كان هنالك من يحاول حرمان أهل البلد وغيرهم من هذا الخير؛ فتارة يكيد وتارة يشاغب وأخرى يشيع ويذيع ويتربص الدوائر ، سواء من الحزبيين القدماء أو الجدد – البربراوي ومن معه – فقد أخبر الرجل الذي بنى المسجد أخانا خضر بن عبدالله قبل سنة تقريباً أن ناساً يأتون إليه ليغيروا عليه وأنه ما يصغي إليهم ، ولكن حققوا ما أرادوا ووجدوا بغيتهم في الثاني عشر من هذا الشهر المبارك – رمضان – بواسطة لجنة مزعومة خليطة فيها الصوفي والتكفيري والتبليغي والعامي ، فشكوا إلى وزارة الأوقاف فلما رأينا أنه قد تحصل فتنة تركناه وفعلوا هذا العمل الخسيس ظناً منهم أن هذا يخفف عنهم الردود وأنه تضعف بسببه الدعوة ولكن هيهات هيهات ، وأن يُنتزع منا المسجد ليس بغريب فقد أُخرج نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من مكة وأيضاً انتزاع المساجد من أيدي أهل السنة ليس بغريب ولا عجيب فإنه" من المعلوم أن السعي في أخذ مساجد أهل السنة إنما هي طريقة أهل التحزب السابقين من الإخوان المسلمين وأصحاب جمعية الحكمة، وجمعية الإحسان وأصحاب أبي الحسن وغيرهم والأمثلة على ذلك يطول ذكرها وهذا أمر يعرفه القاصي والداني ([2]) ".
"قال الإمام الوادعي-رحمه الله-: في شأن الإخوان المسلمين:...وأعظم من هذا-يعني:أعظم من إرسال المشوشين في محاضرة أهل السنة-أنهم انتزعوا مساجد أهل السنة من تحت أيديهم عند أن كان وزير الأوقاف منهم.(الباعث على شرح الحوادث /ص19)
وقال رحمه الله لبعض الحزبيين:...ولماذا أخذتم مسجد محمد المحويتي ولماذا تحاولون أخذ مسجد عادل العيزري, ولماذا تحاولون أخذ مسجد يقوم فيه محمد بنشر السنة؟("تحفة المجيب"/ص310).
وقال الشيخ عبد الرزاق النهمي-حفظه الله-: عند ذكر بعض أمثلة محاولة الإخوان المسلمين في أخذ مساجد أهل السنة:وقد لمسنا ذلك منهم في مسجد مركز السنة بذمار عندما حاولوا مراراً وتكراراً أخذ المسجد بأي وسيلة تارة بالترغيب وتارة بالبرهيب إلخ("إعلام الساجد ص95-96").
وفي كتاب"تنبيه الساجد من مؤامرات الحزبية لإسقاط المساجد"(ص2) قد سجل أخونا الفاضل أبو الحسن إحسان اللحجي حفظه الله بعض مساجد أهل السنة التي أخدتها جمعيتا الحكمة والإحسان..."([3]).
"وقد نشرت (منتديات الأقصى السلفية) موضوعًا بعنوان : (وقائع لقاء مجموعة من الإخوة السلفيين من فلسطين بالشيخ ربيع المدخلي -يوم الخميس الموافق 04/ رمضان/ 1429 هـ- وبعض مما قاله -حفظه الله- حول الفتنة في فلسطين) حيث إن بعض المتعصبين لعلي حسن الحلبي- وقد كان هو سبب الفتنة- أخذوا مركزًا على إخوة سلفيين.
فقال الشيخ ربيع للأخ أسامة عطايا: " يجب أن يرجعوا المركز والمدرسة السلفية للشيخ هشام.فقال أسامة عطايا: هم لا يريدون . فانتفض الشيخ ربيع قائلاً: كيف لا يريدون، هذا شيء أساسي في الصلح. هذا العمل – أخذ المركز والمدرسة – ما سمعنا بمثله أبداً.
ثم قال الشيخ -حفظه الله- بعد مدة: ( هؤلاء إن لم يتركوا التعصب لعلي الحلبي ولم يرجعوا المركز والمدرسة لهشام فليسوا سلفيين.("اهـ([4])ـ
وحزب البربراوي قد حاولوا منذ زمن انتزاع هذا المسجد ولكن لم يتيسر لهم ، فلا أستبعد أن يكونوا من وراء هذا الفعل الخبيث ، لاتنزاعهم مساجد كثيرة من أيدي أهل السنة من قبل أولاً – لاسيما الدرويش منهم فإنه مشهور بهذا الفعل الخسيس - مثل:
- مسجد "خالد بن الوليد".
- مسجد "التوحيد".
- مسجد "الإيمان".
- مسجد "صلاح الدين".
- مسجد "الإخلاص".
والبربراوي كان وراء انتزاع مسجد:
- "المبارك"
ولمحاولتهم إسقاط مسجد "جامع التوحيد" ثانياً كما أشرنا آنفاً والله المستعان.
وهذا مما يدلك على غربة هذا الدين ، مصداقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :« بَدَأَ الإِسْلاَمُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ ».أخرجه مسلم من حديث أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّ الإِسْلاَمَ بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ وَهُوَ يَأْرِزُ بَيْنَ الْمَسْجِدَيْنِ كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ فِى جُحْرِهَا ». أخرجه مسلم.
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّ الإِيمَانَ لَيَأْرِزُ إِلَى الْمَدِينَةِ كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ إِلَى جُحْرِهَا ». أخرجه مسلم.
وبوب له الإمام النووي رحمه الله: باب بَيَانِ أَنَّ الإِسْلاَمَ بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا وَأَنَّهُ يَأْرِزُ بَيْنَ الْمَسْجِدَيْنِ.
وقال يوسف بن أسباط رحمه الله: أهل السنة أقل من الكبريت الأحمر. [ذم الكلام وأهله /للهروي (2 / 399)].
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله:في "مدارج السالكين" (3 / 195-200):
فهؤلاء هم الغرباء الممدوحون المغبوطون ولقلتهم في الناس جدا سموا غرباء فإن أكثر الناس على غير هذه الصفات فأهل الإسلام في الناس غرباء والمؤمنون في أهل الإسلام غرباء وأهل العلم في المؤمنين غرباء وأهل السنة الذين يميزونها من الأهواء والبدع فهم غرباء والداعون إليها الصابرون على أذى المخالفين هم أشد هؤلاء غربة ولكن هؤلاء هم أهل الله حقا فلا غربة عليهم وإنما غربتهم بين الأكثرين الذين قال الله عز و جل فيهم وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله فأولئك هم الغرباء من الله ورسوله ودينه وغربتهم هي الغربة الموحشة وإن كانوا هم المعروفين المشار إليهم كما قيل:
فليس غريباً من تناءت دياره *** ولكن من تنأين عنه غريب
ولما خرج موسى عليه السلام هاربا من قوم فرعون انتهى إلى مدين على الحال التي ذكر الله وهو وحيد غريب خائف جائع فقال يا رب وحيد مريض غريب فقيل له يا موسى الوحيد من ليس له مثلي أنيس والمريض من ليس له مثلي طبيب والغريب من ليس بيني وبينه معاملة
فالغربة ثلاثة أنواع غربة أهل الله وأهل سنة رسوله بين هذا الخلق وهي الغربة التي مدح رسول الله أهلها وأخبر عن الدين الذي جاء به أنه بدأ غريبا وأنه سيعود غريبا كما بدأ وأن أهله يصيرون غرباء.
وهذه الغربة قد تكون في مكان دون مكان ووقت دون وقت وبين قوم دون قوم ولكن أهل هذه الغربة هم أهل الله حقا فإنهم لم يأووا إلى غير الله ولم ينتسبوا إلى غير رسوله ولم يدعوا إلى غير ما جاء به وهم الذين فارقوا الناس أحوج ما كانوا إليهم فإذا انطلق الناس يوم القيامة مع آلهتهم بقوا في مكانهم فيقال لهم ألا تنطلقون حيث انطلق الناس فيقولون فارقنا الناس ونحن أحوج إليهم منا اليوم وإنا ننتظر ربنا الذي كنا نعبده .
فهذه الغربة لا وحشة على صاحبها بل هو آنس ما يكون إذا استوحش الناس وأشد ما تكون وحشته إذا استأنسوا فوليه الله ورسوله والذين آمنوا وإن عاداه أكثر الناس وجفوه .
