إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أبٌ فَلَسْطينيٌ يَرْثي ابنته التي قُتٍلَتْ يوم زفافها

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أبٌ فَلَسْطينيٌ يَرْثي ابنته التي قُتٍلَتْ يوم زفافها

    ﴿بسم الله الرحمن الرحيم﴾

    عذراً ... حماس هي السبب

    فهذه قصيدة كتبتها بمداد أشجاني ، وسطرتُ حروفها بدموع أحزاني ، وجعلتُ منطقها على لسان أبٍ فلسطيني بائسٍ ، يرْثي ابنته الصغيرة التي قُتِلتْ يوم زِفَافِها ، وذُبِحتْ فرْحتُها وهي في ربيع عمرها ، أمام عين أبيها وهو واجم القلب محسور ، لم يملك إلا أن يقول وصدره بالحزن مغمور :


    إنْ جاء فرحٌ أو ألَمَّ سرور *** فالدمع باقٍ في العيون بحور
    ياعين هاتِ الدمع بل هاتِ الدِّما *** هذا دواء القلب وهو كسير
    نيران جرحِ لم تزل بين الحشا *** تغلي مراجلها بها وتفور
    يا لوعة النفس التي قد جُرِّعتْ *** كأسَ العذاب وشانها التكدير
    دعْ عنك لومي في مصابي لائمي *** ما كلُّ مكلوم الضمير يثور
    واسمع مصيباتٍ حللْن بساحتي *** كاد الفؤاد لِهَوْلِهِنَّ يطير
    يا ناعيَ الإسلام أقبلْ باكيا *** قد حان وقت النعْي والتَّغْبِير
    زفراتُ حسْرة أمتي أمستْ لها *** نَفْسُ الرحيم من البكاء تخور
    ناحتْ على الأيْكُ الحمائم بعدما *** كانت لها فوق الغصون هدير
    وتحجَّبتْ شمس الحياة بنورها *** واستوحشتْ بعد الأمان صدور
    فاسأل دياراً بالدماء تخضَّبتْ *** جدرانها وظلامُها منشور
    ما حالها .. عمَّ الأنينُ بِدُورِها *** والفرح فيها ميِّتٌ مقْبور
    تلك المساكن إنْ تَسَلْ عن شأنها *** تُخْبِرْك أحجارٌ لها وصخور
    في أرضها سالتْ مدامعُ أهلها *** وصُراخُ صوتِ نسائها مَهْدور
    أوَمَا ترى ثكْلىَ هناك وقلْبُها *** مِنْ فرْطِ كثرة حزنها مفطور
    تلك المآسي قد ذَهَبْنَ بفرحتي *** فنهارُ أملي في الحياة قصير


    *** *** *** *** *** ***

    دارتْ بأرض القدس كاساتُ الرَّدَىَ *** ليلا .. وغاراتُ الزمان تُغيرُ
    في غزَّةِ الأوطان كان مُصَابُنَا *** جَرَّاءَ قَصْفٍ شأنُهُ التدميرُ
    عصفتْ رياح القهر غدْراً بابْنتي *** في يوم عُرْسٍ والشموعُ تدور
    كانت كَبَدْرٍ أشْرقتْ أنواره *** ليلَ الزِّفافِ وقد علاها النور
    فالثَّغْرُ منها باسمٌ مُتَلأْلأٌِ *** والوجه منها مُشرقٌُ ونضير
    والكون يضحك والسماء مُضيئةٌ *** والفرح في مُقَلِ العيون غزير
    لكنَّ أفراح القلوب تبدَّلتْ *** حُزْناً .. وأظلم ربْعُنا والدُّور
    وتكدَّرتْ بعد السرور نفوسُنا *** وتمزَّقتْ بعد الوصال ستور
    لَمَّا أصاب صغيرتي سهمُ العِدَا *** وتغَيَّبتْ شمسٌ بها وبُدُور

    *** *** *** *** *** ***

    لهفي على الجسد الْمُضَرَّجِ بالدِّما *** بين الحجارة قد علاه زفير
    نادى بصوتٍ خافتٍ كادتْ له *** نفْسي تذوب بلوعة وتمور
    فَهَوَيْتُ نحو الصوت ألتمس النِّدا *** والطرفُ مِنْ هوْل المصاب حسير
    فإذا دماء صغيرتي خَضَبَتْ يداً *** كانتْ تُداعبُني بها وتُشير
    قد غيَّب القصْفُ الرهيب جمالها *** فالنحرُ منها نازفٌ مَنْحور
    فَطَفِقْتُ أصرخ مِلْءَ صوتي : ويْلتي *** هل من مُغيثٍ فالدماء كثير
    هل من طبيبٍ مُنْقِذي من نَكْبَتي *** عصفورُ قلبي مِنْ يدي سَيَطير


    *** *** *** *** *** ***
    فإذا الطبيب وقد أتَى مُتلهِّفاً *** نحو ابنتي قد ساءه التأخير
    فأصاب منها مدمعاً فاضت له *** عينُ الطبيب وشَانَهُ التغيير
    فأشار من غَرْبِ العيون إشارةً *** : فاتَ الأوانُ وخاننا التقدير
    عَجَزَ الدواء عن الشفاء وما لنا *** فيما قضاه إلِهُنا تخَيْير
    إني أرى نَحْبَ الفتاة قد انْقَضَى *** وأنا بهذا عارفٌ وخبير
    ثمَّ انْزوى عنا الطبيب وحُزْنُه *** لِمُصابِنا في وجهه مسطور
    فَسَقَطْتُّ مُنْتَحِباً على جسد ابنتي *** أبكي وأنْعي حالنا وأثور


