• If this is your first visit, be sure to check out the FAQ by clicking the link above. You may have to register before you can post: click the register link above to proceed. To start viewing messages, select the forum that you want to visit from the selection below.

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

[وجوب طاعة أمراء المسلمين في طاعة الله وتحريم طاعتهم في معصية رب العالمين] لإخينا الفاضل أبي عبد الله الإسحاقي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [وجوب طاعة أمراء المسلمين في طاعة الله وتحريم طاعتهم في معصية رب العالمين] لإخينا الفاضل أبي عبد الله الإسحاقي

    وجوب طاعة أمراء المسلمين
    في طاعة الله وتحريم طاعتهم
    في معصية رب العالمين
    الخطبة الأولى
    إنَّ الحَمدَ للهِ نحمَدهُ ونَسْتعِينهُ ونَسْتغفِرهُ ونَعُوذُ باللهِ منْ شُرورِ أنْفُسِنَا ومِن سَيِّئاتِ أعْمَالنَا ، منْ يَهْدهِ اللهُ فَلَا مُضلَّ لَهُ ومنْ يُضلِلْ فلَا هَادِيَ لَهُ، وأشْهدُ أنْ لَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شَريْكَ لَهُ ، وأشْهدُ أنَّ مُحمَّداً عَبدهُ ورسُولهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلى آلهِ وسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً.
    ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران :102]
    ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء : 1]
    ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (*) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب : 70 ،71 ]
    أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وعلى آله وسلم وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ .
    قال تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [النساء : 59]
    ﴿ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ﴾ هم العلماء والأمراء
    وفيها دليل على وجوب طاعة أمراء المسلمين وتحريم طاعتهم في الأمر بالمعصية
    وعَنِ عبدالله بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ « عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ إِلاَّ أَنْ يُؤْمَرَ بِمَعْصِيَةٍ فَإِنْ أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلاَ سَمْعَ وَلاَ طَاعَةَ ». متفق عليه
    فيه دليل على وجوب طاعة ولاة أمور المسلمين وتحريم طاعتهم على معصية الله .
    وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « عَلَيْكَ السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ فِى عُسْرِكَ وَيُسْرِكَ وَمَنْشَطِكَ وَمَكْرَهِكَ وَأَثَرَةٍ عَلَيْكَ ». رواه مسلم
    وعن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، رضي الله عنهما قَالَ: « كُنَّا إِذَا بَايَعْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم علَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، يَقُولُ لَنَا: فِيمَا اسْتَطَعْتَ ». متفق عليه
    وعَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ رضي الله عنه - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا ، وَإِنِ اسْتُعْمِلَ حَبَشِىٌّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ » .متفق عليه
    قيل لصغر رأسه وقيل لجعودة شعره .
    في هذه الأحاديث وجوب طاعة ولي أمر المسلمين وإن كان عبداً حبشاً .
    وقد أجمع العلماء على عدم تولية العبد لكن إذا تولى وجبت طاعته.
    وعَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصُّبْحَ ذَاتَ يَوْمٍ ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا ، فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ ، فَقَالَ قَائِلٌ : يَا رَسُولَ اللهِ ، كَأَنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ ، فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا ؟ فَقَالَ: « أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ ، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا ، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا ، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ ، تَمَسَّكُوا بِهَا ، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ ». وفي رواية حسّنها بعض العلماء « وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ » وأخرجه أحمد وأصحاب السنن
    فيه وجوب طاعة ولاة أمور المسلمين .
    وفيه الحذر والتحذير من المحدثات والبدع .
    وفيه ابطال المنكرات من الديمقراطية والإنتخابات والمظاهرات والمسيرات والانقلابات والاغتيالات ويجب على المسلمين الإجتناب والإبتعاد عن هذه الأمور وغيرها من المحرّمات .
    وعَنِ عبدالله بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَلْيَصْبِرْ ، فَإِنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنَ السُّلْطَانِ شِبْرًا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً » . متفق عليه
    فيه وجوب الصبر على طاعة أمراء المسلمين وتحريم الخروج عليهم وأن من خرج عن الأمير مات ميتة جاهلية .