إلى أن قال رحمه الله:
ومن صفات هؤلاء الغرباء الذين غبطهم النبي التمسك بالسنة إذا رغب عنها الناس وترك ما أحدثوه وإن كان هو المعروف عندهم وتجريد التوحيد وإن أنكر ذلك أكثر الناس وترك الانتساب إلى أحد غير الله ورسوله لا شيخ ولا طريقة ولا مذهب ولا طائفة بل هؤلاء الغرباء منتسبون إلى الله بالعبودية له وحده وإلى رسوله بالاتباع لما جاء به وحده وهؤلاء هم القابضون على الجمر حقا وأكثر الناس بل كلهم لائم لهم فلغربتهم بين هذا الخلق يعدونهم أهل شذوذ وبدعة ومفارقة للسواد الأعظم.
ومعنى قول النبي هم النزاع من القبائل أن الله سبحانه بعث رسوله وأهل الأرض على أديان مختلفة فهم بين عباد أوثان ونيران وعباد صور وصلبان ويهود وصابئة وفلاسفة وكان الإسلام في أول ظهوره غريبا وكان من أسلم منهم واستجاب لله ولرسوله غريبا في حيه وقبيلته وأهله وعشيرته.
فكان المستجيبون لدعوة الإسلام نزاعا من القبائل بل آحادا منهم تغربوا عن قبائلهم وعشائرهم ودخلوا في الإسلام فكانوا هم الغرباء حقا حتى ظهر الإسلام وانتشرت دعوته ودخل الناس فيه أفواجا فزالت تلك الغربة عنهم ثم أخذ في الاغتراب والترحل حتى عاد غريبا كما بدأ بل الإسلام الحق الذي كان عليه رسول الله وأصحابه هو اليوم أشد غربة منه في أول ظهوره وإن كانت أعلامه ورسومه الظاهرة مشهورة معروفة فالإسلام الحقيقي غريب جدا وأهله غرباء أشد الغربة بين الناس.
وكيف لا تكون فرقة واحدة قليلة جدا غريبة بين اثنتين وسبعين فرقة ذات أتباع ورئاسات ومناصب وولايات ولا يقوم لها سوق إلا بمخالفة ما جاء به الرسول فإن نفس ما جاء به يضاد أهواءهم ولذاتهم وما هم عليه من الشبهات والبدع التي هي منتهى فضيلتهم وعملهم والشهوات التي هي غايات مقاصدهم وإراداتهم.
فكيف لا يكون المؤمن السائر إلى الله على طريق المتابعة غريبا بين هؤلاء الذين قد اتبعوا أهواءهم وأطاعوا شحهم وأعجب كل منهم برأيه ...
إلى أن قال رحمه الله:
فإذا أراد المؤمن الذي قد رزقه الله بصيرة في دينه وفقها في سنة رسوله وفهما في كتابه وأراه ما الناس فيه من الأهواء والبدع والضلالات وتنكبهم عن الصراط المستقيم الذي كان عليه رسول الله وأصحابه فإذا أراد أن يسلك هذا الصراط فليوطن نفسه على قدح الجهال وأهل البدع فيه وطعنهم عليه وإزرائهم به وتنفير الناس عنه وتحذيرهم منه كما كان سلفهم من الكفار يفعلون مع متبوعه وإمامه فأما إن دعاهم إلى ذلك وقدح فيما هم عليه فهنالك تقوم قيامتهم ويبغون له الغوائل وينصبون له الحبائل ويجلبون عليه بخيل كبيرهم ورجله.
فهو غريب في دينه لفساد أديانهم غريب في تمسكه بالسنة لتمسكهم بالبدع غريب في اعتقاده لفساد عقائدهم غريب في صلاته لسوء صلاتهم غريب في طريقه لضلال وفساد طرقهم غريب في نسبته لمخالفة نسبهم غريب في معاشرته لهم لأنه يعاشرهم على ما لا تهوى أنفسهم.
وبالجملة فهو غريب في أمور دنياه وآخرته لا يجد من العامة مساعدا ولا معينا فهو عالم بين جهال صاحب سنة بين أهل بدع داع إلى الله ورسوله بين دعاة إلى الأهواء والبدع آمر بالمعروف ناه عن المنكر بين قوم المعروف لديهم منكر والمنكر معروف.اهـ
وقال رحمه الله في " مفتاح دار السعادة" (1 / 147):
فالمؤمنون قليل في الناس والعلماء قليل في المؤمنين وهؤلاء قليل في العلماء وإياك ان تغتر بما يغتر به الجاهلون فانهم يقولون لو كان هؤلاء على حق لم يكونوا اقل الناس عددا والناس على خلافهم فاعلم ان هؤلاء هم الناس ومن خالفهم فمشبهون بالناس وليسوا بناس فما الناس الا اهل الحق وإن كانوا اقلهم عدداً.اهـ
وهذه الغربة والإبتلاء مما يدل على أننا – بحمد الله – على الحق والصواب.
قال الإمام الوادعي رحمه الله: لولا الإبتلاء لشككنا في الطريق.
وبما أن أهل السنة والجماعة معروفون – بحمد الله - بإحياء السنن وإماتة البدع فقد أحيوا سنناً كثيرة وأماتوا بدعاً كثيرة كما سبقت الإشارة إليه فسنذكر جملة من ذلك من باب قول الله تعالى:﴿ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ [الضحى : 11]
قال الإمام القرطبي رحمه الله في تفسير هذه الآية:
{وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} أي أنشر ما أنعم الله عليك بالشكر والثناء. والتحدث بنعم الله، والاعتراف بها شكر. وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ قال بالقرآن. وعنه قال: بالنبوة، أي بلغ ما أرسلت به. والخطاب للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والحكم عام له ولغيره. وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: إذا أصبت خيرا، أو عملت خيرا، فحدث به الثقة من إخوانك. وعن عمرو بن ميمون قال: إذا لقي الرجل من إخوانه من يثق به، يقول له: رزق الله من الصلاة البارحة كذا وكذا. وكان أبو فراس عبد الله بن غالب إذا أصبح يقول: لقد رزقني الله البارحة كذا، قرأت كذا، وصليت كذا، وذكرت الله كذا، وفعلت كذا. فقلنا له: يا أبا فراس، إن مثلك لا يقول هذا! قال يقول الله تعالى: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ وتقولون أنتم: لا تحدث بنعمة الله! ونحوه عن أيوب السختياني وأبي رجاء العطاردي رضي الله عنهم. وقال بكر بن عبد الله المزني قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (من أعطى خيرا فلم ير عليه، سمي بغيض الله، معاديا لنعم الله). وروى الشعبي عن النعمان بن بشير قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من لم يشكر القليل، لم يشكر الكثير، ومن لم يشكر الناس، لم يشكر الله، والتحدث بالنعم شكر، وتركه كفر، والجماعة رحمة، والفرقة عذاب. وروى النسائي عن مالك بن نضلة الجشمي قال: كنت عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جالسا، فرآني رث الثياب فقال: ألك مال؟ قلت: نعم، يا رسول الله، من كل المال. قال: إذا آتاك الله مالا فلير أثره عليك. وروى أبو سعيد الخدري عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: إن الله جميل يحب الجمال، ويجب أن يرى أثر نعمته على عبده.اهـ
وقال العلامة السعدي رحمه الله في تفسير هذه الآية:
{وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ } وهذا يشمل النعم الدينية والدنيوية { فَحَدِّثْ } أي: أثن على الله بها، وخصصها بالذكر إن كان هناك مصلحة ، وإلا فحدث بنعم الله على الإطلاق، فإن التحدث بنعمة الله، داع لشكرها، وموجب لتحبيب القلوب إلى من أنعم بها، فإن القلوب مجبولة على محبة المحسن.اهـ
وانظر "تفسير ابن كثير" عند هذه الآية.
فمن ذلك – والفضل في ذلك لله وحده –
الدعوة إلى التوحيد والسنة والتحذير من الشرك والبدع وأهلها:
أهل السنة معروفون بالدعوة إلى التوحيد والتحذير من الشركيات ، لأنه أول ما بدأ النبي صلى الله عليه وسلم دعوته ، وكان يدعوا إليه من مبعثه إلى موته كما في "ست درر" ، وكان يدعوا إلى التوحيد ويحذر من الشرك وهو في مكة عشر سنوات من غير أن يفرض شيئ آخر من الأحكام ، وفضائل التوحيد كثيرة مشهورة ولو لم يكن من فضائله إلا أن صاحبه يدخل الجنة به الجنة ولا يخلد في النار لكفى ، ففي صحيح مسلم من حديث جَابِرٍ قَالَ أَتَى النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْمُوجِبَتَانِ فَقَالَ « مَنْ مَاتَ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ النَّارَ ».