    *** *** *** *** *** ***

    فَتَنَهَّدَتْ والدمعُ دون جُفونها *** دُرٌّ على وجَناتها منثور
    وتنفَّستْ للموت قائلةً وقد *** قُصِمتْ بِزفرتها هناك ظُهُور
    أوَّاهُ يا أبتاهُ من جرحٍ لنا *** نِيرانُه بين الضلوع سعير
    قد برَّح الألمُ العقيم بمهجتي *** وأذاب قلبي : حسرةٌ وثبور
    أحلامنا قُتِلتْ بغير جريرة *** وجَوَادُ فرحتنا هناك عقير
    ما ذنبُنا كيما تسيل دماؤُنا *** وكأنها بحرٌ بنا مَسْجور
    أبتاه لا تزْرِفْ دموعك واصْطبر *** عمَّا قليلٍ يَنْتهي المقدور
    عمَّا قليلٍ تنْقضي أحلامنا *** ويغيضُ ماء حياتنا ويغور
    ما ساءني ألمي .. ولكن ساءني *** زفراتُ حُزْنك في الهواء تطير
    بالله مهلا .. ما لِقَلْبي أن يرى *** منك المدامعَ في العيون تثور
    إني أرى دون السحاب بشائراً *** قد أقبلتْ بين الغمام تسير
    تلك الملائكُ لا تَسَلْ عن حُسْنها *** جاءتْ ركائبُها بها والحور
    فكأنهم لِزِفاف روحي قد أتوا *** والحور فوقي كالبدور تدور
    معهم لِتجْهيزي : ثيابٌ سندسٌ *** ولِغسْلِ دمعي : عنْبرٌ وكفور
    أبتاه لا تغْفلْ بالدعاء لابنتك *** يوماً لئلاَّ يجزعَ المقبور
    فأنا الوحيدة رَهْنَ قبرٍ مظلمٍ *** أمسيتُ فيه .. وخاطري مقهور
    أبتاه قد حان الفراق فليْتنا *** وَافىََ بنا قبل الرحيل : نذير


    *** *** *** *** *** ***
    فأجبْتُها والدمع يَحْرقُ مُقْلتي *** والقلب ينزفُ والمصاب كبير
    بِنْتاه يا روحي ومُقْلةَ ناظري *** وجمالَ نفْسي إنْ عَراهُ فُتور
    يا زهرة البستان يا قَطْْرَ النَّدى *** يا جنةً فيكِ النجومُ تُنير
    يا بُلْبُلاً غَنَّى على غُصْن الْجَوَىَ *** وشَدَا بِصوتٍ زانهُ التأثير
    وَسَطَ المروج وبين ساحات الفضا *** قد راح يلهو تارةً ويطير
    يا بسْمةً كانتْ على الثَّغْر الذي *** ما إنْ بدا فاحتْ هناك عُطور
    قد كنتِ لي نور الحياة وشمسها *** فغدوتُ أعمى في الظلام يسير

    ضحكاتُ فرحُكِ لا تزال تهزُّني *** وتُطيلُ أنَّاتِ الْجَوَىَ وتُثِير
    دقَّاتُ قلبُكِ في الفؤاد طوارقٌ *** يصْدعْنَ نفسي والإلهُ خبير
    تلك المحاسن في التراب تغيَّبتْ *** وجمالها في قبرها مَدْثور
    بنتاهُ قد عظم المصاب وإنني *** أبداً على العهد القديم أسير
    كأسُ المنيَّةِ قد أصابكِ بغْتةً *** فَشَرَبْتِ ماء الموتِ وهْو مرير


    قد كان لا يحلو غيابُكٍ ساعةً *** كيف التَسَلِّي والغيابُ دهور
    يا ليتني قد كنتُ قبلكِ ثاوياً *** حُفَرَ الترابِ فَيَشْتفي المصْدُور
    ما طاب عيشي في الحياة صغيرتي *** مُذْ غاب بدرُ جمالكِ المستور
    كبدي يسيل مرارة أبداً وإنْ *** مرَّتْ عليَّ صوارفٌ وعُصور
    إنْ قيل صبراً .. قلتُ قد غربتْ له *** شمسي وغاب ضياؤها والنور
    أو قيل رفْقاً .. قلتُ كيف وهذه *** أمواتُ فرْحِي ما لهنَّ نشور
    فإلى اللِّقاء صغيرتي في عالمٍ *** ما فيه حُزْنٌ بل هناك سرور
    في جنَّةٍ فيها الأحبَّةُ تلْتقي *** والرَّبُّ راضٍ .. والشَّرابُ طَهُور


    كتبها : العبد البائس الفقير أبو المظفر سعيد بن محمد السِّنَّاري
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو الخطاب فؤاد السنحاني; الساعة 19-02-2009, 10:32 AM.
يعمل...
X