    الخطبة الثانية
    الحَمْدُ للهِ حَمْداً كَثِيْراً طَيِّباً مُبَارَكَاً فِيْهِ كَمَا يُحِبُّ ربُنا ويَرْضَى وَأَشْهَدُ أنْ لَّا إلهَ إلَّا اللهُ وأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ ورَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ تَسْلِيْماً .
    وعَن حُذَيْفَةَ بْنُ الْيَمَانِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ قَالَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم « يَكُونُ بَعْدِى أَئِمَّةٌ لاَ يَهْتَدُونَ بِهُدَاىَ وَلاَ يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِى وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِى جُثْمَانِ إِنْسٍ ». قَالَ قُلْتُ كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ قَالَ « تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأَمِيرِ وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ ». متفق عليه وهذا لفظ مسلم
    فيه وجوب طاعة أمراء المسلمين وتحريم الخروج عليهم .
    يا أيها الناس الواجب علينا طاعة أمرائنا في طاعة الله عملاً بهذه الأدلة.
    وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ أَطَاعَنِى فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ يَعْصِنِى فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَمَنْ يُطِعِ الأَمِيرَ فَقَدْ أَطَاعَنِى وَمَنْ يَعْصِ الأَمِيرَ فَقَدْ عَصَانِى ». متفق عليه
    يا أيها المسلمون لنعلم أنما الطاعة في المعروف فأذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة ومع ذلك فلا يجوز الخروج عليه بل الواجب الصبر.
    عَنْ عَلِىٍّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بَعَثَ جَيْشًا وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلاً فَأَوْقَدَ نَارًا وَقَالَ ادْخُلُوهَا. فَأَرَادَ نَاسٌ أَنْ يَدْخُلُوهَا وَقَالَ الآخَرُونَ إِنَّا قَدْ فَرَرْنَا مِنْهَا. فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ لِلَّذِينَ أَرَادُوا أَنْ يَدْخُلُوهَا « لَوْ دَخَلْتُمُوهَا لَمْ تَزَالُوا فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ». وَقَالَ لِلآخَرِينَ قَوْلاً حَسَنًا وَقَالَ « لاَ طَاعَةَ فِى مَعْصِيَةِ اللَّهِ إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِى الْمَعْرُوفِ ».متفق عليه
    فيه دليل على تحريم طاعة الأمير بالمعصية والمنكر .
    تتمة
    قال تعالى:﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (*) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [لقمان : 14 ، 15] في الآية الكريمة دليل على تحريم طاعة الوالدين في المعصية .
    قال الإمام ابن جرير رحمه الله: يقول تعالى ذكره: وإن جاهدك أيها الإنسان، والداك على أن تشرك بي في عبادتك إياي معي غيري، مما لا تعلم أنه لي شريك، ولا شريك له تعالى ذكره علوّا كبيرا، فلا تطعهما فيما أراداك عليه من الشرك بي.
    ﴿وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيا مَعْرُوفًا﴾ يقول: وصاحبهما في الدنيا بالطاعة لهما فيما لا تبعة عليك فيه، فيما بينك وبين ربك ولا إثم.
    وقوله:﴿وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أنابَ إليَّ﴾ يقول: واسلك طريق من تاب من شركه، ورجع إلى الإسلام، واتبع محمدا صلى الله عليه وسلم. اهـ
    وقال العلامة ناصر السعدي رحمه الله: ﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ ﴾ أي: اجتهد والداك ﴿عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا ﴾ ولا تظن أن هذا داخل في الإحسان إليهما، لأن حق اللّه، مقدم على حق كل أحد، و "لا طاعة لمخلوق، في معصية الخالق"
    ولم يقل: "وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فعقهما" بل قال: ﴿ فَلا تُطِعْهُمَا﴾أي:بالشرك، وأما برهما، فاستمر عليه، ولهذا قال:﴿ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ﴾ أي: صحبة إحسان إليهما بالمعروف، وأما اتباعهما وهما بحالة الكفر والمعاصي، فلا تتبعهما.
