بسم الله الرحمن الرحيم
هذه فتاوى جليلة لسماحة الشيخ الإمام عبد العزيز ابن باز -رحمه الله- يبيّن فيها حكم عمل المرأة خارج البيت والضوابط الشرعية المقيّدة له.
وقد جلعت تحت كلّ فتوى رابطها في موقع الشيخ رحمه الله ، وفي المرفقات الملفات الصوتية التي فُرِّغَتْ منها الفتاوى.
السؤال: هل يمنع الإسلام عمل المرأة أو تجارتها؟
الجواب: لا يمنع الإسلام عمل المرأة ولا تجارتها فالله جل وعلا شرع للعباد العمل وأمرهم به فقال: وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ[1]، وقال: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وهذا يعم الجميع الرجال والنساء، وشرع التجارة للجميع، فالإنسان مأمور بأن يتَّجر ويتسبب ويعمل سواء كان رجلاً أو امرأة، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ[2]، هذا يعم الرجال والنساء جميعاً. وقال: وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاء إِذَا مَا دُعُواْ وَلاَ تَسْأَمُوْاْ أَن تَكْتُبُوْهُ صَغِيرًا أَو كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللّهِ وَأَقْومُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُواْ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا[3]، وهذا للرجال والنساء. فأمر بالكتابة عند الدَين وأمر بالإشهاد ثم بيّن أن هذا كله فيما يتعلق بالمداينات، فالكتابة في الدَين والإشهاد عام ثم قال: إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا، أما الإشهاد فيُشهد ولهذا قال بعدها: وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ.
فهذا كله يعم الرجال والنساء، فالكتابة للرجال والنساء في الدين، والتجارة للرجال والنساء، والإشهاد للرجال والنساء، فيشهدون على بيعهم ويشهدون في تجاراتهم وكتاباتهم، ولكن التجارة الحاضرة لا حرج في عدم كتابتها؛ لأنها تنقضي ولا يبقى لها عُلق وهذا يعم الرجال والنساء جميعاً. وهكذا ما جاء في النصوص يعم الرجال والنساء كحديث النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال عليه الصلاة والسلام: ((البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كتما وكذبا مُحِقت بركة بيعهما))[4] وقال الله سبحانه وتعالى: وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا[5] يعني للجميع.
لكن يجب أن يلاحظ في العمل وفي التجارة: أن تكون الخلطة بينهم خلطة بريئة بعيدة عن كل ما يسبب المشاكل واقتراف المنكرات، فيكون عمل المرأة على وجه لا يكون فيه اختلاط بالرجال ولا تسبب للفتنة، ويكون كذلك تجارتها هكذا على وجه لا يكون فيه فتنة مع العناية بالحجاب والستر والبُعد عن أسباب الفتنة. هذا يلاحظ في البيع والشراء وفي الأعمال كلها؛ لأن الله قال جل وعلا: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى[6]، وقال سبحانه: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ[7]، وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ[8]، فبيعهن وشراؤهن على حِدة بينهن لا بأس به، والرجال على حِدة، وهكذا أعمالهن، هذه تعمل طبيبة للنساء، ممرضة للنساء تُعَلِّم النساء لا بأس، وهذا طبيب للرجال وهذا يعلِّم الرجال لا بأس. أما أن تكون طبيبة للرجال والرجل طبيباً للنساء أو تكون ممرضة للرجال والرجل يكون ممرضاً للنساء فهذا مما يأباه الشرع لما فيه من الفتنة والفساد.
فلا بد مع السماح بالعمل لها وللرجل والتجارة لها وللرجل أن يكون ذلك على وجه ليس فيه خطر على دينها وعرضها، وليس خطراً على الرجل، بل تكون أعمالها على وجه ليس فيه ما يسبب التعرض لدينها وعرضها، ولا يسبب أيضاً فساد الرجال، وفتنة الرجال، وهكذا عمل الرجال فيما بينهم، ولا يكون بينهم من النساء ما يسبب الفتنة والفساد. بل هؤلاء لهم أعمال وهؤلاء لهم أعمال على طريقة سليمة ليس فيها ما يضر هذا الصنف ولا هذا الصنف، ولا يضر المجتمع نفسه.