وبوب له الإمام النووي: باب مَنْ مَاتَ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَنْ مَاتَ مُشْرِكًا دَخَلَ النَّارَ.اهـ
وفي الصحيحين من حديث أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « ذَاكَ جِبْرِيلُ عَرَضَ لِى فِى جَانِبِ الْحَرَّةِ فَقَالَ بَشِّرْ أُمَّتَكَ أَنَّهُ مَنْ مَاتَ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ فَقُلْتُ يَا جِبْرِيلُ وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى قَالَ نَعَمْ. قَالَ قُلْتُ وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى قَالَ نَعَمْ. قَالَ قُلْتُ وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى قَالَ نَعَمْ وَإِنْ شَرِبَ الْخَمْرَ ».
وأما الشرك فهو أعظم ذنب عصي به الله ، ولا يغفره الله إذا مات صاحبه عليه ، كما قال تعالى:﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا﴾ [النساء : 48] ولو لم يكن من مفاسده إلا هذا لكفى ، والواجب على المسلم الحذر والتحذير منه والبراءة منه ومن أهله ، على كل في مسجد جامع التوحيد كان أكثر الخطب حول الدعوة إلى التوحيد وفضائله والتحذير من الشرك ووسائله وبيان خطره – والحمد لله -.
وكذلك أهل السنة يدعون في هذا المسجد وغيره إلى التمسك بهدي النبي صلى الله عليه وسلم ويحذرون من البدع وأهلها ، ومن الحزبية التي فرقت المسلمين وجعلتهم شذر مذر ، ومن الحزبيين على اختلاف أشكالهم – وهذا من فضل الله تعالى علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون - .
في الصلاة:
- عدم الصلاة داخل المحراب:
لأن المحراب بدعة لم يكن موجوداً على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، بل أول من أحدثه هو الوليد بن عبدالملك في أوائل المائة الثانية حين هدم المسجد النبوي وأسسه وزاد فيه كما في "فتح الوهاب" للعلامة يحيى الحجوري حفظه الله.
واستدل الإمام الوادعي رحمه الله على بدعية المحراب مساعاة النبي صلى الله عليه وسلم الشاة عندما أرادت أن تمر بين يديه.
وكذلك حديث سهل بن سعد رضي الله عنه أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى بينه وبين السترة قدر ممر شاة. فقال – أي سهل – السترة ولم يقل المحراب ، وكذلك صلاته على المنبر ، وصلاته على الاسطوانة ، وكذلك حديث عائشة أنها كشفت سقف الحجرة فرأت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى بأبي بكر جالساً وأبو بكر يصلى بالناس.
قال ابن حزم: في هذا دليل على عدم وجود المحراب فلو كان فيه محراب لما رأته.["رفع اللثام" للشيخ عبد الحميد حفظه الله].
وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((اتقوا هذه المذابح)).أخرجه البيهقي في ((الكبرى)) باب كيفية بناء المساجد (ج2 ص439).
قال البيهقي: يعني المحاريب، واستدل السيوطي ‑رحمه الله‑ في رسالته ((إعلام الأريب بحدوث بدعة المحاريب)) ص (15) بهذا الحديث على بدعة المحراب، ثم قال: هذا حديث ثابت.اهـ
قال العلامة الناصح الأمين يحيى الحجوري حفظه الله: والبيهقي مع كونه من كبار الحفاظ فهو أيضا من كبار أئمة الشافعية الجامعين للفقه والاصول والحديث كما ذكره النووي في ((شرح المهذب)) فهو أهل أن يستنبط ويخرج ويحتج. اهـ [فتح الوهاب].
وقال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: اتقوا هذه المحاريب، قال: وكان إبراهيم لا يقوم فيها.أخرجه ابن أبي شيبة [باب (277)].
وأخرج أيضاً عن كعب رضي الله عنه: أنه كان يكره المذبح في المسجد.
قال العلامة المحدث يحيى الحجوري حفظه الله: وسنده عنده قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا سفيان، عن يزيد بن زياد الغطفاني، عن عمه عبيد بن أبي الجعد، عن كعب وعبيد صدوق كما في ((التقريب)) ولم أجد من وثقه غير ابن حبان، وهو قد روى عن بعض الصحابة، فالاثر صالح مع غيره من الآثار في الباب.اهـ[فتح الوهاب].
وقال ابن أبي شيبة: حدثنا وكيع، قال: حدثنا حسن بن صالح، عن عبدالملك بن سعد بن أبجر، عن نعيم بن أبي هند، عن سالم بن أبي الجعد قال: لا تتخذوا المذابح في المساجد.
قال العلامة المحدث يحيى الحجوري حفظه الله: تقدم أن قلنا في أول حديث: لم أجد من أثبت رواية نعيم بن أبي هند من سالم بن أبي الجعد، ولا رواية ابن أبجر من نعيم، وحسن بن صالح هو ابن حي ثقة، ووكيع إمام، فالسند صحيح لولا احتمال الانقطاع.[فتح الوهاب].
وأخرج ابن أبي شيبة، عن وكيع، عن موسى بن قيس، وهشيم عن مغيرة، أن إبراهيم بن يزيد كان يكره الطاق ويتنكب له.
وأخرجه عبدالرزاق في ((المصنف)) (ج2 ص412) عن الثوري وابن عيينة، عن منصور والأعمش، عن إبراهيم أنه كان يكره أن يصلي في طاق الإمام، وبهذا يكون صحيحا.[فتح الوهاب].
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن التيمي وهو معتمر بن سليمان بن طرخان، عن أبيه قال: رأيت الحسن ‑يعني البصري‑ جاء إلى ثابت البناني يزوره فحضرت الصلاة فقال ثابت: تقدم يا أبا سعيد، فقال الحسن، أنت أحق، قال ثابت: والله لا أتقدمك أبدا، قال: فتقدم الحسن واعتزل الطاق أن يصلي فيه. قال ابن التيمي: ورأيت أبي يعني سليمان بن طرخان وليثا ‑يعني ابن أبي سليم‑ يعتزلانه.[فتح الوهاب].
قلت: وقد اعتزلنا الصلاة فيه – فالحمد لله على توفيقه - .
وسئل الإمام الوادعي رحمه الله عن المحراب؟
فأجاب:يعتبر بدعة والسيوطي ناهيك عن تساهله قد ألف رسالة في بدعيته فهو بدعة ومسألة مصالح ليست على إطلاقها والله يقول:﴿ اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾ [الأعراف : 3]
فأي مصلحة في مخالفة السنة.اهـ["رفع اللثام"للشيخ عبد الحميد الحجوري ص(243)].
للمزيد:انظر "فتح الوهاب بشرح حديث أنس بن مالك في نهي المصلي أن يبصق إلى القبلة وفيه حكم البصاق في المسجد وحكم المحراب" للعلامة المحدث يحيى الحجوري حفظه الله.و" إعلام الأريب بحدوث بدعة المحاريب" للسيوطي رحمه الله و"رفع اللثام عن بعض فوائد ودروس الوادعي الإمام" ص(129) للشيخ عبدالحميد الحجوري.
- الإسرار بالبسملة:
والإسرار بها هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم قال الإمام البخاري رحمه الله رقم (743): حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانُوا يَفْتَتِحُونَ الصَّلاَةَ بِـــــ{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.
وأخرج مسلم رقم (390) من مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْهُمْ يَقْرَأُ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ).
وذكر الحديث بعد هذا من طريق الأوزاعي ، عن قتادة وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس رضي الله عنه أنه قَالَ صَلَّيْتُ خَلْفَ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- وَأَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فَكَانُوا يَسْتَفْتِحُونَ بِ (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) لاَ يَذْكُرُونَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِى أَوَّلِ قِرَاءَةٍ وَلاَ فِى آخِرِهَا.
وأخرج مسلم رقم (498) من أَبِى الْجَوْزَاءِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَسْتَفْتِحُ الصَّلاَةَ بِالتَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةَ بِ (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).
قال العلامة المحدث يحيى الحجوري حفظه الله:
والصحيح أن أبا الجوزاء لم يسمع من عائشة، لكنه أرسل إليها رسولاً يسألها عن هذا الحديث. وانظر "التهذيب" لابن حجر.[أحكام الجمعة وبدعها ص(470)].
وأخرج مسلم رقم (599) أن أَبُا زُرْعَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا نَهَضَ مِنَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ اسْتَفْتَحَ الْقِرَاءَةَ بِ (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) وَلَمْ يَسْكُتْ.
