إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

إيقاد السراج لتنوير طريق الزواج.

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • إيقاد السراج لتنوير طريق الزواج.

    إيقاد السراج
    لتنوير
    طريق الزواج
    كتبه الفقير إلى الله تعالى
    أبومصعب الشريف بن الطيب فروج الجزائري
    مقدمة:
    إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.
    من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
    وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
    ﴿ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ﴾
    ﴿يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا﴾
    ﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا. يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم. ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما ﴾أما بعد:

    فإن نعم الله علينا كثيرة ﴿ وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم ﴾
    [النحل/18] . ومن نعم الله علينا معشر المسلمين،نعمة الزواج،قال سبحانه وتعالى ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ [النساء:3]قال الحافظ ابن حجر في الفتح عند هذه الآية:(وجه الاستدلال أنها صيغة أمر تقتضي الطلب،وأقل درجاته الندب،فثبت الترغيب.)[فتح الباري9/67ط دار المعرفة]
    وقال تعالى﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ * وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ [الروم:20-21] فبعد أن امتن الله عز وجل على عباده بنعمة إيجادهم وخلقهم من تراب، امتن عليهم بعد ذلك بنعمة أخرى وهي أن جعل لهم من أنفسهم أزواجاً، ، فإنه أخبر عن خلق الإنسان من تراب ابتداءً، ثم الآية الثانية عقّب فيها بالزواج الذي هو السبب بعد ذلك لاستمرار بقاء النوع الإنساني، وأخبر سبحانه وتعالى أنه جعل بين الزوجين المودة والرحمةكما بين أن الزوجة سكن للزوج والزوج سكن لها، وأخبر أيضاً أن الزوجات لباس للأزواج والأزواج كذلك؛ حيث قال سبحانه: ﴿هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ ﴾ [البقرة:187] وأخبر أن المرأة حرث..، إلى غير ذلك من الأوصاف التي وصف الله عز وجل بها النكاح، وامتن به على عباده في غير ما آية في كتابه الكريم.
    أما في سنة نبيه عليه الصلاة والسلام،فقد روىابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء))[رواه البخاري ومسلم] .
    وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال :
    (( جَاءَ ثَلاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا ـ أي رأوا أن عبادتهم قليلة أمام عبادة النبي صلى الله عليه وسلم ـ فَقَالُوا : وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ ؟ قَالَ أَحَدُهُم : أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا ، وَقَالَ آخَرُ : أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلا أُفْطِرُ ، وَقَالَ آخَرُ : أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ : ((أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا ؟ أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ ، وَأَتْقَاكُمْ لَهُ ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي ))[ صحيح البخاري ]
    والأدلة في فضل الزواج من الكتاب والسنة كثيرة،تبين أنه سُنة من سنن الأنبياء ودأب الصالحين ولا غنى للذكور ولا الإناث عن إتمامه متى حان وقته وانعقدت أسبابه فهو سببُ بقاء النسل الشرعي في جنس الإنسان،كماتستقيم به الأخلاق،و تحفظ به الأعراض والأنساب ،وهو أكمل وأصلح لكل نفس في كل زمان ومكان،وفي كل جيل ،عرف ذلك من عرفه وجهله من جهله.
    وقد ضعفت الرغبة في الزواج عند المسلمين في هذه الأزمنة،على النقيض من ا العهود السابقة،حيث كان الزواج أمراً ميسّراً بدون تعقيدات زماننا ومطالبه التي أثقلت كواهل الشباب فأرهقتهم،وحالت بينهم وبين هذه الشعيرة العظيمة،ولا يشك عاقل أن وراء هذه التعقيدات مـــن وراءها من أعداء الإسلام وأذنابهم،حتى ينشروا الرذائل في أوساط المسلمين ،ويحاولوا الإقلال من نسلهم؛ السبب الذي حملني على كتابة هذه الصفحات المتواضعات،والقصد من ذلك-إن شاء الله-هو النصح للمسلمين عامة ولأهل السنة خاصة،ليحاولوا تنوير هذا الطريق،الذي أظلم بسبب البعد عن هدي الكتاب والسنة،وطريقة الأسلاف، التي هي الفهم الصحيح للإسلام.
    سائلا المولى جل وعلا أن ينفعني بها وإخواني المسلمين،وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم،والحمد لله رب العالمين.
    فأقول مستعينا بالله:
    1-هدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الزواج:
    قال تعالى﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب21]
    قال العلامة السعدي في تفسير هذه الآية الكريمة :(استدل الأصوليون في هذه الآية، على الاحتجاج بأفعال الرسول صلى اللّه عليه وسلم، وأن الأصل، أن أمته أسوته في الأحكام، إلا ما دل الدليل الشرعي على الاختصاص به.
    فالأسوة نوعان: أسوة حسنة، وأسوة سيئة.
    فالأسوة الحسنة، في الرسول صلى اللّه عليه وسلم، فإن المتأسِّي به، سالك الطريق الموصل إلى كرامة اللّه، وهو الصراط المستقيم.
    وأما الأسوة بغيره، إذا خالفه، فهو الأسوة السيئة، كقول الكفار حين دعتهم الرسل للتأسِّي ﴿ إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ
    وهذه الأسوة الحسنة، إنما يسلكها ويوفق لها، من كان يرجو اللّه، واليوم الآخر، فإن ما معه من الإيمان، وخوف اللّه، ورجاء ثوابه، وخوف عقابه، يحثه على التأسي بالرسول صلى اللّه عليه وسلم).[التيسير ص661]
    أ-هديه صلى الله عليه وعلى آله وسلم في اختيار الزوجة: وكذلك اختيار الزوج بالنسبة للمرأة:
    عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك )) [رواه البخاري ومسلم]
    وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة )) [رواه مسلم].
    (هذه هي صفات المرأة التي ينبغي أن تختارها حتى تكون راعية لبيتك،ومربية لأولادك هي ذات الدين والخلق التي تعينك على طاعة الله،فتذكرك إذانسيت،وتعينك إذا ذكرت،وترعاك إذا حضرت،وتصون مالك وعرضها إذاغبت،وترضيك إذا غضبت،وتطيعك إذا أمرت،وتبرك إذا أقسمت،إن المرأة العفيفة الشريفة لاتفتخر عليك بمال ولا بجمال ولا بحسب ولا نسب،ولكن من المؤسف ما نراه من أن بعض إخواننا السلفيين يلهث وراء امرأة جميلة أو امرأة ذات حسب أو مال،ويترك طالبة العلم الفاضلة المحتشمة،فإنا لله وإنا إليه راجعون)انتهى [الإنتصار لحقوق المؤمنات لأم سلمة السلفية ص45-46]
    أقول:-والله-إن هذا من الخذلان-عياذا بالله-أن يترك المسلم هدي نبيه ونصحه عليه الصلاة والسلام، ويتبع هواه وشهوته العاجلة التي هي كسراب بقيعة،فيتجرع بعد ذالك الغصص،ويتقلب في ألوان النكبات.
    وكم سمعنا ورأينا أناسا كانوا على جانب من الإستقامة،فما إن تزوجوا وخالفوا هدي نبيهم عليه الصلاة والسلام في الإختيار،إلا وأصبحوا يعرفون ما كانوا ينكرون،وينكرون ما كانوا يعرفون،وابتلوا باللهث وراء الدنيا،والإنخراط في الجمعيات والحزبيات،وأصبحوا يحومون حول الحمى يوشكوا أن يرتعوا فيه بل البعض قد رتع وشبع،نسأل الله السلامة والعافية والستر في الدنيا والآخرة.
    قال الشيخ أبوعمرو عبد الكريم الحجوري-حفظه الله-في[تحذير أولياء الأمور من خطر المغالاة في المهور ص18]: (وفيما أخبر به النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-علم من أعلام النبوة حيث أن الناس يجعلون الدين آخر رغبتهم في المرأة إلا من رحم الله،
    ولو ترى بعضهم يبحث عن المرأة الحسناء ولوكانت سافرة،أو عاهرة،أو ماجنة تخونه في نفسها وماله،وتربي أولاده على المنكرات،وتجلب الشر إلى بيته،ويبقى معها في صراع بين الحق والباطل طيلة حياته إن كان فيه بقية خير إلا أن يشاء الله لها هداية،وإلا كان مثلها،والله سبحانه يقول ﴿الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [النور-3].
    وفي صحيح البخاري،ومسلم عن أبي موسى-رضي الله عنه-عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (( مثل الجليس الصالح والجليس السوء،كحامل المسك،ونافخ الكير،فحامل المسك إما أن يحذيك،وإما أن تبتاع منه،وإما أن تجد منه ريحا طيبة،
    ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك،وإما أن تجد منه ريحا خبيثة))
    فكيف أخي تستقدم لك كيرا بحداده،ولهبا يشتعل عليك بدارك،يوشك أن يحرقك الجمال العاطل عن الدين،أو المستقل منه ) . انتهى
    قال الإمام ابن القيم-رحمه الله-:
    يا مطلق الطرف المعذب في الألى ... جردن عن حسن وعن إحسان
    لا تسبينّك صورة من تحتها ... الداء الدوي تبوء بالخسران
    قبحت خلائقها وقبح فعلها ... شيطانة في صورة الإنسان
    تنقاد للأنذال والأرذال هم ... أكفاؤها من دون ذي الإحسان
    ما ثم من دين ولا عقل ولا ... خلق ولا خوف من الرحمان
    وجمالها زور ومصنوع فإن ... تركته لم تطمح لها العينان
    طبعت على ترك الحفاظ فما لها ... بوفاء حق البعل قط يدان




    إن قصر الساعي عليها ساعة ... قالت وهل أوليت من إحسان
    أو رام تقويما لها استعصت ولم ... تقبل سوى التعويج والنقصان
    أفكارها في المكر والكيد الذي ... قد حار فيه فكرة الإنسان
    فجمالها قشر رقيق تحته ... ما شئت من عيب ومن نقصان
    نقد رديء فوقه من فضة ... شيء يظن به من الأثمان
    فالناقدون يرون ماذا تحته ... والناس أكثرهم من العميان
    أما جميلات الوجوه فخائنا ... ت بعولهن وهن للأخدان
    والحافظات الغيب منهن التي ... قد أصبحت فردا من النسوان
    فانظر مصارع من يليك ومن خلا ... من قبل من شيب ومن شبان
    وارغب بعقلك أن تبيع العالي الـ ... ـباقي بذا الأدنى الذي هو فان
    إن كان قد أعياك خود مثل ما ... تبغي ولم تظفر إلى ذا الآن
    فاخطب من الرحمن خودا ثم قد ... م مهرها ما دمت ذا إمكان
    ذاك النكاح عليك أيسر إن يكن ... لك نسبة للعلم والإيمان
    [النونية/ 333ط مكتبة ابن تيمية]
    وقال أيضا -رحمه الله-:
    فَائِدَة جليلة قَوْله تَعَالَى:
    ﴿ُ كتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تعلمُونَ﴾ وَقَوله عزّ وجلّ﴿ُ وَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كثيرا ﴾فالآية الأولى فِي الْجِهَاد الَّذِي هُوَ كَمَال الْقُوَّة الغضبية وَالثَّانيَِة فِي النِّكَاح الَّذِي هُوَ كَمَال الْقُوَّة الشهوانية فَالْعَبْد يكره مُوَاجهَة عدوه بقوته الغضبية خشيَة على نَفسه مِنْهُ وَهَذَا الْمَكْرُوه خير لَهُ فِي معاشه ومعاده وَيُحب الْمُوَادَعَة والمتاركة وَهَذَا المحبوب شَرّ لَهُ فِي معاشه ومعاده وَكَذَلِكَ يكره الْمَرْأَة لوصف من أوصافها وَله فِي إِِمْسَاكهَا خير كثير لَا يعرفهُ وَيُحب الْمَرْأَة لوصف من أصافها وَله فِي إِِمْسَاكهَا شَرّ كثير لَا يعرفهُ لأن الإنسان كَمَا وَصفه بِهِ خالقه ظلوم جهول فَلَا يَنْبَغِي أَن يَجْعَل المعيار على مَا يضره وينفعه ميله وحبه ونفرته وبغضه بل المعيار على ذَلِك مَا اخْتَارَهُ الله لَهُ بأَمْره وَنَهْيه فأنفع الْأَشْيَاء لَهُ على الْإِطْلَاق طَاعَة ربه بِظَاهِرِهِ وباطنه وأضر الْأَشْيَاء عَلَيْهِ على الْإِطْلَاق مَعْصِيَته بِظَاهِرِهِ وباطنه فَإِذا قَامَ بِطَاعَتِهِ وعبوديته مخلصا لَهُ فَكل مَا يجْرِي عَلَيْهِ مِمَّا يكرههُ يكون خيرا لَهُ وَإذَا تخلى عَن طَاعَته وعبوديته فَكل مَا هُوَ فِيهِ من مَحْبُوب هُوَ شَرّ لَهُ فَمن صحت لَهُ معرفَة ربه وَالْفِقْه فِي أَسْمَائِهِ وَصِفَاته علم يَقِينا أَن المكروهات الَّتِي تصيبه والمحن لتي تنزل بِهِ فِيهَا ضروب من الْمصَالح وَالْمَنَافِع لتي لَا يحصيها علمه وَلَا فكرته بل مصلحَة العَبْد فِيمَا يكره أعظم مِنْهَا فِيمَا يحب فعامة مصَالح النُّفُوس فِي مكروهاتها كَمَا أَن عَامَّة مضارها وَأَسْبَاب هلكتها فِي محبوباتها...)انتهى[الفوائد/91ط دار الكتب العلمية]
    وعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال مر رجل على النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-فقال لرجل عنده جالس: ((ما رأيك في هذا؟))فقال: رجل من أشراف الناس،هذا والله حري إن خطب أن ينكح،وإن شفع أن يشفع.فسكت رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-،ثم مر رجل آخر فقال له رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((ما رأيك في هذا؟)) فقال: يارسول الله هذا رجل من فقراء المسلمين،هذا حري إن خطب أن لا ينكح،وإن شفع أن لا يشفع،وإن قال أن لا يسمع لقوله.فقال رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((هذا خير من ملء الأرض مثل هذا )) [رواه البخاري]
    وعن أبي هريرة-رضي الله عنه- أن أبا هند حجم النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-في اليافوخ فقال النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((يا بني بياضة أنكحوا أبا هند وأنكحوا إليه...)) [رواه أبو داود بإسناد حسن]
    قال الإمام الخطابي: (في هذا الحديث حجة لمالك و لمن ذهب مذهبه في أن الكفاءة بالدين وحده دون غيره،وأبوهند مولى بني بياضة ليس من أنفسهم ) [معالم السنن13/177].
    وهذا سؤال طرح على الإمام الوادعي-رحمه الله-
    السؤال:[192]الشاب المتمسك إذا لم يجد امرأة ملتزمة بالدين،فماذا يفعل،فهل يتزوج ثم يربيها على كتاب الله وعلى سنة رسول الله –صلى الله عليه وعلى آله وسلم-؟
    الجواب: (الذي أنصح به إخواننا المتمسكين بالدين،والأخوات أيضا،أن يحرص كل منهم. المرأة تحرص على الزواج بالرجل الصالح،والرجل يحرص على الزواج بالمرأة الصالحة،فإن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-يقول كما في الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري-رضي الله عنه- ((مثل الجليس الصالح ،وجليس السوء،
    كحامل المسك،ونافخ الكير،فحامل المسك إما أن تبتاع منه،وإما أن يحذيك،وإما أن تجد منه ريحا طيبة،ونافخ الكير، إما أن يحرق ثيابك،وإما أن تجد منه ريحا منتنة)) فأنصح كل أخت،كما أنني أنصح كل أخ أن يتحرى،خصوصا النساء،فإنهن ضعيفات.
    والرسول-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-يقول كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه- ((استوصوا بالنساء خيرا،فإنهن خلقن من ضلع،وإن أعوج ما في الضلع أعلاه،فإن ذهبت تقيمه كسرته،وإن تركته لم يزل به عوج)) فالمرأة ضعيفة ربما يفتنها الرجل،لاأقول ربما،بل قد حدث،أنصح المرأة الصالحة إذا أراد أبوها الجشع أن يزوجها برجل من أهل الدنيا،أن تقول: هي لاترغب في الزواج،حتى يأتيها رجل صالح.
    وقد تكلمنا على هذا في المخرج من الفتنة،وكذلك المرأة الفاسدة،ربما تفسد زوجها،
    فقد عرفت رجلا صالحا فاضلا،زارنا إلى هنا من بلد من أرض الله الواسعة،وبعدها فما شعرنا إلا وقد تغيرت أحواله،وعرف إخوانه أن فساده بسبب امرأته،فجزى الله إخوانه خيرا،أخذوها على سيارة معه،وذهبوا بها إلى أهلها حتى لا تفسد ذلك الرجل الصالح
    ثم ردها ورجع على ما هو عليه-انقلب على ما هو عليه-والآن أخبرت أنه فارقها ورجع إلى الخير والصلاح.
    فالمرأة قد تتأثر بالرجل،والرجل قد يتأثر بالمرأة،وعمران بن حطان الخارجي،كان رجلا من أهل السنة وكانت له ابنة عم قد تأثرت برأي الخوارج،فأراد أن يتزوجها من أجل أن ينقذها،بعد ذلكم سحبته هي إلى رأي الخوارج،والرسول-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-يقول:(( المرء على دين خليله،فلينظر أحدكم من يخالل ))[رواه الإمام أحمد عن أبي هريرة-رضي الله عنه وصححه الشيخ الألباني] ،يحتاج الرجل أن يتحرى المرأة الصالحة،والحمد لله في نساء صالحات فاضلات في كثير من البلاد الإسلامية،
    وهناك رجال صالحون أفاضل،وإنني أنصح بتكوين الأسر الصالحة،من أول يوم يحرص
    على المرأة الصالحة،وهي تحرص على الرجل الصالح،والحمد لله رب العالمين ) [فتاوى المرأة للإمام الوادعي ص175-177]
    ب-هديه عليه الصلاة والسلام في المهر:
    عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه قال سألت عائشة زوج النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-كم كان صداق رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-؟ قالت كان صداقه لأزواجه ثنتي عشرة أوقية ونشا.قالت أتدري ماالنش؟قال قلت لا قالت نصف أوقية،فتلك خمس مائة درهم،فهذا صداق رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-لأزواجه [رواه مسلم]
    قال الشيخ عبد الله البسام (خمسمائة درهم بالريال السعودي مائة وأربعون ريالا) [توضيح الأحكام5/397]
    قال الشيخ أبو عمرو الحجوري في[تحذير أولياء الأمور من خطر المغالاة في المهور ص68] تعليقا على كلام الشيخ البسام (فيا لها من حياة طيبة كانوا عليها،وأمور مسهلة ميسرة،تعاون وتناصر في الخير،وتسهيل سبله،بعيدة عن التفاخر والتكلف.
    ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَة ﴾ [الممتحنة من الآية6])انتهى
    أقول: أما في هذه الأزمنة المتأخرة-فإلى الله المشتكى-أصبح المهر عقبة كؤودا في طريق الزواج،حتى أضحى الزواج ضربا من الخيال،وأنشأت للنساء مزادات علنية،كأنهن سلع تباع وتشترى،وسرى هذا الداء العضال حتى إلى بعض المنتسبين إلى الصلاح والإستقامة،والداعي إلى هذا كله هو الميول إلى زهرة الدنيا الزائلة،وحب الترف والتفاخر، ومجاراة السفهاء والجهلة،فأظلموا على أنفسهم طريقا سهلها الله ويسرها،وسنوا لغيرهم سننا سيئة.
    وعن سهل بن سعد أن امرأة جاءت رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-فقالت: يا رسول الله جئت لأهب لك نفسي،فنظر إليها رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-فصعد النظر إليها وصوبه،ثم طأطأ رأسه،فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئا،جلست،فقام رجل من أصحابه فقال: يارسول الله،إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها؟فقال:((هل عندك من شيء؟)) فقال: لا والله يا رسول الله،قال:((اذهب إلى أهلك فانظر هل تجد شيئا)) فذهب ثم رجع فقال: لا والله يا رسول الله ما وجدت شيئا،قال:((انظر ولو خاتما من حديد))،فذهب ثم رجع فقال: لا والله يا رسول الله ولا خاتما من حديد،ولكن هذا إزاري-قال سهل: ماله رداء-،فلها نصفه،فقال رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ((ما تصنع بإزارك إن لبسته لم يكن عليها منه شيء،وإن لبسته لم يكن عليك شيء؟))فجلس الرجل حتى طال مجلسه،ثم قام فرآه رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-موليا فأمر به،فدعي فلما جاء قال: ((ماذا معك من القرآن؟))قال معي سورة كذا،وسورة كذا،وسورة كذا عدها،قال: ((أتقرؤهن على ظهر قلبك؟))قال: نعم قال: ((اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن))[رواه البخاري ومسلم]
