بسم الله الرحمن الرحيم
وَقْفَةُ رِثَاءٍ على رُسُومِ الْوَفَاءِ
..................
رَعَى اللهُ أَيَّامَ اْلوَفَاءِ مِنَ الدَّهْرِ *** وَأَجْرَى النَّدَى فِي عُودِهَا وَاكِفُ اْلقَطْرِ
فَلَوْ أَنَّ أَيَّامِي تَعُودُ إِلَى الوَرَا *** لقلتُ لها عُودِي إِلَى سَالِفِ الدَّهْرِ
وَلَكِنَّ مَاضِي الدَّهْرِ لَيْسَ بِعَائِدٍ *** إِلَيْكَ وَلَوْ سَوَّدْتَ شَعْرَكَ بِالْخِطْرِ(1)
إِلَى زَمَنٍ كنَّا بِهِ نَمْتَطِي الدُّجَى*** ونَفْتَض أَبْكَارَ المَعَانِيْ مِنَ الشِّعْرِ
وَنَجْلِسُ تَحْتَ الدَّوْحِ فِي رَوْنَقِ الضُّحَى*** وَنَشْرَبُ مَاء َالْوَقْعِ مِنْ فَلْقَةِ الصَّخْرِ
ونُمْسِي وَصَوْبُ المُزْنِ فَوْقَ رُؤُوسِنَا *** وَنَغْدُو وَصَوْبُ المُزْنِ مِنْ تَحْتِنَا يَجْري
وَيَرْمَقُنَا بَدْرُ السَّمَاءِ بِطَرْفِهِ *** وَنَحْنُ نُدِيرُ الطَّرْفَ فِي غُرِّةِ الْبَدْرِ
وَنَحْنُ شَبَابٌ لَيْسَ يَشْغَلُ بَالَنَا *** سِوَى ذِكْرِ أَيَّامِ الشَّبَابِ مِنَ العُمْرِ
نَقُصُّ عَلَى اْلجُلَّاسِ قِصّةَ مَعْشَرٍ*** تَوَافَوْا عَلَى عَقْدِ اْلمَوَدَّةِ بِالْعَشْرِ
وَكَانَ الْفَتَى مَهْمَا تَرَقَّعَ ثَوْبُهُ *** لَهُ هِمَّة ٌكُبْرَى تُرَقَّعُ بِالْفَخْرِ
وَمَا الثَّوْبُ فِي عِطْفِ الْفَتَى شَرَفٌ لَه ُ*** إِذَا لَمْ تَكُنْ نَفْسُ اْلفَتَى فِي العُلاَ تَسْرِي
أَبَى الْمَجْدُ أَنْ تُعْلَى بِغَيْر ِشَمَائِلٍ*** نُفُوسٌ وَإِنْ قَامَتْ على كَرَمِ النَّجْرِ
يَنَالُ الْفَتَى طِيبَ السَّعادَةِ باِلْهُدَى*** وَإِنْ بَاتَ فِي كُُوخٍ بِمَنْزِلَةٍ قَفْرِ
فَكَمْ قَدْ رَأَيْنَا مِنْ سَعِيدٍ بِشَمْلَةٍ *** وَمِنْ بَائِسٍ قَدْ كَانِ فِي رَفْرَفٍ خُضْرِ
أَرَى الْهَمَّ قَبْلَ الْمَوْتِ أَرَّقَ مُقْلَتِي *** وَفِي الْمَوْتِ لِلْآمَالِ قَاصِمَةُ الظَّهْرِ
يَحِنُّ فُؤَادِي لِلْوَفَاءِ وَعَهْدِهِ *** حَنِينَ عَتِيقِ الطَّيْرِ للِصَّيْدِ فِي الًبَرِّ
وَلَمْ أََلْقَ مِمَّنْ قَدْ صَحِبْتُ مِنَ الْوَفَا *** كَثِيرًا وَإِنْ جَلَّ الصِّحَابُ عَنِ الحَصْرِ