وفي "المسند" عن قيس بن عباية حدثني بن عبد الله بن مغفل قال : سمعني أبي وأنا أقرأ { بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين } فلما انصرف قال يا بني إياك والحدث في الإسلام فإني صليت خلف رسول الله صلى الله عليه و سلم وخلف أبي بكر وخلف عمر وعثمان رضي الله عنهم فكانوا لا يستفتحون القراءة ببسم الله الرحمن الرحيم ولم أر رجلا قط أبغض إليه الحدث منه.
قال العلامة المجاهد يحيى الحجوري حفظه الله:
وسند الحديث صالح في الشواهد.اهـ[أحكام الجمعة وبدعها ص(470)].
واعلم أنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الجهر بالبسملة حديث ، قال الفيروزآبادي رحمه الله في رسالته"بيان ما لم يثبت فيه حديث من الأبواب"(24)/ت:الشيخ يحيى:
باب الجهر في الصلاة بالبسملةلم يصحّ فيه حديث.اهـ
وقال الدارقطني رحمه الله:كل ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الجهر بــ"بسم الله الرحمن الرحيم" فليس بصحيح.
نقل هذا الموصلي في "المغني عن الحفظ والكتاب" مقراً له ، انظر"جنة المرتاب"ص(257).[أحكام الجمعة وبدعها ص(475)].
بل ذهب بعض السلف بأن الجهر بها بدعة ، فقد قال إبراهيم النخعي رحمه الله: ما أدركت أحداً يجهر بـــــ"بسم الله الرحمن الرحيم" وقال: الجهر بها بدعة.
وقال عكرمة: أنا أعرابي إن جهرت بـــ"بسم الله الرحمن الرحيم".
وقال وكيع: الجهر بها أعرابية ، وبهذا قال جماعة.[أحكام الجمعة وبدعها ص(478)].
وقال العلامة المحدث يحيى الحجوري حفظه الله:
الجهر بـــ"بسم الله الرحمن الرحيم" بدعة.
وقال حفظه الله – بعد أن ذكر أدلة إسرار البسملة وأقوال العلماء في ذلك ، وضعف حديث أبي هريرة في الجهر بالبسملة - :
...وقد استبان لك ثبوت أحاديث الإسرار بها في الصحيحين وغيرهما ، وعدم ثبوت أي حديث في الجهر بها في الصلاة ، وحكم جماعة من السلف منهم الخلفاء الأربعة:أنها ليست من السنة ، وصرح آخرون أن الجهر بها بدعة ، وأفتى آخرون بعدم الصلاة خلف من جهر بها لا لأن الصلاة باطلة ولكن لأن الجهر بها بدعة ، ومن البدع ما يكون صاحبها آثماً ولنفسه ظالماً ، لكن لا تبطل بها الصلاة كالجهر بالبسملة...إلخ كلامه النفيس.[أحكام الجمعة وبدعها ص(481)].
وأحسن ما لديهم في الجهر بالبسملة هو حديث أبي هريرة عند ابن الجارود (184) والنسائي (2/134) وأحمد (2/497) ، وغيرهم وزيادة ذكر البسملة في الحديث شاذة تفرد بها نعيم المجمر من بين أصحاب أبي هريرة وهم ثمانمائة ما بين صاحب وتابع.[أحكام الجمعة ص(473)].
وقال الإمام الوادعي رحمه الله:هذا الحديث من أوهام نعيم المجمر حيث رواه جمع ولم يذكروا فيه الجهر بالبسملة وهو حديث معل ظاهره الصحة ، وأظن أني قد نقلته إلى هنالك.اهـ["رفع اللثام" للشيخ عبدالحميد الحجوري حفظه الله ص(228)].
وعلى القول بصحة الحديث فيكون الجواب عنه:
- أنه يجوز أن يكون أبو هريرة أخبر نعيماً أنه قرأها سرأ.
- أن قوله:إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم" إنما أراد به أصل الصلاة لا مقاديرها وهيئتها ، وتشبيه الشيئ بالشيئ لا يتقتضي أن يكون مثله من كل وجه.
- أنه لم يذكر في الحديث القدسي في تقسيم صلاة العبد إلى نصفين الذين رواه مسلم عن أبي هريرة ذكر البسلمة.
قال ابن عبدالبر رحمه الله – في هذا الحديث: إنه قاطع تعلق المتنازعين ، وهو نص لا يحتمل التأويل ولا أعلم حديثاً في سقوط البسملة أبين منه.اهـ
وقد عمل السلفيون بهدي النبي صلى الله عليه وسلم بإسرار البسملة ، أما مساجد الحزبيين فهم يجهرون بها إرضاءً للصوفية والعوام!! ، ولهم الآن دعوة في أكثر من خمس وعشرين سنة!! فمتى يتعلم الناس سنن النبي صلى الله عليه وسلم.
للمزيد انظر: "نصب الراية" للزيلعي رحمه الله ، و"فتح الباري" للحافظ ابن رجب رحمه الله و"أحكام الجمعة وبدعها" للعلامة يحيى الحجوري حفظه الله ، و"فتح العلام" للشيخ محمد بن حزام حفظه الله.
- اتخاذ السترة والمشي إليها:
واتخاذ السترة واجب لقول النبي صلى الله عليه وسلم:(لا تصل إلا إلى سترة).أخرجه ابن خزيمة رحمه الله في "صحيحه"من حديث ابن عمر بسند جيد كما في "صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم" ص(82).
وقال صلى الله عليه وسلم:(إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة فليدن منها).أخرجه "أبوداود" و"ابن ماجه" من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، وهو في "صحيح الجامع"رقم (641).
ومما يدل على وجوبها أن من لم يتخذها إذا مر بين يديه المرأة البالغة ، والحمار ، والكلب الأسود ، تقطع صلاته لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي ذر رضي الله عنه:« إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّى فَإِنَّهُ يَسْتُرُهُ إِذَا كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلُ آخِرَةِ الرَّحْلِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلُ آخِرَةِ الرَّحْلِ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ صَلاَتَهُ الْحِمَارُ وَالْمَرْأَةُ وَالْكَلْبُ الأَسْوَدُ ». قُلْتُ يَا أَبَا ذَرٍّ مَا بَالُ الْكَلْبِ الأَسْوَدِ مِنَ الْكَلْبِ الأَحْمَرِ مِنَ الْكَلْبِ الأَصْفَرِ قَالَ يَا ابْنَ أَخِى سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَمَا سَأَلْتَنِى فَقَالَ « الْكَلْبُ الأَسْوَدُ شَيْطَانٌ » أخرجه مسلم.
ومما يدل على وجوبها أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتركها لا حضراً ولا سفراً.
أما حديث أبي هريرة الذي فيه اتخاذ الخط فهو حديث ضعيف لأنه مضطرب اضطرب فيه إسماعيل بن أمية وشيخه مجهول.
قال الإمام النووي في "الخلاصة" (1/520):قال الحفاظ هو ضعيف ، لاضطرابه ، وممن ضعفه سفيان بن عيينة فيما حكاه عنه أبو داود ، وأشار إلى تضعيفه أيضاً الشافعي ، والبيهقي ، وصرح به آخرون.اهـ وضعفه أيضاً أحمد كما في "الفتح"لابن رجب رقم (500).["فتح العلام" للشيخ محمد بن حزام حفظه الله (1/624)].
قلت:وقال الإمام مالك رحمه الله كما في "المدونة الكبرى"(1 / 202):الخط باطل.اهـ
وأما حديث ابن عباس رضي الله عنه في "صحيح البخاري" رقم(77) أنه قال:أَقْبَلْتُ رَاكِبًا عَلَى حِمَارٍ أَتَانٍ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْتُ الاِحْتِلاَمَ وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بِمِنًى إِلَى غَيْرِ جِدَارٍ فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ وَأَرْسَلْتُ الأَتَانَ تَرْتَعُ فَدَخَلْتُ فِي الصَّفِّ فَلَمْ يُنْكَرْ ذَلِكَ عَلَيَّ.
فابن عباس رضي الله عنه لم ينف السترة ،وإنما نفى الجدار ، ولا يؤخذ منه أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يصلى إلى سترة ، وغاية ما فيه أنه لم تكن سترته جداراً ، وهذا كما لو قلت:رأيت فلاناً يمشي بغير قميص ، فلا يؤخذ منه أنه كان عارياً ، وإنما المفهوم أنه كان يلبس شيئاً غير قميص.