    اعلموا أيها الناس أن كل خير وفوز وفلاح في اتباع الكتاب والسنة على فهم السلف الصالح واعلموا أن الكفار دعاة إلى النار قال تعالى:﴿ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ [البقرة : 221]
    وقال تعالى:﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ﴾ [القصص : 41]
    بعض الأحاديث في وجوب طاعة أمراء المسلمين
    عَنْ أَبِى ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ إِنَّ خَلِيلِى أَوْصَانِى أَنْ أَسْمَعَ وَأُطِيعَ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا مُجَدَّعَ الأَطْرَافِ ". رواه مسلم
    تحريم الجروج على الحكام
    عَنْ عُبَادَةَ بن الصامت رضي الله عنه قَالَ بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِى الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ وَعَلَى أَثَرَةٍ عَلَيْنَا وَعَلَى أَنْ لاَ نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ وَعَلَى أَنْ نَقُولَ بِالْحَقِّ أَيْنَمَا كُنَّا لاَ نَخَافُ فِى اللَّهِ لَوْمَةَ لاَئِمٍ "
    وفي رواية «إِلاَّ أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ ». متفق عليه
    وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنهما عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم - قَالَ « السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ ، فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ ، مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِمَعْصِيَةٍ ، فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلاَ سَمْعَ وَلاَ طَاعَةَ » متفق عليه وقد تقدم
    وعن أُمِّ الْحُصَيْنِ رضي الله عنه قَالَت حَجَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَجَّةَ الْوَدَاعِ قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم قَوْلاً كَثِيرًا ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ « إِنْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ مُجَدَّعٌ - حَسِبْتُهَا قَالَتْ - أَسْوَدُ يَقُودُكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا ». رواه مسلم
    وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّمَا الإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ فَإِنْ أَمَرَ بِتَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَدَلَ كَانَ لَهُ بِذَلِكَ أَجْرٌ وَإِنْ يَأْمُرْ بِغَيْرِهِ كَانَ عَلَيْهِ مِنْهُ ».
    وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّهَا سَتَكُونُ بَعْدِى أَثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَأْمُرُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَّا ذَلِكَ قَالَ « تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الَّذِى عَلَيْكُمْ وَتَسْأَلُونَ اللَّهَ الَّذِى لَكُمْ ». متفق عليه
    الْحَارِثَ الأَشْعَرِىَّ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ يَعْمَلَ بِهَا وَيَأْمُرَ بَنِى إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهَا وَإِنَّهُ كَادَ أَنْ يُبْطِئَ بِهَا فَقَالَ عِيسَى إِنَّ اللَّهَ أَمَرَكَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ لِتَعْمَلَ بِهَا وَتَأْمُرَ بَنِى إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهَا فَإِمَّا أَنْ تَأْمُرَهُمْ وَإِمَّا أَنَا آمُرُهُمْ. فَقَالَ يَحْيَى أَخْشَى إِنْ سَبَقْتَنِى بِهَا أَنْ يُخْسَفَ بِى أَوْ أُعَذَّبَ فَجَمَعَ النَّاسَ فِى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَامْتَلأَ الْمَسْجِدُ وَقَعَدُوا عَلَى الشُّرَفِ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِى بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ أَعْمَلَ بِهِنَّ وَآمُرَكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا بِهِنَّ أَوَّلُهُنَّ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَإِنَّ مَثَلَ مَنْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ خَالِصِ مَالِهِ بِذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ فَقَالَ هَذِهِ دَارِى وَهَذَا عَمَلِى فَاعْمَلْ وَأَدِّ إِلَىَّ فَكَانَ يَعْمَلُ وَيُؤَدِّى إِلَى غَيْرِ سَيِّدِهِ فَأَيُّكُمْ يَرْضَى أَنْ يَكُونَ عَبْدُهُ كَذَلِكَ وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ بِالصَّلاَةِ فَإِذَا صَلَّيْتُمْ فَلاَ تَلْتَفِتُوا فَإِنَّ اللَّهَ يَنْصِبُ وَجْهَهُ لِوَجْهِ عَبْدِهِ فِى صَلاَتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ وَآمُرُكُمْ بِالصِّيَامِ فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ فِى عِصَابَةٍ مَعَهُ صُرَّةٌ فِيهَا مِسْكٌ فَكُلُّهُمْ يَعْجَبُ أَوْ يُعْجِبُهُ رِيحُهَا وَإِنَّ رِيحَ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ وَآمُرُكُمْ بِالصَّدَقَةِ فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ فَأَوْثَقُوا يَدَهُ إِلَى عُنُقِهِ وَقَدَّمُوهُ لِيَضْرِبُوا عُنُقَهُ فَقَالَ أَنَا أَفْدِيهِ مِنْكُمْ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ. فَفَدَى نَفْسَهُ مِنْهُمْ وَآمُرُكُمْ أَنْ تَذْكُرُوا اللَّهَ فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ خَرَجَ الْعَدُوُّ فِى أَثَرِهِ سِرَاعًا حَتَّى إِذَا أَتَى عَلَى حِصْنٍ حَصِينٍ فَأَحْرَزَ نَفْسَهُ مِنْهُمْ كَذَلِكَ الْعَبْدُ لاَ يُحْرِزُ نَفْسَهُ مِنَ الشَّيْطَانِ إِلاَّ بِذِكْرِ اللَّهِ ». قَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- « وَأَنَا آمُرُكُمْ بِخَمْسٍ اللَّهُ أَمَرَنِى بِهِنَّ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ وَالْجِهَادُ وَالْهِجْرَةُ وَالْجَمَاعَةُ فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ قِيدَ شِبْرٍ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الإِسْلاَمِ مِنْ عُنُقِهِ إِلاَّ أَنْ يَرْجِعَ وَمَنِ ادَّعَى دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّهُ مِنْ جُثَا جَهَنَّمَ ». فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنْ صَلَّى وَصَامَ قَالَ « وَإِنْ صَلَّى وَصَامَ فَادْعُوا بِدَعْوَى اللَّهِ الَّذِى سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ الْمُؤْمِنِينَ عِبَادَ اللَّهِ ». رواه الترمذي
    فصل
    فصل
    طاعة ولاة أمور المسلمين
    عن أَبي أُمَامَةَ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَخْطُبُ فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَقَالَ « اتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ وَصَلُّوا خَمْسَكُمْ وَصُومُوا شَهْرَكُمْ وَأَدُّوا زَكَاةَ أَمْوَالِكُمْ وَأَطِيعُوا ذَا أَمْرِكُمْ تَدْخُلُوا جَنَّةَ رَبِّكُمْ ».
    فصل
    وجوب الوفاء ببيعة الخليفة الأول فالأول
    عن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمُ الأَنْبِيَاءُ كُلَّمَا هَلَكَ نَبِىٌّ خَلَفَهُ نَبِىٌّ وَإِنَّهُ لاَ نَبِىَّ بَعْدِى وَسَتَكُونُ خُلَفَاءُ فَتَكْثُرُ ». قَالُوا فَمَا تَأْمُرُنَا قَالَ « فُوا بِبَيْعَةِ الأَوَّلِ فَالأَوَّلِ وَأَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ ». متفق عليه
    وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ رَبِّ الْكَعْبَةِ قَالَ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ جَالِسٌ فِى ظِلِّ الْكَعْبَةِ وَالنَّاسُ مُجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ فَأَتَيْتُهُمْ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِى سَفَرٍ فَنَزَلْنَا مَنْزِلاً فَمِنَّا مَنْ يُصْلِحُ خِبَاءَهُ وَمِنَّا مَنْ يَنْتَضِلُ وَمِنَّا مَنْ هُوَ فِى جَشَرِهِ إِذْ نَادَى مُنَادِى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الصَّلاَةَ جَامِعَةً. فَاجْتَمَعْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ « إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِىٌّ قَبْلِى إِلاَّ كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ وَإِنَّ أُمَّتَكُمْ هَذِهِ جُعِلَ عَافِيَتُهَا فِى أَوَّلِهَا وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلاَءٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا وَتَجِىءُ فِتْنَةٌ فَيُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا وَتَجِىءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ هَذِهِ مُهْلِكَتِى. ثُمَّ تَنْكَشِفُ وَتَجِىءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ هَذِهِ هَذِهِ. فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ وَيَدْخُلَ الْجَنَّةَ فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِى يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ وَمَنْ بَايَعَ إِمَامًا فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ فَلْيُطِعْهُ إِنِ اسْتَطَاعَ فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَ الآخَرِ ». فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَقُلْتُ لَهُ أَنْشُدُكَ اللَّهَ آنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَهْوَى إِلَى أُذُنَيْهِ وَقَلْبِهِ بِيَدَيْهِ وَقَالَ سَمِعَتْهُ أُذُنَاىَ وَوَعَاهُ قَلْبِى. فَقُلْتُ لَهُ هَذَا ابْنُ عَمِّكَ مُعَاوِيَةُ يَأْمُرُنَا أَنْ نَأْكُلَ أَمْوَالَنَا بَيْنَنَا بِالْبَاطِلِ وَنَقْتُلَ أَنْفُسَنَا وَاللَّهُ يَقُولُ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾ قَالَ فَسَكَتَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ أَطِعْهُ فِى طَاعَةِ اللَّهِ وَاعْصِهِ فِى مَعْصِيَةِ اللَّهِ ". رواه مسلم
    فصل
    الصبر على ظلم الولاة
    عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ خَلاَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَلاَ تَسْتَعْمِلُنِى كَمَا اسْتَعْمَلْتَ فُلاَنًا فَقَالَ « إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِى أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِى عَلَى الْحَوْضِ ».متفق عليه
    فصل
    طاعة الأمير وإن منع الحقوق
    عَنْ وَائِلٍ الْحَضْرَمِىِّ قَالَ سَأَلَ سَلَمَةُ بْنُ يَزِيدَ الْجُعْفِىُّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ يَا نَبِىَّ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ قَامَتْ عَلَيْنَا أُمَرَاءُ يَسْأَلُونَا حَقَّهُمْ وَيَمْنَعُونَا حَقَّنَا فَمَا تَأْمُرُنَا فَأَعْرَضَ عَنْهُ ثُمَّ سَأَلَهُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ ثُمَّ سَأَلَهُ فِى الثَّانِيَةِ أَوْ فِى الثَّالِثَةِ فَجَذَبَهُ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ وَقَالَ « اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ ». أخرجه مسلم
    فصل
    وجوب لزوم جماعة المسلمين عند الفتن
    وإمامهم
    عن حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلاَنِيِّ، أَنَّهُ قال: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللهُ بِهذَا الْخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ: نَعَمْ قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ ذلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ قَالَ: نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَنٌ قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ قَالَ: قَوْمٌ يَهْدُونَ بَغَيْرِ هَدْيي، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ قُلْتُ: فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ: نَعَمْ، دُعَاةٌ إِلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ صِفْهُمْ لَنَا فَقَالَ: هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي، إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ قَالَ: تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ قَالَ: فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذلِكَ ". متفق عليه
    فصل
    النصيحة لأمراء المسلمين
    عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِىِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « الدِّينُ النَّصِيحَةُ » قُلْنَا لِمَنْ قَالَ « لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ ». رواه مسلم
    وعن جَريرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه قَالَ بايَعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، فَلَقَّنَني فِيما اسْتَطَعْتُ، وَالنُّصْحِ لِكلِّ مُسْلِمٍ ".
    عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلاَثاً وَيَسْخَطُ لَكُمْ ثَلاَثاً يَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا وَأَنْ تُنَاصِحُوا مَنْ وَلاَّهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ وَيَسْخَطُ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ وَإِضَاعَةَ الْمَالِ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ ». رواه أحمد وأصله في مسلم
    بعض أقوال السلف الصالح في طاعة أمراء المسلمين