أَخَافُ عَلَى نَفْسِي لِكَثْرَةِ مِنَ هَوَى *** مِنَ الًجِسْرِ أَنْ تُلْقَى هُنَاكَ مِنَ الْجِسْرِ
وَقَدْ كَانَ ذَا كَعْبُ بْنُ مَامَةَ وَافِيًا *** بِإِيثَارِهِ بِالمَاءِ نَفْسَ الْفَتَى النِّمْرِي
أَبَتْ نَفْسُهُ إِلاِّ الْوَفَاءَ وَقَدْ رَأَى *** بِعَيْنَيْهِ ظِلَّ الْمَوْتِ فِي الْمَهْمَهِ الْقَفْرِ
وَقَدْ جَعَلَ النَّاسُ السَّمُوأَلَ مَضْرِبًا *** لِأَمْثَالِهِمْ لَمَّا أَبَى خُطَّةَ الْخُسْرِ
تُوُعِّدَ إِنْ لَمْ يُسْلِمِ السِّرَّ بِاْبْنِهِ *** فَلَمْ يَتَرَدِّدْ فِي الْحِفَاظِ عَلَى السِّرِ
وَكَانَ وَفَاءُ الْمُسْلِمِينَ يَفُوقُهُمْ *** لِكَوْنِهِمُ أَدَّوْهُ فِي طَلَبِ الْأَجْرِ
وَلَمْ يَقْصُدُوا مِنْ صُنْعِهِمْ نَيْلَ شْهْرَةٍ *** إِذَا قَصَدَالْقَوْمُ النَّبَاهَةَ فِي الذِّكْرِ
تفَِيضُ دُمُوعُ الْعَيْنِ مِنِّي تَوَجُّعًا *** عَلَى مَنْ غَدَوْا في ظُلْمَةِ اللَّحْدِ وَالْقَبْرِ
و تُؤْذَى بِمَنْ لا يُضْمِرُونَ مَحَبَّةً *** لِمَنْ أَنْزَلُوهُمْ مَنْزِلَ الحُبِّ و القَدْرِ
وَمَا ذَاكَ إِلاَّ أَنَّ فِي بَاطِنِ الثَّرَى *** حَيَاةً و بَعْضُ النَّاسِ مَيْتٌ وَ لَايَدْرِي
فَلاَ تَبْكِ قَلْبِي حُرْقَةً وَصَبَابَةً *** على طَلَلِ المَاضِينَ فِي قُنَّةِ الحِجْرِ
فَمَالَكَ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ وَمَنْزَلٍ *** وَمَالَكَ مِنْ ذِكْرِالْأَثَافِي مَعَ الْقِدْرِ
فأنتَ غَرِيبٌ بَيْنَ أَهْلِكَ فِي الْهَوَى *** وَأَنْتَ غَرِيبٌ حِينَ تَنْزِلُ فِي مِصْرِ
وأَنْتَ غَرِيبٌ في مُقَامِكَ كُلَّمَا *** اَقَمْتَ بِأَرْضٍ ضَاقَتِ اْلأَرْضُ بِالْحُرِّ
فَفَوِّضْ أُمُورَ اْلخَلْقِ للهِ وَحْدَهُ *** تَعِشْ سَالِمًا وَاللهُ ذُو الْخَلْقِ وَ الْأَمْرِ
وَقُمْ بِالَّذِي تَسْطِيعُ مِنْ تَرْكِ مُنْكَرٍ *** وِفِعْلٍ لِمِعْرُوفٍ عَلَى الْعُسْر وَ َالْيُسْرِ
وَسِرْ مِثْلَمَا سَارَ الْأَوَائِلِ بِِالْخُطَى*** تَنَلْ مِثْلَ أَجْرِ الْقَابِضِينَ عَلَى الْجَمْرِ
لَقَدْ كَانَ قَوْمِي رَغْمَ جَهْلٍ وَ فَاقَةٍ *** على خُلُقٍ يَسْمُو عَلَى اْلجَهْلِ وَاْلفَقْرِ