يستثنى من ذلك ما تدعو الضرورة إليه، فإذا دعت الضرورة إلى أن يتولى الرجل عملاً مع المرأة كتطبيبها عند عدم وجود امرأة تطبها، أو عمل المرأة في حق الرجل عند عدم وجود من يطبه وهي تعرف داءه ومرضه فتطبه مع الحشمة والبعد عن أسباب الفتنة ومع البعد عن الخلوة وما أشبه ذلك.
فإذا كان هناك عمل من المرأة مع الرجل أو من الرجل مع المرأة في حاجة في ذلك وضرورة إلى ذلك، مع مراعاة البُعد عن أسباب الفتنة من الخلوة والتكشف ونحو ذلك مما قد يُسبب الفتن، هذا يكون من باب الاستثناء، فلا بأس أن تعمل المرأة فيما يحتاجه الرجل ويعمل الرجل فيما تحتاجه المرأة على وجه لا يكون فيه خطر على أحد الصنفين كأن تطبه عند عدم وجود طبيب يطبه وهي تعرف مرضه على وجه لا يكون فيه فتنة ولا خلوة وهكذا يطبها إذا احتيج إلى ذلك، لعدم تيسر المرأة التي تطبها وتقوم بحاجتها على وجه لا يكون فيه فتنة ولا يكون فيه خلوة، هكذا وما أشبهه من الأعمال مثل أن تكون في السوق تبيع حاجة مع سترها على الرجال، أو تصلي مع الناس في المسجد مع الحشمة والستر تكون خلف الرجال وتصلي معهم وما أشبه ذلك من الأمور التي لا يكون فيها فتنة ولا يكون فيها خطر على الصنفين.
ومن هذا ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم فإنه صلى الله عليه وسلم ربما خطب النساء واجتمع له النساء وذكرهن فهذا مما يفعله الرجل مع النساء، كان صلى الله عليه وسلم في صلاة العيد إذا فرغ من الخطبة وذكر الرجال أتى النساء وذكَّرهن ووجههن إلى الخير، وهكذا في بعض الأوقات يجتمعن ويذكرهن عليه الصلاة والسلام ويعلمهن ويجيب على أسئلتهن، فهذا من هذا الباب، وهكذا بعده صلى الله عليه وسلم، يذكرهن الرجل ويعظهن ويعلمهن مع اجتماعهم على طريقة حميدة مع التستر والتحفظ والبُعد عن أسباب الفتنة، فإذا دعت الحاجة إلى ذلك قام الرجل بالمهمة (مهمة الوعظ والتذكير والتعليم) مع الحجاب والتستر ونحو ذلك مما يبعد الصنفين عن الفتنة.
[1] سورة التوبة، الآية 105.
[2] سورة النساء، الآية 29.
[3] سورة البقرة، الآية 282.
[4] أخرجه البخاري في كتاب البيوع، باب إذا بين البيعان ولم يكتما ونصحا برقم 2079، ومسلم في كتاب البيوع، باب الصدق في البيع برقم 1532.
[5] سورة البقرة، الآية 275.
[6] سورة الأحزاب، الآية 33.
[7] سورة الأحزاب، الآية 53.
[8] سورة الأحزاب، الآية 59.
http://www.binbaz.org.sa/node/4110
================================================== ====================
السؤال: عمل المرأة إذا لم تكن محتاجة للمادة، هل يعد من الهوى أو لا؟
الجواب: لا يعد من الهوى، عملها لا يعد من الهوى، إذا كان عملاً شريفاً سليماً بين النساء ليس فيه خلطة الرجال وليس فيه إسفار لها عن محاسنها، وإنما تعمل عملاً مباحاً بين أخواتها النساء ليس فيه ظلم ولا عدوان ولا ارتكاب محرم وزوجها راضٍ إن كان لها زوج فلا بأس ليس هذا من الهوى، فالعمل يختلف: فإن كان في معاصي الله وجب تركه، وإن كان عملاً يفضي بها إلى الاختلاط مع الرجال وإظهار المحاسن للرجال كان أيضاً منكراً يجب منع النفس عن هواها في هذا، أما إذا كان عملاً مباحاً أو شرعياً بين أخواتها فلا بأس، مثل مدرسة للبنات، مثل ممرضة للنساء، مثل طبيبة للنساء لا بأس بهذا ولا حرج، والحمد لله.
