على رحاب دار الحديث
| سلام على الوادي الذي كنت أنشد |
بأكنافه حيناً وحيناً أُردِّد |
|
| رسمت الضحى فيه وأرخيتُ صحوه |
على أُمنيات لم تزل فيه تُعهد |
|
| رعى الله أحباباً ألفتهمُ به |
وباكرهم فيه السحاب المزرَّد |
|
| هنالك أرسلتُ الحروف عنادباً |
تظلُّ عليهم بالوفاء تُزغردُ |
|
| إذا ما بكى النائي المشوقُ فإنما |
لذكراه إلفاً منهُ بالأنس يُعهد |
|
| تهيِّجه الأشواقُ نحو مناهلٍ |
ظماه إليها كاللظى يتوقّد |
|
| يحنُّ إلى دماجَ والليل حالكٌ |
فما مسه من شدّة الشوق مرقد |
|
| فيا سائلاً عن ذي القوفل إنها |
إلى منبع الأعلام والعلم تقصُد |
|
| إلى معهدٍ في أرض دماج شامخٍ |
عليه ارتمى فجر و أومض فرقد |
|
| سرت نحوه البيضاء فابيضّ وجهها |
بأنواره فيها الهدى يتجدد |
|
| تهاوت قلاع للتّصوف سوحها |
فلا قبّةٌ ترجى ولا القبر يُعبد |
|
| ولم يبق إلا حفنةٌ طبطبيّةٌ |
تزوبعُ في قارورةٍ وتُعربد |
|
| ألا أيها الوفدُ الكريم فهذه |
رحاب الهدى فيها الضياء المسرمد |
|
| فهذي هي الدار التي شاع ذكرها |
وعانق علياها قريبٌ ومُبعد |
|
| فمن أول الأيام أسس صرحها |
على العلم والتقوى إمامُ مجدد |
|
| تسامى بدنيا العلم فالشيخ مقبلٌ |
بمعدن أهل العلم درٌ وعسجد |
|
| خليفته يحيى الحجوريُّ ناصحٌ |
قويٌ أمينٌ في الأمور مسدد |
|
| فوائده درٌّ تناثر حوله |
نصائحه كالتبر بل هي أجود |
|
| هو الجبل الراسي الذي ظل شامخاً |
يصد رياح السوء منه التجلُّد |
|
| بحزمٍ وإخلاصٍ وصدق عزيمةٍ |
غدا كوكباً يهدي الأنام ويُرشد |
|
| فدار الحديث اليوم تشهد أنه |
بخاريّ هذا العصر يروي ويُسند |
|
| غدا أمةً فرداً ولو كان حاضراً |
لأثنى ابن قطانٍ عليه وأحمد |
|
| غدا أمةً في قوله الحقّ صادعاً |
به في زمانٍ شاع فيه التعدد |
|
| أُ شير إليه بالبنان معلماً |
له في رياض العلم دارٌ ومعهد |
|
| فصفو الهدى فيه وصفو عقيدةٍ |
ويقظة يحيى طاب للعلم مورد |
|
| ألم تره إن ذبّ عن صفوه القذى |
يُزلزلُ حزبيٌّ و يُقمع مفسد |
|
| ألم تره إن قال قولاً رأيته |
يبرهن عما قال , ليس يُفنَّد |
|
| فما خلته إلا أميناً وناصحاً |
وشيخي ابن هادي قائلٌ ومؤيِّد |
|
| رآه حرياً أن يكون خليفةً |
ليثبت صرحٌ للعلوم مُشيَّد |
|
| كأن ابن هادي حين خلّفه رأى |
بعينيه ما يأتي وما يتجدد |
|
| كأني به قد قال هذا خليفتي |
يسير بسيري إن تُطيعوه تهتدوا |
|
| فما ضرّه خذلان قومٍ فربّه |
له في البلايا ناصرٌ ومسدِّد |
|
| لك الله يا يحيى فما كنتَ ظالماً |
لمن كان في دار الحديث يعربد |
|
| صدقتَ أيا يحيى وخصمك شاهدٌ |
بأنك صدِّيقٌ وإن كان يجحد |
|
| أيحجب شمساً أم يرى الفجر مظلماً |
ومن كل فجٍّ صرتَ للعلم تُقصد |
|
| رفعتَ لواءاً للجهاد فكنتَ في |
رباطٍ تصدُّ المجرمين وتصمد |
|
| ووادعة الأبطال حولك في الوغى |
أسودٌ لها في حومة الحرب مرصد |
|
| يصدّون عن دار الحديث معادياً |
فهم ضدّ أهل البغي سيفٌ مهند |
|
| أعزهم المولى بطاعته فهم |
سياجٌ على دار الحديث مُصمّد |
|
| فهم أنجمٌ في الدار نوراً وزينةً |
ورمي الشياطين التي تترصّد |
|
| فيا قوم من يبغ العلوم فهاهنا |
ينابعها طوبى لمن يتزوّد |
|
| ومن ينكرنّ العلم والفضل هاهنا |
فهذا مريضٌ حائر القلب أرمد |
|
| أغرته أموالٌ وأرض وفلّةٌ |
فمن أجل دنياه يقوم ويقعد |
|
| يحيك افتراءاً حين يبرز ناقداً |
ويشهد زوراً حين يرغي ويُزبد |
|
| فذو باطلٍ ينهار في لحظاته |
وذو الحق في الميدان يقوى ويصمد |
|
| وحمداً لخلاّقي على نظم أحرفي |
فإياه نستهدي وإياه نعبد |
|
| فهاك قريضاً بالدراري مرصعاً |
تكاد من القرطاس تلقطه اليد إذا مأردت الحق |
|
| إذا ما أردتُ الحق فيه رأيتني |
أهيمُ وشيطان القريض مصفّد |
|
| يقول بأن الشعر أعذبه الذي |
يكون خيالاً حين تبكي وتنشد |
|
| فقلتُ له كلاّ فأعذبه الذي |
على الصدق والتقوى يُقفّى ويُنضد |
بقلم أبي عبد الله حمود بن قائد البعادني الإبي
مسجد أبي بكر الصدّيق قرية الغراء محافظة البيضاء .
تعليق