وَكَانُوا يَحُوطُونَ الذِّمَارَ بِأَنْفُسٍ*** عَزِيزٌ عَلَيْهَا أَنْ تَمِيلَ مَعَ الغَدْرِ
وَكَانُوا عَلَى قَدْرٍ كَبِيرٍ مِنَ الْوَفَا *** وَكَانَ اْلوَفَا فَيْضٌ من الخُلُقِ الفِطْري
وَذَا اْليَوْمَ قَدْ صَارَ الْوَفَاءُ مَنَافِعًا *** وَأَوْفَاهُمُ مَنْ لايُبَيِّتُ لِلْمَكْرِ
وَلَمْ يَبْقَ مَنْ يَرعَى الذِّمَامَ لِصَاحِبٍ *** كَمَا كَانَ فِي مَاضِي الزَّمَانِ سِوَى النَّزْرِ
فَأَيْنَ الَّذُي قَدْ كَانَ فِينَا مِنَ النَّدَى *** وَأَيْنَ الِّذِي قَدْ كَانَ فِينَا مِنَ اْلبِشْرِ
وَأيْنَ اْلأُولَى كَانَ الْوَفَاءُ خَلِيقَةً *** لَهُمْ كُلِّمَا كَانَ الْوَفَاءُ مِنَ الْبِرِّ
رَأَيْتُ اْلوَرَى إِلاَّ اْلقَلِيلَ عَنِ العُلاَ *** تَجَافَى إِلَى أَنْ قِيلَ هَلْ مِنْ فِتًى حُرِّ
وَلَسْتُ أَرَى أََنَّ اْلوَفَاءَ قَدِ اْنْقَضَى *** فَمَا زَالَ أَهْلُ اْلخَيرِ فِي اْلبَرِّ و ِاْلبِحْرِ
وِلِكِنِّنِي أَرْنُو يِمِينًا وَيَسْرَةً *** فَلَمْ أَرَ غَيرَ النَّزْرِ يَنْهَضُ بِالشُّكْرِ
وَلَوْشِئْتُ أَسْنَدْتُ الْوَفَاءَ لِأَهْلِهِ *** وَلَكِنَّ تَرْكَ الذِّكْرِ أََبْلَغُ فِي الذِّكْرِ
تَكَادُ حُروفِي أَنْ تُشِيرَ إِلَيْهِمُ ــ*** وَإِنْ لِمْ أُصَرِّحْ ــ بِالْكِنَايَةِ وَالْقَصْرِ
فَمَنْ غَيرُهُمْ رَاشُوْا الجَنَاحَ بِلُطْفِهِمْ *** وَقَدْ كَادَ أَنْ يُودَى اْلجَنَاحُ مِنَ الصَّقْرِ
فِقُمْتُ بِفَضْلِ اللهِ ثُمَّ بُفَضْلِهِم ***ْ أَجُر ُّذُيُولَ الْعزِّ خَلْفِيَ لَا الْأُزْرِ
ويَلحَظُنِي الإِخْوَانُ لَحْظَ تِبَشْبُشٍ *** ويَلْحظُنِي الْأَعْدَاءُ بِالنَّظَرِ الشَّزْرِ
فَأِحْمَدُ رَبِّي أَنَّنِي لَمْ أُرِقْ لَهُمْ- *** وَهُمْ مَعْشَرِي- مَاءَالمُحَيَّا- وَهُمْ أَزْرِي-
ولَكنْ دَعَوْتُ اللهَ جلَّ جَلَالُه *** وَمَاخَابَ مَنْ يَدْعُوهُ فِي الْكَشْفِ للِضُّرِ
وَأسْأَلُهُ ألا َّيُرِينِي مَذَلةً *** إلى غَيرِهِ حَتَّى أُوَسَّدَ في قَبْرِي
....................وَقْفَةُ رِثَاءٍ على رُسُومِ الْوَفَاءِ
..................