سؤال: وإن لم تكن محتاجة للمادة؟
الجواب: ولو كانت غير محتاجة، ولو، تأخذ المال لزيادة ثروتها أو للصدقة به أو لغير هذا من الأسباب الحسنة.
سؤال: المهم الشروط التي تفضلتم بذكرها؟
الجواب:نعم.
http://www.binbaz.org.sa/node/20199
================================================== =======================
السؤال: زوجتي تصر على العمل موظفةً بأحد المصالح، مع العلم بأن مكان العمل ذاته ليس فيه اختلاط، ولكن الطريق إليه لا يخلو من الاختلاط، فما حكم عملها إذا كانت لا تحتاج لعملها هذا أبداً، وهي ليست في حاجة مادية إليه، وتتكلف في الذهاب والعودة؟ مع العلم أنها محتشمة، وماذا عليّ من الناحية الشرعية إذا أذنت لها، وهل يحق لي منعها؟
الجواب: إذا كان محلها ليس فيه اختلاط وإنما هو محل نساء وليس فيه خطر من جهة عرضها فلا بأس أن تعمل، وعليك أن توصلها إلى المحل بالطريقة السليمة، إذا كان الطريق فيه خطر، عليك أن توصلها إليه بالطريقة السليمة، ولك أن تمنعها من ذلك إذا كنت ترى أن في ذلك مشقة عليك أو عليها، أو خطر عليك أو عليها، لك أن تمنعها، إلا أن تكون شرطت عليك في النكاح وأنها تبقى في عملها شرطا بينك وبينها، فإذا كان هناك شرط في النكاح أنك تبقيها في العمل المذكور فالمسلمون على شروطهم، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج) لكن عليك أن تلاحظ الذهاب بها، أو يذهب بها بعض أولادها الكبار، أو إخوتها حتى تصل إلى المحل بأمان أو بطريقة سليمة، ما دام المحل ليس فيه خلطة، وليس فيه خطر فلا حرج في ذلك، إن شاء الله.
http://www.binbaz.org.sa/node/10951
================================================== ============
السؤال: أريد السؤال عن عمل المرأة وإقامتها بدون محرم في غير بلدها، علماً بأنني أعمل حالياً بالمملكة وفي مكان كله نساء، وأقيم في القسم الداخلي التابع للعمل، وأيضاً كله نساء والحمد لله، لا يوجد اختلاط أو شيء يغضب الله- عز وجل- سواء في العمل أو السكن، وقد حاولت استقدام أخي كمحرم شرعي لي ولكن لم أُوفق لذلك، فما حكم الشرع في وضعي الحالي وإقامتي هنا بدون محرم، علماً بأنني أولاً استخرت الله عز وجل كثيراً قبل حضوري إلى هنا، وأحسست أن الله يسر لي أموراً كثيرة لهذا الأمر، ثانياً الوضع في بلدي من حيث الاختلاط وسوء الأخلاق في مجال العمل لا يشجع الإنسان المسلم الملتزم على الاستمرار فيه، على ضوء ما ذكرت لكم أرجو الفتوى الصحيحة، وعمدوني بما ترون وفقكم الله.
الجواب: نسأل الله لنا ولك التوفيق وصلاح الحال، أما هذا الذي فعلت فلا بأس به، إقامة المرأة في بلد، من دون محرم لا ضرر فيه ولا حرج فيه، ولا سيما إذا كان ذلك لا خطر فيه فإذا كانت بين النساء, أو في عمل مصون عن الرجال مما أباح الله - عز وجل -، أو في قسمٍ داخلي للنساء بين النساء فكل هذا لا حرج فيه، إنما الممنوع السفر، لا تسافري إلا بمحرم ولا تقدمي إلا بمحرم، فإذا كنت قدمت من بلادك بدون محرم فعليك التوبة إلى الله, والاستغفار, وعدم العودة في مثل هذا، وإذا أردت السفر فلا بد من محرم اصبري حتى يأتي المحرم, لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: (لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم)، وإذا تيسر المحرم من جهة الأقارب, أو بالزواج يكون لك زوج تتزوجي ويكون زوجك محرماً لك في السفر فالأمر بيد الله, فعليك أن تعملي ما تستطيعين عند السفر حتى يحصل المحرم, وأما إقامتك الآن بين النساء في عملٍ مباح فلا حرج فيه والحمد لله.
http://www.binbaz.org.sa/node/10964
هذه فتاوى جليلة لسماحة الشيخ الإمام عبد العزيز ابن باز -رحمه الله- يبيّن فيها حكم عمل المرأة خارج البيت والضوابط الشرعية المقيّدة له.
