الشوكاني شاعرا: قصائد مختارة من ديوانه "أسلاك الجوهر"
فِي حَادِياتِ اللَّيالِي للْفَتَـى عَجَـبُ
فَطالَما أَظْهَرَتْ للنَّاسِ خَيْـرَ فَتَـىً
لَولا التَّجارِبُ ظَنَّ النَّـاسُ فِي شَبَـهٍ
إِنَّ المعادِنَ لَـوْلا الحَفْـرُ وَاحِـدَةٌ
والحُلْوُ والْمُرُّ فِي الشَّيْئَيْنِ مُحْتَجِـبٌ
والخَيْرُ والشَّرُّ لا يَدْرِي الفَتَى بِهِـما
كَمْ مِنْ فَتَىً تَعْشَقُ الأَبْصارَ رَوْنَقَـهُ
ومِنْ فَتَىً تَزدَريهِ وَهُوَ إنْ صَدَقَـتْ
اُبْلُ الرِّجالَ وَدَعْ عَنْكَ الغُرورَ بِمـا
فإنْ وَجَدْتَ جَميـلاً بَعْـدَ تَجْربَـةٍ
وإنْ وَجَدْتَ قَبِيحـاً بَعْـدَ مَخْبَـرَةٍ
وإِنَّنِي قَدْ حَلَبْـتُ الدَّهْـرُ أَشْطُـرَهُ
وَقَدْ خَبِرتُ الوَرَى فِي كُلِّ حادِثَـةٍ
وكُلُّهُمْ مُظْهِرٌ حُـبّاً لـذِي نَشَـبٍ
يَدُومُ صَفْوُ الإخا مِنْهُمْ فإن سَلَبَـتْ
إنْ كُنْتَ تَبْغي وِدادَ النَّاسِ كُنْ رَجُلاً
فإنْ تَكُنْ رَاغِباً فِي مِثْـلِ ذَا رَغِبـوا
مَا لامْرِىء فِي وِدادِ النَّاسِ مِنْ سَبَبٍ
ومَنْ يَقُلْ غَيْرَ ذَا قُلْ أَنْتَ فِي غَـرَرٍ
سَتَعْرِفُ الأَمْـرَ إنْ نابَتْـكَ نائِبَـةٌ
فَلُذْ بِحَبْلِ التُّقَى والعِلْـمِ مُطَّرِحـاً
لا تَقْتَحِمْ لِـوِدادِ النَّـاسِ مَهْلَكَـةً
ولَسْتُ مُسْتَثْنِياً مِنْهُمْ سِـوَى نَفَـرٍ
يَصْفُونَ إِنْ كُدِّرَتْ أَخْلاقُهُمْ كَرَمـاً
يُقَدِّمونَ قَضا حَاجِ الصَّديـقِ عَلَـى
ومِنْهُمُ العالِـمُ السَّـبَّاقُ فِي رُتَـبٍ
حِيناً يَحُلُّ رُموزَ العِلْـمِ إِنْ خَفِيَـتْ
يَمْشِي عَلَى نَمَطِ الأَعْرابِ إِنْ نَظَمَتْ
انْظُـرْ إلَى مِـدَحٍ منْـهُ مُجَـوَّدَةٍ
وانْظُرْ حَماسَةَ نَظْـمٍ مِنـه رائِعَـةً
تَحْكِي لَنا مِنْ خُطوبِ الدَّهْرِ مُعْضِلَةً
مِنْ جاحِدٍ نِعْمَةَ الْمَوْلَى الإمامِ وقَـدْ
لَمْ يَنْهَـهُ كَـرَمٌ لَـمْ تُثْنِـهِ نِعَـمٌ
وَلَمْ يَنَلْ مِنْهُ مَا يَرْجُوهُ مِـنْ ظَفَـرٍ
خَفِّفْ عَلَيْكَ ابنَ يَحْيَى مَا دَهَاك بـهِ
كَانَتْ سَحابَةَ صَيْفٍ مَا تَأَلَّفَ فِـي
أَو مِثْلَ صَوْت رياحٍ زَعْزَعٍ زَحَفَـتْ
من يَنْطَحِ الصَّخْرَةَ الصَّماءَ تَهْشِمُـهُ
