إرشـاد الصائمين
إلى
تعجيل الفطر وتأخير السحور
لأبي حاتم
عبد الله بن حسن بن يحيى الأشموري.
قرية الضفة – الأشمور – محافظة عمران.
يوم الخميس 2/9/1431هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد ألا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولاتموتن إلا وأنتم مسلمون يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا يا أيها الذين آمنوا اتقوالله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما. أما بعد:
فإن خير الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار. وبعد:
فإن الله بعث محمدا ليبين للناس مانزل إليهم قال :{وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [سورة النحل : 64] فأكمل الله به الدّين وبين أحسن التبيين ، فمن كان محبا له فإنه يتبعه ويسير على سنته ويتبع أوامره ويجتنب نواهيه امتثالا لقول الحق تبارك وتعالى: { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } [سورة الحشر : 7] وقوله : {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [سورة آل عمران : 31]
ومما يأسف له أنك ترى بعض المسلمين اليوم يخالفون سنته ويتعمدون المخالفة والعياذ بالله والله يقول :{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }[سورة النور : 63]
إن الذي حملني على كتابة هذه الرسالة هو النصح والتبيين لإخواني المسلمين المحبين لسنة سيد المرسلين وذلك في أمر تعجيل الفطر وتأخير السحور وللأسف أن غالب بلادنا اليمنية قد خيم عليها التشيع سنين عديدة وفعل فيها أفعاله القبيحة التي نعاني منها إلى يومنا هذا من ذلك مانحن بصدده وهو تأخير أذان المغرب والإفطار عن وقته الشرعي، وتعجيل السحور وأذان الفجر قبل وقته الشرعي وسبب ذلك جهل المؤذنين بأوقات الصلاة الشرعية وتقليدهم الأعمى للجامع الكبير بصنعاء فمتى ما أذن أذنوا وهذا خلاف السنة النبوية ، وإليك بيان ذلك بالأدلة الشرعية من الكتاب والسنة التي تبين وقت الفجر والسحور ووقت المغرب والإفطار:-
1-قول الله : {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [سورة البقرة : 187]
والمراد من الاستشهاد بهذه الآية هو أن نعرف وقت الصيام في قوله : {حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل}
2-أخرج البخاري رحمه الله في صحيحه من حديث عدي بن حاتم قال : لما نزلت { حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود } . عمدت إلى عقال أسود وإلى عقال أبيض فجعلتهما تحت وسادتي فجعلت أنظر في الليل فلا يستبين لي فغدوت على رسول الله فذكرت له ذلك فقال ( إنما ذلك سواد الليل وبياض النهار ).
والعقال: هو الحبل الذي يربط به البعير.
3-وأخرج أحمد في مسنده من حديث عدي بن حاتم قال : علمني رسول الله الصلاة والصيام قال صل كذا وكذا وصم فإذا غابت الشمس فكل واشرب حتى يتبين لك الخيط الأبيض من الخيط الأسود وصم ثلاثين يوما إلا أن ترى الهلال قبل ذلك فأخذت خيطين من شعر أسود وأبيض فكنت أنظر فيهما فلا يتبين لي فذكرت ذلك لرسول الله فضحك وقال يا بن حاتم إنما ذاك بياض النهار من سواد الليل). قال شعيب الأرنؤوط : حديث صحيح مجالد بن سعيد وإن يكن ضعيفا قرن الطحاوي به حصينا.
4-وجاء من حديث سمرة بن جندب قال : قال رسول الله : " لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال ولا الفجر المستطيل ولكن الفجر المستطير في الأفق " رواه مسلم والترمذي واللفظ له.
والمراد بالفجر المستطيل :هو الفجر الكاذب وهو المُسْتَدقّ الذي يُشَبَّه بذَنب السِّرْحان وهو الخيط الأَسود ولا يمتنع الصائم عند رأيته مما أحل الله له.
والفجر المستطير : هو الفجر الصادق وهو الذي انتَشَر ضَوءُه واعْتَرض في الأُفُق بخلاف المُسْتَطِيل وهنا عند رأيته يمتنع الصائم عن الأكل والشرب وماأحل له في الليل دون النهار.
5-وأخرج الحاكم والبيهقي من حديث جابر قال قال رسول الله : ( الفجر فجران ، فجر يقال له : ذنب السرحان ، و هو الكاذب يذهب طولا و لا يذهب عرضا ، و الفجر الآخر يذهب عرضا و لا يذهب طولا " وصححه الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة.