    قال الإمام أحمد رحمه الله:والسمع والطاعة للأئمة وأمير المؤمنين البر والفاجر ومن ولي الخلافة واجتمع الناس عليه ورضوا به ومن عليهم بالسيف حتى صار خليفة وسمي أمير المؤمنين والغزو ماض مع الإمام إلى يوم القيامة البر والفاجر لا يترك وقسمة الفيء وإقامة الحدود إلى الأئمة ماض ليس لأحد أن يطعن عليهم ولا ينازعهم ودفع الصدقات إليهم جائزة نافذة من دفعها إليهم أجزأت عنه برا كان أو فاجرا وصلاة الجمعة خلفه وخلف من ولاه جائزة باقية تامة ركعتين من أعادهما فهو مبتدع تارك للآثار مخالف للسنة ليس له من فضل الجمعة شيء إذا لم ير الصلاة خلف الأئمة من كانوا برهم وفاجرهم فالسنة بأن يصلي معهم ركعتين وتدين بأنها تامة لا يكن في صدرك من ذلك شيء ومن خرج على إمام من أئمة المسلمين وقد كانوا اجتمعوا عليه وأقروا بالخلافة بأي وجه كان بالرضا أو الغلبة فقد شق هذا الخارج عصا المسلمين وخالف الآثار عن رسول الله صلى الله عليه و سلم فإن مات الخارج عليه مات ميتة جاهلية ولا يحل قتال السلطان ولا الخروج عليه لأحد من الناس فمن فعل ذلك فهو مبتدع على غير السنة والطريق اهـ
    قال اللالكائي رحمه الله: ثم السمع والطاعة للأئمة وأمراء المؤمنين البر والفاجر ، ومن ولي الخلافة بإجماع الناس ورضاهم ، لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيت ليلة إلا وعليه إمام ، برا كان أو فاجرا فهو أمير المؤمنين . والغزو مع الأمراء ماض إلى يوم القيامة البر والفاجر ، لا يترك . وقسمة الفيء وإقامة الحدود للأئمة ماضية ليس لأحد أن يطعن عليهم ولا ينازعهم ، ودفع الصدقات إليهم جائزة نافذة قد برئ من دفعها إليهم وأجزأت عنه برا كان أو فاجراً وصلاة الجمعة خلفه وخلف من ولاه جائزة قائمة ركعتان من أعادها فهو مبتدع تارك للإيمان مخالف ، وليس له من فضل الجمعة شيء إذا لم ير الجمعة خلف الأئمة من كانوا برهم وفاجرهم ، والسنة أن يصلوا خلفهم لا يكون في صدره حرج من ذلك . ومن خرج على إمام من أئمة المسلمين وقد اجتمع عليه الناس فأقروا له بالخلافة بأي وجه كانت برضا كانت أو بغلبة فهو شاق هذا الخارج عليه العصا ، وخالف الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن مات الخارج عليه مات ميتة جاهلية . ولا يحل قتال السلطان ولا الخروج عليه لأحد من الناس ، فمن عمل ذلك فهو مبتدع على غير السنة. اهـ
    وقال الطحاوي رحمه الله: ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا وإن جاروا ولا ندعوا عليهم ولا ننزع يدا من طاعتهم ونرى طاعتهم من طاعة الله عز
    وجل فريضة ما لم يأمروا بمعصية وندعوا لهم بالصلاح والمعافاة اهـ
    وقال البربهاري رحمه الله: وإذا رأيت الرجل يدعو على السلطان فاعلم أنه صاحب هوى وإذا سمعت الرجل يدعو للسلطان بالصلاح فاعلم أنه صاحب سنة إن شاء الله يقول فضيل بن عياض لو كان لي دعوة مستجابة ما جعلتها الا في السلطان قيل له يا أبا علي فسر لنا هذا قال إذا جعلتها في نفسي لم تعدني وإذا جعلتها في السلطان صلح فصلح بصلاحه العباد والبلاد فأمرنا أن ندعو لهم بالصلاح ولم نؤمر أن ندعو عليهم وإن جاروا وظلموا لأن جورهم وظلمهم على أنفسهم وصلاحهم لأنفسهم وللمسلمين اهـ
    وقال الأمام الآجري رحمه الله: باب في السمع والطاعة لمن ولي أمر المسلمين والصبر عليهم وإن جاروا ، وترك الخروج عليهم ما أقاموا الصلاة ثم ذكر الأدلة
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ويرون إقامة الحج والجمع والأعياد مع الأمراء أبرارًا كانوا أو فجارًا ويحافظون على الجماعات ويدينون بالنصحية للأمة اهـ
    وقال الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله: في إعلام الموقين الوجه الثامن والتسعون نهيه عن قتال الأمراء والخروج على الائمة وإن ظلموا أو جاروا ما أقاموا الصلاة سدا لذريعة الفساد العظيم والشر الكثير بقتالهم كما هو الواقع فإنه حصل بسبب قتالهم والخروج عليهم أضعاف اضعاف ما هم عليه والامة في بقايا تلك الشرور الى الآن وقال إذا بويع الخليفتان فاقتلوا الآخر منهما سدا لذريعة الفتنة اهـ
    وقال شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب النجدي رحمه الله: الأئمة مجمعون من كل مذهب، على أن من تغلب على بلد أو بلدان له حكم الإمام في جميع الأشياء، ولولا هذا ما استقامت الدنيا، لأن الناس من زمن طويل قبل الإمام أحمد إلى يومنا هذا، ما اجتمعوا على إمام واحد، ولا يعرفون أحداً من العلماء ذكر أن شيئا من الأحكام، لا يصح إلا بالإمام الأعظم. اهـ من الدرر السنية في الأجوبة النجدية (9 / 5)
    وقال العلامة ابن باز رحمه الله: السمع والطاعة لولاة الأمر في المعروف
    سئل رحمه الله : يرى البعض : أن حال الفساد وصل في الأمة لدرجة لا يمكن تغييره إلا بالقوة وتهييج الناس على الحكام , وإبراز معايبهم; لينفروا عنهم , وللأسف فإن هؤلاء لا يتورعون عن دعوة الناس لهذا المنهج والحث عليه , ماذا يقول سماحتكم؟ .