وقد جلعت تحت كلّ فتوى رابطها في موقع الشيخ رحمه الله ، وفي المرفقات الملفات الصوتية التي فُرِّغَتْ منها الفتاوى.
السؤال: هل يمنع الإسلام عمل المرأة أو تجارتها؟
الجواب: لا يمنع الإسلام عمل المرأة ولا تجارتها فالله جل وعلا شرع للعباد العمل وأمرهم به فقال: وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ[1]، وقال: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وهذا يعم الجميع الرجال والنساء، وشرع التجارة للجميع، فالإنسان مأمور بأن يتَّجر ويتسبب ويعمل سواء كان رجلاً أو امرأة، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ[2]، هذا يعم الرجال والنساء جميعاً. وقال: وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاء إِذَا مَا دُعُواْ وَلاَ تَسْأَمُوْاْ أَن تَكْتُبُوْهُ صَغِيرًا أَو كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللّهِ وَأَقْومُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُواْ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا[3]، وهذا للرجال والنساء. فأمر بالكتابة عند الدَين وأمر بالإشهاد ثم بيّن أن هذا كله فيما يتعلق بالمداينات، فالكتابة في الدَين والإشهاد عام ثم قال: إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا، أما الإشهاد فيُشهد ولهذا قال بعدها: وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ.
فهذا كله يعم الرجال والنساء، فالكتابة للرجال والنساء في الدين، والتجارة للرجال والنساء، والإشهاد للرجال والنساء، فيشهدون على بيعهم ويشهدون في تجاراتهم وكتاباتهم، ولكن التجارة الحاضرة لا حرج في عدم كتابتها؛ لأنها تنقضي ولا يبقى لها عُلق وهذا يعم الرجال والنساء جميعاً. وهكذا ما جاء في النصوص يعم الرجال والنساء كحديث النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال عليه الصلاة والسلام: ((البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كتما وكذبا مُحِقت بركة بيعهما))[4] وقال الله سبحانه وتعالى: وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا[5] يعني للجميع.
لكن يجب أن يلاحظ في العمل وفي التجارة: أن تكون الخلطة بينهم خلطة بريئة بعيدة عن كل ما يسبب المشاكل واقتراف المنكرات، فيكون عمل المرأة على وجه لا يكون فيه اختلاط بالرجال ولا تسبب للفتنة، ويكون كذلك تجارتها هكذا على وجه لا يكون فيه فتنة مع العناية بالحجاب والستر والبُعد عن أسباب الفتنة. هذا يلاحظ في البيع والشراء وفي الأعمال كلها؛ لأن الله قال جل وعلا: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى[6]، وقال سبحانه: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ[7]، وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ[8]، فبيعهن وشراؤهن على حِدة بينهن لا بأس به، والرجال على حِدة، وهكذا أعمالهن، هذه تعمل طبيبة للنساء، ممرضة للنساء تُعَلِّم النساء لا بأس، وهذا طبيب للرجال وهذا يعلِّم الرجال لا بأس. أما أن تكون طبيبة للرجال والرجل طبيباً للنساء أو تكون ممرضة للرجال والرجل يكون ممرضاً للنساء فهذا مما يأباه الشرع لما فيه من الفتنة والفساد.
فلا بد مع السماح بالعمل لها وللرجل والتجارة لها وللرجل أن يكون ذلك على وجه ليس فيه خطر على دينها وعرضها، وليس خطراً على الرجل، بل تكون أعمالها على وجه ليس فيه ما يسبب التعرض لدينها وعرضها، ولا يسبب أيضاً فساد الرجال، وفتنة الرجال، وهكذا عمل الرجال فيما بينهم، ولا يكون بينهم من النساء ما يسبب الفتنة والفساد. بل هؤلاء لهم أعمال وهؤلاء لهم أعمال على طريقة سليمة ليس فيها ما يضر هذا الصنف ولا هذا الصنف، ولا يضر المجتمع نفسه.