رَعَى اللهُ أَيَّامَ اْلوَفَاءِ مِنَ الدَّهْرِ *** وَأَجْرَى النَّدَى فِي عُودِهَا وَاكِفُ اْلقَطْرِ
فَلَوْ أَنَّ أَيَّامِي تَعُودُ إِلَى الوَرَا *** لقلتُ لها عُودِي إِلَى سَالِفِ الدَّهْرِ
وَلَكِنَّ مَاضِي الدَّهْرِ لَيْسَ بِعَائِدٍ *** إِلَيْكَ وَلَوْ سَوَّدْتَ شَعْرَكَ بِالْخِطْرِ(1)
إِلَى زَمَنٍ كنَّا بِهِ نَمْتَطِي الدُّجَى*** ونَفْتَض أَبْكَارَ المَعَانِيْ مِنَ الشِّعْرِ
وَنَجْلِسُ تَحْتَ الدَّوْحِ فِي رَوْنَقِ الضُّحَى*** وَنَشْرَبُ مَاء َالْوَقْعِ مِنْ فَلْقَةِ الصَّخْرِ
ونُمْسِي وَصَوْبُ المُزْنِ فَوْقَ رُؤُوسِنَا *** وَنَغْدُو وَصَوْبُ المُزْنِ مِنْ تَحْتِنَا يَجْري
وَيَرْمَقُنَا بَدْرُ السَّمَاءِ بِطَرْفِهِ *** وَنَحْنُ نُدِيرُ الطَّرْفَ فِي غُرِّةِ الْبَدْرِ
وَنَحْنُ شَبَابٌ لَيْسَ يَشْغَلُ بَالَنَا *** سِوَى ذِكْرِ أَيَّامِ الشَّبَابِ مِنَ العُمْرِ
نَقُصُّ عَلَى اْلجُلَّاسِ قِصّةَ مَعْشَرٍ*** تَوَافَوْا عَلَى عَقْدِ اْلمَوَدَّةِ بِالْعَشْرِ
وَكَانَ الْفَتَى مَهْمَا تَرَقَّعَ ثَوْبُهُ *** لَهُ هِمَّة ٌكُبْرَى تُرَقَّعُ بِالْفَخْرِ
وَمَا الثَّوْبُ فِي عِطْفِ الْفَتَى شَرَفٌ لَه ُ*** إِذَا لَمْ تَكُنْ نَفْسُ اْلفَتَى فِي العُلاَ تَسْرِي
أَبَى الْمَجْدُ أَنْ تُعْلَى بِغَيْر ِشَمَائِلٍ*** نُفُوسٌ وَإِنْ قَامَتْ على كَرَمِ النَّجْرِ
يَنَالُ الْفَتَى طِيبَ السَّعادَةِ باِلْهُدَى*** وَإِنْ بَاتَ فِي كُُوخٍ بِمَنْزِلَةٍ قَفْرِ
فَكَمْ قَدْ رَأَيْنَا مِنْ سَعِيدٍ بِشَمْلَةٍ *** وَمِنْ بَائِسٍ قَدْ كَانِ فِي رَفْرَفٍ خُضْرِ
أَرَى الْهَمَّ قَبْلَ الْمَوْتِ أَرَّقَ مُقْلَتِي *** وَفِي الْمَوْتِ لِلْآمَالِ قَاصِمَةُ الظَّهْرِ
يَحِنُّ فُؤَادِي لِلْوَفَاءِ وَعَهْدِهِ *** حَنِينَ عَتِيقِ الطَّيْرِ للِصَّيْدِ فِي الًبَرِّ
وَلَمْ أََلْقَ مِمَّنْ قَدْ صَحِبْتُ مِنَ الْوَفَا *** كَثِيرًا وَإِنْ جَلَّ الصِّحَابُ عَنِ الحَصْرِ
أَخَافُ عَلَى نَفْسِي لِكَثْرَةِ مِنَ هَوَى *** مِنَ الًجِسْرِ أَنْ تُلْقَى هُنَاكَ مِنَ الْجِسْرِ