    قال الإمام النووي:(وفي هذا الحديث دليل لجواز كون الصداق تعليم القرآن ) [شرح مسلم9/217]
    عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-، أَنَّ عَلِيًّا-رضي الله عنه-، قَالَ: تَزَوَّجْتُ فَاطِمَةَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، ابْنِ لِي، قَالَ: «أَعْطِهَا شَيْئًا» قَالَ: مَا عِنْدِي شَيْءٌ، قَالَ: «فَأَيْنَ دِرْعُكَ الْحُطَمِيَّةُ؟» قُلْتُ: عِنْدِي، قَالَ: «فَأَعْطِهَا إِيَّاهُ»[رواه أبو داود والنسائي]
    قال الشيخ البسام: (وفيه استحباب تخفيف الصداق،فإن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-سأل عليا أي شيء يقدمه مهرا،فإذا كانت بنت رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-تصدق بمثل هذا المتاع الرخيص.فكيف يكون التغالي في غيرها.)
    [توضيح الأحكام5/406]
    ...أخي الكريم،انظر إلى أغلى مهر في الإسلام...
    قال الشيخ الفاضل أبو عمرو الحجوري-حفظه الله-في[تحذير أولياء الأمور من خطر المغالاة في المهور ص80-81]:
    ( باب أغلى مهر في الإسلام لم يكن من حطام الدنيا الفانية
    روى الإمام النسائي-رحمه الله-[6/114رقم3340-3341]عن أنس قال: تزوج أبو طلحة أم سليم فكان صداق ما بينهما الإسلام،أسلمت أم سليم قبل أبي طلحة فخطبها،فقالت: إني قد أسلمت،فإن أسلمت نكحتك،فأسلم فكان صداق ما بينهما.
    وعن أنس قال: خطب أبو طلحة أم سليم فقالت: والله ما مثلك يا أبا طلحة يرد،ولكنك رجل كافر،وأنا امرأة مسلمة،ولا يحل لي أن أتزوجك،فإن تسلم فذاك مهري،وما أسألك غيره،فأسلم فكان ذلك مهرها.
    قال ثابت: فما سمعت بامرأة قط كانت أكرم مهرا من أم سليم الإسلام،فدخل بها فولدت له.هذا حديث صحيح.
    قال العراقي في [طرح التثريب في شرح التقريب2/27]: والحديث وإن كان صحيح الإسناد،فإنه معلل بكون المعروف أنه لم يكن حينئذ تحريم المسلمات على الكفار،إنما نزل بين الحديبية وبين الفتح،حين نزل قوله تعالى ﴿ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ﴾
    [الممتحنة10]كما ثبت في صحيح البخاري،فقول أم سليم في الحديث ولا يحل لي أن أتزوجك شاذ مخالف للحديث الصحيح، وما اجتمع عليه أهل السنن.انتهى
    فهذا الذي ينبغي المنافسة فيه والتسابق إليه،أعني الدين(الإسلام)،والسنة والتقوى،والزهد، والصلاح،واختيار الرجل الأمثل،الذي يستقيم حال المرأة معه في دينها.
    وهذه هي الكفاءة المطلوبة،وليست بالأموال ولا بالشهادات،لمن عقل وتدبر ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ [الأعراف187]
    وفي مسند الإمام أحمد[5/353]،وسنن النسائي[6/64رقم3225] عن بريدة قال قال رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: إن أحساب أهل الدنيا الذي يذهبون إليه هذا المال ،حديث صحيح،إلا أن في رواية عبد الله بن بريدة عن أبيه كلاما كما في تهذيب التهذيب،وهذا منها،لكن قد احتج بها البخاري.
    فبعضهم لا يهمه إلا أن يعطى مالا كثيرا ولا يبالي بصلاح الزوج أو فساده،حتى ولو أدى ذلك إلى أن يكون من أفجر الفجرة،ولو أدى الأمر بها أن تفعل الفجور والعهر،
    عياذا بالله،وربما زوج من عرفه أنه يؤتى في دبره نظرا لما معه من المال،وربما أدخل عليها أهل العهر من الرجال،أو بآلات هدامة،وربما علمت به زوجته،أو رأته،وهو يؤتى عياذا بالله،إلى غير ذلك مما لا أستطيع ذكره لفحش قبحه.
    ولما يسمع المسلم ما يحصل لبنات المسلمين من الحوادث،والوقائع المؤلمة بسبب مخالفة الأدلة،إن القلب ليتفطر دما،وإن الجبين ليندى من شدة الألم والحسرة على ما يحصل،
    فهذه زوجها أبوها بغير كفء فأحرقت نفسها،وهذه تحست سما فشربته فماتت،وتلك
    زوجها أبوها من شخص فمكثت معه في عذاب طيلة حياتها،وهي في جحيم لا تعرف طعم الحياة،ولا لذة العيش...وهلم جرا،كل ذلك من أجل الدنيا الفانية،والريال الذي
    ما أكثر عابديه في هذا الزمان).انتهى من[تحذير أولياء الأمور...]
    أقول: ومن العجائب والغرائب-وقد كثرت في هذا الزمان-أنك إذا نصحت لأحدهم ألا يزوج ابنته من تارك صلاة-وهو كافر على الصحيح-أو من فاسق،يقول لك: لعل
    الله يهديه،وهو ينظر إلى المال،وإلى تلك السيارة،وذلكم البيت الفاره،ويقول: الهداية بيد الله ،لعلّ الله يهديه،نقول: نعم،ولعلّ ذلك المال والبيت والسيارة يذهبون أدراج الرياح،وإذا جاءه رجل صالح فقير،غني النفس،ردّه، وقال: من أين سينفق عليها؟وكيف سيعيشها؟نقول: لعلّ يغنيه،بل سيغنيه،فقد وعد سبحانه وتعالى قائلا سبحانه َ﴿وأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [النور32]
    ذكر ابن الجوزي-رحمه الله-عن الحسن البصري-رحمه الله تعالى- أنه خطب إليه رجل ابنته،وبذل لها مئة ألف درهم،فقالت أمها: زوّجه فقد أرغبها في الصداق،وبذل لها ماترى،فقال الحسن: إن رجلا بذل في صداق امرأة مئة ألف،لجاهل مغرور،يجب ألا يرغب في مناكحته،ولا يحرص على مصاهرته.وترك تزويجه،وزوّجها من رجل صالح.
    [آداب الحسن البصري وزهده ومواعظه ص31]
    أقول: هؤلاء هم الرجال الذين يقتدى بهم؛فقهوا أحكام الكتاب والسنة وطبقوها
    في شؤون حياتهم كلها فسعدوا بها في حياتهم،ورفع الله ذكرهم بعد مماتهم-وإن شاء الله-هم في الجنة،يأتيهم من روحها وريحانها.
    وقد ذكر مثلها عن سعيد ابن المسيب رحمه الله،فأين نحن من هؤلاء الأعلام؟ولكن كما قيل:
    بعض المعادن قد غلت أثمانها*ما خالص الإبريز كالفخار
    بين الخلائق في الخلال تفاوت*والشهد لا ينقاس بالجمار
    وهذه شبهة في الباب رد عليها الإمام الوادعي-رحمه الله-:
    السؤال[193]:ربما تتزوج الفتاة برجل صالح بدون مال ثم يحتقرها؟
    الجواب:هذا أمر نادر،والنادر لا حكم له،والواجب على المسلم أن لا يحقر المعروف
    ورب العزة يقول في كتابه الكريم: ﴿وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ﴾
    [البقرة من الآية237]ويقول سبحانه وتعالى:﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [النساء من الآية19].
    إن الإنسان الذي تكرمه ببنتك،أو بأختك،ثم بعد ذلك يتغير،إنسان ليس فيه خير
    وتحمل الناس على السلامة،الغالب عليهم أن الشخص؛يكرم المرأة التي هي صالحة،
    والتي أكرمه أهلها بها،هذا الذي يجب أن يكون أن يكرمها،أما إذا لم يفعل فهو؛ إنسان ليس به مروءة،وليس به إنسانية،وهو إنسان يعتبر حجرة عثرة؛في طريق إخوانه المسلمين،لكن هذا أمر نادر والحمد لله.
    إخواننا طلبة العلم جزاهم الله خيرا،ما رأينا منهم؛إلا الخير والسعادة مع نسائهم،والراحة
    من فضل الله،فجزى الله إخواننا خيرا على ما يفعلون من تزويج الشباب بدون مقابل،
    والحمد لله الشباب في خير من فضل الله،ما رأينا إلا الخير والمعاملة الطيبة،وإذا حصل عكس ذلك فنادر:﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ﴾ [الجاثية من الآية15]
    ورب العزة يقول في كتابه الكريم:﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾ [الأنعام من الآية64]أما إذا كانت هي نفسها ترفض؛فطالب العلم يستعين بالله،إذا كانت امرأة صالحة طالب العلم يستعين بالله؛ويتقدم للزواج،ويجب الرفق،وينبغي أن توعظ، ويقال لها:إن الله سبحانه وتعالى يقول:﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾ [النور من الآية32]ثم إن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-زوج ابنته فاطمة بنت محمد،بعلي بن أبي طالب فقال: ((يا علي ما معك؟))قال:يارسول الله ليس معي إلا درعي الحطمية،فقال: ((أصدقها إياه)).وأصدقها درعه[رواه أبو داود عن ابن عباس –رضي الله عنهما].
    وهكذا نساء النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-تزوجن بالشيء القليل،وعمر عرض ابنته على أبي بكر، وعلي، وعثمان.
    فلأن تختار لها رجلا صالحا؛خير من أن تزوجها بخمار،لا ترجع إليك إلا وقد كسر ظهرها،فرب العزة يقول في كتابه الكريم:﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة من الآية2]ولعلكم قد بلغتكم قضية الرجل الذي تزوج،وقد كسر ظهره بالمال،ثم بعد ذلك أبى والد الفتاة أن يردها فذهب وقتلها،وقتل بعض أهلها،ثم رجع وقتل نفسه.
    فغلاء المهور سبب المشاكل،والنبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: ((التمس ولو خاتما من حديد))[متفق عليه عن سهل بن سعد].
    فنحن ننصح أختنا في الله؛أن تتوكل على الله سبحانه وتعالى،وأن تفوض أمرها إلى الله سبحانه وتعالى،وأنت تعلم أنها لا تستطيع أن تملك لنفسها نفعا ولا ضرا،لا يستطيع أحد منا أن يصلح لنفسه ما يريد،نعمل ونفوض أمرنا لله سبحانه وتعالى،لو كنا نستطيع أن نصلح لأنفسنا ما نريد؛ما وجدنا أنفسنا إلا أغنياء،وما وجدنا أنفسنا إلا أصحاء،وقد تكلمنا على هذه المسألة في(المخرج من الفتنة)بكلام أبسط من هنا،والله المستعان.انتهى[إجابة السائل ص227-228]