يستثنى من ذلك ما تدعو الضرورة إليه، فإذا دعت الضرورة إلى أن يتولى الرجل عملاً مع المرأة كتطبيبها عند عدم وجود امرأة تطبها، أو عمل المرأة في حق الرجل عند عدم وجود من يطبه وهي تعرف داءه ومرضه فتطبه مع الحشمة والبعد عن أسباب الفتنة ومع البعد عن الخلوة وما أشبه ذلك.
فإذا كان هناك عمل من المرأة مع الرجل أو من الرجل مع المرأة في حاجة في ذلك وضرورة إلى ذلك، مع مراعاة البُعد عن أسباب الفتنة من الخلوة والتكشف ونحو ذلك مما قد يُسبب الفتن، هذا يكون من باب الاستثناء، فلا بأس أن تعمل المرأة فيما يحتاجه الرجل ويعمل الرجل فيما تحتاجه المرأة على وجه لا يكون فيه خطر على أحد الصنفين كأن تطبه عند عدم وجود طبيب يطبه وهي تعرف مرضه على وجه لا يكون فيه فتنة ولا خلوة وهكذا يطبها إذا احتيج إلى ذلك، لعدم تيسر المرأة التي تطبها وتقوم بحاجتها على وجه لا يكون فيه فتنة ولا يكون فيه خلوة، هكذا وما أشبهه من الأعمال مثل أن تكون في السوق تبيع حاجة مع سترها على الرجال، أو تصلي مع الناس في المسجد مع الحشمة والستر تكون خلف الرجال وتصلي معهم وما أشبه ذلك من الأمور التي لا يكون فيها فتنة ولا يكون فيها خطر على الصنفين.
ومن هذا ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم فإنه صلى الله عليه وسلم ربما خطب النساء واجتمع له النساء وذكرهن فهذا مما يفعله الرجل مع النساء، كان صلى الله عليه وسلم في صلاة العيد إذا فرغ من الخطبة وذكر الرجال أتى النساء وذكَّرهن ووجههن إلى الخير، وهكذا في بعض الأوقات يجتمعن ويذكرهن عليه الصلاة والسلام ويعلمهن ويجيب على أسئلتهن، فهذا من هذا الباب، وهكذا بعده صلى الله عليه وسلم، يذكرهن الرجل ويعظهن ويعلمهن مع اجتماعهم على طريقة حميدة مع التستر والتحفظ والبُعد عن أسباب الفتنة، فإذا دعت الحاجة إلى ذلك قام الرجل بالمهمة (مهمة الوعظ والتذكير والتعليم) مع الحجاب والتستر ونحو ذلك مما يبعد الصنفين عن الفتنة.
[1] سورة التوبة، الآية 105.
[2] سورة النساء، الآية 29.
[3] سورة البقرة، الآية 282.
[4] أخرجه البخاري في كتاب البيوع، باب إذا بين البيعان ولم يكتما ونصحا برقم 2079، ومسلم في كتاب البيوع، باب الصدق في البيع برقم 1532.
[5] سورة البقرة، الآية 275.
[6] سورة الأحزاب، الآية 33.
[7] سورة الأحزاب، الآية 53.
[8] سورة الأحزاب، الآية 59.
http://www.binbaz.org.sa/node/4110
================================================== ====================
السؤال: عمل المرأة إذا لم تكن محتاجة للمادة، هل يعد من الهوى أو لا؟
الجواب: لا يعد من الهوى، عملها لا يعد من الهوى، إذا كان عملاً شريفاً سليماً بين النساء ليس فيه خلطة الرجال وليس فيه إسفار لها عن محاسنها، وإنما تعمل عملاً مباحاً بين أخواتها النساء ليس فيه ظلم ولا عدوان ولا ارتكاب محرم وزوجها راضٍ إن كان لها زوج فلا بأس ليس هذا من الهوى، فالعمل يختلف: فإن كان في معاصي الله وجب تركه، وإن كان عملاً يفضي بها إلى الاختلاط مع الرجال وإظهار المحاسن للرجال كان أيضاً منكراً يجب منع النفس عن هواها في هذا، أما إذا كان عملاً مباحاً أو شرعياً بين أخواتها فلا بأس، مثل مدرسة للبنات، مثل ممرضة للنساء، مثل طبيبة للنساء لا بأس بهذا ولا حرج، والحمد لله.