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره: ( وقوله تعالى: { ثم أتموا الصيام إلى الليل } يقتضي الإفطار عند غروب الشمس حكما شرعيا ).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح: (ومعنى الآية حتى يظهر بياض النهار من سواد الليل وهذا البيان يحصل بطلوع الفجر الصادق ففيه دلاله على أن ما بعد الفجر من النهار).
وقال ابن سعدي رحمه الله في تفسيره: ({ ثم } إذا طلع الفجر { أتموا الصيام } أي: الإمساك عن المفطرات { إلى الليل } وهو غروب الشمس).
وقال العلامة الفقيه ابن عثيمين رحمه الله في تفسيره: ( قوله تعالى:{ ثم أتموا الصيام} أي أكملوا الصيام على وجه التمام؛{إلى الليل} أي إلى دخول الليل؛ وذلك بغروب الشمس؛ لقول النبي : «إذا أقبل الليل من هاهنا - وأدبر النهار من هاهنا - وغربت الشمس فقد أفطر الصائم» ؛ وبمجرد غروب الشمس - أي غروب قرصها - يكون الإفطار؛ وليس بشرط أن تزول الحمرة، كما يظن بعض العوام؛ إذاً الصوم محدود: من، وإلى؛ فلا يزاد فيه، ولا ينقص).
وقال أيضا رحمه الله في لقاءات الباب المفتوح: ( ومن آداب الصوم: أن الإنسان يفطر مبكراً من حين غياب قرص الشمس أفطر ولو كان أثر النهار واضحاً، سواءً أذن أم لم يؤذن، يعني: لو فرضنا أنك في مكان عالٍ ورأيت الشمس قد غابت وغاب القرص والمؤذنون لم يؤذنوا أفطر، لقوله تعالى: ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا أقبل الليل من هاهنا وأشار إلى المشرق وأدبر النهار من هاهنا وأشار إلى المغرب وغربت الشمس فقد أفطر الصائم) وبادر بالفطر قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر) انظر لا يزالون بخير ما عجلوا الفطر، معناه: إذا لم يعجلوا الفطر فليسوا في خير، هذا مفهوم الحديث).
6-وحديث عمربن الخطاب ، قال: قال رسول الله : (( إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ ههُنَا، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ ههُنَا، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائمُ )) متفق عليه.
في هذا الحديث دليل على أن المسلم يعتمد في إفطاره على الرؤية لإقبال الليل من المشرق وإدبار النهار من المغرب وذلك بغروب قرص الشمس.ولا يعتمد على أذان فلان أو فلان ممن لايوثق بتحريهم للأوقات الشرعية كالجامع الكبير ومن سار على شاكلته فهم على التشيع سائرون ، ولسنة النبي مخالفون ، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
قال الإمام النووي رحمه الله في شرحه على مسلم ما نصه: ( قوله ( إذا أقبل الليل وأدبر النهار وغابت الشمس فقد أفطر الصائم ) معناه انقضى صومه وتم ولا يوصف الآن بأنه صائم فان بغروب الشمس خرج النهار ودخل الليل والليل ليس محلا للصوم وقوله صلى الله عليه و سلم أقبل الليل وأدبر النهار وغربت الشمس قال العلماء كل واحد من هذه الثلاثة يتضمن الآخرين ويلازمهما وإنما جمع بينها لأنه قد يكون في واد ونحوه بحيث لا يشاهد غروب الشمس فيعتمد إقبال الظلام وإدبار الضياء والله أعلم
7-حديث سهل بن سعد الساعدي ، أنّ رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((لا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْر مَا عَجَّلُوا الفِطْرَ)) متفق عليه.
في هذا الحديث دلالة على بقاء الخير في الناس إذا استمروا على تعجيل الفطر كما كان يعجله رسول الله وصحابته من بعده ومن سار على نهجهم من السلف الصالح رضوان الله عليهم أجمعين وذلك بمجرد غروب قرص الشمس يبادر إلى الإفطار وهذا هو التعجيل.
