[ حكم الخطبة بغير لغة العربية ]

[محمد بن إسماعيل أبو عبد الله]

[ حكم الخطبة بغير لغة العربية ]

إنَّ الحَمدَ للهِ نحمَدهُ ونَسْتعِينهُ ونَسْتغفِرهُ ونَعُوذُ باللهِ منْ شُرورِ أنْفُسِنَا ومِن سَيِّئاتِ أعْمَالنَا ، منْ يَهْدهِ اللهُ فَلَا مُضلَّ لَهُ ومنْ يُضلِلْ فلَا هَادِيَ لَهُ، وأشْهدُ أنْ لَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شَريْكَ لَهُ ، وأشْهدُ أنَّ مُحمَّداً عَبدهُ ورسُولهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلى آلهِ وسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران :102].
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء : 1].
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (*) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب : 70 ،71 ].
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ علَيه وعلى آلهِ وسلَّم وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ .
أما بعد فهذه كلمة مختصرة في حكم الخطبة بغير لغة العربية أسأل الله أجعلها خالصة أن ينفع بها .
الخطبة بغير العربية جائزة إذا كان المخاطبون لا يعرفون العربية لأن الخطبة لتفهيم الناس وإفادتهم بأمور الدين ووعظهم وإرشادهم وتحذيرهم من المنكرات والمعاصي من شرك وكفر وبدع وإذا كانوا لا يعرفون اللغة العربية لا يستفيدون من الخطبة شيئاً ولهذا الراحج أنها تجوز والله أعلم .
والدليل على هذا قوله تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [إبراهيم : 4]
قوله تعالى: ﴿ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ ﴾ أي بلغة قومه ليفهمهم وتقوم عليهم الحجج والبراهين .
فالخطيب يقرأ الآيات والأحاديث باللغة العربية ثم يفسرها بلغة من يخطب لهم .

وسئل فضيلة الشيخ العلامة رحمه الله تعالى: ما حكم الخطبة بغير اللغة العربية؟
فأجاب فضيلته رحمه الله بقوله:الصحيح في هذه المسألة أنه يجوز لخطيب الجمعة أن يخطب باللسان الذي لا يفهم الحاضرون غيره، فإذا كان هؤلاء القوم مثلاً ليسوا بعرب ولا يعرفون اللغة العربية فإنه يخطب بلسانهم؛ لأن هذا هو وسيلة البيان لهم، والمقصود من الخطبة هو بيان حدود الله سبحانه وتعالى للعباد، ووعظهم، وإرشادهم، إلا أن الآيات القرآنية يجب أن تكون باللغة العربية، ثم تفسر بلغة القوم، ويدل على أنه يخطب بلسان القوم ولغتهم قوله تعالى: ﴿ وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِى مَن يَشَآءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ فبين الله تعالى أن وسيلة البيان إنما تكون باللسان الذي يفهمه المخاطبون. والله أعلم.اهـ مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين [16 / 73]

كتبه:
أبو عبدالله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الإسحاقي
في يوم الأحد [ 3 / شوال/ 1434هـ ]
في مدينة هرجيسا من بلاد الصومال