سؤال: وإن لم تكن محتاجة للمادة؟
الجواب: ولو كانت غير محتاجة، ولو، تأخذ المال لزيادة ثروتها أو للصدقة به أو لغير هذا من الأسباب الحسنة.
سؤال: المهم الشروط التي تفضلتم بذكرها؟
الجواب:نعم.
http://www.binbaz.org.sa/node/20199
================================================== =======================
السؤال: زوجتي تصر على العمل موظفةً بأحد المصالح، مع العلم بأن مكان العمل ذاته ليس فيه اختلاط، ولكن الطريق إليه لا يخلو من الاختلاط، فما حكم عملها إذا كانت لا تحتاج لعملها هذا أبداً، وهي ليست في حاجة مادية إليه، وتتكلف في الذهاب والعودة؟ مع العلم أنها محتشمة، وماذا عليّ من الناحية الشرعية إذا أذنت لها، وهل يحق لي منعها؟
الجواب: إذا كان محلها ليس فيه اختلاط وإنما هو محل نساء وليس فيه خطر من جهة عرضها فلا بأس أن تعمل، وعليك أن توصلها إلى المحل بالطريقة السليمة، إذا كان الطريق فيه خطر، عليك أن توصلها إليه بالطريقة السليمة، ولك أن تمنعها من ذلك إذا كنت ترى أن في ذلك مشقة عليك أو عليها، أو خطر عليك أو عليها، لك أن تمنعها، إلا أن تكون شرطت عليك في النكاح وأنها تبقى في عملها شرطا بينك وبينها، فإذا كان هناك شرط في النكاح أنك تبقيها في العمل المذكور فالمسلمون على شروطهم، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج) لكن عليك أن تلاحظ الذهاب بها، أو يذهب بها بعض أولادها الكبار، أو إخوتها حتى تصل إلى المحل بأمان أو بطريقة سليمة، ما دام المحل ليس فيه خلطة، وليس فيه خطر فلا حرج في ذلك، إن شاء الله.
http://www.binbaz.org.sa/node/10951
================================================== ============
السؤال: أريد السؤال عن عمل المرأة وإقامتها بدون محرم في غير بلدها، علماً بأنني أعمل حالياً بالمملكة وفي مكان كله نساء، وأقيم في القسم الداخلي التابع للعمل، وأيضاً كله نساء والحمد لله، لا يوجد اختلاط أو شيء يغضب الله- عز وجل- سواء في العمل أو السكن، وقد حاولت استقدام أخي كمحرم شرعي لي ولكن لم أُوفق لذلك، فما حكم الشرع في وضعي الحالي وإقامتي هنا بدون محرم، علماً بأنني أولاً استخرت الله عز وجل كثيراً قبل حضوري إلى هنا، وأحسست أن الله يسر لي أموراً كثيرة لهذا الأمر، ثانياً الوضع في بلدي من حيث الاختلاط وسوء الأخلاق في مجال العمل لا يشجع الإنسان المسلم الملتزم على الاستمرار فيه، على ضوء ما ذكرت لكم أرجو الفتوى الصحيحة، وعمدوني بما ترون وفقكم الله.
الجواب: نسأل الله لنا ولك التوفيق وصلاح الحال، أما هذا الذي فعلت فلا بأس به، إقامة المرأة في بلد، من دون محرم لا ضرر فيه ولا حرج فيه، ولا سيما إذا كان ذلك لا خطر فيه فإذا كانت بين النساء, أو في عمل مصون عن الرجال مما أباح الله - عز وجل -، أو في قسمٍ داخلي للنساء بين النساء فكل هذا لا حرج فيه، إنما الممنوع السفر، لا تسافري إلا بمحرم ولا تقدمي إلا بمحرم، فإذا كنت قدمت من بلادك بدون محرم فعليك التوبة إلى الله, والاستغفار, وعدم العودة في مثل هذا، وإذا أردت السفر فلا بد من محرم اصبري حتى يأتي المحرم, لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: (لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم)، وإذا تيسر المحرم من جهة الأقارب, أو بالزواج يكون لك زوج تتزوجي ويكون زوجك محرماً لك في السفر فالأمر بيد الله, فعليك أن تعملي ما تستطيعين عند السفر حتى يحصل المحرم, وأما إقامتك الآن بين النساء في عملٍ مباح فلا حرج فيه والحمد لله.
http://www.binbaz.org.sa/node/10964
تعليق