8-وعن أبي عطية ، قال : دخلت أنا ومسروق على عائشة رضي الله عنها ، فقال لها مسروق : رجلان من أصحاب محمد - - ، كلاهما لا يألو عن الخير ؛ أحدهما يعجل المغرب والإفطار ، والآخر يؤخر المغرب والإفطار ؟ فقالت : من يعجل المغرب والإفطار ؟ قال : عبد الله - يعني : ابن مسعود - فقالت : (( هَكَذَا كَانَ رَسُوْلُ اللهِ يَصْنَعُ )). رواه مسلم .
في هذا الحديث سآل أهل العلم ومنهم أم المؤمنين وزوجة خاتم النبيين وهي أعرف بحاله فصوبت ابن مسعود وأن صنيعه وهو تعجيل الإفطار والمغرب هو صنيع رسول الله قال : { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب : 21].
9-حديث عبدِ الله بنِ أَبي أوفى رضي الله عنهما ، قال : سِرْنَا مَعَ رسولِ الله ، وَهُوَ صَائِمٌ ، فَلَمَّا غَرَبَتِ الشَّمْسُ ، قَالَ لِبَعْضِ القَوْمِ : (( يَا فُلاَنُ انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا ، فَقَالَ : يَا رسول الله ، لَوْ أمْسَيْتَ ؟ قَالَ : انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا قَالَ : إنَّ عَلَيْكَ نَهَاراً ، قَالَ : انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا قَالَ : فَنَزَلَ فَجَدَحَ لَهُمْ فَشَرِبَ رسولُ الله - - ، ثُمَّ قَالَ : إِذَا رَأَيْتُمُ اللَّيْلَ قَدْ أقْبَلَ مِنْ هاهُنَا ، فَقَدْ أفْطَرَ الصَّائِمُ وَأشَارَ بِيَدِهِ قِبَلَ المَشْرِقِ )). متفق عليه .
قَوْله: (( اجْدَحْ )) أيْ : اخْلِطِ السَّويقَ بِالمَاءِ .
قال الحافظ في ((الفتح)): قال ابن دقيق العيد: في هذا الحديث ردّ على الشيعة في تأخيرهم الفطر إلى ظهور النجوم، ولعل هذا هو السبب في وجود الخير بتعجيل الفطر، لأن الذي يؤخره يدخل في فعل خلاف السنة.اهـ
10-وأخرج الامام عبد الرزاق الصنعاني رحمه الله في مصنفه في كتاب الصيام في باب تعجيل الفطر عن عمرو بن ميمون الأودي قال: (( كَانَ أصْحَابُ مُحَمَّدٍ أسْرَع النَّاسِ إِفْطَارًا وَأبْطَأهُمْ سحُوْرًا )) قال الحافظ ابن حجر رحمه الله إسناده صحيح انظر فتح الباري شرح صحيح البخاري في كتاب الصوم باب تعجيل الإفطار.
وفي هذا بيان لما كان عليه صحابة رسول الله من الإسراع في الإفطار بمجرد غروب قرص الشمس ولاعبرة بحمرة الأفق وقد أمرنا الله باتباعهم فقال : {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا } [النساء : 115]. وسبيل المؤمنين هو طريق الصحابة ومن تبعهم رضوان الله تعالى عليهم أجمعين.
11-حديث سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله قال: (( لا تَزَالُ أمَّتِيْ عَلَى سُنَّتِيْ مَالَمْ تَنْتَظِرْ بِفِطْرِهَا النُّجُوْمُ )) رواه ابن حبان في صحيحه وصححه العلامة الألباني رحمه الله في كتابه صحيح الترغيب والترهيب .
في هذا الحديث دلالة على أن من أخر الإفطار فقد خالف سنته .
12-حديث أبي هريرة أن رسول الله قال: (( لا يَزَالُ الدِّيْنُ ظَاهِرًا مَا عَجَّلَ النَّاسُ الفِطْرَ لأنَّ اليَهُوْدَ وَالنَّصَارَى يُؤَخِّرُوْنَ )) رواه أبو داود وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما وعند ابن ماجه لا يزال الناس بخير وحسنه الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب والترهيب والوادعي رحمه الله في كتابه الإلحاد الخميني في أرض الحرمين.
في هذا الحديث دلالة على تعجيل الفطر وأن ذلك من أسباب الحفاظ على دين الله وبقائه ظاهرا.
وأن تأخير الإفطار تشبه باليهود والنصارى وقد قال : ( ومن تشبه بقوم فهو منهم ) أخرجه أحمد من حديث ابن عمر رضي الله عنهما وصححه الألباني رحمه الله.
