رسالة عاجلة أبعث بها إلى العُذَّال بعنوان:
"وفيكم سمَََّاعون لهم"
سخَّرتُ شعري لنصرِ الدِّينِ مجتهداً ***أذودُ عن حوضه الأوباشَ والبُعَدا
وكم رياحٍ بـدربي كلما عصفت***صمدت فيها وبعضُ القومِ ما صَمَدا
تناولتـني أيـادي المـغرضين فما***ونَيْتُ(1)جسماً ولا قبَّلتُ ثَمَّ يَـدا
ولا انحنَيْتُ لغـيرِ الله في فِـتَـنٍ***ولا خضعتُ لحِـزْبٍ ظالمٍ أبَـدا
مَـرَّت عليَّ أعاصيرُ الهوى زَمَـناً***فما نكصتُ ولا بَدَّلتُ مُعْتَقَـدا
وذاك أنَّ إلهـي كان لي سَنَـداً***فهو الذي قد أراني الحقَّ والرَّشَـدا
عشرون عاماً بعصرِ الوادِعِيِّ مَضَت***وكلُّها في صِـراعٍ يُظهر الزَّبَـدا
وسـارَ مِن بعدِهِ أبنـاءُ دعوتِـهِ***مثلُ الحجوريْ فقد لاقى العِدا أسَدا
فلا وربِّكَ ما استهجنتُ جُهدَهُمُ***والشِّعرُ يشهَـدُ أني لم أقلْ فَنَـدا
فإنَّ للشِّعرِ فوقَ الهـامِ ألْـوِيَـةً***تُذيقُ كُلَّ جَبَانٍ خَائِـنٍ كَمَـدا
سلوا عن الشِّعرِ أحزاباً مضلِّلَـةً***وكُلَّ جمعيَّةٍ قد فَـرَّقَتْ بَـلَـدا
يُـنْبِئْكَ كلُّ حَـقودٍ أنَّ قـافيتي***قد شوَّهَت منهُمُ الأطرافَ والجسَدا
ظَنُّوا بأني إذا فارقتُ مركزَ دمَّـ*** ـاجَ الحبيبةِ بثُّوا كلَّ ما فَسَـدا
فأظهروا الطَّعنَ في عِـرْضٍ ومُعْتَقَدٍ***وهكذا فعلُ من قد خانَ أو جحَدا
هُمُ اللئامُ وأصحابُ الخَنَـا فلهُمْ***خلفَ الكواليسِ طعنٌ يقذفُ الزَّبَدا
ألا اخسؤوا أيها الأوغادُ لن تَصِلوا***لِمَـا أردتم فحسبي الله مُعْتَمَـدا
يا كم رُمِيتُ بتركِ الشِّعرِ من زَمَنٍ***وأنَّ دمَّـاجَ لـن أمضيْ لها أبَدا
فقلتُ قد عشتُ دهراً في مرابعهـا***أنالُ فيها عُلُـوماً قد عَلَتْ سنَدا
فإنْ خرجتُ اضطراراً لم يكن حَرَجٌ***شرطَ الثَّباتِ على ما كنتُ معتَقِدا
وإنْ رجعتُ إليهـا وهو لي أمـلٌ***فعندها يـأكلُ الطَّعَّانُ ما حصَدا
فإنَّ فيها رجالَ العِـلمِ أحسبُـهَا***بأنَّها سوف تنفي كلَّ ما وَفَـدا
وإنَّ فيها أُبـاةَ الشِّعرِ تدفعُــها***عقيدةُ الحـقِّ ما حابت لها أحَداً
والشِّعرُ دربي ونار الشِّعرِ محرقَـةٌ***وسوف أكوي بها من ضَلَّ مُعتَقَدا
فإنَّ للشِّعرِ وَسْمـاً ليس نجعلُـهُ***إلا على جبهةِ الأنـذالِ والبُـلَدا
فلا تخافوا بني (البَيْضَـا) فإنَّ لنـا***في الحقِّ نهجاً عزيزَ النَّفسِ مُتَّقِدا
وما جبنتُ لخصمٍ كـان يزجُرُني***ولا خذلتُ نفوساً تطلبُ الرَّشَدا
لكنَّ عَيْباً عـلى خِـلٍّ تُصاحِبُـهُ***ودأبُهُ الدَّهـرَ ذَيَّاعـاً لِمَا وَجَدا
مُقَلِّداً قَالَـةَ الفحشاءِ في وَضَـحٍ***كببغاءٍ يحـاكي كلَّ من وَفَـدا
فكيف آسى على خِلٍّ بضـاعتُهُ***تَشْيِيعُ كلِّ مقـالٍ يبعثُ النَّكَدا
أما عرفتُمْ بني البَـيْضاءِ منهجَنَـا***بأنَّه واضـحٌ كالشَّمسِ حين بَدا
فلا تلوموا حروفي إنْ هِيَ انطلقتْ***فأحرقتْ مِنْ لَظاها السَّهْلَ والنُّجُدا(2)
ولا تَزُجُّوا بِخِـلًّ كان يصحبُكُمْ***إلى مهـاوي الرَّدَى إذ رُبَّما وَرَدا
أشكو إلى الله ما بي لا إلى أحَـدٍ***عليـه كلُّ اعتِمادي نِعمَ لي سَنَدا
فمـا جعـلتُ لغـيرِ الله قـافيتي***ولا رضيت بنهـجٍ سـاقِطٍ أبَدا
ولا رجوتُ سوى الرَّحمنِ في عَوَزٍ*** إليه أمري ومنـه أطلُبُ المَـدَدا
(1) أي ضعفت
(2) جمع نجد وهي ما ارتفع من الأرض
(2) جمع نجد وهي ما ارتفع من الأرض
سكبها من دمه وقالها بفمه وكتبها بقلمه/
أبو رواحة عبد الله بن عيسى الموري
زاده الله سداداً وثباتاً
جدة حي الروابي ك9 في مساء الثلاثاء 18 /8/ 1424 هـ
تعليق