    ج-هديه-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-في وليمة العرس:
    عن أَنَس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَأَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، وَتَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ: «كَمْ أَصْدَقْتَهَا؟» قَالَ: وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، وَعَنْ حُمَيْدٍ، سَمِعْتُ أَنَسًا، قَالَ: لَمَّا قَدِمُوا المَدِينَةَ، نَزَلَ المُهَاجِرُونَ عَلَى الأَنْصَارِ، فَنَزَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ عَلَى سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، فَقَالَ: أُقَاسِمُكَ مَالِي، وَأَنْزِلُ لَكَ عَنْ إِحْدَى امْرَأَتَيَّ، قَالَ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ، فَخَرَجَ إِلَى السُّوقِ فَبَاعَ وَاشْتَرَى، فَأَصَابَ شَيْئًا مِنْ أَقِطٍ وَسَمْنٍ، فَتَزَوَّجَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ»[رواه البخاري برقم5167]
    عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الحِصْنَ ذُكِرَ لَهُ جَمَالُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ، وَقَدْ قُتِلَ زَوْجُهَا، وَكَانَتْ عَرُوسًا، فَاصْطَفَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ، فَخَرَجَ بِهَا حَتَّى بَلَغْنَا سَدَّ الرَّوْحَاءِ حَلَّتْ فَبَنَى بِهَا، ثُمَّ صَنَعَ حَيْسًا فِي نِطَعٍ صَغِيرٍ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «آذِنْ مَنْ حَوْلَكَ» ، فَكَانَتْ تِلْكَ وَلِيمَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى صَفِيَّةَ، ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى المَدِينَةِ قَالَ: فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَوِّي لَهَا وَرَاءَهُ بِعَبَاءَةٍ، ثُمَّ يَجْلِسُ عِنْدَ بَعِيرِهِ، فَيَضَعُ رُكْبَتَهُ فَتَضَعُ صَفِيَّةُ رِجْلَهَا عَلَى رُكْبَتِهِ حَتَّى تَرْكَبَ[رواه البخاري برقم2235]
    عَنْ أَنَسٍ أيضا، قَالَ: كُنْتُ رِدْفَ أَبِي طَلْحَةَ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَقَدَمِي تَمَسُّ قَدَمَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَأَتَيْنَاهُمْ حِينَ بَزَغَتِ الشَّمْسُ وَقَدْ أَخْرَجُوا مَوَاشِيَهُمْ، وَخَرَجُوا بِفُئُوسِهِمْ، وَمَكَاتِلِهِمْ، وَمُرُورِهِمْ، فَقَالُوا: مُحَمَّدٌ، وَالْخَمِيسُ، قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ ﴿فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ﴾ [الصافات: 177] "، قَالَ: وَهَزَمَهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَوَقَعَتْ فِي سَهْمِ دِحْيَةَ جَارِيَةٌ جَمِيلَةٌ، فَاشْتَرَاهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعَةِ أَرْؤُسٍ، ثُمَّ دَفَعَهَا إِلَى أُمِّ سُلَيْمٍ تُصَنِّعُهَا لَهُ وَتُهَيِّئُهَا - قَالَ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ - وَتَعْتَدُّ فِي بَيْتِهَا، وَهِيَ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ، قَالَ: وَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِيمَتَهَا التَّمْرَ وَالْأَقِطَ وَالسَّمْنَ، فُحِصَتِ الْأَرْضُ أَفَاحِيصَ، وَجِيءَ بِالْأَنْطَاعِ، فَوُضِعَتْ فِيهَا، وَجِيءَ بِالْأَقِطِ وَالسَّمْنِ فَشَبِعَ النَّاسُ، قَالَ: وَقَالَ النَّاسُ: لَا نَدْرِي أَتَزَوَّجَهَا، أَمِ اتَّخَذَهَا أُمَّ وَلَدٍ؟ قَالُوا: إِنْ حَجَبَهَا فَهِيَ امْرَأَتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَحْجُبْهَا فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرْكَبَ حَجَبَهَا، فَقَعَدَتْ عَلَى عَجُزِ الْبَعِيرِ، فَعَرَفُوا أَنَّهُ قَدْ تَزَوَّجَهَا، فَلَمَّا دَنَوْا مِنَ الْمَدِينَةِ، دَفَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَدَفَعْنَا، قَالَ: فَعَثَرَتِ النَّاقَةُ الْعَضْبَاءُ، وَنَدَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَدَرَتْ، فَقَامَ فَسَتَرَهَا، وَقَدْ أَشْرَفَتِ النِّسَاءُ، فَقُلْنَ: أَبْعَدَ اللهُ الْيَهُودِيَّةَ، قَالَ: قُلْتُ: يَا أَبَا حَمْزَةَ، أَوَقَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: إِي وَاللهِ، لَقَدْ وَقَعَ
    قَالَ أَنَسٌ: وَشَهِدْتُ وَلِيمَةَ زَيْنَبَ، فَأَشْبَعَ النَّاسَ خُبْزًا وَلَحْمًا، وَكَانَ يَبْعَثُنِي فَأَدْعُو النَّاسَ، فَلَمَّا فَرَغَ قَامَ وَتَبِعْتُهُ، فَتَخَلَّفَ رَجُلَانِ اسْتَأْنَسَ بِهِمَا الْحَدِيثُ، لَمْ يَخْرُجَا فَجَعَلَ يَمُرُّ عَلَى نِسَائِهِ، فَيُسَلِّمُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ: «سَلَامٌ عَلَيْكُمْ، كَيْفَ أَنْتُمْ يَا أَهْلَ الْبَيْتِ؟» فَيَقُولُونَ: بِخَيْرٍ يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ وَجَدْتَ أَهْلَكَ؟ فَيَقُولُ: «بِخَيْرٍ» ، فَلَمَّا فَرَغَ رَجَعَ، وَرَجَعْتُ مَعَهُ، فَلَمَّا بَلَغَ الْبَابَ، إِذَا هُوَ بِالرَّجُلَيْنِ قَدِ اسْتَأْنَسَ بِهِمَا الْحَدِيثُ، فَلَمَّا رَأَيَاهُ قَدْ رَجَعَ قَامَا فَخَرَجَا، فَوَاللهِ مَا أَدْرِي أَنَا أَخْبَرْتُهُ، أَمْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ بِأَنَّهُمَا قَدْ خَرَجَا؟ فَرَجَعَ وَرَجَعْتُ مَعَهُ، فَلَمَّا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي أُسْكُفَّةِ الْبَابِ، أَرْخَى الْحِجَابَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، وَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ ﴾ [الأحزاب: 53] الْآيَةَ[رواه مسلم برقم1428]
    عَنْ ثَابِتٍ، قَالَ: ذُكِرَ تَزْوِيجُ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ عِنْدَ أَنَسٍ، فَقَالَ: «مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَمَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ نِسَائِهِ مَا أَوْلَمَ عَلَيْهَا، أَوْلَمَ بِشَاةٍ»[رواه البخاري برقم5171ومسلم برقم1428]
    قال الحافظ في الفتح:(وأشار ابن بطال إلى أن ذلك لم يقع قصدا لتفضيل بعض نسائه على بعض،بل باعتبار ما اتفق،وأنه لوجد الشاة في كل منهن لأولم بها،لأنه كان أجود الناس,ولكن كان لا يبالغ فيما يتعلق بأمور الدنيا في التأنق،وجوّز غيره أن يكون فعل ذلك لبيان الجواز،قال الكرماني:لعل السبب في تفضيل زينب في الوليمة على غيرها كان للشكر لله على ما أنعم به عليه من تزويجه إياها بالوحي.
    قلت-أي الحافظ-:ونفي أنس أن يكون لم يولم على غير زينب بأكثر ما أراد عليها
    محمول على ما انتهى إليه علمه،أو لما وقع من البركة في وليمتها حيث أشبع المسلمين خبزا ولحما من الشاة الواحدة،وإلا فالذي يظهر أنه لما أولم على ميمونة بنت الحارث لما تزوجها في عمرة القضاء بمكة،وطلب من أهل مكة أن يحضروا فامتنعوا أن يكون ما أولم به عليها أكثر من شاة لوجود التوسعة عليه في تلك الحالة؛لأن ذلك كان بعد فتح خيبر،وقد وسع الله على المسلمين من فتحها عليهم)[فتح الباري9/238]
    عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، قَالَتْ: «أَوْلَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ بِمُدَّيْنِ مِنْ شَعِيرٍ»[رواه البخاري برقم5172]
    متى تكون الوليمة؟
    قال الحافظ ابن حجر-رحمه الله-:
    (وَقَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي وَقْتِهَا هَلْ هُوَ عِنْد العقد أَوْ عَقِبِهِ أَوْ عِنْدَ الدُّخُولِ أَوْ عَقِبِهِ أَوْ مُوَسَّعٌ مِنِ ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ إِلَى انْتِهَاءِ الدُّخُولِ عَلَى أَقْوَالٍ قَالَ النَّوَوِيُّ اخْتَلَفُوا فَحَكَى عِيَاضٌ أَنَّ الْأَصَحَّ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ اسْتِحْبَابُهُ بَعْدَ الدُّخُولِ وَعَنْ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ عِنْدَ الْعَقْدِ وَعند بن حبيب عِنْد العقد وَبعد الدُّخُول وَقَالَ فِي مَوْضِعٌ آخَرُ يَجُوزُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ وَذَكَرَ بن السُّبْكِيِّ أَنَّ أَبَاهُ قَالَ لَمْ أَرَ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ تَعَيُّنَ وَقْتِهَا وَأَنَّهُ اسْتَنْبَطَ مِنْ قَوْلِ الْبَغَوِيِّ ضَرْبُ الدُّفِّ فِي النِّكَاحِ جَائِزٌ فِي الْعَقْدِ وَالزِّفَافِ قَبْلُ وَبَعْدُ قَرِيبًا مِنْهُ أَنَّ وَقْتَهَا مُوَسَّعٌ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ قَالَ وَالْمَنْقُولُ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا بَعْدَ الدُّخُولِ كَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى قِصَّةِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ وَقَدْ تَرْجَمَ عَلَيْهِ الْبَيْهَقِيُّ فِي وَقْتِ الْوَلِيمَةِ اه وَمَا نَفَاهُ مِنْ تَصْرِيحِ الْأَصْحَابِ مُتَعَقَّبٌ بِأَنَّ الْمَاوَرْدِيَّ صَرَّحَ بِأَنَّهَا عِنْدَ الدُّخُولِ وَحَدِيثُ أَنَسٍ فِي هَذَا الْبَابِ صَرِيحٌ فِي أَنَّهَا بَعْدَ الدُّخُولِ لِقَوْلِهِ فِيهِ أَصْبَحَ عَرُوسًا بِزَيْنَبَ فَدَعَا الْقَوْمَ وَاسْتَحَبَّ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ أَنْ تَكُونَ عِنْدَ الْبِنَاءِ وَيَقَعُ الدُّخُولُ عَقِبَهَا وَعَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ الْيَوْمَ وَيُؤَيِّدُ كَوْنَهَا لِلدُّخُولِ لَا لِلْإِمْلَاكِ أَنَّ الصَّحَابَةَ بَعْدَ الْوَلِيمَةِ تَرَدَّدُوا هَلْ هِيَ زَوْجَةٌ أَوْ سُرِّيَّةٌ فَلَوْ كَانَتِ الْوَلِيمَةُ عِنْدَ الْإِمْلَاكِ لَعَرَفُوا أَنَّهَا زَوْجَةٌ لِأَنَّ السُّرِّيَّةَ لَا وَلِيمَةَ لَهَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا عِنْدَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ) [فتح الباري9/231]
    من كلام الحافظ-رحمه الله-تقرر أن الوليمة تكون عند الدخول أو بعده.
    قال الشيخ أبو عمرو-حفظه الله-:(والذين يجعلون وليمة العرس قبل البناء بالزوجة، يكون في حقهم الإسراف أكثر،وربما صارت بذلك وليمتين أو ثلاث ولائم،والسنة وليمة واحدة بعد البناء،على أنه إذا أطعم الناس قبل ذلك بغير سرف جاز،ولكن لا تتخذ ذلك عادة،وليمة من الأب قبل الزفاف،ووليمة من الزوج بعد البناء.
    وبعض الناس قد يكلفه طعام الوليمة مئات الآلاف،أو عشرات الآلاف،وهو يريد ألا يترك أحدا،وربما دعى جميع نساء القرية تطبخ وتعجن منذ الصباح الباكر،وجميع رجال القرية يجهزون،وقد أحسن من قال:
    ثلاثة تشقى بها الدار*العرس والمأتم ثم الزار)انتهى من[تحذير أولياء...ص90].
    2-هديه فى تدبيره -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لأمر المسكن:
    قال الإمام ابن القيم-رحمه الله-:
    (لمَّا علم صلى الله عليه وسلم أنه على ظهرِ سيرٍ، وأن الدنيا مرحلةُ مسافرٍ ينزلُ فيها مُدَّة عمره، ثم ينتقلُ عنها إلى الآخرة، لم يكن من هَديه وهَدى أصحابه ومن تبعه الاعتناءُ بالمساكن وتشييدها، وتعليتها وزَخرفتها وتوسِيعها، بل كانت من أحسن منازل المسافر تقى الحر والبرد، وتسترُ عن العيون، وتمنعُ من ولوج الدوابِّ، ولا يُخاف سقوطُها لفرطِ ثقلها، ولا تُعشش فيها الهوام لِسعتها ولا تعتَوِرُ عليها الأهوية والرياح المؤذية لارتفاعها،وليست تحت الأرض فتؤذىَ ساكنها، ولا فى غاية الارتفاع عليها، بل وسط، وتلك أعدلُ المساكن وأنفعُها، وأقلُّها حراً وبرداً، ولا تضيقُ عن ساكنها، فينحصِر، ولا تفضل عنه بغير منفعة ولا فائدة، فتأوَى الهوامُّ فى خلوها، ولم يكن فيها كُنُفٌ تُؤذى ساكنها برائحتها، بل رائحتها من أطيب الروائح لأنه كان يُحبُّ الطيب، ولا يزال عنده، وريحه هو من أطيب الرائحة، وعَرَقُه من أطيب الطيب، ولم يكن فى الدار كَنِيفٌ تظهر رائحتُه، ولا ريبَ أنَّ هذه من أعدل المساكن وأنفعها وأوفقها للبدن، وحفظِ صحته.)انتهى. [زاد المعاد ج / 4 ص 238-239/ط -الرسالة]
    أقول:أين نحن من هذا الهدي النبوي المبارك؟!
    بل قد أصبح المسكن من أكبر المعوقات عن الزواج،وهذا لماّ سلك فيه الناس؛مسلك التباهي والتفاخر،وتقليد أعداء الإسلام،ولو ترى أحدهم وهو يبني ويشيد،ويزخرف بألوان الزخارف،يمكث المدة الطويلة،وربما ضيع فرائض دينه من أجل تلك الترهات،وإذا
    قلت له:يا أخي:ماهذا؟قال:أريد أن أتزوج!نقول:أفلا وسع هذه المرأة -التي تريد الزاوج بها-ما وسعك، ووسع أمك،وأباك،أم هي خير منكم،أم من جنس آخر غير جنسكم؟
    وبعضهم يهدم البيت الذي عاش فيه،وعاش فيه والداه دهورا،من أجل تغيير المخطط،ومن أجل الزخارف الحديثة؛التي لا تزيد القلب إلا قسوة وطول أمل.
    فاسلك-يا رعاك الله-هدي نبيك-عليه الصلاة والسلام-تنجو من تعقيدات أهل الدنيا.
    ومن اللطائف والنصائح؛أنه لما زارنا الشيخ الفاضل:عبد الحميد الحجوري،وشاء الله أن يجمعنا به في مجلس،ومعنا بعض الإخوة؛فسأل الشيخ-حفظه الله-بعضنا عن عمره،فكانت الإجابة أن أحدهم في الثلاثين،والآخر قاربها وآخر ربما تجاوزها،فقال الشيخ:هل أنتم متزوجون؟قالوا :لا.قال:ولم؟ فذكروا بعض الأعذار،ومنها المسكن،فقال
    الشيخ لأحدهم:ابن ولو عريشا وتزوج،فنحن في اليمن نفعل هذا،أو كما قال-حفظه الله-.
    أقول:يالها من نصيحة،لو ابتعدنا عن مجاراة المجتمعات،ووسعنا هدي نبيا عليه الصلاةوالسلام!
    3-جملة من فتاوى ونصائح الإمام الوادعي-رحمه الله-تتعلق بالموضوع:
    سؤال:ماذا يعمل البنات اللاتي يردن الزواج لحيث والآباء يضغطون عليهن بأن يتزوجن من أتباع المكارمة فما الحل من هذه الورطة ؟ .
    جواب : الله عز وجل يقول في كتابه الكريم ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ﴾ [الممتحنة:10] إذا كان الشخص من أتباع المكارمة بمعنى أنه يعتقد عقيدة المكارمة فهو كافر ، أما إذا كان من أتباع المكارمة يظن أن المكارمة يحبون أهل بيت النبوة وأنهم على الحق فهذا يعتبر ضالاً. وننصح من استطاعت أن تتزوج برجل صالح فإن الزوج له تأثير .
    رب العزه يقول في كتابه الكريم ﴿ الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ
    [الزخرف:67], ويقول﴿ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ﴾ [الزخرف:36] فننصحها أن تتضرع إلى الله سبحانه وتعالى وتصبر حتى يأتي الرجل الصالح ولو من رجال يام مع أنه ينبغي أن يحرص على الرجل الصالح من أي بلد و إلا فهي إذا تزوجت من أتباع المكارمة الذين لا يعتقدون اعتقادهم الكفري يخشى عليها ، أن يفتنها لأن المرأة تتأثر بزوجها وإذا كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول كما في((الصحيحين)) من حديث أبي موسى الأشعري-رضي الله عنه- : ((مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير ، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً منتنة))، ويقول الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ((المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل))، فما ظنك بالزوجين ربما تكون المرأة صالحة ويفسدها الرجل ، وربما تكون المرأة فاسدة ورجل صالح وتفسد الرجل ، وقد ذكرنا لإخواننا أن عمران بن حطان تزوج بابنة عمه وكانت على مذهب القعدية أي : طائفة من الخوارج ، فأراد أن يردها فتأثر بها ، فبعد أن كان سنيًّا أصبح خارجيًّا وحتى أنه قال في ابن ملجم الذي قتل علي ابن أبي طالب يقول:
    يا ضربة من تقي ما أراد بها إلا ليـبلغ من ذي العرش رضوانا
    إني لأذكره يوماً فأحسبـه أوفـى البـرية عند الله ميـزانا
    وإن كان قد رد عليه أهل العلم نظماً ونثراً كما ذكره الشنقيطي رحمه ا لله تعالى عند تفسير قول الله عز وجل :﴿ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا ﴾ [الإسراء:33]. فالمرأة تتأثر بزوجها والزوج ربما يتأثر بامرأته, لكن لابد أن تصبر حتى يسهل الله برجل صالح ولو خطبته ولو ساعدته بشيء من المال إن كانت مقتدرة, ولو وجد مسئولون يهمهم الأمر ورفعت القضية إليهم فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((فإن اشتجرا فالسلطان ولي من لا ولي له)).