13-حديث أسماء بنتِ أبي بكرٍ الصديق رضيَ الله عنهما قالت: «أفطَرْنا على عهدِ النبي يومَ غيمٍ ثم طَلَعتِ الشمسُ، قيلَ لهشامٍ: فأُمروا بالقضاءِ؟ قال: لاَ بُدٌّ من قَضاء» وقال مَعْمَرٌ سمعتُ هشاماً يقولُ: «لاأدري أقضَوْا أم لا» رواه البخاري في صحيحه في كتاب الصوم في باب إذا أفطر في رمضان ثم طلعت الشمس.
في هذا الحديث دلالة على اعتماد الرؤية بالعين في الإفطار وأن العبرة بغروب الشمس.
وفيه بيان يسر هذا الدين وسهولته لمن تمسك به وسار عليه .
وفي ختام هذه الرسالة: أكتفي بماذكرته من الأدلة الثابتة على مشروعية تعجيل الفطر وتأخير السحور وقد نقل الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح ومِنْ بَعْدِه الامام الشوكاني رحمه الله في النيل قول الامام أبوعمر بن عبد البر رحمه الله: ( أحَادِيْثُ تَعْجِيْلِ الإِفْطَارِ وَتَأخِيْرِ السّحُوْرِ صِحَاحٌ مُتَوَاتِرَةٌ).
فتاوى
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري مانصه: ( تنبيه: من البدع المنكرة ما أحدث في هذا الزمان من إيقاع الأذان الثاني قبل الفجر بنحو ثلث ساعة في رمضان وإطفاء المصابيح التي جعلت علامة لتحريم الأكل والشرب على من يريد الصيام زعما ممن أحدثه أنه للاحتياط في العبادة ولا يعلم بذلك إلا آحاد الناس وقد جرهم ذلك إلى أن صاروا لا يؤذنون إلا بعد الغروب بدرجة لتمكين الوقت زعموا فأخروا الفطر وعجلوا السحور وخالفوا السنة فلذلك قل عنهم الخير وكثر فيهم الشر والله المستعان.
هذا ابن حجر رحمه الله يتألم من زمانه فكيف لو رأى ما أحدث في زماننا هذا من البدع وهو المتوفى سنة 852هـ. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه شرح العمدة في وقت صلاة المغرب: ( و أول وقتها إذا غاب قرص الشمس و حينئذ يفطر الصائم و يزول وقت النهي و لا اثر لما يبقى في الأفق من الحمرة الشديدة في شيء من الأحكام و كذلك في حديث بريدة الآتي ذكره أنه أمر بالمغرب حين غاب حاجب الشمس) .
وجاء في مجموع الفتاوى مانصه: ( وسئل رحمه الله عن غروب الشمس : هل يجوز للصائم أن يفطر بمجرد غروبها ؟
فأجاب : إذا غاب جميع القرص أفطر الصائم ولا عبرة بالحمرة الشديدة الباقية في الأفق . وإذا غاب جميع القرص ظهر السواد من المشرق كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " { إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من هاهنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم } .
وقد جاء في كتاب الدرر السنية في الكتب النجدية - (6 / 376) مانصه:
ص -354- ... تأخير الأذان والفطر إلى ذهاب شعاع الشمس من الأفق، هو مذهب الرافضة، فإنهم يؤخرون الفطور إلى هذا الوقت; وقد قال صلى الله عليه وسلم: " لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور " 1.
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله: عن غروب الشمس، أيجوز للصائم أن يفطر بمجرد غروبها؟
فأجاب بقوله: الحمد لله، إذا غاب جميع القرص أفطر الصائم، ولا عبرة بالحمرة الشديدة الباقية في الأفق، وإذا غاب جميع القرص، ظهر السواد من المشرق، كما قال النبي : " إذا أقبل الليل من هاهنا، وأدبر النهار من هاهنا، وغربت الشمس، فقد أفطر الصائم ". فتأمل ما ذكره، رحمه الله، من أنه إذا غاب جميع القرص أفطر الصائم، وأنه لا عبرة بالحمرة الشديدة الباقية في الأفق.