وَقَدْ كَانَ ذَا كَعْبُ بْنُ مَامَةَ وَافِيًا *** بِإِيثَارِهِ بِالمَاءِ نَفْسَ الْفَتَى النِّمْرِي
أَبَتْ نَفْسُهُ إِلاِّ الْوَفَاءَ وَقَدْ رَأَى *** بِعَيْنَيْهِ ظِلَّ الْمَوْتِ فِي الْمَهْمَهِ الْقَفْرِ
وَقَدْ جَعَلَ النَّاسُ السَّمُوأَلَ مَضْرِبًا *** لِأَمْثَالِهِمْ لَمَّا أَبَى خُطَّةَ الْخُسْرِ
تُوُعِّدَ إِنْ لَمْ يُسْلِمِ السِّرَّ بِاْبْنِهِ *** فَلَمْ يَتَرَدِّدْ فِي الْحِفَاظِ عَلَى السِّرِ
وَكَانَ وَفَاءُ الْمُسْلِمِينَ يَفُوقُهُمْ *** لِكَوْنِهِمُ أَدَّوْهُ فِي طَلَبِ الْأَجْرِ
وَلَمْ يَقْصُدُوا مِنْ صُنْعِهِمْ نَيْلَ شْهْرَةٍ *** إِذَا قَصَدَالْقَوْمُ النَّبَاهَةَ فِي الذِّكْرِ
تفَِيضُ دُمُوعُ الْعَيْنِ مِنِّي تَوَجُّعًا *** عَلَى مَنْ غَدَوْا في ظُلْمَةِ اللَّحْدِ وَالْقَبْرِ
و تُؤْذَى بِمَنْ لا يُضْمِرُونَ مَحَبَّةً *** لِمَنْ أَنْزَلُوهُمْ مَنْزِلَ الحُبِّ و القَدْرِ
وَمَا ذَاكَ إِلاَّ أَنَّ فِي بَاطِنِ الثَّرَى *** حَيَاةً و بَعْضُ النَّاسِ مَيْتٌ وَ لَايَدْرِي
فَلاَ تَبْكِ قَلْبِي حُرْقَةً وَصَبَابَةً *** على طَلَلِ المَاضِينَ فِي قُنَّةِ الحِجْرِ
فَمَالَكَ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ وَمَنْزَلٍ *** وَمَالَكَ مِنْ ذِكْرِالْأَثَافِي مَعَ الْقِدْرِ
فأنتَ غَرِيبٌ بَيْنَ أَهْلِكَ فِي الْهَوَى *** وَأَنْتَ غَرِيبٌ حِينَ تَنْزِلُ فِي مِصْرِ
وأَنْتَ غَرِيبٌ في مُقَامِكَ كُلَّمَا *** اَقَمْتَ بِأَرْضٍ ضَاقَتِ اْلأَرْضُ بِالْحُرِّ
فَفَوِّضْ أُمُورَ اْلخَلْقِ للهِ وَحْدَهُ *** تَعِشْ سَالِمًا وَاللهُ ذُو الْخَلْقِ وَ الْأَمْرِ
وَقُمْ بِالَّذِي تَسْطِيعُ مِنْ تَرْكِ مُنْكَرٍ *** وِفِعْلٍ لِمِعْرُوفٍ عَلَى الْعُسْر وَ َالْيُسْرِ
وَسِرْ مِثْلَمَا سَارَ الْأَوَائِلِ بِِالْخُطَى*** تَنَلْ مِثْلَ أَجْرِ الْقَابِضِينَ عَلَى الْجَمْرِ
لَقَدْ كَانَ قَوْمِي رَغْمَ جَهْلٍ وَ فَاقَةٍ *** على خُلُقٍ يَسْمُو عَلَى اْلجَهْلِ وَاْلفَقْرِ
وَكَانُوا يَحُوطُونَ الذِّمَارَ بِأَنْفُسٍ*** عَزِيزٌ عَلَيْهَا أَنْ تَمِيلَ مَعَ الغَدْرِ