    هذا إذا اشتجرت المرأة ووليها أما إذا كان الولي كافراً، إذا كان يعتقد عقيدة المكارمة فهو كافر ، فإنه ليس له ولاية والولاية حينئذ للسلطان ، تأتي إليه ويعـقد لها برجل ولابد من الصبر. ولتتأسى تلكم الفتاة اليامية بأم سليم إذ أتاها أبو طلحة فقالت : يا أبا طلحة ما مثلك يرد ولكن المسلمة لا تحل للكافر ، فإن أسلمت فقد رضيت بك ، وأسلم أبو طلحة وتزوج بأم سليم وهكذا غير واحدة من الصحابيات ، أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط هاجرت من مكة إلى المدينة وغير واحدة من النساء هاجرن ، فعليهن أن يهربن بدينهن، وأما دين ويبقى الشخص على عادة قومه فلا ، لا ننشر الدين إذا كان كل واحد منا يريد أن يتمسك بالدين ولكن يبقى على عادة قومه ، ثم إننا ننصح الرجال الصالحين أن يتقدموا للخطبة ولخطبة من عرفوا هدايتها ولو أن تتزوج برجل قد تزوج لا شيء في هذا أقصد أنتكون ثانية أو ثالثة ، ويجوز لهن أن يهربن لكنهن يتوقعن شيئاً ، أن يتبعها أقرباؤها أولياؤها ويقتلوها ، فأنتم تعرفون القبائل
    فالذي ننصح به التعاون ، والمسلم أخو المسلم والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول ((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر )) ، وأيضاً ننصح بالصيام إذا لم تجد إلا من أقربائها وهو يعتقد العقيدة المكرمية والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول كما في الصحيحين من حديث ابن عباس ((يا معشر الشباب ! من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)) فالمسألة تحتاج إلى تعاون من قبل الإخوة المسئولين ومن قبل الإخوة الصالحين الذين قد هداهم الله، وتحتاج أيضاً إلى تنازل من قبل الفتيات تنازل لله عز وجل ينبغي أن تتنازل لله عز وجل، لا تقل : أنا بنت الشيخ فلان وهذا رجل ليس بشيخ ، أنا لا أتزوج به ليس بكفء، الكفاءة في الدين يا أمة الله ، والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول : ((يا بني بياضة انكحوا أبا هند وانكحوا إليه)) . وكان حجامًا .
    والرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قال لفاطمة بنت قيس وهي قرشية فهرية ((انكحي أسامة)) وأسامة كان مولى ، فلا بد من تعاون ولا بد من تنازل والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه-: ((تنكح المرأة لأربع : لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك)) وهكذا ينبغي للمرأة أن تحرص على ذي الدين ولو خطبته هي نفسها ، لأن الرجل الفاسق الخمار وهكذا الرجل الذي لا خير فيه ، ربما أنه إذا لم يحبها آذاها ، فالذي ليس مأموناً على دينه فلا تأمنه على ابنتك ولا تأمنيه على نفسك، والله المستعان.[غارة الأشرطة الجزء الأول ص324-326]
    سؤال:هل تستحب صلاة الاستخارة للزواج؟
    الجواب: الزواج نفسه قد يكون واجبًا، ولكن عليه أن يستخير الله عز وجل فربما تكون هذه المرأة سببًا لصده عن الخير كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إن يك من الشّؤم شيء حقّ ففي المرأة والفرس والدّار))، فلا بأس أن يستخير الله سبحانه وتعالى أيتزوج هذه المرأة أم يتزوج غيرها فربما تكون تعاسة عليه إذا تزوج بها.
    [تحفة المجيب - أسئلة أصحاب لودر]
    سؤال:هناك عادة سيئة تفشّت في أوساط الإخوة الملتزمين وهي أن بعضهم يتزوج وبعد أيام قليلة يحدث بين الزوجين خصام وينتشر الخبر فإذا بالإخوة يشجعونهعلى الطلاق، حتى أنّ هناك أختًا طلّقت أربع عشرة مرة، فهذه ظاهرة منتشرة كثيرًا، وليس هناك من أهل العلم من يعودون إليه، فبماذا تنصحنا؟
    الجواب: الذي أنصح الإخوة به هو ما قاله النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لا يفرك مؤمن مؤمنةً، إن كره منها خلقًا رضي منها آخر)). وما جاء في "الصحيحين" عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنّه قال: ((استوصوا بالنّساء خيرًا، فإنّهنّ خلقن من ضلع، وإنّ أعوج شيء في الضّلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنّساء خيرًا)). وأيضًا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إنّ المرأة خلقت من ضلع، لن تستقيم لك على طريقة، فإن استمتعت بها، استمتعت بها وبها عوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها، وكسرها طلاقها)) والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((ما رأيت من ناقصات عقل ودين، أذهب للبّ الرّجل الحازم من إحداكنّ))، فنقصان العقل والدين ملازم لكثير من النسوة.والله عز وجل يقول في كتابه الكريم: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ (النساء:19) ، ويقول أيضًا: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ﴾ (النساء:34).
    فإذا كان لسوء أخلاق فيصبر، أما إذا كانت غير عفيفة فيفارقها، يقول الله سبحانه وتعالى:﴿ الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ (النور:3).وهي في بلد الترف، وفي بلد الفسوق والفجور لا تساعد على الدين فضلاً عن الخير. فلأن يهدي الله على يديك هذه المرأة خير لك من حمر النعم.
    [تحفة المجيب - أسئلة إخوة من أمريكا]
    سؤال:هل لكم من نصائح توجهونها إلى الزوجين علماً بأن المشاكل الزوجية وكذلك الطلاق أصبح عادة في بيوت المتمسكين بالسنة ، حتى أصبح الأمر فوضى.
    الجواب : الذي ننصح به الزوجين بالتعاون على البر والتقوى ، وننصحهما أيضا بالأخلاق الفاضلة - من الجانبين - ؛ فإن الشيطان حريص على أن يُفرّق بين الرجل وامرأته حتى في بعض الأحاديث - وهو صحيح - أن الشيطان يُرسِل أولاده ليحارشوا بين الناس ، فيقول أحدهم : ما زلت به حتى فارق امرأته ، فيقول له : أنت أنت . ، وفي حديث آخر يقول : ما زلت به حتى قتل ، قيقول له : أنت أنت .
    فينبغي للرجل ان يُحسن إلى المرأة كما سمعتم الأحاديث " استوصوا بالنساء خيرا ، فإنما هن عوان عندكم " - أي كالأسيرات -. ورب العزة يقول في كتابه الكريم :﴿ وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ﴾ (البقرة:237).
    والمرأة ضعيفة ؛ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم لأنجشة - وكان يحدو الإبل أي يغني للإبل من أجل أن تنشط في السير - فقال له : " مهلاً بالقوارير " أي بالنساء الراكبات على الإبل ، فربما سرع في السير فتسقط من على الإبل ، والمرأة كالزجاجة ينبغي أن يُحسن إليها ، ورب العزة يقول في كتابه الكريم : ﴿وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾ (الروم:21) ، ويقول سبحانه وتعالى :﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ﴾ (الأعراف:189) - أي يستريح إليها - .
    والمرأة أيضا يجب أن تتقي الله في الرجل ، فهو يذهب إلى عمله ، ويعمل طول يومه ، فلا ينبغي أن يرجع إليها فتقوم بمحاسبته على كل صغيرة وكبيرة بل يجب عليها أن تكون نعم العون له ، كما قالت خديجة وقد أتاها النبي صلى الله عليه وسلم مرعوباً من الخوف لأنه رأى جبريل وضمّه ، فخاف أن يكون شيطاناً أو غير ذلك ، فقالت -رضي الله عنها - له : " كلا والله لا يخزيك الله ؛ إنك لتصل الرحم ، وتكسب المعدوم "، فالذي ينبغي للمرأة أن تتقي الله سبحانه وتعالى في الزوج ، وأن تصبر عليه ،وبعد أيام يأتيهم أولاد فيُشغلون بأولادهم .
    أما إذا كان المسلم السني يتزوج ويطلق ويتزوج ويطلق فربما يكون هذا سبباً لنفور كثير من النساء عن السنة ، فينبغي - كما يقول ربنا عز وجل - فهو الذي ألّف بين الزوجين ، وينبغي أن يشغلوا أنفسهم بالعبادة والعلم . والله المستعان
    [أسئلة أم ياسر الفرنسية لمحدث الديار اليمنية]
    سؤال:إلى أي حد يجب على المرأة أن تطيع زوجها ؟
    الجواب : أما مسألة الوجوب ففيما أوجب الله عليها من إذا دعاها إلى فراشة . وكذلك أيضا إذا كان فقيرا فينبغي أن تصبر معه ما استطاعت . لكن هناك أوسع من الوجوبوهو الذي ننصح به أنها تصبر على زوجها في السراء والضراء وأنها لا تكلفه ما لا يطيق ، ولا تكلفه بشراء الموديلات الجديدة ؛ إن رأت سيارة قالت : اشتر لنا مثل هذه السيارة ، وهكذا اللباس تحرص على الموديلات الجديدة ، فينبغي لها أن تصبر عليه وأن تُحسن أيضا إليه ، وإلى تربية أولاده ، وتغسل له ثيابه وتعينه على الخير ، وتحسن طعامه إن احتاج إلى ذلك . فالمسألة مسألة تعاون لاسيما وأنتم - إن شاء الله - طلبة علم رجالا ونساء ، فقد يضيق الوقت على المرأة وتقصر في بعض حقوق زوجها فينبغي أن يصبر عليها . وقد يضيق الوقت على الرجل ويقصر في بعض حقوق امرأته فينبغي أن تصبر عليه . والله المستعان .