فإذا عرفت هذا، عرفت أن من نهى الناس عن الأذان، وعن الإفطار، إلا بعد ذهاب هذا الشعاع والحمرة الشديدة، فقد نهى عما أمر به رسول الله ، وأمر بسلوك طريقة الأرفاض، في تأخير الأذان والفطر إلى ظهور النجم وذهاب الحمرة؛ وقد أفصح، رحمه الله، بما يزيل الإشكال، بقوله: إذا غاب جميع القرص، فالحكم منوط بغيبوبة القرص جميعه، لا بذهاب الحمرة الشديدة، فإنه لا عبرة بوجودها).
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
السؤال الثالث من الفتوى رقم (9248)
س3: يقول الرسول في الحديث الصحيح: « إذا غابت الشمس من ها هنا يعني المغرب، وطلع الليل من ها هنا، يعني المشرق، فقد أفطر الصائم » أو كما قال ، واتضح لنا بعد التبيان أن الشمس تغيب حقيقة وبعدها بخمس أو بسبع دقائق يؤذن المؤذن للإفطار على ميقات العجيري في الكويت ، فهل يجوز الإفطار قبل المؤذن وبعد التحقق من مغيب الشمس؟
ج3: إذا تحقق الصائم غروب الشمس وإقبال الليل فقد حل له الفطر، قال تعالى: { ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ } وقال : « إذا أقبل الليل من ها هنا وأدبر النهار من ها هنا، وغربت الشمس فقد أفطر الصائم » متفق على صحته. وبذلك يعلم أنه لا يعتبر ما خالف ذلك من التقاويم كما أنه لا يشترط سماع الأذان بعد تحقيق غروب الشمس.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو // عضو // نائب رئيس اللجنة // الرئيس //
عبد الله بن قعود // عبد الله بن غديان // عبد الرزاق عفيفي //عبد العزيز بن باز //
فتاوى للعلامة الفقيه محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله.
1175 وسئل فضيلته:في شهر رمضان نكون على سفر ونصوم خلال هذا السفر فيدركنا الليل ونحن في الجو فهل نفطر حينما نرى اختفاء قرص الشمس من أمامنا أم نفطر على توقيت أهل البلد الذين نمر فوقهم؟
فأجاب قائلاً:افطر حين ترى الشمس قد غابت,لقوله عليه الصلاة والسلام (إذا أقبل الليل من هاهنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم).
862 وسئل فضيلته أيضا: ما حكم الذين يتقدمون في أذان الفجر في رمضان؟
فأجاب فضيلته بقوله: الذين يتقدمون في الأذان في أيام الصوم يتسرعون في أذان الفجر، يزعمون أنهم يحتاطون بذلك للصيام وهم في ذلك مخطئون لسببين:
السبب الأول: أن الاحتياط في العبادة هو لزوم ما جاء به الشرع، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر» ما قال حتى يقرب طلوع الفجر، إذاً فالاحتياط للمؤذنين: أن لا يؤذنوا حتى يطلع الفجر.
السبب الثاني: قد أخطأ هؤلاء المؤذنون الذين يؤذنون للفجر قبل طلوع الفجر، وزعموا أنهم يحتاطون لأمر احتياطهم فيه غير صحيح، لكنهم يفرطون في أمر يجب عليهم الاحتياط له وهو صلاة الفجر، فإنهم إذا أذنوا قبل طلوع الفجر صلى الناس وخصوصاً الذين لا يصلون في المساجد من نساء، أو معذورين عن الجماعة صلاة الفجر، وحينئذ يكون أداؤهم لصلاة الفجر قبل وقتها، وهذا خطأ عظيم، لهذا أوجه النصيحة لإخواني المؤذنين أن لا يؤذنوا إلا إذا تبين الصبح وظهر لهم، فإذا ظهر لهم سواء شاهدوا بأعينهم، أو علموه بالحساب الدقيق فإنهم يؤذنون، وينبغي للمرء أن يكون مستعداً للإمساك قبل الفجر خلاف ما يفعله بعض الناس إذا قرب الفجر جدًّا قدم سحوره زاعماً أن هذا هو أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بتأخير السحور، ولكن ليس هذا بصحيح، فإن تأخير السحور إنما ينبغي إلى وقت يتمكن الإنسان فيه من التسحر قبل طلوع الفجر، والله أعلم.