منقول من موقع الامام الشوكاني رحمه الله
حاديات الليل
فِي حَادِياتِ اللَّيالِي للْفَتَـى عَجَـبُ
وَفِـي نَوائِبِـها تَفَـاوَتُ الرِّيَـبُ
فَطالَما أَظْهَرَتْ للنَّاسِ خَيْـرَ فَتَـىً
مِنْ قَبْلِها كَانَ بالتَّزْويـرِ يَحْتَجِـبُ
لَولا التَّجارِبُ ظَنَّ النَّـاسُ فِي شَبَـهٍ
بأنَّـه الفِضَّـةُ البَيْضـاءُ والذَّهَـبُ
إِنَّ المعادِنَ لَـوْلا الحَفْـرُ وَاحِـدَةٌ
والكُلُّ مِنْها لِوَجْهِ الأَرْضِ يَنْتَسِـبُ
والحُلْوُ والْمُرُّ فِي الشَّيْئَيْنِ مُحْتَجِـبٌ
فإِن بَلَوْتَهُـما لَم يُجْهَـلِ السَّبَـبُ
والخَيْرُ والشَّرُّ لا يَدْرِي الفَتَى بِهِـما
حَتَّى يسـاوِرَهُ فِي دَهْـرِهِ النُّـوَبُ
كَمْ مِنْ فَتَىً تَعْشَقُ الأَبْصارَ رَوْنَقَـهُ
وَدَمْعُها بَعْدَ خُبْـرٍ مِنْـهُ يَنْسَكِـبُ
ومِنْ فَتَىً تَزدَريهِ وَهُوَ إنْ صَدَقَـتْ
مِنْهُ التَّجارِبُ للْمَعْـروفِ يُكْتَسَـبُ
اُبْلُ الرِّجالَ وَدَعْ عَنْكَ الغُرورَ بِمـا
يَقْضِي بِهِ حَسَبُ الفِتيانِ والنَّسَـبُ
فإنْ وَجَدْتَ جَميـلاً بَعْـدَ تَجْربَـةٍ
فاشْدُدْ يَدَيْكَ فَهَذا عِنْدِيَ الحَسَـبُ
وإنْ وَجَدْتَ قَبِيحـاً بَعْـدَ مَخْبَـرَةٍ
فَذاكَ لَمْعُ سَـرَابٍ كُلُّـهُ كَـذِبُ
وإِنَّنِي قَدْ حَلَبْـتُ الدَّهْـرُ أَشْطُـرَهُ
وَقَدْ بَلَوْتُ الأَخِلاّ فَـوْقَ مَا يَجِـبُ
وَقَدْ خَبِرتُ الوَرَى فِي كُلِّ حادِثَـةٍ
فَلَمْ يكُنْ عِنْدَهُمْ فِي مَطْلَـبٍ أَرَبُ
وكُلُّهُمْ مُظْهِرٌ حُـبّاً لـذِي نَشَـبٍ
إِنْ عادَ يوماً علَيْهـمْ ذَلِكَ النّشَـبُ
يَدُومُ صَفْوُ الإخا مِنْهُمْ فإن سَلَبَـتْ
يَدُ الزَّمانِ الَّـذِي يَرْجُونَـهُ سَلَبُـوا
إنْ كُنْتَ تَبْغي وِدادَ النَّاسِ كُنْ رَجُلاً
فِيهمْ لَهُ رَغَبٌ إِن شِئْتَ أو رَهَـبُ
فإنْ تَكُنْ رَاغِباً فِي مِثْـلِ ذَا رَغِبـوا
وَإِن تَكُنْ راغِبـاً عَنْ مِثْلِـهِ رَغِبـوا
مَا لامْرِىء فِي وِدادِ النَّاسِ مِنْ سَبَبٍ
إِنْ لَمْ يكُنْ عِنْدَهُ يَوْمـاً لَهُ سَبَـبُ
ومَنْ يَقُلْ غَيْرَ ذَا قُلْ أَنْتَ فِي غَـرَرٍ
وَلَسْتَ مِنْ مَعْشَرٍ للنَّاس قَدْ صَحبُـوا