    [أسئلة أم ياسر الفرنسية لمحدث الديار اليمنية]
    سؤال:الآباء الذين عندهم أبناء صالحون ،ثم لا يزوجونهم ،وكذلك الآباء الذين يأتيهم الرجل الكفؤ ذو الدين والخلق ،ولا يزوجونه ،ما نصيحتك لهم؟
    الجواب :الذي ننصحهم به أن يحمدوا الله سبحانه وتعالى الذي رزقهم أولاداً لا يضيعون ولا يميعون في هذا المجتمع ،فلأن يكون ولدك عفيفاً خير من أن يكون ضائعاً مائعاً بعد الكليات ،وكثير من النسوة في حكم الكليات ،ما هن في حكم بني الإنسان كالآدميين ،بل تحب الشخص وتقبله أياماً ،ثم بعد ذلك تذهب إلى شخص آخر ،زيادة على هذا مرض الإيدز ،الذي انتشر وأعي الأطباء علاجه ،ليس عندهم إلا مكافحات لبعض أنواعه ،فإذا رزقه الله سبحانه وتعالى ولدا صالحاً، يجب أن يساعدوه ،والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول ((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ؛فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم ؛فإنه له وجاء ))، وإذا رزق امرأة صالحة، فهي تساعده على طلب العلم ، وعلى الاستمرار في دراسته ،وعلى الأمن من الإختلاط الموجود الفاسد المفسد ،تساعده على ذلك ،أما إذا كان عازبًا فكم يبقى يصارع نفسه ،فربما بعد ذلك لا يستطيع أن يصارع نفسه ،والله المستعان .[الرحلة الأخيرة – فتاوى الشيخ في أمريكا]
    سؤال:ما حكم من تخرج أسرار زوجها من بيته ؟
    الجواب: يجب علينا أن نتقي الله سبحانه وتعالى وأن نعلم أهلينا كما يقول ربنا عز وجل في كتابة الكريم ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾ (طـه:132) ففي " الصحيحين " من حديث عبد الله بن عمر ((كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته )) وفي " الصحيحين" من حديث معقل بن يسار أن النبي صلى الله علية وسلم يقول (( ما من راع يسترعيه الله رعية ، ثم لم يحطها بنصحه إلا لم يجد رائحة الجنة )).فينبغي أن نخبر أهلينا، وأن نذهب بهم إلى المرأة الصالحة – ولو عندها علم وليست صالحة – إياك أن تذهب بأهلك إليها من أجل أن تعلمها وتؤدبها فربما تستنكف المرأة من زوجها ، ولكن من صاحبتها تقبل، فينبغي علينا أن نحرص على اختيارالمرأة الصالحة، فقد بلغ في زمن جمال عبد الناصر لا رحمه الله أن بعض النساء – أخبرنا أساتذتنا الذين كانوا يدرسون في الجامعة الإسلامية وغيرهم – أن بعض النساء كانت ترفع أمر زوجها ، ومن دخل عليه ومن خرج، وماذا قال ، وماذا فعل له ، وماذا تكلم في الهاتف، فأصبحت جاسوسة على زوجها ، فينبغي أن نحرص على تعليم أهلينا .
    إن النبي صلى الله علية وسلم يقول (( شر الناس الذي تفضي إلية امرأته ونشر سرها ، أو الرجل الذي يفضي إلى امرأته وتنشر سره )) فهذا يعتبر إثم كبير والحديث في " مسلم " وفيه بعض الكلام ، لكن لم ينتقده الدارقطني ، والله المستعان .
    [الرحلة الأخيرة – فتاوى الشيخ في أمريكا]
    سؤال:ماهي الشروط التي يشرع للمرأة أن تشترطها على الخطيب؛فهل يجوز أن يكون لهما بيتا خاصا،وذلك للإبتعاد عن الإختلاط بإخوة زوجها،وتأمن على أولادها،وذلك بتربيتهم تربية إسلامية؟
    الجواب:إن كانت تقصد بالإبتعاد عن أقارب زوجها:فلو دخلت عليهم؛لابد أن تخالطهم،فلا بأس بذلك وإلا فرب العزة يقول ﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ﴾[الطلاق/6]فلا ينبغي أن تكلف عليه أن يبني بيتا؛في حدود لا يستطيعها،ولا يتكلفها،وخيرهن أقلهن مؤنة،فينبغي أن تحرص على أن تساعد الرجل،في حدود ما تستطيع.وأم سليموما أم سليم؟طلب منها أبو طلحة أن يتزوجها،فقالت: يا أبا طلحة مثلك لا يرد،ولكنك كافر وأنا مسلمة،والمسلمة لا تحل للكافر،فإن أسلمت تزوجتك،فقال: سأنظر في أمري،ثم أسلم و تزوجها،وجعلت صداقها إسلام أبي طلحة،فكان يقال:ليس في الإسلام صداق؛خير من صداق أم سليم رضي الله تعالى عنها،فينبغي لها أن تساعد زوجها،وكما كانت خديجة تساعد رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.
    وأما الشروط فتشترط عليه الإستقامة،وأن يساعدها على طلب العلم،وعلى التزود من العلم النافع،وألا يدخل البيت آلات لهو وطرب،ولا ما يفسدها ويفسد أولادها،على أنها ينبغي أن تختار الرجل الصالح من أول الأمر،لأن الفاسق ربما يقبل الشروط وبعدها لا يفي[أسئلة فتاة الجزائر/غارة الأشرطة الجزء الثاني471-472]
    4-الخاتمة:
    إن الناظر في أحوال المسلمين في هذه الأزمنة،وما حل بهم من أنواع الفتن والنكبات،
    يعلم يقينا أن السبب الأعظم،بل الوحيد؛هو الإعراض عن هدي القرآن والسنة،والإقبال على زبالات أعداء الإسلام الذين قال فيهم ربنا عز وجل ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ ﴾ [محمد/12]الذين لا همّ لهم-بعد شهواتهم البهيمية-إلا إفساد المسلمين،وفي كل المجالات؛ تارة باسم الحرية، وتارة باسم الديموقراطية،وأخرى باسم حقوق الإنسان،فأوقعوا كثيرا من المسلمين في مصيدتهم.
    والكفار يأنفون الإسلام لأنه دين الفضائل،ويحبون الكفر لأنه مستنقع الرذائل،بل يخافون خوفا شديدا من الإسلام،الذي عاش في ظله أسلافنا أطيب حياة وأعزها رغم ما كانوا فيه من شظف العيش وشدته،وأهل الإسلام اليوم في هوة سحيقة من الذل، رغم ما هم فيه من سعة في متاع الدنيا الزائل.
    وقد مر بنا طرف من أخبار تلك الحياة الطيبة،في شعيرة من شعائر هذا الدين العظيم،ألا وهي الزواج،فما أيسره وأطيبه في ذلك الزمان المشرق!فلم تكن العنوسة مشكلة في جيل الصحابة – رضوان الله عليهم- ومن بعدهم بل كانت المطلقة والأرملة تتزوج بمجرد انتهاء عدتها، ومن نساء الصحابة مَنْ تزوجت أربعة من الصحابة -رضوان الله عليهم أجمعين-،ولم تكن قلة ذات اليد تمنعهم من الزواج،بل معظمهم كانت تحته أكثر من زوجة،وفي مقدمتهم أسوتنا وإمامنا ونبينا عليه الصلاة والسلام،فقد مات عن تسعة نسوة-وإن كانت هذه خاصية له-وعلي-رضي الله عنه-كان من أزهد الصحابة وكان تحته أربع حرائر وبضعة عشر سرية،وهذا من فقه الإسلام العظيم،لأن الزواج مصالحه كثيرة،ولو لم يكن من مصالحه إلا تكثير النسل المسلم لكفى ؛فكيف وفيه؛ الإحصان، والإعفاف، والراحة النفسية، والسكن والمودة،وتقويةالعلاقات بين المسلمين،إلى غير ذلك مما لا يستطاع حصره.
    أما المآكل والمشارب التي حمل الناس همها ،خوفا من الجوع،فهي كما قيل:
    الجوع يدفع بالرغيف اليابس-فعلام تكثر حسرتي ووساوسي؟
    وخير منه ما رواه الإمام أحمد وغيره أن النبي –صلى الله عليه وعلى آله وسلم-قال:
    ((ما مَلأَ آدَمِىٌ وِعاءً شَراً مِنْ بطنٍ، بِحَسْبِ ابنِ آدمَ لُقيْماتٌ يُقِمْنَ صُلْبَه، فإنْ كان لا بُدَّ فَاعلاً، فَثُلُتٌ لِطَعَامِهِ، وثُلُثٌ لِشَرَابِه، وثُلُثٌ لِنَفَسِه)).
    وقد عاش-في عصرنا هذا-حياة قريبة من تلك الحياة الطيبة -التي عاشها السلف الصالح-،إخواننا ومشايخنا في دماج،سواء في المساكن أوغيرها،أما في الزواج،فقد سمعنا
    عنهم الخير الكثير،ومما ذكره لي بعض الإخوة أن امرأة-وهي طالبة علم-مات عنها زوجها،وترك لها سبعة من الأبناء؛قال:فتزوجت بعد انقضاء عدتها مباشرة،وذهبت تطلب العلم مع النساء.
    انظر أخي الكريم إلى أحوال المجتمع حين يحكم الكتاب والسنة،أرملة لها سبع من الأبناء تتزوج بعد انقضاء عدتها مباشرة!
    أما المجتمعات التي ضعف فيها تحكيم الكتاب والسنة،أحوالها لا تخفى على عاقل.
    ما أكثر العوانس فيها،وما أكثر الأرامل والمطلقات،بل نساء في مقتبل أعمارهن؛يجبن الشوارع يمنة ويسرة حائرات،ناهيك عن من في البيوت ماكثات،لو أرعى المرء سمعه طرفة لسمع منهن أنينا وآهات،وهذا الذي يريده أعداء رب الأرض والسماوات،نسأله جل وعلا أن يخيب سعيهم،ويبوّر مكرهم،ويرد المسلمين إلى دينه ردا جميلا.
    فالعودة ،العودة،إخواني إلى تعاليم ديننا الحنيف،والبدار، البدار إلى نشر الخير،فأهل السنة أعرف الناس بالحق وأرحمهم للخلق،كما قال شيخ الإسلام رحمه الله.
    أسأل الله أن يعيذنا من شرور أنفسنا ويقينا الفتن ما ظهر منها وما بطن،نحن وسائر المسلمين،والحمد لله رب العالمين.
    تم الفراغ من كتابة هذا الجهد المتواضع
    يوم السبت29جمادى الثانية1436
    وكتبه الفقير إلى عفو ربه
    أبومصعب الشريف بن الطيب فروج الجزائري