وقال أيضارحمه الله: وإنني أنبه هنا على مسألة يفعلها بعض المؤذنين، وهي أنهم يؤذنون قبل الفجر بخمس دقائق، أو أربع دقائق زعماً منهم أن هذا من باب الاحتياط للصوم:
وهذا احتياط نصفه بأنه تنطع، وليس احتياطاً شرعيًّا، وقد قال النبي : «هلك المتنطعون» وهو احتياط غير صحيح، لأنهم إن احتاطوا للصوم أساؤوا في الصلاة، فإن كثيراً من الناس إذا سمع المؤذن قام فصلى الفجر، وحينئذ يكون هذا الذي قام على سماع أذان المؤذن الذي أذن قبل صلاة الفجر يكون قد صلى الصلاة قبل وقتها، والصلاة قبل وقتها لا تصح، وفي هذا إساءة للمصلين، ثم إن فيه أيضاً إساءة إلى الصائمين، لأنه يمنع من أراد الصيام من تناول الأكل والشرب مع إباحة الله له ذلك، فيكون جانياً على الصائمين حيث منعهم ما أحل الله لهم، وعلى المصلين حيث صلوا قبل دخول الوقت، وذلك مبطل لصلاتهم.
فعلى المؤذن أن يتقي الله عز وجل، وأن يمشي في تحريه للصواب على ما دل عليه الكتاب والسنة. والله الموفق.
وقال أيضارحمه الله في كتابه الشرح الممتع على زاد المستقنع: ( قوله: "وتعجيل فطر" أي وسن تعجيل فطر.
أي: المبادرة به إذا غربت الشمس، فالمعتبر غروب الشمس، لا الأذان، لا سيما في الوقت الحاضر حيث يعتمد الناس على التقويم، ثم يعتبرون التقويم بساعاتهم، وساعاتهم قد تتغير بتقديم أو تأخير، فلو غربت الشمس، وأنت تشاهدها، والناس لم يؤذنوا بعد، فلك أن تفطر ولو أذنوا وأنت تشاهدها لم تغرب، فليس لك أن تفطر؛ لأن الرسول قال: "إذا أقبل الليل من هاهنا وأشار إلى المشرق، وأدبر النهار من هاهنا وأشار إلى المغرب، وغربت الشمس فقد أفطر الصائم" .
ولا يضر بقاء النور القوي، فبعض الناس يقول: نبقى حتى يغيب القرص ويبدأ الظلام بعض الشيء فلا عبرة بهذا، بل انظر إلى هذا القرص متى غاب أعلاه فقد غربت الشمس، وسن الفطر.
ودليل سنية المبادرة:
1 - قوله : "لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر" ، وبهذا نعرف أن الذين يؤخرون الفطر إلى أن تشتبك النجوم كالرافضة أنهم ليسوا بخير...
.. فإن قال قائل: هل لي أن أفطر بغلبة الظن، بمعنى أنه إذا غلب على ظني أن الشمس غربت، فهل لي أن أفطر؟
فالجواب: نعم، ودليل ذلك ما ثبت في صحيح البخاري عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: "أفطرنا في يوم غيم على عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم، ثم طلعت الشمس" ومعلوم أنهم لم يفطروا عن علم، لأنهم لو أفطروا عن علم ما طلعت الشمس، لكن أفطروا بناءً على غلبة الظن أنها غابت، ثم انجلى الغيم فطلعت الشمس.
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في كتابه إتحاف أهل الإيمان بدروس شهر رمضان في الدرس الخامس : فأباح لكم النساء والطعام والشراب من غروب الشمس إلى طلوع الفجر الثاني، وعند ذلك يبدأ الصائم بالامتناع عن هذه الأشياء وغيرها مما لا يجوز للصائم إلى غروب الشمس، لقوله تعالى: {ثم أتموا الصيام إلى الليل} [البقرة 187] و{إلى} غاية إذا كان ما بعدها ليس من جنس ما قبلها فإنه لا يدخل فيه، والليل ليس من جنس النهار فالصوم ينتهي عند بداية الليل بغروب الشمس كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا أقبل الليل من ههنا وأدبر الليل من ههنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم" [أخرجه البخاري رقم 1954 ومسلم رقم 1100].
وبعض الناس يخالفون الوجه الشرعي في السحور والإفطار فطائفة من الناس أو كثير منهم يسهرون الليل، فإذا كان آخر الليل وأرادوا النوم تسحروا قبل الفجر، ثم ناموا وتركوا صلاة الفجر في وقتها مع الجماعة، فيرتكبون عدة أخطاء:
أولا: أنهم صاموا قبل وقت الصيام.