قال الإمام العيني رحمه الله في "عمدة القاري"(7 / 219):
(إلى غير جدار) لأن هذا اللفظ مشعر بأن ثمة سترة لأن لفظ "غير" يقع دائما صفة وتقديره إلى شيء غير جدار وهو أعم من أن يكون عصا أو عنزة أو نحو ذلك.اهـ
وهذا الحديث يدل على أن سترة الإمام سترة لمن خلفه وعلى ذلك بوب الإمام البخاري رحمه الله في "صحيحه" باب (90).
ولا فرق في وجوب اتخاذ السترة وتحريم المرور بين يدي المصلي بين مكة وغيرها ، أما الحديث الذي أخرجه النسائي في سننه وأحمد في مسنده وغيرهما: {أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوماً في حاشية المطاف والناس يمرون بين يديه}فهو ضعيف ، فيه جهالة واختلاف في إسناده كما هو مبيَّن في "الضعيفة" رقم (928) ، و"فتح العلام"(1/615-616) ، وهو أيضاً مخالف للاحاديث الدالة على وجوب اتخاذ السترة.
وعلى فرض صحته فلا يتم الإستدلال به على عدم اتخاذ السترة والمرور بين يدي المصلى في مكة لعدم دلالة الحديث أن المرور كان بينه عليه الصلاة والسلام وبين موضع سجوده.
وأما حديث ابن عباس رضي الله عنه عند أبي يعلى(2423) قال: جئت أنا وغلام من بني هاشم على حمار فمررنا بين يدي النبي صلى الله عليه و سلم وهو يصلي فنزلنا عنه وتركنا الحمار يأكل من بقل الأرض - أو قال : من نبات الأرض - فدخلنا معه في الصلاة فقال رجل : أكان بين يديه عنزة ؟ قال : لا.
فهو من طريق علي بن جعد وإن كان ثقة فقد خولف ، فقد رواه محمد بن جعفر ، وعفان بن مسلم كما في مسند أحمد(3167) عن شعبة وهما أثبت في شعبة ، فلم يذكرا زيادة (أكان بين يديه عنزة) وكذلك فإن يحيى الجزار لم يسمعه من ابن عباس وإنما سمعه بواسطة أبي الصهباء البكري وعند أن رواه بالواسطة لم يذكر الزيادة ، فهذه الزيادة في النفس منها شيئ وكذلك في الحديث أنهم مروا بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم على حمار ، فلو لم يكن بين يديه سترة لقطعت الصلاة.["فتح العلام"(1/614-615)].
وقال العلامة الألباني رحمه الله في "الضعيفة"(12 / 680):
قلت : وفي ثبوت هذه الزيادة عن شعبة نظر ؛ بل هي شاذة ؛ لتفرد ابن الجعد
بها دون الطرق المشار إليها آنفاً عن شعبة .اهـ
وقال رحمه الله بعد عدة صفحات عن الزيادة: (( فقال رجل : أكان بين يديه عنزة ؛ قال : لا )) .
وقد عرفت أنها شاذة لا تصح .اهـ
وأما المشي إليها: فقد دل عليه حديث ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يصلي فمرت شاة بين يديه فساعاها إلى القبلة حتى ألزق بطنه بالقبلة.أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" والحاكم في "المستدرك"(1/335) والطبراني في "الكبير"(10/33) وغيرهم وهو حديث صحيح.
وقد بوب الإمام النووي رحمه الله في " شرح مسلم" (5 / 33):
( باب جواز الخطوة والخطوتين في الصلاة ).اهـ
ولأنه أيضاً من باب "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب".
قال الإمام مالك رحمه الله كما في "المدونة الكبرى" (1 / 202):
إذا كان الرجل خلف الإمام وقد فاته شيء من صلاته فسلم الإمام وسارية عن يمينه أو عن يساره فلا بأس أن يتأخر إلى السارية عن يمينه أو عن يساره إذا كان ذلك قريبا يستتر بها، قال: وكذلك إذا كانت أمامه فيتقدم إليها ما لم يكن ذلك بعيدا، قال: وكذلك إذا كان ذلك وراءه فلا بأس أن يتقهقر إذا كان ذلك قليلا، قال: وإن كانت سارية بعيدة منه فليصل مكانه وليدرأ ما يمر بين يديه ما استطاع.اهـ
ويدل على المشي إلى القهقرى حديث سهل بن سعد رضي الله عنه في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر وكان فيه:"ثُمَّ نَزَلَ الْقَهْقَرَى فَسَجَدَ فِي أَصْلِ الْمِنْبَرِ" أخرجه البخاري ومسلم.
وبعض الجهلة الأغمار يعدون المشي إلى السترة من الغلو ، وهذا مما يدل على مبلغ جهلهم فها هي الأحاديث الصحيحة وفهم السلف الصالح لها ، فما عليك إلا العمل بها ، وفي مدينة هرجيسا لا يعمل الناس بهذه السنة إلا من رحم الله وقليل ما هم والله المستعان.
وأما في مسجد "جامع التوحيد" فبحمد الله ثم بعمل أهل السنة بهذه السنة قد بدأ الناس بالعمل بها.
- تسوية الصفوف بإلزاق المنكب بالمنكب والقدم بالقدم:
وهذه هي السنة: إلزاق المنكب بالمنكب والقدم بالقدم ، ففي صحيح مسلم من حديث النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُسَوِّى صُفُوفَنَا حَتَّى كَأَنَّمَا يُسَوِّى بِهَا الْقِدَاحَ حَتَّى رَأَى أَنَّا قَدْ عَقَلْنَا عَنْهُ ثُمَّ خَرَجَ يَوْمًا فَقَامَ حَتَّى كَادَ يُكَبِّرُ فَرَأَى رَجُلاً بَادِيًا صَدْرُهُ مِنَ الصَّفِّ فَقَالَ « عِبَادَ اللَّهِ لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ ».
وبوب له الإمام البخاري رحمه الله:باب إِلْزَاقِ الْمَنْكِبِ بِالْمَنْكِبِ وَالْقَدَمِ بِالْقَدَمِ فِي الصَّفِّ.
وَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ رَأَيْتُ الرَّجُلَ مِنَّا يُلْزِقُ كَعْبَهُ بِكَعْبِ صَاحِبِهِ.
واستدل أيضاً بحديث أَنَسٍ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي ، وَكَانَ أَحَدُنَا يُلْزِقُ مَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِ صَاحِبِهِ وَقَدَمَهُ بِقَدَمِهِ.
وقد انتشر في مدينة هرجيسا تسوية الصفوف باتخاذ فرش مخططة ، أو بجعل خط على الفرش ، وهذا ليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم فإن مقتضاها كان موجوداً على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ومع هذا لم يفعلها وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ولو كان خيراً لسبقونا إليه.
انظر:"البيان الحسن" ص(118-119) للشيخ عبدالحميد الحجوري حفظه الله.
وسئل الإمام الوادعي رحمه الله:ما حكم الخطوط في المسجد؟
فأجاب: الخطوط كانت موجودة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وكان المقتضى موجوداً ولم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يريد أن الخطوط بدعة.اهـ["رفع اللثام" للشيخ عبد الحميد الحجوري حفظه الله ص(243)].
في خطبة الجمعة:
- ترك الآذان الأول للجمعة:
لما أخرجه البخاري رحمه الله في "صحيحه"(912): عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ كَانَ النِّدَاءُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوَّلُهُ إِذَا جَلَسَ الإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَكَثُرَ النَّاسُ زَادَ النِّدَاءَ الثَّالِثَ عَلَى الزَّوْرَاءِ.
