لا عاش من يشتري بالدين عافية
أهلاً بمن حبُّهم زلفى وبغضُهمُ *** من النفاق مقالاً ليس بالكذبِ
لكونهمْ غيرَ هذا الدين ما حملوا *** وغيرَ نشر الهدى والعلم والأدبِ
سَلْ عنهمُ الأرضَ كم جابوا مفاوزَها *** وكم لَقُوْا في سبيل الله من نَصَبِ
تحمَّلوا في سبيل الله كلّ أذى *** وقابلوا من رمى بالشُّوك بالرُّطبِ
مضوا على نهج خير النَّاس قافلةً *** تضيء ليلَ السُّرى بالأنجم الشُّهُبِ
أهلاً وسهلاً وحيَّا اللهُ طلعتَكم *** شرفتمونا بهذا الموكبِ اللَّجِبِ
وأرغم الله أنفاً ظلَّ يحسُدُكم *** على المكارم من عُجم ومن عَربِ
هل ينقمون عليكم غيرَ شدَّتِكم *** في الحقِّ من غيرِ ما خوفٍ من العطَبِ
تَمَسُّكٌ بالهدى مهما يكونُ به *** من التَّعرُّض للأحزان والوصَبِ
فلا تفرُّوا من الزَّحف الكريم فما *** يفرُّ في الزَّحف إلا حاملوا الحطَبِ
قد يعلمُ اللهُ من منكمْ هوىً هربوا *** كفاكمُ اللهُ من مالوا إلى الْهَرَبِ
لا يتركُ السنةَ الغراءَ ذو ثقة *** أو ذو تقى يعرفُ الرَّحمنَ عن كَثب
وإنما يتركُ الحقَّ الذين رأوا *** في الحقِّ جدعَ أنوف اللهو والطرب
لا عاش من يشتري بالدين عافيةً *** أو من يبيعُ حياة الجِدِّ باللعب
حياتُكم كلُّها لله قد جُعلت *** لا للتحزبِ للأشخاص والرُّتَب
يكفيكمُ شرفاً في أن أسوتكم *** محمداً خيرُ خلقِ الله في الحسب
وليس شخصاً من الأشخاص يحبسكم **** من البطون إلى بحبوحة اللهب
ما عندكم كيس قمح تكسبون به *** ودا ولا عندكم شيءٌ من النَّشَب
لكنما عندكم علمٌ ومعتقد *** إرث النبوة لا إرث من النَّسَب
وحي به تنشرون الميْتَ من عَدَم *** وسنةٌ كالضُّحى تَفْتَرُّ في الكتُب
أهلاً وسهلاً ودمتمْ زائرين لنا *** كما يزورُ الروابي موكبُ السُّحُب
بمثلكم يحتفي حقاً أخو كرم *** لا بالملوك ذوي التيجان والرُّتَب
لو أنصف الناسُ ما سرتم على قدم *** ولا ركبتم إلينا صهوةَ النُّجُب
ولا هجرتم لنا أهلاً ولا ولداً *** ولا رقادً لذيذاً سائغَ الشُّرُب
فأسأل الله أن يجزيكمُ كرماً *** خيرَ الجزاء مدى الأعصار والحِقَب
عنَّا جميعاً ومن يسطيعُ يوفيَكمْ *** حقاً سوى الله ذي الإكرام والحَدَب
والحمد لله ما ضاف السما قمرٌ *** شابت نواصيه نوراً وَهْوَ لم يشب
ثم الصلاة على المختار ما طلعت *** شمسُ على الخلق من بانٍ ومن عزب
والآل والصحب طراً والذين مضوا *** على طريقتهم في السعي والطلب
شعر /
شاعر السنة
أبي عمر / عبد الكريم بن عبده بن محمد الجعمي
من ديوانه
( أنفاس الصباح
لإيقاظ الأمة المثخنة بالجراح )
ص44