ثانيا: يتركون صلاة الفجر مع الجماعة.
ثالثا: يؤخرون الصلاة عن وقتها فلا يصلونها إلا بعدما يستيقظون ولو عند الظهر، والمبتدعة يؤخرون الإفطار عن غروب الشمس ولا يفطرون إلا عند اشتباك النجوم.
وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة.
نسأل الله أن يرزقنا التمسك بالسنة ومجانبة البدعة وأهلها، وصلى الله على محمد.
المخالفات الشرعية المترتبة على تأخير الفطر وتعجيل السحور
1- أن هذا تشبه باليهود والنصارى وهو صنيع الرافضة ، يأخرون أذان المغرب بعد غروب قرص الشمس حتى ذهاب شعاعها وهي الحمرة في الأفق ودخول الليل.
قال الإمام الشوكاني رحمه الله في كتابه نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار في كتاب الصيام في باب آداب الإفطار والسحور: ( وَأَيْضًا فِي تَأْخِيرِهِ تَشَبُّهٌ بِالْيَهُودِ فَإِنَّهُمْ يُفْطِرُونَ عِنْدَ ظُهُورِ النُّجُومِ ، وَقَدْ كَانَ الشَّارِعُ يَأْمُرُ بِمُخَالَفَتِهِمْ فِي أَفْعَالِهِمْ وَأَقْوَالِهِمْ ، وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا تَحَقَّقَ غُرُوبُ الشَّمْسِ بِالرُّؤْيَةِ أَوْ بِإِخْبَارِ عَدْلَيْنِ أَوْ عَدْلٍ ، وَقَدْ صَرَّحَ الْحَدِيثُ الْقُدْسِيُّ بِأَنَّ مُعَجِّلَ الْإِفْطَارِ أَحَبُّ عِبَادِ اللَّهِ إلَيْهِ ، فَلَا يَرْغَبُ عَنْ الِاتِّصَافِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ إلَّا مَنْ كَانَ حَظُّهُ مِنْ الدِّينِ قَلِيلًا كَمَا تَفْعَلُهُ الرَّافِضَةُ).
أن هذا تنطع في الدين وقد جاء من حديث عبد الله بن مسعود أن رسول الله قال: ( هلك المتنطعون قالها ثلاثا) رواه مسلم.
المتنطعون يعني المتشددون الغالون.
وانظر ماكتبه الإمام الوادعي رحمه الله في كتابه الإلحاد الخميني في أرض الحرمين ص 218 طبعة دار الآثار.
2- أن هذا تشدد في الدين وقد جاء من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله : " إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة " . رواه البخاري.
والتشدد هو مجاوزة الحد والزيادة في الشيء فالذي يأخر الإفطار يزيد في وقت صومه بمالم يشرعه الله .
3- أن تأخير أذان المغرب وتعجيل أذان الفجر تحريم لما أحل الله وذلك بمجرد تقديم أذان الفجر يحرم على الناس الطعام والشراب وغير ذلك مماأحل لهم وتأخيره لأذان المغرب يحرم على الناس الإفطار الذي أحله الله.
شبهة والرد عليها؟
بعض من لاعلم عنده بكتاب الله وسنة رسول الله يحتج بالجامع الكبير!!
أولا: نقول له منهم القائمون على الجامع الكبير؟
والجواب هم الشيعة ولا يأخذ الدِّين عن الشيعة فهم مخالفون لسنة رسول الله .
وثانيا: الجامع الكبير بصنعاء يؤذن قبل الوقت في صلاة الفجر ويؤخر أذان صلاة المغرب على زعمهم احتياطا ولايجوز ذلك.
ثالثا: لم يأمرنا الله ولارسوله باتباع الجامع الكبير أو العالم الفلاني بل أمرنا الله باتباع ما أنزل علينا فقال : {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ}[الأعراف : 3]. وقال : {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِِ}[الحشر : 7].
ولم يقل الله وما آتاكم الجامع الكبير فخذوه !!
ورابعا: كيف كان يفطر رسول الله وصحابته من بعده هل كانوا ينتظرون أذان الجامع الكبير؟
وفي الختام أسأل الله بأسمائه وصفاته أن يوفقنا لاتباع سنة نبيه محمد واجتناب البدع والخرافات إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
حمل الرسالة
من هنا
تعليق