وَكَانُوا عَلَى قَدْرٍ كَبِيرٍ مِنَ الْوَفَا *** وَكَانَ اْلوَفَا فَيْضٌ من الخُلُقِ الفِطْري
وَذَا اْليَوْمَ قَدْ صَارَ الْوَفَاءُ مَنَافِعًا *** وَأَوْفَاهُمُ مَنْ لايُبَيِّتُ لِلْمَكْرِ
وَلَمْ يَبْقَ مَنْ يَرعَى الذِّمَامَ لِصَاحِبٍ *** كَمَا كَانَ فِي مَاضِي الزَّمَانِ سِوَى النَّزْرِ
فَأَيْنَ الَّذُي قَدْ كَانَ فِينَا مِنَ النَّدَى *** وَأَيْنَ الِّذِي قَدْ كَانَ فِينَا مِنَ اْلبِشْرِ
وَأيْنَ اْلأُولَى كَانَ الْوَفَاءُ خَلِيقَةً *** لَهُمْ كُلِّمَا كَانَ الْوَفَاءُ مِنَ الْبِرِّ
رَأَيْتُ اْلوَرَى إِلاَّ اْلقَلِيلَ عَنِ العُلاَ *** تَجَافَى إِلَى أَنْ قِيلَ هَلْ مِنْ فِتًى حُرِّ
وَلَسْتُ أَرَى أََنَّ اْلوَفَاءَ قَدِ اْنْقَضَى *** فَمَا زَالَ أَهْلُ اْلخَيرِ فِي اْلبَرِّ و ِاْلبِحْرِ
وِلِكِنِّنِي أَرْنُو يِمِينًا وَيَسْرَةً *** فَلَمْ أَرَ غَيرَ النَّزْرِ يَنْهَضُ بِالشُّكْرِ
وَلَوْشِئْتُ أَسْنَدْتُ الْوَفَاءَ لِأَهْلِهِ *** وَلَكِنَّ تَرْكَ الذِّكْرِ أََبْلَغُ فِي الذِّكْرِ
تَكَادُ حُروفِي أَنْ تُشِيرَ إِلَيْهِمُ ــ*** وَإِنْ لِمْ أُصَرِّحْ ــ بِالْكِنَايَةِ وَالْقَصْرِ
فَمَنْ غَيرُهُمْ رَاشُوْا الجَنَاحَ بِلُطْفِهِمْ *** وَقَدْ كَادَ أَنْ يُودَى اْلجَنَاحُ مِنَ الصَّقْرِ
فِقُمْتُ بِفَضْلِ اللهِ ثُمَّ بُفَضْلِهِم ***ْ أَجُر ُّذُيُولَ الْعزِّ خَلْفِيَ لَا الْأُزْرِ
ويَلحَظُنِي الإِخْوَانُ لَحْظَ تِبَشْبُشٍ *** ويَلْحظُنِي الْأَعْدَاءُ بِالنَّظَرِ الشَّزْرِ
فَأِحْمَدُ رَبِّي أَنَّنِي لَمْ أُرِقْ لَهُمْ- *** وَهُمْ مَعْشَرِي- مَاءَالمُحَيَّا- وَهُمْ أَزْرِي-
ولَكنْ دَعَوْتُ اللهَ جلَّ جَلَالُه *** وَمَاخَابَ مَنْ يَدْعُوهُ فِي الْكَشْفِ للِضُّرِ
وَأسْأَلُهُ ألا َّيُرِينِي مَذَلةً *** إلى غَيرِهِ حَتَّى أُوَسَّدَ في قَبْرِي
(1) نبات يُخْتَضَبُ بِه.ِ
.....................
أبو عمر عبد الكريم الجَعمي
١٨ من شهر المحرم سنة ١٤٣٨ هجرية
أبو عمر عبد الكريم الجَعمي
١٨ من شهر المحرم سنة ١٤٣٨ هجرية
تعليق