أما ألآذان الأول فهو محدث ، زاده عثمان رضي الله عنه باجتهاد منه ، وهو مأجور – إن شاء الله باجتهاده – ولا ينبغي متابعته عليه ، قال العلامة يحيى الحجوري حفظه الله – بعد أن ذكر أن عثمان رضي الله عنه مجتهد مأجور - :أما من تابعه على ذلك الخطأ بعد بيان الحجة فهو في ذلك مبتدع لا عذر له في مخالفة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه.اهـ
ولأنه إذا اختلفت سنة النبي صلى الله عليه وسلم وسنة الخليفة بعده يتبع سنة النبي صلى الله عليه وسلم بلا شك ، وأيضاً فإن العلة التي زادها عثمان رضي الله عنه من أجلها الآذان منتفية في وقتنا لأجل المكبرات التي في المساجد فإن "الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً" كما هو مقرر في كتب الأصول ، قال العلامة الألباني رحمه الله في "الأجوبة النافعة":وهذا السبب لا يكاد يتحقق في عصرنا هذا إلا نادرا وذلك في مثل بلدة كبيرة تغص بالناس على رحبها كما كان الحال في المدينة المنورة ليس فيها إلا مسجد واحد يجمع الناس فيه وقد بعدت لكثرة منازلهم عنه فلا يبلغهم صوت المؤذن الذي يؤذن على باب المسجد وأما بلدة فيها جوامع كثيرة كمدينة دمشق مثلا لا يكاد المرء يمشي فيها إلا خطوات حتى يسمع الأذان للجمعة من على المنارات وقد وضع على بعضها أو كثير منها الآلات المكبرة للأصوات فحصل بذلك المقصود الذي من أجله زاد عثمان الأذان ألا وهو إعلام الناس : أن صلاة الجمعة قد حضرت كما نص عليه في الحديث المتقدم : وهو ما نقله القرطبي في تفسيره ( 18 / 100 ) عن الماوردي :
فأما الأذان الأول فمحدث فعله عثمان ليتأهب الناس لحضور الخطبة عند اتساع المدينة وكثرة أهلها وإذا كان الأمر كذلك فالأخذ حينئذ بأذان عثمان من قبيل تحصيل حاصل وهذا لا يجوز لا سيما في مثل هذا الموضع الذي فيه التزيد على شريعة رسول الله صلى الله عليه و سلم دون سبب مبرر وكأنه لذلك كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو بالكوفة يقتصر على السنة ولا يأخذ بزيادة عثمان كما في " القرطبي "...إلخ اهـ
، وأيضاً في وقت عثمان رضي الله عنه كان يؤذن المؤذن على الزوراء- موضع بالسوق- لا داخل المسجد كما يفعله الناس الآن!!! فلا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم والخليفتين من بعده اقتدوا ولا هم تابعون لعثمان رضي الله عنه.
وثبت عند "مصنف ابن أبي شيبة" عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال: الآذان الأول يوم الجمعة بدعة.
وثبت هذا أيضاً عن الحسن البصري والزهري وعطاء عمرو بن دينار وعبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وسفيان الثوري والإمام الشافعي والطحاوي وغيرهم.[أحكام الجمعة وبدعها ص(286-295)].
للمزيد انظر "أحكام الجمعة وبدعها" للعلامة يحيى الحجوري حفظه الله ، و"الأجوبة النافعة عن أسئلة لجنة الجامعة" للعلامة الألباني رحمه الله.
- سنة الإتكاء على عصا أو قوس عند الخطابة:
ودليل هذه السنة حديث الْحَكَمُ بْنُ حَزْنٍ الْكُلَفِىُّ رضي الله عنه وفيه قال: فَأَقَمْنَا بِهَا أَيَّامًا شَهِدْنَا فِيهَا الْجُمُعَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَامَ مُتَوَكِّئًا عَلَى عَصًا أَوْ قَوْسٍ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ كَلِمَاتٍ خَفِيفَاتٍ طَيِّبَاتٍ مُبَارَكَاتٍ...الحديث.وهو في "الصحيح المسند".
قال الإمام النووي رحمه الله في المجموع"(4 / 528):
يسن أن يعتمد علي قوس أو سيف أو عصا أو نحوها لما سبق قال القاضى حسين والبغوى يستحب ان يأخذه في يده اليسرى ولم يذكر الجمهور اليد التى يأخذه فيها وقال اصحابنا ويستحب ان يشغل يده الاخرى بان يضعها علي حرف المنبر قالوا فان لم يجد سيفا أو عصا ونحوه سكن يديه بان يضع اليمنى علي اليسرى أو يرسلهما ولا يحركهما ولا يعبث بواحدة منهما والمقصود الخشوع والمنع من العبث.اهـ
قال العلامة المحدث يحيى الحجوري حفظه الله:
وقال ذلك ابن قدامة في "المغني"(2/309) واستدل بحديث الحكيم بن حزن ، وكذا الشوكاني في "نيل الأوطار".
ولا مستند للقول بالإعتماد على السيف بل إنه لم يرد في حديث ولا أثر صحيح ، وإنما المستحب للخطيب هو الإعتماد على عصا كما تقدمت الأدلة على ذلك.اهـ[أحكام الجمعة وبدعها ص(265)].
وفي مدينة هرجيسا لا ترى خطيباً يتكأ على عصا حال خطبته إلا النادر ، وأما في مسجد "جامع التوحيد" فقد قام أهل السنة – بحمد الله - بإحياء هذه السنة المهجورة.
- ترك قول: أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
لضعف الحديث الوارد في ذلك ، أخرجه ابن حبان (9 / 137) من حديث ابن عمر رضي الله عنه وفيه: ثم قال: "أقول هذا وأستغفر الله لي ولكم". وهو ضعيف لضعف موسى بن عبيدة الربذي وذِكر موسى بن عقبة بدل موسى بن عبيدة الربذي وهم ، أبانه الحافظ في "الفتح"(6/527).
وموسى بن عبيدة هذا ضعيف "حتى قال فيه يحيى بن معين: ليس بشيئ ، ويشتد ضعفه في روايته عن عبدالله بن دينار التي منها هذا الحديث ، قال ابن معين:ليس بالكذاب ، لكنه روى عن عبدالله بن دينار أحاديث مناكير ، كذا في "التهذيب".[أحكام الجمعة وبدعها ص(337)].
قال العلامة المحدث يحيى الحجوري حفظه الله – بعد أن ضعف الحديث المتقدم وما في بابه - :
ومن ذلك يظهر أن قول بعض الخطباء في الجلسة بين الخطبتين للجمعة: أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ، محدث.[أحكام الجمعة وبدعها ص(338)].
وقال حفظه الله: ...أما ملازمة قوله بين الخطبتين فهو محدث ... ولو قال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في خطبة لنقل إلينا كما نقلت ما دونها من السنن والآداب ، وعدم نقل ذلك من طريق صحيح يكفي في أنه محدث ، ولم أر ثابتاً عن السلف أو عن بعضهم في ذلك بعد النظر في "مصنف عبد الرزاق" ، و"مصنف ابن أبي شيبة" و"الكبرى"للبيهقي ، و"الأوسط" لابن المنذر ، و"مجمع الزوائد" للهيثمي ، مع ما هو معلوم من عنايتهم بذكر الآثار ، وهذا مما يؤكد ما تقرر هنا - إن شاء الله - .اهـ [أحكام الجمعة وبدعها ص(339)].
وعامة خطباء مدينة هرجيسا يقولونها ، وأما أهل السنة في مسجد "جامع التوحيد" فتركوا هذه البدعة – بحمد الله وتوفيقه -.
- ترك ملازمة الدعاء في آخر الخطبة:
قال العلامة المحدث يحيى الحجوري حفظه الله:
ليس عليه دليل ، وإنما دعا النبي صلى الله عليه وسلم حين قال له الأعرابي: يا رسول الله ، هلكت المواشي فاستسق ، فادع الله أن يسقينا فرفع يديه وقال:اللهم أسقنا ، اللهم أسقنا...إلخ ، ولم يكن يدعو ولا يستسقي في كل جمعة كما يفعل بعض الناس الآن ، ولم يعين ذلك الدعاء في آخر الخطبة.اهـ[أحكام الجمعة وبدعها ص(460)].
وأما حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه عند (البزار1/307-308): أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستغفر للمؤمنين والمؤمنات في كل جمعة. فهو "ضعيف جداً فيه يوسف بن خالد السمتي وهو كذاب ، وولده خالد وهو ضعيف ، وإسناده أيضاً خبيب بن سليمان بن سمرة يرويه عن أبيه وكلامهما مجهول. فالحديث شديد الضعف إن لم يكن موضوعاً.[قاله الشيخ محمد بن حزام في "فتح العلام"(2/154)].
وأكثر خطباء المدينة يلازمون الدعاء في آخر الخطبة إلا أقل القليل ، وقد وفقنا الله ترك ملازمة الدعاء في آخر الخطبة في "جامع التوحيد".
- ترك طلب التبرعات بين الخطبيتين وبعدهما ، أو جعل صندوق تبرعات في المسجد:
قال العلامة الناصح الأمين يحيى حفظه الله:
طلب التبرعات بين الخطبيتين وبعدهما ، أو جعل صندوق تبرعات في المسجد: هذا تسول مذموم ، انظر كتاب "الحوادث والبدع" للطرطوشي ص(153) فقد نص على ذم التسول ، ولشيخنا العلامة الوادعي في ذم التسول كتاب مفيد ، أما وضع تلك الصناديق فهي من بدع العصر وحوادثه.