سَتَعْرِفُ الأَمْـرَ إنْ نابَتْـكَ نائِبَـةٌ
أَوْ أَمْكَنَتْ فُرْصَةٌ فِي مِثْلِـها يَثِبُـوا
فَلُذْ بِحَبْلِ التُّقَى والعِلْـمِ مُطَّرِحـاً
كَسْبَ الإخاءِ فَهَذا الأَمْرُ مُضْطَـرِبُ
لا تَقْتَحِمْ لِـوِدادِ النَّـاسِ مَهْلَكَـةً
يَغْتَالُكَ الوَيْلُ والتَّنْكِيـدُ والنَّصَـبُ
ولَسْتُ مُسْتَثْنِياً مِنْهُمْ سِـوَى نَفَـرٍ
فِي رَبْعِهِمْ للأَخِـلاّ يُرْفَـعُ الطَّنَـبُ
يَصْفُونَ إِنْ كُدِّرَتْ أَخْلاقُهُمْ كَرَمـاً
وإنْ يَشُبْ مَحْضَ وُدِّي القَوْمُ يَشِبُوا
يُقَدِّمونَ قَضا حَاجِ الصَّديـقِ عَلَـى
حاجَاتِهِمْ إِذْ رَأَوْهُ بَعْضَ مَا يَجِـبُ
ومِنْهُمُ العالِـمُ السَّـبَّاقُ فِي رُتَـبٍ
حَتَّى حَوَى غايَةً تَعْنُو لَهَا والرُّتَـبُ
حِيناً يَحُلُّ رُموزَ العِلْـمِ إِنْ خَفِيَـتْ
وَتارةً عِنْـدَهُ الأَشْعـارُ والخُطَـبُ
يَمْشِي عَلَى نَمَطِ الأَعْرابِ إِنْ نَظَمَتْ
يَراعُـهُ كَلِـماتٍ شَأْنُهـا عَجَـبُ
انْظُـرْ إلَى مِـدَحٍ منْـهُ مُجَـوَّدَةٍ
كَأنَّما نُظِمَتْ فِي سِلْكِها الشُّهُـبُ
وانْظُرْ حَماسَةَ نَظْـمٍ مِنـه رائِعَـةً
كأَنَّها فِي الطُّروسِ البِيضُ والنِّيَـبُ
تَحْكِي لَنا مِنْ خُطوبِ الدَّهْرِ مُعْضِلَةً
وفِتْنَةً نارُهَـا فِي السَّفْـحِ تَلْتَهِـبُ
مِنْ جاحِدٍ نِعْمَةَ الْمَوْلَى الإمامِ وقَـدْ
أَوْلاهُ مِنْ سَيْبها ما لَيْـسَ يَحْتَسِـبُ
لَمْ يَنْهَـهُ كَـرَمٌ لَـمْ تُثْنِـهِ نِعَـمٌ
لَمْ تُلْهِهِ نِقَـمٌ فِي كَفِّـها العَطَـبُ
وَلَمْ يَنَلْ مِنْهُ مَا يَرْجُوهُ مِـنْ ظَفَـرٍ
بِذلِكَ الحَرْبِ لا بَلْ نالَـهُ الحَـرَبُ
خَفِّفْ عَلَيْكَ ابنَ يَحْيَى مَا دَهَاك بـهِ
رَيْبُ الزَّمانِ فَما فِي رَيْبِـهِ رَيَـبُ
كَانَتْ سَحابَةَ صَيْفٍ مَا تَأَلَّفَ فِـي
أَطْرافِها البَرْقُ حَتَّى انْجابَتِ السُّحُبُ
أَو مِثْلَ صَوْت رياحٍ زَعْزَعٍ زَحَفَـتْ
عَلَى الجِبال فَما مَادَتْ لَهـا كُثُـبُ
من يَنْطَحِ الصَّخْرَةَ الصَّماءَ تَهْشِمُـهُ
والصَّخْرُ بالنَّطْحِ يَوْماً لَيْسَ يَنْشَعِـبُ
منقول من موقع الامام الشوكاني رحمه الله
تعليق