    فأجاب : هذا مذهب لا تقره الشريعة; لما فيه من مخالفة للنصوص الآمرة بالسمع والطاعة لولاة الأمور في المعروف , ولما فيه من الفساد العظيم والفوضى والإخلال بالأمن .
    والواجب عند ظهور المنكرات إنكارها بالأسلوب الشرعي , وبيان الأدلة الشرعية من غير عنف , ولا إنكار باليد إلا لمن تخوله الدولة ذلك; حرصا على استتباب الأمن وعدم الفوضى , وقد دلت الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك , ومنها : قوله صلى الله عليه وسلم : « من رأى من أميره شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ، ولا ينزعن يدا من طاعة » ، وقوله صلى الله عليه وسلم : « على المرء السمع والطاعة فيما أحب وكره ، في المنشط والمكره ، ما لم يؤمر بمعصية الله ».
    وقد بايع الصحابة رضي الله عنهم النبي صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمكره , والعسر واليسر , وعلى ألا ينزعوا يدا من طاعة , إلا أن يروا كفرا بواحا عندهم من الله فيه برهان . والأحاديث في هذا المعنى كثيرة .
    والمشروع في مثل هذه الحال : مناصحة ولاة الأمور , والتعاون معهم على البر والتقوى , والدعاء لهم بالتوفيق والإعانة على الخير , حتى يقل الشر ويكثر الخير .
    نسأل الله أن يصلح جميع ولاة أمر المسلمين , وأن يمنحهم البطانة الصالحة , وأن يكثر أعوانهم في الخير , وأن يوفقهم لتحكيم شريعة الله في عباده , إنه جواد كريم .
    سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح ابن عثيمين رحمه الله : عن حكم طاعة الحاكم الذي لا يحكم بكتاب الله وسنة رسوله، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
    فأجاب بقوله : الحاكم الذي لا يحكم بكتاب الله وسنة رسوله تجب طاعته في غير معصية الله ورسوله ، ولا تجب محاربته من أجل ذلك ، بل ولا تجوز إلا أن يصل إلى حد الكفر فحينئذ تجب منابذته ، وليس له طاعة على المسلمين.
    والحكم بغير ما في كتاب الله وسنة رسوله يصل إلى الكفر بشرطين :
    الأول : أن يكون عالمًا بحكم الله ورسوله ، فإن كان جاهلًا به لم يكفر بمخالفته.
    الثاني : أن يكون الحامل له على الحكم بغير ما أنزل الله اعتقاد أنه حكم غير صالح للوقت وأن غيره أصلح منه ، وأنفع للعباد ، وبهذين الشرطين يكون الحكم بغير ما أنزل الله كفرًا مخرجًا عن الملة لقوله - تعالى - : ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ ، وتبطل ولاية الحاكم ، ولا يكون له طاعة على الناس ، وتجب محاربته ، وإبعاده ، عن الحكم.
    أما إذا كان يحكم بغير ما أنزل الله وهو يعتقد أن الحكم به أي بما
    أنزل الله هو الواجب ، وأنه أصلح للعباد ، لكن خالفه لهوى في نفسه أو إرادة ظلم المحكوم عليه ، فهذا ليس بكافر بل هو إما فاسق أو ظالم، وولايته باقية ، وطاعته (في غير معصية الله ورسوله) واجبة ، ولا تجوز محاربته أو إبعاده عن الحكم بالقوة ، والخروج عليه ؛ لأن النبي ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، نهى عن الخروج على الأئمة إلا أن نرى كفرًا صريحًا عندنا فيه برهان من الله تعالى. اهـ مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين (2 / 147 ،148)
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو سُليم عبد الله بن علي الحجري; الساعة 09-02-2013, 09:57 AM.
يعمل...
X