ولقد حصل للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أزمات شديدة وجوع لاذع حتى كان النبي صلى الله عليه وسلم يظل اليوم يلتوي ما يجد من الدقل – رديء التمر – ما يملأ بطنه كما ثبت ذلك في صحيح مسلم رقم (2978) من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه.
ثم ذكر أدلة أخرى في الباب ثم قال:وهذه حالات قليلة من حوادث كثيرة حصلت في زمنه صلى الله عليه وسلم ، فكان مقتضى هذه البدعة العصرية موجوداً مع جعلهم للصناديق ولم يفعلوها ، وإنما اخترعها في عصرنا في تيك المساجد جماعة من المتلصصين باسم دين الله ونصرة المحاويج ، والسعي في التعاون معهم – زعموا – وقلدهم في ذلك آخرون ، وكان بذرة هذا ذلك التحزب البغيض الذي تعاني منه الأمة المسلمة الآن ، وحسبنا الله ونعم الوكيل.اهـ[أحكام الجمعة وبدعها ص(467)].
وقال الإمام الوادعي رحمه الله: والجمعيات هذه يا إخوان هي وسيلة وكذا الصندوق إي نعم الطريق إلى الحزبية والوسيلة إلى الحزبية). اهـ من أسئلة من بني بكر بيافع وكان عام 1421هـ
وقال رحمه الله: أنا أقول الصناديق هي مبادئ الحزبية.(أسئلة الضيوف في عيد الفطر2).
وقال رحمه الله: فأصحاب الحزبية أول مايبدءون بالصناديق، نفعل لنا صندوقاً ثم تتسرب الحزبية، والله المستعان. (أسئلة الضيوف من صنعاء والحديدة).
واستخدام الصندوق ونحوه لجمع الأموال بإسم الدعوة من سنن اليهود وغيرهم من الكفار كما هو موضح في "التجلية"ص(50).
ومساجد الحزب الجديد – البربراوي ومن معه - ممتلئة بهذه الصناديق ، وإعلانات شركة "زاد" فضلاً عن الحزبيين القدماء ، أما أهل السنة - سواء في هرجيسا أو غيرها - فما هم حول دنيا الناس إنما هم حول نفع الناس ، الفضل في هذا لله كما قال العلامة يحيى الحجوري في "شرح الأربعين"(ح31).
وقال قبل هذا بأسطر قليلة:والزهد في الدنيا هو شأن الأنبياء ، وشأن الصالحين ،وانظروا دعوة أهل السنة يصدق عليها قول الله عز وجل:﴿ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الشعراء : 109] وقوله:﴿ قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ﴾ [سبأ : 47].اهـ"شرح الأربعين"(ح31).
في صلاة التراويح:
- عدم الزيادة على إحدى عشرة ركعة في صلاة التراويح:
لما ورد في "الصحيحين" عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، كَيْفَ كَانَتْ صَلاَةُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِى رَمَضَانَ قَالَتْ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَزِيدُ فِى رَمَضَانَ وَلاَ فِى غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُصَلِّى أَرْبَعًا فَلاَ تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ ثُمَّ يُصَلِّى أَرْبَعًا فَلاَ تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ ثُمَّ يُصَلِّى ثَلاَثًا فَقَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ فَقَالَ « يَا عَائِشَةُ إِنَّ عَيْنَىَّ تَنَامَانِ وَلاَ يَنَامُ قَلْبِى ».
وأما الزيادة على ذلك إلى إحدى وعشرين ركعة أو ثلاث وعشرين ركعة فليس عليها دليل ، اللهم إلا أن تكون ثلاث عشرة ركعة فقد ثبت في الصحيحين عن ابْنَ عَبَّاسٍ:كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُصَلِّى مِنَ اللَّيْلِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً.
أما حديث ابن عباس رضي الله عنه عند "البيهقي"(2/496) قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى عشرين ركعة والوتر. وهو حديث ضعيف جداً ، وفي إسناده إبراهيم بن عثمان أبو شيبة العبسي وهو متروك.
وأما ما أخرجه "البيهقي"(2/496) من طريق يزيد بن خصيفة عن السائب بن يزيد قال: كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في شهر رمضان بعشرين ركعة ، قال: وكانوا يقرؤون بالمئين ، وكانوا يتوكؤون على عصيهم في عهد عثمان رضي الله عنه من شدة القيام.فهو معلول تفرد به يزيد بن خصيفة ، وغير ذلك.
بل ثبت عن عمر كما في "الموطأ" أنه أمر أبي بن كعب وتميماً الداري أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة قال وقد كان القارئ يقرأ بالمئين حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر.
وأما الآثار عن غيره من الصحابة في هذا كلها لا تثبت.
للمزيد انظر:"صلاة التراويح" ص(48-71) ، و"فتح العلام" (1/868) ، و"مذكرة الفقه" للعلامة العثيمين رحمه الله.
وقد كنا نصلى في "جامع التوحيد" إحدى عشرة ركعة وأحياناً ثلاث عشرة ركعة ، ولم نكن نزيد على ذلك والفضل في هذا لله وحده.
- ترك اعتياد دعاء القنوت في الوتر:
قال الإمام الألباني رحمه الله في "صفة الصلاة"ص(179):
وكان صلى الله عليه وسلم يقنت في ركعة الوتر ، أحياناً.
ثم قال في الهامش(7): وإنما قلنا "أحياناً" لأن الصحابة الذين رووا الوتر لم يذكروا القنوت فيه ، فلو كان صلى الله عليه وسلم يفعله دائماً ، لنقلوه جمعياً عنه ، نعم رواه عنه أبي بن كعب وحده فدل على أنه كان يفعله أحياناً ، ففيه دليل على أنه غير واجب ، وهو مذهب جمهور العلماء...إلخ
وكثير من مساجد هرجيسا يعتادون قراءة القنوت في الوتر ،أما في "جامع التوحيد" فقد كنا نقرأه أحياناً ونتركه أحياناً والحمد لله.
انظر:"فتح العلام" (1/779).
- عدم الزيادة على دعاء قنوت الوتر:
ودعاء قنوت الوتر الذي علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم حسن بن علي هو:" اللهم اهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولَّني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وَقِني شر ما قضيت ، فـإنك تقضي ولا يُقضى عليك . وإنه لا يذل من واليت ، ولا يَعِزُّ من عاديت تباركت ربنا وتعاليت ، لا منجا منك إلا إليك".
قال العلامة الألباني رحمه الله في "تلخيص صفة الصلاة"ص(29):
وهذا الدعاء من تعليم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يزاد عليه ، إلا الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم فتجوز ، لثبوتها عن الصحابة رضي الله عنهم.اهـ
- عدم التغني بقراءة هذا الدعاء:
ذكر الشيخ ياسر العدني حفظه الله ثلاثة أمور تدل عدم التغني بالدعاء وهي:
- أن الدعاء عبادة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:الدعاء هو العبادة. فالأصل في العبادة التوقيف.
- المطلوب هو التغني بالقرآن لا بالدعاء فقال صلى الله عليه وسلم:زينوا القرآن بأصواتكم. ولم يقل: زينوا الدعاء بأصواتكم.
- ذكر شيخ الإسلام رحمه الله ان التغني بالدعاء من فعل بالنصارى.
ثم قال حفظه الله ما معناه: التغني بالدعاء جمع ما بين بدعة وتشبه بالكفار.
للمزيد انظر: خطبة جمعة "من أخطاء الصائمين" للشيخ ياسر العدني حفظه الله ، و"تصحيح الدعاء" للشيخ بكر أبي زيد رحمه الله ص(82-84).
ولا أعرف مسجداً من مساجد هرجيسا لا يتغنى الِإمام فيه بالدعاء حتى في مساجد حزب الجديد ، وأما في "جامع التوحيد" فقد من الله علينا بترك هذه البدعة.
في العيد:
- الخروج إلى المصلى:
قال الإمام البخاري رحمه الله : باب الخروج إلى المصلى بغير منبر.
956- حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي زَيْدٌ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالأَضْحَى إِلَى الْمُصَلَّى فَأَوَّلُ شَيْءٍ يَبْدَأُ بِهِ الصَّلاَةُ ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَيَقُومُ مُقَابِلَ النَّاسِ وَالنَّاسُ جُلُوسٌ عَلَى صُفُوفِهِمْ فَيَعِظُهُمْ وَيُوصِيهِمْ وَيَأْمُرُهُمْ فَإِنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَقْطَعَ بَعْثًا قَطَعَهُ ، أَوْ يَأْمُرَ بِشَيْءٍ أَمَرَ بِهِ ثُمَّ يَنْصَرِفُ.إلخ
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَغْدُو إِلَى الْمُصَلَّى وَالْعَنَزَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ تُحْمَلُ وَتُنْصَبُ بِالْمُصَلَّى بَيْنَ يَدَيْهِ فَيُصَلِّي إِلَيْهَا.أخرجه البخاري
قال الإمام ابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد"(1 / 425):
كَانَ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يُصَلّي الْعِيدَيْنِ فِي الْمُصَلّى وَهُوَ الْمُصَلّى الّذِي عَلَى بَابِ الْمَدِينَةِ الشّرْقِيّ وَهُوَ الْمُصَلّى الّذِي يُوضَعُ فِيهِ مَحْمِلُ الْحَاجّ وَلَمْ يُصَلّ الْعِيدَ بِمَسْجِدِهِ إلّا مَرّةً وَاحِدَةً أَصَابَهُمْ مَطَرٌ فَصَلّى بِهِمْ الْعِيدَ فِي الْمَسْجِدِ إنْ ثَبَتَ الْحَدِيثُ وَهُوَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَابْنِ مَاجَه وَهَدْيُهُ كَانَ فِعْلَهُمَا فِي الْمُصَلّى دَائِمًا .اهـ
قال الحافظ رحمه الله في "الفتح"(1 / 406):
وفي هذا الحديث من الفوائد مشروعية الخروج إلى المصلى في العيد.اهـ
وقال رحمه الله في "الفتح"(2 / 450):
وفيه الخروج إلى المصلى في العيد وأن صلاتها في المسجد لا تكون الا عن ضرورة.اهـ
وقال الإمام النووي رحمه الله في "شرح مسلم "(3 / 280):
قَوْله : ( أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْرُج يَوْم الْأَضْحَى وَيَوْم الْفِطْر فَيَبْدَأ بِالصَّلَاةِ )
هَذَا دَلِيل لِمَنْ قَالَ بِاسْتِحْبَابِ الْخُرُوج لِصَلَاةِ الْعِيد إِلَى الْمُصَلَّى ، وَأَنَّهُ أَفْضَل مَنْ فَعَلَهَا فِي الْمَسْجِد ، وَعَلَى هَذَا عَمَل النَّاس فِي مُعْظَم الْأَمْصَار ، وَأَمَّا أَهْل مَكَّة فَلَا يُصَلُّونَهَا إِلَّا فِي الْمَسْجِد مِنْ الزَّمَن الْأَوَّل ، وَلِأَصْحَابِنَا وَجْهَانِ أَحَدهمَا الصَّحْرَاء أَفْضَل لِهَذَا الْحَدِيث ، وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَصَحّ عِنْد أَكْثَرهمْ الْمَسْجِد أَفْضَل إِلَّا أَنْ يَضِيق . قَالُوا : وَإِنَّمَا صَلَّى أَهْل مَكَّة فِي الْمَسْجِد لِسَعَتِهِ ، وَإِنَّمَا خَرَجَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُصَلَّى لِضِيقِ الْمَسْجِد ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمَسْجِد أَفْضَل إِذَا اِتَّسَعَ .اهـ
وقال الإمام أبو العباس القرطبي رحمه الله في "المفهم"(8 / 4):
خروج رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى المصلى دليل على أن مشروعية صلاة العيدين الخروج إلى المصلى ، وهو الذي عمل عليه الناس . وحكمه إظهار جمال الإسلام ، والمباهاة ، والغلظة على الكفار ، وتستوي في ذلك البلاد كلها مع التمكن ، إلا مكة ، فإنه لا يخرج منها في العيدين لخصوصية ملاحظة البيت.
قال ابن بطال رحمه الله في "شرح البخارى" (2 / 554):
وفيه : البروز إلى المصلى والخروج إليها ، وأنه من سنتها وأنه لا يصلى فى المسجد إلا من ضرورة ، روى ابن زياد عن مالك قال : السنة الخروج إليها إلى المصلى إلا لأهل مكة ، فالسنة صلاتهم إياها فى المسجد .اهـ
وقد أتينا الناس في هذه الناحية التي يقع فيها مسجد "جامع التوحيد" وهم يصلون العيد داخل مسجد فأخبرناهم بهدي النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة العيد ،وأنها تصلى في "المصلى" فأخرجناهم بفضل الله إلى المصلى ، وتبلغ الآن عدد الأعياد التي صلينا معهم في المصلى أربعة أعياد والله المستعان.
وختاماً أقول:
إن ما أحياه السلفيون في هذا المسجد كثير وإنما هذا قطرة من مطرة ، وإلا فمن أكبر ما بيّنوه وأحيوه توحيد الله عز وجل بأنواعه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، والتحذير من الشرك بأنواعه ووسائله واهله، ومن البدع وأهلها ، ومن الجمعيات والحزبيات وأهلها ، سواء كان في الخطب أو المحاضرات أو غيرهما.
وهذا من أشهر ما جعل هؤلاء الذين كانوا وراء إسقاط المسجد أن يقوموا بهذا الفعل الشنيع ، وقد حرصت على الإختصار لأن المقام ليس مقام بسط للمسائل التي وردت فيه وإنما هي إشارة أليها ، ولم أستقص ما أحياه أهل السنة في ذلك المسجد , وإنما هذا ما استحضره ذهني ، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يبدلنا خيراً منه ، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم :" إنك لن تدع شيئا اتقاء الله جل وعز ألا أعطاك الله خيراً منه" أخرجه الإمام أحمد ( 5 / 363 ) قال الإمام الوادعي رحمه الله في "الصحيح المسند": هذا حديث صحيح .اهـ
وقال العلامة الألباني رحمه الله: "الضعيفة"(1 / 62): وسنده صحيح على شرط مسلم .اهـ
وما هذا إلا مصداق قول الله عز وجل:﴿ الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾[العنكبوت : 1 - 3]
وقوله:﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾ [البقرة : 214]
وقوله:﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ﴾ [آل عمران : 142]
وقوله:﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [التوبة : 16]
وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال:"أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل يبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان في دينه صلبا اشتد بلاؤه و إن كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض و ما عليه خطيئة". رواه الترمذي ( 2 / 64 ) و ابن ماجه ( 4023 ) وهو في "الصحيحة"(143).
وما علينا إلا الصبر والإحتساب ، فقد قال الإمام ابن القيم رحمه الله في "النونية":
والحق منصور وممتحن فلا ::: تعجب فهذي سنة الرحمن.
وقال الأخ رياض العدني رحمه الله في "الناصحة":
والحق منصور ولكن يمتحن ::: ويبتلى صاحبه لا تجزعن.
وقال الإمام ابن القيم رحمه لله في "مدارج السالكين"(2 / 154):
سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول : بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين ثم تلا قوله تعالى : ﴿وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانو بآياتنا يوقنون﴾ السجده : 24.اهـ
وقال رحمه الله في "إعلام الموقعين" (4 / 135):
إذ بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين فإن الداعي إلى الله تعالى لا يتم له أمره إلا بيقينه للحق الذي يدعو إليه وبصيرته به وصبره على تنفيذ الدعوة إلى الله باحتمال مشاق الدعوة وكف النفس عما يوهن عزمه ويضعف إرادته فمن كان بهذه المثابة كان من الأئمة الذين يهدون بأمره تعالى.اهـ
وقال رحمه الله "الفوائد" (1 / 149): فمتى فقدت الصبر واليقين كنت كمن أراد السفر في البحر في غير مركب.اهـ
وأسأل الله أن ينتقم كل من كان وراء هذا الفعل الشنيع ، والعمل الخبيث ، ويفضحهم في الدنيا والآخرة ، إنه سميع قريب مجيب الدعوات ، ذو الجلال والإكرام.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
كان الإنتهاء من هذه العجالة في الخامس عشر من رمضان عام 1433هـ
يمكنكم تحميل الموضوع [من هنا].
[1] ) "البيان الحسن بترجمة الإمام الوادعي وما أحياه من السنن" للشيخ الفاضل أبي محمد عبد الحميد الحجوري حفظه الله.
[2] ) انظر "مختصر البيان الموضح لحزبية العدني عبد الرحمن ومن تبعه في الفتنة والعدوان" ص(25).
[3] ) انظر "التجلية لأمارات الحزبية".
[4] ) انظر "التأكيد على حزبية البربراوي وأحمد عيد...".
تعليق