  • #2
    يمكن التحميل من هذا الرابط[????? ?????? ?????? ???? ??????.doc

    تعليق


    • #3
      وهذه محاضرة طيبة تخدم الموضوع للشيخ الفاضل عبد الغني العمري حفظه الله بعنوان الحياة السعيدة

      تعليق


      • #4
        إيقاد السراج
        لتنوير
        طريق الزواج
        كتبه الفقير إلى الله تعالى
        أبو مصعب الشريف بن الطيب فروج الجزائري
        -عفا الله عنه-
        حمل الرسالة بصيغة:بي دي إف
        إيقاد_السراج_لت&#1.pdf

        تعليق


        • #5
          المشاركة الأصلية بواسطة ابو مصعب الشريف فروج مشاهدة المشاركة
          وهذه محاضرة طيبة تخدم الموضوع للشيخ الفاضل عبد الغني العمري حفظه الله بعنوان الحياة السعيدة
          حمل المحاضرة من هنا
          الحياة السعيدة.mp3

          تعليق


          • #6
            ***انظروا إلى الرجال***
            خير خلف لخير سلف

            -فيما نحسبهم والله حسيبهم ولا نزكيهم على الله-
            قال الأخ أبو حذيفة الحذيفي اليماني-حفظه الله-:
            "في هذا اليوم تم عقد زواج. لطالب من طلبة العلم في مركز الحامي بابنة أخ من طلبة العلم. وكان المهر المتفق عليه أن يمهرها بكتاب يأخذه لها فاشترى لها كتاب فتح العلام شرح بلوغ المرام للشيخ محمد بن حزام. وكان هذا هو المهر المتفق عليه.
            فقلت حُقَّ أن تُكتب في التأريخ."
            منقول

            تعليق

            يعمل...
            X