لَقَدْ هَلَّ شهْرٌ عَظَّمَ اللهُ قَدْرَهُ
لَقَدْ هَلَّ شهْرٌ عَظَّمَ اللهُ قَدْرَهُ ... فَأنزَلَ فِيْهِ الذِّكْْرَ فِيْ لَيْلَةِ القَدْرِِ
فَذَا مُوسِمٌ لِلْخَيْرِ أَقْبَلَ زَائِراً ... فَأَهْلاً بِهِ ضَيْفَاً يَحِلُّ بِذَا الدَّهْرِ
فَكَمْ قَدْ حَبَاهُ اللهُ مِنْ دُوْنِ غَيْرِِهِ ... بِمِيْزَاتِ فَضْلٍ فَاقْرَؤُا مًحْكَمَ الذِّكْرِ
فَقَدْ فَرَضَ الرَّحْمَنُ صَوْمَ نَهَارِهِ ... لِنَحْصُدَ خَيْرَ الزَّادِ فِي آخِرِ الشَّهْرِ
ومَنْ قَامَ فِيْهِ الليلَ للهِ مُخْلِصاً ... ومُحْتَسِباً قَدْ فَازَ بِالغُنْمِ والأجْرِ
وقََدْ جَاءَتِ الأَخْبَارُ عَنْ سيِّدِ الوَرَى ... تَدُلُّ عَلَى الغُفْرَانِ والحَطِّ لِلْوِزْرِ
فَيَا بَاغِيَ الخَيْرَاتِ أَقْبِلْ وشَمِّرَنْ ... فَدُوْنَكَ شَهْرُ الخَيْرِ والجُوْدِ والصَّبْرِ
فللهِ كَمْ فِيْ لَيْلِهِ مِنْ عَطِيَّةٍ ... وكَمْ مِنْحَةٍ لِلْمُتَّقِيْنَ مَعَ البِشْرِ
فأبْوابُ جَنَّاتِ النَّعِيمِ تفتَّحَتْ ... وغُلِّقتِ النِّيْرَانُ يا فُرْصَةَ العُمْرِ
وصُفِّدَ أَهْلُ الشّرِّ مِنْ كُلِّ مَارِدٍ ... فما خَلَصُوا لِلْفتكِ مِنْ غُرَّةِ الشَّهْر
فَهَذِي لَيَالِ الخَيْرِ أَشْرَقَ نُورُها ... أَلا فاغْنَمُوها في التِّلاوَةِ والذَّكْرِ
فَقَدْ نَزَلَ الرُّوْحُ الأَمِيْنُ مُدَارِساً ... نَبِيَّ الهُدَى القُرْآنَ فِي ذَلِكَ العَصْرِ
وكَانَ نََبِِيُّ اللهِ أَجْوَدَ حِيْنَهَا ... مِنَ الرِّيْحِ في تِلكَ المَوَاطِنِ بالخَيْر
فَسَارِعْ رَعَاكَ اللهُ في الخَيْرِ واجْتَهِدْ ... وكُنْ صَائِماً عَنْ فََاحِشِِ الفِعْلِ والهُجْرِ
فَمَا صَامَ مَنْ لمْ يُمْسِكَنَّ جَوَارِحاً ... وأَطْلَقََهَا فِي كُلِّ وَادٍ مِنَ الشَّرِّ
وإِيِّاكَ والتَّضْيِيْعَ لِلْوَقْتِ إِنَّهُ ... لَخُسْرٌ عَظِيمٌ بَلْ وغَبْنٌ لَدَى الحَشْرِ
فَيَا بُؤْسَ مَنْ أَحْيَا لَيَاليهِ سَاهِراً ... على لُعْبَةٍ تُلْهِيْ عَنِ الفَوْزِ والظَّفْرِ
ويَا خُسْرَ مَنْ أَحْيَا لَيَالِيْهِ قَابِِعاً ... على شَاشَةٍ مَلآى مِنَ الفِسْقِِ والعُهْرِ
ويَا خَيْبَةَ المفتونِ فِيْهَا بِكَأْسِهمْ ... يُتَابِعُ دَوْرِِيَّ النَّصَارَى إلى الفَجْرِ
أَلا فَاحْذَرُوا مِمَّا يَصُدُّ عَنِ الهُدَى ... ويُلقي بِكُمْ فِي بُؤْرَةِ الشّرِّ والكُفْرِ
فأَعْدَاؤُنَا يا صَاحِ أَلْقَوا حِبَالَهم ... وقد خَطّطُوا مِنْ قَبْلِ إِهْلالِ ذَا الشَّهْرِ
فكمْ أَخْرَجُوا مِنْ سَهْرةٍ ومُسلسلٍ ... وكمْ روَّجُوا لِلصَدِّ عَنْ ذَلِكَ الخَيْرِ
فإيَّاكَ إِيَّاكَ الرُّكُونَ لِبَاطِلٍِ ... مِنَ اللهْوِِ يُردِي في النَّدَامَةِ والعُسْرِ
فمَنْ أَدْرَكَ الشَّهْرَ الفَضِيْلَ ولَمْ يَفُزْ ... بِمَغْفِرَةٍ لِلذَّنْبِ قَدْ بَاءَ بالخُسْرِ
فَهَذَا حَدِيْثٌ فيه وَعْظٌ مُؤَكَّدٌ ... لِمَنْ كَانَ ذَا قَلْبٍ يَتَوقُ إِلَى البِرِّ
فنسألُ رَبَّ العَرْشِ مِنْ فَضْلِ جُودِهِ ... بَِأَنْ يَحْفَظَ الأَخْيَارَ فِي السّرِّ والجَهْرِ
فقَدْ عَمَّ سَيْلُ الشَّرِّ فِي كُلِّ بَلْدَةٍ ... وقَدْ نَجَمَ الإِفْسَادُ فِي البَرِّ وَالبَحْر
************************************************** ******************
ألقيت في مسجد زاهر بتريس
ليلة الثلاثاء الخامس والعشرين من شعبان 1435
:::::::::::::::::
:::::::::::::::::::::::::::::::
تعليق