التصحيح المليح لما في قصيدة غرامي صحيح
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
أما بعد:فقد نبَّه شيخنا المبارك العلامة يحيى بن علي الحجوري ـ حفظه الله ـ في كتابه الطيِّب المسمَّى بـ(الشرح والتوضيح لقصيدة غرامي صحيح) على ما وقع للناظم ـ رحمه الله ـ في مواضع قليلة منها من المبالغة ومجانبة الصواب؛فاستعنت بالله جل وعلا على إصلاح الأبيات التي وقع فيها شيء من ذلك راجياً من الله التوفيق والسداد !
أولا: قول الناظم رحمه الله في البيت الرابع :
{وأمريَ موقوفٌ عليكَ وليسَ لي *** على أحدٍ إلا عليكَ المعوَّلُ}
قال شيخنا العلامة يحيى حفظه الله :
"هذا البيت فيه مبالغة تخل بالعقيدة الصحيحة ؛فإن أمور العباد صغيرها وكبيرها موقوفةٌ على إعانة الله وتوفيقه ومنِّهِ وكرمِه وفضله قال تعالى:( لِلَّهِ الأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ) {الروم ـ 4}
وقال :(وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ) الشعراء {217 ـ219} وفي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّه ِكَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ ) ومعنى لا حول ولا قوة إلا بالله أي لا تحول لي عن معصيتك ولا قوة لي على طاعتك ,إلا بك, وهذا مقتضى (إياك نعبد وإياك نستعين * اهدنا الصراط المستقيم) {الفاتحة 5ـ6}
وأشدُّ منه قول الناظم بعده: (وليسَ لي على أحدٍ إلا عليكَ المعوَّلُ )
قال الراغب رحمه الله في "مفردات القرآن ":"والتعويل الاعتماد على الغير فيما يثقل" أهـ إلى أن قال :
"وعلى هذا فحصر التعويل على من قصدَهُ ولو معنويا غير جائز, ومقصوده من هذا التوصل إلى نوع من أنواع الحديث وهو الموقوف " ص(69ـ70)
ولذلكَ أصلحت ما في البيت بما يلي:
{وشوقيَ موقوفٌ عليكَ وليسَ لي *** على أحدٍ دونَ الإلـهِ مُعَوَّلُ}
ثانيا:قول الناظم ـ رحمه الله ـ في البيت الرابع عشر:
{عزيزٌ بكم صَبٌ ذليلٌ لعزِّكم ** ومشهورُ أوصافِ المحبِّ التذللُ}
قال شيخنا يحيى حفظه الله تعالى:
قوله: "بكم "عليه تنبيه:وهو أن يقال (بالله ثم بكم) وإن لم يطاوعهُ النظم ينبِّه عليه في حاشية ؛لقول الله تعالى:
( قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)
{آل عمران ـ26}وقوله: (ومن يهن الله فماله من مكرم )
{الحج ـ18}
...قوله:(ذليل لعزكم) أيضا هذا التعبير خطأ لما تضمنته الآيات المذكورة .أهـ ص117
وقد أصلحت ما في البيت بما يلي:
{عزيزٌ غدَا صبّاً عَمِيداً بحبِّكم *** ومشهورُ أوصافِ المحبِّ التذللُ }
والعميد : درجة من درجات المحبة .
ثالثا:قول الناظم في البيت الخامس عشر :
{غريبٌ يقاسي البُعدَ عنكَ ومالَهُ *** وحقِّكَ عن دارِ الهوى مُتحَوّلُ }
قال شيخنا يحيى حفظه الله تعالى: قوله (وحقِكَ) هذا قسم بغير الله وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :"من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت "رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما !
وجاء "من حلف بغير الله؛ فقد أشرك "أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم .( ص124)
وقد أصلحت ذلك بما يلي :
{غريبٌ يقاسِي البُعدَ عنكَ ومالَهُ ***وربِّكَ عن دارِ الهوى مُتَحوّلُ }
رابعاً:قول الناظم ـ رحمه الله ـ في البيت السادس عشر :
{فرفقاً بمقطوع الوسائلِ مالَهُ ***إليك سبيلٌ لا ولا عنكَ معدِلُ }
قال شيخنا يحيى حفظه الله تعالى قوله:( ولا عنك معدل) فيه مبالغة ليست في موضعها؛ لأن الله عز وجل هو الذي لا ملجأ منه إلا إليه"أهـ (ص 127) وقد أصلحت ذلك بما يلي :
{فرفقاً بمقطوعِ الوسائلِ مالَهُ ***إليكَ سبيلٌ هلْ تَعُودُ وتَسْألُ }
وتعود: من العيادة أي عيادة المريض !
تنبيه: وأما قول الناظم رحمه الله في البيت الثالث :
{ولا حَسَنٌ إلا استِماعُ حديثِكم *** مُشافهةً يُملى عليَّ فأنقلُ}
فإنّ شيخنا يحيى ـ حفظه الله ـ قال فيه:
"الناظم يبالغ في استحسان حديث من قصدَهُ بذلك ولا شك أنَّ سماع كلامِ الله عز وجل؛ بما لا مقارنة قال تعالى: (اللهُ نزَّلَ أحسنَ الحديثِ كتاباً متشابهاً مثانيَ ... ) الآيةَ ,وسماعُ حديثِ رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن كذلك.
ولكنْ كأنهُ عني :ولا حسن من محادثة الناس بعضهم لبعض إلا استماع حديثكم"أهـ (ص59)
وهذا توجيه حسنٌ وجيدٌ لكلامِ الناظم؛ ولذلك لم أتعرّضْ للبيتِ بشيء من التعديل والإصلاح . واللهُ أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم !
كتبه / أبو عبد الرحمن عمر بن أحمد صبيح التريمي
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
أما بعد:فقد نبَّه شيخنا المبارك العلامة يحيى بن علي الحجوري ـ حفظه الله ـ في كتابه الطيِّب المسمَّى بـ(الشرح والتوضيح لقصيدة غرامي صحيح) على ما وقع للناظم ـ رحمه الله ـ في مواضع قليلة منها من المبالغة ومجانبة الصواب؛فاستعنت بالله جل وعلا على إصلاح الأبيات التي وقع فيها شيء من ذلك راجياً من الله التوفيق والسداد !
أولا: قول الناظم رحمه الله في البيت الرابع :
{وأمريَ موقوفٌ عليكَ وليسَ لي *** على أحدٍ إلا عليكَ المعوَّلُ}
قال شيخنا العلامة يحيى حفظه الله :
"هذا البيت فيه مبالغة تخل بالعقيدة الصحيحة ؛فإن أمور العباد صغيرها وكبيرها موقوفةٌ على إعانة الله وتوفيقه ومنِّهِ وكرمِه وفضله قال تعالى:( لِلَّهِ الأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ) {الروم ـ 4}
وقال :(وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ) الشعراء {217 ـ219} وفي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّه ِكَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ ) ومعنى لا حول ولا قوة إلا بالله أي لا تحول لي عن معصيتك ولا قوة لي على طاعتك ,إلا بك, وهذا مقتضى (إياك نعبد وإياك نستعين * اهدنا الصراط المستقيم) {الفاتحة 5ـ6}
وأشدُّ منه قول الناظم بعده: (وليسَ لي على أحدٍ إلا عليكَ المعوَّلُ )
قال الراغب رحمه الله في "مفردات القرآن ":"والتعويل الاعتماد على الغير فيما يثقل" أهـ إلى أن قال :
"وعلى هذا فحصر التعويل على من قصدَهُ ولو معنويا غير جائز, ومقصوده من هذا التوصل إلى نوع من أنواع الحديث وهو الموقوف " ص(69ـ70)
ولذلكَ أصلحت ما في البيت بما يلي:
{وشوقيَ موقوفٌ عليكَ وليسَ لي *** على أحدٍ دونَ الإلـهِ مُعَوَّلُ}
ثانيا:قول الناظم ـ رحمه الله ـ في البيت الرابع عشر:
{عزيزٌ بكم صَبٌ ذليلٌ لعزِّكم ** ومشهورُ أوصافِ المحبِّ التذللُ}
قال شيخنا يحيى حفظه الله تعالى:
قوله: "بكم "عليه تنبيه:وهو أن يقال (بالله ثم بكم) وإن لم يطاوعهُ النظم ينبِّه عليه في حاشية ؛لقول الله تعالى:
( قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)
{آل عمران ـ26}وقوله: (ومن يهن الله فماله من مكرم )
{الحج ـ18}
...قوله:(ذليل لعزكم) أيضا هذا التعبير خطأ لما تضمنته الآيات المذكورة .أهـ ص117
وقد أصلحت ما في البيت بما يلي:
{عزيزٌ غدَا صبّاً عَمِيداً بحبِّكم *** ومشهورُ أوصافِ المحبِّ التذللُ }
والعميد : درجة من درجات المحبة .
ثالثا:قول الناظم في البيت الخامس عشر :
{غريبٌ يقاسي البُعدَ عنكَ ومالَهُ *** وحقِّكَ عن دارِ الهوى مُتحَوّلُ }
قال شيخنا يحيى حفظه الله تعالى: قوله (وحقِكَ) هذا قسم بغير الله وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :"من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت "رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما !
وجاء "من حلف بغير الله؛ فقد أشرك "أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم .( ص124)
وقد أصلحت ذلك بما يلي :
{غريبٌ يقاسِي البُعدَ عنكَ ومالَهُ ***وربِّكَ عن دارِ الهوى مُتَحوّلُ }
رابعاً:قول الناظم ـ رحمه الله ـ في البيت السادس عشر :
{فرفقاً بمقطوع الوسائلِ مالَهُ ***إليك سبيلٌ لا ولا عنكَ معدِلُ }
قال شيخنا يحيى حفظه الله تعالى قوله:( ولا عنك معدل) فيه مبالغة ليست في موضعها؛ لأن الله عز وجل هو الذي لا ملجأ منه إلا إليه"أهـ (ص 127) وقد أصلحت ذلك بما يلي :
{فرفقاً بمقطوعِ الوسائلِ مالَهُ ***إليكَ سبيلٌ هلْ تَعُودُ وتَسْألُ }
وتعود: من العيادة أي عيادة المريض !
تنبيه: وأما قول الناظم رحمه الله في البيت الثالث :
{ولا حَسَنٌ إلا استِماعُ حديثِكم *** مُشافهةً يُملى عليَّ فأنقلُ}
فإنّ شيخنا يحيى ـ حفظه الله ـ قال فيه:
"الناظم يبالغ في استحسان حديث من قصدَهُ بذلك ولا شك أنَّ سماع كلامِ الله عز وجل؛ بما لا مقارنة قال تعالى: (اللهُ نزَّلَ أحسنَ الحديثِ كتاباً متشابهاً مثانيَ ... ) الآيةَ ,وسماعُ حديثِ رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن كذلك.
ولكنْ كأنهُ عني :ولا حسن من محادثة الناس بعضهم لبعض إلا استماع حديثكم"أهـ (ص59)
وهذا توجيه حسنٌ وجيدٌ لكلامِ الناظم؛ ولذلك لم أتعرّضْ للبيتِ بشيء من التعديل والإصلاح . واللهُ أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم !
كتبه / أبو عبد الرحمن عمر بن أحمد صبيح التريمي
تعليق